أعلام في خدمة التراث الأندلسي: الأستاذ محمد مفتاح العمراني نموذجا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826371 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3907 - عددالزوار : 374246 )           »          سحور 9 رمضان.. حواوشي البيض بالخضار لكسر الروتين والتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 279 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 352 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 473 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 377 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 372 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 375 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11482 - عددالزوار : 180117 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-12-2019, 09:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,345
الدولة : Egypt
افتراضي أعلام في خدمة التراث الأندلسي: الأستاذ محمد مفتاح العمراني نموذجا

أعلام في خدمة التراث الأندلسي: الأستاذ محمد مفتاح العمراني نموذجا
المودن موسى







توفي يوم الأحد 27 من شهر أكتوبر من سنة 2019م أحدُ أعمدة الأدب الأندلسي والمغربي، الأستاذ محمد مفتاح العمراني الحسني، الخمسي ولادةً، الغماري أصلًا، والتطواني استقرارًا وإقبارًا - بعد صراع مرير مع المرض العُضال الذي لم يمهله الكثير من الوقت؛ إذ سرعان ما توفي مساء يوم الأحد بمدينة الرباط بين أروقة المستشفى العسكري، وقد وُريَ جثمانه الطاهر الثرى بمدينة تطوان في مساء يوم الإثنين 28 من شهر أكتوبر بالمقبرة الإسلامية بمدينة تطوان، وقد حضر دفنه الكثير من أصدقائه وطلابه ومحبيه رحمه الله.





يعتبر الأستاذ الدكتور محمد مفتاح العمراني من أعمدة الأدب الأندلسي والمغربي؛ حيث اشتهر رحمه الله ببراعته في التعامل مع النصوص المخطوطة، وخاصة ما يتعلق بالتراث الأندلسي، كما عُرِف عنه سَعة اطلاعه على المخطوطات المغربية والأندلسية بالمكتبات المغربية والإسبانية، خاصة "مكتبة الإسكوريال"؛ حيث قام بتحقيق الكثير من الكتب النادرة، وساهم في البحث عن الكثير منها، وإلى جانب ذلك اشتهر الفقيد بتواضعه الكبير، وحبه الشديد للطلبة، بل والتفاني في خدمتهم وتوجيههم.





وبما أن التعريف بمثل هؤلاء الأعلام الكبار من حملة مشعَلِ العلم والثقافة والأدب واجب على كل من انتفع بعلمهم أو توجيههم، فقد آثرنا أن نقوم بوضع ترجمة مختصرة للفقيد؛ حتى يتسنى لطلبته ومحبيه الوقوف على سيرته العلمية وأعماله الأدبية؛ حتى تبقى ذكراه الطيبة منارةً يستنير بها كل طالب باحث يريد الاشتغال على نوادره وأعماله القيمة مستقبلًا.



أولًا: التعريف بشخصية الأستاذ محمد مفتاح العمراني:

يعتبر الأستاذ محمد مفتاح من الأعلام المغمورين الذين لم يُكتَب لهم الظهور كثيرًا على الساحة العلمية والأدبية داخل الوطن، ومردُّ ذلك إلى تواضعه الكبير من جهة، وإلى قلة كتاباته ومنشوراته العلمية المطبوعة من جهة أخرى، وفي المقابل نجد له حضورًا لافتًا في الساحة العلمية والأدبية والثقافية الإسبانية؛ إذ اشتهر رحمه الله داخل الساحة العلمية والثقافية في إسبانيا أكثر منه في بلده الأم (المغرب).



1- اسمه ونسبه:

هو الدكتور محمد بن محمد مفتاح العمراني الحسني، الخمسي ولادة، الغماري أصلًا، والتطواني استقرارًا ووفاة وإقبارًا[1]، وأبوه هو الفقيه سيدي محمد بن محمد الخمسي من سكان قبيلة الأخماس الغمارية التي ازداد فيها مترجمًا، وينتسب الفقيد إلى قبيلة الأخماس العليا، وهي من القبائل الغمارية الجبلية، وتقع حاليًّا بإقليم شفشاون، بالقرب من عاصمة الإقليم (شفشاون)، ولهذه القبيلة ورجالاتها دورٌ عظيم في مواجهة الاستعمار الأجنبي الإسباني غداةَ فرضِ الحماية على بلاد المغرب سنة 1912م، التي تلاها اجتياح الإسبان لتطوان ونواحيها، ومن بين قادته آنذاك نذكر على سبيل الذكر لا الحصر: أحمد ولد الفار، ومحمد زيطان.



بالإضافة إلى ولع أهل قبيلة الأخماس الغمارية بطلب العلم وحفظ القرآن الكريم، فمن هذه القبيلة تخرج عديد من العلماء والمصلحين أمثال: الشيخ أبي جمعة الحسني، ومولاي أعلي بن راشد الحسني مؤسس مدينة شفشاون[2].



2- أسرته:

وأسرة الشريف سيدي محمد مفتاح العمراني أسرة عمرانية، وأبوه هو الفقيه سيدي محمد بن محمد مفتاح الخمسي مولدًا، والغماري أصلًا، ينتمي إلى أسرة علمية شهيرة، تربى في أسرة بسيطة، وقد اكتوى من قبل بحرقة في طلب العلم، وبقي في نفسه شيء من هذه الحرقة؛ لعدم قدرة أسرته على التحمل المادي لتلبية رغبته الجامحة في الانتقال إلى القرويين بـ(فاس).



وقد انتشرت أسرة مفتاح العمرانية الشريفة في كلٍّ من قبيلة بني زجل الغمارية، والأخماس الغمارية، وكذلك في بني سعيد الغمارية، وقد انتقل عقِبٌ منهم إلى مدينة تطوان في بداية القرن الثامن عشر، وكان منهم علي بن الطالب أحمد مفتاح الشريف عام 1746م[3].



3- مولده:

وُلد الشريف الأثيل محمد مفتاح العمراني الخمسي بقبيلة الأخماس الغمارية (الأخماس العليا)، وذلك في الرابع عشر من شهر مارس سنة 1947م، ونشأ في قبيلته الأخماس العليا، ومنها انتقل إلى مدينة شفشاون، ثم استقر في النهاية الأمر بمدينة تطوان، وبها توفي وأُقبر[4].



4- سيرته العلمية:

بعد أن بلغ الأستاذ سيدي محمد مفتاح العمراني سنَّ التمدرس، ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية بقبيلة الأخماس وذلك حوالي سنة 1953م؛ حيث حصل على شهادة الدروس الابتدائية بعد أن اجتاز امتحان نيل شهادة الدروس الابتدائية، وبعد ذلك انتقل للدراسة بالثانوية الإعدادية؛ حيث حصل على شهادة الدروس الإعدادية، ثم انتقل بعد ذلك إلى الثانوية التأهيلية، ليحصل سنة 1965م على شهادة البكالوريا[5].



بعد نيله لشهادة البكالوريا، انتقل الفقيد مباشرة إلى مدينة الرباط ليكمل مسيرته الجامعية، فحصل سنة 1969م على شهادة الإجازة في الأدب العربي من جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة بالرباط.



بعد حصوله على شهادة الإجازة، التحق بالمدرسة العليا للأساتذة، فحصل على دبلوم في علوم التربية وذلك سنة 1969م؛ ما سيؤهله للتدريس بسلك التعليم الثانوي.



بعد التحاقه بمهنة التعليم، بقي ولمدة طويلة يمارس المهنة، ثم عقد العزم بعد أن توفرت له الظروف المناسبة على إتمام دراسته الجامعية، فالتحق قبل سنة 1979م بجامعة ظهر المهراز، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة فاس، ليحصل في سنة 1982م على دبلوم الدراسات العليا ببحثٍ قيِّمٍ تحت عنوان (كتاب السحر والشعر) تصنيف لسان الدين ابن الخطيب (ت: 776 هـ)، تحت إشراف عالم الأندلسيات الدكتور عبدالسلام الهراس[6].



بعد حصوله على دبلوم الدراسات العليا، عقد العزم على إتمام مسيرته الدراسية خارج الوطن، فانتقل إلى الديار الإسبانية وبالضبط إلى العاصمة مدريد؛ حيث التحق بجامعة مدريد، وأنجز أطروحة دكتوراه حفيلة وحافلة بجامعة مدريد المركزية الكومبلوتنسي، عنوانها: (كتاب العطاء الجزيل في كشف غطاء الترسيل)، تصنيف أبي القاسم أحمد بن محمد البَلَويِّ الإشبيلي المتوفى سنة (632 ه‍)، وقد حقق هذا الكتاب على نسخة أندلسية وحيدة وفريدة وصعبة توجد بالخِزانة الحسنية بالرباط، فجاءت في مجلدين ضخمين، وقدَّم لها باللغة الإسبانية، وهذا الكتاب هو مصدر موحدي، يحتجن مادةً أندلسية لم تَعلَق بها يدُ أحدٍ من قبل، ليحصل على إثرها على شهادة دكتوراه الدولة سنة 1990م[7]..



5- وظائفه والمهام التي أُسندت إليه:

مارس الفقيد في حياته المهنية ثلاث وظائف، وقد ارتبطت كلها بالمجال العلمي والمعرفي الصِّرْف، وهذه أهم المهن التي امتهنها الفقيد خلال فترة حياته[8]:

1969/ 1970: التحق الأستاذ محمد مفتاح بوظيفة التعليم الثانوي بعد تخرجه في المدرسة العليا سنة 1969م، واستمر في أداء هذه المهنة إلى حدود سنة 1979م، ومن أهم الثانويات التي درس بها الفقيد قبل أن يلِجَ الجامعة: ثانوية الشريف الإدريسي بمدينة تطوان، وله ذكريات طيبة مع طلاب هذه الثانوية.



1979/ 1980: بعد سنين من التدريس بالتعليم الثانوي، التحق الفقيد بالتعليم العالي منذ سنة 1979م، وقد استقر به المطاف بجامعة عبدالملك السعدي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة تطوان - كأستاذ للتعليم العالي بشعبة اللغة العربية.



1994/ 1995: كما شغل الأستاذ محمد مفتاح وظيفة مدير مركز الدراسات والبحوث الأندلسية، وذلك سنة 1994م.



عمل الأستاذ محمد مفتاح كعضو في معهد الدراسات المصطلحية بكلية الآداب، فاس.



كما مارس مهامَّ عضوٍ في الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية بكلية الآداب، تطوان.



ورغم قراره ترك الجامعة بعد سنوات طويلة من التدريس الجاد والمفيد، إلا أنه ظلَّ وفيًّا لها ولطلبتها، فقد أحالتْه إلى التقاعد النسبي مادةُ تحقيق النصوص في ماستر (الأدب العربي في المغرب العلوي: الأصول والامتدادات)، كما حاضر في عديد من الندوات العلمية بنفس الجامعة، وأشرف أيضًا على مناقشة عديد من الأطروحات الجامعية بنفس الجامعة.



6- أخلاقه:

من عادة العلماء والمفكرين والمؤرخين والأدباء المشهورين أن يكونوا على درجة عالية من التواضع والأخلاق الطيبة، وقد جمع الأستاذ المحقق محمد مفتاح بين طِيبِ أخلاقه، وحسنِ تعامله، وجِدِّيَّةِ عمله، ويشهد جميع من درسوا عنده من الطلبة والأساتذة والباحثين على سمو أخلاقه، وحسن تعامله، وجديته أثناء إلقاء محاضراته، كما عُرف عنه مُزاحه الكبير مع طلبته، مع الإبقاء على سِمَةِ الاحترام والحب والتقدير.



