فلا تقعدوا معهم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 33 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 23 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 730 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-07-2019, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي فلا تقعدوا معهم


فلا تقعدوا معهم
عبد اللّه بن محمد البصري


الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: مِمَّا بُلِيَت بِهِ المُجتَمَعَاتُ في هَذَا الزَّمَانِ، ظُهُورُ المُنكَرَاتِ وَانتِشَارُهَا، وَتَنَوُّعُهَا وَتَكَاثُرُهَا، وَوُجُودُ أَقوَامٍ مِن خَارِجِ المُجتَمَعِ وَدَاخِلِهِ، يُخَطِّطُونَ لِلإِفسَادِ وُيَنَظِّمُونَ، وَيُنَفِّذُونَ وَيُتَابِعُونَ، وَيَبذُلُونَ في سَبِيلِ البَاطِلِ ولا يَتَوَانَونَ، وَإِنَّهُ وَإِن كَانَ ثَمَّةَ قِلَّةٌ مُحتَسِبُونَ مُوَفَّقُونَ، وَطَائِفَةٌ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرُونَ، مَا زَالُوا وَلَن يَزَالُوا يُدَافِعُونَ وَيُنكِرُونَ، إِلاَّ أَنَّ قِلَّتَهُم مَعَ كَثرَةِ المُنكَرَاتِ، وَضَعفَ مَوقِفِهِم أَحيَانًا مَعَ قُوَّةِ كَيدِ الكَائِدِينَ، لا يَعني أَن يَستَسلِمَ المُجتَمَعُ لِلبَاطِلِ وَيَنجَرِفَ مَعَهُ وَيُسَايِرَهُ؛ لأَنَّ في يَدِهِ سُلطَةً يَتَقوَّى بها، بَل إِنَّ هَذَا الوَاقِعَ الأَلِيمَ لَيَزِيدُ مِنَ المَسؤُولِيَّةِ عَلَى عَامَّةِ النَّاسِ، وَيُوجِبُ عَلَيهِم قَدرًا أَكبَرَ مِنَ المُسَاهَمَةِ في الإِنكَارِ، إِذْ إِنَّهُ وَاجِبٌ كِفَائِيٌّ تَتَّسِعُ دَائِرَتُهُ كُلَّمَا قَلَّ المُنكِرُونَ أَو زَادَتِ المُنكَرَاتِ.
وَقَد يَتَسَاءَلُ بَعضُ النَّاسِ وَيَقُولُ: وَمَاذَا يَفعَلُ العَامَّةُ وَلَيسَ لَهُم أَيدٍ تَدفَعُ وَلا أَلسِنَةٌ تُسمِعُ؟! فَيُقَالُ: إِنَّ إِنكَارَ المُنكَرِ ثَلاثُ دَرَجَاتٍ، ثِنتَانِ مِنهُمَا لا تَجِبَانِ إِلاَّ بِالقُدرَةِ وَالاستِطَاعَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ، فَهِيَ وَاجِبُ الجَمِيعِ بِلا استِثنَاءٍ، وَإِذَا كَانَ تَغيِيرُ المُنكَرِ بِاليَدِ وَاللِّسَانِ وَاجِبٌ عَلَى مَنِ استَطَاعَ مِن أَهلِ الوِلايَةِ وَالعِلمِ، فَإِنَّ الإِنكَارَ القَلبيَّ بِبُغضِ المُنكَرِ وَمُجَانَبَةِ أَهلِهِ وَفِرَاقِ أَمَاكِنِهِ، وَاجِبٌ عَينيُّ لا يَسَعُ مَسلِمًا تَركُهُ، بَل لَيسَ بَعدَ تَركِهِ إِلاَّ خَلعُ رِدَاءِ الإِيمَانِ، وَتَمَكُّنُ المُنكَرَاتِ وَغَلَبَةُ الرَّانِ عَلَى القُلُوبِ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الانجِرَافَ مَعَ تَيَّارِ المُنكَرَاتِ وَالخَوضَ فِيهَا وَشُهُودَهَا وَتَكثِيرَ سَوَادِ أَهلِهَا، إِنَّهُ لَشَرُّ مَا يُصَابُ بِهِ المُجتَمَعُ، فَمَا هُوَ إِلاَّ التَّخَاذُلُ بِعَينِهِ، بَلِ المُنكَرُ العَظِيمُ وَالمُخَالَفَةُ الصَّرِيحَةُ لِقَولِ المَولى - جل وعلا -: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ)، وَكَيفَ يُصَدَّقُ مَن يَقُولُ إِنَّني أُنكِرُ المُنكَرَاتِ بِقَلبِي وَأُبغِضُهَا وَلا أَرضَاهَا، وَهُوَ مَا زَالَ يَرتَكِبُهَا بِنَفسِهِ، أَو يُمَكِّنُ مِنهَا أَهلَهُ وَأَبنَاءَهُ، بِحُجَّةِ أَنَّ النَّاسَ تَفعَلُ هَذَا أَو تَرضَاهُ؟! إِنَّهُ لَولا أَنَّ فِينَا مَن رَضِيَ لِنَفسِهِ أَن يَكُونَ مِعوَلَ هَدمٍ في حَائِطِ المُمَانَعَةِ وَالمُدَافَعَةِ، وَلَولا أَنَّ المُفسِدِينَ وَالمُضِلِّينَ رَأَوُا المُجتَمَعَ يَخِفُّ مَعَ كُلِّ مُفسِدٍ، وَيَضعُفُ أَمَامَ كُلِّ شَهوَةٍ، وَلا يَستَنكِفُ أَن يَحضُرَ لأَمَاكِنِ المُنكَرَاتِ وَيتَفَاعَلَ مَعَ المُفسِدِينَ، سَوَاءٌ في أَسوَاقِهِم أَو مُنتَدَيَاتِهِم، أَو حَدَائِقِهِم وَمَهرَجَانَاتِهِم، لَمَا تَجَرَّؤُوا وَتَوَسَّعُوا، وَلَمَا صَارُوا يَأتُونَ بَينَ حِينٍ وَحِينٍ بِمُنكَرَاتٍ يُنسِي آخِرُهَا أَوَّلَهَا، فَإِلى اللهِ المُشتَكَى مِن فِئَامٍ جَعَلُوا مِن أَنفُسِهِم مَطَايَا لِحَملِ الفَسَادِ وَالضَّلالِ، وَضَعُفُوا أَمَامَ المُفسِدِينَ وَإِغرَائِهِم، وَعَرَّضُوا أَنفُسَهُم لِشَرِّهِم وَبَلائِهِم، حَتى صَارَ النَّاصِحُونَ وَالمُصلِحُونَ، بَدَلاً مِن أَن يُرَكِّزُوا جُهُودَهُم فِيمَا هُوَ أَولى بِهِم مِنَ الدِّفَاعِ عَن دِينِهِم وَمُجتَمَعِهِم ضِدَّ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ وَأَئِمَّةِ الفَسَادِ وَرُؤُوسِ الإِضلالِ، صَارُوا مَشغُولِينَ بِمَن طَعَنَهُم مِن خَلفِهِم وَخَانَهُم، مِن إِخوَانِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا يَنتَظِرُونَ مِنهُمُ الدَّعمَ وَالنَّصرَ وَالصَّبرَ، فَصَارَ حَالُهُم مَعَهُم كَحَالِ القَائِلِ:
وإخوَانٍ حَسِبتُهُمُ دُرُوعًا *** فَكَانُوهَا وَلَكِنْ لِلأَعَادِي
وَخِلتُهُمُ سِهَامًا صَائِبَاتٍ *** فَكَانُوهَا وَلَكِنْ في فُؤَادِي
أَلا فَمَا أَحرَى المُسلِمِينَ أَن يَعلَمُوا أَنَّ نَبِيَّهُم - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَصحَابَهُ عَن غَشَيَانِ أَمَاكِنِ المُنكَرَاتِ أَوِ التَّعَرُّضِ لِمَوَاطِنِ الفِتَنِ، فَقَالَ: (( إِيَّاكُم وَالجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَالَنَا مِن مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: " فَإِذَا أَبَيتُم إِلاَّ المَجلِسَ فَأَعطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ " قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: " غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ))، فَتَأَمَّلُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ كَيفَ نَهَى - عليه الصلاة والسلام - عَنِ الجُلُوسِ في الطَّرِيقِ ابتِدَاءً، لِكَونِهِ سَبَبًا لِلوُقُوعِ في المُنكَرِ، فَلَمَّا اعتَذَرُوا بِأَنَّهُ لا بُدَّ لَهُم مِنَ الجُلُوسِ لِبَعضِ حَاجَاتِهِم، وَجَّهَهُم إِلى أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِشُرُوطٍ، لا بُدَّ لِلجَالِسِ في الطَّرِيقِ مِن تَحقِيقِهَا، فَأَينَ مِن ذَلِكَ اليَومَ مَن يَغشَونَ الأَسوَاقَ وَالمُنتَدَيَاتِ وَالمَهرَجَانَاتِ، وَالَّتي يُعصَى اللهُ فِيهَا وَتَعُجُّ بِالمُنكَرَاتِ، وَبَدَلاً مِن أَن يَكُونَ حُضُورُهُم مَصحُوبًا بِالأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، إِذَا هُوَ لِشُهُودِ المُنكَرِ وَالمُشَارَكَةِ فِيهِ وَتَشجِيعِهِ، وَشَغلِ الآمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ وَمُضَاعَفَةِ الحِملَ عَلَيهِم، وَتَشتِيتِ جُهُودِ الدُّعاَةِ وَإِرهَاقِ المُصلِحِينَ؟!
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: لَقَد تَوَعَّدَ اللهُ - عز وجل - أَئِمَّةَ الفَسَادِ وَالإِفسَادِ وَرُؤُوسَ الضَّلالِ وَالإِضلالِ، مِمَّن هَدَفُهُم إِشَاعَةُ الفَوَاحِشِ في مُجتَمَعَاتِ المُؤمِنِينَ، فَقَالَ - عز وجل -: ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الَّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمُونَ)، غَيرَ أَنَّ هَذَا الوَعِيدَ الشَّدِيدَ لَيسَ مَقصُورًا عَلَيهِم، بَل يَشمَلُ مَن وَافَقَهُم وَجَلَسَ مَجَالِسَهُم وَشَهِدَ نَوَادِيَهُم وَرَضِيَ فِعلَهُم، قال - سبحانه -: ( وَقَد نَزَّلَ عَلَيكُم في الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعتُم آيَاتِ اللهِ يُكفَرُ بها وَيُستَهزَأُ بها فَلا تَقعُدُوا مَعَهُم حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيرِهِ إِنَّكُم إِذًا مِثلُهُم إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ في جَهَنَّمَ جَمِيعًا) وَعَن أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( يَكُونُ عَلَيكُم أُمَرَاءُ تَعرِفُونَ وَتُنكِرُونَ، فَمَن أَنكَرَ فَقَد بَرِئَ، وَمَن كَرِهَ فَقَد سَلِمَ، وَلَكِنْ مَن رَضِيَ وَتَابَعَ...)) الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَولُهُ: (( وَلَكِنْ مَن رَضِيَ وَتَابَعَ )) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَن سَكَتَ عَلَى المُنكَرِ وَرَضِيَهُ وَأَعَانَ فِيهِ بِقَولٍ أَو فِعلٍ أَو مُتَابَعَةٍ، أَو كَانَ يَقدِرُ عَلَى تَغيِيرِهِ فَتَرَكَهُ، فَهُو شَرِيكٌ في الإِثمِ وَلا تَبرَأُ ذِمَّتُهُ.
