#1
|
||||
|
||||
غاية أمنية الأموات
غاية أمنية الأموات الشيخ ندا أبو أحمد الدار الآخرة أول ليلة في القبر وأهوال القبور (5) إن غاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة، يستدركون فيها ما فاتهم من توبة وعمل صالح، وأهل الدنيا يُفرِّطون في حياتهم، فتذهب أعمارهم في الغفلة ضياعًا، ومنهم من يقطعها بالمعاصي؛ (لطائف المعارف: ص 355). فالبصير هو الذي يَنظر إلى قبر غيره فيعتبر، فقد كان أطول منه عُمرًا، وأعمر ديارًا، وأبعد آثارًا، والآن أصبحت أصواتهم هامدة، ورياحهم راكدة، وأجسادهم بالية، وديارهم خالية، وآثارهم عافية، يتمنون أن لو رجعوا إلى الدنيا؛ ليصلحوا الزاد ليوم الميعاد، وقد عرفوا قيمة العمر بعد انقطاعه. كما جاء في الحديث الذي أخرجه الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبر دُفِن حديثًا، فقال: ((ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتَنَفَّلُون، يزيدهما هذا في عمله أحبُّ إليه من بقية دنياكم))؛ (الصحيحة:1388)، (صحيح الجامع:3518). ومرَّ الحسنُ البصري - رحمه الله - بجنازة، وكان معه رجل مُسرفٌ على نفسِه، فقال الحسن: "ترى ما أمنية هذا الميت؟ فقال الرجل: أن يعود إلى الدنيا ليتوبَ ويُصلحَ الزاد، فقال الحسن: فكن هذا الرجل". قال بعض السلف: "أصبحتم في أمنية ناس كثير، يعني أن الموتى كلَّهم يتمنون حياة ساعة، ليتوبوا إلى الله، ويجتهدوا في الطاعة، ولا سبيل لهم إلى ذلك. لَو قيلَ: قولوا ما مُنَاكُم؟ طَلَبوا حياةَ يومٍ لِيتُوبوا فاعْلَمِ وَيحكِ يا نَفسُ! ألا تيقُّظٌ يَنفعُ قَبل أن تَزِلَّ قَدمِي مَضى الزَّمانُ في تَوانٍ وَهَوى فاستَدركِي ما قد بَقي واغْتَنِمِي وقيل: "البصير": هو الذي ينظر إلى قبر غيره، فيرى مكانه بين أظهرهم، فيستعد للحوق بهم، ويعلم أنهم لا يبرحون من مكانهم ما لم يلحق بهم، ويتحقق أنه لو عرض عليهم يوم من أيام عمره الذي هو مضيِّعٌ له، لكان أحب إليهم من الدنيا بحذافيرها؛ لأنهم عرفوا قدر الأعمال، وانكشفت لهم حقائق الأمور، فإنَّ حسرتهم على يوم من العمر، ليتدارك المقصر به تقصيره، فيتخلص من العقاب وليستزيد الموفق به رتبته، فيتضاعف له الثواب، فإنهم إنما عرفوا قدر العمر بعد انقطاعه، فحسرتهم على ساعة من الحياة وأنت قادر على تلك الساعة. ورُؤي بعضهم في المنام فقال: "ندمنا على أمر عظيم، نعلم ولا نعمل، وأنتم تعلمون ولا تعملون، والله لتسبيحة أو تسبيحتان، أو ركعة أو ركعتان من صحيفة أحدنا أحب إليه من الدنيا وما فيها"؛ (لطائف المعارف: ص328). قال إبراهيم التيمي: مثلتُ نفسي في الجَنَّة آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، وأعانق أبكارها، ثم مثلتُ نفسي في النار آكل من زقُّومها، وأشرب من صديدها وحميمها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي نفسي، أيَّ شيء تُريدين؟ فقلت لها: فأنت في الأمنية فاعملي". فالبَدارَ البَدارَ قبل مجيء هادم اللذات، والحَذارَ الحَذارَ من يوم الحسرات. قبل أن يقول المذنب: "رب ارجعون" فيقال له: فات.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |