عالمية السنة النبوية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-04-2021, 08:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي عالمية السنة النبوية

عالمية السنة النبوية


د. محمود بن أحمد الدوسري

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمَّا بعد: كانت رسالات الأنبياء السابقين رسالات قومية، بمعنى أنها كانت خاصة لأقوامهم الذين أُرسلوا فيهم؛ لذا نلحظ أنَّ كل رسول يُوجِّه خطابه إلى قومه دون غيرهم، ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ [الأعراف: ٥٩]؛ وقوله سبحانه: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ [العنكبوت: ٣٦].

أما رسالة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فهي رسالة عالمية جاءت للعَالَمِين من الإنس والجن، وإلى آخِر الزمان، فهي صالحة في كل مكان وزمان، وتتخطَّى حواجز الجنس واللون والبيئة والزمن، والفوارق العارضة الأخرى[1].

الأدلة من القرآن:
1- قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ﴾ [سبأ: ٢٨]. وكلمة: ﴿ كَافَّةً ﴾ تشمل جميع الناس؛ الأحمر والأسود، والعربي والعجمي، فهي جامعةٌ لهم، تكُفُّهم عن الخروج منها، وتُلزِمهم بها[2].

2- قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: ١٥٨]. وليس إلى بعضكم دون بعض. قال ابن كثير رحمه الله: (يقول تعالى لنبيِّه ورسولِه محمدٍ صلى الله عليه وسلم ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾! وهذا خطاب للأحمر والأسود، والعربي والعجمي ﴿ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ أي: جميعكم، وهذا من شرفِه وعظمتِه صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين، وأنه مبعوث إلى النَّاس كافَّة... وهو معلوم من دين الإسلام ضرورة؛ أنه - صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه - رسولُ اللهِ إلى النَّاسِ كلِّهم)[3].

3- قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]. قال الرازي رحمه الله: (لفظ "العَالَمين" يتناول جميع المخلوقات، فدلَّت الآية على أنَّه رسولٌ للخَلْقِ عامَّةً إلى يوم القيامة)[4].

الأدلة من السُّنة:
4- ما جاء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (فُضِّلْتُ على الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ وذَكَرَ منها: (وَأُرْسِلْتُ إلى الْخَلْقِ كَافَّةً)[5].

5- ما جاء عن جَابِر بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي) وذَكَرَ منها: (وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً)[6]. وفي رواية: (كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ[7])[8]. فقوله: (كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ) يدل على أنَّ جميع الأنبياء السابقين دون استثناء كانت رسالتهم خاصةً لأقوامهم، وأنَّ رسالته صلى الله عليه وسلم جاءت عالميةً للناس جميعًا، وهذا مما انفرد بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن سائر الأنبياء.

دليل الإجماع: أجمعت الأمة على أن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الإنس والجن كافة إلى يوم القيامة[9].

ومن مقتضيات عالمية رسالة النبي صلى الله عليه وسلم[10]:
1- عِظَم منزلتِه عند ربِّه: وذلك لأن الله تعالى اختاره واصطفاه وفضَّله على سائر الأنبياء والمرسلين، وجعله مبعوثًا للعالمين إلى يوم القيامة.

2- عالمية سُنَّتِه صلى الله عليه وسلم: من مقتضيات عالميَّة رسالته صلى الله عليه وسلم أن تكون سُنَّتُه صلى الله عليه وسلم عالميةً، يلتزم بها البشر جميعًا في كلِّ مكان وزمان؛ لكون سُنَّتِه صلى الله عليه وسلم هي هديه وطريقه ومنهجه الذي بيَّنه له الله تعالى، وكلُّ مَنْ أراد إرضاء الخالق سبحانه فعليه أن يلتزم بهديه صلى الله عليه وسلم ويتَّبع سُنَّته، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]، فاتِّباعه صلى الله عليه وسلم يكون بالتزام سُنَّتِه، ولا يُقبَلُ العمل من أحد كائنًا مَنْ كان إلاَّ إذا توفَّر فيه شرطان، ذَكَرَهما الله تعالى في قوله: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وهما الإخلاص والمتابعة، وهما رُكنا العمل المُتقبَّل، فلا بد أن يكون العمل خالصًا لله، صوابًا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، (فهذا الذي جمع بين الإخلاص والمتابعة، هو الذي ينال ما يرجو ويطلب، وأمَّا من عدا ذلك، فإنه خاسرٌ في دنياه وأخراه، وقد فاته القُرب من مولاه، ونيلِ رضاه)[11].

