مجلسٌ في قدوم الحاجّ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 3351 )           »          مكافحة الفحش.. أسباب وحلول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أي الفريقين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          نكبتنا في سرقة كتبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كيف نجيد فن التعامل مع المراهق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الطفل والأدب.. تنمــية الذائقة الجمالية الأدبية وتربيتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ترجمة موجزة عن فضيلة العلامة الشيخ: محمد أمان بن علي الجامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          يجب احترام ولاة الأمر وتوقيرهــم وتحرم غيبتهم أو السخرية منهم أو تنــقّصهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 1176 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-12-2019, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي مجلسٌ في قدوم الحاجّ

مجلسٌ في قدوم الحاجّ



أبو الفرج عبدالرحمن بن أحمد (ابن رجب الحنبلي)





في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من حج هذا البيت، ولم يَرفُث، ولم يَفسُق - رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).

مباني الإسلام الخمس، كلُّ واحد منها يُكفِّر الذنوب والخطايا ويهدمها، ولا إله إلا الله لا تُبقي ذنبًا، ولا يسبقها عملٌ، والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - مكفِّراتٌ لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والحج الذي لا رفث فيه ولا فسوق، يَرجع صاحبُه من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه، وقد استنبط معنى هذا الحديثِ من القرآن طائفةٌ من العلماء، وتأوَّلوا قول الله - تعالى -: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: 203]: بأن مَن قضى نُسكَه، ورجع منه، فإن آثامه تسقط عنه إذا اتَّقى الله - عز وجل - في أداء نسكه، وسواء نفر في اليوم الأول من يومي النفر متعجِّلاً، أو متأخرًا إلى اليوم الثاني؛ وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن قضى نسكه وسَلِم المسلمون من لسانه ويده، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر))، وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))، وفي "صحيح مسلم" عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الحج يَهدِم ما قبله)).

فالحج المبرور يكفر السيئات، ويوجب دخول الجنات؛ وقد روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن بر الحج، فقال: ((إطعام الطعام، وطيب الكلام))، فالحج المبرور: ما اجتمع فيه أعمالُ البرِّ، مع اجتناب أعمال الإثم، فما دعا الحاجُّ لنفسه، ولا دعا له غيره بأحسنَ مِن الدعاء بأن يكون حجُّه مبرورًا؛ ولهذا يشرع للحاج إذا فرغ من أعمال حجه، وشرع في التحلل من إحرامه برمي جمرة العقبة يوم النحر - أن يقول: "اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا"؛ وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر من قولهما، وروي عنهما مرفوعًا، وكذلك يُدعَى للقادم من الحج بأن يجعل الله حجَّه مبرورًا، وفي الأثر: "أن آدم - عليه السلام - لمّا حج البيت وقضى نسكه، أتته الملائكة، فقالوا له: يا آدم، بَّر حجُّك، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام"، وكذلك كان السلف يَدعُون لمن رجع مِن حجه، لما حج خالد الحذَّاء ورجع، قال له أبو قِلابة: "بَرَّ العملُ"؛ معناه: جعل الله عملك مبرورًا.

علامات الحج المبرور:


للحج المبرور علامات لا تخفى، قيل للحسن: الحج المبرور جزاؤه الجنةُ؟ قال: آية ذلك أن يرجع زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، وقيل له: جزاء الحج المغفرة؟ قال: آية ذلك أن يَدَع سيئَ ما كان عليه من العمل.

الحج المبرور مثل: حج إبراهيم بن أدهم مع رفيقه الرجل الصالح الذي صحبه من بلخ، فرجع من حجِّه زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، وخرج عن مُلكِه وماله، وأهله وعشيرته وبلاده، واختار بلاد الغربة، وقنع بالأكل من عمل يده، إما من الحصاد، أو من نظارة البساتين.

حجَّ مرة مع جماعة من أصحابه، فشرط عليهم في ابتداء السفر ألاَّ يتكلم أحدُهم إلا لله - تعالى - ولا ينظر إلا له، فلما وصلوا وطافوا بالبيت، رأَوا جماعةً من أهل خراسان في الطواف، معهم غلامٌ جميل قد فُتِنَ الناسُ بالنظر إليه، فجعل إبراهيم يسارقه النظرَ ويبكي، فقال له بعض أصحابه: يا أبا إسحاق، ألم تقل لنا: لا ننظر إلا لله - تعالى؟ فقال: ويحك! هذا ولدي، وهؤلاء خدمي وحشمي:


هَجَرْتُ الخَلْقَ طُرًّا فِي هَوَاكَ وَأَيْتَمْتُ العِيَالَ لِكَيْ أَرَاكَا
فَلَوْ قَطَّعْتَنِي فِي الحُبِّ إِرْبًا لَمَا حَنَّ الفُؤَادُ إِلَى سِوَاكَا





قال بعض السلف: "استلام الحجر الأسود هو ألاَّ يعود إلى معصية"، يشير إلى ما قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -: "إن الحجرَ الأسود يمينُ الله في الأرض، فمَن استَلَمه وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه"، وقال عكرمة: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن لم يدرك بيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسح الركن، فقد بايع الله ورسوله"، وورد في حديث: أن الله لما استخرج من ظهر آدم ذرِّيتَه، وأخذ عليهم الميثاقَ - كتب ذلك العهد في رقٍّ، ثم استودعه هذا الحجرَ، فمِن ثَمَّ يقول: مَن يستلمه وفاء بعهدك، فمستلم الحجر يبايع الله على اجتناب معاصيه، والقيام بحقوقه؛ {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 10].

يا معاهدينا على التوبة، بيننا وبينكم عهود أكيدة؛ أولها: يومَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172]؟ فقلتم: بلى، والمقصود الأعظم من هذا العهد: ألاَّ تعبدوا إلا إياه، وتمام العمل بمقتضاه: أن اتقوا الله حق تقواه.

وثانيهما: يوم أرسل إليكم رسوله، وأنزل عليكم في كتابه: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40]، قال سهل التستري: مَن قال: لا إله إلا الله، فقد بايع الله، فحرام عليه إذ بايعه أن يعصيَه في شيء من أمره، في السر والعلانية، أو يوالي عدوه، أو يعادي وليَّه:


يَا بَنِي الإِسْلاَمِ مَنْ عَلَّمَكُمْ بَعْدَ إِذْ عَاهَدْتُمُ نَقْضَ العُهُودِ
كُلُّ شَيْءٍ فِي الهَوَى مُسْتَحْسَنٌ مَا خَلاَ الغَدْرَ وَإِخْلاَفَ الوُعُودِ





وثالثها: لمن حجَّ إذا استلم الحجر، فإنه يجدد البيعة، ويلتزم الوفاء بالعهد المتقدم: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]، الحر الكريم، لا ينقض العهد القديم:




أَحَسِبْتُمُ أَنَّ اللَّيَالِيَ غَيَّرَتْ عَقْدَ الهَوَى لاَ كَانَ مَنْ يَتَغَيَّرُ
يَفْنَى الزَّمَانُ وَلَيْسَ نَنْسَى عَهْدَكُمْ وَعَلَى مَحَبَّتِكُمْ أَمُوتُ وَأُحْشَرُ








إذا دعتك نفسك إلى نقض عهد مولاك، فقل لها: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23]، اجتاز بعضهم على منظور مشتهى، فهمَّت عينُه أن تمتد، فصاح:




حَلَفْتُ بِدِينِ الحُبِّ لاَ خُنْتُ عَهْدَكُمْ وَذَلِكَ عَهْدٌ لَوْ عَرَفْتَ وَثِيقُ







تاب بعض مَن تقدَّم، ثم نقض، فهتف به هاتف بالليل:




سَأَتْرُكُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَاقِفًا فَإِنْ عُدْتَ عُدْنَا وَالوِدَادُ مُقِيمُ
تُوَاصِلُ قَوْمًا لاَ وَفَاءَ لِعَهْدِهِمْ وَتَتْرُكُ مِثْلِي وَالحِفَاظُ قَدِيمُ








مَن تكرر منه نقض العهد، أيوثق بمعاهدته؟!:



دخل بعض السلف على مريض مكروب، فقال له: عاهد الله على التوبة؛ لعله أن يقيلك صرعتك، فقال: كنت كلما مرضتُ، عاهدتُ الله على التوبة، فيُقيلني، فلما كان هذه المرة ذهبت أعاهد، كما كنت أعاهد، فهتف بي هاتف من ناحية البيت: قد أقلناك مرارًا فوجدناك كذابًا، ثم مات عن قريب.


لاَ كَانَ مَنْ يَنْقُضُ العَهْدَ لاَ كَانْ مَا يَنْقُضُ العَهْدَ إِلاَّ كُلُّ خَوَّانْ
تُرَى الحَيَّ الأُلَى بَاتُوا عَلَى العَهْدِ كَمَا كَانُوا
أَمِ الدَّهْرُ بِهِمْ خَانَا وَدَهْرُ المَرْءِ خَوَّانُ
إِذَا عَزَّ بِغَيْرِ اللَّهِ يَوْمًا مَعْشَرٌ هَانُوا





مَن رجع من الحج فليحافظ على ما عاهد الله عليه عند استلام الحجر:



حج بعض مَن تقدَّم، فبات بمكة مع قوم، فدعته نفسُه إلى معصية، فسمع هاتفًا يقول: ويلك ألم تحج؟! فعصمه الله من ذلك.

قبيح بمَن كمل القيام بمباني الإسلام الخمس، أن يشرع في نقض ما يبني بالمعاصي، في حديث مرسل خرجه ابن أبي الدنيا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: ((يا فلان، إنك تبني وتهدم)) – يعني: تعمل الحسنات والسيئات - فقال: "يا رسول الله، سوف أبني ولا أهدم".



خُذْ فِي جِدٍّ فَقَدْ تَوَلَّى العُمْرُ كَمْ ذَا التَّفْرِيطُ فَقَدْ تَدَانَى الأَمْرُ
أَقْبِلْ فَعَسَى يُقْبَلُ مِنْكَ العُذْرُ كَمْ تَبْنِي كَمْ تَنْقُضُ كَمْ ذَا الغَدْرُ





علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية:



ما أحسنَ الحسنةَ بعد الحسنة، وأقبحَ السيئةَ بعد الحسنة، ذنب بعد التوبة أقبحُ من سبعين قبلها، النكسة أصعب من المرض الأول، ما أوحش ذلَّ المعصية بعد عز الطاعة، ارحموا عزيزَ قوم بالمعاصي ذل، وغنيَّ قوم بالذنوب افتقر، سلوا الله الثبات إلى الممات، وتعوذوا من الحَوْر بعد الكَوْر، كان الإمام أحمد يدعو ويقول: اللهم أعزَّني بطاعتك، ولا تذلني بمعصيتك، وكان عامة دعاء إبراهيم بن أدهم: "اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة"، في بعض الآثار الإلهية يقول الله - تبارك وتعالى -: "أنا العزيز، فمَن أراد العز فليطع العزيز".


أَلاَ إِنَّمَا التَّقْوَى هِيَ العِزُّ وَالكَرَمْ وَحُبُّكَ لِلدُّنْيَا هُوَ الذُّلُّ وَالسَّقَمْ
وَلَيْسَ عَلَى عَبْدٍ تَقِيٍّ نَقِيصَةٌ إِذَا حَقَّقَ التَّقْوَى وَإِنْ حَاكَ أَوْ حَجَمْ




الحاج إذا كان حجه مبرورًا، غفر له، ولمن استغفر له، وشفع فيمن شفع فيه، وقد روي: ((إن الله - تعالى - يقول لهم يوم عرفة: أفيضوا مغفورًا لكم، ولمن شفعتم فيه))، وروى الإمام أحمد بإسناده عن أبي موسى الأشعري، قال: "إن الحاج لَيشفعُ في أربعمائة بيت من قومه، ويُبارك في أربعين من أمهات البعير الذي يحمله، ويَخرج من خطاياه كيوم ولدته أمه، فإذا رجع من الحج المبرور، رجع وذنبه مغفور، ودعاؤه مستجاب؛ فذلك يستحب تلقيه، والسلام عليه، وطلب الاستغفار منه".

وتَلَقِّي الحاج مسنون، وفي "صحيح مسلم" عن عبدالله بن جعفر قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قَدِمَ من سفر، تُلُقِّيَ بصبيان أهل المدينة، وإنه قدم من سفر، فسُبِقَ بي إليه، فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه، فأُدخِلنا المدينةَ ثلاثةً على دابة"، وقد ورد النهي عن ركوب ثلاثة على دابة في حديث مرسل، فإن صحَّ حُمِل على ركوب ثلاثة رجال؛ فإن الدابة يشق عليها حملها، بخلاف رجل وصغيرين، وفي "المسند" و"صحيح الحاكم" عن عائشة قالت: "أقبلنا من مكةَ في حج أو عمرة، فتلقَّانا غلمانٌ من الأنصار كانوا يتلقون أهاليهم إذا قدموا".

وكذلك السلام على الحاج إذا قدم، ومصافحته، وطلب الدعاء منه، وفي "المسند" بإسناد فيه ضعف، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا لقيتَ الحاجَّ، فسلِّم عليه وصافحه، ومُرْه أن يستغفر لك قبل أن يدخل بيته؛ فإنه مغفور له))، وفيه أيضًا: عن حبيب بن أبي ثابت قال: "خرجت مع أبي نتلقَّى الحاجَّ، ونسلم عليهم، قبل أن يتدنسوا"، وروى معاذ بن الحكم، حدثنا موسى بن أعين عن الحسن، قال: "إذا خرج الحاج فشيِّعوهم وزودوهم الدعاء، وإذا قفلوا فالقوهم وصافحوهم قبل أن يخالطوا الذنوب؛ فإن البركة في أيديهم"، وروى أبو الشيخ الأصبهاني وغيره، من رواية لبنت عن مجاهد، قال: قال عمر: "يُغفَر للحاج ولمن استغفر له الحاج بقية ذي الحجة، ومحرم، وصفر، وعشر من ربيع الأول"، وفي "مسند البزار"، و"صحيح الحاكم" من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((اللهم اغفر للحاج، ولمن استغفر له الحاج))، وروى أبو معاوية الضرير، عن حجاج، عن الحكم، قال: قال ابن عباس: "لو يعلم المقيمون ما للحاج عليهم من الحق، لأتَوْهم حين يقدمون، حتى يقيلوا رواحلهم؛ لأنهم وفد الله في جميع الناس".

ما للمنقطع حيلة سوى التعلق بأذيال الواصلين:




هَلِ الدَّهْرُ يَوْمًا بِوَصْلٍ يَجُودُ وَأَيَّامُنَا بِاللِّوَى هَلْ تَعُودُ
زَمَانٌ تَقَضَّى وَعَيْشٌ مَضَى بِنَفْسِيَ وَاللَّهِ تِلْكَ العُهُودُ
أَلاَ قُلْ لِزُوَّارِ دَارِ الحَبِيبْ هَنِيئًا لَكُمْ فِي الجِنَانِ الخُلُودُ
أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ المَاءِ فَيْضًا فَنَحْنُ عِطَاشٌ وَأَنْتُمْ وُرُودُ








