غزوة مؤتة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853300 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388472 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213899 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-09-2019, 03:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي غزوة مؤتة

غزوة مؤتة (1)


د. أمين بن عبدالله الشقاوي




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
فمن الغزوات العظيمة التي خاضها المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم غزوة مؤتة، وقد حدثت هذه الغزوة[1] في جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة[2].

وسبب هذه الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه بكتابه إلى ملك بُصرى، فعرض له وهو في الطريق شُرحبيل بن عمرو الغساني - وكان أميرًا على البلقاء[3] من أرض الشام من قبل قيصر - فقال له: أين تريد؟

فقال الحارث بن عمير رضي الله عنه: الشام، قال: فلعلك من رسل محمد؟ فقال: نعم، فأمر به، فأوثق رباطًا، ثم قدمه فضرب عنقه صبرًا[4]، ولم يُقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم غيره.

وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم، فقد جرت العادة والعرف بعدم قتلهم أو التعرض لهم[5]، فكانت هذه الحادثة بمثابة إعلان حالة الحرب على المسلمين، فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه الخبر، فعند ذلك ندب[6] رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس لقتال الغساسنة، فتجهز الناس ثم تهيأوا للخروج، فكان قوام الجيش الذي خرج في هذه الغزوة ثلاثة آلاف مقاتل، وهو أكبر جيش إسلامي، لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب[7].

وأمَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الجيش مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ»، فقال جعفر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما كنت أرغب[8] أن تستعمل علي زيدًا[9]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «امْضِ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي فِي أَيِّ ذَلِكَ خَيْرٌ»[10].

وعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء أبيض، ودفعه إلى زيد بن حارثة رضي الله عنه، وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير رضي الله عنه، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا استعانوا بالله عليهم، وقاتلوهم، فأسرع الناس بالخروج وعسكروا بالجُرف[11].

وصول جيش المسلمين إلى معان [12]:
تحرك جيش المسلمين من المدينة إلى عدوهم في الشام، وبينما هم في الطريق إذ سمع بمسيرهم عدوهم، فجمعوا لهم، وقام فيهم شرحبيل بن عمرو فجمع أكثر من مائة ألف مقاتل، وقدَّم الطلائع أمامه، فلما نزل المسلمون معان من أرض الشام بلغهم أن هرقل قد نزل مآب[13] من أرض البلقاء في مائة ألف من لخم، وجذام، والقين، وتنوخ، وبلي، فكان قوام[14] جيش الغساسنة والروم مائتي ألف مقاتل[15].

ولم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم[16]، الذي فوجئوا به، فأقاموا في معان ليلتين يُفكرون في أمرهم، وينظرون ويتشاورون، هل يكتبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه بعدد عدوهم، فإما أن يمدهم بالرجال، أو يأمرهم بأمره فيمضوا إليه، ولم يكن هناك رأي بالانسحاب، فانظروا الشجاعة والجرأة[17].

فعند ذلك قام عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وعارض هذا الرأي، وشجع الناس قائلًا: يا قوم! والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما نقاتل الناس بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور، وإما شهادة.
فقال الناس: قد صدق والله ابن رواحة، واستقر الأمر على مقاتلة العدو[18].

بدء القتال، وتناوب القادة:
وهناك في مؤتة التقى الفريقان، وبدأ القتال المرير، ثلاثة آلاف مقاتل يواجهون مائتي ألف مقاتل، فعلًا معركة عجيبة تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة، ولكن إذا هبت ريح الإيمان جاءت بالعجائب[19].

أخذ الراية زيد بن حارثة رضي الله عنه - حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم - وجعل يقاتل بضراوة بالغة، وبسالة نادرة، والمسلمون معه يقاتلون حتى قُتل طعنًا بالرماح، وخر شهيدًا رضي الله عنه.

ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وطفق[20] يقاتل قتالًا ليس له مثيل، حتى إذا ألحمه[21] القتال نزل عن فرسه الشقراء فعقرها[22]، فكان أول فرس يُعقر في الإسلام[23]، ثم أخذ يقاتل رضي الله عنه على رجليه، وهو يقول:
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ واقْتِرَابُهَا
طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا
وَالرُّوْمُ رُوْمٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا
كَافِرَةٌ بَعِيدَةٌ أَنْسَابُهَا
عَلَيَّ إِنْ لَاقَيْتُهَا ضِرَابُهَا

فقطعت يمينه رضي الله عنه، فأخذ الراية بشماله، فقطعت شماله رضي الله عنه، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد رضي الله عنه، فأثابه الله سبحانه بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء، ولذلك سُمي بجعفر الطيار[24].

روى الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «...كُنْتُ فِيهِمْ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ فِي الْقَتْلَى، وَوَجَدْنَا مَا فِي جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ»[25].

وفي رواية أخرى في صحيح البخاري عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه أخبره: «أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ قَتِيلٌ، فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ، بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي دُبُرِهِ -يَعْنِي فِي ظَهْرِهِ»[26].

قال الحافظ في الفتح: وفي الحديث بيان فرط شجاعته وإقدامه رضي الله عنه[27].
ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، وتقدم بها، وهو على فرسه، فتردد رضي الله عنه بعض التردد من شدة أمر المعركة، ثم أخذ يقول:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلَنَّهْ
لَتَنْزِلِنَّ أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ
إِنْ أَجْلَبَ النَّاسُ وشَدُّوا الرَّنَّهْ[28]
مَا لِي أَرَاكَ تَكْرَهِينَ الجَنَّةْ؟
وقال أيضًا رضي الله عنه:
يَا نَفْسُ إلَّا تُقْتَلِي تَمُوتِي
هَذَا حِمَامُ[29] المَوْتِ قَدْ صَلِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيتِ
إِنْ َتفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيْتِ

ثم نزل، فأتاه ابن عمٍّ له بعرق[30] من لحم، فقال: شُدَّ بهذا صلبك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده، ثم انتهس[31] منه نهسة، ثم سمع الحطمة[32] في ناحية الناس، فألقاه من يده، ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قُتل رضي الله عنه[33].

روى الإمام البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا»، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ[34].

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-09-2019, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: غزوة مؤتة

الراية إلى سيف اللَّه المسلول:
فلما سقطت الراية باستشهاد عبد الله بن رواحة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُكلف أحدًا بحملها بعده، تقدم ثابت بن أقرم رضي الله عنه، وحمل الراية، وقال: يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم، فقالوا: أنت، قال: ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد رضي الله عنه.

وفي رواية أخرى أن المسلمين لما قُتل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه تفرقوا وانهزموا حتى لم ير اثنان جميعًا، فتقدم ثابت بن أقرم رضي الله عنه، فأخذ الراية، ثم سعى بها وأعطاها خالد ابن الوليد رضي الله عنه، فقال له خالد: لا آخذها منك، أنت أحق بها، لك سن، وقد شهدت بدرًا، فقال ثابت: والله يا خالد ما أخذتها إلا لك، أنت أعلم بالقتال مني، فأخذ خالد بن الوليد رضي الله عنه الراية[35].

فلما أخذ خالد رضي الله عنه الراية واجتمع المسلمون إليه، قاتل الكفار قتالًا شديدًا، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه قال: «لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ»[36].

وفي لفظ: «لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَصَبَرَتْ فِي يَدِي صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَةٌ»[37].
قال الحافظ في الفتح: وهذا الحديث عن خالد رضي الله عنه يقتضي أن المسلمين قتلوا من المشركين كثيرًا[38].

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «وهذا يقتضي أنهم أثخنوا[39] فيهم قتلًا، ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم، وهذا وحده دليل مستقل، والله أعلم»[40].

عبقرية خالد رضي الله عنه في القتال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخبر أصحابه بالمدينة - وقد جاءه الوحي بذلك -: «...حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ»[41].

قال أبو قتادة رضي الله عنه: «فمن يومئذ سُمي خالد بن الوليد سيف الله»[42].
وقد استطاع خالد بن الوليد رضي الله عنه أن يثبت أمام هذا الطوفان من العدو طول النهار، فلما أصبح جعل مقدمة الجيش ساقة، وساقته مقدمة، وميمنته ميسرة، وميسرته ميمنة، فلما لقوا العدو في اليوم التالي أنكر عدوهم حالهم، وقالوا: جاءهم مدد، فلما حمل خالد رضي الله عنه عليهم هزمهم الله أسوأ هزيمة، وقتلوا منهم أعدادًا كبيرة، ثم انحاز خالد رضي الله عنه وانسحب بجيشه شيئًا فشيئًا، حتى انصرف إلى المدينة، ولم يُصب في جيشه أحد خلال هذا الانسحاب[43].

وليس في الدنيا قائد يستطيع أن يُنقذ هذه القبضة من الرجال - بقية الثلاثة آلاف - من وسط هذا اللج[44]، إلا أن يأتي بأعجوبة، وقد أتى بها خالد، واستطاع أن يخرج من لجة[45] البحر من غير أن يبتل، وأن ينسحب من وسط اللهب من غير أن يحترق، وأن يُسجل هذه المنقبة في تاريخ الحروب[46][47].

قال شاعر من المسلمين ممن رجع من مؤتة مع من رجع رضي الله عنهم يرثي من استشهد:
كَفَى حُزْنًا أَنِّي رَجَعْتُ وَجَعْفَرُ
وَزَيْدٌ وَعَبْدُ اللهِ فِي رَمْسِ[48] أقَبُرِ
قَضَوْا نَحْبَهُمْ لَمَّا مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ
وَخُلِّفْتُ لِلْبَلْوَى مَعَ المُتَغَبِّرِ


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] قال الحافظ في الفتح (7/ 510)، مؤتة: بضم الميم وسكون الواو. أهـ، وهي الآن قرية عامرة بالسكان شرقي الأردن.

[2] لم يختلف في ذلك أحد. وانظر فتح الباري (7/ 511).

[3] البلقاء: بفتح الباء وسكون اللام، وهي مدينة معروفة بالشام، انظر شرح المواهب (3/ 339).

[4] كل من قُتل في غير معركة، ولا حرب، ولا خطأ، فإنه مقتول صبرًا، انظر النهاية (3/ 8).

[5] روى الإمام أحمد في مسنده برقم 15989، بسند قال فيه محققوه: صحيح بطرقه وشواهده عن نعيم بن مسعود الأشجعي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين قرأ كتاب مسيلمة الكذاب، قال للرسولين: «فما تقولان أنتما؟» قالا: نقول كما قال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «واللَّه لولا أن الرسل لا تقتل، لضربت أعناقكما».

[6] يقال: ندبته فانتدب: أي بعثته ودعوته فأجاب. انظر النهاية (5/ 34).

[7] انظر: سيرة ابن هشام (3/ 328)، فتح الباري (7/ 511).

[8] هذه رواية ابن حبان في صحيحه برقم 7008. وفي رواية الإمام أحمد في مسنده برقم 22551: أرهب.

[9] لم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة رضي الله عنه في سرية إلا أمره، فقد روى الإمام أحمد في مسنده برقم 25898، وقال محققوه: إسناده حسن إن صح سماع البهي من عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمَّره عليهم.

[10] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 22551، وقال محققوه: صحيح لغيره.

[11] الجُرف: بضم الجيم، موضع قريب من المدينة. انظر النهاية (1/ 262)، وانظر التفاصيل في سيرة ابن هشام (4/ 21).

[12] معان: بفتح الميم، مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء. انظر: معجم البلدان (8/ 285).

[13] مآب: مدينة في طرف الشام من نواحي البلقاء. انظر: معجم البلدان (7/ 188).

[14] قوام: قدر، انظر: لسان العرب (11/ 357).

[15] انظر: سيرة ابن هشام (3/ 328)، البداية والنهاية (6/ 412).

[16] العرمرم: هو الكثير من كل شيء. انظر: لسان العرب (9/ 172).

[17] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (4/ 72): وقد كان للصحابة رضي الله عنه في باب الشجاعة والائتمار بأمر الله، وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم، ولا يكون لأحد ممن بعدهم، فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم، وطاعته فيما أمرهم، فتحوا القلوب والأقاليم شرقًا وغربًا في المدة اليسيرة، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحُبُوش وأصناف السودان والقِبطِ، وطوائف بني آدم، قهروا الجميع حتى علت كلمة الله، وظهر دينه على سائر الأديان، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، في أقل من ثلاثين سنة، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، وحشرنا في زمرتهم، إنه كريم وهاب.

[18] انظر سيرة ابن هشام (4/ 22)، البداية والنهاية (6/ 416).

[19] انظر: الرحيق المختوم ص389.

[20] طفق: جعل. انظر: لسان العرب (8/ 174).

[21] يقال: ألحم الرجل واستلحم: إذا نشب في الحرب فلم يجد له مخلصًا. انظر: النهاية (4/ 206).

[22] أصل العقر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم. انظر: النهاية (3/ 245).

[23] أخرج عقر جعفر رضي الله عنه فرسه، أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في الدابة تعقر في الحرب برقم 2573، وحسن إسناده الحافظ في الفتح (7/ 511).

[24] انظر: سيرة ابن هشام (3/ 333).

[25] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة برقم 4261.

[26] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة برقم 4260.

[27] انظر: فتح الباري (7/ 512).

[28] أجلب الناس: تجمعوا وتألبوا. انظر النهاية (1/ 282)؛ الرنة: الصيحة الشديدة، انظر: لسان العرب (5/ 334).

[29] الحمام: بكسر الحاء، أي قضاء الموت وقدره، انظر: لسان العرب (3/ 339).

[30] العرق: بفتح العين وسكون الراء: العظم إذا أُخذ عنه معظم اللحم، انظر: لسان العرب (9/ 162).

[31] النهس: هو أخذ اللحم بمقدم الأسنان، انظر: لسان العرب (14/ 306).

[32] حطمة الناس: أي ازدحامهم، انظر: لسان العرب (3/ 227).

[33] أخرجه مختصرًا ابن ماجه في سننه برقم 2793، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه برقم 2252.

[34] ذرفت العين: إذا جرى دمعها. انظر: النهاية (2/ 159)، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تمني الشهادة برقم 2798.

[35] انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (4/ 446)، سيرة ابن هشام (4/ 27)، شرح المواهب (3/ 347).

[36] صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة برقم 4265.

[37] صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة برقم 4266.

[38] انظر: فتح الباري (7/ 516).

[39] الإثخان في الشيء: المبالغة فيه والإكثار منه، والمراد به هاهنا: المبالغة في قتل الكفار، انظر: النهاية (1/ 208).

[40] انظر: البداية والنهاية (6/ 435-436).

[41] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة مؤتة برقم 4262.

[42] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 22551، وقال محققوه: صحيح لغيره.

[43] انظر: سيرة ابن هشام (4/ 27)، الطبقات الكبرى لابن سعد (4/ 446)، البداية والنهاية (6/ 430).

[44] اللُجُ: معظم الماء، حيث لا يدرك قعره، ولج البحر عرضه، ولج الليل شدة ظلمته وسواده. المعجم الوسيط ص816.

[45] لجة البحر: معظمه. انظر: النهاية (4/ 233).

[46] انظر: كتاب رجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، ص47.

[47] أحداث الغزوة مستفادة من كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون للشيخ موسى العازمي (3/ 583-598) مع حذف وإضافة.

[48] رمس: الرمس خفي القبر. شرح غريب السيرة (3/ 69).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-09-2019, 03:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: غزوة مؤتة


غزوة مؤتة (2)


د. أمين بن عبدالله الشقاوي




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
فاستكمالًا للحديث عن غزوة مؤتة، هذه بعض الفوائد المستفادة من هذه الغزوة العظيمة المباركة:
«إن هذه المعركة أول صدام مسلح بين المسلمين والنصارى من عرب وعجم، وأثرت تلك المعرفة على مستقبل الدولة الرومانية، وكانت مقدمة لفتح بلاد الشام، وهي خطوة عملية قام بها النبي صلى الله عليه وسلم للقضاء على دولة الروم المتجبرة، فقد هزت هيبتها في قلوب العرب، وأعطت درسًا في الروح المعنوية العالية لجيوش المسلمين»[1].


المشاورة منهج نبوي أمر الله به، قال تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: 159]، وقد عمل الصحابة بذلك عندما وصلوا إلى معان، ووجدوا أنفسهم أمام هذا الجيش العرمرم فتشاوروا، هل يكتبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه بعدد عدوهم، وأشار عبد الله بن رواحة في المواصلة، وقتال العدو، فكان بذلك الفتح.


قال الحافظ ابن كثيررحمه الله تعالى: «وهذا عظيم جدًّا أن يتقاتل جيشان متعاديان في الدين، أحدهما وهو الفئة التي تقاتل في سبيل الله عدتها ثلاثة آلاف، وأخرى كافرة وعدتها مائتا ألف مقاتل، من الروم مائة ألف، ومن نصارى العرب مائة ألف، يتبارزون ويتصاولون، ثم مع هذا كله لا يُقتل من المسلمين إلا اثنا عشر رجلًا، وقد قُتل من المشركين خلقٌ كثيرٌ، فهذا خالد وحده يقول: لقد اندقت في يدي يومئذ تسعة أسياف، وما صبرت في يدي إلا صفيحة يمانية[2]، فماذا ترى قد قتل بهذه الأسياف كلها؟دع غيره من الأبطال والشجعان من حملة القرآن، وقد تحكموا في عبدة الصلبان.. وهذا مما يدخل في قوله تعالى: ﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ [آل عمران: 13]»[3].


من المعجزات العظيمة التي حصلت في هذه الغزوة، إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بتفاصيل المعركة وهو يخطب بالمدينة والمعركة بالشام، وكانت هذه من أعلام النبوة، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: «... ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، وأمر أن يُنادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي؟ إِنَّهُمُ انْطَلِقُوا، حَتَّى لَقُوا الْعَدُوَّ، فَأُصِيبَ زَيْدٌ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ»، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ النَّاسُ، «ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ[4] جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَشَدَّ[5] عَلَى الْقَوْمِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا، أَشْهَدُ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى أُصِيبَ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الأُمَرَاءِ هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ»، ثُمَّ مَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ هُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ، فَانْصُرْهُ»[6].


وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ مِنْ بَعْدِهِ – أَيّ مِنْ بَعْدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ رضي الله عنه - سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ»[7].


اختلف أهل التاريخ في المراد بقوله: «حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ»، هل كان القتال فيه هزيمة للمشركين، أو المراد بالفتح انحياز خالد رضي الله عنه بالمسلمين حتى رجعوا إلى المدينة سالمين.


قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «يمكن الجمع بأن خالدًا لما حاز المسلمين وبات، ثم أصبح وقد غير هيئة العسكر كما تقدم، وتوهم العدو أنهم قد جاء لهم مدد، حمل عليهم خالد حينئذ فولوا، فلم يتبعهم ورأى الرجوع بالمسلمين هي الغنيمة الكبرى»[8].


شجاعة القائد، وثباته في القتال مما يقوي عزيمة جنوده، ويشد من أزرهم لقتال العدو، وهذا ما حدث مع القادة الثلاثة ثم انتقالها إلى خالد بن الوليد، فقد أبلوا جميعًا بلاءً عظيمًا، كان له أعظم الأثر في ثبات المسلمين وقوتهم.


أن الإيمان والعمل الصالح من أعظم أسباب النصر؛ ولذلك وعد الله المؤمنين الصالحين بالنصر في غير آية من كتاب الله، قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ[غافر: 51].


أن التوكل على الله من أعظم أسباب النصر، قال تعالى: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ[آل عمران: 160]، وهذا ما حصل في غزوة مؤتة، فإن الصحابة على قلة عَدَدِهِم وعُدَدِهِم مقابل عدوهم، إلا أنهم توكلوا على الله وقاتلوا، ففتح الله عليهم.


أن قلة عدد جيش المسلمين أمام عدوهم لا يعني ضعفهم وهزيمتهم، ففي الآية الكريمة: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[البقرة: 249].


أن الصحابة قدموا أنفسهم وأموالهم فداء لهذا الدين، فهذا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أحد القادة الثلاثة ضرب بضعًا وتسعين، ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، وهو صابر محتسب حتى فارق الحياة، قال تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].


عظم منزلة هؤلاء القادة الثلاثة عند ربهم لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا»[9]، لما رأوا من فضل الشهادة.


أن الله عوض جعفر بن أبي طالب عن يديه المقطوعتين عندما كان يحمل الراية بأن جعله يطير في الجنة مع الملائكة، روى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رَأَيْتُ جَعْفَرًا يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ»[10]. وهذه منقبة عظيمة له رضي الله عنه، وفي صحيح البخاري أن ابن عمر كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر يقول: «السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَاابْنَ ذَا الْجَنَاحَيْنِ»[11]. قال أبو عبد الله: الجناحان: كل ناحيتين.


وروى الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَرَّ بِيجَعْفَرٌاللَّيْلَةَ فِي مَلَأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَهُوَ مُخَضَّبُ[12] الْجَنَاحَيْنِ بِالدَّمِ»[13].


«أن في تعيين الرسول صلى الله عليه وسلم لثلاثة أمراء على جيش سرية مؤتة لدليل على جواز تعليق الإمارة بشرط، وتولية عدة أمراء بالترتيب.
في نعي الرسول صلى الله عليه وسلم الأمراء الثلاثة قبل مجيء خبرهم فيه جواز الإعلام بموت الميت، ولا يكون ذلك من النعي المنهي عنه.
في تأمير المسلمين لخالد بن الوليد بعد استشهاد الأمراء الثلاثة، دليل على جواز الاجتهاد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه علم ظاهر من أعلام النبوة.


إن ظهور الحزن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه خبر استشهاد الأمراء الثلاثة، لدليل على ما جعله الله فيه من الرحمة، ولا ينافي ذلك الرضا بالقضاء، ويؤخذ منه أن ظهور الحزن على الإنسان إذا أصيب بمصيبة لا يخرجه عن كونه صابرًا إذا كان مطمئنًا، بل قد يقال: إن من كان ينزعج بالمصيبة، ويعالج نفسه على الرضا والصبر أرفع رتبة ممن لا يبالي بوقوع المصيبة أصلًا»[14].


فضيلة خالد بن الوليد ومن ذكر معه من الصحابة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ هُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ، فَانْصُرْهُ»[15].
«لقد تضمنت غزوة مؤتة دروسًا وخبرات عظيمة في لقاء المسلمين الأول مع الروم، أفادوا منها كثيرًا في مستقبل جهادهم معهم، حيث تعرفوا على قوتهم وخططهم وطبيعة أرضهم التي يقاتلون عليها»[16].


روى الإمام أحمد في مسنده وأصله في صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: «خَرَجْتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ[17] مِنْ الْيَمَنِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ، فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا، فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَاتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرَقِ[18]، وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ، عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذْهَبٌ وَسِلَاحٌ مُذْهَبٌ، فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ، وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيَّ فَعَرقَبَ فَرَسَهُ[19]، فَخَرَّ وَعَلاهُ، فَقَتَلَهُ، وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ.. الحديث»[20].


قال ابن كثير رحمه الله: «وفي هذه القصة دليل على أن المسلمين غنموا منهم وسلبوا من أشرافهم، وقتلوا من أمرائهم»[21].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] الصراع مع الصليبيين للشيخ محمد عبد القادر ص64 بتصرف.

[2] سبق تخريجه ص 383.

[3] انظر كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (6/ 460 - 461).

[4] في رواية الطحاوي في شرح مشكل الآثار، قال: الراية.

[5] الشد: الحمل على العدو. انظر النهاية (2/ 451).

[6] أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم 22551، وقال محققوه: صحيح لغيره.

[7] صحيح البخاري برقم 4262.

[8] البداية والنهاية (6/ 430).

[9] صحيح البخاري برقم 2798.

[10] برقم 3763، وقال الشيخ الألباني رحمه الله كما في السلسلة الصحيحة برقم 1226: حديث صحيح له طرق.

[11] برقم 3709.

[12] مخضب: مبلل، انظر: لسان العرب (4/ 117).

[13] مستدرك الحاكم (4/ 222)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وحسنه الحافظ في الفتح (7/ 76).

[14] فتح الباري (7/ 513).

[15] سبق تخريجه ص 389.

[16] السيرة النبوية الصحيحة، د. أكرم العمري (2/ 470).

[17] مددي: منسوب إلى المدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد. النهاية (4/ 308).

[18] الدرق: الترس من جلد ليس فيه خشب ولا عقب.

[19] أي قطع عرقوبه: وهو الوتر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع، وهو من الإنسان فويق العقب. النهاية (3/ 221).

[20] مسند الإمام أحمد برقم 23997، وقال محققوه: إسناداه صحيحان.

[21] البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله (6/ 434 - 435).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 108.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 106.17 كيلو بايت... تم توفير 2.81 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]