ومن ثَمَّ تبيَّن لنا أهمية السُّنة في حياة البشرية المُطالَبَة بتحقيق العبودية لله، إذْ لا بد لها من متابعة سُنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم والتمسُّكِ بها، فهي الدِّين الخاتم، وهي الرسالةُ الخاتمة المُكَلَّف بتبليغها للعالمين.

3- أنَّ هذا الدِّين من عند الله تعالى: وذلك لأنَّ الإنسان أضعف من أن يأتي بهذا الدِّين العالمي الشامل، ومن ثَمَّ، فسُنَّته صلى الله عليه وسلم وحيٌ من عند الله تعالى، لا مجال فيها لاجتهادٍ بشري.


4- الشمول: فكون رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين فلا بد أن تكون رسالةً شاملة لكل مناحي الحياة، ولكل جوانب الإنسان في كل مكان وزمان إلى يوم القيامة؛ كي تلبي طلباتهم، وتفي باحتياجاتهم.

5- الأخوَّة الإنسانية: فعالمية رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لكل الأجناس والألوان تدل على الأخوة والوحدة الإنسانية بين جميع البشر؛ كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: ٩٢].

6- إثراء الحضارة الإنسانية: بيَّنت السنة النبوية طريقَ السعادة في الدنيا والآخرة، ووضعت خُطَّةَ النجاح فيها، وأرست قواعدَ حضارةٍ إنسانيةٍ عظيمة، قائمة على جانبين، هما: المادة والروح، المادة مُتمثِّلة في الدعوة إلى العمل والجد والاجتهاد والسعي في مناكب الأرض، والتأمُّل في الكون واستكشافه؛ لاستخراج كنوزه ومكنوناته، وتعمير الكون، وبناء الحضارة، وإرساء قواعد العلم المُعتَمِد على التفكير السليم وفق منهج علمي دقيق، كلُّ هذا وأكثر دعت إليه السُّنة، وحثَّت عليه في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي ركَّزت على الجانب المادي الحضاري في الإنسان.

وأمَّا الروح: فقد أفاضت السنة في ضرورة تغذية الجانب الرُّوحي من الحضارة الإنسانية، والذي أساسه عبادة الله وحده، والخضوع له بالربوبية والألوهية، والإيمان بعظمة أسمائه الحسنى وصفاته العلى على ما يليق بجلاله تبارك وتعالى، ثم الالتزام بالعبادات المفروضة وتعظيم شعائر الله تعالى المكانية والزمانية، ثم الالتزام بالأخلاق والقيم العليا والآداب الشرعية التي يجب أن تشمل المجتمع بأسره، وتهيمن على حياة المسلمين جميعًا، بما يحقق السعادة والاستقرار.

وهكذا يتكامل البناء الحضاري في السنة النبوية القائم على أساسين راسخين، هما الجانب المادي والجانب المعنوي، ولقد كان لهذا الجانب أكثر الأثر في حياة البشرية، شهد بذلك الكثيرُ من أعداء الدِّين وخصومه قبل أتباعه، ومن ذلك: ما قاله المسيو شامون ـ مدير مجلة ريفو بارلنتيرا الفرنسية: (لولا انتصار جيش "شارل مارتن" الهَمَجي على تقدُّم العرب في فرنسا لَمَا وقعت فرنسا في ظلمات القرون الوسطى، ولَمَا أُصيبت بفظائعها، ولا كابدت المذابحَ الأهلية الناشئة عن التَّعصُّب الدِّيني والمذهبي، ولولا ذلك الانتصار البربري على العرب لَنَجت إسبانيا من وصْمَة محاكم التفتيش، ولولا ذلك لَمَا تأخَّر سَير المدَنية ثمانية قرون، نحن مدينون للشعوب العربية بكلِّ محامد حضارتنا، في العلم والفن والصناعة...)[12].

7- الثقة والطمأنينة النفسيَّة: كمال الرسالة المحمدية وشمولها لجميع مناحي الحياة، ولكلِّ جوانب الإنسان، يبعث الراحة والطمأنينة النفسية والثقة في البحث عن الحلول المناسبة في ظل تعاليم هذه الرسالة العالمية الشاملة الكاملة، مما يُبعد الاضطراب والتردد، ويعصم من الخطأ والشقاء الناتج عن التوجه إلى غير الله تعالى، ويعصم كذلك من التخبط في المناهج الإنسانية.

8- إثراء الدعوة والجهاد في سبيل الله: وذلك لأنها رسالة عالمية شاملة صالحة لكل البشر؛ فذلك يستوجب القيام بالدعوة إلى الله تعالى من أجل إيصال الخير إلى البشرية جمعاء، وهذا هو الذي دفع الصحابة ومَن بعدهم إلى القيام بواجب الدعوة في أكثر الأمصار، وكذا نشطت الفتوحات الربانية مما كان له أكبر الأثر في إنقاذ كثير من الناس من الوثنية والشقاء إلى الوحدانية والسعادة والنقاء.

9- نسخ الشرائع السابقة: يستلزم من كون هذه الرسالة عالمية نسخ جميع الشرائع السابقة، وبقاء الرسالة المحمدية شاملةً كاملةً ظاهرةً إلى يوم القيامة.

10- شهادات المنصفين: اتجاه الحديث هنا نحو بعضِ المُنْصِفين من المستشرقين وشهاداتهم المُنصفة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة، مع ملاحظة أنَّ هذه الأقوال والشهادات في عظمة النبي صلى الله عليه وسلم لا تعدو كونها تأكيدًا لحقائق قائمة وأصول ثابتة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم كما مر بنا سابقًا، فلا يحتاج النبي صلى الله عليه وسلم لشهادة أحدٍ للدَّلالة على عظمته، ومن جهة أخرى إنَّ هذا الاستشهاد إنَّما هو للرد على أولئك المُتعصِّبين الجاحدين؛ ليعرفوا شيئًا ممَّا كُتِبَ بأقلام مُفكِّريهم ومُنصفيهم، وبعض ضِعاف الإيمان لا يقنع بالفكرة إلاَّ إذا عصفت رياحُ الغرب وحَمَلتها إليهم، وبين أيدينا عَشَرَةُ شهاداتٍ مهمة عن بعض المنصفين من المستشرقين الغربيين، وكان القاسم المشترك فيها حديثهم عن عظمة شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، وهي على النحو التالي:
أ- جاء عن الأديب الألماني العالمي "يوهان فولفجانج جوته" ما نصه: (ولقد بحثت في التاريخ عن مَثَلٍ أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبي العربي محمدٍ [صلى الله عليه وسلم])[13].

ب- تحدَّث المؤرخ الأمريكي "ويل ديورانت" في موسوعته: "قصة الحضارة" عن النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا: (محمدٌ [صلى الله عليه وسلم] هو باعث الحضارة الإسلامية. وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس، قلنا: إنَّ محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان من أعظم عظماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعبٍ ألقت به دياجير الهمجية، وحرارة الجو، وجدْب الصحراء. وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحًا لم يُزاحمه فيه أيُّ مُصْلِحٍ آخر في التاريخ كلِّه. وقَلَّ أنْ تجد إنسانًا غيرَه حقَّق ما كان يحلم به من إصلاح)[14].

ج- تحدَّث الأديب الروسي العالمي "ليو تولستوي" في كتابه: "حكم النبي محمد" قائلًا: (ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ النبيَّ محمدًا من عظماء الرجال الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة. ويكفيه أنه هدى أمة بأكملها إلى نور الحق، وجعلها تجنح للسكينة والسلام، وتُفضل عيشة الزهد. ومنعها عن سفك الدماء، وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق التقدم والرقي، وهو عمل عظيم لا يقوم به إلاَّ شخص أُوتي قوة... ورجل مثل هذا جدير بالاحترام والإجلال)[15].

د- يقول أشهر كُتَّاب المسرح العالمِيين "جورج برناردشو": (إنني أعتقد أنَّ رجلًا مثل النبي محمد [صلى الله عليه وسلم] لو أخذ على نفسه قيادة شعوب العالم الحاضرة، لتمكَّن أن يقود العالم أحسن قيادة، ولتمكَّن من تسيير العالَم نحو طريق السعادة، وتوصيله إلى شاطئ العدل والسلام)[16].

هـ- يقول الأديب والشاعر الفرنسي "الفونس لامارتين": (فيلسوفٌ، وخطيبٌ، ورسولٌ، ومُشرِّعٌ، وقائدٌ، وفاتحُ أقطارِ الفِكر، ورائدُ الإنسانِ إلى العقل، وناشرُ العقائدِ المعقولة الموافقة للذِّهن واللُّب، ومُؤسِّسُ دينٍ لا وثنيةَ فيه ولا صورَ ولا رُقْيات باطلة، ومُنشِئُ عشرين دولة في الأرض، وفاتحُ دولةٍ في السماء من ناحية الروح والفؤاد.. ذلكم هو محمدٌ [صلى الله عليه وسلم]. فأيُّ رجل قِيسَ بكلِّ هذه المقاييس التي وُضِعَت لِوَزْنِ العظمة الإنسانية كان أعظمَ من محمد [صلى الله عليه وسلم]؟ وأيُّ إنسانٍ صعد هذه المراقي كلَّها، فكان عظيمًا في جميعها غير محمد [صلى الله عليه وسلم]؟ محمدٌ [صلى الله عليه وسلم] أقلُّ من إله، وأعظمُ من إنسانٍ عادي، أيْ إنه نبي)[17].

و- وها هي الكاتبة البريطانية "كارين أرمسترونج" تتحدَّث في كتابها: "سيرة النبي محمد" عن جوانب من عظمة النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: (كان محمدٌ [صلى الله عليه وسلم] شخصيةً قويةَ المشاعر وذات أبعاد مركَّبة.. كانت لديه مواهبُ روحانية وسياسية عظيمة. كان مقتنعًا بإقامة مجتمع خيِّر عادل. وبينما كان يتملَّكه الغضب أحيانًا، فقد كان رؤوفًا شديدَ التأثر وعلى قدرٍ هائلٍ من التعاطف. لم نقرأ أبدًا أنَّ المسيح [عليه السلام] قد ضحك، لكننا كثيرًا ما نجد محمدًا [صلى الله عليه وسلم] يبتسم ويُداعب المقرَّبين منه. نراه أيضًا يلاعب الأطفال، ويختلف مع زوجاته، ويبكي بحرقة لوفاة أحد أصحابه. فنحن إن استطعنا النظر إلى محمد [صلى الله عليه وسلم] كما ننظر إلى الشخصيات التاريخية العظيمة، فمن المؤكد أننا سنراه أحدَ أعظم العباقرة الذين عرفهم التاريخ!! فَلأَنْ يأتي برائعة أدبية، ويؤسِّس ديانة عُظمى، وقوَّة عالمية، فتلك إنجازات غير عادية. ولكي نوفي عبقريته حقَّها، فإنَّ علينا دراسة المجتمع الذي وُلِد فيه، والقوى التي صارعها)[18].

ز- يقول عميد كلية حقوق جامعة فيينا "أ. شيرل" في مؤتمر الحقوقيين "عام 1927م": (إنَّ البشرية لَتَفخر بانتساب رجلٍ كمحمد [صلى الله عليه وسلم] لها، إذ إنه رغم أُمِّيَّته استطاع قبل بضعة عشر قرنًا، أنْ يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمَّته بعد ألفي سنة)[19].

ح- تحدث الأديب والمؤرخ الفرنسي "جوستاف لوبون" في كتابه: "حضارة العرب" قائلًا: (كان محمدٌ [صلى الله عليه وسلم] شديدَ الضبط لنفسه، كثيرَ التفكير، صامتًا، حازمًا، سليمَ الطوية، صبورًا، قادرًا على احتمال المشاق، ثابتًا، بعيدَ الهمة، ليِّنَ الطبع، وديعًا، وكان مُقاتلًا ماهرًا، وكان عظيمَ الفِطنة... إنَّ محمدًا أصاب في بلاد العرب نتائج لم تُصِب مِثلَها جميعُ الدِّيانات التي ظهرت قبل الإسلام ـ ومنها اليهودية والمسيحية ـ ولذلك كان فضل محمدٍ [صلى الله عليه وسلم] على العرب عظيمًا. وإذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمدٌ [صلى الله عليه وسلم] من أعظم مَنْ عرفهم التاريخ!! والتعصب الدِّيني هو الذي أعمى بصائر مؤرِّخي الغرب عن الاعتراف بفضل محمدٍ [صلى الله عليه وسلم])[20].

