أسئلة بيانية - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216078 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7826 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 52 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859606 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393951 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 26-03-2024, 01:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (21) البيان والهداية والتوبة
فاضل السامرائي



قال تعالى في سورة النساء: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء: 26-27].

سؤال:

1 – لماذا رتَّب الآية السادسة والعشرين على هذا النحو، أي قدَّم البيان ثم الهداية ثم التوبة؟
2 – لماذا قدّم لفظ الجلالة على الفعل (يريد) في الآية السابعة والعشرين؟
3 – لماذا عدّى فعل الإرادة باللام في الآية السادسة والعشرين، وعدّاه بنفسه في الآية التي بعدها؟
الجواب:

1 – بالنسبة إلى التقديم والتأخير في الآية الأولى فإنَّ هذا هو الترتيب الطبيعي، فإنه قدّم البيان على هداية السنن؛ لأنَّ البيان مقدّم على الهداية، فالهداية تكون بعد البيان، وإلا فإلى أي شيء يهديه؟
وأما التوبة فهي بعد البيان والهداية، فإنها تكون بعد التقصير في الاتِّباع، وارتكاب الذنوب والمعاصي.
2 – قدَّم لفظ الجلالة على الفعل (يريد) في الآية السابعة والعشرين لأكثر من سبب.
منها: أنها بمقابل ما يُريده الذين يتَّبعون الشهوات.
ومنها: أن هذا التقديم يُفيد الاهتمام والتوكيد والمبالغة في إرادة التوبة من الله تعالى [انظر تفسير البيضاوي (109)، روح المعاني (5/12)].
ومن جهة أخرى أنَّ هذا التقديم يُفيد الحصر إضافة إلى ما تقدم، فإنَّ التوبة مُختصة بالله تعالى حصراً، فلا يتوب غيره سبحانه على العبد ولا يمكنه ذلك.
قد تقول: ولِمَ كان هذا الموضع موضع تأكيد ومبالغة؟
فنقول: إن ذلك لأكثر من سبب:
منها: أن التوبة من الله تعالى أهم شيء بالنسبة إلى العبد ولا يقوم شيء مقامها، فإنَّه إذا لم يتب الله تعالى على العبد هلك.
ثم إنَّ السياق يدل على ذلك، فقد كرَّر إرادة التوبة، فقال: ﴿وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ ثم قال: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾.
وقال إضافة إلى ذلك: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ [النساء: 28]. والتوبة من الله تعالى تخفيف عن العبد.
ومما يدلُّ على ذلك أيضاً أنه قال: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ [النساء: 28] بمقابل ما ذكره من إرادة الفجَّار، فقد قال:﴿وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء: 27].
وكان المظنون بمقابل ذلك أن يقول: (والله يريد أن تستقيموا) مثلاً، أو أن تطيعوه، فإنَّ الاستقامة تُقابل الميل، ولكنه لم يقلْ ذلك، وإنما قال: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ فذكر ما هو أخف، ولا شك أن ذكر هذه الإرادة بمقابل ما يريده الذين يتبعون الشهوات رحمة وتخفيف.
ثم ذكر أنَّ الإنسان خُلق ضعيفاً، والضعيف به حاجة إلى التخفيف والتوبة من التخفيف.
ثم إنَّ السياق قبل هذه الآيات في ذكر التوبة، فقد قال: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا * إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء: 16-18].
