العمل الجاد .. سمة ديننا علي بن عمر بادحدح - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الأمُّ الرحيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تقوى الله فوزٌ وسعادةٌ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تَعِسَ عَبْدُ المُوْضَة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كيف نغرس حب القرآن في نفوس أبنائنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أدب الطبيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المرأة وبرُّ الوالدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          خمس نصائح ذهبية لورثة الأنبياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          بشائر لمن يريد العفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التحقق بمشاعر العبودية لله عز وجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-04-2019, 01:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,850
الدولة : Egypt
افتراضي العمل الجاد .. سمة ديننا علي بن عمر بادحدح

العمل الجاد .. سمة ديننا
علي بن عمر بادحدح

الخطبة الأولى
أما بعد: معاشر المؤمنين: حديثنا موصول عن صبغة الإسلام وسمة المسلم ذلك الفرق الذي نذكره كثيراً ونراه واضحةً بين حقائق الإسلام ومثله وقيمه وتشريعاته وبين واقع المسلمين الذي يتفاوت كثرة وقلة بعداً وقلاً من هذه الصبغة الإسلامية ولقد سلفت لنا موضوعات سابقة وحديثنا اليوم يتعلق بأمر مهم جوهري هو بالنسبة للفرد أحد معالم وجوده وذاتيه وهو للأمة أحد أسباب قوتها ونهضتها وهو في ميدان الحضارة والحياة هو أحد أسباب السبق والفوز والتقدم ذلكم هو الأمر المهم في حياتنا اليومية وفي ثقافة ديننا الجديد إنه العمل وسمة هذا الدين وصبغته سمة عمل ودأب وجد تأبى الكسل والركون إلى الأرض والانشغال بالتوافه والإغراق بالسفاسف والكماليات ذلكم أن نداء القرآن لنا يخاطبنا فيه رب العزة والجمال بقوله: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة: 105] ونداء العمل نداء مطلق لأنه ليست ثمة تفرقة بين عمل دين ودنيا فكلنا نعمل لله - عز وجل - إخلاصاً له ومتابعة لشرعه حتى وإن حصلنا شيئاً من حظوظ دنيانا (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ: 13] أمرٌ بهذا العمل لتعمر به الحياة ولذا نجد القرآن عندما يخاطب هذه الأمة بالخطاب القرآني في كل ما خوطب به الأنبياء أو خوطب به الأمم من قبلنا يأخذ الخطاب معنى الجد والهمة والدأب ويأخذ الخطاب معنى المنافسة والمسارعة والمسابقة: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) [مريم: 12] فليس ثمة مجال لكسل ولا هزل: (خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) [البقرة: 63] فإنه لابد للأمة الجادة أن تكون آخذة أمورها في دينها ومعتقدها وفي حياتها وتقدمها بقوة تتناسب مع شرف ما أكرمها الله - عز وجل - به من هذا القرآن العظيم والرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وننظر إلى النداءات القرآنية لا تدعونا إلى مجرد الحركة بل لا تقبل منا إلا بذل أقصى من الجهد والعمل: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ) [آل عمران: 133] (وسابقوا إلى مغفرة من ربكم)، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، (فاستبقوا الخيرات)..
إنه ميدان سباق ومنافسة لعمران الدنيا والادخار عند الله في الآخرة فكيف بنا والكسل يدب في أوصالنا والهزل يصبغ وجوهاً كثيرة من حياتنا والانشغال بالشفافة يستغرق مساحة كبيرة من أوقاتنا ننظر فإذا بنا نرى إسلامنا في سمته وصبغته ينافي ذلك ويجمع لنا جمعاً واضحاً ومتكاملاً بين عبادة ربنا وبين الكدح في دنيانا لكسب رزقنا: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة: 10] إنه ليس ثمة تعارض وكلنا يعرف ذلك: (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) [المزمل: 20] كلٌ في ميدان من الميادين المحمودة التي أمروا بها وندبوا إليها وكانت سمة هذه الأمة في عصورها المتعاقبة وذلك يدلنا على أهمية هذه المعاني لأن القرآن يحثنا على أن نعمر هذه الأرض: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) [الملك: 15] لا تناموا.. لا تكونوا كسالى.. لا تكونوا في ذيل الأمم.. لا تكونوا متأخرين ومتخلفين.. لا يكن شبابكم همهم اللعب واللهو والعبث وميدان الحياة أماهم ممتد وهم عنه متأخرون ومتقاعسون.
ولذلك ننظر فنجد الأمر واضح جلي في منهج الإسلام يدعونا إليه سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله وربطه التاريخي وتوجيهه العملي فها هو يقول في الحديث الصحيح: ((ما أكل أحد طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يده))(1) من عمل يده وذلك مباشرة ليكون العمل بكل صوره وأنواعه داخلاً ومندرجاً في ذلك لما فيه الأعمال المهنية التي قد يراها بعض الناس وضيعة وغير شريفة، بل هاهو النبي - صلى الله عليه وسلم - يدلنا في صورة عملية على شرف هذا العمل فيخبرنا في حديثه الآخر بأن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده وفي صحيح مسلم من حديث أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان زكريا نجارا وهو يضرب المثل بنفسه، فيقول: ((ما من نبي إلا ورعى الغنم فسئل فقال وأنا رعيتها على قراريط لأهل مكة)) (2).
أفليسوا هؤلاء هم صفوة خلق الله من رسل الله كلهم يعملون ويتقدمون الصفوف في هذا العمل، ويأتينا النبي صلى الله علي وسلم في المثل الواضح في التوجيه العملي الوظيفي المهني عندما يأتيه الرجل فيسأله، فيقول: ((هل عندك شيء)) فيقول: ليس عندي إلا حلس - أي كساء - نلبسه ونفرشه في بعض الأحيان، وقدح نشرب فيه الماء، قال: فأتني به هذان هما الزائدان عن الحاجة القصوى الضرورية فأخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بنفسه، وقال: من يشتري هذين، فقال رجل: أنا أشتريهما بدرهم، فزاد النبي، فقال: من يشتري هذين بدرهمين أو ثلاثة فأعاده بنفسه - صلى الله عليه وسلم - القول حتى اشتراهما رجلٌ بدرهمين، فقال النبي للرجل: خذ هذا الدرهم واشتري به طعاماً لأهلك وهذا الدرهم واشتري به قدوما ثم أتني به، فلما آتى به وضع النبي القدوم في خشبة ثم أعطاه إياه، وقال: اذهب فاحتفظ ولا أرينك فجاء الرجل بعد أسبوعين وعليه آثار شيء من النعمة) (3).
احتفظ فعمل فاكتسب وكان ذلك درساً عملياً له وللصحابة ولنا معاشر أمة الإسلام كما روى البخاري في صحيحه: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِىَ رَجُلاً، فَيَسْأَلَهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ)) (4).
هذا هو ديننا وهذا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يضرب لنا الأمثلة يربطنا بالرسل والأنبياء يحثنا على ذل بأعظم الحث وأجمله وأكمله ويجمل لنا ذلك في حديثه الشهير: ((إن الله - عز وجل - يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)) (5).
ومعناه مبثوث في أحاديث أخرى، هذه المعاني كلها ثم ننظر إلى تطبيق أسلافنا، فنجد الأمر على ذلك روى خلال بسند صحيح أن سفيان الثوري مر على قوم وهم في المسجد الحرام بمكة، قال: ما تصنعون؟ قال: وما تريد أن نصنع؟ قال: أخرجوا فاعملوا واكتسبوا من فضل الله ولا تكونوا عالة على المسلمين، قومٌ في المسجد الحرام ربما كانوا منشغلين في ذكر أو عبادةٍ أو طاعةٍ لكنه يقول: إن الكسب في الحياة لا يقل عن هذا إن العمل هو جوهر أساسي في هذا الدين الله - عز وجل - خلق السماوات والأرض لماذا سخر لكم ما في السماوات والأرض جميعاً منه لماذا ليستعمرنا في هذه الأرض، ولذا وجدنا هذا المعنى لما تشربه المسلمون فهماً وتصوراً وإيماناً ويقينا وترجموه سلوكاً وعملاً سادوا الأمم ليس بفتوحات وانتصارات إيمانية فحسب وإنما سادوها بالعمل والإنجاز والعمل والاختراع والحضارة حتى كانت سائر أمم الأرض مستفيدة منهم وعالة عليهم ومتعلمة على أيديهم وراحلة إلى بلادهم ومقتبسة من أنوارهم ومقتدية بسلوكهم، بل وفي كثير من الأحيان داخلة في دينهم ولعل مما قد يمنع أو يصد بعض الناس من الدخول في الإسلام هو سلوكيات المسلمين، ومنها هذا الجانب الذي نتحدث عنه وهذا من الأمر المهم الذي نحتاج إليه، ولعلي هنا انتقل إلى ومضات واقعية لنقف بعد ذلك على حقيقة الأمر الذي نخاطب به أنفسنا مباشرةً فلسنا هنا في تقريرات علمية نرسم بها المنهج النظري وإنما نريد أن نخاطب أنفسنا بواقعنا وبواقع حياتنا اليومية.
ومن هنا أنقل لكم بداية تظهر التفاؤل الكبير بين صبغة الإسلام وسمت المسلمين الواقع منظمة العمل العربية في تقرير قبل سنتين تتحدث عن إنتاجية العامل العربي عن الإنجاز والعمل الذي في أمتنا العربية وهي جزء من أمتنا الإسلامية يقول أن إنتاجية العامل في العالم العربية تصل إلى 37% من إنتاجية العامل في كوريا الجنوبية وإلى 17% من إنتاجية العامل في الدول الصناعية كأمريكا وغيرها وتأتينا الإحصائية لتقول إن إنتاجية العامل العربي في حدها الأقصى تصل إلى 24 ألف دولار وأن مناظره في الدول الصناعية معدله 42 ألف دولار ننظر إلى أن التقرير ينص على أن الإنتاجية تقدمت في العالم العربي بنسبة 1% خلال عشر سنوات من عام 1996 إلى 2005م عشر سنوات وإنتاجية تزيد بنسبة 1% في بلاد ورقعة من الأرض فيها معظم ثروات العالم وفيها عدد من السكان كبير بنسبة رقعة المساحة التي هو فيها وهناك الكثير والكثير من العوامل المعروفة ثم ننظر فنجد أيضاً صوراً واقعية في حياتنا، وفي أجيالنا الجديدة التي تميل إلى الركود والسكون والكسل والهرم إلا من رحم الله وسنرى أسباباً لذلك كثيرة..
واسمحوا لي أن أنتقل إلى مقارنة قد تكون محزنة مؤلمة لكنها ضرورية ومهمة مثلٌ قد نذكره كثيراً وقد لا يكون منكياً لجراحنا بقدرٍ كبير الأمة التي دمرت وعطلت معظم أسباب قوتها في الحرب العالمية الثانية اليابان اليوم هي في مقدمة الدول التي تحرك اقتصاد العالم أتعرفون لماذا ليس عندهم دينٌ كإسلامنا لا يعرفون قليلاً أو كثيراً من سيرة سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - ليست عندهم هذه النصوص التي لو كانت عند أمة من الأمم لجعلتها نبراساً عملياً يضيء طريقها.. لكنها فلسفة واحدة فلسفة الجد والعمل ثقافة الإنتاج والإنجاز ذلك التي حولت ذلك البلد من قاع أوصلته إليه الحرب إلى قمة أوصله إليها العمر وكلكم يعرف ذلك وتقول تقارير الصحة في اليابان أن 46% مهددون بالأمراض والموت المبكر من كثرة العمل حتى رفعت وزارة الصحة شعاراً استهلكوا إجازاتكم السنوية كاملة لأنهم لا يأخذون إجازاتهم وبعضهم كما تذكر الدراسات لو أخذ إجازاته الكاملة لكانت إجازات بالسنوات ويقولون إن مدخرات العامل الياباني تكفيه لو أخذ إجازة لمدة 9 سنوات.
أليس هذا نموذجاً بشرياً؟ أفليس نحن من البشر دعونا الآن من دين الإسلام دعونا الآن من معاني الإيمان دعونا الآن من أجل الآخرة لو نافسنا في الدنيا كدنيا أفليس جديراً بنا أن نكون في هذا الطريق سالكين وفي هذه المعالم منافسين وحول هذه القضايا متحاورين حتى نعالج أدواء هذه العلل التي في مجتمعاتنا لكن المثل الثاني هو الأشد إيلاماً ولابد من ذكره.
كشف عمل الأمم لتحقيق أهدافها وإن طال الزمن وكيف تسخر إمكانياتها لتحقيق أمنياتها بكل الوسائل ومن سائر الاتجاهات فيودور هيرتزل الزعيم الصهيوني المجرم أعلم في عام 1897م عن عزم الوكالة اليهودية إقامة وطنٍ قومي لليهود في أرض فلسطين قال تلك المقولة ونقول زعمائنا ومفكرونا وقادتنا أقوالاً كثيرة لا نجد لها أثراً في الواقع لكن تلك الكلمة أثمرت بعد 50 عاماً إنشاء هذا الكيان الصهيوني الذي ستسمعون قريباً بعد يومين، فحسب احتفاله بستين عاماً على إنشائه فأين أمة تعمل لشرفها وعزمها وتغيير واقعها وإجلاء المحتل المغتصب عن أرضها كم هي الكلمات التي كنا نسمعها سنفعل وسنفعل سنبيد ونزيح سنقوم ونقعد ثم لا نجد شيئاً لأنها ثقافة قول ودعاية وليس ثقافة عمل وإنجاز.
صور كثيرة مؤلمة في واقعنا لا نقول لنبث اليأس ولكن لنجدد العزم ونحاول تغيير الواقع، فإن ديننا لا يدعونا إلى صلاةٍ خاشعة فحسب ولا إلى صيام مخلص ولا إلى حج وعمرة وغير ذلك مما نستكثر منه وهو خير لكنه يدعونا إلى تغيير واقعنا لنكون على صبغة الإسلام: (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) [البقرة: 183].
وننتقل إلى أسباب سريعة لبعض هذا الواقع وأذكر من هذه الأسباب التربية الأسْرِيَّة أو الأسَرِيَّة كما تنطق على غير ضبط لغوي هذه التربية في داخل البيوت هل نعلم فيها أبنائنا شرف العمل هل ندربهم عليه هل نحببهم فيه أم أننا نوفر كل شيء حتى إنه إذا أراد أن يدرس وهذا أقل ما ينبغي أن يتوفر له وأن يجتهد فيه جئنا له بمدرس يلقنه العلوم تلقيناً ويسكبها في أذنه أو يسكبها في رأسه أو لا أدري ماذا يصنع فيها.. طالب مهمته طالب يتفرغ في المدرسة أو الجامعة ويقضي فيها الساعات وتنفق عليه الأموال من الدولة أو من أهله وبعد ذلك نأتي له بأكثر من معلم أي شيء سيخرج من هذا الطالب الذي تعود على أنه لن ينجز حتى يأتيه عشرات من الناس وعشرات من أنواع العمل الداعم له ثم بعد ذلك ينجح كما نقول بتقدير مقبول ونقول نسأل الله القبول أليست هذه نمطية موجودة في واقعنا أليس هناك أيضاً صورٌ أخرى في تربيتنا الأسرية نجعل فيها أبنائنا يعتمدون على الآخرين فهذه خادمة وهذا سائق وذاك عاملٌ ولا يكاد أحد أبنائنا يصنع شيئاً ولا قليل كل شيء كأنما هو رهن الإشارة هذه نماذج ربما لن تكون في كل البيئات قطعاً لكنها نماذجٌ مؤلمة ومحزنة كيف نريد من هذا بعد أن يشب على الطوق ويصبح كبيراً في السن أو رب أسرة أن يكون هو ذلك الرجل العامل الجاد المنتج المنجز وقد عاش مثل هذه العيشة أمرٌ آخر أشد خطراً وفتكاً وهو أمر الإعلام إلى ما يدعو شبابنا إنه يدعوهم إلى ستار أكاديمي ليكونوا مغنين وإلى سوبر ستار ليكونوا راقصين وإلى مشروع معلق ليكونوا معلقين ولست أدري لو أن عندنا من هذه الأنواع مئات الآلاف أو الملايين هل سنصبح دولاً صناعية هل سنصبح دولاً قادرةً على أن تصدر الغذاء أو السلاح أو الدواء لغيرنا وإذا كان ذلك كذلك فماذا سنقول في عشرات من القنوات الرياضية ومثلها عشرات من القنوات الغنائية وما وجدنا شيئاً يعلم أبنائنا علماً ولا ثقافةً ولا مهنةً وكل هذه الوسائل يمكن أن تسخر لهذا فأي شيءٍ يريد إعلامنا من شبابنا بعد ذلك إلا أن يكونوا أصحاب ركلة قدم أو رنة نغم أو جرة قلم أو هز وسطٍ كما يقال وهذا وللأسف يعم ونحن نقول: (وَقُلِ اعْمَلُوا) ونقول هذه الآيات الأحاديث التي سمعتموها فأين هذا من ذاك وأين هي مغيبة هذه الآيات والمفاهيم من هذه الوسائل الإعلامية لتصنع لنا جيلاً بعد ذلك ننظر إليه فلا نرى فيه مستقبلاً لهذه الأمة في حاضرها القريب أو البعيد كما سنقول في بعض الأحيان.
والصورة الاجتماعية آخر ما أختم به في حياتنا الاجتماعية صورٌ من الكسل وإهدار الوقت بهذه التجمعات التي يعتادها بعض الناس يومياً ليلعبوا بعض الألعاب أو ليشربوا الشاي أو ليصنعوا كذا وكذا كم من الأوقات يهدرون فيها ثم يسهرون فينامون نهارهم فلا يستقبلون بالعمل والجد صباحهم وكم نرى من هذا شيئاً كثيراً بل إننا نرى أمراً أعجب من ذلك إن كنت جاداً وتريد اغتنام وقتك وجدت الناس ينظرون إليك شذراً أو يتندرون بك ضحكا، فإن قلت هذا موعد أو قلت نريد أن ننام لنستيقظ قالوا لك ما هذا ما شاء الله تبارك الله أنت كذا وكذا وتجد أن الناس لا يعطون للوقت قيمة من تأخر نصف ساعة تبسم، وقال لك يا أخي لن تخسر الدنيا ولم تقع السماء على الأرض فعلاما تغضب، وهذه نصف ساعة ربما تحسب في بعض البيئات فيقولون أنها تكلف كذا وكذا من مئات الآلاف والملايين ثقافتنا الاجتماعية تجعل الوقت أرخص شيئاً يمكن أن نتنازل عنه وأن نهدره فيما لا نسعى فيه وذلك وللأسف الشديد يدلنا على هذا النمط الذي إذا غلب الأمة وجدتها تتجمع في تجمعات ليس بها علم ولا فكر ولا عمل ولا ثقافة بل فيها كثير مما لا فائدة فيه وليس بالضرورة أن هذا كله حرامٌ أو غير ذلك لكننا نقول أن هو من العمل والإنتاج والإنجاز واغتنام الطاقات والرسول يقول: ((اغتنم خمساً قبل خمس))، ((بادروا بالأعمال سبعا)) بل اختم بحديثه - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث فريد عجيب غريب لا أحسب أن معنى من المعاني في الحث على العمل يبلغ مثله مطلقاً وحديثٌ صحيح: ((لئن قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة وهي كغرس النخلة التي نعلم أنها لا تنبت إلا بعد سنوات فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها))(6) فليعمل عملاً ولو في آخر لحظة من لحظات الحياة والكون كله، فهل بعد هذا من حيث على أن نكون أمة عملاً وإنجاز.
الخطبة الثانية
أحببت أن أشير إلى هذا المعنى من منبر الجمعة في المسجد في بيت الله - عز وجل - وليس في غرفة تجارية أو وزارة عمل لأن العمل جزء أساسي لديننا ولأنه جزء أساسي مما نتقرب به إلى ربنا ولأنه سمة حقيقة من سمات إسلامنا وصبغة جوهرية في صبغة أمتنا والحديث قد يطول وفي ديننا من تفصيلات هذا المعنى ومنهجية والحث عليه ما يذيق المقام عن حصره وفي سير أسلافنا وصفحات تاريخنا ما يدلنا على كثير مما نحتاج إليه ولست بمفيض وإنما أقول كما قد نوجه أبنائنا لتحفيظ القرآن الكريم وهو أمرٌ حسن فليس أقل من ذلك أن نوجههم ونعلمهم وندربهم طرائق العمل والكسب الحلال وكما نوجههم للصلاة وأدائها في المساجد فنعلهم هذه المعاني فإن الأمر واحد وإن رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - كما أشرت وبينت قد ذكر لنا من ذلك أموراً كثيرة ويكفي أن أشير إلى أن هذا الأمر هو أساس جوهري في علل أمتنا اليوم ومنها هذه البطالة المقنعة وقد اطلعت على الدراسة في دولة خليجية مجاورة تقول إن نسبة الأداء والإنجاز في القطاعات الحكومية في الوظائف الرسمية تصل فيها البطالة المقنعة من 50% إلى 60% أي أن الإنجاز الذي يؤديه جمهور أولئك الموظفين والعاملين لا يصل إلى نصف المطلوب أو المقدور منهم وهي دراسة حديثة مقدمة في مؤسسة رسمية للمناقشة ونجد كذلك صوراً من الفساد الإداري الذي يقدم المتأخر لا لإنجازه ولا عمله ولا لإتقانه، ولكن لقرابته أو لوساطته، فينقلب الأمر رأساً على عقب، وتختلط الأمور، ولا يجد الجاد المنجز من ينظر إليه، إضافة إلى التوجهات العامة التي أشرت إليها، لابد لنا أن نكون جادين في مواجهة أنفسنا، وتغيير واقعنا، ومعرفة حقائق ديننا، وعدم قصره على جوانب العبادة فيه فحسب.
_____________
الهوامش:
(1) صحيح البخاري، حديث رقم: (2072).
(2) صحيح البخاري، حديث رقم: (2262).
(3) سنن أبى داود، حديث رقم: (1643).
(4) صحيح البخاري، حديث رقم: (1470).
(5) المعجم الأوسط للطبراني، حديث رقم: (909). مسند أبي يعلى- مشكول - (ج 4 / ص 229). شعب الإيمان للبيهقي، حديث رقم5080). ضعفه بعض أهل العلم وصححه آخرون.
(6) مسند أحمد - (ج 27 / ص 355)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.47 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]