دراسة عن الدخيل في تفسير مجمع البيان للطبرسي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 177 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28409 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60011 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 803 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-03-2019, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,616
الدولة : Egypt
افتراضي دراسة عن الدخيل في تفسير مجمع البيان للطبرسي

دراسة عن الدخيل


في تفسير مجمع البيان للطبرسي



د. عبد الله أحمد محمد عباس[(*)]




ملخص البحث:


تقوم فكرة البحث على استعراض بعض أوجه الدخيل في تفسير الطبرسي "مجمع البيان", فكان البحث مشتملاً على:-

المقدمة: وتضمنت الافتتاحية, وسبب اختيار البحث.

التمهيد: وفيه: التعريف بالطبرسي, وتفسيره, ومنهج البحث, ومعنى الدخيل, وبعض الدراسات السابقة في الدخيل, ثم قسمت البحث إلى أربعة مباحث:-

المبحث الأول: بيان لاحتواء تفسير مجمع البيان على الكثير من الروايات الموضوعة, مع الأمثلة على ذلك.

المبحث الثاني: تضمن الروايات الإسرائيلية في تفسير مجمع البيان.

المبحث الثالث: احتوى على القراءات المنكرة والشاذة التي أوردها مع بيان الأمثلة على ذلك.

المبحث الرابع: فيه بيان الدخيل من جهة الرأي الذي كان مبناه على الاعتقاد, ثم الاستدلال, ظهر ذلك في عدة مسائل اتضحت لي, بينتها ثم رددت عليها.

وأخيراً: الخاتمة, ثم الفهارس.

المقدمة:


إن الحمد لله, نحمده ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70 – 71].

أما بعد:

فمما لا شك فيه: أن كل ما يتعلق بالتفسير من الدراسات المتنوعة, والبحوث المختلفة, قد وفاه المفسرون حقه من البحث والتحقيق, والتهذيب والتمحيص قاموا – رحمهم الله تعالى – بجهود مشكورة لا تنسى, وخدمات جليلة لا يستغنى عنها في مجال التفسير: من الكشف عن معانيه الجليلة, وإبداء مراميه النبيلة, وإظهار مفاهيمه السامية.
ومع هذا التقدير لكل ذي فضل, والاعتراف لكل ذي حق نؤمن بأن الكمال المطلق لله وحده.
وكل غير معصوم, يؤخذ من قوله وفعله إن وافق الحق, ويرد عليه إن جانب الصواب.
وما من أحد من العلماء إلا وقد رد ورد عليه, ونقد وانتقد عليه, واعترض واعترض عليه, ولم يعد ذلك انتقاضاً من بعضهم لبعض, بل الواجب هو التنبيه على الخطأ والتحذير منه, ممن كان, بالحجة والبرهان, مع أدب واحترام, وإجلال أهل العلم المخلصين, مهما بلغ الإنسان من العلم والفضل, فلن يزال معرضاً للوهم والغلط, وواقعاً في السهو والزلل, وهذا مما طبع الله عليه البشر (وما زال العلماء على هذا المشروع ينبهون على خطأ الأئمة مع الاستفادة من علمهم وفضلهم)([1]).

ولا ريب أن بيان هذا الدخيل نوع من التواصل بالحق: ونصحاً للإسلام وأهله, وتبرئة الذمة, وذوداً عن الصواب, وإسهاماً في خدمة كتاب الله – تعالى – وتحقيقاً لهدفه السامي, ووصولاً إلى مقصوده العالي.

أردت – بتوفيق الله تعالى – أن يكون محور بحثي هو دراسة الدخيل في تفسير مجمع البيان للطبرسي, فالله أسأل التيسير والمعونة.
تمهيد:


التعريف بصاحب مجمع البيان:

هو أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي, ولد بطبرستان سنة (462ه), وسكن في المشهد الروضي حتى سنة (523ه), ثم انتقل إلى سبزاور, وعاش هناك حتى تاريخ وفاته سنة (552ه), وقيل: وفاته ليلة النحر من سنة (548ه).

صنف العديد من المصنفات, منها: ثلاثة مصنفات في التفسير مجمع البيان والوسيط والوجيز, وكتاب الجواهر في النحو, ومشكاة الأنوار في الأخبار, وأعلام الهدى في فضائل الأئمة([2]).

التعريف بتفسيره:

يعد تفسيره "مجمع البيان في تفسير القرآن"([3]) أحد أهم تفاسير الشيعة, تلحظ عليه الإتقان وحسن الترتيب والتبويب, ألفه الطبرسي بعد ان طلب منه أحد علماء الشيعة ذلك, فأوجب على نفسه إجابته.

ابتدأ فيه مؤلفه بذكر مكي السورة أو مدنيها, ثم الاختلاف في عدد آيات السورة, ثم ذكر القراءات وبعض القراءات الشاذة, ثم الحجة, وبعدها يعرج على ذكر اللغة والإعراب, ثم سبب النزول إن وجد, ثم يذكر المعنى؛ مسنداً الأقوال إلى قائليها, وغالباً ما يرجح الأقوال المنسوبة لمذهبه, كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وأَنزَلْنَا إلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ واعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وفَضْلٍ ويَهْدِيهِمْ إلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ إنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ ولَدٌ ولَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وهُوَ يَرِثُهَا إن لَّمْ يَكُن لَّهَا ولَدٌ فَإن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وإن كَانُوا إخْوَةً رِّجَالاً ونِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)) [النساء: 174 – 176].

أو يجتهد في تفسير الآيات التي لم يرد فيها أثر بما يؤيد مذهبه, كما في قوله تعالى (إنَّمَا ولِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وهُمْ رَاكِعُونَ) [المائدة: 55].
ثم يعقد فصلاً بعنوان "القصة" يذكر فيها الطبرسي بعض القصص والمناسبات التي تتعلق بالآيات.

منهج البحث:


لما كان القرآن هو للناس كافة كان لزاماً أن يكون تفسيره كذلك, وعند مطالعتي لتفسير الطبرسي هالني ما فيه من تفسير لكلام الله تعالى مجانباً للصواب وأقرب ما يكون إلى التأويل والتحريف لمعنى كلام الله تعالى.

فأحببت أن أذكر نماذج من تلك التأويلات البعيدة عن كلام الله تعالى, فذكرت في كل مبحث من مباحث الدخيل مثالين أو ثلاثة على ذلك الدخيل؛ ليكون المطلع على تفسيره حذراً من تلك التحريفات والتأويلات الدخيلة, وإني لم استقص كل الدخيل في تفسيره في هذا البحث, بل جاهدت لأذكر أخطرها فيما يسعه هذا البحث, وبينت الصواب في تفسير الآية, وقد أرد وأجيب عن بعض الشبهات التي يوردها ليطمئن القارئ إلى الصواب.

معنى الدخيل:


الدخيل: ضد الأصيل, وهو في اللغة: العيب والغش والفساد([4]).

ومن مادته: الدخل: وهو كناية عن الفساد والعداوة المستبطنة([5]).

والدخيل في التفسير: هو التفسير الباطل من جهة الإسناد أو المتن.
فالباطل من جهة الإسناد هو ما نقل من التفسير, ولم يثبت نقله وصحته.
والباطل من جهة المتن: هو ما كان من قبيل الرأي الفاسد, أو ما كان من قبيل الروايات الإسرائيلية المخالفة لشريعتنا.

ولم يغفل علماؤنا الأجلاء التنبيه إلى خطورة تلك الروايات الدخيلة وما تحمله من سموم وأباطيل؛ فألفوا الكتب, وميزوا فيها بين الأصيل والدخيل والسقيم والعليل؛ فأناروا سبيل الأجيال من بعدهم, وحذروا المسلمين من خطورتها.

ومن هذه المؤلفات:


الدخيل في التفسير للدكتور إبراهيم خليفة.
أصول الدخيل في تفسير آي التنزيل للدكتور جمال مصطفى النجار.
الدخيل في تفسير القرآن الكريم للدكتور عبد الوهاب فايد.
الدخيل في تفسير القرآن الكريم للدكتور عبد الفتاح خضر.
الكشف والبيان عن الدخيل في تفسير آي القرآن للدكتور المحمدي عبد الرحمن.
الدخيل في التفسير للدكتور مختار مرزوق.
الدخيل في التفسير للدكتور علي رضوان.

الدخيل في التفسير للدكتور أحمد عبد المهيمن.
أسباب الخطأ في التفسير للدكتور طاهر محمود.
الدخيل والإسرائيليات في تفسير القرآن الكريم للدكتور سمير عبد العزيز.

المبحث الأول


موقف الطبرسي من الأحاديث الضعيفة والموضوعة


إن المنهج الصحيح في تفسير القرآن: هو التفسير الصحيح, القائم على أسس صحيحة, وهذه الأسس تقوم على التفسير بالمأثور الصحيح, والتفسير السليم, الخالي من الانحراف والخطأ؛ لأن الشأن عظيم؛ لتعلقه بكلام رب العالمين.
وقد وصف الطبرسي تفسيره – مجمع البيان – بأنه "للمحدث محجة"([6]) إلا أنه عند التتبع وجدنا تفسيره حافلاً بالأحاديث الضعيفة والموضوعة, بل ويأتي بالأحاديث المجهولة من غير أن يذكر سندها أو من خرجها, فضلاً عن معارضتها الصريحة للقرآن الكريم والسنة الصحيحة.
وأسوق هنا بعض المواضيع التي استشهد بها الطبرسي في تفسيره بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة.
عند قوله تعالى: (وإذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ) [البقرة: 67].
نراه – بعد أن ذكر إعراب الآية – يذكر قصة في شأن المراد بالبقرة مفادها أن بعض الصحابة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسألة البقرة فأجابهم أن من بني إسرائيل من كان باراً بأبيه, وأنه اشترى سلعة فجاء إلى أبيه فوجده نائماً والإقليد([7]) تحت رأسه, فكره أن يوقظه, فترك ذلك, واستيقظ فأخبره, فقال له: أحسنت خذ هذه البقرة فهي لك عوض لما فاتك, قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى البر ما بلغ بأهله)([8]).

وكذلك عند تفسيره لقوله تعالى: (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى) [الشورى: 23].
رجع ما يراه مستدلاً بحديث موضوع([9]) حيث قال: وثالثهما: أن معناه: إلا أن تودوا قرابتي وعثرتي, وتحفظوني فيهم, عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى, وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة, فأنا أصلها, وعلى فرعها, وفاطمة لقاحها, والحسن والحسين ثمارها, وأشياعنا أوراقها, فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا, ومن زاغ منها هوى, ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي([10]), ثم لم يدرك محبتنا كبة الله على منخريه في النار).
فنلاحظ على الطبرسي أنه كان يورد الأحاديث الضعيفة والموضوعة من غير أن يعلق وينبه عليها, وربما يستشهد بالأحاديث الموضوعة المكذوبة على ما يذهب إليه من قول كما مر معنا.

المبحث الثاني


موقف الطبرسي من الإسرائيليات


لم يخل تفسير الطبرسي من الإسرائيليات بل حوى كثيراً منها.

غير أنه كان يرفض بعضها ويهاجمها, كما في سورة عند ذكره لقصة داود عليه السلام وما فيها من أباطيل, مخالفاً بذلك منهج مفسري طائفته من الإكثار من الإسرائيليات ونسبتها إلى الأئمة من آل البيت؛ لتكون محل ثقة وصدق عندهم, مع ليها إلى ما يخدم مذهبهم.
وفي بعضها الآخر يذكرها من غير أن يعلق عليها أو يرد عليها, كما في قوله تعالى: (وإذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وإسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا) [البقرة: 127].
فذكر الطبرسي عن الباقر أنه قال: إن الله تعالى وضع تحت العرش أربع اساطين, وسماه الضراح, وهو البيت المعمور, وقال للملائكة: طوفوا به, ثم بعث ملائكة فقال: ابنوا في الأرض بيتاً بمثاله وقدره, وأمر من في الأرض أن يطوفوا بالبيت([11]).
وكذلك عند تفسيره لقوله تعالى: (وقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ) [البقرة: 248].

قال: وروى علي بن إبراهيم في تفسيره, عن أبي جعفر أن التابوت كان الذي أنزله الله على أم موسى فوضعت فيه ابنها وألقته في البحر, وكان في بني إسرائيل معظماً يتبركون به, فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آثار النبوة وأودعه عند وصية يوشع بن نون, فلم يزل التابوت بينهم وبنو إسرائيل في عز وشرف ما دام فيهم, حتى استخفوا به, وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات, فلما عملوا المعاصي واستخفوا به رفعه الله عنهم, فلما سألوا نبيهم أن يبعث إليهم ملكاً بعث الله لهم طالوت ورد عليهم التابوت([12]).

وذكر أنه كان في أيدي أعداء بني إسرائيل من العمالقة غلبوهم عليهم لما مرج أمر بني إسرائيل وحدث فيهم الأحداث, ثم انتزعه الله من أيديهم ورده على بني إسرائيل تحمله الملائكة, ونسب هذا القول لابن عباس ووهب بن منبه([13]).
وذكر رواية إسرائيلية ثالثة في تفسيره للآية ولم يعلق عليها حيث قال: وقيل: كان التابوت الذي أنزله الله على آدم فيه صور الأنبياء؛ فتوارثه أولاد آدم, وكان في بني إسرائيل يستفتحون به على عدوهم([14]).
وكذلك عند تفسيره للكرسي في قوله تعالى: (وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ) [البقرة: 255].
ذكر الأقوال في تفسير الكرسي, ثم ذكر أثراً عن علي رضي الله عنه أقرب ما يكون للإسرائيليات, وهو: أن للكرسي أربعة أملاك يحملونه بإذن الله, ملك في صورة الآدميين, والثاني في صورة الثور, وهو سيد البهائم, والملك الثالث في صورة النسر, وهو سيد الطيور, والملك الرابع في صورة الأسد وهو سيد السباع.

وكذلك عند قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ) [البقرة: 259].

حيث ذكر أنه ما علم أنه مات مائة سنة إلا بشيئين ثم ذكر عن علي رضي الله عنه قال: أن عزيراً خرج عن أهله وامرأته حامل وله خمسون سنة, فأماته الله مئة سنة ثم بعثه, فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة, وله مائة سنة فكان ابنه أكبر منه فذلك من آيات الله([15]).
وكذا أورد بعض الإسرائيليات من غير أن يعلق عليها عند تفسيره لقوله تعالى: (وفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [الصافات: 107].
حيث ذكر عن ابن عباس أنه قال: هو الكبش الذي تقبل من هابيل حين قربه, ثم حدد نوع الذبح ومكان نزوله, وأنه رعى في الجنة أربعين سنة, وغير ذلك من الروايات الإسرائيلية منسوبة إلى الصحابة أو التابعين من غير إسناد ثابت صحيح.
قال ابن كثير: فأما ما روي عن ابن عباس: أنه كان وعلاً وعن الحسن أنه كان تيساً من الأروى واسمه جرير فلا يكاد يصح عنهما, ثم غالب ما ههنا من الآثار مأخوذ من الإسرائيليات, وفي القرآن كفاية عما جرى من الأمر العظيم والاختبار الباهر, وأنه فدي بذبح عظيم([16]).
وعند قوله تعالى: (ق والْقُرْآنِ المَجِيدِ) [ق: 1].
ذكر عدة أقوال في تفسيرها لم يخلوا منها من ذكر بعض الإسرائيليات, كقوله: وقيل: هو اسم الجبل المحيط بالأرض من زمردة خضراء, خضرة السماء منها, ثم نسبة إلى عكرمة والضحاك([17]).

ويلاحظ على الطبرسي في تفسيره من خلال بعض الروايات الإسرائيليات التي تم عرضها أنه يذكرها – وغيرها – من دون تعليق أو تعقيب مع ما فيها من خرافات, وهذا مما شجع بعض المستشرقين والحاقدين للطعن في القرآن من خلال تلك الإسرائيليات التي ذكرت بجانب كلام الله تعالى, على أن الإسلام دين مبني على الخرافات والجهل.
قال العلامة أحمد شاكر: إن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا ليس دليلاً على صدقه ولا كذبه, وذكر ذلك في تفسير القرآن, وجعله قولاً أو رواية في معنى الآيات, أو في تعيين ما لم يعين فيها, أو في تفصيل ما أجمل فيها شيء آخر؛ لأن إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله يوهم أن هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مبين لمعنى قول الله سبحانه وتعالى, ومفصل لما أجمل فيه, وحاشا الله ولكتابه ذلك([18]). فليته صان تفسيره من تلك الإسرائيليات أو على الأقل عقب عليها وبين ما فيها من زلل كما فعل عند تفسيره لسورة .
المبحث الثالث


موقفه من القراءات


بالرغم من أن الطبرسي صرح في مقدمة تفسيره بنفي تحريف القرآن من الزيادة والنقصان حيث قال: "الكلام في زيادة القرآن ونقصانه, فإنه لا يليق بالتفسير, فأما الزيادة فيه فمجمع على بطلانه, وأما النقصان منه فقد روي جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصاناً, والصحيح من مذهبنا خلافه"([19]). غير أني وجدت في تفسيره ذكره لقراءات – بزعمه – أنها قراءة أهل البيت فيها زيادات تغير المعنى ومخالفة للرسم العثماني, كما في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [الأنفال: 1].
قال: وقد صح أن قراءة أهل البيت: يسألونك الأنفال وكذا عند قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ والْمُنَافِقِين َ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ ومَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وبِئْسَ المَصِيرُ) [التوبة: 73].
قال: وروي في قراءة أهل البيت "جاهد الكفار بالمنافقين "وهذا التحريف مع مخالفته للرسم العثماني مخالف لما هو معلوم من سيرته وغزواته صلى الله عليه وسلم من أنه كان يجاهد الكفار بالصحابة المؤمنين إلا إذا كان يرى خلاف ذلك!.
وكذلك عند قوله تعالى (والَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ واجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَامًا) [الفرقان: 74].

قال الطبرسي: وفي قراءة أهل البيت – عليهم السلام – واجعل لنا من المتقين إماماً([20]).
وعند قوله تعالى: (إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ ونُوحًا وآلَ إبْرَاهِيمَ وآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ) [آل عمران: 33].
قال الطبرسي: وفي قراءة أهل البيت: وآل محمد على العالمين.

ومعلوم أن القراءة الصحيحة لا تكون كذلك إلا بثلاثة شروط:-
صحة سندها.
موافقتها للرسم العثماني.
موافقتها للعربية ولو بوجه([21]).
المبحث الرابع


الدخيل من جهة الرأي


أي التفسير بمجرد الرأي والهوى غير مستند للأصول والشروط التي يجب على المفسر أن يلتزم بها([22])؛ مما يوقع الخطأ والدخيل في التفسير, وهذا الخطأ في التفسير منشؤه أمران:-

أولاً: الاعتقاد, ثم الاستدلال, وذلك أن المفسر يرى رأياً ثم يحاول أن ينزل الآية على صحة رأيه, أو أن يسلب لفظ القرآن ما يدل عليه ويراد منه ويحمله على رأيه.

قال ابن تيمية عن تفاسير أهل البدع: اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه([23]).
وقال الغزالي – عند كلامه على حديث النهي عن التفسير بالرأي –: وأما النهي فينزل على أحد وجهين: - منها -:
أولاً: أن يكون له في الشيء رأي وإليه ميل من طبعه وهواه فيتناول القرآن وفق رأيه وهواه([24]).

ثانياً: أن يرى الرأي بدون النظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب.

قال القرطبي: من قال فيه – القرآن – بما سنح في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالأصول فهو مخطئ([25]).

وعند تتبعنا لتفسير "مجمع البيان" نجد أن الدخيل في الرأي من جهة الاعتقاد ثم الاستدلال كانت السمة الغالبة على الطبرسي, وذلك في عدة مسائل: كالعصمة, والإجماع, والإيمان وإمامه علي رضي الله عنه, والرجعة, ورؤية الله, والسحر والشفاعة, وميزان الأنبياء, والتقية, والمهدي, وصفات الله تعالى, وغيرها.

فنجد الطبرسي ما أن يمر بآية يظن فيها دلالة وقوة لمذهبه وعقيدته إلا أطنب فيها وألبسها حُللاً تخدم عقيدته وتقوي مذهبه.

