|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: قناديل الحكم
وقال آخر[12]: ذهَب الذين عليهمُ وجْدي وبقيتُ بعْد فِراقِهمْ وحْدي سلفٌ مضى وبقيتُ بعْدَهمُ وكذاك يذهبُ مَن أتى بعْدي ترَكوا الذي جمَعوا لغيرهمُ وكذاك أتْرُكُه لِمَن بعْدي وقال آخر[13]: وما الناسُ بالناس الذين عهِدتَهمْ ولا الدارُ بالدار التي كنْتَ تَعْرِفُ وما كلُّ مَن تَهوى يُحبُّك قلبُه ولا كلُّ مَن صاحبْتَه لكَ مُنصِفُ ♦ من صان ذِمتك وكرامتك، ولم يُرِق ماء وجهك، ورعى أصولك وأكرَم فروعك: فقد بذل أقصى مودَّتِه القلبية، وقديمًا عبَّر عن هذا الصنيع والخُلق النبيلِ شاعر عربيٌّ قديم، فقال: صانَ لي ذِمَّتي وأكرَمَ وجْهي ♦♦♦ إنَّما يُكرِمُ الكريمَ الكريمُ ♦ على طلاب العلم أن يسلكوا كلَّ شِعب من شعاب العلم وجَدوا فيه منفعة، وأن يطلبوا كل ثنية من ثنايا المعارف أحَسوا بفائدتها؛ حتى يُفتَح لهم كلُّ مستغلق، ويومض لهم كل غامض، لا أن يكونوا أزهد الناس في العلم، وأشدَّهم حرصًا على إيذاء أهله وذعرهم، والنَّيْل من عِرضهم، أو دعاةً إلى الجهل بالفعل والقول، فيصير حالهم كمن وصَفهم حبيب بن أوس الطائي؛ إذ يقول لمحمد بن عبدالملك الزيات: أبا جعفرٍ إن الجهالةَ أُمُّها ولودٌ وأُمُّ العلم جذَّاءُ حائلُ أرى الحشوَ والدَّهْمَاءَ أضْحَوا كأنَّهم شُعوبٌ تلاقَتْ دونَنا وقبائلُ غدَوا وكأنَّ الجهلَ يَجمَعُهمْ بهِ أَبٌ وَذوو الآدابِ فيهمْ نواقلُ ♦ إن مَن آثَر العلمَ وعرَف فضله، فاز بالحظ الأعلى، وحاز القسم الأسنى في تقريبه قدر طاقته إلى من يَنشُده، وفتح أبوابه الموصدة، وتسهيل أسبابه ومسالكه المستحكمة، وتيسير ألفاظه حتى تصير سهلةً سَبطةً على مَن لم يدرك نصيبه من التفقه في اللغة، وتسهيل طرق التعليم على من يروم الارتفاع في مراتبه، وامتلاك مفاتيحه، واكتشاف أسراره وغوامضه، والنفاذ إلى بواطنه، وفتح كل مستغلق عسير، وتَجْلية حقيقة ما حُجِب عن العامي والجاهل، وتعظيم الأجور والأجعال؛ لحفظ كرامة طلاب العلم، وصون هيبتهم من الاستخفاف، ودفع المشقة والأذى عنهم، في سبيل إحياء العلم وتيسير مناهجه وأسباب تحصيله، وتخفيف مُؤنته على الباحثين والمحققين، والعاملين والمشتغلين في ميدانه. وكما قال الإمام ابن حزم في كتابه: "التقريب لحد المنطق": "فإن الحظ لمن آثَر العلم وعرَف فضله، أن يسهله جهده، ويقربه بقدر طاقته، ويُخففه ما أمكن، بل لو أمكَنه أن يهتف به على قوارع[14] طرق المارة، ويدعو إليه في شوارع السابلة[15]، وينادي عليه في مجامع السيارة[16]، بل لو تيسر له أن يهب المال لطلابه، ويجزي الأجور لمقتنيه، ويُعظم الأجعال[17] عليه للباحثين عنه، ويُسنِّي[18] مراتب أهله، صابرًا في ذلك على المشقة والأذى، لكان ذلك حظًّا جزيلًا، وعملًا جيدًا، وسعيًا مشكورًا كريمًا، وإحياءً للعلم، وإلا فقد درَس[19] وبلِي وخفِي، إلا تَحِلَّة القسَم[20]، ولم يبق منه إلا آثار لطيفة، وأعلام دائرة"[21]. ♦ صارت ساعاتنا في الحاضر مكررة، تتحرَّك بحجم دقائق الألم المحفور في الصدر، وبحجم نبضات الشتات في الحروب، وخَفقان المواجع في القلوب، وبحجم قواعد التصريف من الأفراح، وإعراب الكلام المقموع بلا حركات، فالكل صار مبنيًّا للمجهول، أما المعلوم فلم يجتهد النحاةُ في وصل أفعاله من الألف إلى الياء؛ لأن الضمير الحاضر قد غاب، ولم يتبقَّ إلا نداءُ الشباب يُهلل في الآفاق: كن قويًّا، وكن رابط الجأش كيلا تُقهر، وكن عزيز النفس لا تشتكي الضيم، ولا تقبل الخنوع والتذلل لخصمٍ يُظهر لك المحبة تجمُّلًا، ويُوغر سهم العداء تنكرًا، ويتصيَّد أخطاءك ويَفضَحك بين الورَى، والحقد قد أضرَم نارَه وله مواقدُ في صدره، وشراره من عينيه قد تطاير. وقديمًا قال الدكتور محمد عوض محمد: أتَحْنو عليك قلوبُ الورى إذا دمعُ عينيكَ يومًا جرَى وهل تَرْحمُ الحَمَلَ المسْتَضامَ ذئابُ الفلا وَأُسُودُ الشَّرَى
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
رد: قناديل الحكم
وماذا ينال الضعيفُ الذليل سوى أن يُحَقَّرَ أوْ يُزْدَرى لقد سَمِع النَّسْرُ نَوحَ الحمامِ فلم يَعْفُ عنْها ولم يَغْفِرَا قد انْقَضَّ ظلْمًا ليَغتالها وأنْشَب في نَحْرها المِنْسَرَا وما ردَّ عنها الأذى ذُلُّها ولا أنها ما جنَتْ مُنكرَا فكُن يابسَ العود صُلْبَ القناةِ قويَّ المِراس مَتينَ العُرى! ولا تَتَطامَنْ لبَغيِ البُغاةِ وكُنْ كاسرًا قبْل أنْ تُكْسَرَا وأَوْلَى لمن عاش مثلَ الثَّرى ذليلًا لو احْتلَّ جوفَ الثَّرى قلوبُ الأنامِ كصُمِّ الصفاةِ وَشَقَّ على الصخْرِ أن يَفْجُرَا أرى أيديًا لاغتيالٍ تُمَدُّ فأجْدِرْ بها الآنَ أن تُبْتَرَا إذا كنتَ ترجو كبارَ الأمورِ فأعْدِدْ لها هِمَّةً أكْبرَا طريقُ العُلا أَبَدًا للأمامِ فَوَيْحَكَ هل تَرْجِعُ القَهْقرى وكلُّ البريَّةِ في يَقْظَةٍ فَوَيلٌ لمن يَستطيب الكَرى [1] هو السيد الرحالي بن رحال بن العربي، ولِد بقلعة السراغنة ناحية مراكش المغربية، وذلك عام 1323هـ، وهو فقيه علامة مشارك، عُين مدرسًا بكلية ابن يوسف بمراكش عند تأسيس النظام بها عام 1357هـ، كما عين رئيسًا لهذه الكلية عام 1375هـ، ثم عميدًا لكلية الدراسات العربية التابعة لجامعة القرويين بمراكش عام 1382هـ، وكان خطيبًا بجامع بريمة بدار المخزن، وقام بتدريس التفسير في كلية الدراسات العربية في مراكش، وتدريس الحديث - صحيح الإمام البخاري - في دار الحديث الحسنية بالرباط، إلى أن أُحيل إلى التقاعد عام 1392هـ، ومن إنتاجه الفكري: "فتح العلي القادر على توحيد الإمام ابن عاشر"، وله تعليق على مقدمة بداية المجتهد سماه "الإعلام والإشادة بما في مقدمة البداية"، وله مقالات ونشرات. ترجمته في: إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين؛ محمد بن الفاطمي السلمي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1992، ص 114. [2] محافظون ومجددون، مجلة دعوة الحق، العدد الثاني، السنة الأولى، (ذو الحجة 1376 هـ - غشت 1957م)، ص 9 - 10. [3] "(قروش) فكرية، مهداة إلى (القروش) النقدية!"، مجلة الرسالة، العدد 2، خواطر وصور، بتاريخ 1 / 2 / 1933م. [4] أخرجه أبو داود في سننه، حديث رقم (4918). [5] استحكم الأمر: تمكَّن وقَوِي. [6] لائحًا: اسم فاعل من لاح؛ أي: ظهر وأضاء وتلألأ. [7] تنجحًا: طلب إنجازها وقضائها، تنجزها. [8] الكليل: الضعيف أو المتعب. [9] التقريب لحد المنطق، ص 15. [10] تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب؛ لمحمد بن خلف بن المرزبان بن بسام المحولي ت 309هـ؛ تحقيق: ركس سميث، محمد عبدالحليم، ط. الأولى 2003م، ص 5. [11] تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب؛ لمحمد بن خلف بن المرزبان، ص 3. [12] تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب؛ لمحمد بن خلف بن المرزبان بن بسام، ص 4. [13] المصدر نفسه، ص 3. [14] قارعة الطريق: أعلاه ووسطه. [15] المارة. [16] السيارة: القافلة والقوم. [17] جمع جُعْل، وضَع له جُعلًا؛ أي: أجرًا على شيء يفعله. [18] سنَّى يُسنِّي سنًّا وتسنيةً، فهو مُسَنٍّ، والمفعول مُسنًّى، وسنَّى الأمر، وسنَّى له الأمر: سهَّله ويسَّره. [19] بلِي وتقادم عهده. [20] التحلة: تَحلة اليمين: ما تُكفر به. [21] التقريب لحد المنطق، ص 14 - 15.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |