العربية لغة العلم ولغة الرسالة الخاتمة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 784 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 131 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 30 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 94 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-08-2020, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي العربية لغة العلم ولغة الرسالة الخاتمة

العربية لغة العلم ولغة الرسالة الخاتمة
دكتور: جمال الحسيني أبو فرحة



إن دعوى عالمية أية رسالة سماوية لابد وأن يبرهنها عالمية لغتها، بمعنى صلاحيتها لحمل الرسالة إلى العالم أجمع ومن هنا يمكننا أن نفهم من قوله تعالى{إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)،(الزخرف (3) وانظريوسف(2) وقوله {بلسان عربي مبين} (الشعراء: (195) أن تخاطب العالم أجمع لأنها لغة مبينة عن أدق المعاني بأبسط الألفاظ وأجملها، ومن ثم كان حري بنا أن نعقل ما يتنزل علينا بها من قرآن ومن لا يعرفها يمكنه أن يتعلمها ومن لم يستطع أو لم يرد فيمكنه أن يعتمد على من يعرفها فالمهم أن المعنى الموحى به بها يصل إلى الأرض بدقة دون لبس وبجمال دون عيب·
وهذا ما يؤكده حديث الرسول[ >فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم···>الخ الحديث<>1<·
فإعطاؤه [ جوامع الكلم كما يعني فصاحته [ القادرة على توظيف اللغة العربية في حمل الرسالة الخاتمة إلى العالم أجمع على أتم صورة وأجملها لا شكك أنه يعني أيضاً قابلية هذه اللغة لهذه المهمة، وهذا ما يبرهنه علم اللغة المقارن، كماأن هذا ما يقتضيه العقل للغة الرسالة الخاتمة، فعالمية الرسالة لابد أن تبرهنها عالمية لغتها، وهو ما يقتضي لها الكمال أو الاكتمال اللغوي الذي يعني كفاءة وانتظام قواعدها الصوتية، والصرفية ، وقواعد التراكيب والعبارات كما يعني ازدهار ظاهرة التمييز والتخصيص بها: كالتمييز بين المذكر والمؤنث، وبين المفرد والمثنى والجمع، وبين جموع القلة وجموع الكثرة، وبين الصفات العارضة والصفات الملازمة·· الخ· كما يعني كفاءة أبجديتها في ضبط الألفاظ في دقة ويسر، كم يعني بساطة ألفاظها وموسيقيتها حتى يسهل تعلمها لمن ليس من أهلها وتناقل نصوصها المقدسة عبر الزمان والمكان وحفظها في القلوب والسطور·
وهي جميعا من المزايا التي تمت للغة العربية، وهو ما أدركه العربي الأول حين جعل الفصاحة علما على العروبة فجاءت عرُب بمعنى: فصح، وأعرب بمعنى: أفصح·
كما أدركه المقارن للعربية بالعبرية لغة الكتاب المقدس الأصلية أو بالإنجليزية أو الفرنسية أهم لغتين في عصر العلم المعاصر الذي لا يألو جهداً في البحث عن دقة التعبير وجماله·
فالأبجدية العربية قد جربت زمنا طويلاً في كتاب اللغات من كل أسرة لسانية فلم تقصر، أما الحروف اللاتينية مثلاً (وهي من أعظم الأبجديات اللغوية) فتستخدم للكتابة في عائلة واحدة من العائلات اللغوية الكبرى، وهي العائلة المسماة (بالهندية الجرمانية)·
وهذه العائلة الجرمانية هي العائلة التي يقوم فيها تصريف الكلمات على (النحت) أو على إضافة المقاطع إلى أول الكلمة أو آخرها وتسمى من أجل ذلك باللغات >الغروية< من الغراء اللاصق، أما الحروف العربية فهي تقوم بأداء الكتابة بهذه اللغات وبكثير غيرها فهي تستخدم لكتابة الفارسية والأوردية وهما من لغات النحت أو من عائلة اللغات الغروية، وتستخدم لكتابة التركية وهي من العائلة المسماة بالطوارنية ويرجعون في تصريف ألفاظها إلى النحت تارة وإلى الاشتقاق تارة أخرى، فهي وسط بين اللغة الفارسية واللغة العربية، وتستخدم الحروف العربية بطبيعة الحال لكتابة لغة الضاد المميزة بمخارجهاالواضحة الدقيقة، وهي أعظم لغات الاشتقاق التي اشتهرت باسم العائلة السامية، وتكتب بالحروف العربية كذلك لهجات ملاوية، لعلها تشكل عائلة مستقلة من العائلات اللغوية·
وقد استطاعت هذه الأمم جميعا أن تؤدي كتابتها بالحروف العربية دون أن تدخل عليها تعديلا في تركيبها ولا أشكالها المنفردة، ولم تتصرف فيها بغير زيادة العلامات والنقط على بعض الحروف، وهي زيادة موافقة لبنية الحروف العربية وليست بالغريبة عنها، لأن العرب أنفسهم أضافوا النقط والشكل عند الحاجة إلى ذلك، وليست زيادة شرطة على الكاف بأغرب من زيادة النقط على الحروف للتمييز بين الأشكال لمتشابهة أو المتقاربة·
وعلى كثرة اللغات والعائلات اللغوية التي تؤديها حروف العربية لم يزل ضبطها للألفاظ أدق وأسهل من ضبط الحروف اللاتينية التي تستخدم لكتابة عائلة لغوية واحدة·
فالأبجديات الأوروبية كثيراً ما لا يتفق فيها نطق الكلمة المكتوبة على ألسنة أمتين ولو كانت لهما أبجدية واحدة وأظهر ما يظهر ذلك في كتابة الأعلام، فاسم Franklin مثلاً ينطق (فرانكلن) بالإنجليزية، وينطق (فرانكلا) بالفرنسية·
وهذا ما لا نعهده في نطق الفارسي الذي يقرأ الأوردية أو التركية أو العربية، ولا نعهده في نطق العربي الذي يقرأ الفارسية أو الأوردية أو التركية·
بل إن من الحروف ما يلفظ على خمسة أصوات كحرف (T) الذي ينطق في الإنجليزية (تاء) كما في to و(ثاء) كما في think و(ذالا) كما في (this) وشينا كما في mention بل و(سينا) كما في الكلمة نفسها بالفرنسية·
وكذلك حرف (S) في الإنجليزية فينطق (زايا) في is و(صادا) في salt و(شيناً) في sure و(جيما معطشة) في pleasure·
وكذلك حرف (G) في الإنجليزية فينطق >جيماقاهرية كما في God وجيما معطشة كما في Religion وقد يكتب ولا ينطق في Right وبعض حروف العلة في الإنجليزية تقترن فتنطق على أربعة أصوات كما ففي هذه الكلماتblood, door, food,. ·moon >2 <
أما قواعد النحو والصرف فهي غير منتظمة في كثير من اللغات انتظامها في العربية، مما يضطر معه المتعلم إلى حفظ الكثير من الأفعال لشذوذها في التصريف بين المضارع والماضي والكثير من الصفات والظروف التي لاتجري على قاعدة مطردة في اشتقاق الصفة والظرف، كما هو الحال في الفرنسية والإنجليزية·
أما بالنسبة للغة العبرية فإنه بالرغم من أن هناك علاقة قرابة واضحة بينها وبين العربية، وبالرغم من أن اللغة العربية ظلت محتفظة بكيانها، بل ووصلت في خصوبتها وغناها إلى أعلى الدرجات كما يتبين لنا بوضوح مما تبقى لدينا من تراث جاهلي قبل الإسلام من شعر ونثر، وحتى كان الإعجاز اللغوي أحد أوجه الإعجاز القرآني، فإن اللغة العبرية الحية نسيت في وقت ما، واقتصرت معرفتها على مجموعة قليلة من رجال الدين، ولم يترك علماء اللغة العبرية القدماء للخلف شيئاً ذا بال بشأن الأسس والمبادئ التي تقوم عليها هذه اللغة، لقد فقدت الأمة العبرية كل ما يشرف الأمة ويزينها (ولاعجب في ذلك بعد كل ما عانت من المحن والاضطهاد) إلا فتاتاً من لغتها وأدبها، فلقد ضاعت تقريباً جميع أسماء الفاكهة والطيور والأسماك، وأسماء أخرى كثيرة على مر الزمان·
كما أن معاني كثير من الأسماء والأفعال التي نصادفها في التوراة >3< إما مفقود أو على الأقل مختلف عليها>4< كما أنا نفتقر بدرجة أشد إلى التراكيب الخاصة في هذه اللغة فقد محا الزمان الذي يلتهم كل شيء جل العبارات والأساليب الخاصة التي استعملها العبرانيون من ذاكرة الناس·
فلن نستطيع إذن أن نبحث لكل نص كما نود عن جميع المعاني المقبولة وفقاً للاستعمال الجاري في هذه اللغة، وسنجد نصوصاً كثيرة تتضمن كلمات معناها غامض للغاية ولايمكن إدراكه على الإطلاق >5< وفضلاً عن أننا لا نستطيع أن نحصل على معرفة تامة بالعبرية، فهناك تكوين هذه اللغة نفسه وطبيعتها، إذ يوجد فيها كثير من المتشابهات مما يستحيل معه العثور على منهج يسمح لنا بأن نحدد عن يقين معاني جميع نصوص العهد القديم·
فالعبرية مثلاً لا تعرف المضارع، وإنما تعبر عنه بصيغة اسم الفاعل، وأحيانا بصيغة المستقبل· كما أن العبرانيين لم تكن لديهم حروف تعادل الحروف المتحركة حتى القرن السادس الميلادي، ولم يعرفوا الحركات قبل أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن الميلادي على يد علماء لغويين لا تساوي سلطتهم شيئا، وخاصة مع عدم تواتر الحفظ في الصدور· هذا بالاضافة إلى أن الحروف العبرية إنما تكتب فرادى، ولا يتصل بعضها ببعض، ولم يتعود العبرانيون أن يقسموا كلامهم المكتوب أو أن يبرزوا المعنى بصورة أقوى، أي تأكيده بعلامات >6<·
ومن ثم بدت دراسة اللغة العبرية في حاجة ماسة إلى دراسة اللغات الشقيقة، وخاص العربية باعتبارها أكثر اللغات الشقيقة حياة وازدهاراً، من أجل حل المشكلات الصعبة، وهذا ما أكد عليه مران بن جناح في كتابه التنقيح >7< وكذلك أكد عليه دوناش بن لبرت عندما ترك لنا قائمة تحتوي على (168) كلمة عبرية لايمكن فهمها إلا إذا قورنت باللغة العربية >8<·
كما أكد عليه كثير من علماء اليهود عندما اقتفوا في دراستهم النحوية أثر النحويين العرب ، ولا سيما سيبويه حتى جاءت كتاباتهم باللغة العربية·
ولا شك أن فهم أية لغة جيداً يحتاج إلى معرفة غيرها من اللغات وخاصة اللغات الشقيقة المنبثقة على نفس الأصل، وكذلك اللغات التي احتكت بها فتأثرت وأثرت، إلا أن حاجة دارس اللغة العربية إلى دراسة مثل هذه اللغات هو من باب الكمال أما حاجة دراسة اللغة العبرية في حاجة ماسة إلى دراسة تلك اللغات الشقيقة، وخاصة العربية باعتبارها أكثر اللغات الشقيقة حياة وازدهاراً، من أجل حل المشكلات الصعبة، وهذا ما أكد عليه مران بن جناح في كتابه التنقيح وكذلك أكد عليه دوناش بن لبرت عندما ترك لنا قائمة تحتوي على (168) كلمة عبرية لايمكن فهمها إلا إذا قورنت باللغة العربية·
كما أكد عليه كثير من علماء اليهود عندما اقتفوا في دراستهم النحوية أثر النحويين العرب، ولا سيما سيبوية حتى جاءت كتابتهم باللغة العربية·
ولا شك أن فهم أية لغة جيداً يحتاج إلى معرفة غيرها من اللغات وخاصة اللغات الشقيقة المنبثقة عن نفس الأصل، وكذلك اللغات التي احتكت بها فتأثرت وأثرت إلا أن حاجة دارس اللغة العربية إلى دراسة مثل هذه اللغات هو من باب الكمال أما حاجة دارس العبرية كمتخصص فهو من باب الاحتياج الضروري·
وبالإضافة إلى ما سبق فإن المزية البينة في قواعد اللغة العربية أنها تابعة لأغراض التعبير والدلالة· ويظهر ذلك بوضوح في ازدهار ظاهرة الإعراب، ولا تخفي أهمية وجود هذه الظاهرة وأثرها في دقة التعبير والدلالة، يقول الزجاجي:>إن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني، فتكون فاعلة، ومفعولة، ومضافة، ومضافا إليها، ولم يكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذه المعاني، بل كانت مشتركة، جعلت حركات الإعراب فيها تنبئ عن هذه المعاني·· ليتسعوا في كلامهم ويقدموا الفاعل إن أرادوا ذلك أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه وتكون الحركات دالة على المعاني<·>9<
وتتفوق العربية كذلك في وجازتها وسهولتها ودقتها على لغات كالإنجليزية والفرنسية، فيجوز أن يخلو مكان الفعل الظاهرمن الجملة العربية وتفيد معناها المستقل مع تقديره أو تقدير ما ينوب عنه فيجوز مثلاً أن يقال (رجل في الدار) ويفهم منها ما يفهم من قولهم باللغات الأوروبية (رجل يوجد في الدار) أو ما يفهم من قولنا بلغتنا العربية (رجل موجود في الدار)، ولكن في الفرنسية والإنجليزية لا تتم الجملة على وضع من هذا الأوضاع بغير الفعل الظاهر، فكل كلام خلا من الفعل الظاهر عندهم فهو غير مفهوم·
واللغة العربية كذلك تدل على المبني للمجهول بصيغة خاصة في أوزان الفعل بينما الإنجليزية والفرنسية فتدلان على المبني للمجهول بعبارة، ففي العربية نقول (يُفْتَح الباب) بصيغة المجهول ولكن العبارة الإنجليزية التي تدل على ذلك هي The door is opened وهي تقابل قولنا (إن الباب يكون مفتوحا) وهو تعبير يخلو من دقة الصيغة العربية لأنه أقرب إلى الوصف منه إلى الإخبار عن حدث·
وتزيد اللغة العربية صيغة لا وجود لها في الإنجليزية والفرنسية وهي ما اقتصرت عليه اللغة العبرية، وهي صيغة الفعل المطاوع (أنفعل) فيقول القائل (انفتح الباب) ويعبر بذلك عن معنى لاتدل عليه دلالته الدقيقة كل من صيغة المبني للمعلوم، وصيغة المبني للمجهول·
فإذا قلنا (فتح محمد الباب) فهذا لمن يهمه أن يعرف من الذي فتح الباب وإذا قلنا (فُتِحَ الباب) فقد يكون الخبر موجها - أيضا - إلى سامع يهمه أن يعلم شيئاً عن الفاعل، ولكن المتكلم يخبره بأنه لا يعرفه أو يخبره بأنه يعرفه ولا يريد أن يذكره تعمداً لإخفائه أو لإهماله، ولكن هناك حالة غير هذه وتلك وهي حالة إنسان ينتظر فتح الباب ولا يعنيه من الذي فتحه كما لا يعنيه أن يقول له المتكلم إنه يجهله أو يعرفه ولا يريد أن يذكره، في هذه الحالة يقول العربيانفتح الباب) فيؤدى المعنى المطلوب بغير خلط بينه وبين الحالات الأخرى·
واللغة الدقيقة هي اللغة التي تلاحظ مقتضى الحال في كل عبارة من العبارات الثلاث ولا تستخدم عبارة واحدة لموضوعين ملتبسين، بل تستخدم كل عبارة لموضوعها الذي لا لبس فيه وهذه هي صفة اللغة العربية في وفائها بالمعاني المقصودة على حسب إرادة المتكلم والسامع أو على حسب ضرورة التفاهم بين الاثنين·
كما تبدو عظمة هذه اللغة ووجازتها مع دقتها من أن درجة الفاعلية في الاسم تثبت في اللغة العربية باستخدام صيغ من مادة الفعل نفسه بغير حاجة إلى مادة مستعارة من غيره· ففي اللغة العربية صيغ للمبالغة تعطينا من مادة الفتح مثلاً كلمة (فتّاح) بمعنى الكثير الفتح ولا مقابل لهذه الصيغة وأمثالها من صيغ المبالغة ففي الإنجليزية والفرنسية إلا باستخدام جمل أو عبارة مركبة من عدة كلمات·
أما الصفة المشبهة فهي آية الآيات في توضيح هذه الدقة للغة العربية، حيث تفرق اللغة العربية بين الصفات بفروق لفظية تحيط بأعمق ما بينها من فروق المعنى·
فهناك فرق بين كلمة (كريم)، وكلمة (معطاء)، فمعنى أعطى مرة واحدة فهو معط أو فاعل لفعل من أفعال الكرم، وان لم يكن كريما على الدوام، وكذلك المعطاء الذي يعطي مرات كثيرة، لا يلزم من ذلك أن يكون كريما أو أن يكون عطاؤه من عنده، فربما كان المعطاء في معنى من معانيه مرادفا للصراف على هذا الاعتبار، فالكرم صفة لا تحدث في كل عطاء أو كل منحة أو كل صنيع معدود من الصنائع الكريمة، ولكنه صفة ملازمة، ولو لم يحدث فعل الكرم غير مرة واحدة أو مرات معدودة، فإن الذي يعمل عمل الكرماء (كريم) ولو لم تتجدد أعماله أو هباته، فالكرم يعبر عن الخلق الثابت الذي لا يتوقف على حدث في زمن محدد· ومن ثم جاءت صفة الكريم من فعل لازم وجاءت صفة المعطاء من فعل متعد لمفعولين، واستغنى المتكلم عن صيغة اسم الفاعل من الفعل كرم مع وجود الصفة المشبهة لأن صيغة (الكارم) مع سهولتها على اللسان لو وجدت لا تؤدي المقصود من الفعل (كرُم) الذي هو صفة دائمة وليس بعمل متكرر·
كما تتجلى الدقة للغة التي تراعي مبدأ المطابقة بين الصفة والموصوف وإلا كان ذلك نقصا أصيلا في وسائل الدلالة اللغوية، ويزعم العقاد أنه ليست في لغة من لغات الحضارة لغة تمت لها أدوات الصفة وشروطها كما تمت للغة العربية، فالصفة تابعة للموصوف في اللغة العربية، مطابقة له في الإفراد، والتثنية، والجمع، وفي التذكير والتأتيث، وفي التعريف والتنكير، وفي مواقع الإعراب· وإن لوحظ بعض هذه المتابعات في بعض لغات الحضارة، فيزعم العقاد أن اللغة العربية هي الوحيدة التي تلاحظها جميعها بقواعدها المطردة· >10<
أما الضمائر وأسماء الإشارة وأسماء الموصول فموجودة في جميع لغات الحضارة ولكنها في اللغة العربية توجد مميزة حيث يحتاج الأمر إلى التمييز، وبمقدار الحاجة إليه، وكثيراً ما تأتي جزافا في غيرها من اللغات·
فضمير المتكلم لا يحتاج إلى تمييز بين المذكر والمؤنث، لأن إشارة المتكلم إلى نفسه كافية للتعريف بجنسه، ولكن يحتاج إلى التفرقة في العدد، فالفرد يتحدث إما بلسان نفسه، وإما بلسان جماعة، وهو ما نجده في اللغة العربية كما نجده في جميع اللغات· فنقول (أنا كتبت) للمفرد مذكرا ومؤنثا، ونقول (نحن كتبنا) للجمع مذكرا ومؤنثا·
ولكن الضمير في حالة الخطاب والغياب يحتاج إلي التمييز في الجنس والعدد، فميزته اللغة العربية كما ميزت الفعل مع الضمائر المختلفة في العدد وفي الجنس، كما ميزت بين الفعل في حالة التكلم وحالة الخطاب وحالة الغياب فنقول في حالة الخطاب للرجل (أنتَ كتبتَ) وللمرأة (أنتِ كتبتِ) وللرجال (أنتم كتبتم) وللنساء (أنتن كتبتن) وللمثنى بنوعيه (هما كتبا)·
بينما الضمائر في لغات كالإنجليزية والفرنسية فلا تعرف المثنى ولا تفرق الإنجليزية بين الضمير المذكر والضمير المؤنث ويتساوى ضمير المخاطب في الإنجليزية في الجمع والتثنية والإفراد·
كما يتساوى الفعل في الإنجليزية مع الضمائر المختلفة في الجنس والعدد سواء في حالة التكلم أو الخطاب أو الغياب·
وفي العبرية كذلك لا نجد ضمائر مثناه كما أن العبرية لا تفرق في صيغة الفعل بين الغائبات والغائبين فأصبحت لهما صيغة واحدة تشبهه العامية المصرية (فعلوا) هذا مع الفعل الماضي أما مع الفعل في المستقبل فهناك التباس بين مستقبل الغائبات ومستقبل المخاطبات·
ومما يبين دقة العربية كذلك ما نجده في العبرية مثلا من جزافية لا تعهدها في العربية عندما أدخلت أداة التعريف على اسم الإشارة والمشار إليه، بينما أدخلت العربية أداة التعريف على المشار إليه فقط، ولم تدخله اسم الإشارة باعتباره معرفة ولا تعريف للمعرف·
وتتجلى دقة اللغة العربية حين نلاحظ أنها تفرق بين جموع القلة وجموع للكثرة فتقول: (أَبْسط، أَرْغِفَة، أَفْراخ، فِتْيَة) للقلة، وتقول: 0بسط ، ورغفان، وقفول··· الخ) للكثرة· وهذا ما لا نجده لا في الإنجليزية ولا في الفرنسية ولا في العبرية·
كما نجد في اللغة العربية (التصغير) وهو ما لا نجده في لغات كالإنجليزيةوالفرنسية·
وفي اللغة العربية دون كثير من اللغات نجد كذلك أن التعبير عن اختلاف كيفيات الفعل ودرجاته متحقق من وفرة الأفعال التي تؤدي معنى كل كيفية ودرجة، فإذا تحدث المتحدث عن هبوب الريح ففي وسعه أن يقول: إنها نسمت أو خفقت أو سرت أو هبت ، أو عصفت، أو قصفت أو تهزَّمت إلى أشباه هذا الترتيب في القوة والتأثير·
كما أن التضعيف والزيادة في اللغة العربية يؤديان معنى الفعل على درجات وأشكال شتى يستغنى بها المتكلم عن الظروف بعكس كثير من اللغات الأخرى كالإنجليزية والفرنسية مثلا، ففي العربية من مادة الفتح - مثلا - يمكن أن نقول : فتح وفتّح بتشديدالتاء، وافتح، واستفتح، وفاتح، وانفتح·· الخ·
واجتزئ بما ذكرت في التدليل على ماحظيت به العربية من اكتمال لغوي يهيئها لحمل رسالة عالمية، وهو قليل من كثير لا يتسع المقام لعرضه· >11<
وأضيف هنا أنه كما تحتاج اللغة العالمية لكل ما سبق تحتاج كذلك لكل ما يجعلها رشيقة على اللسان محببة إلى الآذان ومن ثم يسهل على الأذهان حفظها واستذكارها·
أما الرشاقة فأكثر كلمات اللغة العربية ثلاثية ولا يتجاوز الاسم بالزيادة سبعة أحرف (وهو الخماسي المزيد بحرفين)، كما أن الفعل لا يتجاوز بالزيادة ستة أحرف (وهو الرباعي المزيد بحرفين) أما الإنجليزية والفرنسية فلا مقارنة لهما بالعربية في هذا المضمار، انظر مثلا كلمة مثل دين فهي في العربية مكونة من ثلاثة أحرف أما في الإنجليزية وكذلك الفرنسية Religion فهي مكونة من ثمانية أحرف وكلمة مثل نبي فهي في العربية مكونة من ثلاثة أحرف أما في الإنجليزية Prophet فهي مكونة من سبعة أحرف، وفي الفرنسية Prophete مكونة من ثمانية أحرف، بل إن كلمة (مشرك) وهي في العربية مكون من أربعة أحرف نجدها مكونة من ستة عشر حرفا في الإنجليزية Associationnator وكذلك في الفرنسية Associationniste ·
وأما الموسيقية: فيعتمد الشعر الإنجليزي في موسيقاه على النبر بينما يعتمد الفرنسي على عدد المقاطع في كل بيت >12< أما الشعر العربي فيعتمد على التفعيلات التي تكون بحور الشعر العربي التي ذكر الخليل بن أحمد الفراهيدي منها ستة عشر بحراً، لكل بحر منها عدة صور، بل وللصورة الواحدة عدة تنوعات موسيقية، هذا بالاضافة إلى ما لم يذكره الخليل من فنون الشعر: كالموشح، والدوبيت، والزجل، والمواليا، والكان وكان، والقواما··· الخ >13<·
أضف إلى ذلك أن >أوزان العروض العربية على إحكامها وإتقانها سهلة الأداء قابلة للتوسع والتنويع إلى الغاية المطلوبة في كل موضع يتناوله الشعراء···· (ومن ثمة) اختار شعراء اللغات الفارسية والعبرية والأوردية أن ينظموا بلغاتهم في أوزان العروض العربية، وفضلوه على أوزانهم القديمة، لأنها أسهل منها وأجمل في موقعها من الأسماع والنفوس< >14<·
كل هذا بعض مما هيأ العربية لحمل الرسالة الخاتمة ، يبرهنه علم اللغة المقارن ويقتضيه العقل للغة الرسالة الخاتمة · فصدق حافظ إبراهيم في قوله على لسان اللغة العربية:
وسعت كتاب الله لفظًا وغاية···
وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة···
وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن···
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي



الهوامش
(1) رواه مسلم في صحيحه في الباب 05) من كتاب المساجد، والترمذي في سننه في الباب (5) من كتب السير وأحمد في المسند ج 3 ص 412 ·
(2) انظرتفصيلات المقارنة بين العربية وغيرها من اللغات: العقاد: اشتات مجتمعات في اللغة والأدب ط دار المعارف ط الخامسة 1982 م ص: 12 ، 37 : 39 ، 52 : 53 ·
(3) انظر على سبيل المثال كلمة >الشْولَميّة< (نشيد الإنشاد 7 : 1) وانظر تعليق طبعة دار المشرق عليها ، ط 3 ، بيروت 1994م - المأخوذ من ترجمة أورشليم الفرنسية -، حيث يقول : إن هذا الاسم: >لم يعرف معناه حتى اليوم< ص 1390 ·
(4) انظر مثلاً كلمة >نَغْل ( في سفر >التثنية 22:3) وانظر تعليق طبعة دار المشرق عليها بأنه: >لا يعرف معناها الدقيق< ص 392 ·
(5) انظر مثلا تعليق طبعة دار المشرق على إشعياء 50: 1 - 3 إرميا 18 : 14 ، حزقيال 33: 25، هوشع 9 : 8 ، 13، 10 :6 ·

(6) انظر تفصيلات ما سبق:
سبينوزا: رسالة في اللاهوات والسياسة، ترجمة د· حسن حنفي، مكتبة الأنجلو المصرية ط 3 ، 1991م ، ص 251: 253 ·
> مدخل العهد القديم من الكتاب المقدس طبعة دار المشرق ص 52 ·
(7) انظر سلوى ناظم: دراسات مقارنة بين العربية والعبرية، دار الثقافة العربية، 1989 ص 9 ·
(8) انظر السابق ص 10 ·
(9) الزجاجي: أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي: الإيضاح في علل النحو، تحقيق مازن المبارك ، دار العروبة ، القاهرة، 1959 ص 69: 70 ·
(10) انظر العقاد: أشتات مجتمعات في اللغة والأدب ص 86 ·
(11) انظر مزيدا من التفصيلات:
- عباس العقاد : اشتات مجتمعات في اللغة والأدب
- سلوى ناظم: دراسات مقارنة بين العبرية والعربية
- عبد الصبور شاهين: العربية لغة العلوم والتقنية، دار الاعتصام ط 3 ، 1989 م ·
- فتحي أحمد عامر: اللغة العربية ضرورة قومية، سلسلة دراسات إسلامية العدد 41 القاهرة 1991 م
(12) انظر المزيد من التفصيلات
Ruth Miller and Robert A. Greenberg: Poetry an Introduction, Published by the Macmillan press Ltd London p. 116.
(13) انظر في تفصيلات ذلك : السيد أحمد الهاشمي: ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، المكتبة التجارية الكبرى بمصر·
(14) العقاد : أشتات مجتمعات في اللغة والأدب ص 105: 106



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.79 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]