الطفل والتنشئة الاجتماعية في ظل العولمة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28440 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60061 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 842 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-07-2019, 06:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي الطفل والتنشئة الاجتماعية في ظل العولمة

الطفل والتنشئة الاجتماعية في ظل العولمة
أ. فطيمة سبقاق






مقدمة:
الاهتمام بالطفولة في عصرنا الحاضر، يعتبر من مقاييس تطور المجتمعات وتقدُّمها؛ لأن أطفال اليوم هم شباب وبناة الغد، وعليهم تُعقَد الآمال في بناء المجتمع، وتتطلب تربية الطفل وتنشئته فهمًا عميقًا لكثير من الحقائق التي تتعلق بطبيعة المرحلة النمائية التي يعيشها في كافة الجوانب الحياتية، وبالتالي فالتنشئة الاجتماعية تعتبر من أهم العمليات في حياة الفرد وتكوين شخصيته؛ لأنها عملية تفاعل اجتماعي يتعدل فيها سلوك الفرد بما يتفق مع مجتمعه، وبذلك تسهم التنشئة الاجتماعية إسهامًا فعَّالًا في بناء الفرد، وتشكيل الأسرة، وتكوين المجتمع، وبناء الحضارات.


وقد تصادف المجتمعاتُ والجماعات الإنسانية عادةً بعضَ المشكلات في تحقيق التنشئة الاجتماعية لأجيالها، لكن مشكلات التنشئة الاجتماعية في هذا العصر في ظل العولمة والتكنولوجيا الطاغية، بدت أكثر صعوبةً وأشد تعقيدًا، ولذا فقد برَزت الحاجة إلى دراسة المشكلات التربوية والاجتماعية في محاولة لبناء الخطط الإصلاحية على أُسس معرفية صحيحة للواقع المعيش والمستقبل المأمول، وتنبع أهمية هذه الدراسة من موضوعها «التنشئة الاجتماعية» الذي لا يكاد ينفك عن كثير من المشكلات الاجتماعية والثقافية التي يعيشها أي مجتمع، خاصة وقد أصبَحت المؤسسات الإعلامية تنازع المؤسسات التقليدية للتنشئة، وتؤثر في غرس القيم وتنمية الاتجاهات.


وتُعرف التنشئة الاجتماعية على أنها عملية تعلُّم وتعليم وتربية تقوم على التفاعل الاجتماعي، وتهدف إلى إكساب الفرد سلوكًا وقِيمًا واتجاهات مناسبةً لأدوار اجتماعية معينة، تُمكنه من مسايرة الجماعة والتوافق معها، وتُكسبه الطابع الاجتماعي والثقافي، وتيسِّر له سُبل التكيف والاندماج في إطار الحياة الاجتماعية،

علاقة التنشئة الاجتماعية بالتربية:
التربية في منظور الفكر العربي الإسلامي هي: منهج حياتي كامل يرتكز على تكوين الشخصيات المتميزة، وتزويدهم بالأفكار والمفاهيم العربية الإسلامية الحافزة.


ويعرفها ﺩﻭﺭﻛﺎيم: بأنها العمل الذي تقوم به الأجيال الناضجة نحو الأجيال التي لم تنضج، ولم تتهيَّأ بعدُ للانخراط في الحياة الاجتماعية، وهي تهدف إلى إثارة وتنمية قدرات مختلفة لدى الطفل يتطلبها المجتمع.


والتربية بالتالي هي إحداث عمليات النمو والتغيير والضبط عند الطفل في إطار محيطه الاجتماعي، للوصول به إلى أقصى حد من الكفاءة، وبذلك تُعد عملية التنشئة الاجتماعية جزءًا من عملية التربية؛ لأنها تعتبر عملية تربوية اجتماعية وتعليمية، تعدل وتغير في السلوك نتيجة التعرض لخبرات وممارسات معينة، والدور التربوي للأسرة في انتهاج أسلوب التنشئة السليم، "يكون بإشباع الحاجات النفسية للطفل وتنمية مهاراته، وتعليمه معظم المظاهر الثقافية، وأنماط السلوك المختلفة، ومبادئ التكيف مع المجتمع".


ومن أهم أهداف التنشئة الاجتماعية:
1- تحويل الفرد من كائن بيولوجي إلى كائن آدمي السلوك والتصرفات، مدرك معنى المسؤولية الاجتماعية.

2- تعلم العقيدة والقيم والآداب الاجتماعية والأخلاقية، وتكوين الاتجاهات والأدوار الاجتماعية للفرد داخل المجتمع.


3- تنشئة الفرد على ضبط سلوكه، وإشباع حاجاته بطريقة تساير القيم الدينية والأعراف الاجتماعية بضوابطها.


وهناك عدة عوامل تؤثر في عملية التنشئة الاجتماعية أهمها بإيجاز:
1- الدين.
2- الأسرة ووضعها الاقتصادي والاجتماعي، ومستواها التعليمي والثقافي.
3- جنس الطفل (ذكر أو أنثى) وترتيبه في الأسرة.
4- المؤسسات التعليمية، وتتمثل في دور الحضانة والمدارس والجامعات ومراكز التأهيل.
5- البيئة المحيطة من الأقارب الرفاق الجيران.
6- المساجد.
7- الوضع الاقتصادي والثقافي للمجتمع.
8- وسائل الإعلام، وما يتعرض له الأطفال من خلال وسائل الإعلام المختلفة.


كما تقوم بعمليات التنشئة الاجتماعية عدة مؤسسات؛ منها:
أ- الأسرة: وهي الوحدة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل تَحميه وترعاه وتشبع حاجاته
البيولوجية والنفسية، فهي الأداة التي تمد الطفل بالمهارات والاتجاهات والقيم السائدة في مجتمعه، "والآباء
هم القوة الأكبر لعملية التنشئة، من خلال تعليمهم لأبنائهم السلوكيات التي يفترض أن تتم ممارستها أو تجنُّبها في المجتمع.


ب- جماعة الرفاق أو الأقران: يتلخص دورها في تكوين معايير اجتماعية جديدة، وتنمية اتجاهات نفسية جديدة، والمساعدة في تحقيق الاستقلال، وإتاحة الفرصة للتجريب، وإشباع حاجات الفرد للمكانة والانتماء، وقد تؤدي إلى سواء الطفل أو إلى انحرافه".


ج- المساجد: تقوم على تعليم الفرد والجماعة التعاليم والمعايير الدينية التي تمد الفرد بإطار سلوكي معياري، وتوحيد السلوك الاجتماعي، مُتبعةً في ذلك عدةَ أساليب نفسية واجتماعية في غرس قِيَمها الدينية التي لها كبيرُ الأثر في التنشئة الاجتماعية للطفل.


د- وسائل الإعلام والاتصال: وتعتبر من أهم المؤسسات الاجتماعية، وأهمها في التنشئة الاجتماعية من خلال امتيازها بقوة جاذبيتها وتأثيرها على الجمهور المتعرض لها، وقيامها بإعادة صياغة وهيكلة الكثير من المفاهيم والقيم والاتجاهات سلبًا وإيجابًا.


وفي عصر العولمة والتطور التقني والتكنولوجي، أصبحت المجتمعات تواجه إشكالية التعايش والتفاعل مع هذا العالم المتغير، والإشكاليات التي يطرحها على عملية التنشئة الاجتماعية؛ حيث تسبَّب ذلك في زيادة التباعد والتفاوت الاجتماعي الاقتصادي والتعليمي والمعرفي بين الأفراد.


وللعولمة عدة مظاهر؛ منها:
1- التدفق الإعلامي والمعلوماتي:
حيث باتت وسائل الإعلام تمثل وسيلة أساسية للترفيه والتثقيف، والتعلم والتربية بين الأسر؛ مما ترك آثاره الإيجابية والسلبية على التنشئة الاجتماعية عامة، والتفاعل الاجتماعي داخل الأسرة.



2- انتشار ثقافة الاستهلاك ونشر القيم الفردية:
حيث لعب الإعلام دورًا بالغَ الأهمية في نشر وتدويل ثقافة الاستهلاك، وإعلاء قيم الفردية؛ مما أسهم في إيجاد احتياجات ومطالب يرفعها الناشئة داخل الأسرة ترهق كاهل الأبوين ماديًّا أو معنويًّا، وتثير توترات في عملية التنشئة الاجتماعية.


3- تهديد الوحدة المجتمعية:
فالعولمة تعتمد على تجاوز الحدود، وتجاوز الثقافات والهويات القومية، وإعلاء شأن اقتصاد السوق، ومثل هذه الأوضاع قد تقود إلى هيمنة الثقافة الغربية على وسائل الإعلام والاتصال، وانصهار هوية الأفراد والمجتمعات.


د- انتشار خطر الجريمة:
حيث أصبحت عابرة للحدود، وتتخذ أشكالًا جديدة، وتعتمد على وسائل تتناسب مع آثار وتداعيات العولمة؛ مثل: الاتجار بالمخدرات، وسرقة السيارات، والاتجار في الأعضاء البشرية عبر شبكة الإنترنت، وشبكات الاتصال الدولي؛ حيث يستهدف كثير منها الأطفال.


آثار التكنولوجيا ووسائل الإعلام على تنشئة الطفل:
أ- فقدان الطفولة (حرق المراحل العمرية):
أدَّت المضامين الإعلامية المتنوعة والموجهة للصغار والبالغين على حد سواء - إلى حرق المراحل العمرية للطفل، أو ما يسمى بنظرية "فقدان الطفولة"؛ أي: تشويش وإلغاء الحدود بين عالم الطفولة وعالم البلوغ؛ لأنها تكشف للأطفال أسرارًا من عالم البلوغ؛ مثل: العنف, الجنس, الإجرام؛ حيث يقلد نماذج سلوكية وتصرفات غير ملائمة لجيله.


انعكاسات فقدان الطفولة على المجتمع:
زعزعة مكانة وسلطة الكبار والبالغين.
ازدياد القلق والحيرة من جانب الأهل؛ لأن الأطفال ينكشفون على مضامين لا تناسبهم، فلا يُميزون بين الرسائل الإيجابية والسلبية.
انخفاض مكانة المدرسة بتقلُّص فجوة المعرفة وسلطة البالغين.


ب- الانطواء والعزلة الاجتماعية:
رغم ما تفتحه شبكة الإنترنت من آفاق تواصلية هائلة يتهمها المربون بإدخال أطفالهم في عزلة اجتماعية، وبإفقادهم حسَّ التواصل الحقيقي مع محيطهم، والانطواء في عالم افتراضي؛ مما يؤدي إلى فقدان الكثير من المهارات الاجتماعية والمعرفية والوِجدانية والتعليمية، وقلة الحركة المصاحبة لاستخدام الأجهزة إلكترونية، تؤدي إلى مشكلات القلق والتوتر والعصبية، ومشكلات نفسية وعقلية، وحتى اضطرابات التوحد؛ إذ يلاحظ زيادة عدد الأطفال الذين تَمَّ تشخصيهم بالإصابة بطيف التوحد المكتسب؛ حيث يعتبر بعض الباحثين أن الأجهزة الإلكترونية محفز للأطفال المهيئين؛ إذ يصبح للطفل عالمه الخاص، فينعزل عن العالم المحيط به بدلًا من التفاعل معه.

ج- انتشار التأثر بالعنف:
فنظرة فاحصة لما تعرضه وسائل الإعلام، تُظهر الاستخدام المُفرِط للعنف؛ إذ نجد معظم المضامين تحتوي على الكثير من العنف الواضح أو الخفي (غير مباشر)، بدءًا من الأفلام، المسلسلات، النشرات الإخبارية، الأفلام الوثائقية، البرامج الرياضية، أفلام الكرتون وغيرها، والعنف هو كل حدث يتم فيه استعمال للعنف الجسدي بشكل واضح وقاطع وإلحاق الضرر بالمعنَّف.


والأطفال منذ صغرهم يتعرضون لعدد لا يُستهان به من البرامج في وسائل الإعلام، وفي كثير من الأحيان لا تكون تلك البرامج مُعدَّة لجيلهم، وكثير من العنف السائد في المجتمعات اليوم مثلما نسمَعه عن طالب ضرب أستاذه، وابن ضرب والديه، ناهيك عن غيرها من الجرائم هي انعكاسات سواء إرادية أو غير إرادية، لِما تبثه تلك الوسائل على مدار الساعة؛ مما يرسِّخ تلك القيم في عقول أبنائنا، فيتبنونها تدريجيًّا.


د- انتشار التحرش والاستغلال الجنسي للأطفال:
وسائل ووسائط تكنولوجيا الاتصال الحديثة كافة - والإنترنت أهمها - باتت أهم أدوات عالمنا المعاصر، لكن لها تأثيرات سلبية تكتنف تعامل الأطفال الصغار مع عالم الإنترنت، في ظل غياب الوعي المجتمعي لتأثيراته وتداعياته على سيكولوجية وشخصية الطفل، وفي ظل تراجع تأثير الأسرة بشكل عام، وانحسار دورها في عملية التنشئة الاجتماعية أمام العوامل الأكثر تأثيرًا.


"وتجدر الإشارة إلى أن التحرش الجنسي لا يقتصر على الفضاء الحقيقي، فالعديد من الأطفال يستخدمون الإنترنت بشكل يومي، لكنهم لم يتعلموا بعدُ شيئًا عن مخاطر استخدامهم الأمورَ غير المصرح لهم بها، وقد أظهرت الدراسات أن 20 في المائة من الأشخاص الذين يرتبطون بالإنترنت بانتظام، يتلقون محتوى جنسي غير مرغوب فيه؛ مما يهدد غالبية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 سنة.


تداعيات التحرش الجنسي عبر الإنترنت على الأطفال:
فمعظم الأطفال الذين وقعوا ضحايا للاعتداء الجنسي لا يتحدثون إلى أي شخص عن ذلك، وكثيرًا ما تشعر هذه المجموعات من الأطفال بالخزي والذنب، وتلقي باللوم على نفسها.


وقد يكون البعض عُرضة للقلق، والاكتئاب، والاضطراب، والعُزلة.


أو الانخفاض في مستوى أدائهم الاجتماعي على المدى الطويل، "وقد أظهرت دراسة أجراها مركز "حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي" أن معظم الأطفال الذين تعرَّضوا للاعتداء، لديهم أعراض؛ مثل: انخفاض الثقة بالنفس، والإثارة العاطفية، والكوابيس الليلية، والاضطراب في النوم، والاكتئاب، وعدم النشاط والخمول، والمشاكل التعليمية، وفقدان الذاكرة.


هـ- التسرب المدرسي:
ويعتبر من بين أهم المشكلات التي تعيق سير العملية التعليمية، ولقد أثار تفشي هذه الظاهرة قلقَ الكثير من المربين التي تؤثر سلبًا، ليس على المتسربين فقط، بل على المجتمع ككل؛ لأن التسرب يزيد من معدل البطالة وانتشار الجهل والفقر، وغير ذلك من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.


والتسرب المدرسي هو الانقطاع عن المدرسة والدراسة كليًّا أو جزئيًّا قبل إتمامها لأي سببٍ، وعدم الالتحاق بأي مدرسة أخرى لأسباب ذاتية أو موضوعية مرتبطة بالتلميذ أو بمحيطه.


أسباب التسرب المدرسي:
أ - الأسباب الداخلية للتسرب:
المنهج الدراسي: من حيث كثرة المواد المقررة أو صعوبتها، وعدم مراعاة ميول الطلاب... إلخ.


طرق التدريس: بحيث تفتقر إلى استعمال الوسائل التعليمية التي تجذب الطلاب.


المعلم: من حيث قلة الخبرة، أو عدم القدرة على فَهم مشاكل الطلاب، أو استعمال الشدة معهم.


الطالب: بعض الطلاب قدراتهم محدودة، والبعض ليس عنده الاستعداد للتعلم في مقابل كثرة المغريات في هذا العصر التي تشد الطالب وتجذبه إليها.


ب- الأسباب الخارجية لظاهرة التسرب:
تأثير التقدم في المواصلات والاتصالات على نقل الثقافات، وعلى النسق الثقافي والاجتماعي والقيمي في البلاد، فالإنترنت مثلًا يجد فيه الطالب من التسلية والمتعة، وتَمْضِيَةِ الفراغ ما يجعله يفضِّله على الدراسة التي هي في نظره مجرد عناء وتعبٍ.


القنوات الفضائية: حيث يشكِّل وصول هذه القنوات حدثًا اجتماعيًّا كبيرًا، قاد إلى تأثيرات واسعة النطاق على الأصعدة والاجتماعية والنفسية والثقافية، وكان التسرب نتيجة تلك التأثيرات.


لجوء الأطفال إلى مقاهي وألعاب الإنترنت، كمكان للتسلية والترفيه المعتمد على النشاط العملي الذي يثير رُوح الاستمتاع لدي المستخدمين، فهي عند الطلبة أفضل من المدرسة.

الآثار الناجمة عن ظاهرة التسرب المدرسي:
1- أغلبية الطلبة المتسربين يبقون بدون عمل مدة طويلة، فيصبحون عبئًا على أسرهم والمجتمع.
2- يتكون لدى الطالب المتسرب شعورُ عدم الانتماء، وخاصة لوطنه نتيجة الفشل المتكرر.
3- يظل الطالب المتسرب على بُعدٍ تام من القيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية، بل يتبنى قيمًا سلبية من الإعلام.
4- شعور الطالب المتسرب دائمًا بالقلق والانطواء والنقص والعجز، والعزلة وتفضيل الانغماس في العالم الوهمي، لتجنُّب معاناته في الواقع الفعلي؛ مما ينعكس عليه سلبًا نفسيًّا وأخلاقيًّا.


الخاتمة:

من خلال ما توافر من البحوث والدراسات حول قضية التنشئة الاجتماعية في ظل التقنية الرقمية والعمليات المتصلة بها، فإنه يُمكن استخلاص بعض النقاط التي يمكن من خلالها معرفة شيءٍ عن واقع ظاهرة التنشئة الاجتماعية وأساليبها ومؤسساتها في هذا المجتمع، وهي:
1- أن التنشئة الاجتماعية في المجتمعات اليوم تمرُّ بأزمة حقيقية خلَّفتها ظروف التغير الاجتماعي والاقتصادي، والانفتاح على الثقافات العالمية بتسارع التقدم التقني في مجال الإعلام والاتصال؛ حيث لم تعد المؤسسات التقليدية للتنشئة (الأسرة، المسجد، المدرسة) وحدَها، هي التي تسيطر على نقل المعايير والقيم، وتنمية الاتجاهات لدى الشباب في المجتمع.


2- أن الأسرة - رغم ما سبق ذكرُه - ومع ما تعرَّضت له من عوامل التغير الاجتماعي والاقتصادي، تبقى صاحبة الدور الرئيسي في عملية التنشئة الاجتماعية والضبط الاجتماعي، لكن الإشكالية أنها ورغم كل التطورات التي تحدث من حولها، لا زالت تقوم بتربية وتنشئة الطفل ببعض الأساليب القديمة التي لم تَعُدْ تُجدي نفعًا، وكما قال علي رضي الله عنه: ربُّوا أبناءكم لزمان غير زمانكم.


3- أن وسائل الإعلام أصبحت تضاهي الأسرة قوةً وتأثيرًا على التنشئة الاجتماعية للأطفال وبطريقة سلبية أكثر منها إيجابية.


4- أنه يجب دقُّ ناقوس الخطر للتصدي للآثار السلبية للتنشئة الإعلامية على الطفل، وإيجاد الحلول الناجعة لذلك، ومن الحلول والتوصيات المقترحة من أجل تنشئة سليمة للطفل في ظل تداعيات العصر:
1- ضرورة مراعاة القيم والمبادئ الإسلامية، والاهتمام بجعلها منطلقًا لكل ما يقدم للناشئة من برامج، وما يُنشأ لخدمتهم ورعايتهم من مؤسسات في كافة المجالات.


2- العناية بالأسرة - كمؤسسة اجتماعية تربوية - عن طريق مراكز للخدمة الاجتماعية تنشأ في الأحياء، وخاصة الفقيرة منها، للتعرف على مشكلاتها، والعمل على مساعدتها في تخطي ما يعترضها من عقبات.


3- أهمية العمل على تحقيق التكامل بين مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة، وخاصة الرسمية منها، لتفادي التناقض في الأهداف والمضمون فيما تقدِّمه للناشئة في المجتمع، وذلك بالتنسيق والتخطيط الجيد على المستويات العليا.


4- مراعاة الواقعية والبُعد عن المثالية، فيما يراد غرسُه في نفوس الشباب وحثهم عليه، وتوجيههم لترشيد التعرض لوسائل الإعلام المختلفة، وهذا لا بد أن يوجد على كافة المستويات في التعليم والإعلام وغيرها.


5- الاطلاع على تجارب الدول الأخرى في مجال التنشئة الاجتماعية من أجل الإفادة من تجاربها.


6- التخطيط لمحتوى إعلامي هادف ومكثف، يدعم التنشئة الاجتماعية السليمة، ويوعي الأولياء بمدى خطورة وأثر المضامين الإعلامية الهادمة، ومدى خطورة إدمان الإنترنت على الأطفال تربويًّا وصحيًّا ونفسيًّا.


وختامًا، التنشئة الاجتماعية عملية تكاملية تواصلية تتطلب تضافر الجهود أفرادًا ومؤسسات ومجتمعات، من أجل تنشئة سليمة لأفراد أسوياء، ومجتمعات حضارية راقية.


المراجع:
1- ذياب فوزية، نمو الطفل وتنشئته بين الأسرة ودور الحضانة، مكتبة النهضة المصرية: القاهرة، 1978م.

2- رميشي رشيدة، العوامل المؤثرة في عملية التنشئة الاجتماعية والأسرية، مجلة آفاق، العدد 80، المركز الجامعي تمنراست، 2013م.

3- الريحاني سليمان، أثر نمط التنشئة الأسرية في الشعور بالأمن، مجلة دراسات العلوم التربوية، مج12، العدد 11، الجامعة الأردنية، عمان، 1985م.

4- علي صالح جوهر وميادة محمد فوزي، تنشئة الطفل العربي، ط1، المكتبة العصرية: مصر، 2010م.

5- كنعان علي عبدالفتاح، الإعلام والمجتمع، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع: عمان، 2014م.

6- محمد نعيمة، التنشئة الاجتماعية وسمات الشخصية، دار الثقافة العلمية للطباعة والنشر والتوزيع: الإسكندرية، 2002م.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.17 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]