ط- تحدث المستشرق البريطاني "ويليام مونتجمري وات" في كتابه: "محمد في المدينة" فيقول: (أُوتي محمدٌ [صلى الله عليه وسلم] ثلاث مزايا: أولًا: موهبةُ رؤيةِ المستقبل، وثانيًا: أنه كان رجلَ دولة حكيمًا، وثالثًا: إنه رجل إدارةٍ بارع. وكلما تأمَّلنا تاريخَ محمدٍ [صلى الله عليه وسلم] وتاريخ الإسلام، تمَلَّكَنا الذهول أمام عظمة ما تحقَّق. لا شكَّ أنَّ الظروف كانت مواتية، ولكنه كان على مستوى الظروف. فلو لم يكن نبيًّا ورجلَ دولةٍ وإدارة، ولو لم يضع ثقته في الله، ويكون واثقًا تمامًا أنَّ الله [سبحانه] أرسله.. لَمَا استطاعَ أنْ يكتب فصلًا مُهِمًّا في تاريخ الإنسانية.. حقًّا إنه أعظمُ رجلٍ من بين أبناء آدم)[21].

ي- تحدث المستشرق البريطاني "ألفريد غليوم" في كتابه: "عن الإسلام" فيقول: علينا منذ البداية أن نُقرِّر أنَّ محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان واحدًا من أعلام التاريخ العظماء. كان على يقينٍ أنه لا إله إلاَّ الله، وكان يدعو إلى ملَّة واحدة، وكانت قدرته على التدبير خارقة. وقد جعل ذلك من السهل عليه أن يجمع شمل قومه، على الرغم من عوامل الشقاق الكامنة في بلاد العرب في زمنه. وقد وقف محمدٌ [صلى الله عليه وسلم] وحيدًا ـ في بداية دعوته ـ أمام قومٍ أجمعوا على تكذيبه. وليس أعجب من صورة رجل واحد، يستطيع أن يفعل كل هذا الإعجاز.. إنه بحقٍّ عظيم، عظيم، عظيم)[22].


[1] انظر: عالمية الإسلام وإعداد المواطن الصالح، أحمد علي الملا (ص10).

[2] انظر: تفسير القرطبي، (12/ 303)؛ الكشاف، (3/ 295).

[3] تفسير ابن كثير، (2/ 255، 256).

[4] التفسير الكبير، (24/ 40).

[5] رواه مسلم، (1/ 371)، (ح523).

[6] رواه البخاري، (1/ 168)، (ح427).

[7] (أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ): قيل: المراد بالأحمر: البيض من العجم وغيرهم، وبالأسود: العرب؛ لغلبة السُّمرة فيهم، وغيرهم من السودان. وقيل: المراد بالأسود: السودان، وبالأحمر: مَنْ عداهم من العرب وغيرهم. وقيل: الأحمر: الإنس، والأسود: الجن. والجميع صحيح، فقد بُعِثَ إلى جميعهم. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (5/ 5)؛ فتح الباري، (1/ 439).

[8] رواه مسلم، (1/ 370)، (ح521).

[9] انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، (1/ 126).

[10] انظر: خصائص النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي انفرد بها عن سائر الأنبياء، (ص61، 62).

[11] تفسير السعدي، (1/ 489). وانظر: تفسير ابن كثير، (5/ 205).

[12] الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب، أحمد بن حجر آل بوطامي (ص 168).

[13] آفاق جديدة للدعوة، أنور الجنيدي (ص55).

[14] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص240).

[15] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص19).

[16] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص25).

[17] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص31).

[18] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص61).

[19] نبذة من السيرة النبوية، أبو النصر مبشر الطرازي الحسيني (ص65).

[20] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص240).

[21] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص241).

[22] الرسول العظيم بأقلام أعلام المستشرقين، محمد إبراهيم (ص241).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.38 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]