ديوان أبي العتاهية بين ناشر مزيف ومحقق متقن أمين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 32 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859161 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393481 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215764 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-08-2022, 06:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي ديوان أبي العتاهية بين ناشر مزيف ومحقق متقن أمين

ديوان أبي العتاهية بين ناشر مزيف ومحقق متقن أمين


د. محمد مطيع الحافظ





أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم العيني العنزي، شاعر عباسي مكثر سريعُ الخاطر، في شعره إبداعٌ، صاحبُ لونٍ خاصٍّ في الأدب العربي، امتاز بلون الزهد، والتحدّث عن الحياة والموت، والعلاقة بينهما، وإنْ تخلّلَ ذلك بعض الغزل والمدح، واشْتَهَرَ الشاعرُ بكثرةِ النظم وسرعته، وبعدم العناية بشعره؛ لاستطاعته النظمَ بسهولةٍ لم تُعْرَفْ عند غيره من الشعراء، وهو يعدُّ من مقدمي المولَّدين من طبقة بشار، وأبي نواس، وأمثالهما.

جمع الإمام يوسف بن عبدالله بن عبدالبَرّ النمري القرطبي ما وجدَ من (زهدياته) وشعره في الحكمة والعظة، وما جرى مجرى الأمثال في مجلد، منه نسخة مخطوطة حديثةٌ، اطّلع عليها أحدُ الآباء اليسوعيين، فقام بترتيب أبياتها على الحروف، وشرح بعض مفرداتها، وسماها: "الأنوار الزاهية في ديوان أبي العتاهية"، وطبعها سنة 1886م ببيروت.

أمّا البواعث وراءَ نشر أستاذنا الدكتور شكري فيصل الديوان، فهي رغبته في إخراجه في طبعة محققة، تدفع عنه ما تسرّب إليه من تحريف، وترفعُ عنه ما نزل به من ضيم.

وكان وراء ذلك بواعث عميقة، منذ بدأ التدريس في قسم اللغة العربية من كلية الآداب في جامعة دمشق في مادّة الأدب العباسي، وآثرَ أن يدرّسه في وجهتين: إحداهما: وجهة المجون، واختار أبا نواس على أنّه يمثل هذه الوجهة، والأخرى: وجهة الزهد، واختار أبا العتاهية على أنّه يمثل هذه الوجهة.

غير أنّ شعر أبي نواس مجموعٌ معروفٌ لإقامة دراسة مطمئنة، بينما شعرُ أبي العتاهية لم يكن كلُّه في أيدي الناس، فثروته الشعرية تبددت أو كادت، فلا ندري أينَ ذهبت مدائحهُ؟ وأين أهاجيه؟ فتجربته في الزهد لم تكنْ التجربة الأولى والأخيرة في شعره؛ وإنّما كانت جانبًا من نفسِه، أو جزءًا من حياته، وإِلَّا فأينَ تذهبُ هذه القدرة الرائعة التي عبّر عنها بقوله: لو شاء أن يجعلَ كلامَه كلَّه شعرًا لفعل؟!

ويقول أستاذنا: (لم تكن وقفتُنا عند الزهديات في شعر أبي العتاهية وقفةً مطمئنةً أو راضيةً، كان بين أيدينا نصوصُ أبي العتاهية كما طبعت في بيروت في المطبعة اليسوعية، وكانت الطبعة الأولى منها سنة 1886م، ثم تكررت بعد ذلك مرات، أغلبُ الظن أنّها أربعٌ من غير كبير اختلاف، ولكنّها لم تكن تحمِلُ مقدمةً يطمئنُّ القارئ إلى كلّ مصادرها، وإلى تحديد هذه المصادر في كلِّ قصيدة أو مقطوعة.. بل هناك طمسٌ لهذه المصادر، وسكوتٌ مقصود عنها... ومهما يكن من شيء، فالمؤكّد أني لم أستطع وأنا أدرسُ أبا العتاهية أنْ أطمئنَّ إلى هذا الديوان، أقيم الدراسة عليه).

ثم يقول: (وقرأتُ للشيخ أحمد محمد شاكر في "الشعر والشعراء" لابن قتيبة تعليقةً على ترجمةِ أبي العتاهية قال فيها: "وديوانه معروفٌ مطبوعٌ، طبعهُ الآباء اليسوعيون بمطبعتهم في بيروت، وهم قومٌ لا يوثق بنقلهم؛ لتلاعبهم وتعصبهم، وتحريفهم، ولكن هذا الذي وُجد بأيدي الناس"، فكانت هذه المقالةُ مثارًا جديدًا لي... وخطوةً جديدة في ذهني وقلبي نحو ديوان أبي العتاهية، في سبيل نشر الديوان).

