استغلال حاجة المحتاج في نظر الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2020, 02:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي استغلال حاجة المحتاج في نظر الإسلام

استغلال حاجة المحتاج في نظر الإسلام


الشيخ محمود شلتوت




اتَّضح مما أسلفنا أن الإسلام يعتمد في بناء المجتمع على جُملة من المبادئ، أهمها في الجانب المادي من الحياة: مطالبة كل فرد من أفراد المجتمع بالعمل على تحصيل رزقه الذي يَكفل حاجته، ويوفِّر له حياة نفسية هادئة، وأشعر الإسلام - بجانب هذا - الأغنياءَ الذين آتاهم الله من ماله، أن هذا المال وإن كان معقودًا في ملكيته بأسمائهم، إلا أن حقَّ الانتفاع به مشترك بينهم وبين إخوانهم الفقراء، الذين يكوِّنون المجتمع معهم، ويكون راحته من راحتهم، واضطرابه من اضطرابهم، مُشترك بينهم وبين المصالح العامة التي تحتاج إليها الجماعة في راحتها واستقرارها وإدارة شؤونها، وبعد هذا أوجب الإسلام مدَّ يد المعونة إلى الفقراء والمساكين وأرباب الحاجات؛ إما بالبذل، أو بتهيئة العمل، كما أوجب مدَّها إلى أولياء الأمر بما يُمكِّنهم من إقامة المصالح التي تُحقِّق خير الجماعة.

ووضعًا للمعونة في موضعها، ووقوفًا بها عند الحد الذي يرفع عن كاهل المحتاجين عِبء الضرورات المُقوِّمة والحاجات المُيسِّرة والمصالح النافعة - حذَّر الإسلام كل التحذير من الإسراف وإنفاق الأموال؛ حيث لا ضرورة تُلجئ إليه ولا حاجة تَقتضيه.

على هذه الأُسس التي تقتضيها الأخوة والتراحم والتعاون، والاشتراك في الإحساس، وتبادُل الشعور بين الأفراد بعضهم مع بعض، وبينهم وبين الدولة - امتَلأ القرآن في مكِّيه ومدنيِّه بآيات الحثِّ على الإنفاق على الفقراء والمساكين، وفي سبيل الله، وقد وجهت العناية الكبرى في ذلك إلى قضاء الحاجات الشخصية التي تَطرأ على الأفراد، فتُوهِن من قوَّتهم، وتُضْعِف من رُوحهم، ولا ريب أن قلقهم في الحياة - مع رؤيتهم تمتُّعَ إخوانهم الأغنياء - مما يضاعف همَّهم، ويَفتح لهم شرَّ النوافذ التي يُعكِّرون بها على الجماعة صفو الحياة، ويُزَلْزِلون عليها عناصر الأمن والاطمئنان.

بهذا الوضع الذي انتهجه الإسلام في بناء المجتمع، وربَط به بين أفراده بما يجعلهم كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وكالجسم الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعَت له سائر الأعضاء بالسهر والحُمَّى، وكاليدين تَغسل إحداهما الأخرى، بهذا الوضع الذي يُركِّزه الإسلام ويدعو إليه، ويُحذِّر مخالفته أو التهاون فيه، ويعتبر التهاون فيه إلقاءً بالأنفس إلى التَّهلكة - بهذا كان من غير المعقول أن يُبيح الإسلام للغنيِّ القادر من أبنائه أن يستقلَّ بمُتعة ماله، وأن يَنفرد بحق الانتفاع به، دون أن يَمُدَّ يده لسدِّ حاجة المحتاج من إخوانه أو دولته.

وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يَظلمه، ولا يُسْلِمه))، ومَن ترَكه يجوع ويَعرى - وهو قادر على إطعامه وكسوته - فقد أسلَمه، وصحَّ عنه أنه قال: ((مَن كان معه فضلُ ظهرٍ، فليَعُد به على مَن لا ظهر له، ومَن كان له فضلُ زادٍ، فليَعُد به على مَن لا زاد له))، ويقول الراوي: "ثم ذكَر أصناف المال، حتى رأينا أنه لا حقَّ لأحدٍ منا في فضله"، ويقول عمر بن الخطاب: "لو استقبَلت من أمري ما استدبَرت، لأخَذت فضول أموال الأغنياء، فقسَّمتها على فقراء المهاجرين".

وإذا كان من غير المعقول في الإسلام - وموقفه هكذا من مبدأ التعاون - أن يُباح للغني أن يَقبض يده عن معونة أخيه الفقير، أو عن المساهمة في إقامة المصالح العامة؛ فمن غير المعقول بوجه أبعدَ وأشد، أن يُباح له شدُّ الخِناق على رقبة أخيه الفقير، أو دولته المحتاجة، فيَفرض عليه أو عليها في مقابلة المعونة الواجبة دراهمَ معدودة يردُّها إليه أخوه الفقير المحتاج، أو دولته الفقيرة المحتاجة، زيادةً على رأس ماله الذي أقرَضه إياهم؛ سدًّا للحاجة أو إقامةً للمصلحة.

ومن هنا حرَّم الإسلام - إبقاءً على هذه المبادئ الإنسانية - تحريمًا قاطعًا، أن يتَّخذ الغنيُّ حاجةَ أخيه الفقير، أو دولته المحتاجة، فرصة لاكتساب المال عن هذا الطريق الذي لا خير فيه للمجتمع ولا للأفراد، والذي يجعل الغني في تربُّص دائم لحاجة المحتاجين، يستغلها في زيادة ماله، دون عملٍ يُحقِّق به نسبته إلى المجتمع، وجزئيَّته في بنائه، والذي ينزع من قلبه الشعور بالوحدة، ومعاني الرحمة والعطف التي هي من خصائص الإنسان الفاضل.

وقد جاء في القرآن: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: 275]، وجاء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278 - 279].

وهذا هو الأصل في تحريم الإسلام على أهله المعاملةَ المعروفة باسم الربا.

وقد جاء وقلوب الناس فارغة من معاني الرحمة والتعاون؛ يأكل قويُّهم ضعيفَهم، ويستغل غنيُّهم فقيرهم، ولا فضل للغني سوى أنه ذو مالٍ، ولا ذنب للفقير سوى أن ظروف حياته لم تهيِّئ له مواد الغنى وسُبل الكسْب، وفي هذا الجو المُظلم تفتَّق جَشَعُ الأغنياء عن هذه المعاملة، وتقاضَوا ممن يُداينونهم بقرضٍ أو ثمنٍ - في مقابلة تأجيل القضاء - زيادةً عن رؤوس أموالهم، واتَّخذوا ذلك سبيلاً لجمْع الأموال وتكديسها من دماء المحتاجين، وبذلك نشأت الرأسمالية الطاغية، فمزَّقت الإنسانية، وجعَلت أفرادها أشبه بحيوان الغاب؛ الغني يَطمع، فيَفترس الفقير، والفقير يَحقد، فيَفترس الغني، ولكلٍّ سلاحه الذي يَقتل به أخاه.

جاء الإسلام والناس على هذا الوضع السيِّئ، فأفرَغ جُهده في القضاء على منابع الشر، وأخذ - بمبادئه الحكيمة - يُزيل الحواجز التي قطَعت ما بين الناس من صلات التراحم والتعاون والبر والإحسان، وأخَذ يَبني المجتمع بناءً واحدًا متماسكَ اللَّبِنات، مُتضامَّ الوحدات، وكان أوَّلَ ما اتَّخذه من ذلك في الناحية الإيجابية الحثُّ على التعاون والتراحم، وأخْذُ القادر بيد الضعيف، ووصْلُ ما قطَعوا من صلات، ثم كان تحذيره الشديد فيما يختص بالناحية السلبية، فحرَّم الربا والرِّشوة، بعد أن حرَّم الشُّح والبخل والضنَّ بحق الفقير والمسكين.

ولإظهار ما بين الناحيتين من تفاوُتٍ، قابَل القرآنُ الكريم في كثير من آياته بينهما، ووضَع أمام الأبصار سورة مُضيئة هي صورة التراحم المطلوبة، وبجانبها صورة مُظلمة هي صورة الاستغلال المَمقوتة؛ كي يُمعِن الناظرون في الآثار الطيبة لصورة التراحم، والآثار السيئة لصورة الاستغلال، فيكونَ لهم من هذا الوضع ما يردُّهم عن احترام صورة الاستغلال إلى احترام صورة التراحم؛ وبذلك تتحقق إنسانيَّتهم الفاضلة، ويسيرون في الحياة بخطوات متَّزنة في البناء والتشييد، فيَنعمون بالحياة، وتَنعَم بهم الحياة.

ومن هنا لا نكاد نجد آية من آيات التحذير من مبادئ الاستغلال، إلا وبجانبها آية أو آيات تُعلي من شأن البذل والمعونة والتراحُم، وإن شئت فاقرأ من سورة البقرة المدنية الآيات: من الواحدة والستين بعد المائتين: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261]، إلى الآية الثمانين بعد المائتين: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280].

واقرأ من سورة آل عمران المدنيَّة الآية الثلاثين بعد المائة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130]، إلى الآية الرابعة والثلاثين بعد المائة: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

واقرأ من سورة الروم المكية الآيتين الثامنة والثلاثين والتاسعة والثلاثين: ﴿ فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ [الروم: 38 - 39].

اقرأ هذا كلَّه بعين البصيرة، وتدبَّرْه برُوح الإيمان الصادق - تَعرفِ الهدف الذي لأجله حرَّم القرآنُ الربا، وأكْلَ أموال الناس بالباطل، وسدَّ أبوابه وأحكم السدَّ على أهله وأتْباعه، وتَعرفْ أنه هدفٌ يتَّصل اتصالاً وثيقًا ببناء المجتمع بناءً متينًا، تتفاعل وَحداته بإحساس واحد واتجاه واحد وغاية واحدة، وليس دون هذا المجتمع يريد الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.59 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]