الإنسان وخلق التوبة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 171 - عددالزوار : 59756 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 161 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 28256 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 791 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          السلفيون ومراعاة المصالح والمفاسد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 684 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 98 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 16027 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 65 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-08-2020, 02:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي الإنسان وخلق التوبة

الإنسان وخلق التوبة


نورالدين قوطيط




الإنسان ثلاثُ لَحظات: لحظة مَضَت (الماضي)، ولحظةٌ هو فيها (الحاضر)، ولحظة يَنْتظرها (المستقبل)، والإنسان المؤمِنُ مُطالَب بإصلاح هذه اللَّحظات ثلاثتها؛ أيْ: إصلاح عمره؛ لأنَّه لا بدَّ أن يكون هناك في مجرى حياته خلَلٌ ما بِحُكم قانون النَّقص الذي يُهَيمن عليه، هذا الخلَل يجب عليه إصلاحُه؛ حتَّى يستطيع الارتقاءَ إلى مستوى كرامة الإسلام، والارتِقاء إلى آفاق الإنسانيَّة الجميلة.

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].

وهذا الإصلاح له بالنِّسبة لكلِّ لحظةٍ خصائِصُ مُعيَّنة:
1 - الماضي:يُصلِحه بالتَّوبة، والتوبة تَقْتضي النَّدم على الذَّنب، والإقلاع عنه، والعَزْم على عدَم مُعاودته مستقبَلاً، ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 160].

2 - الحاضر: يُصلِحه بِمُمارسة العمل الصَّالِح، والعمل الصَّالح يَقْتضي الإخلاصَ في النِّية، والاقتِداء في العمَل، ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 9].

3 - المستقبل:يصلحه بالنيَّة في الانصِباغ بتعاليم الشَّريعة بِصُورة أعمق وأجمل وأكثر، والتَّفكير في "مشاريع" عباديَّة مع الله تعالى؛ مثل: الحج، والجهاد، ونَشْر العِلم، وحِفْظ القرآن... إلخ، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن رَبِّ العزَّة: ((وإذا هَمَّ - أيِ: العبد - بحسَنةٍ فلَم يعملها، فاكتُبوها حسَنة، فإنْ عَمِلَها، فاكتُبوها عشرًا)).

والناس جميعًا لهم أربعة مواقف تجاه الإصلاح؛ أي: التَّوبة في مفهومها العميق:
1- قوم لا يَخْطر الإصلاح بِقُلوبِهم، ولا يُفكِّرون أصلاً في التَّوبة، ومُحاولة استِئْناف الطَّريق من جديد؛ فهؤلاء شَرُّ الخليقة، مضَتْ حياتُهم في الدُّنيا فسادًا في فساد، وضلالاً على ضلال، لَم يعرفوا معنًى لِوُجودهم ولا قيمةً لِحَياتهم، ولا هدفًا في الحياة؛ ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99 - 100]، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله يَقْبل توبةَ عبدِه ما لم يُغَرغِر))، والغرغرَةُ في الأصل هي تَردُّد الماء في الحَلْق، واستُعمِلَت هنا؛ لِتَصوير حشرجة الموت، وآخِر لحظات خروج الرُّوح من الجسم.

2- قومٌ الإصلاحُ هو دَيْدَن حياتِهم، وسِمَة مسيرتِهم، فهُم يُمارِسون الإصلاح، أو قُلْ إنْ شئت: التَّوبة كل لحظةٍ من لحظات حياتهم، ومِن ثَمَّ فهُم في ارتِقاء دائمٍ نحو المعالي، ومرضاةِ الله - جلَّ جلاله - وهؤلاء خَيْرُ البَريَّة، وأفضل الناس؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201]، قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا أيُّها الناس، استَغْفِروا الله وتُوبوا إليه، فإنِّي أستغفر الله وأتوبُ إليه في اليوم مائة مرَّة)).

3- قومٌ كانت بدايةُ حياتهم صالحةً وعلى استِقامة، ولكن سَبَق عليهم الكتاب، واستَزلَّهم الشَّيطان، فساءَتْ أُخرَيات حياتهم، وما ساءَتْ إلاَّ بِدَسيسة كانت مكنونةً في بَواطنِهم، فإنَّ خاتِمة الإنسان تُمثِّل في الحقيقة جزاءَ الله تعالى له على ما كانت عليه طبيعةُ حياته؛ صلاحًا أم فسادًا؛ فهؤلاء أقرَبُ للفريق الأوَّل.

4- قوم كانت بداية حياتِهم سيِّئةً، وصورةً للفساد بصورة من الصُّوَر، ولكن سبقَتْ لهم من الله الحُسْنَى، فاستَقامت حياتُهم، واستَأنَفوا الطريق، وأخَذوا في مُحاوَلة الإصلاح لكلِّ ما فسدَ مِن فترات العُمر، وهؤلاء أدنى النَّاس للقِسْم الثاني.

وعمليَّة الإصلاح - أو قُل: خلق التَّوبة - حقيقة ضروريَّة للنَّفْس البشريَّة قبل أن تكون فريضةً دينيَّة؛ لأنَّ خُلق التوبة وعمليَّة الإصلاح للعمر تُتيح للإنسان المُسلم في المنهاج القرآنِيِّ عمليَّةَ الاستِمْرار في الترقِّي نحو الآفاق الإنسانيَّة الفاضلة، والتحقُّق بِمَطالب الله تعالى ومقاصده في خَلْق الإنسان.

إنَّ الوجود جميعًا يقوم على فِعْل الحرَكة نحو الأفضل والأجمل؛ طلَبًا للكمال، ولأنَّ الإنسان جزءٌ من هذا الوجود، اقتَضَت العناية الربَّانية به أن تُتيح له إمكانِيَّة استِئْناف عمليَّة الترَقِّي والتَّسامي كلَّما تعثَّر في الطريق، وضَعُف عن مُتابعة المسير؛ حتَّى يصل للكمال المَنْشود، وحتَّى لا يكون الإنسانُ حالة شاذَّة عن مُكوِّنات الوجود، ولأنَّ عالَم الأبَدِيَّة في الآخِرَة درجاتٌ شتَّى؛ أهاب الحقُّ تعالى بالعبد المؤمن أن يُحاوِلَ الارتِقاء لأعلى الدَّرَجات في الجنَّة؛ حتَّى يَحْصل على أعلى معاني الكَمال، وصُوَر الخلود في الأبديَّة، ولعلَّه لهذا السبب قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا سألتُم الله، فاسألوه الفِرْدَوس الأعلى؛ فإنَّه وسط الجنَّة، وأعلى الجنَّة، وفوقه عرش الرَّحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنَّة)).

من خلال ما سبَق؛ نقول: خُلق التَّوبة وعمليَّة الإصلاح في المنهاج القرآنيِّ تقوم على ثلاث حقائق، تُتيحها للكَيْنونة الإنسانية:
1- الالتِزام بِمَبادئ تعاليم الشَّريعة.
2- الاهتِمام بِمُتابعة الترَقِّي نحو الكمال المُخوَّل للإنسان في الوجود.
3- التَّأجيل لِرَغائب النَّفْس، وهواتِف الهوى.

وبِهذا تَفْهم - أيُّها الفاضل - أنَّ تصَوُّر كثيرٍ من النَّاس لِخُلق التَّوبة يَشُوبه ضَبابٌ كثيف؛ ذلك لأنَّ هذا الخلق - كما تبيَّن آنفًا - ليس نتيجةً لاقتِراف ذنبٍ من الذُّنوب، بل بالحريِّ أن يكون هذا المعنى جزءًا واحدًا من حقيقة التَّوبة، ومن ثَمَّ فخلُق التَّوبة يَشْمل حركةَ الإنسان كافَّة، حتَّى مجالات التقصير في التَّسامي والتكاسل عن الارتِقاء إلى مَجالاتٍ أخرى أفضل وأجمل، وقد نبَّهَ الرَّسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على هذا المعنى بالقول: ((يا أيُّها النَّاس، استغفِروا الله وتُوبوا إليه؛ فإنِّي أستغفِرُ الله وأتوبُ إليه في اليوم مائة مرَّة))، فليس يَتصوَّر مُسلِمٌ جادٌّ أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - حاشاه فداه أبي وأمي، كان يتوب من ذنوبٍ ارتكبَها، بل بالحريِّ أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يتَغيَّا المستويات السَّامية في الصَّلاح، ويَرْغب في الدَّرجات الشاهقة في الاستِقامة الباطِنة والظَّاهرة، ولهذا لَم يَلْتحِق - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالرَّفيق الأعلى حتَّى بلغَ أعلى درجةٍ مُمكِنة من الصَّلاح والاستِقامة لإنسانٍ في عالَم الدُّنيا.

والإنسان المُسلِم عندما يتَرسَّخ هذا الخلقُ الفاضل في أعماق كينونته، لا جرمَ أنَّه يَجِد نَفْسَه تَطْلب دائمًا الأفضلَ والأجمل: فِكْرًا وشعورًا وسلوكًا وعلاقات، وهو يَخُوض مُلابَسات الحياة اليوميَّة.


إنَّ خُلق التَّوبة ليس يعني إلاَّ مُراجعة مستمرَّة للذَّات، ومُمارسة نقديَّة للشخصيَّة وتَجلِّياتها في الواقع الاجتِماعي بحسب معايير الشَّريعة ومُقْتضيات الدِّيانة.

والإنسان التَّائب والمُمارِس لعمليَّة الإصلاح لعمره لَمَّا كان عازمًا على التحقُّق بتعاليم الشريعة، والوقوف مع مُرادات الحقِّ - تبارك وتعالى - في حياة الإنسان، تقرر في الشريعة أنَّ التوبة تجبُّ ما قبْلَها، وأنَّ التائب كمَنْ لا ذنبَ له.

والله تعالى أعلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.06 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]