المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-10-2019, 12:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم

المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم




د. سناء محمد يوسف محمد أحمد(*)



ملخص البحث:


للعرف السائد في المجتمع تأثير على مجريات الأمور فيه, وغالبا ما يكتنف هذا العرف مفاهيم خاطئة, لا تتفق مع شرع الله سبحانه, فضلا عن أن آثارها الضارة على سلوك المتمسكين بهذا العرف, ينذر بأوخم العواقب في الدنيا والآخرة, بما يمثل تطبيقه من سلوك غير سوي, ومعصية دائمة للمتمسكين به, والداعين إليه, ولذا كان هذا البحث الذي يجلي حقيقة العرف الذي أقره الشرع, واستمداد هذا العرف, كما يبين أثر المفاهيم الخاطئة للعرف على المجتمع المسلم.

Abstract:


The norm in society influence the course of events in, and often the custom include misconceptions, not in accordance with the law of God Almighty, as well as the adverse effects on the adherents of the behavior of this custom, foreshadowing Bookhm consequences in this world and the hereafter, including an application of non-behavior Sui, permanent and disobedience to maintain it, and those who call him, and so it was this research that shows the reality of custom which was approved by Islam, and derive this custom, also shows the impact of the misconceptions of the Muslim community knew

المقدمة:


الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم, وجعل منه نسله وذريته لعمارة الكون والصلاة والسلام على خير الأنام محمد بن عبد الله. لما كان الإنسان يتفاعل مع غيره ولا يستطيع أن يعيش منعزلاً فهو يؤثِر ويؤثر عليه, ويضع بصماته على الآخرين بالسلب أو الإيجاب والعكس كذلك, لأن الحياة تحتاج إلى ذلك, ففي هذا الاحتكاك الطبيعي للبشر تتغير الطباع والأخلاق والأهواء والأمزجة, وبالتالي تتغير الأحوال والعادات, لذا كان إرسال الرُسل والأنبياء, ولما كانت القلوب تصدأ وجلاؤها بالإيمان, والإيمان يزيد وينقص, ويحتاج إلى التذكير والتواصي, والمؤمن مرآة أخيه, ورحم الله امرؤ أهدى إلى الناس عيوبهم, والدال على الخير كفاعله, فكل هذه المتغيرات مثل الكائن الحي, يحتاج إلى رعاية واهتمام ورقابة ومتابعة, وإلا نضب. فالتغيير الذي يحدث في المجتمع من هذا الحراك الطبيعي كان الدافع وراء اختيار هذا البحث, لدراسة بعض الظواهر السلبية في المجتمع, التي نتجت من هذا التفاعل والاجتماع البشري, وتوضيح الفرق بين العبادة والعادة.

ومما لاشك فيه أن أخص خصوصيات الدين هو العيد, لذا جاء الكلام عن الأعياد, كما أنها شعيرة من الشعائر (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج: 32), ولما كان الكثير من الناس يعللون سلوكياتهم وتصرفاتهم فيها بأنها عادات وتقاليد, حتى اختلطت العبادة والعادة عند غالب الخلق إلا من رحمه ربه -والله المستعان- ـفجاء هذا البحث لتوضيح هذه المفاهيم الخاطئة, هذا ما تهيأ إعداده, فإن أصبت فمن المولي عز حمده وسلطانه, وإن أخطأت فمني ومن الشيطان, ويأبي الله إلا أن يكون كتابه كاملا,(ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) (البقرة:2)

حدود البحث:

1- وضع ضوابط وحدود للعُرف والعادة.
2- دراسة لخمس أعياد مُحدثة.
3- هل يجوز مشاركة الكفار في أعيادهم ولو على سبيل الترفيه ؟.
وكانت خطة البحث كالتالي:
المبحث الأول: تعريف العرف, وينقسم إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف العرف في اللغة

المطلب الثاني: تعريف العرف عند العلماء

المطلب الثالث: تعريف العادة عند العلماء
المبحث الثاني: العرف مصدر من مصادر التشريع, وبه مطلبان:
المطلب الأول: الأئمــــة والعرف.
المطلب الثاني: دور البيئة في تكوين الإنسان.
المبحث الثالث: دراسة للظواهر السالبة في المجتمع التي لها صلة بالأعياد, ويحتوي على مطلبين:
المطلب الأول: أعياد الميلاد -رأس السنة- والحب, وعيد الأم, وعيد الزواج, وبه خمس مسائل.
المطلب الثاني: المولد النبوي الشريف وبه مسألة واحدة.

الخاتــمة: وتشمل أهم النتائج والتوصيات.


المبحث الأول

التعريف بالعرف والعادة

المطلب الأول: تعريف العرف عند أهل اللغة

1- عرفته معرفة وعرفاناً, عُرف الرجل فهو معروف, والمعروف ضد المنكر والعرف ضد النُكر. والعرف الاسمُ من الاعتراف. 1
2- المعرفة والعرفان: إدراك الشيء بتفكر وتدبر, فهي أخص من العلم, ويضاده الإنكار, ويقال فلان يعرف الله ورسوله ولا يقال يعلم متعدياً إلى مفعول واحد؛ وأصله من عرفته أي أصبت عرفه: أي رائحته أومن أصبت خده فهو عارف وعريف وعروفه, يعرف الأمور ولا ينكر أحداً رآه2.

المطلب الثاني

تعريف العادة عند العلماء

1- عرفه الجرجاني: ما استقرت النفوس بشهادة العقول وتلقته الطبائع القبول وهو حجة أيضاً, لكنه أسرع إلى الفهم وكذا العادة هي ما استمر الناس عليه على حكم العقول وعادوا إليه مرة بعد أخرى3.
2- قال النسفي: ما استقر في النفوس من جهة العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول.
3- ابن عابدين: العادة مأخوذة من المعاودة, فهي بتكررها ومعاودتها مرة بعد أخرى صارت معروفة مستقرة في النفوس والعقول, متلقاة بالقبول من غير علاقة ولا قرينة, حتى صارت حقيقة عرفية, فالعادة والعرف بمعني واحد.

4- ما تترك به الحقيقة, دلالة العرف قولا والعادة فعلاً, أو يفرق بينهما بأن تكون العادة في الأفعال والعرف في الأقوال.
5- العادة الأمر المتكرر من غير علاقة عقلية 4.
المطلب الثالث

تعريف العرف عند العلماء

1- تعريف الشوكاني: قوله تعالي: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)(الأعراف:199) أي بالمعروف, والعرف والمعروف والعارفة كل خصلة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس. ومنه قول الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
2- ذكر الإمام القرطبي عدة تعريفات: العرف كل ما يعرفه الشرع. قال عطاء: أمر بالعرف بلا إله إلا الله.
3- العرف المعروف في الشرع بالأمر به أو الندب إليه.

4- المعروف والعارفة: كل أمر عرف أنه لابد من الإتيان به, ويكون وجوده خيراً من عدمه.

5- اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس.
6- الأمر المتكرر من غير علاقة عقلية وهو العرف العملي؛ كأكل البُر والعرف القولي؛ كإطلاق لفظ الحمار على الدابة والدرهم على النقد5.
يتضح مما سبق أن العرف والعادة كلمتان مترادفتان؛ فهما صنوان وكل منهما أمر محمود ألفه الناس زماناً.

المبحث الثاني


العرف مصدر من مصادر التشريع


وردت كثير من الأدلة في القرآن والسنة تؤكد أن العُرف مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية على سبيل المثال
1- قال تعالى (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة:233),قال تعالى ( فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ)(البقرة:178).
وجه الاستدلال بالآية الأولي: أن رزق وكسوة المولود تكون بالعرف والآية الثانية جاءت في ختام آية القصاص لمن كان له الفضل فعليه أن يؤديه بالمعروف.
2- جاء الإسلام في المجتمع الجاهلي, بأحكام وقواعد ومبادئ لم تكن موجودة, لذا كان غريب الوجه واليد واللسان, بدأ بالتدرج والرفق والمرونة في سريان وتطبيق الأحكام حتى يتقبلها الناس, وراعي أحوال وعوائد الناس؛ أقَر بعض الأعراف التي تتماثل مع الدين الحنيف مثل: الدية والقسامة, وأنكر ومنع بعضها على الفور؛ مثل: الشركيات القولية أو الفعلية ووأد البنات, لأنها لا تحتمل التأجيل, ومنع وحرَم على التراخي؛ الربا والخمر, لأنها عادات سائدة ومستوطنة منذ فترات بعيدة, فجاء التحريم على مراحل, ولم يأت دفعة واحدة. لذا كان لابد من مراعاة تلك الإلفة, ولو حرمت على الفور أحدثت حرجاً ومشقة؛ وهذا من سماحة الدين ومرونته وقد وردت أدلة كثيرة تؤكد ذلك منها: قوله تعالى: ( يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) (النساء:28), (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ)(المائدة:6), وقال (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة:185).

3- وأقرّ بعض الأعراف مع وضع الضوابط, مراعاة لحاجة الناس إليها, مثل: عقد السلم أو السلف, فلما قدم النبي e المدينة وجدهم يسلفون في ثمار السنة والسنتين والثلاث فقال "من أسلف فليسلف في كيلٍ معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم"6

4- وعن ابن عباس م قال "حرم الله مكة, فلم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي, أحلت لي ساعة من نهار, لا يختلي خلاها, ولا يعضد شجرها, ولا يُنفر صيدها, ولا تلتقط لقطتها إلا لمُعرِف, فقال العباس t إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا, فقال إلا الإذخر"7, حيث استثني الإذخر, مراعاة للأعراف وعوائد المجتمع, حيث إنهم يستخدمونه في سقف البيوت, وفي المقابر.

وبأقوال وأفعال الرسول يعتبر العرف أو العادة مصدرا من مصادر التشريع. وقد سار الفقهاء على هذا الاعتبار, وصاروا يستخدمونه في كثير من المسائل الفقهية, ومن أهميته وضعوا قواعد فقهيه تختص به مثل:

1- العادة محكمة: من القواعد الكبرى الهامة, والمقصود منها: أن العادة مرجع عند النزاع, ويثبت بها الحكم الشرعي عند عدم قيام النص والدليل, ولها أمثلة وفروع كثيرة, منها: مقادير الحيض والنفاس والطهر, والحرز في السرقة, وكيفية التفرق في خيار المجلس, والقبض والتقابض في المبيع, ورده بسبب العيب, والاستيلاء في الغصب, وتحديد سن البلوغ وغيرها.8
2ــ كل ما ورد به الشرع مطلقاً ولا ضابط له في الشرع ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف: مثل: إحياء الموات والتفرق في المبيع والهدية للقاضي....الخ, وهي فرع من القاعدة السابقة.

3- المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً: ولها مسميات مثل: المعروف عرفاً كالمشروط شرعاً, والثابت بالعرف كالثابت بالنص, والمعروف بالعرف كالمشروط باللفظ, مثل ما لو أعار شخص دابة مطلقاً, لم يكن للمستعير أن يركبها بخلاف المعتاد المتعارف, وإلا ضمن إن كان خلاف المعتاد.

4- التعيين بالعرف كالتعيين بالنص: إذا عمل عامل عملاً لآخر ولم يحددا الأجرة, فإذا كان العامل يعمل بالأجرة عادة, دفع صاحب العمل أجرة المثل عادةً أو عرفاً.
5- الممتنع عادة كالممتنع حقيقة: من ادَعي من عُرف بالفقر لمن عُرف بالغني أنه استدان منه لا تُسمع الدعوي, كأن استقرض منه أو باعه المال الفلاني, فإنه لا تسمع دعواه, لأن إقراره ودعوته بناهما على سبب مستحيل عادة.
لا يُنكر تغير الأحكام بتغير الأزمان: إنَّ الأحكام الَّتِي تتغير بتغير الأزمان, هي الأحكام المستندة من العرف والعادة؛ لأنه بتغير الأزمان تتغير احتياجات الناس, وبناءً على هذا التغير يتبدل أيضا العرف والعادةً, وبتغيرهما تتغير الأحكام. بخلاف الأحكام المستندة على الأدلة الشرعية التي لم تبن على العرف والعادة فإنها لا تتغير, فمثال الأحكام التي تتغير: شراء الدور, ففي القديم إذا اشتري أحد داراً اكتفي برؤية بعض بيوتها, وعند المتأخرىن (الآن) لابد من رؤية كل دار منها على التفصيل, وهذا الاختلاف ليس مستندا إلى دليل, بل هو ناشئ عن اختلاف العرف والعادة في أمر الإنشاء والبناء؛ لأن في القديم كانت العادة في إنشاء البيوت أن تكون جميع البيوت متساوية, فهذا يغني عن رؤية سائرها. وفي هذه المسألة وأمثالها حصول علم كاف بالمبيع عند الشراء, ومن ثم لم يكن الاختلاف.

7ــ العرف الذي تحمل عليه اللفظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخر: فلو أقر بألف في بلد دراهمه ناقصة, لزمه الناقصة في الأصح, للعرف, لأن البيع معاملة والعادة الغالبة إنما تؤثر في المعاملات. وقيل: تلزمه وافية لعرف الشرع, ومن فروع هذه القاعدة: مسألة البطالة, فإذا استمر عرف بها في أشهر مخصوصة, حمل عليه ما وقف بعد ذلك, لا ما وقف قبل هذه العادة.9

وحتى تكون العادة أو العرف حكماً ومرجعاً لإثبات حكم شرعي, يجب أن تتوافر لها الضوابط والشروط التالية:
1- أن تكون مطردة أو غالبة, فلا عبرة للعادة المضطربة, ولا للأحكام الفردية.

2- أن يكون العرف موجودا وقت التلفظ؛ بأن يكون سابقا,ً أما الأحكام الطارئة والمنشأة وقت الحكم فلا اعتبار لها, لأن العرف مجموعة أحكام ألفها الناس زماناً.

3- أن لا يخالف العرف نصوص الشرع.10
المطلب الأول

الأئمـة والعــرف

عمل كثير من الفقهاء بالعرف, وهذه أمثلة لبعض منها:
1- المذهب الحنفي: لو حلف لا يكسو فلاناً ثوباً, فوهب له ثوباً حنث, لأن هذا اللفظ يتناول تمليك الثوب لا إلباس الثوب إليه, وكفارة اليمين تتأدى بكسوة عشرة مساكين, وذلك بالتمليك دون الإلباس, ويقال في العادة: كسي الأمير فلانا, إذا ملكه, سواء لبسه أم لم يلبسه (...لا يجوز الإذن في التجارة إلا أن يكون عُرفاً أو عادةً فإذا وقع يحمل على المتعارف... وكما يراعي العرف في الوكالات يراعي في الأثمان.... تخصص الوكيل بالبيع بالنقد بدليل العرف...)11

2- المذهب المالكي: استشهد بقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ) (البقرة:233) قال الإمام مالك: الرضاعة في حال الزوجية عرف يلزم المرأة كالشرط, إلا أن تكون شريفة ذات ترفهٍ فعُرفها ألا ترضِع, وذلك كالشرط؛ فالآية وردت للعموم, وقد خصصها الإمام مالك بالعادة.12

3- الإمام الشاطبي: توسع في هذه المسألة, لما كان التكليف مبنياً على جلب المصلحة ودرء المفسدة, كان لابد أن ينبني على استقرار عوائد المكلفين, طالما كانت لا تخالف الشرع. والتشريع جاء بأحوال هذا الوجود على أنها ثابتة غير مختلفة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, مثل الإخبار عن السموات والأرض وما بينهما, والتصاريف والأحوال, وأن سُنة الله لا تبديل لها ولا تبديل لخلق الله, وقسّم العوائد المستمرة إلي:

- العوائد الشرعية التي أقرها الدليل الشرعي أو نفاها, إما حسنة أو قبيحة, فلا تبديل وإن اختلفت آراء المكلفين فيها, فلا يقلب الحسن قبيحا ولا العكس, فلا يقال مثلاً: كشف العورة ليس بعيب أو قبيح.

- والعوائد الجارية بين الخلق التي ليس فيها دليل شرعي بالنفي أو الإثبات؛ وقد تتبدل هذه العوائد الثابتة إلي:
أ- ما يكون التبديل من حسن إلى قبيح والعكس, مثل كشف الرأس فإنه يختلف حسب البقاع.
ب- التعبير عن المقاصد, فتنصرف العبارة من معني إلى معني آخر, مثل: أرباب الحرف والصنائع, فإن لكل منهم عبارات تخص كل مهنة, وكذلك غلبة الاستعمال في بعض المعاني مثل: الذي يجري في الأيمان والعقود والطلاق كناية وتصريحاً.
ج- ما يخص الأفعال في المعاملات ونحوها, مثل: النكاح من تقسيم المهر مثلاً إلى مقدم أو مؤخر أو قبضه قبل الدخول أو بعده, أو يأخذه الأب وينفقه في مراسم النكاح, وغير ذلك من العوائد التي تختص بالنكاح, فالحكم جار حسب الفقه, وكذلك في البيوع مثل: كيفية الإيجاب والقبول, ونحو ذلك في سائر المعاملات.
د- أمور خارجة عن المكلف مثل: سن البلوغ والحيض, فيكون حسب عوائد الناس أو عادة المرأة أو قرابتها.
هـ- أمور خارقة للعادة؛ كبعض الناس له خوارق, فالحكم ينزل على مقتضي عادته الجارية له أو المطردة, كالبول والتغوط من جرح, فالمعتبر جهة الشرع, وعليها تنزل أحكامه, ولولا أن اطراد العادة معلوم لم يعُرف الدين من أصله, ولا اعترف بالنبوة إلا بواسطة المعجزة, ولا معني للمعجزة إلا إذا خرقت العادة؛ ولا يحصل فعل خارق للعادة إلا بعد تقرير اطراد العادة في الحال والاستقبال أي في السابق, وهذا من شروط وضوابط العادة.

وقد جاء الشرع بأمور معتادة جارية على أمور معتادة, لأن الشرع جاء لاعتبار المصالح, ولو لم يكن اعتبار العادات لأدي إلى التكليف بما لا يطاق, وهذا مستحيل شرعاً, والأصل في العبادات التوقف إلا بإذن من الشارع, لأن العبودية لله خالصة ولا تنصرف إلى غيره وإلا بطلت, والأصل في العادات الالتفات إلى المعاني, فإذا وجد فيها التعبد فلا مجال فيها للعقول, ولابد من التسليم والوقوف مع النصوص, مثل توفر أركان النكاح والذبح في المحل المخصوص, والفروض المقدرة في المواريث وأنصبة الزكاة, وغيرها مما لا دخل للعقل والعرف فيها, ورغم أن الشرع وضع اعتبار العادة لمصالح الناس, إلا أن العادات حق لله من جهة أنها يجب أن لا تخالف الشرع, وأن يعمل المكلف لمرضاة الله تعالي, ومن جهة وجه الكسب والانتفاع.13

4- المذهب الشافعي: اختلفت فتاوى الإمام الشافعي -المذهب القديم- عندما رجع إلى مصر-المذهب الجديد- بناءً على أعراف وعادات مصر مثل: إن أجرّ عبده مدة ثم اعتقه في أثنائها صحّ العتق, ولم يبطل عقد الإجارة, ولا يرجع العبد على مولاه بشيء -هذا في المذهب الجديد- وقال في القديم: يرجع على مولاه بأجر المثل, لأن المنافع تستوفي منه بسبب كان من جهة السيد, فرجع به عليه بعد عتقه على ذلك العمل. 13
5- المذهب الحنبلي: من شروط المسح على العُمامة, أن تكون ساترة لجميع الرأس إلا ما جرت به العادة, مثل الأذنين ومقدمة الرأس وشبههما من جوانب الرأس, لمشقة التحرز وجريان العادة به, و"وإن اكتري أرضاً غرقة لا يمكن زرعها قبل انحساره وقد ينحسر, فالعقد باطل لأن الانتفاع بها في الحال غير ممكن, ولا يزول المانع غالباً, وإن كان ينحسر عنها وقت الحاجة إلى الزراعة, كأرض مصر في وقت مد النيل صح العقد, لأن المقصود متحقق بحكم العادة المستمرة, وإن كانت الزراعة فيها ممكنة ويخاف غرقها والعادة غرقها, لم يجز إجارتها, لأنها في حكم الغارقة بحكم العادة المستمرة "14

6- الإمام ابن قيم الجوزية: اعتبر العادة مصدرا تشريعيا, نلمس ذلك في كثير من الفتاوى والمسائل الفقهية, بل بوًب فصولاً وسمًاها "تغُير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد", وأضاف إن هذا الفصل عظيم النفع وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة, أوجب من الحرج والمشقة, وتكليف ما لا سبيل إليه, فالشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد؛ وضرب أمثلة كثيرة منها:
1- مما يتغير به الفتوى لتغير العرف والعادة موجبات الأيمان والإقرار والنذور وغيرها؛ إذا حلف أن لا يأكل شيئا معينا أو يركب دابة, فتكون الفتوى لكل شخص حسب عرف وعادة بلده, أي لا تكون فتوى واحدة تلزم الحنث لجميع من حلف. فكل بلد له عرف وعادة تخصه, ولا ينبغي للمفتي أن يفتي بفتوى بلده, بل يسأل المستفتي عن عرفه؛ فهذا هو الحق الواضح, ولا تجمد على المنقول, لأنه ضلال في الدين وجهل بروح ومقاصد الشرع, ومن أفتي بعرفه وعادته وقرائن أحواله ومكانه وزمانه, فقد ضلَ وأضل, وكانت جنايته على الدين أعظم.

2- إذا رأينا رجلاً مكشوف الرأس وليس ذلك عادته وآخر هارباً أمامه بيده عمامة وعلي رأسه عمامة, حكمنا له بالعمامة التي بيد الهارب, قطعاً بالقرينة الظاهرة التي هي أقوي من الاعتراف.

3- العادة جارية بين الأزواج بترك المطالبة بالصداق إلا بالموت أو الفراق, فجرت العادة مجرى الشرط. وذكر النبي في أكثر من رواية "المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحلً حراماً أو حرًم حلالاً", "أن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج"15 "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق "17, 16

فيتضح مما سبق أن العرف ضربان:
1- عُرف عملي وهو ما يتعلق بالمعاملات والعقود.

2- عُرف قولي أو لفظي, مثل: إطلاق لفظ "الولد" على الذكر دون الأُنثى عرفاً, خلافاً للغة, فقد قال الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ)(النساء:11), ولفظ "اللحم"علي سائر اللحوم دون السمك, وقد جاء في قوله (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا) (النحل:14), ولفظ "صُعلوك" وهو الذي لا مال له فقد قال (...أما معاوية فصُعلوك لا مال له.. الحديث)18, وجرت العادة في بعض الأماكن بأن معناها: الأمر يتعلق بسوء السلوك, السودان مثلا, وكل من النوعين يتعلق بطائفة أو إقليم أو أصحاب صناعة ومهنة بعينها, فيكون خاصا بكل واحدٍ منهم على اختلاف بيئاتهم وأماكنهم وزمانهم.

