وعاد محمد! - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          لفظ (الناس) في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-12-2019, 05:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي وعاد محمد!

وعاد محمد!

مياسة النخلاني

كان الطريق مظلما حالكا يحاكي الظلمة التي تموج في أعماقه، ففي مثل هذه الساعة من الليل قلما يسير أحدهم في هذا الشارع سوى القطط والكلاب الضالة، ولكن هيهات أن يبالي فما عادت تفرق معه وما عاد الظلام يخيفه أو يرعبه وما عادت الوحدة تؤثر فيه.
أحيانا وفي غمرة ذلك الهدوء المشحون بعتمة الليل تجد كثير من الأفكار والتساؤلات طريقها إلى مخيلته.. فإلى متى هذا الضياع والتيهان إلى متى ستظل أقدامه تجره في هذا الطريق المظلم دونما هدف أو رغبة في التوقف والعودة إلى الوراء.. وإلى متى يظل حبيس نفسه التي تحمل الكره للجميع دونما تمييز أو سبب واضح؛ معاقبا إياهم بجر نفسه إلى مزيد من الهلاك وعدم الإدراك، ولكن ما إن تتشعب التساؤلات التي يعجز عن إيجاد إجاباتها حتى يسارع بطردها قاذفا إياها بين حنايا الظلام الذي يلفه لترتد عليه مجددا وبقوة أكثر من ذي قبل..
«الله يهديك ويصلح حالك» دعوة أمه له كل صباح ومساء من كثرة ما ترددها على مسامعه صارت تطن في أذنيه في كل حين، كم يود لو أنه يصرخ في وجهها ويقول لها: كفاك عبثا، فلا جدوى مني غير أن رقة صوتها وهي تنطق بهذه الكلمات تمنعه من البوح بتلك الرغبة، وعوضا عن ذلك يقبل يديها ثم يمضي إلى حال سبيله.
والده المسكين عبثا يحاول اصطحابه إلى مسجد الحي للصلاة، وفي نفسه أمنية هي أن تكون تلك الصلاة فاتحة خير على قلبه التائه في سراديب الظلام، لكن كلمة المسجد بحد ذاتها تصيبه بالجنون، بل تجعله ينتفض كمن قرصته أفعى شديدة السمية، يتذكر جيدا تلك الليلة عندما أصر عليه والده الذهاب معه لأداء صلاة العشاء، حين حاول التملص منه برفق مخفيا في أعماقه موجات من الغضب والنفور لكن إصرار والده أعجزه عن إخفائها أكثر فلم يشعر بنفسه إلا وقد حطم كل ما كان أمامه ليترك البيت غاضبا وسط دهشة والده ودموع أمه، هو نفسه لا يعرف لماذا ينتابه هذا الشعور كلما ذكرت أمامه كلمة مسجد هل يعقل أن يكون الشيطان قد استبد به إلى هذا الحد وتملكه حتى جعله يرى بيت الله كسجن يخاف أن تطبق عليه قضبانه.
«أووف مالي ولهذه الأفكار اليوم» ركل قارورة فارغة كانت ملقاه أمامه بقوة ثم أكمل سيره فهو لا يحب أن تجره أفكاره إلى هذه النقطة التي تصيبه بالضيق والضجر أعطى لقدميه كامل الحرية لتأخذه حيث تشاء فما عاد يهتم بالوجهة التي سيذهب إليها، المهم أن يمضي بعيدا عن هذا الجو المشحون بالأفكار المتضاربة، فإذا بهما تأخذانه للسير من أمام مسجد الحي الذي طالما تجنب المرور بالقرب منه على مدى سنوات طويلة، وقف محتارا فليست أفكاره فقط من تتآمر عليه بل حتى قدماه، فهو لا يحب المرور من هنا في أي ظرف كان، بل حتى عندما كان يحتاج المرور من هنا للوصول إلى مدرسته كان يضطر للسير مسافة مضاعفة، المهم عنده ألا يمر من هنا، فلماذا يجد نفسه اليوم واقفا هنا؟!
حاول عبثا الابتعاد؛ فهذا المكان لا يشعره بالارتياح ولكن قدماه خانتاه وتشوش أفكاره أوهن من قواه فأسند ظهره إلى أقرب جدار ملقيا برأسه إلى الوراء.. مازال السكون يلف المكان، سوى من حركة صدره يعلو ويهبط بحركات متسارعة ومضطربة..
كان حينها في العاشرة من عمره حين أحضره والده إلى هنا ليحفظ القرآن على يد الأستاذ عبدالله، كم كان فخورا حينها كونه سيكون أحد طلاب الأستاذ عبدالله الذي كان يعتبر زينة شباب الحارة وأكثرهم علما وأدبا والتزاما.. كانت بدايته مع الأستاذ عبدالله أكثر من رائعة وكان تأثره به يفوق الوصف حتى إنه صار يقلده في كل شيء.. لبسه ومشيته وحديثه.. وكل ما يقوله الأستاذ عبدالله لا مجال لمراجعته أو التعدي عليه، لم يكن وحده الذي يحب الأستاذ عبدالله بل كل زملائه في المسجد ينتابهم نفس الإحساس حتى إنهم كانوا يتنافسون من سيكون الأكثر قربا من معلمهم المحبوب الذي لم يكن يعيبه شيء سوى أنه كان شديدا جدا، وإن لم يكن ذلك حينها يؤثر فيهم كثيرا.
في ذلك اليوم وعندما كان يستعد لأخذ مكانه ككل يوم استعدادا للدرس ناداه أستاذه طالبا منه أن ينتظره في الخارج، ترك مكانه ترتسم على محياه علامات الاستفهام وخرج وهو لا يعلم ما القصة، وبعد قرابة الساعة ناداه أستاذه وأمام الجميع أخذ يهينه ليعرف حينها أن أحد الزملاء كان قد وشى به عنده، وبذنب هو لم يقترفه.. حاول الدفاع عن نفسه، لكن صوت الأستاذ عبدالله كان أكبر وبعصا غليظة، وأمام الجميع تلقى أعنف ضرب في حياته، لم ينبس ببنت كلمة ولم يذرف أي دمعة رغم أن الإحساس بالألم والمهانة قد أطبق عليه.
لملم شتات نفسه وكتبه وعاد للبيت حيث أغلق على نفسه غرفته.. تأمل طويلا يديه.. كانتا تهتزان أمام نظره، لكن ليس من الألم بل يحركها ذلك البركان الذي يغلي في أعماقه، وما هي إلا لحظات حتى غطت عيونه سحابة من الدموع.. دموع حارة أخذت تنهمر من عينيه مصحوبة بصرخات مكتومة حتى إن والدته سمعت بكاءه.. لكن عبثا حاولت إقناعه بفتح الباب أو معرفة ما الذي حدث له.
فقد إحساسه بكل ما حوله ومن حوله وبات ليلتها متخما بمشاعر المرارة والقهر وعشرات الأسئلة تغزو تفكيره دون أن يحصل على إجابة شافية.. فلماذا لم يكلف أستاذه نفسه العناء ليستفسر منه عن مصداقية الوشاية التي وصلته؟ لماذا لم يسمح له بإكمال الدرس مع الزملاء ليعنفه فيما بعد، عوضا عن طرده من الدرس بذلك الأسلوب المهين؟ ولماذا لم يعاقبه بعيدا عن عيون الجميع بين نظرات تشف وشفقة؟ وبأي حق يعامله تلك المعاملة؟!
نام ليلتها ودموعه على خديه وفي الصباح وفي طريقه إلى المدرسة تجنب عمدا المرور من أمام المسجد، ومن حينها وهو يتجنب المرور من هناك ورغم محاولات أمه وتساؤلات والده فإنه رفض بشكل قاطع الذهاب مجددا إلى دروس المجسد، وعبثا حاولا إقناعه بالعودة، بل من حينها لم يصل ولم يقرأ آية من القرآن، بل كان يتعمد التباهي بذلك أمام أصدقائه ليبلغوا الأستاذ عبدالله بذلك..
انطلقت تسبيحات من مأذنة الجامع الذي يستند على جداره.. فتح عينيه واعتدل في جلسته ماسحا دموعه التي لم يكن يدرك أنها قد غسلت خديه كما حدث في تلك الليلة قبل سنوات طويلة.. فرغم اعتقاده أن السنوات قد محت ما حدث من ذاكرته فإنها ماتزال راسخة في أعماقه.. لكن يا ترى هل نجح في معاقبة أستاذه على فعلته تلك؟ ألم تكن خمسة عشر عاما من الضياع واتباع الهوى كفيلة برد الإهانة التي تسبب له بها؟
على من يضحك؟! فلا أحد يعاقب سواه ولا أحد يدفع فاتورة أفعاله سواه.. هو الوحيد الذي يسددها يوما بعد يوم، وعاما بعد عام، ولا يدري إلى متى سيظل يسددها من عمره الذي ينطوي أمام ناظريه دون الحصول على عائد مجد سوى مزيد من الضياع.. أطلق تنهيدة عميقة ونفض عنه ما علق من تراب، وهم بالرحيل، فإذا بوالده يناديه: «محمد ألن تدخل لتصلي الفجر معي»
حاول البحث في أعماقه عن تلك المشاعر الغاضبة التي عادة ما يواجه بها والده كلما دعاه إلى الصلاة، فلم يجدها وعوضا عنها أحس برغبة جارفة للانصياع وراء رغبة والده الذي لم يمل ولم ييأس منه يوما ما، مسح ما تبقى من دموع بكمه ولحق به تاركا وراء ظهره أعواما طويلة من العناد والتيهان والندم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.55 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]