تفسير قوله تعالى ﴿ يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيۤءُ حَسْبُكَ ٱللهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386387 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16174 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3121 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 101 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-04-2019, 10:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير قوله تعالى ﴿ يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيۤءُ حَسْبُكَ ٱللهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْ

تفسير قوله تعالى
﴿ يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيۤءُ حَسْبُكَ ٱللهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ .

الحمد لله على نعمائه، والشكر له على مننه وآلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في صفاته وأسمائه، وأشهد أن محمدا خير عباده وأوليائه، صلى الله عليه وعلى آله ووزرائه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فبين يديّ هذا البحث، الذي جمعت مادته من بعض مظان كتب التفسير والتوجيه، والقصد منه توضيح معنى لآية قد أشكلت على كثير من العامة، وتبيين إعرابها، فإن بعضا ممن ينتسب إلى العلم قد وقع له فيها لبس، حتى استدل بها -من حيث لا يدري- على جواز الشرك بالله (سبحانه وتعالى عمّا يقول)، وهي موضع قوله (سبحانه وتعالى) في سورة الأنفال (64) ﴿ يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيۤءُ حَسْبُكَ ٱللهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ .
والذي أشكل هو عطف المؤمنين على الله سبحانه وتعالى، فظن هذا الظان أن الله يأمر عبده ونبيّه محمدا (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أن يتوكل على الله والمؤمنين، وهذا مناف لتوحيد الله الذي بعث به الرسل، وأنزل من أجله الكتب، وكان الله ولا شك حاميا جناب توحيده، فأردت أن أساهم بقليل أخدم به ديني، وأدعو به إلى توحيد رب العالمين، عسى الله أن يتقبل منا توحيدنا وأعمالنا، إنه سبحانه خير من دعي وخير من أجاب، لا إله هو سبحانه.
شرح المفردات:
النبي: فعيل، بمعنى مُفَعَّل بفتح العين، ومُفَعِّل بكسرها، أي مُنَبَّأ ومُنَـبِّئ؛ فالرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) مُنبَّأ من قبل الله، ومُنبِّئ لعباد الله. [القول المفيد شرح كتاب التوحيد 2/93].
الحسب: قال الراغب: "وحسب يستعمل في معنى الكفاية، حسبنا الله أي كافينا هو؛ وحسبهم جهنم" أي كذلك. [المفردات124].
وقال شيخ الإسلام: "وأما الحسب فهو الكافي". [مجموع الفتاوى3/107].
ومنه قوله: "أعطي درهما فحسب". [انظر القول المفيد 2/93].
معنى الآية الكريمة:
قال شيخ الإسلام: "أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين هو الله، فهو كافيكم كلكم." [3/107].
ولما كانت الآية في سياق الكلام عن الجهاد والغزو، كانت مناسبتها لما قبلها وما بعدها بأن كانت تثبيتا من الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وللمؤمنين الذين شهدوا معه الغزو والحرب، وليتعلقوا بالله، ويفوضوا إليه أمورهم؛ فإن العدة التي أمرهم الله تعالى بها فيما سبق من الآيات: ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ... [سورة الأنفال (64)] لا تعني شيئا، ما لم تتوج بيقين في الله تعالى؛ وهذه هي العدة الإيمانية، وهي أهم العدد، بدليل قوله تعالى بعدُ: ﴿ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ....[سورة الأنفال (65)]
روى ابن أبي حاتم بسنده عن الشعبي أنه قال في قوله ﴿ يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيۤءُ ... قال: "حسبك الله وحسب من شهد معك". [تفسير ابن كثير 3/344].
قال ابن أبي حاتم: "وروي عن عطاء الخرساني وعبد الرحمن بن زيد مثله.". [المصدر السابق].
ولا يعني أن الكفاية خاصة بمن حضر الغزو معه (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، وإنما "المراد أن الله كاف للرسول ولمن اتبعه فكل من اتبع الرسول فالله كافيه وهاديه وناصره ورازقه". [مجموع الفتاوى 1/293].
التخريج النحوي لهذه الآية:
1) إعراب:
"حسب : خبر مقدم ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخر، والمعنى: ما الله إلا حسبُك.
ويجوز العكس:
أي: أن تكون حسب مبتدءً، ولفظ الجلالة خبره، ويكون المعنى ما حسبك إلا الله وهذا أرجح". [القول المفيد 2/93].
2) توجيه الآية نحويا:
للآية على التفسير السابق ثلاث توجيهات نحوية، ذكرها غير واحد من أهل العلم، انظر مثلا إعراب القرآن لابن النحاس (2/194)، وزاد المعاد لابن القيم (1/4)، وأضواء البيان للشنقيطي (2/416).
وملخصها فيما يلي:
الوجه الأول:
أن الواو في قوله تعالى: ﴿ وَمَنِ اتَّبَعَكَ للعطف فيكون ﴿ مِنَ معطوفا على الكاف من ﴿ حَسْبُكَ .
وهذا العطف إنما هو عطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وقد ضعفه غير واحد من علماء العربية؛ "وهو قبيح عند البصريين، قليل في الاستعمال، بعيد في القياس." [الكشف 1/375].
وعللوا ذلك بهذين السببين:
"لأن المضمر المخفوض لا ينفصل عن الحرف، ولا يقع بعد حرف العطف.
ولأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان، يحسن في أحدهما ما يحسن في الآخر؛ ويقبح في أحدهما ما يقبح في الآخر؛ ... فإن أعدت الخافض حسن". [الكشف 1/375-376].
وصحح العلامة ابن القيم (رحمه الله) جواز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض.
قال في الزاد (1/4):"ويجوز العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار على المذهب المختار، وشواهده كثيرة؛ وشبه المنع منه واهية.".
وكذا ابن مالك (رحمه الله) في الألفية قال ذاكرا لزوم إعادة الخافض في هذه الحال:
وعود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازما قد جعلا
وليس عندي لازما إذ قد أتى في النظم والنثر الصحيح مثبتا.
وتبعهم الشيخ ابن عثيمين (رحمه الله) في القول المفيد (2/94).
وهو الحق الذي لا محيص عنه، بدليل قراءة حمزة قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُواْ اللهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ [النساء 1] بخفض الأرحامِ [التيسير للداني78].
ومن الأدلة أيضا قوله تعالى: ﴿ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ... [النساء127]، فـ ﴿ مَا في موضع عطف على الضمير المخفوض بحرف الخفض، وهذا على قول في توجيهها. [انظر أضواء البيان 2/423].
ومن الأدلة من لغة العرب:
"قول الشاعر:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيامِ من عجب.
بجر الأيام عطفا على الكاف.
ونظيره قول الآخر:
نعلق في مثل السواري سيوفنا وما بينها والكعبِ مهوى نفانف.
بجر الكعب معطوفا على الضمير قبله.
وقول الآخر:
وقد رام آفاق السماء فلم يجد له مصعدا فيها ولا الأرض ِمقعدا
فقوله ولا الأرض بالجر معطوفا على الضمير.
وقول الآخر:
أمر على الكتيبة لست أدري أحتفي كان فيها أم سواها
فـسواها في محل جر بالعطف على الضمير". [أضواء البيان 2/422-423].
الوجه الثاني:
أن يكون ﴿ من منصوبا، بكونه مفعولا معه، على تقدير ضعف العطف، بحيث: "تكون الواو واوَ (مع)، وتكون في محل نصب، عطفا على الموضع؛ فإن ﴿ حَسْبُكَ في معنى كافيك، أي الله يكفيك ويكفي من اتبعك كما تقول العرب: (حسبك وزيداً درهم).
قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا فحسبك والضحاكَ سيف مهند."
[الزاد 1/4].
بنصب الضحاك.
وجعل بعض العلماء منه قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ [الحجر 20]، فقال: ومن عطف على ضمير الخطاب في قوله ﴿ لكم وتقرير المعنى عليه: (وجعلنا لكم ولمن لستم له برازقين فيها معايش).". [الأضواء 3/107].
وهذا الوجه نصره ابن القيم (رحمه الله)، قال: "وهذا أصح التقديرين" [الزاد 1/4]؛ وهو الذي يدل عليه كلام شيخ الإسلام (رحمه الله) [انظر 3/108].
الوجه الثالث:
أن تكون ﴿ من في موضع رفع بالابتداء، وخبرُها محذوف؛ وتقدير الكلام: (ومن اتبعك من المؤمنين فحسبهم الله أيضا). [الزاد 1/4]، [الأضواء 3/418].
وهناك وجه رابع.
وهو وجه مليح، لم أجد من تعرض له غير الشيخ الأمين (رحمه الله).
قال: "إنه من العطف على المحل، لأن الكاف مخفوض في محل نصب" [3/417].
أي أن التقدير: (حسب الله كَ)، فالكاف محلها النصب على المفعولية، لكن خفضت للإضافة وما من إشكال في العطف على الضمير المنصوب.
وأما الذي ذكره النحاس، وجعله وجها في تفسير الآية؛ بل عدّه أحسنها!! وهو "أن يكون على إضمار، بمعنى (وحسبك من اتبعك من المؤمنين)" [إعراب القرآن 2/195].
فليس من الصواب في شيء "لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده". [الأضواء 3/416]، وقد نُسب هذا القول إلى الحسن.
بل ورد في سبب النزول أن الآية نزلت بسبب إسلام عمر (رضي الله عنه) لما كمل به المسلمون الأربعين. [لباب النقول 136].
قال ابن كثير (رحمه الله): وفي هذا نظر؛ لأن الآية مدنية؛ وإسلام عمر (رضي الله عنه) كان بمكة بعد الهجرة إلى الحبشة، وقبل الهجرة إلى المدينة؛ والله أعلم. [التفسير 3/344].
بل قد ساق هو نفسه في السيرة (2/39) قصة إعلان عمر (رضي الله عنه) إسلامه في مكة من حديث ابنه عبد الله (رضي الله عنهما) ثم قال:
"وهذا إسناد جيد قوي، وهو يدل على تأخر إسلام عمر(رضي الله عنه)،... فيكون إسلامه قبل الهجرة بنحو أربع سنين، وذلك بعد البعثة بنحو تسع سنين، والله أعلم".
فهذا يدل على أنه كان بعد الهجرة إلى الحبشة.
وقال قبلها (2/33): "قلت: وهذا يرد قول من زعم أنه كان تمام الأربعين من المسلمين، فإن المهاجرين إلى الحبشة كانوا فوق الثمانين.
اللهم إلا أن يقال: إنه كان تمام الأربعين بعد خروج المهاجرين!".اهـ.
قال ابن القيم (رحمه الله) في (الزاد 1/4):
"وهذا، وإن قال به بعض الناس، فهو خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه."؛ وقال نحوه شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية في (10/154)؛ بل قال في (26/157):
"ومن قال: إن الله والمؤمنين حسبُك فقد ضل؛ بل قوله من جنس الكفرة؛ فإن الله وحده حسب كل مؤمن به؛ والحسب الكافي". اهـ.
ودليل ذلك أن الله قال: ﴿ وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهَ هُوَ الذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِ ينَ [سورة الأنفال (62)]؛ ففرّق سبحانه بين الحسب والتأييد، فأخلص الأول له سبحانه.
وقال سبحانه مادحا عباده: ﴿الذِينِ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [سورة آل عمران (173)]
فمدحهم سبحانه على إخلاص الحسب والتوكل له.
ونظير هذا قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَآ ءَاتَيٰهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلىَ اللهِ رَاغِبُونَ [سورة التوبة (59)]
فجعل سبحانه الحسب والفضل والرغبة له مخلصات، والإيتاء له وللرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).
وكذلك قوله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر 36]، "فالحسب هو الكافي؛ فأخبر سبحانه أنه وحده كاف عبده، فكيف يجُعل أتباعه مع الله في هذه الكفاية؟" [الزاد1/4].
الفائدة المسلكية من الآية:
من علم أن الله حسيبُه وكافيه، وتيقن من ذلك، صرف قلبه إليه، فتوكل عليه، وفوض أمره إليه، فلم يرج غيره، ولم يقصد سواه، ولا رغب إلا إليه؛ إذ أنه سبحانه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن؛ فهو المتصرف في الملك وحده، وهو المعبود وحده بحق، لا شريك له.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن (رحمه الله):
"فإذا كان هو الكافي لعبده، وجب ألا يتوكل إلا عليه؛ ومتى التفت بقلبه إلى سواه، وكّله الله إلى من التفت إليه كما في الحديث: ((من تعلق شيئا وكل إليه))([1])".اهـ [فتح المجيد 310].
قال ابن القيم (رحمه الله تعالى):
"ومن كان الله كافيه وواقيه، فلا مطمع فيه لعدو، ولا يضره إلا أذى لا بد منه، كالحر والبرد، والجوع والعطش؛ وأما أن يضره بما يبلغ به مراده منه، فلا يكون أبدا، وفرق بين الأذى الذي هو في الظاهر إيذاء وفي الحقيقة إحسان وإضرار بنفسه، وبين الضرر الذي يُتشفى به منه.
قال بعض السلف: ((جعل الله لكل عمل جزاء من نفسه، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته))، فقال: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق 3]، فلم يقل: فله كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال؛ فلو توكل العبد على الله حق توكله، وكادته السماوات والأرض ومن فيهن، لجعل الله له مخرجا، وكفاه رزقه، ونصره". اهـ [فتح المجيد 311].
"والتوكل: صدق الاعتماد على الله، مع الثقة به، والأخذ بالأسباب.". [القول المفيد 2/87].
فلا ينافي التوكلَ اتخاذُ الأسباب، وهذا شيء معلوم لا يحتاج إلى كثرة بيان، قال ابن القيم (رحمه الله) في الفوائد (209):
والله سبحانه قد أمر العبد بأمر، وضمن له ضمانا؛ فإن قام بأمره، بالنصح والصدق والإخلاص والاجتهاد، قام الله سبحانه له بما ضمنه له، من الرزق والكفاية والنصر وقضاء الحوائج؛ فإنه سبحانه ضمن الرزق لمن عبده، والنصر لمن توكل عليه واستنصر به؛ والكفاية لمن هو همه ومراده، والمغفرة لمن استغفره، وقضاء الحوائج لمن قصده في طلبها ووثق به، وقوي رجاؤه وطمعه في فضله وجوده؛ فالفطن الكيس إنما يهتم بأمره وإقامته وتوفيته، لا بضمانه فإنه الوفي الصادق، ﴿ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ [التوبة 111]، فمن علامات السعادة صرف اهتمامه إلى أمر الله، دون ضمانه؛ ومن علامات الحرمان فراغ قلبه من الاهتمام بأمره وحبه وخشيته، والاهتمام بضمانه؛ والله المستعان.".اهـ
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

[1] ) رواه الترمذي وأحمد وحسنه الألباني في صحيح الترمذي رقم (1691).
منقول
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.20 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]