هرب الكلمات...! - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 855248 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 390069 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-07-2020, 03:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,931
الدولة : Egypt
افتراضي هرب الكلمات...!

هرب الكلمات...!


وليد سميح عبدالعال



تصورْ معي هل وصلنا إلى أمثال هذا العصر..؟
وهل يُمكنُ أن يقعَ بنا هذا..؟


انتشر الخبرُ سريعًا على غير المعتاد..
البعضُ تلقاه بدهشة.. البعضُ الآخر تلقاه بغير مبالاة..
والقليل تلقاه بقلق..!
وأقل القليل لما سمعه هبَّ واقفًا، وبدا وكأنه قد فقد عزيزًا كان يخاف ويشفق من فِقدانه يومًا.

لقد اختفت بعضُ الكلمات...!!
كان أحد العلماء منهمكًا في البحث عن بعض الكلمات في معجم من المعاجم الكبيرة، وعلى غير العادة أطال البحث.. تعجب الرجل لأنه لم يجد مرادَه، وعزا ذلك لتعبه وإرهاقه، فأجّل البحث لليوم التالي..

في الصباح سارع ليعاود البحثَ.. ومرة أخرى لم يجد الكلمة المرادة..!

لقد أصبح الأمر مريبًا.. انتقل العالم لمعجم آخر ليبحث فيه فراعه وأفزعه أمرٌ عجيب.. لقد كان مكانُ الكلمة التي يبحث عنها فارغًا...!!

مساحة من البياض بدلًا من معاني المادة المكتوبة، أو التي اعتاد أن يراها ويراها الناس مكتوبة..

أراد أن يستيقن مما رآه، فاحتمال الجنون قائم، ولكن الإنسان يظل يحسن الظن بعقله، والأمر قريب، فقد يكل هذا العقل أو يصيبه الخللُ فلا يعلم ولا يعقل من بعد ذلك شيئًا..

أراد أن يستيقن فجاءه اليقينُ بأسرع ما يكون: اتصل به صديقٌ منزعجًا مضطربًا خائفًا.. لقد حدث له ما حدث معه..!

بات الأمر واضحًا..لقد كثرت المساحاتُ البيضاءُ في الكتب والمعاجم، وبان أن كثيرًا من الكلمات قد تركت محالَّها المعهودة وذهبت إلى حيث لا يدري أحد..!

ولعلك تفكر الآن مع من يفكر: ما الإشكال.. فلنكتب هذه الكلمات مرة أخرى في مواضعها ألستم على علم بها، وقرأتموها وكتبتموها مرارًا..فما المشكلة..؟

المشكلة يا صاحبي..أن هؤلاء الذين اكتشفوا هذا الأمر وهم الأعلم بهذه الكلمات.. ولم يفلحوا في تذكر هذه الكلمات قط، وبدا أنهها؛ كما محيت من الكتب والمعاجم، قد محيت من رؤوسهم تمامًا، بل بدا كأنهم لم يستفيدوا علمها أصلًا..

وذكر بعضُ الباحثين الذين تعرضوا لهذا الأمر أنه بعد التدقيق في مساحات البياض المتروكة في الكتب تم العثور على نقاط سوداء صغيرة اختلف في كنهها، ورجح البعض أنها قد تكون نقاط الحروف مما يدل على أن الكلمات (من فضلك لا تضحك!) كانت كأنها مسرعة وهي تترك أمكنتها فارغة..!

انعقد مجلس مرتجل من بعض المهتمين بهذه الظاهرة، ضم علماءَ وباحثين ونحويين وأدباءَ، للوصول إلى معرفة حجم الظاهرة ومدى انتشارها، وهل اقتصر الأمر على اختفاء (وقد سماه البعض هربًا) بعض الكلمات، أم أن الظاهرة متزايدة..؟

البعض جاء خائفًا مهمومًا، والبعض فوض أمرَه إلى الله، ولكن القليل منهم فقط كان يدرك خطورةَ الأمر وهول عواقبه..

تحدثوا كثيرًا، وتناقشوا، وخمنوا، بل وتلاحوا وتبادلوا الاتهامات، وكادوا يتشاتمون لولا أن هدّأ الموقفَ بعضُ العقلاء من كبار السن، وكاد الأمر ينفضّ على لا شيء، ولكن قام هذا الرجل العاقل فصمت الجميع هيبة له، وأملًا.. لعل الحل يكون لديه.. قال:
" أرى أن نلجأ إلى أعلمنا لعله يفتينا في أمرنا هذا العجيب، فليس لنا بعد الله عز وجل إلا أمثال هؤلاء..".

