من سيسمع حكاياتي بعد اليوم؟ (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          لفظ (الناس) في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-10-2020, 05:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي من سيسمع حكاياتي بعد اليوم؟ (قصة)

من سيسمع حكاياتي بعد اليوم؟ (قصة)


محمد علي الخطيب





في كلِّ خطٍّ من تلك الخطوط المنحنية المتعرجة التي حفرها الدهر على وجه الجَدَّة العجوز، تقرأ حكايات وذكريات، وترى صوراً ومآسٍ، ذاقت مرارتها، وتجرعت غصصها أو عرفتها عن كثب، وعرفت أشخاصها وأبطالها... نعم، باتت اليوم جزءاً من الماضي لكنها لا تُنسى، ولا تمحوها الذاكرة أبداً!



وكان يجدد تلك الحكايا، ويلمُّ صورها المبعثرة، ويربط بين خيوطها المتناثرة... باسِم، وضحى، وأمل، وهاشم... هؤلاء هم أحفادها الذين ملأوا عليها حياتها، بل كانوا كلَّ شيءٍ في حياتها، تحسُّ معهم بطعم السعادة والأمل ومعنى الحياة... وقد دأبوا على استخراج مكنون الجَدَّة وذخيرتها من تلك الحكايا التي لا تنضب، وما كان ليصرفهم عنها ألعاب الكمبيوتر الجذابة أو أفلام الكرتون ذات المؤثرات السمعية والبصرية التي يتعلق بها الأطفال عادة. وزاد انقطاع الكهرباء، الذي عطَّل الحياة في تلك الأجهزة وحوّلها إلى مجرد كتل صمَّاءَ، مِن تعلق الأطفال بالجدة، وأعاد لها مكانتها ودورها في العائلة، فقد باتت حكاياتها ونوادرها الوسيلة الوحيدة للتسلية والمؤانسة، في تلك الظلمة الحالكة التي تلف بيوت غزة بأسرها.




الجَدَّة تروي حقائق ووقائع وتنقل صوراً وذكريات عاشتها بنفسها، وليست من عالم الخيال، ولا تحكي عن "سوبرمان" الخارق، ولا عن "توم وجيري" المضحكَيْن أو "نقَّار الخشب"، فالأبطال هنا جدُّهم "أبو خليل" الذي دوَّخ[1] اليهود، وكانوا يطاردونه في كلِّ مكان، فلا يعثرون له على أثر... يظهر فجأة، ويختفي فجأة، ويراوغ كالثعلب. هكذا كانت العجوز تصف زوجها، وهي تمتلئ فخراً واعتزازاً، وتسري المشاعر نفسها في عروق الأطفال الصغار، ويتمنى كلُّ واحدٍ منهم أن يحاكي بطولات جدِّه!.




أما جارهم "الحاج مصطفى" ذاك البطل الذي كان مجرد ذكر اسمه يثير الرعب في قلوب الصهاينة، لكن الأوغاد استطاعوا أن يستدرجوه بالحيلة، ويقتلوه غيلة، وفرحوا بمقتله فرحاً عظيماً، وكان يوم عيد لليهود... وهنا كانت وجوه الأطفال تكفهر، ويبدو عليها ملامح الحزن والأسف، لكنَّ الجَدَّة تواسيهم، وتخاطبهم بحماسة وصلابة لا يحتملها جسمها الواهن وأطرافها المرتعشة:



- لا تزعلوا[2] يا أولاد، هو مات مرفوع الرأس، ومات شهيداً في سبيل الله.



وتتابع الجَدَّة حديثها:



- أما (قاسم الزعنة) كما كانوا يلقبونه، فهو فلسطيني لكنه كان خوَّاناً جباناً، وكان يتعامل مع العدو بالسر، ويشي بالفدائيين...


قالت ضحى متعجبة مستنكرة:


- هل كانوا يعطونه مالاً كثيراً؟.


- نعم، ومقابل المال يخون وطنه وأهله وعشيرته، ويبيع دينه بدنياه.



قال باسم مغضباً:



- كان من الواجب قتله والتخلص منه قبل اليهود.



ثم أردف قائلاً:



- هذا ألعنُ منهم!.


- وهذا ما حصل تماماً يا بني... لقد قتله الفدائيون.. أتدري من قتله؟.



أنصت الأولاد، وكأنما على رؤوسهم الطير، وهنا التصقت الجَدَّة بالأولاد، وهمست بصوت منخفض:



- لقد قتله جدك بيده دون أن يدري أحدٌ حتى الساعة!.


- يستحق التافه الحقير هذا المصير... يحيا جدِّي... جدِّي البطل.



وفجأة، وبينا الجَدَّةُ تسرد حكايتها، والأطفال يتابعون بشغف، اشتعلت غزة ناراً... كانت أصوات الانفجارات تصمُّ الآذان... وقفز الأولاد من أماكنهم، وطارت قلوبهم من الرعب، والتصقوا بجدتهم العجوز، وسارعت الأم إليهم تهدِّئ من روعهم لكنَّ صاروخاً غادراً لم يمهلهم، وسقط على تلك الأجساد الغضة... وهرع الناس بعد انتهاء الغارة، وكان المنظر مروِّعاً... أشلاء مبعثرة وأوصال مقطعة متناثرة بين الركام هنا وهناك.




ويا للعجب لم ينج منهم إلا العجوز... وليتها لم تنج، (هكذا تمنت)،... لم يحتمل قلبها النازف هول الصدمة، ماتوا كلُّهم، كانوا الأمل الذي تعيش له... وفي لحظة افتقدتهم جميعاً، ولم يتركوا لها أحداً... فما لها وللحياة؟!. وهل للحياة بعدهم طعم؟.




كانت الدموع تنحدر من بين تلك الخطوط المتعرجة المنحنية التي حفرها الدهر في وجه العجوز، وراحت تعدُّهم واحداً، واحداً، بصوت متهدج مرتجف، يطفح بالألم والأسى: باسم... ضحى... أمل، يا حسرتي لم يبق أمل... هاشم... آهٍ عليك يا هاشم... لم يكمِّل الثلاث سنين بعد... ما ذنبه؟. ما الجريمة التي ارتكبها؟. انظروا بقايا دراجته وأشلاء ألعابه!... وأمهم استشهدت أيضاً... وأبوهم قَتلوه من قبل... كلهم الآن في بطن الأرض... ثم تنهدت العجوز، وقالت:



- لَبطن الأرض خيرٌ من ظهرها... وددت لو كنت معهم!... لمن أعيش الآن؟. ولماذا أعيش؟. ومن سيسمع حكاياتي بعد اليوم؟.


ـــــــــــــــــــــــــــ


[1] دوخ: ودَوَّخُناه: ذللناه تَدويخاً فداخ أي: ذَلَّ وخَضَّعَ. ودَوَّخُنا البلاد والناس وغيرهم أي وَطِئناهُم، قال: (حتى يَدُوخَ لنا من كان عَادانا) أي: يذل لنا. وفي حديث وَفْد ثَقِيفٍ أَداخَ العَرَبَ ودانَ له الناسُ أَي أَذَلَّهم فداخَ ودَوَّخَ المكانَ جالَ فيه ودَوَّخَ الوجعُ رأْسَه أَداره وداخَ البلادَ يَدُوخُها قهرها واستولى على أَهلها [انظر لسان العرب وغيره – دوخ].


[2] الزعل مقلوبه من العَلز، قال ابن السكيت: أصاب المَريضَ زَعَل شَديد - يَعْنُون العَلَز وقد زَعِل زَعَلاً، وهو: الضجر. والْعَلَز: شبه رعدة تأخذ المريض كأنه لا يستقر في مكانه من الوجع. والعَلَز أيضاً: ما يتبعث من الوجع شيئا إثر شيء، كالحمى يدخل عليها السعال والصداع ونحوهما. والْعَلَز: القلق والكرب عند الموت. [انظر: لسان العرب والمخصص – مادة (علز)].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.84 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]