المطلب الثاني

دور البيئة في تكوين الإنسان

الاجتماع ضروري للفرد؛ لأن الله سبحانه خلق الإنسان وركبه على صورة, لا يستطيع أن يستغني عن متطلبات, فهو يحتاج إلى الدواء والغذاء والكساء, وغيرها, فلابد من الخلطة, لأن قدرة الفرد قاصرة أن يدبر كل احتياجاته بمفرده, وهذا المقصود من كلام العلاٌمة عبد الرحمن بن خلدون "الإنسان مدني بطبعه", أي لابد من الاجتماع الذي هو المدنية -العمران- والحكمة الربانية في خلق الناس ليست على درجة واحدة, وقدرات متباينة, ومواهب مختلفة, لأنهم يحتاجون إلى بعضهم البعض, فلابد من النسيج الاجتماعي, قال تعالى: ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف:32). والإنسان لا يستطيع أن يعيش في عزلةً من الناس, ولا خير فيمن لا يألف ويؤلف, ولما كان الاحتكاك طبيعي والعزلة مستحيلة, فلم يبعث نبي إلا في منعة من قومه, فلابد من العصبية, فإذا كان ذلك حال الأنبياء في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب, وهم المؤيدون من الله فالبشر من باب أولي, ولو شاء لأجرى ذلك بقدرته وسلطانه, ولكنه سبحانه أجرى الأمور على مستقر العادة, والواقع يدل على ذلك, فكل من بني رئاسة أو ملكا أو دولة لم يتم بمفرده, لأنه لابد من البشر والالتحام وهي سنة الله في الكون.19

وقد أوصي الإسلام بالبطانة قال (إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمُره بالمعروف وتنهاه عن المنكر, وبطانة لا تألوه خبالاً في إفســـاد أمره, ومن يوق السوء فقد وقي)20, فالبيئة مهمة للإنسان, يؤثر فيها وتؤثر عليه, حتى قيل إن الإنسان ابن بيئته, ولما كان الضعيف يتأثر بالقوي اهتمت الشريعة الإسلامية بالمحيط الخارجي للفرد والجماعة, والطبع يعدو والخلق الحسن أو السيء كذلك, وقد وردت أدلة كثيرة تدل على ذلك, مثل قوله (المرء على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل)21, وقال e: (لا تُصاحب إلا مؤمناً ولا يأكُل طعامك إلا تقي) 22, وقال (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يحذيك أو تجد منه ريح معطرة, ونافخ الكير إما أن يؤذيك أو يحرق ثيابك, أو تجد منه ريحاً منتنه)23

ومن أراد أن يصل إلى خلق معين يمكن أن يتكلفه إلى أن يصل إلى ذلك الخلق؛ قال e: (... ما يكون عندي من خير لا أدخره عنكم, وأنه من يستعفف يعفه الله, ومن يستغن يغنه الله, ومن يصبر يصبره الله, ولم تعطوا عطاء خير من الصبر)24 وقال (إنما العلم بالتعلم)25, والعفة بالتعفف, قال تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) (النور:33), وبالِمران يصل المرء إلى ما يصبو إليه؛ قال ابن الجزري:26 في تعليم علم التجويد في الجزرية المشهورة:

وليس بينه وبين تركه إلا رياضة امرئٍ بفكه

المعني: ليس بين التجويد وتركه, إلا مداومته على القراءة بفمه وبالتكرار والسماع من أفواه المشايخ لا بمجرد النقل والسماع27, وهذا الأمر نلمسه في الواقع بالممارسة, فبتدريب اللسان يجد المرء أن لسانه ومخارج حروفه بدأت في التغيير, حتى يصل إلى مخارج وصفات الحروف الصحيحة, والتجربة خير دليل وبرهان, فالنفس كالطفل إن عودتها الطاعة والتقوى والخوف من الله اعتادت, وإن غرست فيها حب الدين منذ الصغر نمى وآتت اُكلها كل حين بإذن الله, وإن عودتها عكس ذلك اعتادت, لأن كل مولود يولد على الفطرة, والإسلام دين الفطرة, قال تعالىفَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم:30).
وعلّمنا الرسول دعاء, وأول ما يقوله الإنسان حين يستيقظ لكي يعتاد ويثبت؛ لأن القلب يتقلب؛ "أصبحنا على فطرة الإسلام وعلي كلمة الإخلاص وعلي دين نبينا محمد e"28, لهذا حث الدين الحنيف باختيار البيئة الصالحة, لأن الصاحب ســاحب, بأن لا يأكل طعامك إلا مؤمن, ولا يدخل بيتك إلا تقي, لأن الأخلاق تعدو وتفشو, وحث على لزوم الجماعة ليتناصحوا, فإن الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين أبعد, والجماعة حتى في السفر, والقرين إلى المقارن يُنسب, وقديماَ قيل: "قل لي من تصادق أقل لك من أنت". حتى لا يشمـله, قال تعالى: (يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) (الفرقان:39)

وأفضل الطرق لتربية النشء, وغرس المبادئ والقيم, التعود منذ الصغر, والتطبع والتكلف, فكل مولود يولد على الفطرة, حتى يصير جبليا ومألوفا, والأخلاق تكتسب بالمران والتعهد والرعاية والرفقة الصالحة, كما أن البيئة المحيطة لها دور كبير؛ لذا كان اهتمام الشرع بالمكان. وتجنب الفئات والبيئات الفاسدة التي لا خير فيها, لأن الفساد لا يحتاج إلى مران وتدرب, فهو سريع وسهل الانتقال ولا يحتاج إلى قُدرات ومهارات حتى تعزز, والناس يميلون إلى إتباع الهوى وملذات الدنيا, والشيطان يجري في الدم, فكل الأسباب التي تدعو إلى الابتعاد عن الدين موجودة, وقال : أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدُنيا, قالوا: وما زهرة الدُنيا؟, قال: بركات الأرض, قالوا: يا رسول الله وهل يأتي الخير بالشر؟, لا يأتي الخير إلا بالخير, ثلاث مرات إن هذا المال خضرة حلوة, فمن أخذه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو, ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع)29.

قِدم أبو عبيدة من البحرين بمالٍ, فسمعت الأنصار بقُدومه, فوافته صلاة الصبح مع رسول الله e, فلّما انصرف تعرضوا له, فتبسم رسول الله حين رآهم وقال: أظنكم سمعتم بقدوم أبي عُبيدة وأنّه جاء بشيء!, قالوا أجل يا رسول الله, قال: ابشروا وأملوا ما يسُركم فوّالله ما الفقر أخشي عليكم ولكن أخشي عليكم الدنيا أن تُبسط عليكم كما بسطت على من كان قبلكم, فتنافسوها كما تنافسوها, وتلهيكم كما ألهتهم)30

"...النفوس مولعة بحب الثناء, وغالب الناس متطلعون إلى الدنيا وأسبابها من جاه أو ثروة, وليسوا راغبين في الفضائل ولا متنافسين في القيم والمبادئ والأخلاق إلا النادر منهم, والنادر لا حكم له. "وهنا يأتي دور القدوة والبيئة الصالحة, ولزوم النشء فيهما مع ملازمة المتابعة والإرشاد, والسلوك, والأخلاق تعدو وتفشو, لذا كان للمكان المحيط بالإنسان دور كبير في تكوينه.
"لو جالست الجهال والسخفاء والحمقي شهراً فقط, لم تنتج من أوضار كلامهم وخبال معانيهم بمجالسة أهل البيان والعقل دهراً, كأن الفساد أسرع إلى الناس وأشد التحاماً بالطبائع. والإنسان بالتعلم والتكلف, وبطول الاختلاف إلى العلماء, ومدارسة كتب الحكماء يجود لفظُه ويحسن أدبه, وهو لا يحتاج في الجهل إلى أكثر من ترك التعلم, وفي فساد البيان إلى أكثر من ترك الخير, المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره ودثاره وسائر أحواله وعوائده, والسبب أن النفس تعتقد الكمال فيمن غلبها فتنقاد إليه وتبرير هذا "1- نظرة بالكمال بما وقر عندها من تعظيمها في نفسها, 2-تغالط به من أن انقيادها ليس طبيعي إنما هو لكمال الغالب, والبرهان والدليل على ذلك تقليد الأبناء للآباء والمتعلمين بمعلميهم, لاعتقاد الكمال فيهم, والأمة إذا غلبت وصارت في ملك غيرها, أسرع إليها الفناء, وهذا الذي نشاهده الآن بفناء الإسلام من المسلمين أي بعدم التمسك به, فهو الآن غريب بين أهله لفرار وبُعد المسلمين منه"31.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-10-2019, 12:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم

المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم




د. سناء محمد يوسف محمد أحمد(*)


المبحث الثالث


دراسة لبعض الظواهر السالبة في المجتمع


المطلب الأول

أعياد الميلاد, رأس السنة, الحب, الزواج وعيد الأم, وحكم الشرع في هذه الأعياد
المسألة الأولي: تعريف العيد والأصل في مشروعيته:

أ- ورد لفظ العيد في القرآن مرة واحدة, في قوله تعالىقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (المائدة:114), أي نتخذ اليوم الذي تنزل علينا المائدة عيداً, نعظمه نحن ومن جاء بعدنا, ونزلت يوم الأحد فاتخذها النصارى عيداً, والعيد في اللغة: اسم لما عاد إليك في وقت معلوم, واشتقاقه من عاد يعود, فأصله هو العود, فسمي عيداً لأنه يعود كل سنة بفرحٍ جديد.32
وقد ورد لفظ"العيد" في السنة مرات عدة, منها:
1- قال e "لا تتخذوا قبري عيداً" 33

2- عن أنس بن مالك t قال e: "قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية, وإن الله قد أبدلكم خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر"34

3- وقال e: "دعهما يا أبابكر فإن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا". 35
4- ورد أن يهودياً قال لعمر بن الخطاب t: عندكم لآية لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذناها عيداً, فقال له عمر: ما هي فذكر له الآية, قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)(المائدة:3), فقال له عمر: والله إني أعرف اليوم الذي نزلت فيه, يوم الجمعة, ويوم عرفة بعد العصر)36
5- قال e" شهران لا ينقصان شهرا عيد رمضان وذو الحجة"37

6- روي عن عثمان بن عفان t خطب في الناس في يوم عيد وقد وافق يوم الجمعة: "إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان".38, فيكون العيد عند المسلمين: الفطر والنحر, وعلي سبيل المجاز الجمعة.

ب- عرَفه ابن تيمية؛ العيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان, وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة.
ج- العيد مشتق من العود وهو الرجوع والمعاودة لأنه يتكرر, وجمُعه أعياد.39
من التعريفات السابقة يتضح أن لفظ العيد يدور حول معني واحد, وهو المعاودة والتكرار لأنه يتكرر كل عام وله مكانةً في النفس البشرية لذا كان هذا التعظيم على مختلف الأزمنة والأمكنة. وللمسلمين عيدين فقط يتعلق بهما شعائر ومناسك.
المسألة الثانية: الأعياد المُحدثة في المجتمع المسلم:

كثير من المسلمين يحتفلون بهذه الأعياد؛ وهي كالتالي:

1- رأس السنة وعيد الميلاد المجيد أو الكريسماس: هو الاحتفال بنهاية السنة الميلادية, والمراد منها ميلاد عيسي u, والكثير منهم لا يصدقون معجزة الميلاد وبالدين الذي جاء به عيسي u, ومختلفون في يوم ميلاده, فبعض طوائف النصارى تحتفل به في الخامس والعشرين من يناير, وطوائف أخُرى في نهاية السنة الميلادية.
2- عيد الحب؛ أو عيد العُشاق, يوم القديس فالنتين, يوافق الرابع عشر من فبراير, من أعياد الرومان الوثنيين, والأساطير حول هذا العيد كثيرة -ذكرت الموسوعة الكاثوليكية أكثر من رواية- أرجحها أن قسيساً نشأت بينه وبين امرأة علاقة, فزنا بها وقيل تزوجها في الســر, وكانت هذه المرأة ابنة الإمبراطور الروماني الذي حكم في القرن الثالث الميلادي, والقسيس بحكم هذه الرتبة لا يحق له إنشاء علاقة كهذه, سواء في السر أم في العلن؛ وبحكم الرهبنة لا يحق له الزواج الرسمي فضلاً عن إنشاء علاقة مشبوهة فتم إعدامه, فأصبح يسمي شفيع العُشاق, ورمزاً للمحبة والعاطفة40, هذا هو سبب عيد الحب فانظروا إلى المحتفلين به, وهم يشاركون الكفار في أمر لا يمت بصلة إلى عقيدتنا ولا أعرافنا, بل الرهبنة عكس الفطرة الســليمة ونهى عنها الإسلام, فما الداعي لنحتفل بهذا العيد ونفرح ونتســـلى بهذه القشور التي تؤثر على العقيدة؟!, وتلك الأســباب أو غيرها تخالف الإسلام, فهل زهِدنا في ديننا لهذه الدرجة؟.

3- عيد الميلاد, وهو أن يحتفل الإنسان باليوم الذي ولد فيه, وينبغي للعاقل أن يبكي على الســنة التي مضت من عمره, لأنها لن ترجع مرة اُخرى؛ فهي من عمره, لأن أنفاس الإنسان عبارة عن بضع أيام وشهور, والليل والنهار يعملان فينا, والفراغ نعمة, فالكيس الفطن يجب أن يعمل فيهما, لا العكس كما هو الواقع.

