الطفولة والأسرة في حياة الرافعي وشعره - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 777 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 129 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 90 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-09-2020, 05:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي الطفولة والأسرة في حياة الرافعي وشعره

الطفولة والأسرة في حياة الرافعي وشعره



د.محمد أبو بكر حميد




من عرف غزارة إنتاج مصطفى صادق الرافعي (1880-1937) من جهة، ومعاركه الأدبية العنيفة من جهة أخرى، ظن أن الرافعي لم يجد وقتاً في حياته إلا وكرّسه للكتابة والأدب، وأيقن أنه كاتب لا يعرف اللين والهدوء، إذ أمضى حياته كلها منافحاً عن قضايا الإسلام، ضارباً على أيدي أعدائه بقلمه البتار، الذي لا ينثني، فقد كان الرافعي – رحمه الله – ((ناقداً عنيفاً حديد اللسان، لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه))، كما يقول صفيه وتلميذه الأستاذ محمد سعيد العريان:
"يهاجم خصومه على طريقة عنترة، يضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع!".

ولهذا عاش الرافعي مهاباً من الأعداء والأصدقاء على السواء.

مثال الأب:
ولكن الذين عرفوا الرافعي في حياته الخاصة، واقتربوا منه ومن أسرته، يجدون عجباً، يجدون هذا الجبل الشامخ يلين رحمة وحباً أمام أسرته، ويجدون هذه العاصفة العاتية تنحني حناناً ورقة وهو يداعب أطفاله، ويحدثنا الأستاذ العريان بأن الرافعي كان في بيته وبين أهله مثال الزوج والأب المثال الذي تُحترم حدوده ويعطي لكل حقه، وكان إحساس أسرته بالأمانة الكبيرة التي حملها على عاتقه، جعلها تعينه على تبعتها ((كانوا جميعاً يعلمون ما عليهم لهذا الرجل الكبير، ويشعرون بما عليه من تبعات تفرضها مكانته الأدبية، فيهيئون له أسباب الهدوء والراحة والإطمئنان)) على أن هذا كله لم يكن على حساب وقت أولاده، فهناك الوقت المخصص لهم كل يوم حيث يكون فيه الرافعي مثالاً عالياً للأبوة الخالصة الحانية، ويشهد العريان له بذلك إذ يقول:
"وأنا ما عرفت أباً لأولاده كما عرفت الرافعي، إذ يتصاغر لهم ويناغيهم ويدللهم ويبادلهم حباً بحب، ثم لا يمنعه هذا الحب الغالي من أن يكون لهم أباً فيما يكون على الآباء من واجب التهذيب والرعاية والإرشاد، ناصحاً برفق حين يحسن الرفق، مؤدباً بعنف حين لا يجد إلا الشدة والعنفوان".

وإذا كانت شدة الرافعي وحزمه لا يحتاجان إلى دليل؛ لأن معاركه الأدبية تشهد بها، ولأن كتابه الجليل ((تحت راية القرآن)) ذروة سنامها، فإن شخصية الرافعي الأب المرح لا تتجلى إلا في شعره، وإن دواوين شعره – للأسف – لم يُعدْ طبعها من طبعتها الأولى، أي منذ ما يقرب من تسعين عاماً، فإن هذا الجانب من شخصية الرافعي وأدبه ظل مجهولاً، ولولا أن الأستاذ مصطفى نعمان البدري قد جمع أناشيد الرافعي – ومنها قصائده في أطفاله – ووضعها في ديوان مستقل بعنوان ((أغاريد الرافعي)) نشر في بغداد سنة 1979م، لما بقي شيء من شعر الرافعي في أيدي الناس.

الطائر الغرد:
فموقف الرافعي من أطفاله وسعادته بهم تترقرق صادقة في أشعاره ومقطوعاته الكثيرة، التي تجعله واحداً من أكثر شعراء العربية المحدثين غناء للأطفال والطفولة وأعذبهم فهذا هو قلب الرافعي يفيض أبوةً وحناناً ورقةً، يوم تملأ عليه بيته ابنته البكر ((وهيبة)) فيشدو مغرداً.









ولي ابنة هي معنى النفس في نظري وحكمة الفكر والوحي الذي أجدُ
كأن قلبي يراعٌ ملَّ من يده فحسنُها لي من نور السماء يدُ
لا يصبحُ البيت روضاً للذين به ما لم يكن فيه هذا الطائر الغردُ





وما يكاد طائر الرافعي الغرد (ابنته وهيبة)، يخطو خطوات في روضه، ويشدو بكلمة ((بابا)) فيسمع منها الرافعي أعذب الألحان، حتّى يهتف محتفلاً بإكمالها لعامين من عمرها.



طفلتي في العُمر مَرّتْ مِن سِنيها بائنتين
ليستا فيما غدت تعقل .. إلا ضحكتين
... جئتها يوماً فألق يت عليها قبلتين
وأمالت عنقاً آلَمْ تُهُ من غَمْزَتين


فمضت غضبى وقالت: ((باي يا بابا باي يا بابا)).
وأصبحت كلمة ((باي يا بابا)) أعذب ما سمعه الرافعي من شعر ولحن، وأصبحت الكلمة السحرية التي تذهب عنه وتبعده عن الهموم.

وأصبح صوت ابنته ((وهيبة)) عنده أعظم وأجمل من كل ما تهبه له الدنيا، وبالفعل وكأن الرافعي – رحمه الله – قرأ ظهر الغيب، فقد كان صوت ابنته ((وهيبة)) آخر صوت للطفولة سمعه الرافعي في حياته، فقد أصابه الصمم بعد ذلك، وظل صوت ((وهيبة)) يرن في أذنه كلما نظر إلى طفلٍ أمامه:



لو أتتني كل بشرى مِلْءَ أنحاء البلاد
لو أتاني السعد يوماً هاتفاً باسمي ينادي
لو سعى بالمدح والتمجيد لي كل العباد
أو شدا في كل أرضٍ بقريضي كلُّ شادٍ


لم يكن أحلى بسمعي كلُّ ذا من: ((باي يا بابا))


نعمة كالبلبل استعلى على الورد فغنى


قد غدا يُذهبُ في الدنيا العنا لفظك عَنَّا



وأرى الشعر فنوناً صرت لي منهن فَناً


حكمة ما مثلها الحكمة عندي باي يا بابا.



السمو النفسي:
وقد تعهد الرافعي كل أولاده من بنين وبنات بهذه الأغاريد يربيهم بها ويغرس بها فيهم القيم والذوق والأخلاق والدين، وعلى حد تعبير الأستاذ مصطفى البدري في مقدمة ((الأغاريد)):
"يظهر فيها مبلغ السمو النفسي في الأداء عند شاعرنا الرافعي، الذي عاش لأبنائه أباً كريماً، ومربياً فاضلاً، ومعلماً داعياً، ينشدهم ما يجول بأفئدتهم من نداء العواطف وهتاف الخواطر وتعلق بالشعارات الاعتقادية، وكأنما يستجيب لما يتشوقون إليه من فضل وكرم، يُزهي بهم على الأقرانْ".

فهو يسجل تاريخ ميلاد ((وهيبة)) بالشعر حين يهتف بفرح:





يا عروس الشعر أهلاً ثم أهلاً بالنجيبة
يوم ميلادك عيد القلب يا بنتي الحبيبة
قلت في تاريخه: زيّنْتِ بيتي ((يا وهيبة))



وحين توافيه ابنته خديجة يغرد لها الرافعي مدللاً ومعلماً ومربياً بموشحة تقول:



ندى الورد على فُلُك كسفت الورد والفُلا
ومن غصنك من ظلّك كسفت الغُصن والظلا
فما أحلاك في دَلّك ومن علّمك الدلا
وكل الحق في كُلّك فربي يحفظ الكُلا
فمن فضلك، ومن فضلك أرينا المرأة الفُضلى



ويجلس الرافعي يداعب ولده سامي ويهزه في الأرجوحة في أنشودة يتفق لحنها ووزنها مع حركتها التي تدعوه للنوم:





يا سامياً وأنت في الأقوام من ((رافعي)) الحكمة في الأنام
من عترة الخليفة الإمام من ((عمر)) المعز للإسلام
إن جميع السادة العظام أهل العُلى والهمم الجسام
ومن أضاؤوا أفق الدوام لم يولدوا أكبر في المقام
منك ولا في العقل والأجسام فلا تكن أصغرهم يا سامي!




تحقق أمنيته:
ويبتهل الرافعي ألا يكون ولده ضعيفاً خواراً، بل شجاعاً مقداماً، لا يهزه الثناء ولا صلف الظَلَمَة، ويتخيل الرافعي أن الأرجوحة تهتز فخراً ((بالفتى المقدام)) إلى أن يقول مفتخراً بنسب الأسرة، الذي ينتهي إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه:



أنعم بها أرجوحة يا سامي تنام فيها أهنأ المنام
في قطعة من روضة الأيام يأوي إليها طائر الأحلام
في وَكْرَي النهار والظلام على غصون العمر النوامي
أزهارها ما زلن في الأكمام قامت على ذاك الغدير الطامي
في شاطئ المستقبل البسام كأنها خواطر الأحلام



وقد حقق الله أمنية الرافعي في ابنه سامي، الذي حصل على الدكتوراه، وكان وراء عملية التصنيع الزراعي في مصر والعراق والشام والمغرب بإخلاص وصدق، وهو الذي رعى أول مزرعة مثالية في ((بهتيم))، مسقط رأس والده، ثم أصبح خبيراً عالمياً في تخصصه قبل وفاته، رحم الله الوالد والولد.

ونظم الرافعي – يرحمه الله – العديد من الأناشيد المدرسية المثبت معظمها في دواوينه المنسية، وكانت معظم هذه الأناشيد استجابة لطلبات خاصة من المدرسين، أو من أولاده الذين يتابع تحصيلهم للدروس يوماً بيوم، فقد كتب نشيد ((بنت النيل)) لأبنته زينب الأثيرة لديه – لتفوقها الدائم على أقرانها – لتلحنه لها موجهة الأنشطة بالمدرسة الثانوية، وقد ألقي النشيد في الحفل السنوي للمدرسة، وكان مطلعها:



وادينا وادينا كصفو الندى
يهدينا يهدينا طباع الهدى



وينشد الرافعي في حب مصر، ويفديها بأعز ما لديه، وهو أمر ينفي تهم الذين يظلمونه بعدم الولاء لمصر، بسبب أصله الشامي، فقد ولد الرافعي ومات في مصر، ولم ينظر إليها إلا أنها محط أنظار العرب وفي سواد عيون المسلمين:



نرضيك نرضيك يا مصر المنى
نفديك .. نفديك أيا أمَّنا



ويؤكد الرافعي في جميع أناشيده التعليمية والتربوية على الصلة الحميمة بين العلم والخلق والدين:



بالعلم والثبات وبالهدى والدين
وكل آتٍ آت يا ربنا آمين



وفي نشيد رائع بعنوان ((ليلة الساهر على الطفل المريض)) يعزف الرافعي بحنان فياض للطفولة والأسرة والأبوة ومطلعها:




يا ليلةً عطل فيها المدار ظلامها فحم وفي القلب نار
وشهبها طائرة كالشرار ويحي متى يطفيك نهر النهار




ويمضي النشيد يتحدث إلى الطفل عند النوم والأحلام حتى يصل إلى مرحلة الدرس والعبرة فيقارن الطفل بالكبار:



يا مضني الطفل بآلامه ولم يزل في مهد أحلامه
تُعّد ذا الطفل لأيامه أم هذه تذكرة للكبار



ويتجلى الرافعي ذائباً في الطفولة، محتشداً بكل مشاعر الأبوة التي امتلأ بها قلب الشاعر، وينشد قصيدة ((ندى الورد)) التي يعتقد الأستاذ مصطفى البدري أنه كتبها في ابنته زينب الأثيرة لديه، ويقول فيها:



ألا يا حبة الحب ويا إنسانة الأنس
وروح القلب في القلب ومعنى النفس في النفس
وثغر اللؤلؤ الرطب ولحظ الماس في الشمس
يعيش الحسن في شكلك فما أحلى، وما أحلى



ولا ينسى الرافعي الشاعر المربي صاحب راية القرآن أن يغرس الدرس الأخلاقي، ويعلي القيم المعنوية على القيم المادية، ويرى الجمال الحقيقي في عمل الإنسان وخلقه قبل أي شيء آخر، وأن يزن الأشياء بميزان الإسلام ويرى الإنسان والكون والحياة من ذلك التصور:



فكوني دائماً حُسناً بأعمالك في الناس
ومن أخلاقك الحُسنى أضيئ ضوء نبراس
على الألماس ما أثنى كهذا النور في الماس
ومن فضلك من فضلك أرينا المرأة الفضلى



وكثيراً ما يجعل الرافعي من أناشيد هدهدة الأطفال وسيلة تربوية لغرس حب الوطن في قلوب الأطفال.
وكتب نشيداً من هذا الضرب لابنه عبدالرحمن يقول فيه:



أنت ابن مصر وابني وسعدها وسعدي
أبنيك حين أبني تفي لها بوعدي
أبنيك من ضميري فلتعطها ضميرك
ولتحي يا صغيري حتى ترى صغيرك



وقد حقق الله أمنية الرافعي في ولده عبدالرحمن الذي كبر وأصبح من حماة الوطن.
وكان الرافعي بفراسة المؤمن قد توسم في ابنه ذلك فدعاه بقوله:



أنت دمي فصُنه للدفع عن بلادك
أكرمه لا تخنه وأجعله من أمجادك



ولكن هذه الأمنية الأخيرة لم تتحقق، فقد توفي الرافعي قبل أن يرى أولاد عبدالرحمن الذي كان وقتها يدرس بالكلية الحربية. ولكن عين الرافعي قرت وهو إلى جوار ربه حين أصبح عبدالرحمن واحداً من الضباط الأحرار الذين قادوا ثورة مصر سنة 1952م وتصدر مواجهة العدوان الثلاثي في شرق القاهرة والسويس سنة 1956م وأثمر فيه غرس والده وأثر تربيته القرآنية فيه.

فيروي لنا الأستاذ مصطفى البدري أن عبدالرحمن الرافعي صدع بالحق في وجه عبدالناصر واختلف معه وتركه، فليس ابن الرافعي الذي تربى أولاده تحت راية القرآن بالذي يقبل بالدنيا عن دينه ونفسه.

رحم الله الرافعي ونفع بعلمه وأدبه ومثاله في الخلق والتربية أبناء هذه الأمة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.03 كيلو بايت... تم توفير 1.97 كيلو بايت...بمعدل (2.29%)]