ولكن أين هذا العالِم الذي تنحل عنده هذه العجائب..؟

شيخ كبير فانٍ أخذت الأيامُ نصيبَها منه ونالت، لكن برغم ذلك ما زلت تشعر في عينيه بالقوة والمعرفة والتوقد..

انطلقت النخبة المختارة إليه.. عالم لغوي، نحوي، فقيه، مفسر.. وقل أن تجتمع في واحد وينبغ في جميعها..

كان على علم بما حدث ولكن أقعدته عزلتُه عن الوصال بالناس ومبادلتهم الآراء حول الأمر.

ما الذي جاء بكم أيها الأساتذة.. هل تذكرتم الآن أن هناك شيئًا تقلقون لأجله، وتهتمون به.. هل كنتم تنتظرون قارعة تأتيكم -وقد جاءت!- حتى تجتمعوا وتتعاونوا وتتفق كلمتكم..

"أهلًا وسهلًا بالنخبة من أهل العلم والفضل.."
(في صوته ما يشي بسخرية دفينة)..

فكّر أصغرُ عناصرهم وكان مبرِّزًا في علم الأصوات، ولكنه كبح أفكاره وانتظر ما سيسفر عنه كلامُ الرجل.

جلسوا متجاورين مضطربين في غرفة العالِم التي ضاقت بالكتب المتناثرة هنا وهناك، وجهاز الكمبيوتر العتيق الطراز، والطابعة الكبيرة الحجم، والمكتب الخشبي العريض، ولكن كان خيط الأمل ما زال ماثلًا لم ينقطع عند أكثرهم..
"لا وقت للمقدمات.. ما زال هناك أمل في أن تعود الأمور كما كانت، وتئوب الحروف من هربها المتعجل"

نعم.. فكر العنصر الأصغر.

لقد فكرت في أمر مشابه لذلك: (رفع القرآن)

كما ورد في الأحاديث أن القرآن يرفع من الصدور فلا يتذكره أحد.. ولكنا لم نصل لهذا العهد بعد (أم هل اقترب؟) ولعل غياب الكلمات إشارة لقرب ذلك.. (لا بد من حفظ القرآن حتى نحافظ على رُوح هذه المعاني والكلمات).

"نعم هو كما خمنتم ما زالت كلمات القرآن كما هي، وإن كل الكلمات الهاربة ليست في القرآن بحمد الله.. إذن فهو ليس زمان رفع القرآن..

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا حدث هذا الأمر..؟
أو إن صح التعبير بطريقة أخرى:
ما الذي جعل الكلمات تفر هاربة..؟

إن الذي يلاحظ استخدام أهل الكتابة للكلمات يقف على حقيقتين:
الأولى: أن كثيرًا من الكلمات قد هُجرت هِجرانًا تامًا من قِبَل كثير من الكتاب، بل وحل محلها كلمات ممسوخة أو كلمات غير عربية الأصل أو مولدة.
الثانية: أن كثيرًا من هذه الكلمات لم يعد له صدى في أعمال الناس وأحوالهم وتعاملاتهم وأضحى أهل الكلمة بعيدين عن روحها.

تابع الشيخ كلامه:
"لقد ظللت سنين (فالأمر قديم) أتتبع هذا الأمر في الكتب والإصدارات المختلفة في صبر وأناة، وأفلحت بتوفيق الله وحده في استخلاص كلمات مهجورة كتابيًا، وكذلك لم يعد لها رصيد واقعي مستعمل، وألفتُ كتابًا كان همي الأول فيه أن أنتصف لتلك الكلمات، وآخذ بحقها ممن ظلمها على حسب زعمي وظني..

وحاولت جاهدًا في حياتي العملية أن أعالج الشق الثاني من الأمر؛ وهو أن أنتصف لها في الواقع العملي بحيث لا تكون مجرد كلمات مكتوبة في كتب يعلوها التراب في مكتبات لا يدخلها أحد لانهماك أهل العصر في قيمه الجديدة البعيدة كل البعد عن الروح الداخلية والمعاني الرقيقة السامية لهذه الكلمات..

تعاملت زمنًا بالأخلاق الرفيعة، وحاولت أن أتحلى بالصبر والوفاء والصدق والأمانة والديانة حتى أعياني هذا الأمر، وأعيتني أخلاق البشر العجيبة وتقلباتهم، فلا جرم أن اعتزلت الناس كما ترون..

