متى تقول: " لا "؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 849998 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386186 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-08-2022, 04:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي متى تقول: " لا "؟

متى تقول: " لا "؟


د. جمال يوسف الهميلي





في إحدى أمسيات شهر ديسمبر عام 1955 الباردة، وقفت "روزا باركس" - ذات البشرة السمراء - تنتظر الحافلة كي تقلَّها إلى وجهتها، فلما صَعِدت وجدتْ مقعدًا خاليًا فجلست فيه، وفي المحطة التالية صَعِد الركَّاب، وإذ بالحافلة ممتلئة، وبهدوء اتَّجه رجل أبيض إلى حيث تجلس "روزا" منتظرًا أن تفسح له المجال (القانون الأمريكي آنذاك كان يمنع منعًا باتًّا جلوس الرجل الأسود وسيِّدُه الأبيض واقف)، لكنها للعجب نظرتْ له بلا مبالاةٍ، وعادتْ لتتأمل الطريق مرة أخرى!

ثارتْ ثائرةُ الرجل الأبيض، وأخذ الركَّاب البِيض في سبِّ "روزا"، والتوعُّد لها إن لم تَقُمْ من فورها وتُجلِس الرجل الأبيض الواقف، لكنها أصرَّت على موقفها، فما كان من سائق الحافلة أمام هذا الخرق الواضح للقانون، إلا أن يتَّجِه مباشرة إلى الشرطة؛ كي تحقِّق مع تلك المرأة السوداء التي أزعجت السادة البيض!

وبالفعل تمَّ التحقيق معها وتغريمها 15 دولارًا، نظير تعدِّيها على حقوق الغير!

وهنا انطلقتِ الشرارةُ في سماء أمريكا، ثارتْ ثائرة السُّود بجميع الولايات، وقرَّروا مقاطعة وسائل المواصلات، والمطالبة بحقوقِهم كبشرٍ، لهم حق الحياة والمعاملة الكريمة، استمرَّت حالة الغليان مدة 381 يومًا، وأصابت أمريكا بصداع مُزمِن، وفي النهاية خرجتِ المحكمةُ بحكمها الذي نصر "روزا باركس" في محنتها، وتم إلغاء ذلك العُرْف الجائر وكثير من الأعراف والقوانين العنصرية.

وفي 27 أكتوبر من عام 2001، بعد مرور 46 سنة على هذا الحادث، تم إحياءُ ذكرى الحادثة في التاريخ الأمريكي، وتم بيع الحافلة القديمة المهترئة من موديل الأربعينيات التي وقعت فيها الحادثة بمبلغ 492 ألف دولار أمريكي.

ثم حصلت "روزا" على أعلى الأوسمة، فقد حصلتْ على الوسام الرئاسي للحرية عام 1996، والوسام الذهبي للكونجرس عام 1999، وهو أعلى تكريم مدني في البلاد.

وفي 24 أكتوبر عام 2005 احتشد الآلاف من المشيِّعين الذين تجمَّعوا للمشاركة في جنازة "روزا باركس" رائدة الحقوق المدنية الأمريكية، التي توفيت عن عمر يناهز 92 عامًا، يومٌ بكى فيه الآلاف وحضره رؤساء دول، ونكس فيه علم أمريكا، وتم تكريمُها بأن رقد جثمانها بأحد مباني الكونجرس منذ وفاتها حتى دفنها، وهو إجراء تكريمي لا يحظى به سوى الرؤساء والوجوه البارزة، ولم يحظَ بهذا الإجراء سوى 30 شخصًا منذ عام 1852، ولم يكن منهم امرأة واحدة[1].

وفي عام 2013م وفي السودان بالذات، يأتي السفير الأمريكي بزيارة رسمية إلى مشايخ الصوفية وطرقها ليخترقَ صفوفها، وكان ممَّن زاره الشيخ الطيب الجد، الذي استقبله ورحَّب به، وبدأ السفير الأمريكي في استعراض قُوَاه ومكايده، ويستعطف الشيخ، على اعتبار جهل الشيخ بما يحدث في السياسة الخارجية والداخلية، وانشغاله بالعبادات الروحية، لكنه أُصيبَ بصعقة حين ردَّ عليه الشيخ بالنفي لما يقول، ثم تذكيره بمواقف أمريكا المُخزِية، وآخرها موقفها من الحصار الاقتصادي على السودان، و"اتفاقية السلام"، و"الاستفتاء"، وأجابه إجابة بليغة، وبعد نهاية الحوار قام السفير الأمريكي بمغادرة المكان ولم يَقُم الشيخ معه، ولم يلتحف السفير الأمريكي الشال الأخضر؛ كما فعل في ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻣﻮﺍﻗﻊ أخرى، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﺠﺪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ؛ لأن ذلك الشال ﻻ‌ يوشَّح إلا لمَن يستحقه دينًا ومسلكًا[2].


إنها "لا" التي تُسطَّر بمِدَاد من ذهبٍ في مثل هذه المواقف، قد يكون إعلانها صعبًا على النفس، لكنها تبني فيها ما لا يمكن تحقيقُه إلا بذلك، كم نحن بحاجة إلى مهارة "لا"، وإتقان تطبيقها، واختيار الوقت المناسب لإطلاقها، لقد سَئِمنا "نعم"، ودفعنا ثمنها غاليًا من أعز وأشرف ما نملك، فهل جاء وقت "لا"؟!

في السنة التاسعة من الهجرة يأتي "وفد ثقيف" لمقابلة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإعلان إسلامهم، فكان مما طلبوه الإذن بالزِّنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((هو مما حرَّم الله على المسلمين))، وشرب الخمر، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن الله قد حرَّمها))، والرِّبا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الربا حرام))، وأخيرًا سألوه أن يعفيَهم من الصلاة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا خير في دين لا صلاة فيه)).

وبعد وفاة الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ارتدَّت العرب عن الإسلام، ولم يبقَ إلا القلَّة، ويقرِّر الخليفة أبو بكر - رضي الله عنه - قتال المرتدِّين، ويقف أمامه بعض الصحابة ويُعارضونه لأسباب مقنعة في ظاهرها، لكنه - رضي الله عنه - يرفض ويعلنها صرخة للتاريخ وللبشر أجمع: "... واللهِ لو منعوني عَناقًا كانوا يُؤدُّونها إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتُهم على منعِها"[3].

ويستمر تاريخ "لا" ليصل إلى الإمام أحمدَ، الذي أُمِر بالقول بخلق القرآن، أو السجن والتعذيب، فكان رده الرفض والثبات على المبدأ، وقال لمَن طلب منه التنازل والتغيير: "ويحك أأنجو بنفسي وأضلُّ الناسَ؟!".

لك أن تتخيَّل لو لم يقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا" لوفد ثَقِيف، ولو لم يقل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - "لا" للصحابة الكرام، ولو لم يقل الإمام أحمد "لا" لمناشديه القبول بخلق القرآن، ولو لم تقل "لا" (روزا)، ولو لم يقل "لا" الشيخ الطيب، ولو لم يقل "لا" غيرهم كثير، هل كانت الحياة والقيم والمبادئ كما هي اليوم؟!

وقبل أن نطلب "لا" من الآخرين، علينا التأمل في أنفسنا، فمتى نقول: "لا"؟

أظننا بحاجة إلى أن نقول: "لا" للشيطان قبل أن يقول لنا: ﴿ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ﴾ [إبراهيم: 22]، ونقول: "لا" لهوى النفس ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41]، ونقول: "لا" للكبراء من الإنس والجن، ﴿ فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21]، ونقول: "لا" للنفس الأمَّارة بالسوء، ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ﴾ [يوسف: 53]، ونقول: "لا" لكل داعٍ لمعصية أو مخالفة قيم.

وبمعنى آخر: لنَقُلْ: "لا" حين يَرِد علينا ما يُعكِّر صفوَ حياتنا في الدارين، وفي المقابل، فإن قول: "نعم" يعني الرضوخ للآخر، والتغير نحو ما يريده، وربما خسارة الدارين؛ فهل أنت مستعدٌّ لقول: "لا"؟! أرجو ألا تقول: "لا"!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] بتصرف من "العادات الخمس للمرأة الناجحة"؛ تأليف كريم الشاذلي [email protected].

[2] بتصرف من الطيب مصطفى [email protected]، هذا لا يعني المدح أو الذم للطرق الصوفية؛ وإنما الهدف ذكر الموقف فقط.

[3] رواه البخاري 1399.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.79 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]