حديث القرآن عن يوم بدر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         يجب احترام ولاة الأمر وتوقيرهــم وتحرم غيبتهم أو السخرية منهم أو تنــقّصهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 1176 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أساس الأسرة زوجان متحابان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أين أنت من القرآن الكريم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من شبهات وأباطيل اليهود-أن اليهود حولوا القدس وفلسطين من صحراء إلى جنان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تربية الطفل الاحتسابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          زوجات يابانيات: الإسلام غيَّر حياتنا ومنحنا السعادة الحقيقية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 71 - عددالزوار : 16861 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-01-2020, 12:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,006
الدولة : Egypt
افتراضي حديث القرآن عن يوم بدر

حديث القرآن عن يوم بدر















محمد عبداللطيف دراز











بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال: 1 - 8].









هذه الآيات الكريمة هي صدر سورة الأنفال المدنية وتسمى سورة بدر والأنفال الغنائم وكان قد وقع شيء من الخلاف على قسمتها يوم بدر. فقررت الآية الأولى أن أمر الغنائم موكول إلى الله ورسوله يقضي الله فيها بحكمه وينفذ الرسول قضاء ربه وقد بُيِّنَ هذا الحكم في موضع آخر من السورة نفسها قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الأنفال: 41] فهذا حكم الخمس وأما الأخماس الأربعة فهي قسمة بين المجاهدين وقد بيّّنت السنة كيفية هذا التوزيع.









ولما كان هذا الخلاف على قسمة الغنائم مما لا ينبغي لهم ولا يتناسب وسمو الغاية التي يستهدفها المجاهدون في سبيل الله ويقفون أنفسهم على تحقيقها وهي إحقاق الحق وإرهاق الباطل لتكون كلمة الله هي العليا وتقرير الحرية الدينية بين الناس حتى لا تكون فتنة في الأرض ويكون الدين كله لله. نقول لما كان الخلاف على الغنائم وقسمتها مما لا تتناسب وسمو هذا المثل الأعلى وكان الخلاف على إطلاقه في الغنائم أو في الغنائم أو في غيرها مما يخشى منه على وحدتهم وقوة الرابطة الإسلامية في نفوسهم فقد لفتهم القرآن إلى ذلك وأهاب بهم أن يتركوا الخلاف وسائر الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة وإفساد ذات البين وأن يوكلوا الفصل فيما اختلفوا فيه إلى الله ورسوله مذعنين للحكم راضين بالقضاء ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1].









ثم بيَّن هذا الإيمان بما فصل من دلائله في الاعتقاد وآثاره في الأعمال فهو في قلوب المؤمنين خشية من الله إذا ذكر، واستحضار لجلاله وعظمته في كل حين، وهو في عقولهم حكمة ونور تزيده آيات الله بصراً بالحق، وسعة في المعرفة، ورسوخا في اليقين. وهو في نفوسهم اطمئنان بالدين، وتسليم لأمر الله ورضاً بقضائه. وهو فيما بينهم وبين الل، صلاة وعبادة ومناجاة، وفي مجتمعهم أخوة، وتعاطف، وإيثار ومواساة، فهم ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [الأنفال: 2، 3].









ثم أخذ القرآن الكريم - على سنته - يقيم البرهان على ما طالبهم ب، من الرضا بحكم الل، وحسن التوكل علي، بما يقرر هذه الحقيقة في نفوسهم. وهو أنه لما كان الإنسان بالغاً ما بلغ علمه الله جل شأنه بواسع علم، وعظيم إحاطته وهو لهذا قد يخفى عليه من الغايات البعيدة، والمثل العليا، ما يريد الله جل شأنه أن يبلغه إيا، وبحمله علي، وجب أن يسلم الأمر لله تسليما، وأن لا يشك في الأمر بعد أن جاءه اليقين من الل، ولا ينبغي أن يصده عن امتثال الأمر والرضا ب، ما عسى أن يكون فيه مما تكرهه النفس أو يثقل عليها حمله. فرب أمر عظيم الخطب شديد الوقع، ثقيل على النفس، يكون له من العاقبة المرضية، والغاية الحسنى، ما لم تكن النفس تؤمله وترجو، بل ما لم تكن تدركه ولا تحيط به.









كان جمهور من المؤمنين يرفض الصلح في الحديبية على الوجه الذي تم عليه وعدوا قبوله مهانة ومذلة لما في ظاهره من تحكم وعسف لا يليق بعزة المؤمنين، وكانوا لهذا يريدون أن يأخذوا طريقهم إلى مكة بقوة السيف، حتى إن عمر بن الخطاب قال يا رسول الل، ألست برسول الله! قال بلى. قال أولسنا بالمسلمين قال بلى. قال أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطى الدنية في ديننا، قال أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني.









ومع أن المسلمين لم يدركوا حقيقة الخير فيما ثقل على نفوسهم من هذا الصلح فقد كان نصراً مؤزراً وفتحاً مبينا للإسلام والمسلمين، فإذا كان بعض الناس يجهلون الحكمة في بعض ما يقضي الله به من قضاء، وما يلزمهم من أحكام، فليعلموا أن قانون الحق والباطل لا يجري دائماً على ما يحبون وما يكرهون. فقد تحب النفوس الشيء وهو وبال عليها، وهو لها صلاح وخير صلاح وخير ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾ [الأنفال: 5، 6] وهل لو استسلموا فقعدوا عن الجهاد يوم بدر كما كانوا يريدون، ورجعوا إلى المدينة خائفين، أكانوا قد حصلوا على المجد الذي حصلوا عليه يوم بدر، واستحوذوا على ذلك العز والنصر الذي ساقه إليهم الجهاد، والتضحية في سبيل الل، أما أنهم لو فعلوا لكان فشلهم خاتمتهم، ونهاية أمرهم، ولكن الله الذي يتولى الصالحين، ويؤيد عباده المؤمنين، قد أراد لهم غير ما كانوا يريدون لأنفسهم، فحملهم بتوفيقه وتأييده ومعونته على الخطة التي نالوا بها أعلى المثل وأشرف الغايات.









يذكر القرآن الكريم بهذه الآيات موقفهم يوم بدر، وكان ذلك في رمضان في السابع عشر منه من السنة الثانية للهجرة. ومجمل القصة. أن النبي صلى الله عليه وسلم. أراد أن يجزي قريشاً ببعض ما عاملوا به المسلمين في مكة، حيث أخرجوهم من ديارهم وأموالهم، وشردوهم في البلاد ظلماً وعدواناً ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الشورى: 41، 42] فأمر عليه السلام أصحابه أن يخرجوا لعير قريش. القادمة بتجارتهم من الشام لعل الله يعوضهم بها بعض ما سلبته منهم قريش في مكة من دور وأموال وما أزعجوهم عنه من وطن كان أحب الأوطان إليهم، وأقربها بجوار بيت الله وحرمه الأمين - إلى نفوسهم وقلوبهم حتى ليقول النبي عليه السلام يوم هجرته مشيراً إلى مكة «والله إنك لأحب بلاد الله إلي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت»...









ومع ذلك مال وأي متاع كان يمكن أن يستعيض به النبي عليه السلام والمهاجرون عن قرارهم في وطن يحبونه مثل هذا الحب ويناجونه مثل هذه المناجاة. ولكنه الانتصار بعد الظلم وتأديب المعتدين، ببعض ما فعلوا؛ وملاقاة البغي والطغيان بما يكسر شوكته. وينكس رايته. إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل. وتأييداً لكلمة الله. وإعزازاً لدينه. وفي ذلك يقول الله جل شأنه ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 39 - 41].









وكان المسلمون يوم بدر قليلي العدد قليلي العدة لم يخرجوا لحرب ولا لقتال، وإنما خف منهم من خف للقاء العير ومصادرة أموال الأعداء؛ ولم يكن مع هذه الأموال جيش محارب بل كان عليها أبو سفيان بن حرب في نفر من تجار قريش وأتباعهم، فلما علم بأمر المسلمين وما اعتزموا من مصادرة التجارة أرسل إلى مكة يستنهضها لإنقاذ أموالها فلم يبق فيها رجل يستطيع القتال إلا خرج أو استأجر مكانه من يخرج؛ فتجمع بذلك جيش لقريش بلغ عدده أضعاف عدد المسلمين يقوده أبو جهل بن هشام ويسير تحت رايته الملأ من عظماء قريش وصناديدها. وتصرف أبو سفيان لأمره فحاد بالعير عن طريق المدينة إلى ساحل البحر، ثم أخذ طريقه على جدة فإلى مكة، ثم أرسل إلى أبي جهل يشير عليه بالرجوع حيث لم تبق حاجة إلى القتال بعد نجاة الأموال، فقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر فننحر الجزور، ونشرب الخمور، وتعزف على رؤوسنا القيان، ويسمع العرب بمسيرنا هذا فلا يزال الناس يهابوننا بعدها أبداً.