وبدأ يسألُ عن مخطوطات الديوان، فاهتدى إلى نسخة الظاهرية التي صنعها ابن عبدالبر النمري، وأخذ يقابلُ بينها وبين الذي في مطبوعة الأب لويس شيخو، ولفت نظره في شيءٍ من عنفٍ تحريفاتٌ غريبةٌ، كأنها عملٌ مقصودٌ، وتجاوزَ ذلك إلى بترِ بعض الأبياتِ ذواتِ العددِ من بعض القصائدِ، وذكَرَ قولةَ الشيخ شاكر رحمه الله، وكان يظنُّ فيه بعض الحدّةِ، فإذا حديثُه دون أن ينهض لهذا التضليلِ الذي انساقتْ إليه طبعة الأب شيخو، والتي أرادتْ أن تسوقَ إليه الناسَ في شيء كثير من الاستخفافِ بكلِّ أمانةِ العلم، وخُلُقِ العلماء.

واستقر عند أستاذنا أمرُ السؤال عن مخطوطاتٍ أخرى للديوان، فطفق يلوِّبُ في رغبة جامحة، وحين كان في ألمانية أواخر تشرين الأول من عام 1965م موفَدًا من الجامعة السورية للاطلاع، كان من بعض همه أن يطّلع على مخطوطات برلين، وتوبنغن، فقضى الأشهر الأربعة الأولى بين هذه المخطوطات، وكان من سعادته أن عثر على نسخة من ديوان أبي العتاهية.

وعلى ذلك فقد توافرت له نسختان مخطوطتان من الديوان: الأولى التي في دمشق، والثانية في توبنغن.

ولما عاد إلى دمشق، عاود تدريس العصر العباسي، وظلَّ أبو العتاهية عنده نزعةً إلى طبع ديوانه ومحاضراتٍ عن شعره.

ويحدِّثنا أستاذنا عن عمله بالديوان والأحداث التي دفعت به إلى القيام بهذا العمل، فيقول:
(ولعلّها بعضُ الظروف القاسية التي يمرُّ بها المرء، تفصل بينه وبين الناس لتعود به إلى نفسه، لا يجدُ غيرها يتحدَّث إليها ويسائلها، ولا يملكُ سواها يستنطقُها ويحاوِرُها، ولعلّ هذه الأشهر التي لم يكن فيها بيني وبين الحياة إلا خيوطٌ من ذكرياتٍ، وكوَّةٌ أو كوَّاتٌ من ضوءٍ، وقطعةٌ من أرضٍ هي أشبارٌ في أشبارٍ[1]، أو أذرعٌ في أذرعٍ، وأصواتٌ تتناهى ولا تتراءى، وملامحُ تخطفُ العين، ثم تغيب، وزيارات محدودات هي كلُّ ما يصلني بالحياة والأحياء.

وقد بدأتُ عملي معتمدًا على مخطوطتَي الظاهرية وتوبنغن).

ثم يوردُ أستاذنا نماذجَ كثيرة من التحريفات التي في طبعة الأب شيخو، وتتلخَّص في تحريف في الكلمة الواحدة مثل (أوّاب) فيحرفها الأب شيخو إلى (أو آب)! وهو لا يطيقُ أن يرى لفظة (محمد) صلَّى الله عليه وسلَّم في شعر أبي العتاهية، فيحرِّف هذه اللفظة ما صادفها التحريف الذي يشملُ أكثر البيتِ؛ حتى لا ينتقضَ الوزنُ فينقل البيت:
وإذا ذكرتَ محمدًا ومصابه
فاذكُر مصابَكَ بالنبيِّ محمَّدِ


فيحرّفه إلى:
وإذا ذكرتَ العابدينَ وذُلَّهم
فاجْعل ملاذَك بالإله الأَوْحَدِ


ويتجاوزُ التحريفُ الكلمةَ الواحدةَ إلى التعبير الكامل، من أمثلة ذلك أنّه كان يستبعد التعبير الإسلامي: (لا شريك له)، ويضع مكانه تعبيرًا آخر مثل: (لا شبيه له).