وفي هذا المبحث أتعرض لتلك الآراء الدخيلة من تفسير الطبرسي.
أولاً: العصمة:
مفهوم العصمة عند الشيعة: هو أن الأنبياء والأئمة معصمون من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها, لا يزلون عند الفتيا, ولا يخطئون في الجواب, ولا يسهون, ولا ينسون([26]).
وهذه العقيدة مخالفة لما هو مؤصل في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: (ولَقَدْ عَهِدْنَا إلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) [طه: 115] وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [التحريم: 1] وقال جل جلاله: (عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وتَعْلَمَ الكَاذِبِينَ (43)) التوبة: 43.
وأخرج الترمذي من حديث أنس مرفوعاً: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"([27]).
ولما كان الطبرسي يدين ويعتقد بعصمة الأئمة من كل الصغائر والكبائر نجده ما أن يمر بآية يظن أنها تخدم عقيدته إلا ويستدل بها, فنراه عند تفسيره لقوله تعالى: (إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب: 33].

قصر مفهوم أهل البيت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين في محاولة منه لجعل الأئمة معصومين من جميع القبائح كالأنبياء.
قال الذهبي – رحمه الله –: أن الطبرسي يحاول من وراء هذا الجدل العنيف أن يثبت عصمة الأئمة, وهي عقيدة فاسدة, يؤمن بها هو ومن على شاكلته من الإمامية (الاثنا عشرية), ولا شك أن هذا تحكم في كلام الله تعالى, دفعه إليه الهوى وحمله عليه تأثير المذهب([28]).
وعند تتبعنا لدراسة تفسير الطبرسي "مجمع البيان" نجده يرى عصمة الأئمة, غير أنه يخالف جل مفسري طائفته من أن العصمة فقط في مسألة الكبائر والصغائر، أما النسيان والسهو فيقع منهم, ذكر هذا عند قوله تعالى: (وإذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعرِضْ عَنْهُم حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: 68].
حينما كان يرد على الجبائي قوله: "في هذه الآية دلالة على بطلان قول الإمامية في جواز التقية على الأنبياء، وأن النسيان لا يجوز على الأنبياء".
قال: وأما النسيان والسهو: فلم يجوزوهما عليهم, فيما يؤدونه عن الله تعالى فأما ما سواه: فقد جوزوا عليهم النوم والإغماء وهما من قبيل السهو, فهذا ظن منه – الجبائي – فاسد, وإن بعض الظن إثم([29]).

ثانياً: الإجماع:

الإجماع: هو اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة([30]), ويعد الدليل الثالث بعد الكتاب والسنة؛ لقوله تعالى: (وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وسَطًا) [البقرة: 143].

ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تجتمع أمتي على ضلالة)([31]).
ومن عقيدة الإمامية (الاثنا عشرية): أنهم لا يعدون الإجماع حجة, ولما كان الطبرسي يدين بهذه العقيدة نراه يحيد ويتأول كل آية تشير إلى حجية الإجماع, كقوله عند تفسيره لقوله تعالى: (ومَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى) [النساء: 115].
وقد استدل بهذه الآية على أن إجماع الأمة حجة؛ لأنه توعد على مخالفة سبيل المؤمنين, كما توعد على مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم, والصحيح: أنه لا يدل على ذلك([32]).
وهذا فهم سقيم؛ لأن الله تعالى جمع بين اتباع سبيل غير المؤمنين وبين مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الشرط, وجعل جزاءه الوعيد الشديد فكان اتباعهم أمراً واجباً.
ثالثاً: الإيمان:
إن مسألة الإيمان من أصول عقائد المسلمين, وذلك أن الدين والإيمان قول وعمل, قول القلب واللسان, وعمل القلب واللسان والجوارح([33]).

فالإيمان في اللغة: التصديق والاستجابة, فما كان من جهة الأخبار فتصديقه باعتقاده وما كان من جهة الأوامر والنواهي فتصديقه بامتثاله.
والأدلة على ذلك كثيرة، منها: قوله تعالى: (إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا) [الحجرات: 15].
وقوله تعالى: (وقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ) [الشورى: 15].
وقوله تعالى: (إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ) [الإنسان: 9].
وقوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وأَقَامُوا الصَّلاةَ وأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًا وعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) [فاطر: 29].
فدلت الآيات على أن الإيمان يشتمل على أربعة أمور: قول القلب, وقول اللسان وعمل القلب وعمل اللسان والجوارح, غير أن الطبرسي لا يدين بهذه العقيدة في مسألة الإيمان, فنراه يتأول كل آية تتضمن هذه العقيدة أو يفسرها بما يخدم عقيدته من أن الإيمان هو المعرفة بالقلب والتصديق به من غير الإقرار باللسان والعمل بالأركان, ذكر ذلك في عدة مواضع منها.
عند قوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هَادُوا والنَّصَارَى والصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 62].

حيث قال: وفي هذه الآية دلالة على أن الإيمان: هو التصديق والاعتقاد بالقلب([34]).

وعند قوله تعالى: (ولا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ) [الزخرف: 86].
قال: وفي هذا دلالة على أن حقيقة الإيمان هو الاعتقاد بالقلب والمعرفة([35]).
وعند قوله تعالى: (إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وأَقَامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكَاةَ ولَمْ يَخْشَ إلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئَكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ) [التوبة: 18].
قال: وفي ذكر الصلاة والزكاة وغير ذلك بعد ذكر الإيمان بالله: دلالة على أن الإيمان لا يتناول أفعال الجوارح([36]).
ويلزم من أقواله تلك أن صناديد قريش كأبي جهل وعقبة بن أبي معيط وغيرهم ممن يوقن بصحة الإسلام ودعوة محمد صلى الله عليه وسلم – وامتنعوا من الدخول في الإسلام لتكبرهم وكبريائهم – مؤمنون, وهذا القول قريب من مذهب جهم بن صفوان وأتباعه حين جعلوا الإيمان هو المعرفة بالله وحده.
رابعاً: الرجعة

من أصول عقائد الشيعة: الإيمان بالرجعة, أي: رجوع الأئمة إلى الدنيا بعد مماتهم, وكذلك أعداؤهم؛ لينتقم منهم!([37])
ولما كان الطبرسي يدين بهذه العقيدة نجده يتأول بعض النصوص لما يدين به من هذه العقيدة, كما في قوله تعالى: (ويَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ) [النمل: 83].

حيث قال: "واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية.... وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته؛ ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته, ويبتهجوا بظهور دولته, ويعيد – أيضاً – قوماً من أعدائه؛ لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب"([38]).
وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ) البقرة: 243.
قال الطبرسي بعد أن بين اللغة والإعراب والمعنى: هذه الآية حجة على من أنكر عذاب القبر والرجعة معاً؛ لأن إحياء أولئك مثل إحياء هؤلاء الذين أحياهم الله للاعتبار([39]).
وهذا القول مخالف للنصوص الصريحة ببطلان هذه العقيدة, وكذلك ما عليه المفسرون المعتبرون, فمن الأدلة على بطلان هذه العقيدة: قوله تعالى: (حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ومِن ورَائِهِم بَرْزَخٌ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 99 – 100].
وقوله تعالى: (ولَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إنَّا مُوقِنُونَ) [السجدة: 12].

وقوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ القُرُونِ أَنَّهُمْ إلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) [يس: 31].

وفي سنن ابن ماجه: أن جابر بن عبد الله قال: لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جابر, ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك؟ قلت: بلى, قال: " ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب وكلم أباك كفاحاً, فقال: يا عبدي! تمن علي أعطك, قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية, قال: إنه سبق مني (أَنَّهُمْ إلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) [يس: 31].
قال يارب! فأبلغ من ورائي, فأنزل الله عز وجل الآية (ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران: 169]([40]).
وأما استدلاله بقوله تعالى: (ويَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) [النمل: 83] على الرجعة فبعيد؛ اذ المراد بذلك اليوم الذى يحشر فيه الظالمين من المكذبين هو يوم القيامة، كما أشارت إلى ذلك الآية التي في سورة مريم (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُ مْ والشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُ مْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًا) [مريم: 68].
فالآية بينت أنهم يحضرون حول جهنم, وذلك لا يكون إلا حشر يوم القيامة([41]).
وقد رد الألوسي – رحمه الله – على الإمامية في استدلالهم بهذه الآية على الرجعة حيث قال: ولا أظن أن أحداً منهم يزعم دلالتها على ذلك, بل قصارى ما يقول: إنها تدل على رجعة المكذبين أو رؤسائهم, فتكون دالة على أصل الرجعة وصحتها, لا على الرجعة بالكيفية التي يذكرونها([42]).


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 188.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 186.09 كيلو بايت... تم توفير 1.98 كيلو بايت...بمعدل (1.05%)]