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَلا تَكُونُوا عَونًا لأَهلِ المُنكَرِ عَلَى إِظهَارِ مُنكَرِهِم بِمُشَارَكَتِكُم فِيهِ، فَإِنَّ الإِنكَارَ بِالقَلبِ لا يُعذَرُ مِنهُ أَحَدٌ كَائِنًا مَن كَانَ، وَمَن زَعَمَ أَنَّهُ مُنكِرٌ بِقَلبِهِ وَهُوَ يَغشَى أَمَاكِنَ المُنكَرَاتِ وَيَقعُدُ مَعَ أَصحَابِهَا في مُنتَدَيَاتِهِم، فَمَا صَدَقَ في إِنكَارِهِ، أَعُوذُ بِاللهِ مَنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ( وَإِذَا رَأَيتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنَا فَأَعرِضْ عَنهُم حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيطَانُ فَلا تَقعُدْ بَعدَ الذِّكرَى مَعَ القَومِ الظَّالمِينَ).

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ فَخَافُوهُ، وَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا بِزَخَارِفِهَا فَتَنسَوا مَصِيرَكُم وَتَنجَرِفُوا، وَلا يَهُولَنَّكُمُ انتِفَاشُ البَاطِلِ أَو كَثرَةُ المُفسِدِينَ فَتَنحَرِفُوا؛ فَإِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ في خُسرٍ ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ)، فَاتَّقُوا اللهَ ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ)
إِنَّهُ وَإِن كَانَتِ الأُمَّةُ لا تَختَلِفُ عَلَى أَنَّ الإِنكَارَ بِالقَلبِ وَاجِبٌ عَلَى الجَمِيعِ وَلا يُعذَرُ مُؤمِنٌ بِتَركِهِ، إِلاَّ أَنَّ الوَاقِعَ يَشهَدُ أَنَّ ثَمَّةَ خَللاً في الفَهمِ لَدَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، حَيثُ يَظُنُّ أَنَّ مَعنى الإِنكَارِ بِالقَلبِ أَن يَكرَهَ المُنكَرَ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ نَفسِهِ، دُونَ أَن يَبدُوَ لِهَذِهِ الكَرَاهَةِ أَيُّ أَثَرٍ في تَصَرُّفِهِ وَظَاهِرِهِ، وَهَذَا فَهمٌ سَقِيمٌ وَابتِعَادُ عَنِ المَقَاصِدِ الشَّرعِيَّةِ العَظِيمَةِ؛ لأَنَّ الإِنكَارَ بِالقَلبِ مُجَرَّدًا مِن كُلِّ مَظهَرٍ سُلُوكِيٍّ، لا يُسَمَّى تَغيِيرًا لِلمُنكَرِ، بَل هُوَ في الحَقِيقَةِ إِقرَارٌ سُكُوتيٌّ وَتَشجِيعٌ ضَمنيٌّ، بَل قَد يَأتي صَاحِبُهُ بِهِ شُعبَةً مِن شُعَبِ النِّفَاقِ العَمَلِيِّ، إِذْ كَيفَ يَدَّعِي كُرهَ المُنكَرِ وَبُغضَ أَهلِهِ، وَهُوَ يَشهَدُهُ وَيَبَشُّ بهم وَيَنبَسِطُ إِلَيهِم وَيُكَثِّرُ سَوَادَهُم؟!
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ وَحِزبِ اللهِ المُفلِحِينَ، الَّذِينَ لا يُوَادُّونَ مَن حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَو أَبنَاءَهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم؛ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ عَينُ الإِيمَانِ، وَسَبَبُ الفَلاحِ وَتَأيِيدِ الرَّحمَنِ، وَبِهِ حُصُولُ الرِّضوَانِ وَدُخُولُ الجِنَانِ.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.62 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]