التربية الإسلامية والتحديات المعاصرة - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215407 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61204 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29184 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-02-2021, 04:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي التربية الإسلامية والتحديات المعاصرة

التربية الإسلامية والتحديات المعاصرة
علي بن عبده بن شاكر أبو حميدي



الحمد لله رب العالمين حمدًا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهدِه اللهُ فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، - صلى الله عليه وسلم -.


أما بعد:

فإن طلَبَ العِلم فريضةٌ على كلِّ مسلم ومسلمة، وحاجة أمتنا مواجهة التحديات المعاصرة بالعلم النافع المفيد لطالب العلم ولأمته؛ إذ الحاجة إلى تعلم العلم الضروري الهام للإنسان الذي يريد عبادة الله لا بد أن يكون على علم، فالعلم هو حياةُ القلوب، ونور البصائر، وهو المصباح الذي يُنِير للمؤمن الطريقَ في سَيرِه إلى الله - تعالى -والدار الآخرة، في كل زمان ومكان، والعلم على اختلافِ أنواعه - سواء كان شرعيًّا أو دنيويًّا - تختلف درجة أهميته بحسب احتياج الفرد إليه.

ومن الهامِّ والضروريِّ أن تكون التربية الإسلامية للمسلم قائمةً على أُسس، حتى ينشَأَ على محبة العلم والعمل به، ونشره؛ إذ يؤدِّي به إلى الخيرِ، وسعادةِ البشرية أجمعها.

وما كان تفضيل الإنسان على سائر المخلوقات إلا بسبب العلم، الذي علمه الله - سبحانه وتعالى - دون غيره من هذه المخلوقات؛ قال الله - تعالى -: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء: 70].

قال ابن كثير: "قوله: (وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) أي: مِن سائر الحيوانات، وأصنافِ المخلوقات.

وقد استدل بهذه الآيةِ على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة، قال عبدالرزَّاق: أخبرنا مَعمَر، عن زيد بن أسلم قال: قالت الملائكةُ: يا ربنا، إنك أعطيتَ بني آدم الدنيا، يأكلون منها ويتنعَّمون، ولم تُعطِنا ذلك، فأعطِناه في الآخرة؛ فقال الله: "وعزَّتي وجلالي، لا أجعلُ صالحَ ذريةِ مَن خلقتُ بيديَّ، كمن قلتُ له: كُنْ، فكان"[1].

ويظهرُ الفضلُ لأهل العلم ومكانتهم ببيان الفَرْق بين الذي يعلَمُ والذي لا يعلَمُ؛ قال الله - تعالى -: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9] وبالعِلم يتضحُ الفَرْق بين العالم والجاهل؛ قال الله - تعالى -: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الرعد: 19].

"فما ثَم إلا عالِمٌ أو أعمى، وقد وصَف اللهُ - سبحانه وتعالى - أهلَ الجهل بأنهم صُمٌّ بُكم عُمْيٌ"[2].

وشرف صاحب العلم بالمكانة العظمى ورفع الدرجات؛ قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11].

وبذلك "يرفع اللهُ الذين أوتوا العِلم من أهل الإيمان على المؤمنين الذين لم يُؤْتَوُا العِلمَ بفضلِ عِلمِهم درجاتٍ إذا عمِلوا بما أمروا به.

عن قتادة، قوله: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) أنَّ بالعِلمِ لأهله فضلاً، وأن له على أهله حقًّا، ولَعَمْري للحقِّ عليك أيها العالم فضلٌ، والله معطي كلِّ ذي فضلٍ فضلَه.

وكان مُطرِّف بن عبدالله بن الشِّخِّير يقول: فضلُ العلم أحبُّ إليَّ من فضل العبادة، وخير دِينِكم الورَعُ"[3].

يظهر شرفُ العلم وأهله من خلال هذه الآيات، وتكون الدعوة إلى العلم هي الأساس حتى ترتقي الأمة وأفرادها.

"فإن الكمال أن يكون الشخص كاملاً في نفسه، مكملاً لغيره، وكماله بإصلاح قوَّتيه العِلمية والعمَلية؛ فصلاح القوة العلمية بالإيمان، وصلاح القوة العمَليَّة بعمَل الصالحات، وتكملة غيره بتعليمِه إياه، وصبرِه عليه، وتوصيته بالصبر على العِلم والعمل"[4].

لذا يكونُ العِلم بإذن الله مكملاً للإنسان، ولن يصلُح الإنسانُ إلا بالعلم الذي يُنير البصيرةَ، ويَهدي إلى العملِ الصالح المُعِين على تقوى الله -سبحانه وتعالى-، وبطريقة عِلمية واضحةِ المعالِم قادرةٍ على تحقيقِ الجانب العِلمي.

إن من التَّحدياتِ التي تواجه التربيةَ الإسلامية عدمَ حبِّ العِلم للعِلم؛ إذ هو من الأمور الهامة التي يحتاج إليها، فبدونه لن يرتقي الإنسانُ المسلم، ولن تكون القيادةُ للأمة، ولن تصبح الأمةُ الإسلامية في مكانتها التي أوجدها الله لها، ما دام سلطانُ العلم بعيدًا عن فردِها المسلم.

إن حبَّ العِلم من الأمور الهامة والضرورية التي تغرس في نفس المسلم محبةَ العلم وأهله، والصبر عليه، حتى ينال الدرجات العليا فيه؛ فهذه ثمرةُ حبِّ العلم للعلم وليس للدنيا، والترغيب فيه، وحب السعي إليه.

ويقول ابنُ الجوزي: "وبالعلم يتقوم قصد العلم، كما قال يزيد بن هارون: طلَبْنا العِلم لغير الله، فأبى إلا أن يكون لله، ومعناه أنه دلَّنا على الإخلاص"[5].

وما يحدُثُ الآن من غرس في نفس المسلم لحب الدنيا، فنجد أن البعض يقول في وقتهم الحالي - لقلة الوظائف وعدم وجودها -: ماذا نستفيدُ من الدراسات وهذه الشهادات التي سوف نحصُلُ عليها ما دام لا يوجد لها وظيفة؟

ومن خلال هذه النظرة التشاؤمية أصبح طلابُ العلم لا يميلون له، بل همهم الوحيد الحصول على الوظائف والماديات التي يحصلون بها على المراكز في المجتمع، دون عِلم يُقيم حاجتَهم في الأمورِ الخاصة بهم.

وبذلك يتخرَّجُ فئةٌ لا تعرف من العِلم إلا اسمَه، دون علم عنده أو فِقه في الدين، وبذلك يطبق الجهل على هذه الفئة، عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه-، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: ((سيأتي على أمتي زمانٌ، يكثُرُ القرَّاء، ويقِلُّ الفقهاء، ويُقبَض العِلم، ويكثُرُ الهَرْجُ)) قالوا: وما الهرج؟ قال: ((القتل بينكم، ثم يأتي بعد ذلك زمان يقرأ القرآنَ رجالٌ لا يجاوزُ تراقيَهم، ثم يأتي زمانٌ يجادِلُ المنافقُ المشركُ المؤمنَ))[6].

عن عليٍّ -رضي الله عنه-، قال: "يا حَمَلة العِلم، اعملوا به؛ فإنما العالِم مَن عمل بما علِم، ووافَق عِلمَه عملُه، وسيكون أقوامٌ يحمِلون العلم لا يجاوز تراقيَهم، يخالف عمَلُهم عِلمَهم، وتخالف سريرتَهم علانيتُهم، يجلسون حِلَقًا فيباهي بعضهم بعضًا، حتى إن الرجلَ لَيغضَبُ على جليسه أن يجلسَ إلى غيره ويدَعَه، أولئك لا تصعَدُ أعمالُهم في مجالسِهم تلك إلى اللهِ تعالى"[7].

فالأحاديث تدلُّ على فتنة عظيمة، وهي أن يكثُرَ القرَّاء، أن يكثُرَ المطَّلعون، يستدلون بالقرآن، يحفَظون القرآن، يستدلُّون بالسنَّة، عندهم علمٌ بكلام الناس، وبما في الكتب، لكنهم ليسوا بعلماءَ فقهاءَ؛ فهؤلاء لا شك يُحدِثون فتنةً؛ لأنهم يضرُّون بالناس إذا قالوا ما لم يعلَموا.

ولذلك يجبُ على كلِّ غَيُور في هذه الأمةِ أن يبحث هذه المشكلات التي تواجه الأمةَ ليجدَ الحلَّ الأمثل لها؛ ليعيدَ الأمَّة الإسلامية إلى الساحة، ويجعل همَّ المسلم الوحيد القيام بالواجبات التي أناطه الله بها، ومِن ثَم يجد أن أمته خير أمة أُخرجت للناس؛ لقول الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران: 110].

والإسلام - من خلال نصوص القرآن الكريم - يكشِفُ عن فضيلة العِلم، والدعوة إلى طلب العلم؛ قال الله - تعالى -: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة: 122].

ولمواجهة التحديات المعاصرة يكونُ طلَبُ العلم للعلم، وحتى يتأثر بالعلم ويؤثر في الآخرين؛ إذ العلم سببٌ لمرضاة الله تعالى، وسبب للحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، والحياة البرزخية.

فالعلم يُقوِّمُ سلوكَ الإنسان، ويهذِّبُ نفسَه، ولا يكون ذلك إلا لِمَن أخلص النية في طلبه وتطبيقه، للنجاةِ من الشرور على اختلافِ أنواعِها وأجناسها.

وعندما يجتمع أفراد المجتمع لينهلوا من بعضهم البعض يتعلَّمون ويعلمون، فهي من أجَلِّ القُرباتِ إلى الله - سبحانه وتعالى -، وكان سلَفُنا الصالحُ يشُدُّون رحالهم طلبًا للعلم؛ لذا "ولو لم يكن في العِلم إلا القربُ من رب العالمين، والالتحاقُ بعالَم الملائكة وصُحبة الملأِ الأعلى، لكفى به شرفًا وفضلاً، فكيف وعِزُّ الدنيا والآخرة منوطٌ به ومشروطٌ بحصولِه"[8].

إن الحصولَ على العلم الذي ينفع يكونُ فيه عز الناس في الدنيا والآخرة، ورقيها إلى مصافِّ الأمم المتقدمة، وفيه معرفةُ الله، ومعرفة رسولِه - صلى الله عليه وسلم -، والإيمان بهما.

كما أن الحصولَ على العِلم للدنيا مِن الأمور التي تؤدِّي إلى عدمِ رضَا الله -سبحانه وتعالى- على هذا الإنسان، وبُعْد عن الجنَّة في الآخرة.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن تعلَّم عِلمًا مما يُبتَغَى به وجهُ الله -عز وجل-، لا يتعلَّمُه إلا ليصيب به عَرَضًا من الدنيا - لم يجِدْ عَرْفَ الجنة يوم القيامة))[9].

عن زيد بن ثابت: خرَج من عند مروان نحوًا من نصف النهار، فقلنا: ما بعث إليه الساعة إلا لشيء سأله عنه، فقمتُ إليه فسألته، فقال: أجَلْ، سألَنا عن أشياء سمعتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((نضَّر اللهُ امرأً سمِع منا حديثًا، فحفِظه حتى يبلغه غيرَه، فإنه رُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيه، ورُبَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه.

ثلاثُ خِصالٍ لا يَغِلُّ عليهن قلبُ مسلم أبدًا: إخلاصُ العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة؛ فإن دعوتَهم تُحيط مِن ورائهم.

وقال: ((من كان همُّه الآخرة، جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتَتْه الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا، فرَّق الله عليه ضيعتَه، وجعَل فقره بين عينيه، ولم يأتِه مِن الدنيا إلا ما كُتِب له))، وسأَلَنا عن الصلاةِ الوسطى، وهي الظهر[10].

إن الحصولَ على العلم الذي ينفع يكون فيه عزُّ الناس في الدنيا والآخرة، ورقيها إلى مصافِّ الأمم المتقدمة، وفيه معرفةُ الله، ومعرفة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والإيمان بهما.

إن مواجهة التحديات المعاصرة من الأمور المهمة التي تُناطُ به، أن يقوم بالعمل على علم من أمر الله - سبحانه وتعالى -؛ لذا كان ذمُّ الله -سبحانه وتعالى- للذين يقولون ما لا يفعلون؛ قال الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2].

فعدم العمل بالعلم سببٌ من أسباب مَحْق بركة العلم؛ لذا كان السلف أحرصَ الناس على العمل بما يعلمون، ولأن العلم والعمل قرينان فيجتمعان ويرتفعان معًا، وإن كان هناك علم بلا عمل، فإنه حُجَّة على صاحبه، وتربية المسلم على طلب العلم للعلم تُعِين على تثبيت العلم.

وتظهر أهمية مواجهة التحديات المعاصرة؛ لحاجة المجتمعات المسلمة والأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية إلى إعداد المسلم إعدادًا ينطلق من ثوابت التربية الإسلامية، ويراعي متغيِّرات العصر الحديث.

وتظهر أهمية مواجهة التحديات المعاصرة في الاستفادة من الأساليب التربوية في التعامل معه لتأصيل الجانب التربوي لديه في طلب العلم للعلم، وتظهر هذه التربية العلمية من خلال إبراز شخصية الفرد المسلم وتكامُلِها.

تقديم بعض المقترحات التي تساعد المجتمع على تربية أفراده تربية إسلامية شاملة متكاملة، تبرز في حل المشكلات، ومنها التفوق العِلمي في جميع المجالات، وإبراز توجيهات الإسلام في تربية الأفراد، وعنايته بطلب العلم للعلم، وإبراز أهمية تزكية العلم؛ إذ بتقديرها يؤتي اللهُ - سبحانه وتعالى - خيرًا لا يتوقع مدخله على الأفراد.

فمن عوامل المشكلات في المجتمع المسلم والتحديات المعاصرة:

هناك خمسة أسباب رئيسة وراء المشكلات الاجتماعية والنفسية في المجتمعات الإسلامية، وهي:

1- التخلُّف العِلمي الذي صحب فترة الركود والاستعمار والاضطراب في جميع جوانب الحياة عند المسلمين.

2- انكماش عدد العلماء العاملين المبرَّئين من مرض الجحود والتعصُّب الأعمى وضيق الأفق.

3- انغماس الكثير في أنواعٍ من الترف، والاستخفاف بالدِّين وأهلِه، وقَطْع أواصر المحبَّة والتراحم بين الأمة.

4- الانفصام والازدواجية والتشتت الفكري والصراع الداخلي الذي يعيشه الأفراد والمجتمعات الإسلامية بين الفِكر الإسلامي والحضارة الوافدة.

لذا؛ فإن التربيةَ الإسلامية هي العنصرُ الفارق والحاسم في مواجهة المشكلات والأزمات الحادة التي تتعرَّضُ لها الشعوبُ.

ــــــــــــ

[1] إسماعيل بن عمر بن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1420هـ - 1999 م، جـ 5، صـ 97، ط 2، والحديث مرسَلٌ.

[2] محمد أبو بكر ابن القيم، مفتاح السعادة ومنشور الولاية والعلم والإرادة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ - 1998م، صـ 51.

[3] محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1421هـ - 2001م، جـ 28، صـ 8335.

[4] محمد أبو بكر ابن القيم، مفتاح السعادة، مرجع سابق، صـ 59.

[5] عبدالرحمن بن علي الجوزي، تلبيس إبليس، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1421هـ - 2001م، صـ 284.

[6] سليمان بن أحمد الطبراني، المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد، ‏ عبدالمحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، 1415م - 1995م، جـ 3، صـ 319.

[7] عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي، سنن الدارمي، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، دار المغني للنشر والتوزيع، الرياض، 1412 هـ - 2000 م، جـ 1، صـ 382.

[8] محمد أبو بكر ابن القيم، مفتاح دار السعادة، مرجع سابق، جـ 1، صـ 108.

[9] سليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني، سنن أبي داود، تحقيق: صدقي محمد جميل، دار الفكر، بيروت، 1414هـ - 1994م، جـ 3، صـ 361.


[10] أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد وآخرون، إشراف:عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مؤسسة الرسالة، 1421 هـ - 2001 م، جـ 35، صـ 467.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.05 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]