فاتَّضح أن سياق الآيات وما قبلها إنما هو في التوبة، فاقتضى ذلك الاهتمام والمبالغة في إرادة التوبة.
واقتضى تقديم لفظ الجلالة من كل وجه.
قد تقول: لقد اتضح سبب تقديم لفظ الجلالة في قوله: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ فلِمَ لم يُقدم الذين يتَّبعون الشهوات فيقول: (والذين يتبعون الشهوات يريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً) حتى يكون التعبيران على نسق واحد؟
فنقول: إن الذين يتبعون الشهوات ليسوا وحدهم الذين يريدون للمسلمين أن يميلوا ميلاً عظيماً، بل هناك غيرهم ممن يريد ذلك من المنافقين وأهل الكتاب والمشركين وغيرهم ممن يأكل قلبه الحسد والحقد أو لغير ذلك كما قال تعالى:﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة: 109] وقال سبحانه: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة: 82] وقال جل وعلا:﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا [المائدة: 68].
وقال تعالى في المنافقين: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا * وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء: 88-89].
فذكر أنَّ الذين يتَّبعون الشهوات يريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً ولم يَقصر ذلك عليهم فلا يُناسب التقديم.
3 – وأما تعدية فعل الإرادة باللام مرة وبنفسه مرة أخرى فإنَّ التعدية باللام تحتمل أمرين:
الأول: أن تكون اللام مزيدة للتوكيد، وهذا كثير في أفعال الإرادة وذلك نحو قوله تعالى:﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ [الأحزاب: 33]، وقوله سبحانه:﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ [الصف: 8]، والآخر: أن تكون اللام للتعليل [انظر تفسير البيضاوي (109)] أي إرادته لهذا الغرض.
وكلاهما يدل على المبالغة والقوة وهو آكد وأقوى من التعدية بنفسه [انظر كتابنا (معاني النحو 3/67) وما بعدها]، فالتعبير (يريد الله ليتوب عليكم) آكد من: (يريد الله أن يتوب عليكم).
وقد ذكر الله سبحانه الأمرين فإن قوله:﴿وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ في الآية الأولى أي في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ.......وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ معطوف على إرادة اللام.
وفي الثانية مفعول به للفعل (يريد).
فتكون إرادة الله تعالى للتوبة مطلوبة مؤكدة على كل حال، وهذا يدل على عظيم رحمة الله بخلقه.
ولما كانت الآية الأولى ذكرت أموراً في غاية الأهمية منها البيان لما يريده الله وهداية الخلق لما يريد ومنها التوبة جاء بفعل الإرادة معدى باللام.
ولما كانت الآية التي تليها مندرجة في مطلوب الآية السابقة وهي إرادة التوبة وليس فيها ما في الآية التي قبلها لم تحتج إلى اللام.
وقد تقول: ولِمَ لَم يقدم لفظ الجلالة في الآية الأولى فيقولالله يريد ليبين لكم)؟.
فنقول: إن هذا الموطن لا يقتضي التقديم لأنه لم يذكر أن جهة أخرى تُريد غير ذلك، ولا هو موطن تعريض بجهة أخرى تريد غير هذا الأمر وإنما هو إخبار عن إرادة الله سبحانه لذلك، بخلاف الآية التي تليها فإنه ذكر جهة أخرى تريد غير ما يريده الله للمؤمنين.
فلا يناسب التقديم في الآية الأولى، والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 26-03-2024, 01:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (22) ماذا يقترن مع التوبة؟
فاضل السامرائي



قال تعالى في سورة النساء: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ [النساء: 92].

وقال سبحانه في سورة التوبة: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ [التوبة: 104].
وقال تعالى في سورة الشورى:﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ [الشورى: 25].
سؤال:

لماذا جاء مع التوبة بـ (من) في آية النساء، وجاء معها بـ (عن) في آيتي التوبة والشورى؟
الجواب:

لقد ذكر (من) مع التوبة ليُبين الجهة التي تقْبل التوبة، وهو: (الله).
وذكر معها (عن) ليُبين طالب التوبة وهم: العباد.
فقوله:﴿تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ [النساء: 92]. يعني: أن التوبة قبِلها الله تعالى وهو يتوب على مَن يفعل ذلك.
وقوله سبحانه:﴿يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ [الشورى: 25] يعني أنه يقبل التوبة التي تصدر عن عباده طالبين لها.

وقيل: إن معناه أنه يتجاوز عنهم ويعفو عن ذنوبهم التي تابوا منها، جاء في «روح المعاني»: «وتعدية القبول بـ (عن) لتضمنه معنى التجاوز والعفو أي: يقبل ذلك متجاوزاً عن ذنوبهم التي تابوا عنها» [روح المعاني (11/15)].






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 28-03-2024, 02:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (23) خصوصية مقيمي الصلاة
فاضل السامرائي



قال تعالى في سورة النساء: ﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا[النساء: 162].

سؤال:

لماذا قال: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾، بنصب ﴿الْمُقِيمِينَ﴾ مع أنه معطوف على ﴿الرَّاسِخُونَ﴾ وهو مرفوع؟
الجواب:

إن هذا مما يسمى في علم النحو بالقطع وهو يكثر في المدح والذم والترحم، ويكون ذلك لأهمية المعطوف [انظر (معاني النحو 3/187) وما بعدها].
والقطع هنا للمدح وهو مفعول به لفعل محذوف تقديره (أمدح) أو (أخص).
وحسّن القطع أنه ذكر عبادتين ظاهرتين وهما: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصلاة أهم من إيتاء الزكاة لأنها فرض عين على كل مكلف سواء كان غنياً أم فقيراً، صحيحاً أم سقيماً، وهي أهم ركن في الإسلام، ولا تسقط في حال من الأحوال، ولذا قطعها للدلالة على فضلها على الزكاة، أما الصفات الأخرى فهي أمور باطنة وقلبية.
ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[البقرة: 177].
فقطع الصابرين لفضلهم، وذلك أنهم صابرون في الفقر وفي المرض وفي القتال، والبأساء هي البؤس والفقر، والضراء السقم والوجع، وحين البأس أي وقت القتال وجهاد العدو [انظر روح المعاني 2/48، البحر المحيط (2/7)].
جاء في «البحر المحيط»: «انتصب (والصابرين)على المدح.
ولما كان الصبر مبدأ الفضائل – ومن وجه – جامعاً للفضائل إذ لا فضيلة إلا وللصبر فيها أثر بليغ غيّر إعرابه تنبيهاً على هذا المقصد» [البحر المحيط 2/7].
وجاء في «روح المعاني»: « ﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ[البقرة: 177] نصب على المدح بتقدير أخص أو أمدح.
وغيَّر سبكه عمَّا قبله تنبيهاً على فضيلة الصبر ومزيته على سار الأعمال حتى كأنه ليس من جنس الأول» [روح المعاني 2/47].






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 28-03-2024, 02:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

(24) سبب خصوصية سيدنا داود بقوله تعالى: (وآتينا داوود زبورا)
فاضل السامرائي



قال تعالى في سورة النساء:﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا[النساء: 163-164].

سؤال:

لماذا خصَّ داود عليه السلام بقوله:﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾؟.
والجواب:

إن أهل الكتاب سألوا سيدنا محمداً أن يُنزل عليهم كتاباً من السماء، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً[النساء: 153].
فأجابهم ربُّ العِزَّة سبحانه أنَّ محمداً أوتي مثلما أوتي رسلُ الله الذين تؤمنون بهم وتُقرون بنبوتهم، فقال تعالى:﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ[النساء: 163]، ومن ذكرهم من الأنبياء الآخرين.
وآتيناه كما آتينا داود زبوراً، وقد نزل الكتابُ على داود مُنجَّماً [انظر روح المعاني 6/26] وكذلك نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
فإنَّ مَن ذكرهم من الأنبياء الذين سبق ذكرهم ذكر داود اشتركوا في الوحي، ولم يؤتهم كلهم كتباً فإنَّ قسماً منهم لم ينزل عليهم كتباً فاشترك معهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الوحي، وأوتي كتاباً كما أوتي داود عليه السلام الذي تؤمنون به، وأرسله كما أرسل رسلاً آخرين قصَّهم عليه وآخرين لم يقصصهم عليه.
وقد تقول: ولِمَ قال: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ[النساء: 164]؟.
والجواب:

إنَّ قسماً ممن ذكرهم في صدر الأنبياء وليسوا رسلاً مثل إسحاق ويعقوب، فقد أوتي محمد صلى الله عليه وآله وسلم مثلما أوتي أنبياء الله ورسله جميعاً.
1- فقد أوحي إليه صلى الله عليه وآله وسلم كالنبيين.
2 – وأوتي صلى الله عليه وآله وسلم كما أوتي داود عليه السلام.
3 – وأُرسل كما أُرسل رسل الله ممن قصهم عليه، ومَن لم يقصصهم عليه.
4 – ذكر سبحانه أنَّ الله كلَّم موسى تكليماً، وهذه خصوصيَّة لموسى عليه السلام.
وأوتي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما هو أعظم من ذلك فإنَّ موسى كلَّمه الله تعالى على الطور، وأما محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد عرَج به إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى.
ثم إنَّ موسى عليه السلام خرَّ صعقاً.
وأما محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد قال ربه تعالى فيه: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى[النجم: 17]، فأحرى بكم أن تؤمنوا به، وقد أوتي مثلما أوتي رسُل الله.
جاء في «روح المعاني» في تحقيق المماثلة بين شأنه صلى الله عليه وآله وسلم «وبين شؤون مَن يعترفون بنبوته من الأنبياء عليه السلام في مطلق الإيحاء ثم في إيتاء الكتاب، ثم في الإرسال، فإنَّ قوله سبحانه:﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ منتظم لمعنى (آتيناك) و (أرسلناك) فكأنه قيل: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى فلان وفلان، وآتيناك مثلما آتينا فلاناً، وأرسلناك مثلما أرسلنا الرسل الذين قصصناهم وغيرهم، ولا تفاوت بينك وبينهم في حقيقة الإيحاء والإرسال، فما للكفرة يسألونك شيئاً لم يُعْطَه أحدٌ من هؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام» [روح المعاني 6/26].









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 28-03-2024, 02:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (25) السر في التعبير القرآني (أن تعتدوا) وقوله: (ألا تعدلوا)
فاضل السامرائي

– قال تعالى في سورة المائدة:﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا[المائدة: 2].

وقال سبحانه في السورة نفسِها أيضاً:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى[المائدة: 8].
فقال في الآية الأولى:﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ.... أَنْ تَعْتَدُوا﴾، والتقدير: (على أن تعتدوا) فحذف (على)، وقال في الآية الثانية:﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾فذكر (على) فما السبب؟
الجواب:

إنَّ الذكر يفيد التوكيد فذكر (على) في الآية الثانية لأنَّها آكد، ذلك أنَّ الآية الأولى في حالة وقعت ومضت وهي حالة عارضة، وذلك في قوم صدوهم عن المسجد الحرام وهي في أهل مكة وذلك عام الحديبية.
أما الآية الثانية فهي نهي عن حالة مُستديمة إلى يوم القيامة وهي النهي عن عدم العدل.
ثم إنَّ الاعتداء يدخل في عدم العدل؛ لأنَّه اعتداء فدخلت الآية الأولى في الثانية.

فالثانية آكدُ وأعمُّ وأشمل فجاء فيها بـ (على) وحذفها من الأخرى.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 29-03-2024, 12:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (26) المتعاطفات في آية الوضوء
فاضل السامرائي



– قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ[المائدة: 6].

سؤال:

هل يصح في اللغة عطف الأرجل على الوجوه في الغسل مع أنه قد فصل بين المعطوف والمعطوف عليه بأجنبي عن الغَسْل وهو المسح بالرؤوس؟ ثم لماذا فعل ذاك؟
الجواب:

لا شكَّ في صِحَّة هذا العطف في اللغة، وهو كثير في القرآن وغيره، قال تعالى:﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ[الروم: 17-18].
فقد عطف:﴿حِينَ تُظْهِرُونَ﴾ على:﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾ وبينهما متعاطفات فقوله:﴿وَلَهُ الْحَمْدُ﴾ معطوف على قوله:﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ﴾، و ﴿الْأَرْضِ﴾ معطوفة على ﴿السَّمَاوَاتِ﴾.
ونحو ذلك آية الكرسي، فإنَّ قوله: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا[البقرة: 255] معطوف على قوله في أول الآية:﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ وبينهما مُتعاطفات مختلفة وهي:﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، وبينهما متعاطفات مختلفة وهي:﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، وقوله:﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾، وقوله:﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾، ونحو ذلك قوله تعالى:﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ[البقرة: 177]، فعطف:﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ﴾ على ﴿آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أي (ومَن أقام الصلاة) على ما بينهما من متعاطفات.
وقال تعالى في سورة الجن:﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا[الجن: 16]، فعطف هذه الآية على قوله: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا[الجن: 1] وهي الآية الأولى.
فعطف الآية السادسة عشرة على الآية الأولى.
وفي سورة الأعراف عطف قوله: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا[الأعراف: 85]. على قوله:﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾[الأعراف: 59].
على ما بينهما من بُعد، وذكر قصصاً مُتعددة ومُتعاطفات كثيرة، فإنَّ بينهما ستاً وعشرين آية، فلا خلاف في صِحَّة نحو هذا.
تقول في الكلام: (ذهبت إلى السوق فاشتريتُ من البقَّال فاكهة وخضروات وبيضاً، ومن البزاز قماشاً وقميصاً، ومن المكتبة كتابين ودفتراً ثم عُدت)، فتعطف الفعل (عدت) على (ذهبت) في أول العبارة على ما بينهما من مُتعاطفات مُتعددة مختلفة.

أما لماذا فعل ذلك في آية الوضوء، فإنَّ الغرض إرادة الترتيب في الوضوء، فإنَّه يجب أن تكونَ أعمالُ الوضوء مُرتَّبة بحسب ما ذكره القرآن الكريم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 29-03-2024, 12:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (27) اختلاف وصف القوم في آيتَي: (فلا تأسَ على القوم)
فاضل السامرائي

لماذا قال تعالى في سورة المائدة:﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ[المائدة: 26]. وقال في السورة نفسها: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[المائدة: 68].

الجواب:

إنَّ الآية الأولى قالها ربنا جل وعلا في قوم موسى عليه السلام الذين نكلوا عن قتال الجبَّارين، وقالوا: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ[المائدة: 24-26].
وقوم موسى عليه السلام ليسوا كافرين، وإنما هم فاسقون لمخالفة أمر الله تعالى في القتال، ثم إن هذا الوصف مجانس لما وصفهم به موسى عليه السلام بقوله:﴿فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ[المائدة: 25]، فقال له ربه:﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ[المائدة: 26].
وأما الآية الثانية فهي خطاب لرسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخصوص أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا به، قال تعالى:﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[المائدة: 68].
وهؤلاء كافرون فإنهم لم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال الله تعالى في هذه الآية:﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا[المائدة: 64]، فذكر أنه يزيدهم ما أُنزل إليه طغياناً وكفراً، فقال فيهم:﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ[المائدة: 26].









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 30-03-2024, 09:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (28) تعدية الفعل: تقبَّل تارة بـ (من) وأخرى بـ (عن)
فاضل السامرائي





قال تعالى في سورة المائدة: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[المائدة: 27].

وقال سبحانه في سورة الأحقاف: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ[الأحقاف: 16].
سؤال:

عدّى الفعل (تقبَّل) في آية المائدة بـ (من) فقال: ﴿فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ....قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾، وعدّى الفعل في آية الأحقاف بـ (عن) فقال: ﴿نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ[الأحقاف: 16]، فما السبب؟
الجواب:

إنَّ تعدية الفعل (تقبَّل) بـ (من) تدل على الاهتمام أو العناية بالذات أو الجهة التي يُتقبَّل منها.
وتعديته بـ (عن) تدل على الاهتمام والعناية بتقبل العمل الصادر عنها، فإذا كانت العناية والاهتمام بالذات أو الجهة التي يتقبل منها عدّاه بـ (من) وذلك نحو قوله: ﴿فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ[المائدة: 27]، وقوله:﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[البقرة: 127]، وقوله: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي[آل عمران: 35].
أما إذا كان محطَّ العناية والاهتمام على العمل وقبوله فإنه يعدِّيه بـ (عن) وذلك نحو قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ﴾ أي: نتقبل العمل الصادر عنهم.
وحيث عدّي الفعل (تقبل) بـ (من) لم يذكر له مفعولاً أو هو يبنيه للمجهول مما يدل على الاهتمام بالذات أو الجهة التي يتقبل منها.
فإذا عدّاه بـ (عن) ذكر العمل كما في الآية المذكورة وهي الآية الوحيدة في القرآن الكريم.

فدلّ على أن مناط الاهتمام بالعمل مع تعدية الفعل بـ (عن)، ومناط الاهتمام بالذات أو الجهة مع تعديته بـ (من)، والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 30-03-2024, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (29) حول التعقيب في آيتَي: {وإن يمسسك الله بضر}
فاضل السامرائي


قال تعالى في سورة الأنعام: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الأنعام: 17].

وقال سبحانه في سورة يونس: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ[يونس: 107].
سؤال:

لماذا اختلف التعقيب في الآيتين فقال في آية الأنعام:﴿فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وقال في آية سورة يونس:﴿فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾؟.
الجواب:

إنَّ آية الأنعام في افتراض مسِّ الخير، فقد قال:﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ﴾، وأما آية سورة يونس فهي في افتراض إرادة الخير وليس المسّ، فقد قال:﴿وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ[يونس: 107]، والإرادة من غير الله تعالى قد لا تتحقق لأنَّه قد يحول بينها وبين وقوعها حائل، وأما إرادته سبحانه فلا رادّ لها.
فاختلف التعقيبان بحسب ما يقتضيه المقام.

ألا ترى أنه لما اتفق الافتراضان في مس الضر اتفق الجوابان، فقد قال في كل منهما:﴿فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾؟ ولما اختلف الافتراضان كان الجواب بحسب ما يقتضيه كل افتراض.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 30-03-2024, 09:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أسئلة بيانية

أسئلة بيانية (30) حول قوله تعالى: {ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع} ونُظرائها
مقالات شرعية فاضل السامرائي



قال تعالى في سورة الأنعام:﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ[الأنعام: 51].

وقال سبحانه في سورة الأنعام أيضاً: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ[الأنعام: 70].
وقال تعالى في سورة السجدة: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ[السجدة: 3-4].
سؤال:

لماذا قال تعالى في آيتي الأنعام:﴿لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ﴾ و: ﴿لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ﴾فنفى بـ (ليس).
وقال في آية السجدة:﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾فنفى بـ (ما) وجاء معها بـ (من)؟
الجواب:

