|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
"لبيك اللهم لبيك" منهج حياة
"لبيك اللهم لبيك" منهج حياة محمد السيد السقيلي الحمد لله الذي فرض الحج على عباده ليشهدوا منافعَ لهم، ومن هذه المنافع منافع تسمو بها الروح، وتنكشف للقلب من أسرار العبادات وحِكمها، وهي بذلك منافع لا تقل أهمية عن المنافع المادية... وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير من أحرم ولبَّى، وخير من طاف وسعى، فصلوات ربي وسلامه عليك يا سيدي، يا رسول الله، وعلى آلك وأصحابك الطيبين الأطهار. أما بعد: فمن العام إلى العام، وفي فريضة الحج يتجدَّد اللقاء، ومع اللقاء تتجدد البيعة بين العباد ورب الأرض والسماء ... ونشيد المسلم وتغريده: "لبَّيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريكَ لك". ولسانُ حال الحجيج: دعوتَنا يا ربَّنا فأجبناك، ومن كلِّ فجٍّ عميق قصدناك، جئناك من بلاد بعيدة، بذنوب كثيرة، وأحمال ثقيلة... جئناك مُقرين بذنوبنا ومعترفين بتقصيرنا، جئناك بقلوب ذليلة منكسرة، ولكن بيقينٍ أنه ليس لها من جابر إلا أنت، جئناك بذنوبٍ عظيمة، ولكن هل لها من غافر إلا أنت؟! لبيك اللهم لبيك، بحبِّنا لك يا رب لبَّيك، بشَوْقِنا إلى لقائك لبيك، بخضوعنا لعظمتك لبيك، برَهبتنا من جلالك لبيك، برغبتنا في صفحك وغفرانك لبيك. لبيك لأنه لا شريك لك، ولا إله غيرك، نعم نسينا ذلك كثيرًا، فلم نقلها لك، وقلناها لغيرك، قلنا لشهواتنا: لبيك! قلنا للدنيا: لبيك! بل منا من قال لشيطانه وهواه: لبيك! فماذا كانت النتيجة؟! البعد عنك، ويا له من عقاب وسوء جزاء! الآن رجعنا إليك، عدنا إليك، تُبْنا إليك، جئنا إلى أبواب رحمة طارقين، فلا تردنا خائبين، ولا عن بابك مطرودين. لا ندري أين كنا؟! لماذا شرَدنا وبَعُدنا؟ لكننا عُدنا، بعد سنين عُدنا، سنين ضاعت من أعمارنا ونقصت من آجالنا في غفلة منا، ولكن ها نحن يا ربنا إليك قد عدنا، فبرحمتك اشْملنا، وبجميل عفوك اقْبَلنا، فلبيك اللهم لبيك بكلِّ نَفَسٍ من أنفاسنا لبَّيك، بكل نبضة قلب من قلوبنا لبيك، بكل ذرة من ذرات أجسادنا لبيك، لبيك. لبيك يا من له الملك وله الحمد، فالملك لك والشكر لك والحمد لك، ولكن بجهلنا ظنَنَّا أنا مالكون حين أنعمت علينا ببعض نِعمك، وظننا أننا قادرون حينما وهبتنا بعضًا مِن قدرتك، بل ظننا أننا مخلدون بعد أن مَننت علينا بالآجال والأعمار، اغتَررنا بحلمك وعفوك فما انتبهنا! آن الأوان أن نفيق، آن الأوان أن نصحو مِن سُباتنا العميق، آن الأوان أن نضع كلَّ أمر في موضعه ... فإذا كنا نقر بأن الملك لك، والخلق لك، والحمد لك، فمن حقِّك أن يكون الأمر لك، والحكم لك، ومن حقك علينا السمع لك والطاعة لك، والاستجابة لك، فلبيك اللهم لبيك. من حقِّك علينا أن نقول لك عند كلِّ أمر لبيك، من حقك علينا أن نقول لك عند كل نهي لبيك.. وبذلك تصبح "لبيك اللهم لبيك" منهج حياة للمسلم، وجوابه الفوري، ولسان حاله عند صدور الأمر من ربه: افعَل، ولا تفعل! في كلِّ عام يتجدد هذا الدرس السنوي المصاحب لفريضة الحج، ودرس كهذا لو أدركه المسلمون وفقِهوه لَما كان هذا حالهم. فلبيك اللهم لبيك توحي بسرعة الاستجابة لأمر الله، وتوحي بترقُّب العبد وانتظاره لأمر سيده، فإذا به يُهرول مبادرًا ومنفذًا، فما أحوجَنا أن تكون لنا نبراسًا، وتغدو لنا شعارًا ليس في موسم الحج فحسب، ولكن في كل أوقاتنا وأفعالنا، وجميع شؤون حياتنا! اللهم اكتُب لنا حجَّ بيتك الحرام، وصلاةً في روضة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم خير الأنام. والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |