الحديث العالي والنازل - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854568 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389491 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-09-2020, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي الحديث العالي والنازل

الحديث العالي والنازل


إبراهيم مزوز










مقدمة:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.




أما بعد، فإن علمَ مصطلح الحديث من أهمِّ العلوم الشرعية؛ إذ به يُعرَف صحيح الحديث من سقيمه، وبه يُعصم المصدر الثاني من مصادر التشريع من الشوائبِ والمختلقات، وهو الحبل المتين المُوصل إلى الفقه الإسلامي، الذي يسير على ضوئه الإنسان فردًا وجماعات في هذه الحياة؛ لينال الثواب الجزيل في الدار الآخرة.




وهذا بحث وجيزٌ في لقب من ألقاب هذا العلم الشريف؛ وهو: الحديث العالي والنازل من حيث إسنادُه، ولِمَا بين هذين القسمين من الترابط المتين جعلهما أكثر علماءِ هذا الفن قسمًا واحدًا.




وقد تناولت هذا العرض من خلال المطالب التالية:

المقدمة.

التمهيد.

التعريف.

أهمية العلو.

هل العلو أفضل أم النزول؟

أقسام الحديث العالي.

أقسام الحديث النازل.

أشهر المصنفات فيهما.

الخاتمة.

المصادر.



تمهيد:

لما كان الإسنادُ من خصائص هذه الأمَّة - لأنه ليست هناك أمة من الأمم يمكنها أن تسندَ عن نبيِّها إسنادًا متصلًا غير هذه الأمة - جاء الترغيب في طلب الإسناد العالي، قال الإمام أحمد بن حنبل: "الإسناد سُنة عمن سلف"، وقيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: "بيت خالٍ، وإسناد عالٍ".




ولهذا تداعت رغبات كثير من الأئمة النقَّاد، والجهابذة الحفاظ، إلى الرحلة إلى أقطاب البلاد؛ طلبًا لعلو الإسناد، وإن كان قد منع من جواز الرحلة بعض الجهلة من العباد[1].




ولما كان الحديث يتركَّب من السند والمتن، صحَّ أن يوصف في بعض الأحيان بوصفٍ يتعلق بالسند، وفي بعضها بوصفٍ يتعلق بالمتن، والحديث العالي والنازل من الأول، وفي هذا العرض سنتعرض لدراسة الحديث العالي والنازل من جوانب عديدة في المطالب الآتية:

التعريف:

لكلٍّ من العالي والنازل تعريف لغويٌّ واصطلاحي، نذكرهما فيما يلي:

العالي لغة: الشيء المرتفع على غيره.

واصطلاحًا: هو الحديث الذي قلَّ عددُ رواته، مع سلامته من الضعف، فيقرب رجال سنده من الرسول، أو من إمام من أئمة الحديث.

النازل لغة: الشيء السَّافل الذي تحت غيره.

واصطلاحًا: هو الحديث الذي كثُر رجال إسناده بالنسبة إلى غيره.

ومنهم من عرَّف العالي بأنه: الحديث الذي قلَّت الوسائط في سنده، أو قدُم سماع روايته وزمانه[2].



أهمية العلو:

لعلو السند عند علماء الحديث أهمية بالغةٌ، فقد رُوي عن أحمد بن حنبل كما تقدم أنه قال: "طلب الإسناد العالي سنةٌ عمن سلف"، وروي عن محمد بن أسلم الطوسي قال: قرب الإسناد قُربٌ، أو قربةٌ إلى الله عز وجل[3].




وقال الحاكم: وفي طلب الإسناد العالي سُنَّة صحيحة، وهو حديث أنس في مجيء الأعرابي، وقوله: يا محمد، أتانا رسولُك، فزعم أنك تزعم أن الله أرسلَك؟ قال: ((صدق))، قال: فمن خلق السماء؟ قال: ((الله))، قال: فمن جعل فيها هذه المنافعَ؟ قال: ((الله))، قال: فبالذي خلق السماءَ والأرض، ونصب الجبال، وجعل فيها هذه المنافع، آللهُ أرسلك؟ قال: ((نعم))، قال: وزعم رسولُك أن علينا خمسَ صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: ((صدق))، قال: فبالذي أرسلك آللهُ أمرك بهذا؟ قال: ((نعم))، قال: وزعم رسولُك أن علينا صدقةً في أموالنا؟ قال: ((صدق))، قال: فبالذي أرسلك آللهُ أمرك بهذا؟ قال: ((نعم))، قال: وزعم رسولك أن علينا صومَ شهر في سنتنا؟ قال: ((صدق))، قال: فبالذي أرسلك آللهُ أمرك بهذا؟ قال: ((نعم))، قال: وزعم رسولك أن علينا حجَّ البيت من استطاع إليه سبيلًا؟ قال: ((صدق))، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: ((نعم))، قال: والذي بعثك بالحق، لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص منهن، فلما مضى قال: ((لئن صدق ليدخلَنَّ الجنة))[4]، والأعرابي هو: ضمام بن ثعلبة.




قال الحاكم: ولو كان طلبُ العلو في الإسناد غير مستحب، لأنكر عليه سؤالَه عما أخبره رسوله عنه، ولأمره بالاقتصار على ما أخبره الرسول عنه[5].



هل العلو أفضلُ أم النزول؟

لم يحكِ الحاكم خلافًا في تفضيل العلو، وحكاه ابن خلَّاد، ثم الخطيب، وتفصيل المسألة كالتالي:

العلو أفضلُ من النزول على الصحيح الذي قاله الجمهور؛ لأنه يُبعدُ كثرةَ احتمال الخَلَل في الحديث، والنزول مرغوبٌ عنه، قال ابن المديني: النزول شؤم، وهذا إذا تساوى الإسناد في القوة[6].




النزول في الإسناد أفضلُ، وحُكِي هذا عن بعض أهل النظر؛ لأنه يوجب على الراوي أن يجتهد في متن الحديث، وتأويله، وفي الناقل وتعديلِه، وكلما زاد الاجتهاد زاد صاحبه ثوابًا، وهذا مذهب مَن يزعم أن الخبر أقوى من القياس، وهو مذهب ضعيف الحجة؛ لأن كثرة المشقة ليست مطلوبة لنفسها[7].




تفضيل ما صحَّ منهما، قال ابن المبارك: ليست جودة الحديث قربَ الإسناد، بل جودة الحديث صحةُ الرجال، فالأصل: الأخذ عن العلماء، فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة، على مذهب المحقِّقين من النَّقلَة، والنازل حينئذٍ هو العالي في المعنى عند النظر والتحقيق.

فالحديث العالي عند المحققين: ما صحَّ عن رسول الله، وإن بلغت رواته مائة[8].




ولله در من قال:



ليس حسنُ الحديث قربَ رجالٍ

عند أربابِ علمه النُّقَّادِ



بل علوُّ الحديث بين أولي الحف

ظِ والإتقان صحةُ الإسنادِ



وإذا ما تجمَّعا في حديث

فاغتنمه فذاك أقصى المرادِ[9]






قال العراقي:

وطلبُ العلو سنةٌ وقدْ فضَّل بعضٌ النزولَ وهْو رَدّْ



إلى أن قال:

وحيث ذُمَّ فهْو ما لم يُجبَرِ والصحةُ العلوُّ عند النظرِ[10]



أقسام الحديث العالي:

قسَّم علماء الحديث العلو في الإسناد إلى خمسة أقسام، ومنهم: أبو الفضل محمد بن طاهر في جزء له، أفرده لذلك، وتبعه ابن الصلاح على كونها خمسة أقسام، وإن اختلف كلامهما في ماهيَّة بعض الأقسام، كما سيأتي، وفيما يلي بيان هذه الأقسام:

القسم الأول: القربُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حيث العدد بإسناد نظيف غير ضعيف.

