بداية وقت القيام في خلافة عمر رضي الله عنه

[ابوالوليد المسلم]

بداية وقت القيام في خلافة عمر رضي الله عنه
الشيخ أحمد الزومان




في أثر عبدالرحمن بن عبدالقاري: «ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يُصلون بصلاة قارئهم، قال عمر رضي الله عنه: «نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله».

فيُفهم من هذه الرواية أنَّهم ما كانوا يصلون بعد الفريضة، فلو كانت صلاتهم بعدها لقال لهم ذلك بعد انصرافه من العشاء، فهو إمامهم، والأثر صحيح لكنَّه ليس بصريحٍ.

وفي رواية كثير بن شنظير عن الحسن عن عمر رضي الله عنه: «فكانوا ينامون بعض الليل ويقومون بعضًا».

فيفهم من هذه الرواية أنَّهم كانوا يناموا قبل القيام، وفي رواية مطر بن طهمان، عن الحسن قال: «كان الناس يقومون في رمضان، فيصلون العشاء حين يذهب ربع الليل، وينصرفون، وعليهم ربع آخر»[1].

قال ابن رجب: هذا يدل على أنَّهم كانوا يؤخرون العشاء إلى آخر وقتها المختار، ثم يقومون عُقيب ذلك، ومن فعل هذا فإنَّه يحتاج أن ينام قبل صلاة العشاء لينشَط للقيام[2].

وفي هذه الرواية أنَّهم كانوا يؤخرون صلاة العشاء إلى أول الربع الثاني، ويستبعد حملها على عهد عمر رضي الله عنه، إلا أن يقال هذا آخر الأمر؛ حيث كانوا ينصرفون مع السحر، ولا سيما ما يأتي قريبًا عن ابن نصر المروزي من نسبته لعمر وعثمان رضي الله عنه، وأصل الروايتين مرسل، وكثير بن شنظير ومطر بن طهمان في حفظهما شيء، لكن هذا العمل توارثه التابعون، هذا ما يتعلق بالمدينة.

أمَّا في مكة فقال أبو عبد الله الحُمِيدي: قال عمر رضي الله عنه: «والتي تنامون عنها أفضل»؛ تنبيهًا على ما جاء في الأثر من أنَّ صلاة آخر الليل محضورة، وقد أخذ بذلك أهل الحرم، فإنَّهم يصلون التراويح بعد أن يناموا[3]، ونحوه لابن الأثير[4]، والطيبي[5]، ولم أقف على مستند ذلك، ويحتمل أن يكون في عهد عمر رضي الله عنه أو بعده، ثم بعد قرون صلوا أول الليل، وتأتي زيادة بيان عند قول الملا علي قارئ، أمَّا اليوم فجماعاتهم أوزاع متفرقون في أول الليل[6].

وعن زيد بن وهب، قال: «كان عبدالله رضي الله عنه يؤمنا في رمضان وينصرف وعليه ليل»[7].

ومن فرغ من صلاته وبقي الربع الأخير من الليل، انصرف وعليه ليل، والظاهر أنَّ ابن مسعود رضي الله عنه لم يكن يصلي العشاء في رمضان في أول الوقت لما يأتي من عمل تابعي الكوفة، والله أعلم.

وابن مسعود أرسله عمر رضي الله عنه إلى الكوفة معلمًا، وقيل: مات بالكوفة، والصحيح بالمدينة في خلافة عثمان رضي الله عنه[8]، وزيد بن وهب من كبار تابعي الكوفة.


[1]رواه عبد الرزاق (7739) عن معمر، عن مطر، عن الحسن قال: فذكره مرسل رواته محتج بهم.
مطر بن طهمان، قال الحافظ ابن حجر: صدوق كثير الخطأ.

[2]فتح الباري (4/ 393).

[3]تفسير غريب ما في الصحيحين ص: (304).

[4]انظر: جامع الأصول (6/ 123).

[5]شرح المشكاة (3/ 166).

[6] انظر: ص (157).

[7]رواه عبد الرزاق (7741) عن الثوري، عن الأعمش وابن أبي شيبة (2/ 395) حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: فذكره ورواته ثقات وفيه عنعنة الأعمش.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 172) رجاله رجال الصحيح وصحح إسناده الألباني في قيام رمضان ص: (27)، وأبو معاوية هو محمد بن خازم والأعمش هو سليمان بن مهران.

[8]انظر: أسد الغابة (3/ 258 - 260) وتهذيب الكمال (4/ 285) والإصابة في تمييز الصحابة (4/ 200).