جراثيم، ولكن أصدقاء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213433 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-02-2019, 07:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي جراثيم، ولكن أصدقاء

جراثيم، ولكن أصدقاء




د. غنية عبدالرحمن النحلاوي





بسم الله الرحمن الرحيم الحي القيوم
كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن فصيلة من الجراثيم لم تكن مجهولة، وإن لم تكن معروفة بجميع جوانبها، وهي الجراثيم المفيدة أو الصديقة، فتركَّز الضوء عليها مجدَّدًا في علم التغذية وطب الأطفال وعلوم أخرى، وتناولتها أقلام الكُتَّاب في الثقافة العامة مع اعتماد تسمية عصرية لها، هي: "البروبيوتيك"، وكان إجراء الكثير من الدراسات العلمية حولها إضافة لحداثة المصطلح وراء الانطباع العام بأنه كشف علمي رائد، ومن جهتها جعلت شركات المنتجات الغذائية "البروبيوتك" مادة للتصنيع والربح، وموَّلت المزيد من الدراسات حولها بهدف التسويق الموسوم بصبغة علمية، ولكن الوجه الخفي للقصة أن هذه الأسرة الجرثومية الصديقة ما هي إلا ركن من البيئة المتوازنة التي سخَّرها الله تعالى لنا، لكننا علِمْنا متأخرين ضرر العبث بها، حتى في أدقِّ الجزئيات.
أصدقاء منسيُّون:
بالنسبة لصحة الإنسان، فإن وجود جراثيم طيبة ومفيدة مقابل تلك السيئة الممرضة، هي معلومات قديمة كانت تُدَرَّس لطلبة العلوم والطب منذ عشرات السنين، ومن خلال أغذيتنا التقليدية، فإن أجدادنا عرَفوا الكثير عن فوائدها من خبرتهم الحياتية، وطبَّقوها قبل أن يطرحها المختصون بعقود.
أما مصادر التاريخ الطبي العالمي فتشير إلى أن أول ملاحظة علمية للدور الإيجابي الذي تقوم به بعض أنواع البكتيريا (الجراثيم) قدمها العالم الروسي "إيلي ميتشنكوف" منذ أكثر من مائة عام، عندما لاحظ أن هنالك أماكن ريفية معينة في أوروبا كبلغاريا يُعمَّر أهلها طويلاً بالمقارنة مع مناطق أخرى، وفيها يعتمد السكان في طعامهم بشكل رئيسي على الحليب المحمض (وهو اللبن الرائب) الذي يـُحَضِّرونه بطرقهم المحلية المتواضعة، وتبين له أن العنصر الفعال في ذلك الغذاء المحلي هو بكتيريا مجهرية تنتج حمض اللبن، وسماها وقتها: (العصيات البلغارية)، وبناءً على هذه الحقائق، افترض متشنكوف أن تناول ذلك اللبن سوف يزرع الأمعاء بتلك الجراثيم غير المؤذية، وهذا سيؤدي إلى تثبيط نمو الجراثيم الضارة، وإعاقة نشاطها الممرض، وقد تحسنت صحته عندما تناول الحليب المحمض بهذه البكتريا.
تجديد الصداقة:
حسب منظمة الصحة العالمية ومنظمة الغذاء والدواء (الفاو) اليوم، فإن "البروبيوتكس" بالتعريف (هي زمر من العضويات المجهرية الحية (ميكروبات)، عندما تعطى بكميات مناسبة وكافية فإنها تحقق فوائد صحية للمضيف أو المتلقي)، وكما قلنا: فالعلاقة بين تلك الجراثيم الحميدة أو "الفلورا" - كما تسمى أيضًا -[1] والجسم البشري الحي ترجع إلى بَدء الخليقة بتقدير فاطر السموات والأرض، ﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]، والذي خلق هذه الزمرة الجرثومية الطبيعية وسخَّرها لنا، وهي علاقة مساكنة وليس فقط جوارًا، فتبارك الله تعالى أحسن الخالقين؛ إذ إنها موجودة في أمعائنا وعلى جلدنا، كما أنها موجودة في كثير من أغذيتنا، وتعمل بصمت لفائدتنا دون أن نشعر، رغم أنها تعدُّ ملايين الملايين، سبحان الله! ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31]! بل إن هذه الجراثيم تتكاثر لتبلغ أعدادها المليارات في جهازنا الهضمي إذا دعمناها بالطعام الصحي المناسب لها دون أن تضرنا، بل هي تفيدنا بإذن الله تعالى، والأكثر إثارة للدهشة أنهم وجدوا أنها لا تؤذي حتى المصابين بنقص المناعة، رغم أنها جراثيم حية!
وتتكون معظم مستحضرات 2 البروبيوتيك من سبع سلالات من الكائنات المجهرية (البكتريا) الصديقة للإنسان، نُذكِّر باسم أشهر زمرتين منها (والتي قد ترد في تتمة المقال، وتعرض للقارئ العادي من وسائل الإعلام "الميديا"، أو على ملصقات الغذاء المصنع)، وهي: العصيات اللبنية (لاكتوباسيلوس)، والجراثيم المنشقة (بيفيدو باكتريا)، وهي مجموعة من الكائنات الحية المجهرية وحيدة الخلية، وأؤكد على كلمة حيَّة.
عودة الاهتمام بالجراثيم الصديقة: لماذا؟
أهم سبب لكثرة الحديث عن البروبيوتكس اليوم - إضافة للبعد الاقتصادي الربحي لأرباب الصناعات الغذائية - هو النتائج السيئة لهذا التخريب الغبي للبيئة الداخلية لأجسامنا، في عصر الوفرة، وزمن التنكر للنعم الطبيعية التي حبانا الله تعالى بها، سبحانه! والأصل أن أمعاءك تحفل بتريليونات الجراثيم المفيدة التي تساعدك على هضم الطعام (والتريليون هو مليون مليون)، كما أن بوسعك دعم هؤلاء الأصدقاء بإضافة غذائها أو المزيد منها لغذائك؛ أي: البروبيوتك الذي يرى بعض الأطباء أنه سيكون له دور في تدبير حالات كثيرة، ابتداءً من حب الشباب، وانتهاءً بالاكتئاب النفسي! وسأكتفي بمتغيرين حضاريين، هما البداية في خسارتنا لتلك الجراثيم الصديقة:
المتغير الأول: الإرضاع الصناعي:
يولد الطفل وأمعاؤه عقيمة خالية من أيِّ نوع من الجراثيم، وبعمر أربعة أيام، وتحديدًا عند أطفال الإرضاع الوالدي، تنمو زمرة البيفيدوبكتريا الصديقة، وتتكاثر في أمعاء الرضيع وتسود، الأمر الذي يتأخر قليلاً عند الخُدَّج (أي: المواليد قبل الأوان)، أما أطفال الإرضاع الصناعي فتنمو في أمعائهم جراثيم أخرى غير صديقة، وغالبًا ضارة، وللوقاية من ذلك كان الاهتمام ينصَبُّ على منع تلوث الحليب الصناعي أثناء التحضير أو الحفظ أو الإعطاء، ولكن المفاجأة جاءت من خلال دراسة إسبانية حديثة نسبيًّا (2009 م - 2010 م) أثبتت أن المسألة ليست مجرد تلوث الحليب الصناعي؛ فلقد كشفوا وجود الجراثيم الصديقة (البروبيوتيك) في حليب الأم! وبغيابها عند الطفل الذي لا يرضع من أمه تخلو الساحة لتكاثر الزمر الجرثومية السيئة التي تغدو ممرضة للطفل، سبحان الله! وخلَصُوا إلى أن وجود الجراثيم المفيدة في حليب الأم هو العنصر الدفاعي الأهم لحماية الرُّضَّع من الاضطرابات المعوية، حتى الخطرة منها، وهو ما يُحرم منه الذين يرضعون الحليب الصناعي، علمًا بأن كشف البيفيدوبكتريا الصديقة للإنسان في حليب الأم تم منذ عشرات السنين (في معهد باستور بفرنسا)، ولوحظ آنذاك سيطرتها على أمعاء الذين يرضعون من أمهاتهم، وفائدتها في علاج إسهالات الرضع، ويبدو أنه تم تهميش هذه المعلومة وقتها كيلا تمنع تداول الحليب الصناعي، أو تحدَّ من أرباحه، ثم بعد سنوات طويلة تركزت خلالها جهود الشركات المنتجة للحليب الصناعي على تكثير تلك الجراثيم في مخابرها[2]، نجحوا بإضافتها للحليب الصناعي لجعله أكثر شبهًا بحليب الأم، وهو ما قُدِّمَ لنا - كأطباء أطفال - على أنه إنجاز عظيم في المنظور الطبي والغذائي، وخلال تلك السنوات كان النبيت المعوي المجهري الحميد (الفلورا) لأجيال وأجيال من أطفال الحليب الصناعي العادي - منهم أمهات اليوم - في أسوأ حالاته؛ (لذلك يُنصحْنَ اليوم بتناول البروبيوتك خلال الحمل والإرضاع).
المتغيِّر الثاني: الولادة القيصرية:
إنَّ المتغيِّر الثاني شديد الأهمية في خسارتنا لهذه الجراثيم الصديقة التي سخرها الله لنا هو طريقة الولادة، فقد وجدوا أنه بعد الولادة الطبيعية تسيطر جراثيم "البيفيدوبكتريا" المفيدة على أمعاء المولود مقارنة مع طفل الولادة القيصرية الذي تنقص لديه بشدة، ولا يتساويان في هذا إلا بعد ستة أشهر من الولادة، كما وجدوا - بناءً على ما سبق - أن ابن القيصرية يتعرض للإسهال وأمراض الحساسية بأنواعها ثلاثة أضعاف ابن الولادة الطبيعية، لا سيما خلال تلك الأشهر الستة، وإن الولادات القيصرية اليوم في تزايد لافت، وغير مبرر - غالبًا - حسب الإحصاءات، منها على سبيل المثال: دراسة بيَّنت أن 40% من الولادات في لبنان - أي: قرابة النصف - هي قيصرية، وأكثرها يتم بطلب الأم؛ لتجنب ألم المخاض، وهو ما نسميه: "القيصريات الاختيارية أو الانتقائية".
وعوامل أخرى:
بعد مرحلة الطفولة الأولى تبرز العوامل البيئية المسيئة للتوازن الذي يحفظ البروبيوتك، ونذكر منها على سبيل المثال:
استعمال الصادات الحيوية غير المنضبط ولا المعتمد على رأي طبيب.
الإنتانات المعوية المتكررة والمزمنة، لا سيما الناتجة عن جراثيم ممرضة هي الأشد سوءًا؛ مثل: جراثيم المشافي، والجراثيم التي تصيب المسنين.
أنماط الغذاء غير الصحي، لا سيما الوجبات السريعة.
اعرف صديقك: وبناءً على ما سبق، لنحاول معرفة المزيد عن أولئك الأصدقاء، الذين نتجنب بفضلهم الجراثيم الممرضة، (على مبدأ: اعرف عدوك):
الغذاء الذي تعيش عليه الجراثيم الحميدة وتتكاثر في جسمنا بفضله:
بما أنها كائنات حية، فالجراثيم المفيدة بحاجة لغذاء، وهو يُسمَّى طبيًّا: البري بيوتيك (بفارق حرف واحد عن الاسم المصطلح للجراثيم التي تتغذى عليه، مما يُحدث لبسًا وأخطاء، خاصة في منشورات غير المختصين بالطب والغذاء، التي صارت تملأ الفضاء الإلكتروني)، وأساسه سكريات (كاربوهيدرات) منحلَّة وألياف غير قابلة للهضم تتوفر في بعض أغذيتنا؛ مثل: الحبوب الكاملة، والعسل[3]، والموز، والثُّوم، والبصل، والأرضي شوكي، وغيرها، ثم إن أرباب الصناعات الغذائية طرحوا منتجات تحوي غذاء تلك الجراثيم في مراكز البيع على أنها أطعمة صحية! وأنها تعدل بيئة أمعائنا، موفرة الشروط الملائمة لتكاثر النبيت الجرثومي الجيد (الفلورا المعوية) وتغذيته، وأنها... إلخ!
علمًا أن الحليب الصناعي المطوَّر بأصنافه الكثيرةيحوي عادة غذاء الجراثيم الحميدة وليس الجراثيم ذاتها، ما لم يؤكد لكم الطبيب غير ذلك[4]، فلَزِم التنبُّه.
عمل البروبيوتكس وفوائده:
إن القانون العام لعمله - كما تورده اللجان المختصة بالنص المذكور - هو أن "هذه المكروبات حيوية وأساسية لصحتنا وبقائنا، وهي عضو هام جدًّا في المنظومة الدفاعية عن الإنسان"، وأنَّ هذه الكلمة "البروبيوتك" التي وضعوها كمصطلح طبي مختصر تعبر عن ذلك؛ فهي منحوتة من جزأين: "برو" وهو جذر لاتيني بمعنى: لأجل، و"بيوتيك" من "بيوس" وهو جذر إغريقي بمعنى: حياة، فيصبح معنى المصطلح: "لأجل الحياة".
أما آلية ذلك العمل، فإنَّ الجراثيم الحميدة تعمل بمنافسة الجراثيم السيئة بعدة آليات سلَّحها البارئ بها سبحانه، كأن:
تأخذ غذاءها.
تمنعها من الالتصاق على بطانة الأمعاء.
تفرز موادَّ تصنع وسطًا حمضيًّا غير مناسب للجراثيم الممرضة، بينما هو مناسب لها كجراثيم صديقة.
تفرز مواد تقتلها.
تقوم بتقوية الحاجز المعوي المقاوم لاجتيازها.
وهناك آليات أخرى ما زلنا نجهلها.
وفيما يلي أهم هذه الفوائد المثبتة بالدراسات العلمية والتجربة السريرية للـ: "بروبيوتك":
أولاً: على مستوى جهاز الهضم:
1- يقوم عمل الجراثيم الصديقة هنا على دعم التغذية السوية بتحسين عملية الهضم.
2- وهي تفيد في إنقاص شدة الإسهالات والاضطرابات المعوية بأنواعها، وربما علاجها والوقاية منها، وبوجه خاص: - إسهال الرضع - إسهال السفر وتغير البيئة - الإسهال التالي للصادات (الأنتيبيوتيك)، حيث يخففه ويعالجه بنسبة (70 %) - التهاب الأمعاء بالفطور، لا سيما المعروفة بالكانديدا أو المبيضات البيض - وأخيرًا إسهال المسنين الذي قد يزمن ويصعب ربطه بعامل ممرض محدد؛ ذلك أن الجسم البشري يخسر المزيد من البكتريا الصديقة (والبيفيدوبكتريا بشكل خاص) مع تقدم السن.
ثانيًا: منظومة الدفاع العامة وجهاز المناعة:
يساهم البروبيوتيك في تحريض المناعة الموضعية والعامة للإنسان، ولقد وجد أنه يساهم ببرمجة الكريات البيض اللمفاوية المنجدة ضد الكائنات الممرضة منها والمحسسة لنا، ومن الفوائد المرتبطة بتلك الميزات:
أنه يقاوم الغزو الجرثومي المعوي - كما ذكرنا، وغير المعوي؛ مثل: فائدته في الإقلال من نخر الأسنان، وفي تخفيف شدة الأنفلونزا أو الوقاية منها، والوقاية من الفطور في عموم الجسم، وكذلك من الالتهابات البولية، وهو يقلل نسبة النكس في سرطان المثانة، والإصابة بسرطان الكولون، كما ينقص الأمراض التحسسية بكل أنواعها، بما فيها الربو والأكزيما الطفلية، وبينت الدراسات أنه من المفيد إعطاء البروبيوتك خلال الحمل، وتمت في إحداها مقارنة مجموعتين من الأمهات الحوامل، فنقصت الإصابات التحسسية بما فيها الربو عند أبناء الأمهات اللاتي أعطين برو بيوتك، ناهيك عن إنقاصها لدى إعطائه للأطفال أنفسهم فيما بعد.
ثالثًا: فوائد أخرى:
منها علاج سوء الهضم المزمن، وضبط السكر والكولسترول، وتحسين جريان الدم، والمساعدة على خفض ضغط الدم (تموز 2014)، والمساهمة في معالجة البدانة، كما في دراسة حديثة (كذلك 2014) من جامعة مانيتوبا في كندا (لجاكلين عمر) بينت أن الذين تناولوا لبنًا غنيًّا بالبروبيوتك خسروا 3-4% من شحوم جسمهم بعد أخذه يوميًّا لستة أسابيع، وهنالك المزيد من الفوائد والدراسات، مما يحسن التعامل معه بحذر.
مصادر الجراثيم الصديقة (أو البروبيوتك):
وأهمها مجموعتان: أ] المتوفرة في الأغذية الطبيعية، ب] المصنعة من قبل شركات الدواء والغذاء.
أ] المصادر الطبيعية للبروبيوتك:
إن أهم غذاء يحوي الجراثيم المفيدة هو حليب الأم - كما أشرنا، منحة من البارئ تناسب هشاشة الطفل أول سنتين من العمر، وتسدُّ إلى حدٍّ كبير حاجته الماسة للعناصر الدفاعية ضد الجراثيم الممرضة، والواقية من أمراض الحساسية، علمًا أن حليب الأم يضمهما معًا (البري والبرو: الجراثيم الصديقة وغذاءها)، سبحان الله وبحمده!
والمصادر الأخرى بالنسبة لجميع الأعمار: أهمها اللبن الرائب، وهو غذاء مثالي؛ لأن فيه - أيضًا - كلاًّ من البري والبروبيوتك؛ أي: الجراثيم الحميدة وغذائها في آنٍ، واسمه علميًّا الحليب المحمض بالجراثيم اللبنية، كما سماه متشنكوف[5]، ومن مرادفاته: الزبادي واللبن العيران، ومعه في هذه الميزة كل مشتقاته، والأغذية المصنوعة منه أو على شاكلته، كبعض الأجبان، واللبن الـمُـصَفَّى، ويسمى لبنة (ونفس اللفظ لهذا المعنى تجده بالفرنسية)، وكل ما يحضر أو يطبخ باللبن الرائب؛ مثل: الكبة اللبنية (شام)، والجريش الخليجي باللبن الطازج، كذلك تحويه المخللات بأنواعها، وما يشبهها، وكل طعام نِيء مُروب (أو محفوظ بطريقة التخلل)، ويذكرنا علماء التغذية الغربيون الذين لا يشجعون إعطاء البروبيوتك الصنعي بأن هذه الأنواع من المصادر الطبيعية للبروبيوتيك تتشابه بكونها بقيت تشكل أحد المكونات الأساسية لغذاء البشر لعدة آلاف من السنين، قبل أن تتغير عاداتنا الغذائية للأسوأ، ثم نهرع باحثين عن بدائل صنعية، سبحان الله[6]! ومن الأمثلة عليها: أغذية تقليدية؛ مثل: الأقط الخليجي (وهو لبن محمض يجمد)، الجميد الأردني، الشنكليش الحمصي، المكدوس الشامي[7].
ب] البروبيوتك الصنعي: وهو يستعمل كدواء، أو مكمل غذائي، حين يدمج مع بعض الأغذية، ولا بد من التنبيه إلى أن الأمر دقيق وحساس، وهناك شروط دولية صارمة لاستنبات الجراثيم الحميدة وحفظها ونقلها، ويجب إثبات أن المستحضر بقي حيًّا حتى تاريخ الانتهاء المسجل على العبوة، وأن الجراثيم (المكروبات) فيه مفيدة لمن يتناولها وبالكمية المحددة، وأنها سليمة ومقاومة لحموضة المعدة والصفراء، وهي من مصدر بشري [ش]، تلك الشروط ليس من المؤكد تحققها في كل ما بين أيدينا من منتجات تغرق الأسواق، ويـُزعم أنها بروبيوتك، أو أنها تحويه، ويؤكد اختصاصيو الأمراض الهضمية (أنَّ بعض أصناف "البروبيوتيك" أفضل بكثير من غيرها، وأن أفضلها هو الطبيعي)، وحتى في حال منتج موثوق، إلا أن هنالك إجماعًا على مسؤولية الطبيب، وتلزم الشركات بطبع عبارة: "اسأل طبيبك لتكون على ثقة أن هذا المنتج مناسب لحالتك"، مما جعل أكثر الأطباء يُحجمون عن تبنِّي صنف بعينه[8]، وحتى بوجود بعض الأمراض فإن من مصادرنا الغذائية للجراثيم الحميدة ما يغنينا عن المنتج الصنعي لها، بل هي قد تغنينا عن الأدوية التقليدية، وأقرب مثال: علاج أجدادنا للإسهال باللبن الرائب (بروبيوتك)، وكما أقول لأمهات أطفالي بعد أن أوجز لهن فكرة المصطلح الحداثي - الموضة -: "لقد أعادوا للبن - أي: الرائب - أمجاده"، وأقصد بداهة العادي المتوفر منه (وحتى المحضر منزليًّا)، وليس ذلك المعامل بالإضافات الصنعية، إضافة لاحتواء الحمية التقليدية في الإسهال على الموز والبطاطا (وهي "بري بيوتيك" كما ذكرنا؛ أي: غذاء الجراثيم الحميدة الذي يدعم تكاثرها في أمعاء المصاب)، ناهيك عن النصيحة النبوية - تطبيقًا للآية القرآنية - بعلاج الإسهال بالعسل الذي يمثل أنفس وأحسن مصدر لغذاء تلك الجراثيم الصديقة، وتبقى حالات خاصة يستعين فيها الطبيب بالشكل الدوائي الصنعي للجراثيم الحميدة بعد أن ذلل لنا الله تعالى سُبُل صنعها وتداولها، وعلَّمنا متى وكيف نصفها لمرضانا، لا سيما في طب الطفل.
وفي الختام، عسى أن نتذكر - في عود على بدء - أن الهدف من تقديم هذا البحث هو أن نتعرف على إحدى نعم الله تعالى المعجزة في أنفسنا وفيما حولنا، ونعترف كم نخسر إذ نخلُّ بالبيئة الداخلية لأجسامنا في عصر الوفرة الكاذبة، وزمن التنكر للنعم التي حبانا الله تعالى بها، ونعود للبحث عن أصدقائنا القدامى الذين سخرهم الله تعالى لنا من خلال المصادر الطبيعية البسيطة التي في متناولنا، الحمد لله.


[1] عذرًا من الإخوة القراء، فهنالك مصطلحات لا تقابلها كلمة عربية، فنشرحها بعبارة، مثل: "الفلورا" المعوية: وتعني النبيت الجرثومي السوي في الأمعاء، والبرو والبري بيوتك وتم شرحها في سياق البحث، ونحتوا مصطلح السن بيوتكس: synbiotics للدلالة على الأطعمة التي تحوي كلاًّ من البري والبرو بيوتك (الجراثيم المفيدة وغذائها).