ولا أزعم أني مصيب في ذلك ولكني في النهاية بشر له طاقة، ومهما تكن همتي فقد كنت فردًا وحيدًا أنادي ولا سميع ولا مجيب كسائرٍ في صحراء قاحلة يبحث عن الماء ولا يجد حتى نشوة السراب الزائفة..

لذلك تبلورت عندي هذه الفكرة..إن الكلمات غاضبة ساخطة..

وكأنها شعرت أنها ليس لها مكان ولا قيمة.. وكأنها قد محيت من الوجود إلا من بحوث يكتبها أناس يكدون ويتعبون فيها، ولا يقرأها إلا واحد أو اثنين..

وكأن الكلمات أحست بقرب النهاية فأرادت أن تصنع نهايتها بنفسها.. وبيدي لا بيد عمرو..!

فاتخذتْ هذا القرار العجيب: الهرب (من الصعب أن تتخيل أن الكلمات تتخذ قرارًا)

هربت الكلمات مخلفةً وراءها فراغًا كبيرًا لا يُحسه إلا أهلُ هذه الصناعة..

ولكن أول الغيث قطرة، وسرعان ما ينتشر هذا السخط وذلك التمرد، ولربما ندرك زمانًا تخلو فيه الكتب، وتعود صفحات بيضاء، وتعود العقول غافلة، وتعود الهمجية والوحشية..

شعر العنصر الأصغر بالرعب من هذه الأفكار..

"قد يقول قائل منكم: ما بال هذا الرجل قد خرف.. يحدثنا بما هو محض خيال..محض خرافة.. نعم لقد كبِرت سنُّه، وبلغ من العمر أرذله فما المانع من أن يكون يَهرِف بما لا يعرف..

ساد صمت تام في الغرفة حتى خشي البعض أن يتنحنح..

وفي صمت قام الشيخ ليستخرج من بين كتبه كتابًا متوسط الحجم قد جلد بعناية تجليدًا يدويًّا، وبدا عليه أنه قد قرئ كثيرًا لاسوداد أطرافه وتفرق أوراقه..

قال الشيخ:
"لقد كنت أعكف على قراءة الكتاب كل ليلة، وبالنهار أظل أحاول التطبيق العملي بين الناس حتى أصابني الكلل، ولعلي كنت أخفف من وطأة غضب الكلمات فلما كللت وأهملت القراءة شيئًا حدث ما حدث..

وأيًّا ما كان الأمر فلا علاج إلا برد الاعتبار للكلمات علمًا وعملًا، أضف إلى ذلك حفظ القرآن قبل أن تحدث أمور أخري نَعَضُّ عليها أناملَ الندم..

صمت الشيخ وجلس هادئًا كأنما أفرغ جَعبته، وألقى عن كتفيه حملًا ثقيلًا..

تعالى لغطُ القوم واختلطت أصواتهم.. "ولكن أين ذهبت..؟".. "إذن ماذا نفعل..؟"

"هل ستعود سريعًا..؟"
ماذا......؟
كيف......؟
هل........؟

لم يعد الشيخ للكلام مرة أخري، ولكن كان قد وقر في قلب كل واحد من الحضور أنه وقع علي عاتقه مسئولية كبيرة لا يستطيع منها فَكاكًا..

تحسس العنصر الأصغر الكتاب القديم..

تصفحه سريعًا.. إشارات لغوية.. لمحات تفسيرية.. أشعار.. مقطوعات نثرية.. خواطر إيمانية..

وجد كلمات وضعت تحتها خطوط حمراء.. وأخرى تحتها خطوط زرقاء.. خمن أن اختلاف اللون بحسب درجة الأهمية..

انصرف الجميع وقد علا وجوهَهم بعضُ الوجوم والعبوس.. ولكن أزمَعَ كلٌّ منهم أمرًا

فكر العنصر الأصغر وسرح في خواطره..

لعله بعد بضعة أسابيع أو شهور -أخشى أن تكون سنين- يبحث عن الكلمات..

يفتح هذا المعجم أو هذا الكتاب..
يقلب صفحاته التي ثُلمت بالبياض..
فيجد أن هناك - ولو بدت شاحبة باهتة - كتابةً..

بالفعل تحتاج لبعض الإيضاح..
بالفعل تحتاج لبعض العمل..

تحتاج لبعض الاستقامة والصدق.. تحتاج للإفاقة من الغفلة.. تحتاج للإخلاص والثبات

وتمنى في قرار قلبه أن يستطيع رؤيتها مرة أخرى واضحة الحبر..

قوية..
بارزة..
وأن يحس وهو ينظر إليها..
أنها راضية..
هانئة..
ولم تعد تنوى
.............. هربًا!



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.20 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]