إن النفي في آية سورة السجدة أقوى منه في آيتي الأنعام ذلك أن آيتي الأنعام من الجمل الفعلية، فهي مبدوءة بـ (ليس)، و (ليس) فعل.
وأما آية سورة السجدة فهي جملة اسمية منفية بـ (ما)، ومعلوم أن الجمل الاسمية أقوى من الفعلية، و (ما) أقوى من (ليس) [انظر معاني النحو 1/272 وما بعدها].
هذا علاوة على المجيء مع ذلك بـ (من) الاستغراقيَّة التي تُفيد نفي الجنس وتُفيد التوكيد مع ذلك، فهي تُفيد نفي الولي والشفيع على سبيل الاستغراق.
وأما سبب ذلك – والله أعلم – فإن الكلام في آيتي الأنعام على أصناف خاصَّة من الناس.
فإنَّ الإنذار في الآية الأولى للذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم على هذه الحالة، وهناك غيرهم كثير من غير هذا الصنف، فإنَّ هناك مَن لا يؤمن أصلاً باليوم الآخر، ولا يخاف الحشر، وهناك أصناف آخرون غير هؤلاء.
وأما الآية الثانية فإنَّ التذكير فيها لنفي مخافة أن تؤخذ بجريرتها وتُسلم بذنبها وتفضح به، وذكر من حالة هذا الصنف بقوله:﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ[الأنعام: 70].
وأما آية سورة السجدة فالخطاب لعموم مَن يصح خطابه من الثقلين لا يخص صنفاً دون صنف ولا واحداً دون آخر، وإنما هو خطاب عام يعم الجميع فقد قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ[السجدة: 4]. فلم يذكر صفة معيَّنة ولا صنفاً خاصَّاً.
فلما عمَّ ذلك الجميع احتاج إلى التوكيد ولا شك، فإنه جارٍ في العادة أن يكون للشخص وليٌّ واحد، أو أن يكون لمجموعة من الناس ولي واحد، أما ألاَّ يكون للخلق جميعاً إلا ولي واحد وليس لأحد منهم ولي غيره فهذا يحتاج إلى التوكيد فأكَّده بالجملة الاسمية و (من) الاستغراقيَّة.
هذا أمر...
والأمر الآخر: أنه سبحانه لم يذكر في آيتي سورة الأنعام شيئاً من صفات الله تعالى، وإنما ذكر اسمه العلم في آية فقال:﴿لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ﴾ وأعاد الضمير على الرب تعالى في الآية الأخرى، فقال:﴿لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ[الأنعام: 51].
وأما في آية سورة السجدة فذكر له صفات عظيمة، فقال:﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[السجدة: 4].
وقال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ[السجدة: 5].
وقال سبحانه: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ[السجدة: 6-7].
ويستمر في ذكر صفاته العظيمة وقدرته التي لا تُحد.
فناسب ذلك أن يؤكد أنه ليس للخلق من دونه ولي ولا من دون رضاه شفيع، وإنما هو الولي الأوحد للخلق أجمعين.
قد تقول: ولكنه ذكر من صفات المعصية والضلال في آيتي سورة الأنعام ما لم يذكره في آية سورة السجدة، أفلا يقتضي ذلك توكيد نفي الولي والشفيع؟
والجواب:

أن ليس الأمر كما توهمت بل لقد ذكر في سياق آية سورة السجدة من المعصية والكفر ما لم يذكر في آيتي سورة الأنعام.
فقد قال تعالى في آية سورة الأنعام: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ[الأنعام: 51].
فلم يذكر لهم معصية وإنما قال عنهم إنهم يخافون أن يحشروا إلى ربهم في هذه الحال، ومعنى ذلك أنهم مقرِّون بالحشر معترفون به يخافون ربهم ويخافون أن يحشروا، وليس لهممن دون الله ولي ولا شفيع، وهذا ليس معصية ولا ذنباً.
وأما آية سورة الأنعام الأخرى فإنه قال فيها: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا[الأنعام: 70] أي: اتركهم، وذكّرْ به: أي بالقرآن مخافة أن تؤخذ نفس بجريرتها وتجزى بكسبها، ولم يذكر لها ذنباً، وأما الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً فأمر بتركهم.
وأما آية سورة السجدة فإنها في سياق من يَنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكذب وافتراء القرآن وفيمن ينكر الحشر والمعاد، فقال:﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ[السجدة: 3]. فنسبوا إليه صلى الله عليه وآله وسلم افتراء القرآن أي: كذبه على الله تعالى، وقال عنهم: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ[السجدة: 10].

فهم كذبوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنكروا الحشر والمعاد، ولا شك أن هذا أكبر مما ذُكر في آيتي سورة الأنعام، فاقتضى السياق توكيد نفي الولي والشفيع من دون الله وطاعته ورضاه تعالى من هذه الجهة أيضاً، فاقتضى توكيد ذلك في آية سورة السجدة من كل وجه، والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 136.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 130.85 كيلو بايت... تم توفير 5.91 كيلو بايت...بمعدل (4.32%)]