وبذلك تمخضت غاية قريش من القتال إلى أن صارت كما سماها الله بطرا ورئاء الناس، وكان هذا مما صنعه الله للمسلمين وإن كانوا لا يشعرون حتى تقابل في الميدان الباطل المزهو بنفسه المختال بكثرته وقوته مع الحق تفيض به قلوب المؤمنين إخلاصاً له وثباتاً علي، فيقع الفريقان تحت حكم الله العدل وسنته القاهرة في الحق والباطل والإخلاص والرياء: لكن المسلمين لم يكونوا قد جاءهم تأويل ذلك بعد، وإنما كانوا ينظرون إلى الموقف بحسب ما ظهر لهم من أسبابه فهم قليل وأعداؤهم كثير، وهم قد خرجوا بغير استعداد ليقابلوا العير لا النفير، فلا غرابة أن يتخوفوا ما دهمهم من أمر لم يكونوا على استعداد له وأن يذكروا ذلك للنبي عليه السلام ويجادلوه فيه ﴿ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾ [الأنفال: 6].









ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان واثقاً من أمره عارفا بربه مؤمنا بتأييده ونصره؛ ومع ذلك فقد وقف - على سنته الشريفة في الإنصاف والحرية والشورى - يستشير أصحابه وانتهى الموقف بقول قائلهم امض يا رسول الله لما أراك الله والله لو استعرضت بنا هذا البحر تخوضه لخضناه وراءك ما تخلف منا أحد. فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم. ثم قال: «سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم».









والطائفتان: طائفة النفير أي الجيش. وهي الطائفة ذات الشوكة برجالها وقوتها وطائفة العير، أي قافلة التجارة والأموال وهي التي لا شوكة لها ولا محذور من لقائها بل فيها ما يحب من الأموال والمتاع. وفي هذا يقول الله جل شأنه ﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [الأنفال: 7، 8].









وقد تكررت كلمة الحق في هذا السياق. ولها في كل موضع معنى. فهو في قول الله تعالى: ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ﴾ [الأنفال: 5]: الصواب والحكمة بطاعة الله ورضوانه. وفي قوله تعالى: ﴿ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ ﴾ [الأنفال: 6] القتال. خلص له القصد بعد نجاة العير وأصبح حقيقة الموقف دون سوا، وفي قوله ﴿ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ﴾ [الأنفال: 7]: وعد الله الذي وعده رسوله. وهو تمكينه من إحدى الطائفتين. وفي قوله ﴿ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ ﴾ [الأنفال: 8]: الإسلام يبين الله لرسوله والحكمة في تمكينه من الطائفة ذات الشوكة بعد أن وعده إحدى الطائفتين مبهمة.









وهذه الحكمة هي أن إحقاق الحق وإعزازه لا تكون بالاستيلاء على الأموال والغنائم. لكن بتمكين الله رسوله والمؤمنين من رؤوس الكفر وأئمة الباطل وقطع دابر المجرمين.









طائفتان:




أما إحداهما فلا تذكر في القرآن الكريم إلا مقرونة بالحق. وحسبها حقاً في خروجها ومسيرها وغايتها أن وليها الله وأن قائدها رسول الله.









وأما الأخرى: فقد خرجت من دارها بطراً ورئاء الناس وقفت حياتها على تأييد الباطل ومناوأة الحق ومطاردة الرسول والمؤمنين. وقد التقى الجمعان على ماء بدر بالقرب من المدينة: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ﴾ [النساء: 76]. وهذا أول مشهد شهده الخصمان حرباً في سبيل العقيدة وقتالا بين الحق والباطل. فلا جرم أن كان له من الرجاء والخوف في نفوس المسلمين ما يناسب عواقبه الجليلة العظيمة. إذ عليه يتوقف سير الدعوة الإسلامية وتقرير مكانتها. ولا عجب أن حمل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم - حينما رأى كثرة أعدائه وقلة أصحابه في العَدد والعُدد – على أن يبتهل إلى ربه ويستغيثه ويستنجزه وعده قائلا:«اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم أن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تعبد في الأرض».









صبر المسلمون في القتال وثبتوا لأعدائهم ثبات الجبال وآمنوا إيماناً تنزلت عليه الملائكة من السماء وكانت ساعة استجاب الله فيها لرسوله صلى الله عليه وسلم ومنح المسلمين ظهور أعدائهم فاتبعوهم فريقاً يقتلون، ويأسرون فريقاً، وفر من نجا منهم إلى مكة مهزوماً طريداً. وكانت النتيجة أكبر من نصر متعارف وأهم من فوز فريق على فريق، كانت آية بينة عنت لها وجوه العرب فأخذوا يتأملون الأمر أكثر من ذي قبل، وينظرون إلى الدعوة نظرهم إلى حقيقة عجيبة تملأ السمع والبصر والفؤاد، فلا عجب أن سمى الله يوم بدر فرقاناً بما فرق به بين الحق والباطل وإن كان ليوم بدر ولأبطاله المؤمنين من المكانة في الإسلام وفي تاريخ المسلمين ما لم يناله مشهد سواه. وفي ذلك الموقف من الرسول قبيل الموقعة يقول الله جل شأنه: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 9، 10].









حضرات السادة: إنه لمن يمن الطالع وسعادة المناسبة أن نتذاكر موقعة بدر في ميعادها من هذا الشهر الكريم فقد كانت في السابع عشر من رمضان، وأن نتذاكرها وجيوش العرب والمسلمين في فلسطين ما زالت في موقف الجهاد في سبيل الحق الذي جاهد في سبيله المسلمون يوم بدر، وأن نرى الباطل اليوم - كما كان يوم بدر بل أشد وأطغى - متألباً بجمعه وحوله وطوله على الحق الذي يستمد معونته ونصرته من الله العزيز الحكيم. فإن تكن لنا من الإسلام هداية فهدايتنا اليوم منه أن نؤمن كما آمن أهل بدر وأن نثق بأنفسنا كما وثقوا بأنفسهم، وأن نوقن يقيناً لا يخالجه أدنى شك بأن الله الذي أقام السموات والأرض بالحق، وأرسل رسله بالهدى ودين الحق، وأنزل الكتب من السماء قياماً بالحق ودعوة إلي، لا يؤيد جل شأنه الباطل مهما طغى وبغى وكثر أتباع، على الحق وإن قل أعوانه وأنصاره وإذا رأيتم الباطل مزهواً مختالا يريد أن يخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا فاصبروا له ساعة من الزمان، وارتقبوا ما يؤول إليه أمره فإنه في اضمحلال وإلى زوال؛ ولا مناص له - طال الزمن أم قصر - من أن تدمغه سنة الله التي لا تحول ولا تزول بصاعقة من الحق تزلزل أركانه وتهدم بنيان، ويومئذ يعلم المبطلون الذين حموا هذا الباطل وأقاموه مراغمة لأبسط مبادئ العدالة أن مقاليد السموات والأرض بيد الله لا بأيديهم، ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 16 - 18].









ألا وإن مثل القضية بين الحق والباطل في التاريخ كثيرة لا تعد، أشبهها بقضية اليوم موقف مصر، وعليها صلاح الدين ومعها العرب والمسلمون في وجه الصليبين، ثم في وجههم ووجه التتار جميعاً. وقفت مصر إذ ذاك للدنيا كلها، كما تقف اليوم للدنيا كذلك وعليها الفاروق العظيم؛ ومعها إخوانها العرب والمسلمون. وكما نصرها الحق بالأمس سينصرها اليوم إن شاء الله؛ ومن يعش ير، ولتعلمن نبأه بعد حين.









أما بعد فإني أبتهل إلى الله جل شأنه في هذه الليلة العظيمة والذكرى المباركة التي نتذاكر بها آيات الله وهدي الله في شهر الله رمضان، أن يؤيد الفاروق المعظم ويمد في عمره ويبسط في ملك، وأن يعينه سبحانه ويكلأه برعايته وتوفيقه فيما وقف نفسه عليه من العمل الدائب والجهاد المتواصل في سبيل النهوض بالأمة وتقدمها في سائر مناحي الحياة، وأسأله سبحانه أن يجزيه خير الجزاء على ما أتاحه للمسلمين في مصر وفي خارج مصر من هذه المجالس الطيبة المباركة، حيث يجتمعون ليستمعوا إلى كتاب الله يتلي عليهم ويتدارسونه بينهم، كما أسأله جل شأنه أن يؤيد ويرعى بالتوفيق والسداد سائر ملوك العرب ورؤسائهم وأمرائهم، وأن يعينهم في جهادهم الحق ضد الباطل والمبطلين، ويسددهم في السلم والحرب. ويكتب النصر والظفر للمجاهدين؛ وأن يعيد على أيديهم دولة العروبة ومجد الإسلام. والسلام عليكم ورحمة الله.










المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العددان: (الثامن والتاسع)؛ السنة: (الثانية)


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.76 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.76%)]