|
|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أهمية الفهم في الإسلام وأولويته
أهمية الفهم في الإسلام وأولويته كوني أحمد موسى المفهوم اللغوي: الفهم في وعائه اللغوي إشارة إلى حسن تصور المعنى، وجودة استعداد الذهن للاستنباط، وهيئة للنفس يتحقق بها ما يحسن. المفهوم الاصطلاحي: ويُعنى به التعامل الصحيح مع النصوص الشرعية، انطلاقًا من المنهجيات والقواعد، بناءً على دراسة النص في إطاره الدلالي، وبُعده المقاصدي. المفهوم الإجرائي: ويُقصد به حسن استخدام العقل في فهم لغة القرآن الكريم وفقهه كما أراده الله عز وجل، والسنة النبوية عن النبي - عليه الصلاة والسلام - فهمًا دقيقًا، وفقهًا مركزًا، مع مراعاة الأسس والضوابط وروح الشريعة، والالتزام بالأحكام والتوجيهات إيمانًا وعملًا ودعوة. التأصيل الشرعي: يراد بالتأصيل هنا: الأدلة التي تدل على أهمية الفهم وأولويته في مختلف المجالات الحياتية، عامة أو خاصة. فهذه الأدلة نصوص قرآنية وحديثية، ومواقف من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - واعتناء العلماء بهذه الظاهرة عند التعامل مع هذه النصوص وفقهها، من خلال هذه المواقف تتجلى لنا قيمة الفهم وأولويته في الإسلام، وكذلك تتضح لنا أهمية هذا الفهم لدى العلماء والباحثين؛ لأن أساس الخير هو الفهم الصحيح. فإذا أنعمنا النظر في إفتاء الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - ودرسنا مناهجهم بدقة في الفتوى، فسنجد حسن فهمهم للنصوص الشرعية وفقه مقاصدها وملابساتها وعدم اكتفائهم بظواهرها، كما فعله الخليفة الراشد ابنُ الخطابِ عمرُ - رضوان الله عليه - في حد السارق عام المجاعة، وقضية التوبة في القتل التي ذكرها ابن عباس - رضي الله عنهما - للمستفتيَيْنِ. والجدير بالذِّكر أن العلماء تمسكوا بنواجذهم على منهجية هؤلاء الصحابة - عليهم رضوان الله - وكيفية تعاملهم مع نص شرعي في سياقه العام والخاص، مثل الأئمة الأربعة وغيرهم سلفًا وخلفًا - عليهم رحمة الله. بعض أصول الفهم: هي عبارة عن القواعد والضوابط التي يعتمدها العالم المسلم في تعامله مع النصوص واستنباط الأحكام، وهذه الضوابط تحدِّد له مساره في سبل الفهم الصحيح، وتجنبه الوقوع في الشطط والهوى، وتبعده عن الوقوع في الفهم المتناقض أثناء هذه العملية. الأصل الأول: فهم لغة القرآن والسنة: لفهمِ خطاب هذين المصدرين وخطابهما، لا بد مِن تبيين بعض المعالم التي تراعى في التعامل مع نصوصها. ♦ دراسة النصين في ضوء التمييز بين الوسيلة المتغيرة والهدف الثابت. وتتحقق هذه الدراسة في عدم الخلط بين المقاصد التي يسعى إلى تحقيقها النص الشرعي، وبين الوسائل - زمانية أو مكانية - التي وضعت من أجل الوصول إلى الهدف المنشود. وأحيانًا النص نفسه يذكر وسيلة مناسبة لمكان أو لفترة أو لحكم معين، فليس معنى ذلك التجمد على هذه الوسيلة المنصوص عليها فقط بدون تفكيرٍ عن بديل إذا دَعت الضرورة ورُفعت العلة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ ﴾ [الأنفال: 60]. وأمثال هذا كثيرة، مثل مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر. ♦ دراسة النصين في إطار ما جاء للتشريع، وما لم يَجِئْ للتشريع. 1- فما جاء للتشريع، له قسمان: أ - التشريع العام الدائم: وهو ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجه التبليغ بصفته رسولًا؛ كبيانه مجمَلًا في القرآن، أو تخصيص العام، أو تقييد المطلق، أو يبين شأنًا في العبادات، أو الحلال والحرام، أو الأخلاق، وغير ذلك،فحكم هذا الجانب من التشريع مطلوب الاتباع. ب - التشريع الخاص: وهو ما صدر من الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - بوصف الإمامة والرياسة العامة لجماعة المسلمين، أو بصفة القضاء،وحكمُ هذا الجانب من التشريع أنه لا يجوز لأي مسلم أن يفعله بدون إذن الإمام - الأمير - أو القاضي، ويتقيد بهذا القيد. تنبيه! معرفة جهة التصرف المذكورة أعلاه غالبًا تخفى على كثير من