[2] يقال: إن هنالك ثلاث نقاط فقط معتمدة وموثوقة على مستوى العالم تمثل المصادر الرئيسية للجراثيم الحية الصديقة، والمأخوذة من أمعاء أطفال صغار أصحَّاء يرضعون إرضاعًا والديًّا؛ حيث يتم تكثيرها والحفاظ عليها حية، وتصديرها لمصانع فرعية في أنحاء العالم؛ لتصنع كمادة دوائية منفصلة، أو تضاف مكملات غذائية.
[3] والعسل - كما نعلم - يضم مئات العناصر المفيدة في علاج الإسهال وغيره من الأمراض، ليس البريبيوتك إلا فردًا يضاف لها.
[4] نشير إلى أن موضوع البروبيوتك يتسع بسرعة فائقة، مما يتطلب الحذر في تلقي كل ما ينشر عنه، ويكفي أن نعلم أن جمعية سلامة الطعام الأوربية قد رفضت مائتين وستين (260) ادِّعاءً حول فوائد البروبيوتك؛ لقصور الدراسات المتعلقة وعدم كفايتها، كما أن التشكيك يتزايد ببعض المنتجات المطروحة، وعلى الأقل فالمنتج يجب أن يكون سليمًا وفعَّالاً كما ذكرنا، الأمر الذي يقتضي مقاربة مسؤولة من كل من المنتج والمستهلك.
[5] ولد "إيلي ميتشنكوف" 1845 م، وتوفي في 1916 م، وهو من افترض إمكانية تعديل فلورا الأمعاء واستبدال ميكروبات نافعة بالميكروبات الضارة، وقد استعمل ميتشنكوف بنفسه الحليب المحمض بهذه البكتريا، وسماها وقتها (العصيات البلغارية)، ووجد أن صحته قد تحسنت، وبدأ الأطباء بعدها بوصف الحليب المحمض كنظام غذائي لمرضاهم.
[6] ويسمى في بلاد الشام: اللبن، وتجد باختلاف المناطق أطعمة شعبية وشديدة التنوع والغنى بالبروبيوتيك، المؤسف أن بعضها يُتخذ مادة للسخرية في الإعلام - ما يسمى فنًّا، بينما هي من الثروات الغذائية، وخلاصة خبرة أجيال، وستتحول السخرية إلى إعجاب إذا وضع: "أقط" أو "شنكليش" على أرفف الغذاء الصحي في سوبر ماركت، وكتب عليها مثلاً: 70% بروبيوتيك.
[7] وهنالك أطعمة وأشربة محلية لكل منطقة أو بلدة، تعتبر مصدرًا للبروبيوتك، ولمن لا يعرف ما هي الأغذية المذكورة، فهي موجودة في محركات البحث، ولم أكن أتوقع أن أجد بعضها في الويكيبيديا وغيرها؛ [مثل قولهم: الشنكليش: هو نوع من الأجبان أو الألبان المحفوظة بالتجفيف، يعتبر من المقبلات السورية واللبنانية؛ حيث يقدم باردًا بعد إضافة زيت الزيتون، البندورة، والبصل إليه، وقولهم: الأقط لبن محمض يجمد حتى يستحجر، ويطبخ أو يطبخ به].
[8] قالت (دشيرا دورون) - المساهمة في أبحاث البروبيوتك في المركز الطبي في بوستن -: نحن نعلم أنه لا يوجد صنفان من البروبيوتك يعملان بنفس الشكل؛ لذلك فأنا لا أستطيع أن أقول لمريضي: "اذهب واشتر الماركة كذا، فقد تبين فعاليتها في دراسة كذا".
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.45 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.65%)]