ثانيا: مكانة الأستاذ محمد مفتاح ورأي الباحثين في أعماله:

لم يكن الأستاذ محمد مفتاح من الباحثين الذين يستهويهم حب الظهور، بل كان متواضعًا زاهدًا، لا يبخل بما لديه من معلومات عن طلبته وكل من يطلب المساعدة منه، بل وكان كثيرًا ما يساعد الطلبة من خارج تخصصه من الذين استعصى عليهم فَهم مضمون المخطوط وخطِّه، فكان رحمه الله خدومًا ومتعاونًا ومتساهلًا مع الجميع، وهذه نظرة مختصرة عن أعماله العلمية، وإسهاماته الموازية الأخرى:

1- مكانته داخل الساحة العلمية:

اكتسب الأستاذ محمد مفتاح مكانة علمية سامية وراقية داخل الوطن وخارجه، وقد برزت هذه المكانة من خلال الأدوار التي لعِبها في التعريف بكثير من الأعمال المخطوطة والنادرة، وخاصة ما ارتبط بالتراث الأندلسي، ومن جملة الأعمال التي ساهم الأستاذ محمد مفتاح في الترشيد إليها، والتي أبانت عن تكوين عالٍ للفقيد، وكذا عن مكانة مرموقة له لدى الأدباء والمؤرخين - نذكر ما يلي:

يعتبر الأستاذ الدكتور محمد مفتاح أول مكتشف لهذه المخطوطة في العالم (كتاب كنز الكُتَّاب ومنتخب الآداب)، وهو مصدر موحدي وأندلسي حفيل، وقد أشرف بنفسه على هذه الرسالة العلمية؛ حيث قامت الأستاذة (حياة قارَة) بتحقيقها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة سيدي محمد بن عبدالله ظهر المهراز بفاس، وعنوانها: (كتاب كنز الكُتَّاب ومنتخب الآداب)، لأبي إسحاق إبراهيم بن الحسن البونسي الأندلسي المتوفى سنة 651 ه‍ـ[9].



كما يعتبر الأستاذ الدكتور محمد مفتاح رحمة الله عليه أيضًا أول مكتشف لمؤلف مخطوطة كتاب (الضروري في أصول الفقه)، أو (مختصر المستصفى) لأبي الوليد محمد بن رشد الحفيد المتوفى سنة 595 ه‍، نسخة الأسكوريال، وهي غَفْلٌ من اسم مؤلفها ... وبعد وفاة محققه، كلفني وزير الشؤون الثقافية (محمد علال سيناصر) بالإشراف على طباعته وكتابة مقدمة له[10].



وعن مكانة الأستاذ محمد مفتاح ينقل لنا الأستاذ (وائل بورشاشن) في مقال له منشور على صفحات جريدة هسبريس ما يلي: (وحول مكانة الأستاذ محمد مفتاح يقول الأستاذ عبدالعلي الودغيري، وهو أكاديمي متخصص في الدراسات المعجمية، قال: "إن الفقيد كان له اهتمام كبير بالتراث الأندلسي بصفة خاصة، وكان مجال اهتمامه هو الكتاب المخطوط بالدرجة الأولى، واستطاع بالفعل أن يكتشف عددًا من المصادر التي كانت مغمورة أو مجهولة"، وأضاف الودغيري أن "محمد مفتاح كان له الفضل - حقيقة - في الكشف عن عدد من المخطوطات الأندلسية المغربية، وعمل على تحقيق بعضها، وعلى إرشاد طلبته إلى تحقيق البعض الآخر"، ثم أجمل قائلًا: "كان رجلًا مدققًا وثقة في هذا المجال")[11].



كما يضيف شهادة أخرى للأستاذ شرف الدين ماجدولين، وهو أستاذ جامعي وناقد مغربي؛ حيث قال في معرض حديثه عن الأستاذ محمد مفتاح: "إن علاقته بالراحل محمد مفتاح العمراني كانت أساسًا لأنه ابن مدينته شفشاون، مضيفا أن هذه المواطنَة الصغيرة بالانتماء إلى المدينة نفسها جعلت أواصر الصداقة بينهما تمتد إلى عشرين سنة".



واستحضر الأستاذ ماجدولين الفترة التي كان فيها الراحل مفتاح مديرًا لمركز الدراسات والأبحاث الأندلسية في شفشاون، ثم زاد: "تولى هذا المنصب لحوالي ثماني سنوات، شهد فيها المركز العديد من الدورات الأكاديمية ذات الإشعاع الوطني والدولي؛ حيث استقدم عددًا كبيرًا من المستعربين الإسبان وغيرهم، وأعطى لهذا المركز مكانة في خريطة المؤسسات الأكاديمية المغربية، ثم أخلُفَه في المنصب نفسه، مديرًا للمركز نفسه بعد أن غادره إلى كلية الآداب بتطوان"[12].



ووضَّح الناقد أن محمد مفتاح "كان مكتشفًا للمخطوطات النادرة، وموجهًا للطلبة لتحقيقها، وكان يمد مجموعة من الباحثين من المشتغلين بالتراث الأدبي أو العلمي الأندلسي - بمعارفه وما لديه من اطلاع على الرصيد الموجود، سواء في "مكتبة الإسكوريال"، أو في غيرها من المكتبات بإسبانيا والمغرب[13]".



2- أعماله ومؤلفاته:

للأستاذ محمد مفتاح العديد من الأعمال المخطوطة التي في طريقها إلى الطبع والنشر، وهذه أهم الأعمال التي قام الفقيد بتحقيقها أو تخريجها:

السحر والشعر: تقديم وتحقيق (قيد الطبع بمطبعة الهداية).

أبو القاسم البلوي الإشبيلي: حياته وآثاره (قيد الطبع بمطبعة الهداية).

العطاء الجزيل في كشف غطاء الترسيل: دراسة وتحقيق.

منهاج ابن دحية في تفسير النص: بحثٌ أُنجز لندوة مركز الدراسات الأندلسية (التراث الأندلسي بين الإبداع والاتباع).

نص جديد حول إحراق الأحياء: بحث قدم بشفشاون في ندوة (التواصل الثقافي بين الأندلس والمغرب).

ابن الرقام الأوسي: أُنجز وقُدِّم في ندوة لمركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات.

جوانب من شخصية ابن الخطيب.

تحقيق النص الأدبي بين النظرية والتطبيق: السحر و الشعر أنموذجًا.

فهرسة المنتوري.

أرجوزة ابن الخطيب في التغذية.

طرر ابن البناء على الزمخشري.

الشروح اللغوية في الأندلس (دراسة).

ديوان الشعر الأندلسي من الفتح إلى سقوط الأندلس (جمع ودراسة).



3- شهادات في حق الأستاذ محمد مفتاح:

بما أن أقرب شخص للأستاذ هم طلبته، فقد آثرنا أن ننقُلَ عينة من الشهادات التي قيلت في حق المرحوم، وهذه بعض من الشهادات التي نقلناها شخصيًّا عن بعض طلبته:

♦ الأستاذ موسى المودن[14]:

كان الأستاذ محمد مفتاح من بين الأساتذة الكرام الذين تعرفت عليهم أثناء دراستي بسلك الماستر؛ حيث تعرفنا عليه أثناء تدريسه لنا مجزوءة التحقيق، فكان رحمه الله تعالى متواضعًا كريمًا، ذا أخلاق عالية وسامية، حاز بأسلوبه البسيط، وتكوينه المتين، وقدرته على إيصال المعلومة بأبسط الوسائل - على احترام وتقدير وحب جميع طلبة الفصل، فكان رحمه الله من الأساتذة الذين طبعوا بداخلي بصماتٍ خالدة، فرحم الله الفقيد، ورزقه جِنانَه الطاهرة.



♦ علي العلايمي[15]:

ترجَّل فارس وعميد الأدب والتراث الأندلسي ... 28 أكتوبر 2019م فضيلة الدكتور محمد مفتاح الشفشاوني المغربي رحمه الله تعالى، وكما وصفه الأستاذ البحاثة عبدالعزيز الساوري بأنه: "ذاكرة أندلسية أو مَعْلَمَةٌ مغربية".



عرفتُه في تقديمه لكتاب (سراج المريدين لأبي بكر ابن العربي) بتحقيق صديقي وأخي د/ عبدالله التوراتي، وبدعوة من شيخينا الدكتور حمزة الكتاني، والأستاذ خالد السباعي صاحب دار الحديث الكتانية، والأخ الصديق د/ محمد علوان.



وكان هذا اللقاء في المكتبة العمومية بمدينة تطوان المغربية في شهر مارس سنة 2018م يومًا دراسيًّا ويومَ احتفالٍ واحتفاءٍ بكتاب (سراج المريدين)؛ حيث تقدم الأستاذ الدكتور جعفر بن الحاج السلمي وقدم الكتاب في أبهى صورة، ثم تقدم صاحبنا المرحوم عميد المحققين بتطوان وعالم الأندلسيات الدكتور محمد مفتاح ليتكلم بلغة عربية قُحَّةٍ تكاد تكون من عصر جِلَّةِ شعراء العرب، وبلسانٍ يكاد يكون قُرشيَّ اللهجة يُحدثنا عن (سراج المريدين) ... واحتفى به أيما احتفاء، وقال أنه كان ينتظر خروجه من زمان، وثمَّن عمل الدكتور عبدالله التوراتي مع نقدٍ بسيط لبعض الأمور بابتسامة عريضة وكأنها مشاكسة من أبٍ حنون لابنٍ بارٍّ، سرَّنا بها وكل الحاضرين.



وعندما شاركتُ في المناقشة وأخذتُ المِصْدَحَ وتحدثت عن الشيخ المحقق محمد الشاذلي النيفر، أنصت لي جيدًا، وتقدم لمصافحتي وتحدثنا في بعض الأمور ... فرحم الله عميد المحققين وخبير التراث الأندلسي رحمة واسعة وغفر له ولنا، وجعله مع العلماء والصالحين في جنة الفردوس مع النبيين والصديقين.



♦ الأستاذة أم تسنيم شهبون:

لا إله إلا أنت سبحانك، عندما حضرتُ دروس الأستاذ المرحوم محمد مفتاح لأول مرة ... شدَّني أسلوبه الشائق وكلمته الرنانة وسعة ثقافته، وكلامه الممزوج بين الجدية والفكاهة فهو لا يشعِرُك بالملل، وعلمه الواسع، وسرعة البديهة، وعشقه لعمله - كلها أدوات تجعلك توقن أنك تقف أمام عبقريٍّ جَمَعَ العلم والأدب، بالإضافة إلى أن خفة دمه ودعابته كانت سِمةً جعلت دروسه محببة لطلبته؛ فلا تشعر بالملل وأنت تستمع إلى إبداعاته الإلقائية، فطريقته في الإلقاء أخَّاذة تسلب قلبك قبل عقلك، كانت معرفته الكبيرة بالنحو واللغة، وإلمامه الواسع بالشعر والشعراء والأوزان - تجعلك تغوص في بحر لُجِيٍّ من المعاني والمعارف، وكان ولعه بالتراث الأندلسي وبالأندلس التي لا يفتأ يتحدث عنها بحبٍّ واهتمام - جعلني أعيش أيامها وأنا في حلقة من حلقات دروسه.



حكى لنا مرة كيف دخل إحدى المكتبات فوجد كل من فيها يشتعل أناقة ونظافة، وكيف أنه نسي بطاقته إلا أن المشرف ساعده على الدخول بكل لباقة ولطف.



لا تتمالك نفسك من التبسم والإعجاب الذي يصل في بعض الأحيان إلى المتعة الروحية وأنت تنصت إلى حكاياته اللَّبِقة عن أهل الأندلس وأحوالها، لم نُحرم من دروسه فقط، بل حُرمنا من مناقشته التي كانت ستُجرى على يده، ولله في أمره شؤون، رحم الله أستاذنا وأنزله نُزُلَ الصالحين.



4- وفاته:

توفي الأستاذ الجليل والدكتور الكبير محمد مفتاح في يوم الأحد السابع والعشرين من شهر أكتوبر من سنة 2019م بمدينة الرباط، بعد صراع قصير مع المرض الذي لم يمهله الكثير؛ حيث وري جثمانه الطاهر الثرى بالمقبرة الإسلامية بمدينة تطوان، وذلك مساء يوم الإثنين الثامن والعشرين من شهر أكتوبر من سنة 2019م، وقد حضر جنازة الفقيد كمٌّ غفير من الأساتذة والطلاب والمحبين له، فغفر الله للفقيد وأدخله الجنان، وجعله من الصديقين والشهداء والصالحين والأبرار.





أهم المصادر والمراجع:

1- محمد بن عساكر، دوحة الناشر في ذكر محاسن أهل القرن العاشر، تحقيق محمد حجي، الرباط، منشورات كلية الأدب بالرباط، الطبعة الثانية سنة 1977م.



2- عبدالقادر العافية، الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية بشفشاون وأحوازها خلال القرن العاشر الهجري (السادس الميلادي)، المحمدية، منشورات وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الطبعة الأولى سنة 1982م.



3- محمد داود، عائلات من تطوان، مراجعة وتحقيق حسناء داود، تطوان، منشورات جمعية تطاون أسمير، سلسلة تراث، ط/ 2017م، 2/ 306.



4- أمدتنا أخت الفقيد بترجمة مختصرة للفقيد، وهي الأستاذة نزيهة مفتاح، وذلك بتاريخ: 30/ 10/ 2017.



5- من شهادة الأستاذ والدكتور عبدالعزيز الساوري، 27/ 10/ 2017.



6- من شهادة الدكتور والأستاذ التونسي علي العلامي، باحث أكاديمي في الفقه المالكي.



7- عبدالحي الكتاني، مقال بعنوان: وداعًا فقيدنا الغالي محمد مفتاح، جريدة الشمال، عدد 3/ 11/ 2019.



8- المقالات الإلكترونية:

وائل بورشاشن، جريدة هسبريس، مقال تحت عنوان: (الراحل محمد مفتاح، محقق مشهور عند الإسبان مغمور لدى العرب).





[1] أمدتنا أخت الفقيد بترجمة مختصرة للفقيد، وهي الأستاذة نزيهة مفتاح، وذلك بتاريخ: 30/ 10/ 2017.




[2] حول الموضوع انظر: كتاب: محمد ابن عساكر، دوحة الناشر في ذكر محاسن أهل القرن العاشر، تحقيق محمد حجي، الرباط، منشورات كلية الأدب بالرباط، الطبعة الثانية سنة 1977م - عبدالقادر العافية، الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية بشفشاون وأحوازها خلال القرن العاشر الهجري (السادس الميلادي)، المحمدية، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الطبعة الأولى سنة 1982م.




[3] محمد داود، عائلات من تطوان، مراجعة وتحقيق حسناء داود، تطوان، منشورات جمعية تطاون أسمير، سلسلة تراث، ط/ 2017م، 2/ 306.




[4] أمدتنا أخت الفقيد بترجمة مختصرة للفقيد، وهي الأستاذة نزيهة مفتاح، وذلك بتاريخ: 30/ 10/ 2017.




[5] أمدتنا أخت الفقيد بترجمة مختصرة للفقيد، وهي الأستاذة نزيهة مفتاح، وذلك بتاريخ: 30/ 10/ 2017.




[6] من شهادة الأستاذ والدكتور عبد العزيز الساوري.





[7] أمدتنا أخت الفقيد بترجمة مختصرة للفقيد، وهي الأستاذة نزيهة مفتاح، وذلك بتاريخ: 30/ 10/ 2017.




[8] أمدتنا أخت الفقيد بترجمة مختصرة للفقيد، وهي الأستاذة نزيهة مفتاح، وذلك بتاريخ: 30/ 10/ 2017.




[9] من شهادة الأستاذ والدكتور عبدالعزيز الساوري.




[10] نفسه.




[11] وائل بورشاشن، جريدة هسبريس، مقال تحت عنوان: الراحل (محمد مفتاح، محقق مشهور عند الإسبان مغمور لدى العرب).




[12] نفسه.




[13] نفسه.




[14] أستاذ اللغة العربية بمدينة طنجة.




[15] من شهادة الدكتور والأستاذ التونسي علي العلامي، باحث أكاديمي في الفقه المالكي.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.68 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]