مجالس الشباب
مجالس الشباب مجالس الشباب
بسم الله الرحمن الرحيم
تجتمعون أنت وأصدقاؤك – وتتحدثون في فرص ما بين الحصص والفصول الدراسية..
وربما في بيت أحدكم..
أو في ناد أو ملتقى شبابي أو طلابي أو أخواني عام.
فكل فرصة للقاء مع الاخوان او الاصدقاء او الزملاء او الاهل او الاقرباء, ثمينة سواء للتداول في قضية او شان معين, او حتى مجرد التزاور لتوطيد العلاقة, وطرح الهموم, وطارحة الراي, وادخال السرور على الاخر, ومسامرته, واشعاره بحبك له.. وشعورك بقربك منه..
كل هذه الفرص لعقد مجالس الود والمصافاة, او لمدارسة امر معين من امور الدنيا والاخرة,او لطلب العلم, او لاي غرض انساني او معرفي او عملي.. هي من اوثق فرص التفاعل الاجتماعي, وتمتين عرى الايمان والمؤاخاة.
تلك مجالس.. يحبها الله
ويحبها رسوله.
ويحبها المؤمنون.
وتلك مجالس نتمنى ان نراك تحجز مكانك فيها حيث تعد ولا تفتقد..
قل لي أي مجلس جلست .. اقل لك من أنت؟
إن من أطيب فرص الحياة وأهناها لقاء الأخوة والأصدقاء.
ولان لقاء الأخوان من الطيبات, جعل الله سبحانه وتعالى ذلك نعمة من نعمه السابغة في الجنة (أخوانا على سرر متقابلين). فكلما تنعم اخيك وصديقك وصفيك في الدنيا,فتتناجيان وتتنادمان ويبث أحدكما للأخر همومه, ويتلقى الأخر ذلك بأذان صاغية, فيسلي صاحبه, ويخفف عنه وطأة أحزانه وإشجانه, ويشاطره اللوعة ان كان ملتاعا, ويشاركه الفرحة ان كان قرير العين مسرورا, فان هذه الصورة من الإخوة الخالصة سوف تنتقل بانتقالهما إلى الرفيق الأعلى, حيث يرتعان في بحبوحة النعيم الأبدي, سعيدين بصحبتهما وتعاشرهما لان الله لم يفرق بينهما في الدار الآخرة, كما كانا لا يفترقان في الدار الدنيا.
انس الشاب بالشاب او الشبان مثله, حاجة اجتماعية ماسة.
وانس الفتاة بفتاة او فتيات مثلها حاجة لا تعوض.
ومجالس الشبان وان تغير حالها- في عصر الاتصالات- فلم تعد – ألا في النادر- مباشرة وحية وحميمة كما كانت قبل هذا العصر,ألا إن هذا العصر لم يقض أو يشطب عليها تماما, فمجالس الشبان تدور عبر شبكات الانترنيت ومقاهيه, ولا تظن زمانا سيأتي لتزول تلك المجالس العامرة.
وقد يتزوج الشاب أو تتزوج الفتاة, وتتغير في حياتهما أشياء كثيرة, لكنهما لا يضحيان أو يفرطان بعلاقات اخوانية, ربطتهما عميقا مع أصدقاء وصديقات ابقوا على رباط المودة والصحبة حتى الممات وثيقا.
نعم قد نلتقي بأصدقاء وزملاء جدد, ولكننا يستحيل إن ننسى أخوانا جمعتنا وإياهم أيام الحب, ومجالس الخير, وساحات العطاء.
وكان
النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد وفاة زوجته خديجة الحبيبة رضي الله تعالى عنها إذا طبخ طعاما أوصى بان يقدم منه إلى صديقات خديجة وفاءا لها وللصحبة الكريمة.
ويقول الامام علي عليه السلام (من كرم المرء..حفظه قديم إخوانه).
وتمتد جسور الصحبة الطيبة من الاباء الى الابناء.
ففي الحديث) لا تقطع اوداء ابيك فيطفا نورك).
وفي اخر ( ينبغي للرجل ان يحفظ اصحاب ابيه, فان بره بهم بره بوالديه).
وهكذا تبقى الصحبة(حية) حتى إذا مات الأصحاب.. فما أحلاها وأروعها من قيمة إنسانية.وقد تكون للصداقة الجديدة نكهة معينة ف(لكل جديد لذة) ألا أن نكهة الصداقة القديمة خاصة ومميزة, لأنها تدل على عمق الرابطة بين الأخوين الصديقين, وألا ما دامت طويلا, ذلك لان الأصدقاء احد اثنين:
( إخوان المكاشرة) الذين تضحك لهم ويضحكون لك, وتقضون وقتا ممتعا مع بعضكم البعض في اللهو والتسلية والمفاكهة ثم ينفرط المجلس, وقد لا يذكر هؤلاء بعضهم البعض إلا في أوقات السمر والمنادمة.
(واخوان المعاشرة) وهم الثقاة الذين يحزنون لحزنك كما يفرحون لفرحك, ويمحضونك النصيحة والإخلاص حاضرا كنت أو غائبا,والذين يمدون لك يد المساعدة متى احتجت الى اعانتهم وتعاونهم.
فالمجالس الاخوانية- باختصار-(مغنم جسيم) كما جاء في الحديث الشريف
((لقاء الاخوان مغنم جسيم وان قلوا)).
كيف ذلك؟
- لانه من جهة يحقق او يلبي حاجة اجتماعية للالفة والمعاشرة والتواصل مع الاخرين والاحساس بالقوة.
- ولانه يفيد في تطييب الخواطر وتهدئة النفوس المضطربة فيما لو اصابتها مصيبة, وتنادى الاخوان لتسلية وتصبير الاخ المنكوب.
- ولانه ينفع في تبادل الاراء ووجهات النظر.
- ولانه يغني الاخوة المجتمعين بالنصائح المتبادلة, والمقترحات التي تحل المشاكل, والتجارب التي يعيشونها.
- ولانه – ان كان مجلس عبادة, او علم او عمل او تواصي بالحق, او تواصي بالصبر, وارساء معاني الاخوة والمحبة والتعاون- مجلس يحبه الله ورسوله والمؤمنون, وترفرف عليه الملائكة باجنحتها, ولا تنفك عنه حتى ينفض الاجتماع.
وقد لا يجد احدنا احيانا ابا ليفضي له باسراره او اما يبثها شكواه, لكنه يتخذ من صديقه واخيه موضعا لاسراره, وحق ما قاله الشعراء:
وليس كثيرا الف خل وصاحب وان عدوا واحدا لكثير
انواع المجالس:
يمكن تقسيم المجالس الشبابية من حيث طبيعتها عدة اقسام:
اولا: المجالس العابثة.
ثانيا: مجالس الكفر والاستهزاء.
ثالثا: مجالس الريبة.
رابعا : مجلس الانتقاص من المؤمنين.
خامسا: المجالس الممقوته.
سادسا: مجالس اللهو البريء.
سابعا: المجالس الجادة.
ويمكن التمييز بين هذه الانواع من المجالس من خلال روايتين:
الاولى: قال الحواريون لعيسى عليه السلام من نجالس؟
فقال((من يذكركم الله رؤيته,ويرغبكم في الاخرة عمله, ويزيد في منطقكم عمله)) .
الثانية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((اذا رايتم روضة من رياض الجنة فارتعوا فيها)). قيل يارسول الله وما روضة الجنة؟ فقال ((مجالس المؤمنين)).
وعلى ضوء هاتين الروايتين, يكون بامكاننا ان نفرز المجلس العابث المسيء من المجلس الهادف الكريم, وذلك انك اذا عرفت ما هو المجلس الصالح, امكنك تلقائيا ان تعرف المجلس غير صالح.
من كتاب مجالس الشباب
|