بين رهط اليوم ورهط الأمس.. إن الله لا يصلح عمل المفسدين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-07-2020, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي بين رهط اليوم ورهط الأمس.. إن الله لا يصلح عمل المفسدين

بين رهط اليوم ورهط الأمس.. إن الله لا يصلح عمل المفسدين


خميس النقيب



الإفسادُ في الأرض شِيمَة المجرِمين، وطبيعة المخرِّبين، وعمل المفسِدين، والفَساد في الأرض ضَياعٌ للأملاك، وضِيقٌ في الأرزاق، وسُقُوطٌ للأخلاق، إنَّه إخفاقٌ فوق إخفاق، يُحوِّل المجتمع إلى غابَةٍ يأكُل القوي فيه الضعيف، وينقضُّ الكبير على الصغير، وينتَقِم الغني منَ الفقير، فيزداد الغنيُّ غنًى، ويزداد الفقير فقرًا، ويَقوَى القويُّ على قوَّته، ويضعُف الضعيف على ضعفه!

صنَّاع الفَساد يسعَوْن ليلاً ونهارًا، سرًّا وجهارًا، سفرًا ومقامًا، حلاًّ وترحالاً، لماذا؟! لأجل نشْر فسادِهم، وبثِّ سمومهم، وتحقيق أغراضهم، يُعاوِنهم الشيطان، ويُمهِلهم الرحمن، يقهرون أنفسهم، ويُجهِدون عقولهم، ويقتُلون مشاعِرهم، ويَفقِدون إحساسَهم، ويُنفِقون أموالهم، ولكن هيهات! ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].

رهط اليوم يترسَّمون خُطَى رهط الأمس!
﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾ [النمل: 48 - 49].

رَهْطُ اليوم كرَهْطِ الأمس في الفَساد والإفساد، يتبيَّن ذلك من خِلال الآيات السابقة؛ لأنَّ الهدف واحد، والغاية واحدة؛ صدٌّ عن سبيل الله، وتهميشٌ لدين الله، بل إقصاؤه عن واقع الحياة؛ ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [النمل: 48]، نفرٌ قليل، لكنَّه جُهد كبير، لا يُفسِدون في المدينة فحسب، بل إنهم ﴿ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾! إنَّه جرمُ الإفساد، فمِنْ تعظيم القرآن لخطر الإفساد في الأرض جَعَل الإفساد في منطقة معيَّنة هو في حقيقته إفسادٌ في جميع أرجاء الأرض، فماذا نقول لِمَن يُرِيد أنْ تَشِيع الفاحشة في الذين آمنوا؟ ممَّن يُريدون للمرأة أنْ تُسفِر عن جسدها، وتخرج من حيائها، وتُغضِب ربَّها ويسعَوْن من أجل ذلك سعيًا حثيثًا، ويَصبِرون في هذا الطريق ويُصابِرون!

بل في تَهْميش الشريعة وتعطيل الرسالة سِيادةُ القانون الوضعي، وموالاة الكفار ومعاداة الأصدقاء، بل قتْل الشُّعوب، والحرب على العلماء، الداعون إلى الفساد عددُهم قليل جدًّا، فهم رهطٌ قليل قد لا يتجاوَزون العدد في رهْط ثمود، نعم قد يكون لهم أتْباع وأذْناب وعملاء، لكن المحرِّك الأساس عند ذلك الرهط الذين ﴿ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾، ﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ... ﴾ [النمل: 49]، مُؤامَراتٌ داخليَّة واتِّفاقات سريَّة، واجتِماعات دوريَّة، لماذا كلُّ هذا؟! ليتمَّ الإفساد بحسب ما يُخطِّطون، وبقدْر ما يستَطِيعون.

﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ﴾ هم من بني جلدتنا، وَيَتَكَلَّمون بألسنتنا، ويتصدَّرون بأسمائنا، وينهبون تحت أسماعنا وأمام أبصارنا، ﴿ لَنُبَيِّتَنَّهُ ﴾ مع سبق الإصْرار والترصُّد، والبَيات لا يكون إلا بالليل، تعلَّق هذا الرهط بالظَّلام، أمَّا رهط اليوم أشدُّ حبًّا وشغفًا للأضواء، كيف؟! جرائد صفراء، وليالي حمراء، وشعارات جوفاء، ثم مُعاداةٌ لشريعة السماء، يُبيِّتون بليلٍ، ويمكرون بإخلاص، ويُخطِّطون بحقد، يقضون الليل في نقاشٍ وحوار، في تخطيطٍ وإصرار؛ لتدمير الإسلام وإبادة أهله، لهدِّ بنيانه، وإسقاط أركانه، ومحْو آثاره، وطمْس هويَّته، وسلْب مقدَّساته، فإنْ لم يستَطِيعوا القَضاءَ عليه مباشرةً فلا بأسَ بالتعامُل الحضاري؛ بالقتْل البطيء، بالموت الرحيم، فينظرون أيها أشد فتكًا، وأعظم هتكًا، فيبثُّون ما تحمله الرِّياح عبر الهواء والأثير، وما يكتب في المجلات والجرائد عبر المنافق والعميل.

وإنْ كان رهط ثمود أرادوا أنْ يقتَلِعوا الإسلام من جذوره بقتل نبيِّ الله صالح، فها هُم أتباعُهم اليوم قد استَوعَبُوا الدرس، وأدرَكُوا أنَّ جذوره متأصِّلة مَتِينة، فتبقى لهم وسيلة أخرى من هدْم الدين بتَهمِيشه وتنحيته، بعزله وتقييده!

﴿ وَأَهْلَهُ ﴾ عجيبٌ أمرُ هؤلاء الذين اتَّفقوا منذ فجر التاريخ على إيذاء المؤمنين في أهليهم! إذًا ما يحدث اليوم من حصار ودمار، وفساد وإفساد وحرب مسعورةٍ على المُصلِحين وأهليهم، ما هو إلا صدًى لما تعرَّض له الأنبياء والصالحون في أهليهم؛ في قصَّة إبراهيم - عليه السَّلام - مع النمرود معلومة، ولوط وبناته، وموسى وأمه وأخته، وعيسى ووالدته، وكلُّنا يتذكَّر حادثة الإفك وما فيها من إيذاء، وهذا رهط ثمود يُخطِّطون لقتل أهله، وتدميرهم!

حتى جاء رهط اليوم يُرِيدون أنْ يقتلوا المرأة؛ بضرْب عَفافِها، وطمْس هويَّتها، وقتْل حَيائِها، بدعوى التحرير، ودعوى الحريَّة! لكن رغم الضربات ورغم الحملات - بفضل الله ثم بجهد المصلحين على مختلف انتماءاتهم وأوطانهم - الحجاب ينتَشِر، والحياء يَترَعرَع، والمساجد تتَلألأ، والصحوة تتألَّق! شاهَت الوجوه وخابَت المَساعِي، كما شاهَتْ مَن قبلَها، وخابَتْ مَن سبقَتْها.

أيُصلِح الله عملَ المفسدين؟!
أيُصلِح الله عملَهم؟! كلاَّ ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 14]، أيعلو الله هدفهم؟! كلاَّ ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 50]، إنَّه تهديدٌ شديد، من عزيزٍ حميد، سنَّة كونيَّة، وقدرةٌ إلهيَّة، وآية قرآنيَّة سطَعتْ على مَدار الزمان والمكان، لتُسمِع مَن كان حيًّا فيرتَدِع، وتُذكِّر مَن كان ناسِيًا فيفيق، وتُنذِر مَن كان غافلاً فينتَبِه، وهي رسالةٌ إلى مَن بات يُرتِّب ويخطِّط، يعلِّل ويحلِّل، يمكُر ويُفكِّر، يتحيَّن ويتخيَّل؛ لتحريف آيةٍ قرآنيَّة، أو طمس سنَّة نبويَّة، ليحجب الناس عنْ دينهم، ولكنَّ المكر السيِّئ لا يحيق إلاَّ بأهله، فما عاقبة مكرهم؟

﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل: 51]، إنها مسألةٌ حسابيَّة واضحة ﴿ تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾ فقط في مجتمع، قادُوا المجتمع إلى الهاوية، أيُصلِح الله عملَهم؟! كلاَّ ﴿ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾.

إنَّ رهط اليوم بلَغُوا من الفَساد والإفساد ما لا يُصدِّقه عقل، ولا يخطر على بال، فعَلُوا كلَّ شيءٍ في كلِّ شيءٍ، لكن أيُصلِح الله عمل قومٍ تاجُروا في أقوات الشُّعوب فضيَّعوها عمدًا، وتحايَلُوا على أموال اليتامى فأكلوها ظلمًا؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]، إذا كان الناس لا تعرف هؤلاء المجرِمين المفسِدين فالله يعلَمهم؛ ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220].

أيُصلِح الله عملَ قومٍ أضمَرُوا الشرَّ وكرهوا الخير؟! أيُصلِح الله عملَ قومٍ أحبُّوا المعاصي وكرهوا الحسنات؟! أيُصلِح الله عملَ قومٍ أدمَنُوا الإفساد وحارَبُوا الإصلاح؟! أيُصلِح الله عملَ قومٍ لا يدعون الصدَّ عن سبيل الله، ولا ينفكُّون عن إيذاء العامِلين بمنهج الله، ويبغونها عِوَجًا في كلِّ مَيادِين الحياة؟! كلاَّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81]، ﴿ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 86].

أيُصلِح الله عملَ قومٍ يسعَوْن سعيًا حثيثًا نحوَ الدَّمار والخراب، فيُوقِدون الحروب، وينسجون الخطوب، ويفتنون الشعوب؛ ﴿ ... كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64].

إنَّ نقص المكيال، وتَطفِيف الميزان، وبَخْس الناس حقوقَهم وأشياءَهم فسادٌ في الحياة، وإفسادٌ في الأرض؛ ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85].

﴿ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ﴾ أتمُّوها ﴿ بِالْقِسْطِ ﴾ بالعدل ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ لا تنقصوهم من حقِّهم شيئًا، ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ بالقتل وغيره.

أيُصلِح الله عملَ قومٍ فعَلوا الفاحشة وقالوا: وجَدنا عليها آباءَنا والله أمَرَنا بها؟! كلاَّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81]، ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 28]، إنَّ الله يَعلَم مَن المصلِح ومَن المفسِد، كيف؟! ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220].

إنَّ الذين يجحَدُون النعمةَ ويرفضون الدين كصلاحٍ للدنيا - ظلمًا وعلوًّا واستكبارًا - بعد يَقِينهم وتأكُّدهم من ذلك فاسِدُون أيضًا مُفسِدون؛ ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [النمل: 14].

حِصار المُفسِدين:
إنَّ المُفسِدين يجب أنْ يُعزَلوا، وأنْ يُقاطَعوا فلا يَمشِي معهم أحدٌ، ولا يتعاوَن معهم أحدٌ حتى ولو أُنفِقت في ذلك أموال، وبُذِلت من أجل ذلك جهود؛ ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: 94]، قالوا: ﴿ يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ﴾ اسمان أعجميَّان لقبيلتين ﴿ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ بالنهب والبغي عند خُرُوجهم إلينا، ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا ﴾ جُعْلاً مِنَ المال ﴿ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ حاجزًا فلا يصلوا إلينا!

الصالِحون والمُفسِدون، الفُجَّار والمتَّقون في ميزان الله!
المفسِدون سابقًا في مكَّة قالوا للمؤمنين: "إنَّا نُعطَى في الآخِرة مثلما تُعطَوْن"؛ بمعنى: أغنياء الدنيا - ولو من نصبٍ ونهبٍ - هم أغنياء الآخرة! فأنزل الله: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 28]، نعم، فرقٌ واسعٌ بين الصلاح والفساد، وبونٌ شاسع بين التقوى والفجور!

فرعون الأوَّل في الفساد!
قمَّة الفَساد في الأرض؛ ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4]، هذا الأوَّل من الفراعنة أيُصلِح الله عملَه؟! كلاَّ، عندما أراد أنْ يؤمن وهو يُغَرغِر، أبَى اللهُ ولم يقبلْ منه، لماذا؟! لأنَّه كان عاصيًا، لأنَّه كان فاسدًا؛ ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 91]، وهكذا كلُّ الفاسدين اللاحِقين.

قارون الباغي الفاسد، أين؟!
المُفسِد في الأرض لا يَشبَع من الدنيا ولا يَقنَع بنصيبه، وإنما يُدمِن الفَساد ويبغي الإفساد ولا يملأ عينه حتى التراب؛ ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].

أيُصلِح الله عمله؟! كلاَّ؛ ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81].

نداء عاجل!
في إندونيسيا أقنَعَ بعضُ المنصِّرين مجموعةً من شَباب المسلمين أنْ يعمَلُوا معهم في مجال التنصير؛ فشرعوا يُوزِّعون الكتب، وبعدما رأَوْا جهودهم جاءَهم المنصِّر المسؤول عنهم، وقال: أنتم عملتم معنا واجتهدتم، فماذا تتمنَّون؟ قالوا: نريد أنْ نزور مكة لأداء فريضة الحج، فعلم أنهم لم يتأثَّروا بالنصرانيَّة! ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81].

فيا أهل العلم، ويا أهل الفقه، ويا أهل الفكر، ويا أهل الإفتاء، ويا أهل الأقلام، ويا أهل العقول، ويا أهل الصلاح، ويا أهل الإخلاص، ويا أهل المروءة، أينما كنتُم وحينما وجدتم، إنَّ رهط اليوم من المفسِدين يقودون الأمَّة نحو الهاوية، إنهم يَحمِلون مَعاوِل الهدم لإغراق السفينة، إنهم يَحمِلون أدوات الفساد لطمْس الرسالة، إنهم يَحمِلون بذور الإفساد لتحريف العقيدة، لكن أيُصلِح الله عملهم؟! كلاَّ ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].

أيُحقِّق الله غرضَهم؟! كلاَّ ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [الصف: 8]، إنما أنتم المعنيُّون بجهادهم، وأنتم المُرابِطون في طريقهم، وأنتم العالِمون بطَبِيعة نفوسِهم ومرض قلوبهم، كيف؟! ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: 52].

أمَّا الكفَّار فقد استَنفَر الله لصدِّهم وقتالهم جميعَ المؤمِنين؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 123].

عِقاب المفسدين:
إنَّ الإفساد سعيٌ دَنِيء، وعملٌ رَدِيء، وخلقٌ وَضِيع يُنافِي الفطرة، ويُغضِب الرب، ويُفسِد الأجيال، ويُحطِّم الآمال، ويمهِّد الطريق إلى خزْي الدنيا وعَذاب الآخِرة؛ ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33]، وعلى النقيض!

جزاء المصلحين:
إنَّ الدار الآخِرة بكلِّ ما فيها من ثمارٍ وأنهارٍ، ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطَر على قلب بشَر - إنما جُعِلت للذين لا يُرِيدون الفَساد، ولا يرغَبُون في استعلاء أو استكبار!

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]، فما بالُكم بالذين يُحارِبون المفسِدين ويقتَلِعون الفساد؟!

الأمَّة الآن في حاجةٍ إلى سَواعِد المُرابِطين، إلى فكر العاملين، إلى جهْد المجاهِدين، إلى إخلاص المخلِصين، فأين أنتنَّ يا فتيات الأمَّة؟! ألاَ تنتبهن؟! أين أنتم يا شَباب الأمَّة؟! ألاَ تنهَضُوا؟! أين أنتم يا دُعاة الأمَّة ألاَ تستَفِيقوا؟! أين أنتم يا عُلَماء الأمَّة؟! ألاَ تنتَفِضوا؟! اللهمَّ شرِّفنا بالعمل لدينك، ووفِّقنا للجِهاد في سبيلك، امنَحنا التَّقوى، واهدِنا السبيلَ، وارزُقنا معيَّتك، وأورِثنا جنَّتك، اللهمَّ ارزُقنا الإخلاصَ في القول والعمل، ولا تجعَل الدنيا أكبَر همِّنا ولا مَبلَغ علمِنا، وصلِّ اللهمَّ على سيِّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم، والحمد لله ربِّ العالمين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.78 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.70%)]