4- عيد الأم, وهو من ابتكار فئة لا يعرفون بر الوالدين, ففي هذا اليوم -الحادي والعشرين من مارس- يقدمون الهدايا للأم, ورغم أن الفكرة جميلة, ولكن في ظاهرها فقط؛ لأن الإسلام أوصي بها, وهي أحق الناس بالصُحبة, ولها كثير من الحقوق, فالاحتفال بها وتعظيمها واجب في كل لحظة, وليس في يوم واحد في السنة, ولنا تراث كبير وثروات هائلة في بِرها لا نحتاج لمحاكاة الغرب في التشبه بهم, مهما كانت الأفكار والمسميات, وغالبهم لا يذكرونها إلا في هذا اليوم, ومن ذلك التراث أن الله سبحانه ربط عبادته بالوالدين, فقال سبحانه: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)(النساء:36), وقال جل شأنه: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الأنعام:151), وقال سبحانه: ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) (الإسراء:23).

ففي الآيات السابقة نشاهد أهمية البر بهما, حتى جعل الله تعالي توحيده وعدم الإشراك به مع الرفق بهما, ويكون هذا طول العام وليس مرة واحدة فيه.
ووردت في السُنة أدلة كثيرة تحث على الرفق بالوالدين وبرهما, منها:
1- جاء رجل إلى النبي e فأستأذنه في الجهاد, فقال: (أحي والداك ؟, قال: نعم قال: ففيهما فجاهد)41, في هذا الحديث قدم البر على الجهاد في سبيل الله, وهو العمود الفقري وذروة سنام الإسلام.
2- قال e: (ما تقولون في الزنا وشرب الخمر والسرقة؟, قلنا: الله ورسوله أعلم, قال: هن الفواحش وفيهن العقوبة, ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟, الشرك بالله عز وجل, وعقوق الوالدين, وكان متكئاً فاحتفز, قال: والزور)42.

3- سئل الرسول e: (أي العمل أحب إلى الله؟, قال: الصلاة على وقتها, قلت: ثم أي, قال: بر الوالدين, قلت: ثم أي, قال: الجهاد في سبيل الله)43.
4- جاء رجل إلى الرسول e فقال: (جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبواي يبكيان, قال: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما)44.
5- جاء رجل إلى النبي e فقال: (من أحق الناس بُحسن صحابتي؟, قال: أمك, قال: ثُم من ؟, قال: أمك: قال: ثُم من ؟, قال: أمك, قال: ثُم من ؟, قال أبوك)45.

6- جاء رجل إلى النبي e قال: (إني أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة, قال: ويحك, أحية أمّك, قلت: نعم, قال: ارجع فبرها, ثم أتيته الجانب الآخر –وكرر ذلك ثلاث مرات- الزم رجلها, فثّم الجنّة) 46

7- قال رسول الله e: (رضا الرب في رضا الوالد, وسخط الرب في سخط الوالد)47
8- سُئل e (من أبر؟, قال: أمك -ثلاث مرات وفي الرابعة- قال: أباك, ثم الأقرب فالأقرب)48
9- ومن أعظم العقوق أن يقال لهما "أف" وهي كلمة صغيرة, وأحيانا تخرج بلا قصد, ومع ذلك نهي الله عنها, لمكانة الوالدين, فقد اعتبرها سبحانه وتعالي من العقوق, قال تعالى: ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) (الإسراء:23).
10- ومن عظم حقهما أن الله يعجل عقوبتهما في الدُنيا, قال e: (اثنان يعجلهما الله: البغي, وعقوق الوالدين)49.

11- قال e: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر -ثلاث- قلنا: بلي يا رسول الله, قال: الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وشهادة الزور, فما زال يكررها حتى قلنا ليته يسكت)50

كل هذا التراث الضخم من البر والعطف والمودة والإحسان, وعدم عقهما مدى العمر, ونستورد القشور من الغرب, بل نقلدهم تقليدا بلا عقل, حتى في أبشع أفكارهم ومادياتهم التي لم نجن منها إلا الوبال, ألا وهي إنشاء دور العجزة -وإلي الله المتاب- فما الذي نجنيه من هذا التقليد ؟, هل الحضارة والمدنية والرقي في ترك الشرع وطاعة الكفار, فالذي يذهب بوالديه أو أحدهما إلى تلك الدور, فقد أغلق على نفسه بابا من أبواب الجنة, فضيّع أجراً كبيرا, فهل الدنيا أصبحت مبلغ همنا وغايتنا لهذه الدرجة؟, أم الغفلة؟, ولا ينتهي الإحسان إليهما في حال الحياة, بل يستمر بعد الموت؛ لأن حُسن العهد من الإيمان, جاء رجلٌ من بني ساعدة إلى النبي e فقال: (إن أبوي قد هلكا, فهل بقي من برهما شيء أصلهما بعد موتهما ؟, قال: نعم أربعة أشياء الصلاة لهما –الدعاء- وإنفاذ عهدهما من بعد موتهما, وإكرام صديقهما, وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما, قال: ما أكثر هذا وأطيبه يا رسول الله قال: فاعمل به فإنه يصل إليهما)51, وقال رسول الله e: (احفظ ود أبيك ولا تقطعه فيطفئ الله نورك)52, قال رسول الله e: (إن أبّر البِر أن يصل الرجل أهل ود أبيه)53, والأدلة في هذا الجانب كثيرة, وقد بوّب علماء الحديث فيها أبواباً.

وكل ذلك لا يجزي الوالد قال e: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)54.
5- عيد الزواج؛ وهو أن يحتفل الزوجان بيوم زواجهما كل عام؛ وهو يوم عقد نكاحهما, وهي عادة غربية, أسعد بيت عرفته البشرية هو بيت النبي e, والذي منه انتشرت الأحكام الشرعية, لم يعرف هذا الاحتفال, ولم يأمر به, فهل هو تقصير من الرسول e, أم نحن مأمورون بزيادة وإضافات في التشريع ؟, والعبادات توقيفية.

المســـألة الثالثة: الحكم الشرعي لهذه الأعياد:

نهي الشرع عن التشبه بالكفار: اليهود, النصارى, المشركين, واللادينين, وكل الطوائف التي لا تؤمن بالرسول e, وإن كانت وليدة هذا القرن, فالمعيار هو الإسلام, فكل من لم يؤمن بالله والرسول e وإن كان من أهل الكتاب, أو صاحب ديانة محرفة فهو كافر, والدليل على ذلك قوله تعالى: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة:1), وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (البينة:6), فسمَي سُبحانه أهل الكتاب كفارا, وقوله الفصل فانتهي الجدال.

وقد وردت أدلة كثيرة من الكتاب والسنة تنهي عن موالاتهم والتشبه بهم, حتى في المظهر الخارجي, منها:
1- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51), وجه الاستدلال بالآية واضح أن الله سبحان حذر وهدد من موالاة الكفار, ومن يتولهم فإنه منهم, وهم الذين في قلوبهم مرض, فهذا تغليظ وتشديد في وجوب مجانبتهم55, فالنهي واضح بل شدد في بعض الأدلة عن التشبه بهم حتى في المظهر الخارجي.
2- قال جل شأنه: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22), وجه الدلالة بالآية, لا يجتمع الإيمان مع ود أعداء الله؛ لأنه من أحب أحداً فلن يحب عدوه, فإذا حصل الود كان صاحبه منافقاً وعاصياً لله, فالميل إلى هؤلاء أعظم أنواع الميل, فيجب أن يكون مطروحاً من الدين, ومن أنعم الله عليه هذه النعمة العظيمة أني يحصل له مودة أعداء الله, فهذه المودة محظورة محرمة؛ والدليل على ذلك فعل الصحابة y -سيأتي بيانه-56

3- قال جل شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران:118), الخطاب موجه للذين صدقوا الله ورسوله, لا تتخذوا أولياء وأصدقاء من دون دينكم وملتكم, أي من دون المؤمنين, وجعل البطانة مثلاً لشدة القرب منه, وهي مما يلي بطنه من ثيابه, لحلوله مما يطلع عليه من أسراره, وما يجيش ويطويه في دواخله محل ما ولي جسده من ثيابه, وبطانة الرجل هم خاصته الذين يطلعون على سرائره, والآية جاءت نكرة في سياق العموم, لتفيد أن النهي يشمل كل فئات الكفار57.

4- قال جل شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ) (الممتحنة:1), الآية أصل في النهي عن موالاة الكفار, تسرون وتلقون إليهم المودة بالظاهر, أي حتى المجاملة وتتطيب الخواطر ولو بالسلوك الخارجي, والتعليل بأن الإيمان في القلب, فالنهي واضح.
5- قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) (الممتحنة:13), والآيات واضحة في النهي عن أن يتولي المؤمن من غير ديانته, ويواصلونهم ويناصحوهم, الذين آثروا الدنيا على الآخرة, لأنهم يئسوا من ثواب الآخرة.58

6- قال عز من قائل: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ) (الزخرف:26), ,وقال تعالى ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) (الممتحنة:4), فالنهي عن موالاة الكفار ولو كانوا ذوي القربى لا تحتاج إلى مجادلة ومناقشة وتحليل, والأدلة واضحة لا تحتاج إلى تفسير-فهذا خليل الله إبراهيم عليه السلام تبرأ من أبيه وقومه-, فلا قُدسية للبشر؛ المعيار والمقياس هو العقيدة. فسبحانه وتعالي يأمرنا بأن نقتدي بإبراهيم u وإن من سيرته التبرؤ من الكفار واستثنى التأسي به في الاستغفار لأبيه.59

7- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (المجادلة:14), فلا يجوز موالاة من أبعدهم الله وحب من بغضهم الله وائتمان من خونهم الله وغضب عليهم.
ومن السُنة ما يلي:
1- قال e: (فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس)60.
2- قال e: (كانت المجوس تعفي شواربها وتحفي لحاها, فخالفوهم فجزوا شواربكم واعفوا لحاكم)61.

3- قال e: (... ومن تشبه بقومٍ فهو منهم)62.
4- روي أن رجلاً جاء إلى النبي e فقال: (يا نبي الله متى الســـاعة ؟, فقال: ما أعددت لها ؟, قال ما أعددت لها من كبير, إلا إني أحب الله ورســوله, فقال: المرء مع من أحب), قال أنس: فما رأيت المســلمين فرحوا بعد الإســـلام أشد فرحاً مما فرحوا يومئذٍ. قال أنس: وأنا أحب النبي e وأبا بكر وعمر, وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بعملهم.63

وأنا أحب كل الصحابة, وأرجو الله بهذا الحب أن أكون معهم. وماذا بشأن الذين يحبون اليهود والنصارى من مشاهير المجتمع ؟, هذه غفلة أم جهل بالدين؟.
5- وعن أبي ذر t قلت: (يا رســول الله, الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يلحق بعملهم, قال: أنت يا أبا ذر مع من أحببت, قلت: إني أحب الله ورسوله, فقال: أنت مع من أحببت يا أبا ذر)64.

6- عن أنس بن مالك t قال: (بينما أنا والنبي e خارجان من المسجد, فلقينا رجل عند سدرة المسجد, فقال: يا رسول الله متى الساعة؟, قال e ما أعددت لها ؟, فكأن الرجل استكان ثم قال: يا رسول الله ما أعددت لها من كبير صيام ولا صلاة ولا صدقة, ولكنّي أحب الله ورسوله, قال: أنت مع من أحببت)65.
7- وقال e: (المرء مع من أحب)66.
8- عن أبي هُريرة t قال e: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون, فخالفوهم)67
9- كان e (إذا اتبع جنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد, فعرض له حبر فقال هكذا تصنع يا محمد, فجلس e وقال: خالفوهم) 68
6- عن ابن عباس م (أن النبي e صام يوم عاشوراء, فقالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى, فقال e: فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع, فلم يأت العام المقبل حتى توفي e)69

11- عن عبد الله بن عمرو بن العاص م قال: (رآني رسول الله في ثياب معصفرة, فقال: ألقها فإنها ثياب الكفار)70.
12- قال e: (اعفوا لِحاكم, ولا تشبهوا باليهود)71
13- عن الزبير بن العوام t قال رسول الله e: (غيروا هذا الشيب ولا تشبهوا باليهود)72.
والمتتبع لهذه الأدلة ينتبه إلى دقة الإسلام, وأنه لم يترك شاردة إلا وأشار إليها في عدم التشبه بالكفار حتى في المظهر الخارجي, ومن عنده قصر نظر في عقله يراها صغيرة, ولكن المسلم ينبغي أن يكون مميزاً في مظهره ومخبره, ويستفاد من تلك الأدلة أيضا أنه لا ينبغي الاستهانة بالمعاصي وإن كانت صغيرة, فمعظم النار من مستصغر الشرر, لا تحقرن صغيرة, إن الجبال من الحصى, فلا فرق بين مشاركتهم في أعيادهم أوفي سائر المناهج؛ فإن كانت الموافقة في جميع الأعياد فهذا موافقة في الكفر, وإلا كانت الموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شِعب الكفر, لأن الأعياد هي أخص ما تتميز به الشرائع. لقوله e: (إن لكل قومٍ عيدا, وإن هذا عيدنا)73, وهذا الحديث يدل على أن الأعياد من خصائص الدين. وهذا من جملة الشرع والمناسك, كالقبلة والصوم والحج, وغيرها, قال تعالى (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) (المائدة:48),قال تعالى (لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ۖ) (الحج:67).

موافقة أهل الكتاب فيما ليس في ديننا ولا عادة سلفنا فيه مفسدة, وإنها من البدع المحدثة, وأقل أحوال التشبه إن كان لشهوة أو به فائدة في الدنيا أو الآخرة لا شك في تحريمه, ويبلغ التحريم في بعضه أن يكون من الكبائر, وقد يصير كفراً بحسب الأدلة, وكل عمل يقومون به قبل العيد أو بعده يأخذ نفس الحكم, والقاعدة (الحريم له حكم ما هو حريم له), وكذلك كل ما يعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في الإسلام يدخل في ذلك.

وقد شدد كثير من العلماء على أنه لا يجوز إعانة الكفار في أعيادهم, ومقاطعة المتشبه بهم, حتى الهدية في هذه الأيام ولم يستثن من كانت عادته إعطاء الهدية, حتى مخالفة العادة لا يجوز, لأن فيها شُبهة الإعانة على المعصية, وهذا اعتراف بدينهم, فلا ينبغي إعانتهم على المنكر ولا سيما التجار الذين من باب الربح يتاجرون في الأغراض التي تختص بهذه الأعياد, فلا يحل التشبه بهم في أعيادهم ولا يعان المســلم على التشبه بهم, مثل عدم حل بيع العنب لمن يعصرها خمراً, وما يصنع في أعيادهم من دعوة لم تُجب تلك الدعوة, وكذلك لا تقبل هديتهم في هذه الأعياد. فلما كانت مشاركتهم غير جائزة, كان ثمن تلك المثمنات تأخذ نفس الحكم قياساً, والقاعدة "ما حرم أخذه حرم إعطاؤه", "وأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه" 74

والذي يعين على المنكرات ملعون, لقوله :e (طوبي لمن كان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر, وويلُ لمن كان مغلاقاً للخير مفتاحاً للشر)75, وشدد العلماء على عدم المشاركة بل حتى الألفاظ التي تدل على أن المسلم يرضي بدينهم لا يجوز النُطق بها إليهم, والتهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم, فحرام بالاتفاق, مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم, فإن سلِم من الكفر فهي من المحرمات؛ بمنزلة السجود للصليب, فتكون أشد إثماً ومقتاً من شرب الخمر وقتل النفس, وغيرها من سائر المحرمات)76.
المســألة الرابعة: صـــور معاداة الصحابة أهل الكفر:

قال الحق سبحانه: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة:22), استدل مالك بهذه الآية على معاداة القدرية وترك مجالستهم ومعاداتهم في الله, وأضاف القرطبي وفي معني أهل القدر جميع أهل الظلم والعدوان.

و(كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ) أي خلق على قلوبهم التصديق من لم يوال من حاد الله. أولم يكونوا ممن يقول نؤمن ببعض ونكفر ببعض -وخص القلوب بالذكر لأنها موضع الإيمان- وقواهم ونصرهم بروحٍ ورحمة وإيمان وهدي منه, وقيل: أيدهم بجبريل u, وقيل: بالقرآن وحججه, ويمكن أن يشمل كل تلك المعاني, لولا تأييد من الله ورحمته, وقذف الإيمان وجمعه في ثناياهم, لم تجد تلك الموالاة والبراءة لله والرسول e, والمعاداة الخالصة في الدين ولو كانوا من أقرب الأقربين.
وقال الثوري: كانوا يرون أن الآية نزلت فيمن يصحب السلطان.77, وإضافة لما سبق فقد ورد في سبب نزول هذه الآية روايات كثيرة كالتالي:

1- نزلت آية المجادلة في أبي عبيدة بن الجراح t حين قتل أباه يوم أحد, لأنه حاد الله ورسوله في مسألة عقدية لا شأن لها بالدنيا, والصحابة لا يجاملون في الدين.
2- عمر بن الخطاب t قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر.
3- مصعب بن عمير t قتل أخاه عبيد بن عمير.
4- على بن أبي طالب وعبيد م قتلا شيبة وعتبة والوليد بن عتبة ولم يكن منهم موالاة لعشائرهم وأقاربهم يوم بدر غضباً لله ودينه.

5- عبادة بن الصامت t لما نزلت الآية 51 من سورة المائدة -السابقة الذكر- جاء إلى النبي e وكان له موالي من اليهود سلاحهم قوي, فتبرأ منهم واقتصر على موالاة الله ورسوله e.
6- أبو موسي الأشعري t اتخذ كاتباً نصرانياً في عهد عمر t فقال له: ويلك من الله, قاتلك الله واستشهد بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51), فقال أبو موسي له دينه ولي كتابته, فغضب عمر وقال: والله لا أكرمهم وقد أهانهم الله ولا أعزهم وقد أذلهم الله ولا أدنيهم وقد أبعدهم الله, قال أبو موسي لا يتم الأمر إلا به, فقال عمر: مات النصراني والسلام, أي هب أن النصراني قد مات فما تصنع بعده, فما تعمله بعد موته فاعمله الآن واستغن عنه بغيره.

7- أبو بكر الصديق t مع ابنه عبد الرحمن لما كان كافراً؛ فكان ابنه يتحاشاه, وقال: لقد وقعت في يدي ثلاث مرات ولكني استحييت منك فرد عليه صديق الأمة t, ما رددته عنك لأنك مشرك وأنا مسلم, وكان حريصاً على أن يقتل ابنه إذا تمكن منه, حتى أن الرسول e قال له: "متعنا بنفسك يا أبا بكر".
8- وفي اُسارى بدر عندما استشار عمر t قال: مكني من فلان وفلان لأقطع أعناقهم.
9- في معركة بدر وجد مصعب بن عمير t أخاه أسيرا عند سلمان الفارسي, فقال له شد وثاقه فإن له أماً غنية, فرد عليه: أهكذا تقول لأخيك لهذا القريب, قال لا هذا أخي يقصد سلمان.

10- يذكر أن أبا قحافة سب النبي e, فصكه ابنه أبو بكر t حتى سقط, ثم أتى النبي e, فذكر له ذلك, فقال له "أو فعلته, لا تعد إليه" فقال: والذي بعثك بالحق نبياً لو كان السيف مني قريباً لقتلته.
11- وقصة كعب بن مالك t لما تخلف في غزوة تبوك ومعه أكثر من ثمانين اعتذروا, فقبل منهم علانيتهم ووكل سرائرهم إلى الله, ولم يكذب كعب t, ونهى النبي e عن الكلام معهم -ومعه صاحبيه- وضاقت عليه الأرض بهذا الحصار الاجتماعي وجفوة المسلمين, وبعد أكثر من خمسين يوماً طلب منه مفارقة زوجته, وهو في هذه الحالة التي يرثى لها جاءه مكتوب من ملك غسان فإذا فيه: أما بعد قد علمنا أن صاحبك قد جفاك, ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة, فألحق بنا نواسيك؛ يريد أن يشتريه في هذه المحنة, فما كان من هذا المؤمن أن يبيع ولاءه لله ورسوله, وهو الذي رفض أن يكذب حتى يرضي رسول الله e, فعلم إنها من البلاء وسجرً بمكتوب ملك غسان التنور.78, صدق الله فبرأه من فوق السموات, بل وأنزل في شأنه قرآناً يتلي إلى يوم القيامة, قال تعالى (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (التوبة:118).

والأمثلة كثيرة ويكفي من القلادة ما يحيط به العُنق, فقد كان رضوان الله عليهم يقدمون الدين على كل شيء حتى على الآباء والأبناء, بل قدموا النفس والنفيس في سبيل إعلاء كلمة الله, ولا غرو في براءتهم لله ورسوله, فلم تكن الدنيا يوماً مطمعاً وهدفاً, هذا ما يفعله الإيمان في قلوب الصحابة, فمعيار الحُب والكراهية هو الدين, لأنه ينبغي أن يكون الحب في الله والبغض في الله, لا في الجاه والمنصب والحضارات الزائفة, ولا كل متاع الدُنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة, ولو كانوا من أقرب الأقربين, قال (لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يُحب المرء لا يُحبه إلا لله, وحتى أن يُقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكُفر بعد إذ أنقذه الله, وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه ممّا سواه)79, وقال (أفضل الأعمال الحُب في الله والبُغض في الله)80, وقال (من أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله, فقد استكمل الإيمان)81, فالإيمان علم وعمل بالجوارح والسلوك.

ويروي أن أهل الورع يتجنبون تهنئة أهل المظالم بالولايات والجهال بمنصب القضاء والتدريس والإفتاء, تجنباً لمقت الله وخشية أن يسقطوا من عينه سبحانه؛ لأن مخالطة أهل المنكر من غير الإنكار كانوا كالراضين به, وقيل إن الإمام مالك كان لا يشتري من تاجر نصراني بعينه, لأنه كان يزيد في المبيع, فلما سُئل قال: "حتى لا يدخل حُب النصارى في قلبي"82

وهنالك مبررات للذين يحتفلون منها بأنها نوعٌ من التغيير, التسلية, إن الغالب من الناس يفعلون ذلك, ثقافة غربية, أو نوعٌ من التحرر, وكل ذلك مبررات واهية, وشعور بالانهزامية للتالي:

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-10-2019, 12:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم

المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم




د. سناء محمد يوسف محمد أحمد(*)


1- الإنسان عبارة عن أنفاس, وهي بضع شهور وأيام, وكل يوم يمضي لا يعود ويدني من الأجل, فحذر الإسلام من ضياع العمر سُدي, ويُسأل المرء عنه يوم القيامة وكل يوم يمضي محسوب من عمر الإنسان, وكان الأجدر أن يجلس المرء ويحاسب نفسه, قال تعالى (وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (فاطر:11), فيجب الحرص على الوقت كما نحرص على أنفاسنا, فمن حرص على الوقت والنفس نجي؛ قال e: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)83, وقال e: (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك, وصحتك قبل مرضك, وغناك قبل فقرك, وفراغك قبل شغلك, وحياتك قبل موتك)84.

2- مشاركة الكفار في أعيادهم اعتراف بدينهم -والله المستعان- ولو على سبيل التسلية, والشرع لم يبح التغيير والتنفيس في المحرمات والتشبه بهم, والمسلم يجب أن يكون مميزا له شخصية لا يكون إمعة يقلد الآخرين, قال e: (لا يكون أحدكم إمعة, يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت, بل وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أحسنتم وإن أساءوا تجتنب إساءتهم"85, وإذا كان التقليد في الدين والعقيدة فهي مصيبة أكبر, ويجب أن نخرج حُب الكفار من قلوبنا ونتأسى بالصحابة, فهم القُدوة وليس الغرب.
3- من التبريرات بأن هذه الأعياد من المباحات؛ ويرد عليهم أن المباحات إذا كانت تنصرف عن الواجبات فهي غير جائزة 86, فإذا صرفت عن الواجب كان حكمها عدم الجواز, فما الحكم إذا كانت في نفسها غير مباحة؛ فيها منكرات, منها: تشبه بالكفار, ومضيعة للأموال, واختلاط النساء بالرجال, وابتداع في الدين, وما خُفي أعظم. وهذه جاهلية العولمة, فلم نأخذ من الغرب إلا القشور والسطحيات, فهذه أعياد وافدة لا أصل لها في الدين.

وكان السلف يقولون: من فسد من علماء المسلمين فيه شبه اليهود, ومن فسد من العباد فيه شبه النصارى, ويحذرون من فتنة العالم وفتنة الجاهل, فإن فتنتهما فتنةً لكل مفتون. فمن عرف الحق ولم يعمل به أشبه باليهود الذين قال الله فيهم: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (البقرة:44), ومن عبد الله بغير علم بل بغلو وإشراك فقد أشبه النصارى الذين قال الله فيهم: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ) (المائدة:77), فالأول من الغاوين, والثاني من الضالين, فإن ألغي اتباع الهوى والضلال عدم الهدى, قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ۚ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ۚ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف:176), والقرآن هو السبيل الذي يكشف البراهين ويدحض الحجج الواهية لكل من أراد الحق, ومن يريد أن يصل إلى ذلك الطريق فسوف يصل إليه ولو حبواً, قال تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف:146) ومن جمع الضلالة وألغي ففيه شبه من اليهود والنصارى87.

3- فهذه الاحتفالات ليست من شريعتنا والذين يبررون بأنها عادة لأنهم وجدوا آباءهم يفعلون ذلك, الرد عليهم إن كل عادة تخالف الشرع لا يعمل بها, وإن كانت لها مئات السنين, لم يحتفل الصحابة والتابعيين وتابعي التابعين والسلف بهذه الاحتفالات فهي دخيلة ولو كان فيها خير لقال بها الرسول e أو لعمل بها الصحابة y لأنهم شاهدوا التنزيل وكانوا قريبي عهد للرسول e ولم يكتموا شيئاً من الدين فقد كان التبليغ كاملاً, ويعتبر هذا طعنا واضحا في الدين, لابتكارنا أشياء لم تأت بها الشريعة. أما قولهم لها مئات الأعوام واحتفالات ورثت من الآباء, فيرد عليهم بالآيات, قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) (البقرة:170), وقال سبحانه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ) (لقمان:21), فضياع العمر والتشبه بالكفار غفلة عظيمة, يجب التنبه لها, وكلما اقتربت الآجال وبعدنا من مشكاة النبوة ازدادت هذه الغفلة, قال تعالى (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ) (الأنبياء:1).

4- ويتعلل البعض بوجود فراغ كبير في حياته فلا بأس إذا أمضي فراغه في هذه الأعياد؛ فهذا الوقت خالٍ عنده, ولا يدري المسكين بأنه خصم على عمره ونحن مخدوعون في الفراغ. والذي يعين على الضياع اتباع الهوي وعدم الهدف والغاية التي من أجلها خلق الإنسان.

المسـألة الخامسة: كـيف يستثمـر المسلم وقته؟ -الإنسان ابن وقته-:

لما كان الوقت وعاء الأعمال والإنسان عبارة عن أنفاس نذكر أمثلة لبعض العلماء في استثمارهم للوقت:
1- سئل نافع عن كيف وقت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: الوضوء لكل صلاة والمصحف بينهم.
2- قال مصعب بن خارجة عن شيخه ما أتيناه ساعة يطاع فيها الله إلا وجدناه طائعاً.
3- قال ابن القيم: إن الله إذا أراد بالعبد خيراً أعانه بالوقت, وقال: الليل والنهار خزانتان فانظر ماذا أودعت فيهما, وقال: لا يغرنك صفاء الأوقات فإن تحتها غوامض الآفات, كم من ربيع في الدنيا أزهت أزهاره, ثمَ تبدلت أحواله ومصائره, الإحسان في الوقت أن توطن نفسك في استثمار الوقت مع البصيرة بالتركيز على الأعمال التي أجرها عظيم, وقال: الوقت الماضي لا يرجع والمستقبل بيد الله ووقتك الذي أنت فيه, وقال: من لم يزدد مع كل نفس من الله قربة فهو من الخاسرين وما ندمت على شيء إلا على يوم نقص عمري ولم يزدد عملي.88
4- قيل إذا قيل لحماد بن سلمة ستموت غداً لم يزد عن عمله شيئاً؛ لأنه مستعد للقاء الله في كل يوم.
5- قيل لعابد متى يبدأ وردك, فقال: يطالب بالورد من كان غافلاً فكيف بعابدٍ كل حياته وِرِد.
6- قال معاذ بن جبل: إني لأحتسب نومتي وقومتي.
7- قال بعض العارفين: إذا ضيع الإنسان وقته فيما يفيد وكان هناك أفيد منه, فهو آثم وعاص.
8- قال بعض السلف: الوقت كالذهب إن لم تقطعه ذهب.
9- ونسب إلى كثير من العلماء: الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك, وقيل: الوقت كالسيف من استسلم لحكمه نجا, ومن عارضه انتكس وتردى.
10- الوقت ما أنت فيه, إن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا, وإن كنت بالعقبي فوقتك العقبي, وإن كنت بالسرور فوقتك السرور, وإن كنت بالحزن فوقتك الحزن.
11- الفقير لا يهمه ماضي وقته وآتيه, بل يهمه وقته الذي فيه, ولهذا قيل: الاشــتغال بفوات وقت ماضي تضييع وقت ثان.89
المطلب الثاني

الاحتفال بمولد النبي

يحتفل معظم المسلمين بميلاد النبي e, وكل مصر وطائفة لها طقوسها الخاصة, ويمتد هذا العيد اياماً قبل موعد الميلاد وبعده أيضاً, ويعتقد الكثير جُزافاً أن مولده e في الثاني عشر من ربيع الأول.
المسألة الأولي مناقشة إدعاءات المحتفلين:

أولاً: ذكر العلماء أكثر من قول في تاريخ ميلاد النبي e -فميلاده غير ثابت, فإن كان الأمر كذلك فهؤلاء يحتفلون بيوم ربما لم يكن صحيحاً- وآراء العلماء في ميلاد الرسول e كالتالي:
1- كان عام الفيل قبل مولد النبي e بأربعين سنة, وفي رواية عشر سنيين, وفي رواية أُخرى بثلاث وعشرين سنة.
2- كان مولده e لاثنين وأربعين سنة من ملك أنو شروان.
3- ولد يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان, فكانت مدة حمله ثمانية أشهر ويومين من التاسع.
4- ولد e يوم عاشوراء, ويعتبر هذا من فضائل عاشوراء.
5- ولد e في الثاني عشر من ربيعٍ الأوًل, وكان بعد الفيل بخمسين يوماً.
6- قال ابن عباس أربع كان في ربيع, مولده, ومبعثه, ووفاته, والإسراء والمعراج90.
7- عن ابن عباس م ولد e عام الفيل, وفي رواية يوم الفيل, وعن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قال: ولدت أنا ورسول الله e عام الفيل" الحديث91
8- ولد عام الفيل يوم الاثنين, لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول.
9- ولد e يوم الاثنين عام الفيل, لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول.92
ثانياً: هذا فعل لم يفعله الرسول e ولم يؤمر به, ولو كان فيه خير لحثّ عليه, لأنه بُعث لمصالح العباد فكان الأجدر أن يذكره, قال تعالى: ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (التوبة:128), وكذلك الذين من بعده من الصحابة والتابعين والسلف, فإن كان فيه خيراً لسبقونا إليه, فهم ذاكرة الإسلام الذين قدموا النفس والنفيس لهذا الدين, فهل هذه الأجيال تحب المصطفي e أكثر من الصحابة؟, لا والله بل هم أشدُ حُباً.
ثالثاً: حب الرسول e لا يكون بابتكار أفعال جديدة, بل إن المحب لمن يحب مطيع, هذا مع البشر فكيف مع سيد البشر, الذي أمر الله بطاعته, قال تعالى: ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران:31).
رابعاً: من أراد أن يحتفل بهذا الميلاد العظيم, فليفعل تأسياً كما فعل رسول الله e ليس فيه أمر بالصوم, فكان يصوم يوم الاثنين, عندما سأله إعرابي: ما تقول في صوم الاثنين ؟, فقال: ذاك يومٌ ولدت فيه, وأنزل على فيه)93.
خامساً: الذي يبرر بأن ذلك من العُرف, وهو أمر قديم توارثته الأجيال منذ مئات السنين -العصر الفاطمي- , فهذا تبرير زائف وواه, وكما سبق أن من شروط العرف أن لا يخالف الشرع وإن كان قديما, والدين يتوارث من الشرع, ولابد أن يكون له مستند, وأي عبادة ليس لها أصل شرعي فهي محدثة ومردودة.
سادساً: إنه من البدع والأصل في العبادات المنع والوقف إلا بإذن من الشرع, وهنالك أدلة كثيرة تأمرنا بالإتباع منها:
1- قال تعالى ( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف/157)
2- (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر:7) الاتباع يكون بما بعث الله به رسوله محمداً e, بفعل ما أمر به وترك ما نهي وحظر منه, والتصديق بما جاء به, وليس هنالك طريق إلا ذلك, وكل من خالف هذا الطريق فهو من أهل الغي والضلال.
3- قال تعالى ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف:158)
4- قال تعالى ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور:62), قال الفقهاء: إن الأمر في الآية على الوجوب, لأن الله توعد بالعقاب لمن يخالف أمره, فيجب امتثال الأمر, والمراد بالفتنة معاني كثيرة ذكرها العلماء, مثل القتل, الكفر, الزلازل, والأهوال, السلطان الجائر يسلط على الأمة, والطبع على القلوب بشؤم مخافة الله ورسوله. قيل: جاء رجل إلى مالك يريد الإحرام من المسجد النبوي قاصداً بركة المسجد, وينبغي أن يحرم من ذي الحليفة وهو ميقات أهل المدينة, فقال له مالك: لا, فقال الرجل: إنما هي بضعة أميال أزيدها ولا أنقص من الميقات المكاني, فقال مالك: أخشي عليك الفتنة, أو ما سمعت قوله تعالي فذكر الآية السابقة. فنهاه مالك لأننا مأمورون بالاتباع, لأن النبي e وقت لأهل المدينة مكانا معينا, وهو من ذي الحُليفة, ويجب أن يلزم ذلك المكان ولا يتجاوزه بزيادة أميال أو ينقصها, والإحرام من الميقات المكاني عبادة, والعبادات توقيفية, ولو كان المراد من التجاوز اجتهاد فهذا غير جائز, والقاعدة "لا اجتهاد مع النص", والمطلوب في العبادات الاتباع لا الابتداع مهما كانت المرامي والأهداف, وهذا تمام الإسلام الانقياد والتسليم لله رب العالمين94.
5- قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (النساء:59), هذا أصل جامع يجب لمن آمن بالله ورسوله e اتباعه, واتباع سبيل الأولين من الصحابة والذين اتبعوهم بإحسان, ومن خالف السنة والإجماع وليس معه في بدعته إمام من أئمة المسلمين, ولا مجتهد يعتمد قوله, وإنما اتبع ربما هواه أو من يجادل في الدين بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير, فيفضي إلى مفسدة, وهو التشبه بالكافرين.95
6- قال تعالى (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153), قال ابن مسعود t: إن الرسول e خط خطاً, ثم قال: "هذا سبيل الرُشد, ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطاً, ثم قال: هذه سُبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم تلا هذه الآية", والآية توضح أن دين الإسلام هو الحق الذي لا اعوجاج فيه فاعملوا به واجعلوه منهاجاً تسلكوه, ولا تتبعوا الطرق المختلفة, من يهودية ونصرانية ومجوسية وسائر البدع والضلالات, فتفرق بكم عن صراط الله المستقيم والمنهج القويم, وهو دين الإسلام, فاتبعوه جملته وتفصيله واثبتوا عليه, فقد بينت الآيات والحجج حقيقة وصحة هذا الدين القويم, ولا تعدلوا عنه فتقعوا في الضلالات, ثم ختم الآية بالتقوى,ـ وأن هذه الوصية قديمة لم تزل يوصى بها كل أمة على لسان نبيها, لعلكم تتقون المنكرات والمعاصي96.
7- قال e: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منا فهو رد)97.
8ـ- قال e: (بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له, وجعل رزقي تحت ظل رمحي, وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري, ومن تشبه بقومٍ فهو منهم)98.
سابعاً: يحتج المحتفلون بأن السواد الأعظم من الناس يُقيمون هذه الأعياد, بل توارثوا هذه الاحتفالات من الآباء والأجداد منذ سنوات بعيدة, ويرد عليهم بأنهم يشملهم هذه الآيات, قال تعالى: ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) (الزخرف:22), قال تعالى (وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) (الزخرف:23), بالإضافة إلى ما ذكر أنها لا ينكرها إلا القليل, وكذلك أكثر الدول الإسلامية بحكامها وشعوبها؛ ويُرد عليهم بأن الحق ليس بالكثرة, ويُعرف الحق بالرجال وليس الرجال بالحق, كما أنه سُبحانه ذم الغالب والأكثر, ومدح الأقل في الكثير من الآيات, ووصف الدنيا التي هي سبب الشهوة بأن متاعها قليل, مهما عاش المرء فيها في كثير من الآيات منها:
1- قال تعالى ( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) (سبأ:13), وقال سبحانه: (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (هود:40), قال تعالى (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ) (ص:24),قال تعالى (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (آل عمران:197), قال تعالى (حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (هود:40), قال تعالى (مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النحل:117), قال تعالى (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (البقرة:246), قال تعالى (فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء:46), قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا) (النساء:142)
2- بعض الآيات التي فيها ذم للأكثر: قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) (البقرة:243), قال تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)(الأنعام:116), قال تعالى (وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الأعراف:187),قال تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) (يوسف:103), قال تعالى (المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ) (الرعد:1), قال تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ ۚ بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)(النحل:38), قال تعالى (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) (الكهف:54), قال تعالى (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) (الفرقان:50), قال تعالى (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) (الفرقان:50), قال تعالى (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) (الصافات:71), قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(غافر:82), فالتبرير بالأقل والكثرة خاطئ؛ وبالإضافة إلى ما ذُكر من أدلة أن سكان العالم تقريباً ستة مليار المسلمون منهم مليار فقط, فالحق مع دين الإسلام أم بقية الأديان, القليل أم الكثير؟, والمسلم يجب أن يكون مع المسلم والأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف, وقد ذكر المولي سبحانه, فقال تعالىيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119).
ثامناً: ومن المبررات أن المرء إذا كان يحتفل بميلاده أو ميلاد أبناءه فمن باب أولي أن يحتفل بميلاد الرسول e؛ هذا قياس فاسد ومصادم لشروط وأركان القياس؛ فمن الذي أباح الاحتفال بميلاد الإنسان أولاً حتى يقاس عليه, فالقياس على المنكر والبدعة منكر وبدعة, وقال e: (من سنّ سنة حسنة كان له أجرها وأجرمن عمل بها ومن سنً سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)99, وقال e: (من دعا إلى هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء, ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)100
وبالإضافة إلى ما سبق فيه تشبه بالنصارى الذين يحتفلون بميلاد عيسي عليه السلام وحكم التشبه بالكفار قد ورد آنفاً.
تاسعاً: هذه الاحتفالات معجزة من معجزات الرسول e, وقد تنبأ بها قبل أكثر من خمسة عشر قرناً فقد قال e: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)101, وفي رواية قال e: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: فمن ؟)102, وقال e (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسُنة نبيه)103, وقال e: (إن من يعش منكم سيري اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ)104, وقال e: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصي الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصي أميري فقد عصاني)105.
وكل بدعة ليست واجبة ولا مستحبة, فهي بدعة سيئة وهي ضلالة باتفاق أئمة المسلمين, ومن تقرب إلى الله بما ليس من الحسنات المأمور بها أمر إيجاب ولا استحباب فهو ضال متبع للشيطان.106
الخاتمة:

أولاً: النتائج:

1- العرف مصدر من مصادر التشريع, ويؤخذ به في كثير من مسائل الشرع التي لا ضابط لها في اللغة والشرع؛ والإنسان مدني بطبعه,لذا كان من أدلة الشرع ولكن ليس على أهواء العباد, بل له ضوابط وشروط وضعها العلماء باستقراء وتتبع النصوص.
2- كشفت الدراسة أن احتفال المسلمين بهذه الأعياد في هذا الزمان من معجزات النبي e, فقد تنبأ قبل خمسة عشر قرناً بجحـــر الضـــب في قوله e "لتتبعن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وقال e "إن من يعش منكم سيري منكم اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين.
3- بينت الدراسة أن يكون المسلم ذنباً في الحق خيرٌ من أن يكون رأساً في الباطل, ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل, الشيطان يزين المعصية فكيف نأخذ ديننا منه ونطيعه ونعصي الرسول e. وكل من يشارك في هذه المنكرات والمعاصي بالتأييد أو المشاركة الفعلية أو الصمت أو تقديم المســـاعدة فهو مشـــارك في الإثم -أصبح لتلك الأعياد ســوق ومروجون ومنتفعون مادياً لتضليل وفقد الأمّة هويتها الإسلامية- قال e: (من دلّ على خيرٍ فله أجر فاعله)107, وكذلك من دلَ على الشر, ويدخل في ذلك العلماء وولاة الأمر, ويجب التوعية الكافية من مخاطر هذه المعاصي وأن الله أبدلنا خيراً منهما ويجب إظهار الشعائر في هذين اليومين لبيان الحكمة التشريعية من إظهار الفرح والسرور حتى يعلم الكفار أن في ديننا فسحة - كما قال الرسول e- وعلي العكس ما يحدث من قلة المصلون من النساء والرجال في أعيادنا مع أن الأمر بوجوب إتيان المساجد واضح, ولكن التقصير وعدم الاهتمام والانهزامية ظاهر فإننا لا نهتم إلا بسفاسف الأمور في ذلك اليوم من تزيين الدور وغيرها من الأمور التي لم يطالب الشارع بها فلا يذهب إلى مصلي العيد إلا القليل ولا سيما من النساء, فقد أمر الرسول e الخروج إلى العيد حتى ذوات الحيض ــــ وهذا يدل على مكانتها وتعظيم شعائر الله قال تعالى (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32), قالت أم عطية الأنصارية ك: أمرنا رسول الله e أن نخرج إلى العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحُيض أن يعتزلن مصلي المسلمين, قالت: يا رسول الله إن أحدنا ليس لها جلباب قال: لتلبسها أُختها من جلبابها)108
4- في ظل غياب الإسلام والقدوة الحقيقية وانعدام الدّين, ووجود العولمة والغفلة, وجدت تربة خصبة في المجتمع الإسلامي ولما كان المغلوب يتبع الغالب فأصبح الغرب هو القدوة, فصارت ثقافتنا وافدة في كل مناحي الحياة حتى في الطعام والشراب فضلاً عن السلوك واللباس؛ فصار الأمر على العكس فكانوا هم المعيار والمقياس لكل شئ فتغيرت واختلت الموازين عند المسلمين؛ فأصبح كل من يتمسك بالدين هو المتخلف والضعيف أو الدون أو الأقل والذي يتخلي عن الدين هو الراقي والمتحضر. إن الله أعزنا بالدين والذي يبحث عنها في مكان آخر لن يجدها قال تعالى (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (الحج:18), قال تعالى (وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ۚ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (يونس:65), قال تعالى (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) (النساء:139), قال تعالى (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) (فاطر:10), قال تعالى ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (المنافقون:8), وقال e: (كرم المؤمن دينه ومروءته عقله وحسبه خُلقه)109

ثانياً: الوصـــايا:

1- المسلم يجب أن يكون مميزاً ظاهراً بأن يظهر شعائر الإسلام وباطناً بالمبادئ والقيم الإسلامية وينعكس ذلك في سلوكه, ولا يكون إمعة بلا شخصية يتبع الناس قي كل شئ بلا رشد وروية وليس له إدراك لا يهتدي إلى السبيل الذي ينفعه أو يضره قال تعالى (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) (المدثر:45), وهذه من صفات أهل سقر. فهذه السلوكيات ليست أعرافاً إسلامية لأن مصدرها الغرب الشيطاني والنفس الأمارة بالسوء, وإن تقادم عليها الدهر وعمل بها غالب الناس. فلا يغرنك كثرة السالكين لطريق الضلال ويجب اتباع طريق الهُدي وإن قل منه السالكون والأكثرون هم المقلون كما ورد في الحديث.
2- يجب أن يصحح مفهوم حب الله ورسوله e لأنها عبادة وعقيدة عظيمة مثل بقية العبادات كالصلاة والصوم والحج... الخ فالحب بالاتباع لا الابتداع -النفس, الهوى والشيطان- الأصل في العبادات الوقف إلا بتصريح من المشرع وهو الله سبحانه ومن رسوله النبي الأمين خاتم المرسلين e, فأي عمل بغير الإذن الشرعي لا يقبل ومردود مهما كان شاقاً وكثيراً وبذل فيه من الأموال.
3- كشفت الدراسة تصحيح مفهوم الرفاهية والتسلية, لأن الإنسان ابن وقته, يسأل المرء عن ماله ووقته, الواجب أن ينفقا في مظانهما, فما جعل الله تسلية في منكر. وهذه المشاركة انهزامية؛ نحن على الحق ولا نتمسك به والعكس هم على الباطل ويتمسكون به بل أكثر من ذلك ننقاد إليهم ونشاركهم في الباطل, هذا هو التخاذل والتراجع والانكسار والعزة في ديننا إذا ذهبنا نبحث في غيره أذلنا الله, وهو واقع الأمة الإسلامية التي تستورد كل شئ حتى الرفاهية فصار المجتمع المسلم في هذه المواسم كأنك في أحدي بلاد الكفر, والذي يحتفل في بيته أيضا يكون مشارك, وهذا مؤشر خطير وعلامة من علامات الاستحواذ والاستيلاء, وهو نتاج غياب الوازع الديني والإعلام الهادف.
4- كشف البحث أن من أفضل وسائل التربية غرس البذر منذ الصغر حتى يعتاد ويتمرس على المبادئ والقيم الفاضلة مع دوام المراقبة ثم يجهل الحبل على الغارب, فتأتي اُكلها بإذن ربها قال e: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه كما تنتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء ؟)110.
5- أبرزت الدراسة أن المجتمع الإسلامي يمر بمنعطف خطير, ويحتاج إلى بذل مجهود كبير لانتشاله من الغرق في بحر هواه وسيئات أعماله والعلاج الناجع لإنقاذه من الغيبوبة التي هو فيها, وهذا الدواء يجب على كل فرد من أفراد المجتمع أن يجلبه, من ولاة الأمر والحكام والمرأة في بيتها والرجل في بيته ومصنعه وفي كل مكان يذهب إليه؛ فالكل راع والكل مسئول عن رعيته, والدور الأكبر يقع على كاهل الحاكم لأن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن. ولو لم يكن للسلطان دور ما ربط سبحانه طاعته بطاعة الله ورسوله في أكثر من دليل منها قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء:59).
6- أوضحت الدراسة أن الإعلام -المرئي, المقروء, المسموع, الالكتروني- سلاح ذو حدين؛ فهو يلعب الآن الدور الأكبر في الخير والشر, فلأبد من وجود الإعلام الهادف الرسالي الدعوي, فالرسول e لم يترك لنا شاردة منذ أن يولد المرء إلى أن يلقي ربه -من المهد إلى اللحد- فغياب هذا الإعلام وظهور الإعلام السلبي أدي إلى غياب القدوة الصالحة وحّل محلها قدوات من ورق صاروا هم النجوم والمقياس والمعيار والإبطال, حتى ضاعت هوية الأمة الإسلامية - كما ضاعت الأندلس من قبل - وما ساد الأولون إلا بهذا الدين.
7- الإعلام الآن يشكل الدور الأكبر في تشكيل وطمس هوية المسلمين, ويستعمل في زعزعة وتشويه الإسلام خاصة عند الشباب بتقديم المادة الجاذبة, وأساليب ماكرة ومغلفة ومخادعة التي لا يفطن لها الغالب, الغرب والشيطان لا ينامان فهو يمد حباله وحيله الشيطانية في كل مناحي الحياة ونحن لا ندري ولا نشعر به. حتى سميت المنكرات والمعاصي بغير اسمها, وهذه أيضا من معجزات الرسول e: (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها وتضرب على رؤوسهم المعازف والمغنيات, يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير)111, وقيل قديماً "أقم دولة الإسلام في قلبك تقم على الأرض", الأمة الإسلامية تنتظر هذا الإعلام ليحمي بيضتها وعقيدتها. وقبلها الحاكم المسلم الذي بيده وجود هذا الإعلام وله اليد الطولي في التغيير. وأول التغيير نفط الغبار على القرآن الذي أصابه التحريف -لا الحبر والورق- بل بتركه وعدم العمل به قولاً وعملاً, وتسمية المنكرات بغير اسمها -هذه أيضا من معجزات النبي e- مثلاَ الخمر بالمشروبات الروحية, التبرج والسفور حرية وموضة, نمص الحواجب تنظيف وتجميل وتضييع الوقت بالتسلية والرفاهية وهذه أخطرها فالأمة التي لا تهتم بوقتها أمة ضائعةـــ يكبر عليها أربعا ـــ فالبدار البدار؛ قال e: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويُمسي كافراً أو يمسي كافراً ويُصبح مؤمناً يبيع دينه بعرض من الدنيا.)112وكثير من المعاصي لها أسماء مغايرة, قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (النساء:142), ولولا الخواء الفكري والروحي لما كان ذلك الاهتمام بأعياد لا علاقة لها بالإسلام. ويجب أن نتصف بصفات عباد الرحمن التي وصفهم الله عز وجل والتي منها, قال تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (الفرقان/72) في رواية عن ابن عباس م أن المراد من الآية أعياد المشركين.113


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-10-2019, 01:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المفاهيم الخاطئة للعُرف وأثرها على المجتمع المسلم

الهوامش والمراجع:

- القرآن الكريم
1- الصحاح في اللغة للجوهري ص462
2- تاج العروس من جواهر القاموس 1/6012
3- التعريفات للجرجاني 1/47 والمستصفي للنسفي, مخطوط بدار الكتب, وأثر العرف في التشريع ص5 ومجموعة رسائل ابن عابدين 2/14 رسالة نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف وفصول البدائع في أصول الشرائع, والتلويح على التوضيح ص60 http: //www. Figh. islammessg
4- فتح القدير ص179والأحكام 7/346 والتقرير والتحبير2/260
5- صحيح مسلم كتاب البيوع باب السلم رقم الحديث 411
6- صحيح البخاري كتاب الجنائز باب الإذخر والحشيش في القبر4/455
7- الموافقات2/212 والأشباه والنظائر للسيوطي ص 88 والأشباه والنظائر لابن السّبكي1/51 والدر المنثور في القواعد والإحكام للقرطبي 2/254و255و3/161
8- درر الحكام في شرح مجلة الأحكام 12/82والأشباه والنظائر للسيوطي ص96و97
9- الأشباه والنظائر للسيوطي ص 89 وما بعدها
10- المبسوط لشمس الأئمة السرخسي19/37و30/231
11- الأحكام للقرطبي 3/161
12- أنظر الموافقات 2/244
13- أسني المطالب كتاب الإجارة باب إجارة العبد ثمّ اعتقه12/265, المغني 2/309.
14- المغني 6/63كتاب الإجارة باب كراء الأرض الغارقة بالماء
15- النووي على شرح مسلم 5/122كتاب النكاح باب الوفاء بالشروط في النكاح
16- مسلم بشرح النووي, موقع أهل الحديث
17- أنظر الطرُق الحُكمية ص7واعلام الموقعين3/43
18- النووي على شرح مسلم 5/122كتاب النكاح باب الوفاء بالشروط في النكاح
19- مقدمة ابن خلدون1/1
20- الأدب المفرد1/390 باب المستشار مؤتمن
21- متفق عليه, www. Islamweb. http: //
22- نفس المرجع السابق
23- النووي على شرح مسلم8/468 كتاب البر والصلة والآداب
24- الموطأ2/997 كتاب الصدقة باب ما جاء التوقف عن المسألة
25- مختصر صحيح البخاري للألباني كتاب العلم باب العلم قبل القول
26- محمد بن محمد بن محمد بن على بن يوسف الجزري, يكني بابي الخير ولد في 751 في دمشق ونشأ بها وحفظ القرآن وأتقنه وهو بن أربع عشرة سنة, ثم اتجه إلى علم القراءات, رحل إلى بلاد كثيرة لتلقي العلم وجاور المدينة المنورة وفيها ألف كتابه"النّشر في القراءات العشر" وله مؤلفات غيرها, كان عالماً في شتي العلوم, توفي 733 بمدينة شيراز.
27- شرح المقدمة الجزرية لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ص66البيت رقم33
28- المنتقي في عمل اليوم والليلة 1/1 للنسائي باب ذكر ما كان يقوله النبي e إذا أصبح
29- النووي على شرح مسلم 7/114 كتاب العلم
30- صحيح البخاري3/231 كتاب الرقاق باب ما نجد من زهرة الدنيا والتنافس فيها
31- مقدمة بن خلدون 1/1
32- التفسير الكبير 6/189
33- الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري 1/477
34- شعب الإيمان للبيهقي8/223 رقم الحديث 3554
35- النووي على شرح مسلم 3/287 كتاب الصلاة باب صلاة العيدين
36- صحيح البخاري2/418 كتاب التفسير باب سورة المائدة
37- صحيح البخاري كتاب الصوم باب شهرا عيد لا ينقصان 6/484
38- الموطأ1/179كتاب العيدين باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين
39- اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم 1/455 والمجموع شرح المهذب5/5
40- موقع: www. dijlh. nethttp: //
41- الأدب المفرد للبخاري1/31باب يبر والديه ما لم يكن معصية
42- الأدب المفرد1/47 باب عقوق الوالدين
43- الأدب المفرد1/30 باب وصينا الإنسان بوالديه
44- الأدب المفرد1/3 باب بر الأب
45- النووي على شرح مسلم8/331كتاب البر والصلة والأدب رقم الحديث4621
46- حاشية السندي على ابن ماجة 5/409 كتاب الجهاد رقم الحديث 27714 حديث صحيحalmshkat. comhttp: //
47- الأدب المفرد1/4 باب وصينا الإنسان بوالديه
48- الأدب المفرد 1/6 باب بر الأم
49- الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري 1/1
50- الأدب المفرد1/24باب عقوق الوالدين
51- الآداب للبيهقي 1/6باب في بر الوالدين حديث صحيح, http: //www4r4b>com/v
52- المرجع السابق 1/5
53- الأدب المفرد1/36 باب من كان يصل أبويه
54- مسند الإمام أحمد http: //www islamspirirt
55- التفسير الكبير6/77 والظلال 2/305
56- التفسير الكبير15/287
57- تفسير ابن كثير2/106 وتفسير الطبري 7/138 والتفسير الكبير 4/359
58- الإحكام للقرطبي 18/54 وما بعدها
59- الإحكام 18/56
60- الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير 8/68
61- المرجع السابق 1/115
62- صحيح البخاري8/388كتاب الجهاد والسير باب ما قيل في الرماح.
63- الأدب المفرد28/2باب الرجل يحب قوماً ولم يلحق بهم
64- المرجع السابق نفس الباب والصفحة
65- صحيح البخاري 3/3كتاب الأحكام باب القضاء والفُتيا رقم الحديث 7198
66- صحيح البُخاري 173: 3كتاب الأدب باب علامة حب الله عز وجل لقوله تعالي ï*§ ï*¨ ï*½ ï*® ï*¯ ï*° ï*± ï*² ï*³ï*´ ï*µ آل عمران
67- صحيح البخاري 250: 7كتاب اللباس والزينة
68- متفق عليه, http: //www. Alhadeth.
69- النووي على شرح مسلم 121: 4كتاب الصوم باب أي يوم يصام في عاشوراء
70- صحيح مسلم كتاب اللباس والزينة, باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر, http: //www. islamweb. net
71- الأحاديث المرفوعة من التاريخ الكبير للبخاري 2/156
72- مسند الإمام أحمد, 30 /313
73- النووي على شرح مسلم8/468كتاب البر والصلة والآداب
74- الأشباه والنظائر ص 150 واقتضاء الصراط 453:1 المستقيم والأمر بالاتباع والنهي عن الإتباع 14: 1للسيوطي.
75- سنن بن ماجة كتاب المقدمة باب من كان مفتاحاً للخير1/274. سنده ضعيف, وبعضهم يضعفه شديدا, ولكن جاء من طريق آخر مرس ليشهد له لذا حسنه الألبانيbenKhadda. comhttp: //
76- أنظر أحكام أهل الذمة1/69
77- الإحكام 17/308والفتح الكبير6/66و15/278و7/335والظلال2/305
87- الإحكام القرطبي8: 285 وصحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب: (ï*’ï*“ ï*” ) التوبة: ظ،ظ،ظ¨
79- صحيح البُخاري 146: 3 كتاب الأدب باب الحُب في الله
80- سنن أبي داود كتاب السنة باب مجانبة أهل الهواء وبُغضهم 12/199
81- صحيح البخاري said. net/mi…http: //
82- أحكام أهل الذمة1/275
83- صحيح البخاري3/109 كتاب الرقاق باب لا عيش إلا عيش الآخرة
84- الحاكم في مستدركه 7927, هذا إسناد غريب ولا يصح والسند قبيح, فيه ابن المبارك والمعلوم أنه يروي الخبر مرسلا والصواب الخبر مرسل ولا يصح http: // rebee. net
85- سنن الترمذي, قال حديث حسن Nabulsi. com>blue.Art /http: /
86- أنظر مدارج السالكين 3/164
87- قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص48 وبدائع الفوائدابن قيم الجوزية2/33
88- مدارج السالكين 3/164
89- الرسالة للقشيري 1/31 وصحيح البخاري كتاب المغازي http: //www islamspirirt
90- الإحكام 20/194
91- صحيح البخاري 1162alsoufia. comhttp:
92- رواه الترمذي وقال حسن غريب لانعرفه إلامن حديث محمد بن إسحق وفيه زيادة (فنحن لدتان) http: //www. islamweb. net
93- دلائل النبوة للبيهقي 1/11 رجاله ثقات إلا أن يونس بن أبي إسحق السبيعي مختلف فيهhttp: //www islamweb. net
94- قاعدة في التوسل والوسيلة ص 47
95- الإحكام12/323
96- الكشاف191: 20 والرازي21: 7والطبري228: 12 قاعدة في التوسل والوسيلة ص21و22
97- صحيح مسلم 5/132 كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور
98- صحيح البخاري 8: 388كتاب الجهاد والسير باب ما قيل في الرماح
99- صحيح مسلم بشرح النووي 33: 9 كتاب العلم باب من سنه سنة حسنة ومن دعا إلى هدي أو ضلالة رقم الحديث 4830
100- المرجع السابق نفس الكتاب والباب رقم الحديث4831
101- النووي بشرح مسلم 25: 9 كتاب العلم باب اتباع اليهود والنصارى رقم الحديث 6205
102- صحيح البُخاري 391: 3 كتاب الاعتصام بالكتاب والسُنة باب قول النبي e لتتبعن سنن من كان قبلكم
103- موطأ مالك 899: 2 كتاب القدر باب النهي عن القول بالقدر
104- صحيح البخاري9: 77 كتاب الإحكام باب أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
105- قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 20
106- الأدب المفرد368: 1باب الدال على الخير رقم الحديث 244
107- صحيح مسلم 490: 3كتاب العيدين وشرح النسائي291: 3 كتاب صلاة العيدين باب خروج النساء في العيد إلى المُصلي رقم الحديث 1473
108- مختصر صحيح البخاري لألباني كتاب العيدين باب خروج النساء والحيض إلى المصلي
109- موطأ مالك كتاب الجنائز باب جامع الجنائز240: 1.
110- صحيح البخاري9: 77كتاب الأحكام باب أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
111- شرح النووي لمسلم132:1كتاب الأيمان باب الحث على الأعمال قبل تظاهر الفتن رقم169

112- موطأ مالك 903: 2 كتاب حسن الخلق باب ما جاء في حسن الخلق.
113- الإحكام للقرطبي 13/79


[*] أستاذ مساعد بكلية الشريعة والقانون, جامعة أم درمان الإسلامية, جمهورية السودان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 171.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 168.36 كيلو بايت... تم توفير 3.28 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]