|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حوار جامعي!
حوار جامعي! د. محمد إبراهيم العشماوي قال لي وهو مُغضَب: هل الشريعةُ تُجيزُ الكذب؟ قلت: لا، إلا في أمور حدَّدَتْها. قال: وهل من هذه الأمور أن نسمِّي الأشياء بغير أسمائها؟ قلت: ماذا تعني؟ قال: هؤلاء المعيدون في الجامعة؛ هل يجوز شرعًا أن نُطلِق عليهم لقب (دكتور)؟ قلت: نعم، يجوز. فاستشاط غضبًا! وقال: هل تجيز الشريعة الكذب؟ قلت: ليس كذبًا، وإنما هو مجازٌ! قال: وما لنا والمجاز؟! نحن في الحقيقة! قلت: الشريعة فيها الحقيقة والمجاز، أرأيت قول الله تعالى: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]، وقوله تعالى: ﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]؟! لو كانت هذه المعاني على الحقيقة، لكانت في غاية البطلان؛ لأن اليتيم لا يُؤتَى ماله إلا إذا بلغ مبلغ الرجال، وهو إذا بلغ مبلغ الرجال لا يُسمَّى يتيمًا، ففي الآية مجازٌ مرسل عَلاقته اعتبار ما كان؛ أي: آتوا هؤلاء الرجال الذين كانوا يتامى، فسمَّتْهم الآية يتامى باعتبار ما كان؛ استحضارًا لصورة اليتامى في أذهان الأوصياء؛ حتى لا يتقاعسوا عن إيتائهم أموالهم. وكذلك في الآية الثانية؛ فإن الخمر لا تُعصَرُ، وإنما يُعصَرُ العنب؛ ففي الآية مجاز مرسل عَلاقتُه اعتبار ما سيكون؛ أي: أَعصِرُ عنبًا يصير خمرا؛ لأن العصير لا يُعصَرُ. فالذي يُطلِقُ على المعيد لقبَ (دكتور)، موافق في استعماله استعمال القرآن من جهة المجاز؛ من حيث إن المعيد - في الغالب - يكون دكتورًا، فإطلاق اللقب عليه باعتبار ما سيكون. ثم إننا نسمي أبناءنا حين يولدون أسامي ربما لا تتحقَّق فيهم عاجلاً أو آجلا؛ كحارث وهمَّام، ونستعمل التشبيه فنسمي ليثًا وأسامة، والشريعة لا تنهانا عن ذلك، ولا تَعدُّه مدرجة إلى الكذب، بل هذه أسامي الصحابة - رضي الله عنهم - جلُّها على هذا النحو، لم يُغيِّر النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا منها إلا ما كان قبيحًا، وهذا في الأسماء التي لا تفارقُ الإنسان؛ فكيف باﻷلقاب الوظيفيَّة التي هي مَظِنَّة التغيير والمفارقة؟! إن التفاؤل صفةٌ عظيمة من صفات المسلم، وخَصِيصةٌ من خصائص هذا الدين، الذي قال عنه نبيُّه الكريم صلى الله عليه وسلم: ((لا طيرة، وخيرها الفأل!)). وقد كنا - ونحن معيدون - نغضَبُ ممن ينادي علينا بلقب (أستاذ)، ونحسب أن في قلبه مرضًا، مع أنه مصيب، لكنها النفس التي تستعجل الخير دائمًا، وتحب مَن يُبشِّرُها به، وتكره من يُنفِّرُها، فتذكّر هذه الأيام، واشكر الله على ما أنت فيه، وارجُ لإخوانك الخير! قال وقد زالت من وجهه علامات الغضب، ونزلت عليه سكينة الإيمان: نعم، ﴿ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [النساء: 94]!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |