لفتة قصيرة: بين الاجتهاد أو التقليد والتقول على الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4439 - عددالزوار : 872958 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3972 - عددالزوار : 404941 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12864 - عددالزوار : 229234 )           »          الدعوة إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 128 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 52 - عددالزوار : 3124 )           »          مفهوم الأخلاق في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          موقف العقلانيين مــن سنَّة الرسـول صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          الغفور الرحيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الامتحان الإجباري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 3923 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-12-2020, 09:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,968
الدولة : Egypt
افتراضي لفتة قصيرة: بين الاجتهاد أو التقليد والتقول على الله

لفتة قصيرة: بين الاجتهاد أو التقليد والتقول على الله


ياسين نزال







حديثُ: ((إذا اجتهد / حكم الحاكم...))، المقصودُ منه بلا خلافٍ المجتهدُ الذي توفَّرت فيه شروطُ الاجتهاد، وتكاملتْ لديه أدواتُه.
قال السمعاني: "اعلَم أن المخاطَب بالاجتهاد أهلُه، وهم العلماء"؛ [قواطع الأدلة (2/ 302)].
وقال: "صحةُ الاجتهاد تكون بمعرفة الأصول الشرعية"؛ [قواطع الأدلة (2/ 303)].

وقال النوويُّ في شرحه للحديث المتقدِّمِ ذكرُه: "أما مَن ليس بأهل للحكم، فلا يحل له الحكم، فإنْ حكَم فلا أجر له، بل هو آثم، ولا ينفذ حكمه، سواء وافق الحقَّ أم لا؛ لأن إصابته اتفاقيةٌ، ليست صادرة عن أصل شرعيٍّ، فهو عاصٍ في جميع أحكامه، سواء وافق الصواب أم لا، وهي مردودة كلُّها، ولا يعذر في شيء من ذلك"؛ [شرح صحيح مسلم (12 /14)].

وقال ابن حجر: "ولا يخفَى أن محلَّ ذلك أن يبذل وُسْعَه في الاجتهاد وهو من أهله، وإلا فقد يلحَق به الوِزر إن أخلَّ بذلك"؛ [فتح الباري (13/ 320)].
وقال ابن باز: "فهذا في العالم الذي يعرِفُ الأحكام الشرعية وليس بجاهل".

إذًا؛ فمَنْ لم تتوفَّر فيه أدوات الاجتهاد، ولم يتَّجِه إلى التقليد، فإن أحكامه - وإن وافقت الحقَّ - هي مِن واقع التشهِّي المذموم، لا من الاتباع المحمود؛ فكيفَ به إذا جاءتْ أحكامه مصادمةً للنصوص، ومع التعمُّد؟! فإن نبيَّنا صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن كذَبَ عليَّ متعمدًا، فليتبوَّأ مقعده من النار)).


وانظر إلى الشاطبيِّ كيف يُبيِّن لنا شدَّة حرص السلف عند افتقارهم إلى الأدلة: "وما زال السلف الصالح يتحرَّجون من القياس فيما لا نص فيه، وكذلك وجدناهم في القول في القرآن؛ فإن المحظور فيهما واحد، وهو خوف التقوُّل على الله"؛ [الموافقات (4 /284)].

فهذا حال المجتهدين مِن السلف، فكيف بمَن هو أدنى منهم؟!
ويقول الشوكاني: "لا يَخْفَاك أن الحكم بكون الشيء مندوبًا، هو حكمٌ شرعي لا يستفاد من غير الشرع؛ فإذا لم يكن في الشرع ما يفيد ذلك، فهو من التقوُّل على الله سبحانه بما لم يَقُلْ، ومِن التشريع للعباد بما لم يشرعه الله لهم، ومن توسيع دائرة الشريعة المطهَّرة بمجرد الخيالات المختلة، والآراء المعتلة"؛ [السيل الجرار (ص 76)].

فمثلُ هذا الفعل إذًا يعدُّ جريمةً يستحق مرتكبُها العقوبة؛ لأنها دخلت في التقول على الله تعالى بغير علم، سواء أصاب الحق أم أخطأه؛ كما سبق بيانه.

قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النحل: 116، 117]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 144].


قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: "ويُستفاد من الآية أن مِن الظلم أن يُقدِم أحدٌ على الإفتاء في الدين ما لم يكن قد غلب على ظنِّه أنَّه يُفتِي بالصواب الذي يُرضي الله، وذلك إن كان مجتهدًا فبالاستناد إلى الدليل الذي يغلب على ظنِّه مصادفته لمراد الله تعالى، وإن كان مُقلِّدًا فبالاستناد إلى ما يغلب على ظنه أنه مذهب إمامه الذي قلَّده".


فالأمر في الإفتاء يستند إذًا إما إلى اجتهاد أو إلى تقليدٍ، وسوى ذاك فهو تقوُّلٌ على الله تعالى، وكذبٌ على رسوله صلى الله عليه وسلم.


وفي مزيدِ تفصيلٍ لمدى خطورة جرم التقوُّل على الله، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية [الجواب الصحيح (4/ 294)]:
"وقد اتَّفق أهلُ المِلَل على أن القول على الله بغير علم حرامٌ، والله سبحانه نهاهم أن يقولوا على الله إلا الحقَّ، فكان هذا نهيًا أن يقولوا الباطل، سواء علِموا أنه باطل أو لم يعلموا".


ويقول تلميذه ابن القيم في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 169] [مدارج السالكين (1/ 378)]:
"فهذا أعظم المحرَّمات عند الله وأشدها إثمًا؛ فإنه يتضمَّن الكذب على الله، ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغييرَ دينه وتبديله، ونفيَ ما أثبته، وإثباتَ ما نفاه، وتحقيقَ ما أبطله، وإبطال ما حقَّقه، وعداوةَ مَن والاه، وموالاة مَن عاداه، وحبَّ ما أبغضه، وبُغْض ما أحبه، ووصْفَه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله، فليس في أجناس المحرَّمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثمًا، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أُسِّست البِدع والضلالات، فكل بدعة مُضلَّةٍ في الدين أساسُها القول على الله بلا علم".

وخلاصة القول:
1- أن المجتهد هو الذي يملك الأهلية لذلك.
2- ومَن كان غيرَ ذلك، وجب في حقِّه التقليدُ.
3- والفاقد لأهلية الاجتهاد ولم يقلِّد - في أحكامه الشرعية - هو متكلِّم في دين الله بغير علمٍ:
4- وهذا من التشهِّي المذموم، وليس من الاتباع المحمود.
5- وفعله حرام، وفاعله آثمٌ غير معذور، وإن وافق الصواب.
6- لأنه يدخل في التقول على الله تعالى.
7- وأن مُؤْدَّى ذلك تبديلُ دين الله تعالى.
8- وأنه ضلال ومهلكة.

فليحذَرِ المسلم إذًا مِن الوقوع في هذا المَزْلَق الخطير مهما كانت ظروفه ومصالحه الشخصية، فإن الأمر جدٌّ ليس بالهزل، وفي تقليد الثقات من العلماء والأئمة مخرجٌ ومتَّسع متى تعذَّر أو ضاقَ الاجتهاد!



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.49 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]