أحبُّ ما إلى المحب سؤالُ مَن قدم من ديار الحبيب:




عَارِضَا بِي رَكْبَ الحِجَازِ أُسَائِلْ هُ مَتَى عَهْدُهُ بِأَيَّامِ سَلْعِ
وَاسْتَمِلاَّ حَدِيثَ مَنْ سَكَنَ الخَيْ فَ وَلاَ تَكْتُبَاهُ إِلاَّ بِدَمْعِي
فَاتَنِي أَنْ أَرَى الدِّيَارَ بِطَرْفِي فَلَعَلِّي أَرَى الدِّيَارَ بِسَمْعِي
مَنْ مُعِيدٌ أَيَّامَ جَمْعٍ عَلَى مَا كَانَ مِنْهَا وَأَيْنَ أَيَّامُ جَمْعِي








أرواح القبول تفوح من المقبولين، وأنوار الوصول تلوح على الواصلين:




تَفُوحُ أَرْوَاحُ نَجْدٍ مِنْ ثِيَابِهِمُ عِنْدَ القُدُومِ لِقُرْبِ العَهْدِ بِالدَّارِ
أَهْفُو إِلَى الرَّكْبِ تَعْلُو لِي رَكَائِبُهُمْ مِنَ الحِمَى فِي أُسَيْحَاقٍ وَأَطْمَارِ
يَا رَاكِبَانِ قِفَا لِي وَاقْضِيَا وَطَرِي وَحَدِّثَانِيَ عَنْ نَجْدٍ بِأَخْبَارِ








ما يُؤهَّل للإكثار من التردد إلى تلك الآثار إلا محبٌّ مختار:



حج علي بن الموفَّق ستين حجة، قال: فلما كان بعد ذلك جلست في الحجر أفكر في حالي، وكثرة تردادي إلى ذلك المكان، ولا أدري: هل قُبِل مني حجي أم رُدَّ؟ ثم نمت فرأيتُ في منامي قائلاً يقول لي: هل تدعو إلى بيتك إلا مَن تحب؟ قال: فاستيقظتُ وقد سُرِّي عني.

ما كل مَن حج قُبِل، ولا كل مَن صلى وُصل:
قيل لابن عمر: ما أكثرَ الحاجَّ! قال: ما أقلَّهم! وقال: الركب كبير، والحاج قليل.

حج بعض المتقدمين فتوفي في الطريق في رجوعه، فدفنه أصحابه ونسوا الفأس في قبره، فنبشوه ليأخذوا الفأس، فإذا عنقه ويداه قد جُمعت في حلقة الفأس، فردوا عليه التراب، ثم رجعوا إلى أهله، فسألوهم عن حاله؟ فقالوا: صحب رجلاً فأخذ ماله، فكان يحج منه.


إِذَا حَجَجْتَ بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحُتٌ فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتِ العِيرُ
لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ كُلَّ صَالِحَةٍ مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ





مَن حجه مبرور قليل، ولكن قد يوهب المسيء للمحسن
:



وقد روي: أن الله - تعالى - يقول عشية عرفة: "قد وهبت مسيئكم لمحسنكم".

حج بعض المتقدمين، فنام ليلة، فرأى ملكين نزلا من السماء، فقال أحدهما للآخر: كم حج العام؟ قال: ستمائة ألف، فقال له: كم قُبل منهم؟ قال: ستة، قال: فاستيقظ الرجل وهو قلق مما رأى، فرأى في الليلة الثانية كأنهما نزلا وأعادا القول، وقال أحدهما: إن الله وهب لكل واحد من الستة مائة ألف.
كان بعض السلف يقول في دعائه: اللهم إن لم تَقبَلني، فهبْني لمن شئت من خلقك.

مَن رُدَّ عليه عمله ولم يقبل منه، فقد يعوض ما يعوض المصاب، فيرحم بذلك:

قال بعض السلف في دعائه بعرفة: اللهم إن كنت لم تَقبَل حجِّي وتعبي ونصبي، فلا تحرمني أجر المصيبة على تركك القبول مني، وقال آخر منهم: اللهم ارحمني، فإن رحمتك قريب من المحسنين، فإن لم أكن محسنًا، فقد قلتَ: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43]، فإن لم أكن كذلك، فأنا شيء، وقد قلت: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، فإن لم أكن شيئًا، فأنا مصاب بردِّ عملي وتعبي ونصبي، فلا تحرمني ما وعدتَ المصاب من الرحمة.
قال هلال بن يسار: بلغني أن المسلم إذا دعا الله فلم يستجب له، كتب له حسنة؛ خرجه ابن أبي شيبة، يعني جزاء لمصيبة ردِّه.


وَمَنْ كَانَ فِي سُخْطِهِ مُحْسِنًا فَكَيْفَ يَكُونُ إِذَا مَا رَضِي




قدوم الحاج يذكر بالقدوم على الله - تعالى -:



قدم مسافر فيما مضى على أهله فسُرُّوا به، وهناك امرأة من الصالحات، فبكت وقالت: أَذكَرني هذا بقدومِه القدومَ على الله - عز وجل - فمِن مسرورٍ ومثبور.

قال بعض الملوك لأبي حازم: كيف القدوم على الله – تعالى؟ فقال أبو حازم: أما قدوم الطائع على الله - تعالى - فكقدوم الغائب على أهله المشتاقين إليه، وأما قدوم العاصي فكقدوم العبد الآبق على سيده الغضبان.


لَعَلَّكَ غَضْبَانُ وَقَلْبِيَ غَافِلٌ سَلاَمٌ عَلَى الدَّارَيْنِ إِنْ كُنْتَ رَاضِيَا




في بعض الآثار الإسرائيلية: يقول الله - عز وجل -: ألا طال شوق الأبرار إليَّ، وأنا إلى لقائهم أشد شوقًا، كم بين الذين: {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103]، وبين الذين: {يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13]، قال علي - رضي الله عنه -: تتلقاهم الملائكة على أبواب الجنة: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، ويلقى كلُّ غلمان صاحبَهم، يطيفون به فعل الولدان بالحميم جاء من الغيبة، أبشِر فقد أعدَّ الله لك من الكرامة كذا وكذا، قد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا، وينطلق غلام من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين، فيقول: هذا فلان، باسمه في الدنيا، فيَقُلن: أنت رأيته؟ فيقول: نعم، فيستَخِفُّهن الفرحُ، حتى يخرجن إلى أُسْكُفَّةِ الباب.

قال أبو سليمان الداراني: تبعث الحوراءُ من الحورِ الوصيفَ من وصائفها، فتقول: ويحك! انظر ما فُعِل بوليِّ الله! فتستبطئه، فتبعث وصيفًا آخر، فيأتي الأول فيقول: تركته عند الميزان، ويأتي الثاني فيقول: تركته عند الصراط، ويأتي الثالث فيقول: قد دخل باب الجنة، فيستخفها الفرح، فتقف على باب الجنة، فإذا أتاها اعتنقتْه، فيدخل خياشيمَه من ريحها ما لا يخرج أبدًا.




قَدْ أُزْلِفَتْ جَنَّةُ النَّعِيمِ فَيَا طُوبَى لِقَوْمٍ بِرَبْعِهَا نَزَلُوا
أَكْوَابُهُمْ عَسْجَدٌ يُطَافُ بِهَا وَالخَمْرُ وَالسَّلْسَبِيلُ وَالعَسَلُ
وَالحُورُ تَلْقَاهُمُ وَقَدْ كَشَفَتْ عَنِ الوُجُوهِ بِهَا الأَسْتَارُ وَالكِلَلُ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.81 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]