الطلبة –الذين ينكبون على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية ويفترون عليهما كذبًا - وأشدُّ من هذا الطلبةُ المتفرنسون المتحمسون اليوم يصطحبون كتب الحديث، علمًا بأن لكل فنٍّ أهلَه؛ إذ الاستنباط النصي مضلة الرجال، إلا العلماء. هذه الجهة قد تبدو واضحة جلية، وقد تشتبه، فيقع الخلاف بين العلماء تبعًا لخلافهم في صفة الجهة. لخطورة القضية نضرب لكم مثالًا: قصة امرأة تشتكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بخل زوجها، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((خذي لك ولولدك ما يكفيك))، وظاهر النص يرشد - في التفكير الأول - إلى جواز أخذ المال لكل متزوجة بزوجٍ لا يفي بواجب النفقة. ولكن لما نعمق التفكير سنبحث عن جهة التصرف؛ أي: كيف يتم تصنيف هذا الحكم؟ هل قاله صلى الله عليه وسلم مفتيًا أو قاضيًا؟ إذا كان الجواب بأنه قال صلى الله عليه وسلم ذلك مفتيًا، فتوجيه الحكم يجوز لكل امرأةٍ زوجُها لا ينفق عليها. أما إذا كانت الإجابة بأنه قاله - عليه الصلاة والسلام - قاضيًا، فتوجيه الحكم أنه لا يجوز لأي امرأة زوجُها غير منفق عليها أن تأخذ من مال الزوج إلا بأمر القاضي وإذنه. وربما تكون الحالة الثانية أسلمَ في عصرنا هذا، حيث لو أخذت امرأة من مال الزوج البخيل، لأدى بها الأمر إلى نشوب الفتنة، فالطلاق؛ فدفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وبارتكاب أخف الضررين،ولله العلم. 1- ما ليس للتشريع: وهو ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس من شؤون الدين، ولو جاء بصيغة الأمر أو النهي؛ كترك الصبغ عند بعض الصحابة - عليهم رضوان الله - كعلي وأبي بن كعب، مع ورود الأمر النبوي في مخالفة اليهود والنصارى: ((إن اليهودَ والنصارى لا يصبغون، فخالِفوهم)). الأصل الثاني: جمع النصوص: إذا كان في مسألةٍ أو في قضية أكثرُ مِن نص، فلا يجوز تحديد مفهوم في القضية، أو إصدار حكم في المسألة، بناءً على بعض النصوص دون بعضها الآخر، وهذا يتطلب جمع النصوص المتعلقة بالموضوع الذي تدار عليه المسألة في الموضع الواحد، والتوفيق بين التي تتعارض في الظاهر، مراعيًا الأسلوب العرفي، والسياق الدلالي وتنوعه في حقيقته ومجازه، وعدم الأخذ بمطلق اللغة. علمًا بأن الجمع أولى ومقدم على الترجيح، ويرد المتشابه إلى المحكم، ويحمل المطلق على المقيد، ويفسر العام بالخاص، وبذلك يتضح المراد منها. الأصل الآخر: العقل ووظيفته: العقل هو الأداة التي تساعد العالم أو الباحث في فهم النصوص، ويعتمدها في فهم الواقع، محاولًا النهوض بهذا الواقع إلى مستوى المثل الأعلى والأفضل، ولا يعني بذلك تحكيم العقل في صحة أي حُكم من الأحكام الشرعية، فما وافق العقل فهو صحيح، وما خالفه فليس صحيحًا؛ لأن حكم العقل متغاير ومتفاوت ونسبي، ومصادر الأحكام ثابتة. ووظيفة هذه الأداة: تفهم النصوص في دائرة مناهج الإسلام التي استنبطها العلماء وقعَّدوها وأصَّلوها وفق القرآن الكريم والسنَّة الصحيحة. الخاتمة الفهم الصحيح له دور كبير في بناء جسور الثقافة والتفاهم والتعاون، وعامل أساسي في يقظة الأمة، وفي توجيه الخطاب الديني المعاصر، يرقى إلى المستوى الأعلى بعيدًا عن التشديد والتكفير والغلو، مع مراعاة فقه الموازنة والمقاصد والأولويات. المصادر والمراجع: ♦ أزمة الفهم في الصحوة الإسلامية - التشخيص والعلاج - الشيخ الداعية يوسف فرحات. ♦ أصول فهم الإسلام - دراسة في المكونات البنيوية للعقل الإسلامي كما هو، وكما يجب أن يكون - الدكتور كمال المويل. ♦ الفتنة بين الصحابة - الشيخ محمد حسان. ♦ السنة مصدرًا للمعرفة والحضارة - الدكتور يوسف القرضاوي. ♦ الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد - الدكتور يوسف القرضاوي. ♦ دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين - الشيخ محمد الغزالي. ♦ في فقه الأولويات - الدكتور يوسف القرضاوي.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |