تفسير سورة المطففين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         جرائم الرافضة.. في الحرمين على مر العصور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المستشارة فاطمة عبد الرؤوف: العلاقات الأسرية خير معين للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13156 - عددالزوار : 348208 )           »          الحياة الإيمانية والحياة المادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          وَتِلْكَ عَادٌ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 223 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 146 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 591 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2547 )           »          من أساليب التربية في القرآن الكريم ، أسلوب الحكيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 172 )           »          موقظة في تعريف عقد البيع في الفقه الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 125 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-09-2024, 12:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير سورة المطففين

تفسير سورة المطففين

أبو عاصم البركاتي المصري

عدد آياتها: 36 آية، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلٍ، وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ ابن عباس والْحَسَنِ وَعِكْرِمَة.


سبب نزولها:
أخرج النسائي في "الكبرى" (11590) وابن ماجه (2223) وابن حبان (4919) وحَسَّنه الألباني عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: 1] فَأَحْسَنُوا الْكَيْلَ.



مناسبة السورة مع سورة الانفطار التي قبلها:
جاءَ في سورة الانفطار التعريف بالحَفَظَة الكاتبين الذين يكتبون أَعمال الناس في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار: 10، 11] وفي سورة المطففين بيان مقر كتبهم، في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ [المطففين: 7] ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ [المطففين: 18]، وأيضًا امتدَّ بين السورتين ذكر مشاهد من يوم القيامة؛ وذلك للترهيب والترغيب، والنذارة والبشارة.

مناسبة السورة لسورة الانشقاق التي بعدها:
ورد في سورة المطففين قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وفي سورة (الانْشِقَاق) عرض هذه الكتب، وإِعطاؤُها لأَصحابها يوم القيامة في قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ [الانشقاق: 7] الآيات.

مقاصد السورة:
(1) توعّد المطفِّفين في الكيل والميزان بالعذاب.
(2) بيان حرمة المال.
(3) الحديثُ عن الفُجَّارِ والأبرارِ، وبيان مصيرِ كلٍّ منهما.
(4) ذِكرُ ما كان يَفعَلُه المُشرِكونَ مع المؤمِنينَ مِن استِهزاءٍ وإيذاءٍ.
(5) تبشيرُ المؤمِنينَ بأنَّهم يومَ القيامةِ سيَضحَكونَ مِن الكُفَّارِ كما ضَحِكَ الكُفَّارُ منهم في الدُّنيا.

بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 1 - 6].

تفسير الآيات:
قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَويل كلمة تحذير وتخويف، وقيل الويل: وادٍ في جهنم، وَالْمُطَفِّفُونَ: الَّذِينَ يَنْقُصُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ.


قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴾؛ أي: اكتالوا من الناس لأنفسهم يَسْتَوْفُونَ حقوقَهم منه على الْكَمَال، وَقيل: يستوفونه راجحًا.


قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْوإذا كالوا لهم،﴿ يُخْسِرُونَ ﴾؛ أي: ينقصون، والله يقول: ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ [الأنعام: 152]، وقال: ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [الإسراء: 35]، ولا يستوفى الميزان بالقسط إلا أن يميل للرجحان؛ لأن ما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب؛ لحديث يقول فيه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل يزن بالأجر: "زِنْ وَأَرْجِحْ"[1]، وكانوا يتَعامَلون بالنُّقودِ وَزنًا لا عَددًا في غالِبِ الأمرِ.


وفي التحذير من تطفيف الكيل والميزان ما ورد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا مَعْشَرَ المهاجرينَ، خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ؛ حتى يُعْلِنُوا بها؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم"[2].


قوله تعالى: ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ألا يوقن هؤلاء المطففون أنهم مبعوثون يوم القيامة للحساب والجزاء، إنكارًا وتعجُّبًا من حالهم، قال الزجَّاج: المعنى لو ظنوا أنهم مبعوثون ما نقصوا في الكيل والوزن.


قوله تعالى: ﴿ لِيَوْمٍ عَظِيمٍيوم القيامة.


قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَيوم يقومون من قبورهم، وقيل: يقومون بين يديه تعالى للقضاء، قَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِالْبَائِعِ فَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ، وَأَوْفِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ؛ فَإِنَّ الْمُطَفِّفِينَ يُوقَفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى إِنَّ الْعَرَقَ لَيُلْجِمُهُمْ إِلَى أَنْصَافِ آذَانِهِمْ[3].


وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "﴿ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رشحه إلى أنصاف أذنيه"[4].


تفسير قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المطففين: 7 - 17].

تفسير الآيات:
قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ كَلَّا للزجر والتنبيه بمعنى حقًّا، ﴿ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ ﴾ ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم. ﴿ لَفِي سِجِّينٍ ﴾ كتاب جامع لأعمال الفجرة من الثقلين الإنس والجن.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سِجِّينٌ أَسْفَلُ الْأَرَضِينَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ﴿ لَفِي سِجِّينٍ ﴾؛ أَيْ: لَفِي خَسَارٍ وَضَلَالٍ.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ فِعِّيلٌ مِنَ السِّجْنِ، مَعْنَاهُ: لَفِي حَبْسٍ وَضِيقٍ شديد.

وأخرج الطبري برقم (36614) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عن أبي هريرة: "الفلق: جُبٌّ في جهنم مغطى، وسجِّين جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مَفْتُوحٌ" وإسناده ضعيف جدًّا.

وَأَخْرَجَ أحمد برقم (18533) وصحَّحه الألباني عن البراء بن عازب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: "وإنَّ العبدَ الكافِرَ إذا كان في انقِطَاعٍ من الدنيا، وإقبالٍ من الآخِرةِ، نزل إليه من السماءِ ملائكةٌ سُودُ الوجُوهِ معَهُمُ المُسُوحُ، فيجلِسُونَ منه مَدَّ البَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الموتِ حتى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: يَا أيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إلى سَخَطٍ من اللَّهِ وغَضَبٍ، فَتَفْرُقُ في جَسَدِهِ فيَنتَزِعُهَا كَما يُنتَزَعُ السَّفُّودُ من الصُّوفِ المَبْلُولِ، فيَأْخذَها، فإذا أخذَها لَم يَدعُوها في يَدِهِ طَرْفَةَ عَينٍ حتى يَجْعَلُوهَا في تِلْكَ الْمُسُوحِ، يخرجُ منها كأَنْتَنِ ريحِ جِيفَةٍ، وُجِدَتْ على ظَهْرِ الأَرضِ فيصْعَدُونَ بِها، فلا يَمُرُّونَ بها على مَلَكٍ من الملائِكَةِ إلَّا قَالُوا: ما هذا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فيَقُولُونَ: فُلَانُ بنُ فُلَانٍ بأَقْبَحِ أسْمَائِهِ التي كان يُسَمَّى بِهَا في الدُّنْيَا، حتى يَنْتَهِيَ بِهَا إلى سمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لهُ، فلا يُفْتَحُ لهُ، ثُمَّ قَرَأَ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أبْوَابُ السَّمَاءِ، قال: فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَه في سِجِّينٍ في الْأَرْضِ السُّفْلَى، قال: فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا، قال: فتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، ويَأْتِيهِ ملَكَانِ فَيُجْلِسَانِه، فيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فيَقُولُ: هَا هَا لا أدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: ومَا دِينُكَ؟، فَيَقُولُ: هَا هَا لا أدْرِي، فيَقُولانِ له: ما هذا الرَّجلُ الذي بُعِثَ فِيكُم؟ فيَقولُ: هَاه هَاه، لا أدْرِي، فيُنادِي مُنادٍ من السماءِ: أنْ كَذَبَ عَبدِي، فأفْرِشُوهُ من النارِ، وافْتَحُوا له بابًا إلى النَّارِ، قال: فَيَأْتِيهِ من حَرِّهَا وسَمُومِهَا، ويُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ، حتى تَخْتَلِفَ عَلَيْهِ أضْلَاعُهُ، ويَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، وقَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هذا يَوْمُكَ الذي كُنْتُ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أنا عَمَلُكَ الخَبِيثُ فيَقُولُ: ربِّ لا تُقِمِ السَّاعةَ".

وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (1571)، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ (769) وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة (995)، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ كَعْبًا الْوَفَاةُ أَتَتْهُ أُمُّ بِشْرٍ بِنْتُ الْبَرَاءِ فَقَالَتْ: إِنْ لَقِيتَ ابْنِي فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ يَا أُمَّ براء، نَحْنُ أَشْغَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: أَمَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إن نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شَاءَتْ، وَإِنَّ نَسَمَةَ الْكَافِرِ فِي سِجِّينٍ»؟ قَالَ: بَلَى، قَالَتْ: فَهُوَ ذَلِكَ.

قوله عز وجل: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾ [المطففين: 8، 9]؛ أي: مسطور بَيِّن الكتابة، وقيل: أي مختوم، وقيل: معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه.

قوله عز وجل: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾ وعيد وترهيب للضالِّين المكذِّبين بالرسل وبيوم القيامة.

قوله عز وجل: ﴿ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴾؛ أي: ما يكذب بيوم القيامة إلا كل ظالم لنفسه مجاوز للحد، أثيم عاصٍ جاحد مرتكب للآثام.

قوله عز وجل: ﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ إذا قرئ عليه الآيات من القرآن قال: أحاديث المتقدمين، وقال الزجَّاج: أساطير؛ أي: أباطيل، كما في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 4 - 6].

قوله عز وجل: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ كلا: أي حقًّا، ران: طبع وغَلَبَ عَلَيْهَا، قَالَ الزَّجَّاجُ: الرَّيْنُ هُوَ كَالصَّدَأ يَغْشَى الْقَلْبَ كَالْغَيْمِ الرَّقِيقِ، وَمِثْلُهُ الْغَيْنُ. وعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: "نَبَتَتِ الْخَطَايَا عَلَى الْقَلْبِ حَتَّى غَمَرَتْهُ، أَوْ هُوَ الرَّانُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾".

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تُغَلِّفَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ ﴿ كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ ﴾.

قوله عز وجل: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ كَلَّا بِمَعْنَى حَقًّا؛ أَيْ: حَقًّا إِنَّهُمْ، يَعْنِي الْكُفَّارَ، عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَرَوْنَهُ أَبَدًا.

وفي الآية إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة، بدليل حرمان الكافرين منها. دل على ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

وتدبر معي إثبات رؤية المؤمنين لله تعالى وذلك يوم القيامة فقد أخرج البخاري ومسلم عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِي البَدْرَ - فَقَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ"؛ الحديث.

قوله عز وجل: ﴿ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ﴾ يدخلون الجحيم بكفرهم وممنوعون من رؤية الله كأهل الجنة.

قوله عز وجل: ﴿ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ يقال لهم تقريعًا وتوبيخًا وتبكيتًا، بعد أن صار العذاب حقًّا ويقينًا بسبب كفرهم وتكذيبهم هذا ما كنتم به تكذبون وتنكرون.

تفسير قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ﴾ [المطففين: 18 - 33].

تفسير الآيات:
قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴾ كلا: حقًّا، والأبرار: جمع بارّ وهو المطيع لربه سبحانه بأداء فرائضه واجتناب محارمه، وكتاب الأبرار هو الكتاب الجامع لأعمال المتقين الأبرار، وعليُّون: قيل السماء السابعة وفيها أعمال المؤمنين وأرواحهم.

قَالَ الْفراء: ارْتِفَاع بعد ارْتِفَاع.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿ لَفِي عِلِّيِّينَ ﴾ قَالَ: الْجَنَّةُ.
قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ* كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾.
قَالَ الزجَّاج: لم يدر حَتَّى أعلمهُ الله.
قوله تعالى: ﴿ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾ كتاب مَكْتُوب، أَو كتاب عَلَيْهِ عَلامَة الْقبُول.
﴿ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾: يشهده الْمَلَائِكَة، وَقيل: يشهده مقربو كل سَمَاء.

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: "إنَّ الرَّجلَ من أهلِ عِلِّيِّينَ ليخرُجُ فيسيرُ في ملكِه فلا تبقى خيمةٌ من خِيَمِ الجنَّةِ إلَّا دخَلها من ضوءِ وجهِه فيستَبْشِرون لريحِه فيقولونَ: واهًا لهذا الرِّيحِ، هذا ريحُ رجلٍ من أهلِ عِلِّيِّينَ قد خرَج يسيرُ في مُلْكِه[5]".

قَوْله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾؛ أَي: فِي نعيم الْجنَّة.

وَقَوله: ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ﴾ الأرائك: جمع أريكة، والأرائك: السُّرُر جمع سرير، وكلُّ ما يُتَّكأ عليه.

وقال مقاتل: ينظرون إلى أعدائهم كيف يعذَّبون، وقيل: ينظرون إلى ما أعطاهم الله سبحانه من النَّعيم والكرامة.

وَقَوله: ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾؛ أَي: تَرَى فِي وُجُوهِهِمْ مِنَ النُّورِ وَالْحُسْنِ وَالْبَيَاضِ. دل على ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ﴾ يسقون من شراب صرف غير ممزوج، لا غشَّ فيه، وقيل الرحيق: اسم للخمر الطيبة الصافية الخالية من كل ما يكدر أو يذهب العقل.

مختوم؛ أي: لا يفك ختمه غيرهم.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ قيل: ختامه؛ أي: خاتمه الذي طبع به، وقيل: أي آخره طعم المسك، وكان ابن مسعود يقول: يجدون عاقبتها طعم المسك. وقال مجاهد: يختم به آخر جرعة.

وقيل: آخره رائحة المسك.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ فليستبق المستبقون، وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس؛ كقوله: ﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾ [الصافات: 61]، وقوله: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ﴾ وَمِزَاجُ ذَلِكَ الرَّحِيقِ مِنْ تَسْنِيمٍ، وَهُوَ شَرَابٌ يَنْصَبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلُوٍّ، وَهُوَ أَشْرَفُ شَرَابِ الْجَنَّةِ، وَأَصْلُ التَّسْنِيمِ فِي اللُّغَةِ: الِارْتِفَاعُ، فَهِيَ عَيْنُ مَاءٍ تَجْرِي مِنْ عُلُوٍّ إِلَى أَسْفَلَ.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ﴾؛ أَيْ: يَشْرَبُ مِنْهَا. وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ﴾ قَالَ: عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ تُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ وَيَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا[6].

قَوْله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ﴾ ذكر الله تعالى صنيع الكفرة بالمؤمنين في القرآن؛ وذلك لتثبيت المؤمنين، ولإقامة الحجة على الكافرين، وقطع العذر عنهم، وبيان شنيع أفعالهم وكفرهم، وليعلم من تأخَّر من المؤمنين أن عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه لا عذر لهم في الامتناع عن القيام بما ذكرنا وإن نالهم من ذلك أذى ومكروه.

وضحك الذين أجرموا إما على سبيل التعجب وإما على سبيل الاستهزاء والسخرية، وذلك كقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا * إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا * أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [الفرقان: 41 - 43].

قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ مِنَ الْغَمْزِ، وَهُوَ الْإِشَارَةُ بِالْجُفُونِ وَالْحَوَاجِبِ، وَقِيلَ: يُعَيِّرُونَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَيَعِيبُونَهُمْ بِهِ.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ﴾ انقلبوا؛ أي: انصرفوا من مجالسهم إلى بيوتهم وأهليهم فكهين؛ أي: متلذذين معجبين فرحين بما فعلوا بالمؤمنين، والعرب تقول: رجل فَكِهٌ؛ أي: ضحوكٌ.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴾؛ أي إذا رأى المجرمون المؤمنين قالوا: إن هؤلاء لزائغون منحرفون تائهون عن الحق.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ﴾ يعني وما أرسل الكفار على المؤمنين ﴿ حَافِظِينَ ﴾ لأعمالهم موكلين بأموالهم، وَالْمعْنَى: أَنهم مَا وكلوا بِالْمُؤْمِنِينَ ليحفظوا عَلَيْهِم مَا يَفْعَلُونَ.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ﴾ فاليوم هو يوم القيامة، والمؤمنون هم أَصْحَاب الرَّسُول، يضحكون من الكافرين، ومن سوء عاقبتهم، وهذا من باب مقابلة الشيء بمثله.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ﴾ ينظر المؤمنون وهم متكئون على الأرائك إلى الكافرين الذين استهزأوا بهم في الدنيا وهم يعذبون في النار؛ وذلك كقوله تعالى: ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [الصافات: 50 - 57].

قَوْله تَعَالَى: ﴿ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ الثواب هو الجزاء؛ أَي: هَلْ جُوزي الْكُفَّار مَا كَانُوا - أَي بِمَا كَانُوا - يَفْعَلُونَ.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه.

[1] أخرجه ابن ماجه (2220) وأبو داود (3336)، والترمذي (1305) وصحَّحه الألباني.

[2]أخرجه ابن ماجه (4019)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (4671)، والحاكم (8623) وصححه الألباني.

[3] ذكره البغوي في "معالم التنزيل" 8/ 362 .

[4] أخرجه البخاري (6531)، ومسلم (2862)، والترمذي (2422).

[5] أخرجه الطبراني (9/ 417) (9763) واللفظ له، والدارقطني في "رؤية الله" (163)، والحاكم (8751).

[6] تفسير ابن أبي حاتم (10 / 3410) وهو مروي كذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.35 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]