ثم هو يحذفُ البيتَ كله، ويعمدُ إلى طيِّ الأبيات ذوات العدد التي في مدحِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم.

ثم يتساءل أستاذنا:
(أليسَ من الحقِّ إذًا أن تكونَ إعادةُ نشر ديوان أبي العتاهية أوّلَ واجبِ العاملين في الدراسة الأدبية أينما كانوا؟ استنقاذًا لسمعةِ هذا الترَاث أن يكونَ من بين الذين يعملون فيه مَنْ تهونُ عليهم كلُّ القيم العلمية والأخلاقية يدوسونها من غير رادع ثم لا يتورعون).

وتتلخّص خُطةُ عمل أستاذنا في تحقيق الديوان ونشره في:
1 - تحقيق النصوص:
واعتماده على نسخة توبنغن، واستعانته بنسخة الظاهرية، فأثبت الخلافات بين الأصول، وأشار إلى كثير منها في الهوامش، وخرّج القصائدَ والأبيات، وعزاها إلى مصدرٍ أو أكثر.

هذا عن الديوان، أمّا عن تكملةِ الديوان - أي: شعر أبي العتاهية الذي لم يردْ في المخطوطتين - فقد جمعه من كتب الأدب والتاريخ والتصوّفِ.

2 - الأشعار والأخبار:
سعى أستاذنا إلى الربط بين أشعار الشاعر وبين أخباره؛ لإقامة الدراسة الأدبية وفهم النصوص، فالأخبارُ والأشعارُ وجهان لحقيقةٍ واحدةٍ، هي وجودُ هذا الشاعر في معناه المزدوج: من حيثُ هو إنسانٌ يشاركنا أحداثَ الحياة وتجارِبها، ومن حيثُ هو فنان ينفردُ عنا بقدرته على الانفعال بها نوعَ انفعالٍ يقود إلى صياغتها صياغةً متميزةً، والتعبير عنها تعبيرًا فذًّا.

وفي ضوء هذا، فقد كان في عمله حريصًا على أخبار أبي العتاهية قدر حرصه على أشعاره، وعلى ذلك كان ما يرى القارئُ من عناية بذكر كلّ ما يتصل بالقطعة من خبرٍ ضئيل أو جليلٍ.

3 - الأخبار والأسانيد:
وقد ساقته العنايةُ بالأخبار إلى أسانيدِ هذه الأخبار، وإثارةِ العناية بهذه الأسانيد في كتب الأدب على نحو ما نرى عند علمائنا المحدِّثين أو على نحوٍ قريب منه.

وفي هذه الأسانيد امتحانُ الأخبار والاستيثاقُ منها؛ لننقدها ونمحّصها، ثم نبني على ذلك أحكامنا الأدبية.

واستقام العملُ لأستاذنا، فبدأ في الأقسام المتلاحقة:
1- الزهديات: وتضمُّ ديوان أبي العتاهية كما صنعه ابن عبدالبر، من ص1-443.
2- الأرجوزة: على نحو ما جاءت في نسخة توبنغن، من ص444-466.
3- تكملة الديوان: وتضمُّ ما اجتمع لأستاذنا من شعرِ أبي العتاهية في غير الزهد. من ص471-680.
4- المستدرك: ويتضمّن ما عثر عليه من شعرٍ أو خبرٍ أو إشارةٍ إلى شعرٍ وخبرٍ، من ص681-711.

وقد طبع الديوان طبعًا متقنًا مشكولاً، وصُنفت القصائد على الحروف الألفبائية مع ذكر البحر العروضي، يضاف إلى ذلك الشروحات المفيدة في الهوامش.

وفي آخر الديوان صنع الأستاذ فهارس للمصادر، وتصويبات، وفهرسًا ضم محتوى الكتاب.

وممّا لا شكَّ فيه أن نشر (ديوان أبي العتاهية) بهذا التحقيق العلمي الأمين عملٌ جليلٌ، وجهدٌ كبيرٌ قام به أستاذُنا جزاه الله خيرًا.
صدر الديوان بطبعة الدكتور شكري فيصل - رحمه الله - ضمن منشورات جامعة دمشق عام 1965م، ثم طبع ثانية مصورًا بمطبعة الملاح بدمشق بلا تاريخ في حياة أستاذنا، والكتاب في 722 صفحة.



[1] يشير إلى فترة سجنه في تموز 1963م بعد حركة جاسم علوان.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.72 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]