فأما إذا كان قربُ الإسناد مع ضعف بعض الرواة، فلا التفاتَ إلى هذا العلوِّ، لا سيما إن كان فيه بعضُ الكذَّابين المتأخِّرين ممن ادَّعى سماعًا من الصحابة؛ كإبراهيم بن هدبة، ودينار بن عبدالله، وخِراش، ونعيم بن سالم، ويعلى بن الأشدق، وأبي الدنيا الأشج، ونحوهم[11].




قال العراقي في الألفية:



وقسَّموه خمسةً فالأولُ

قربٌ من الرسول وهْو الأفضلُ



إن صح الاسناد...

........................[12]






وهذا القسم الأول هو أفضلُ أنواع العلوِّ وأجلُّها، بشرط أن يكون صحيحًا، ويُسمَّى بالعلو المطلق، والعلو في الأقسام الباقية نسبيٌّ.




مثاله: أحمد عن إسماعيل عن عبدالعزيز عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا أحدُكم فليعزم الدعاءَ، ولا يقل: اللهم إن شئت فأعطني؛ فإن الله لا مستكرهَ له))؛ متفق عليه.




القسم الثاني من أقسام العلو: القربُ إلى إمام من أئمة الحديث ذي صفة عالية؛ كالحفظ والضبط؛ كالأعمش، وهشيم، وابن جريج، والأوزاعي، ومالك، وسفيان، وشعبة، وزهير، وحماد بن زيد، وإسماعيل بن عُليَّة، وغيرهم من أئمة الحديث.




وكلام الحاكم يشير إلى ترجيح هذا القسم على غيره، وأنه المقصودُ من العلو، وإنما يوصف بالعلو إذا صحَّ الإسناد إلى ذلك الإمام بالعدد اليسير، كما صرَّح به الحاكم، وهو كذلك، كما مرَّ في القسم الأول.




مثالُه: قال البخاريُّ: ثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبدالرحمن عن أبي هريرة مرفوعًا: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))[13].




قال العراقي في الألفية:

............ وقسمُ القرب ♦♦♦ إلى إمام...........[14]



القسم الثالث: العلوُّ بالقرب إلى كتاب من كتب الحديث المعتمدة؛ كالصحيحين، والسنن، ومسند أحمد، ونحوها، وسمَّى ابن دقيق العيد هذا القسم بـ"علو تنزيل"، وهو على أربعة أنواع:

الموافقة: وهي الوصولُ إلى شيخ أحدِ المصنفين؛ كالبخاري ومسلم مثلًا، عبر طريقه بعددٍ أقلَّ مما لو روى من طريق عنه[15].

مثاله:

1- حديث رواه البخاري عن محمد بن عبدالله الأنصاري عن حميد عن أنس مرفوعًا: ((كتاب الله القصاص))، قال العراقي: فإذا رواه الراوي من جزء الأنصاري، تقع موافقة البخاري في شيخه.




2- قال الحافظ ابن حجر في "نزهة النظر": روى البخاري عن قتيبة عن مالك حديثًا، فلو رويناه من طريقه كان بيننا وبين قتيبة ثمانية، ولو روينا ذلك الحديثَ بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة - مثلًا - لكان بيننا وبين قتيبة سبعةٌ، فقد حصلت لنا الموافقة في البخاري في شيخه بعينه مع علو الإسنادِ على الإسناد إليه.




البدل: هو الوصولُ إلى شيخِ شيخِ أحد المصنفين مثل شيخه بعدد أقلَّ مما لو روى عن طريقه؛ أي: مع علوٍّ بدرجة فأكثر.

مثاله: قال الحافظ ابن حجر: كأن يقعَ لنا ذلك الإسناد - (يقصد المثال الثاني للموافقة) - بعينه من طريق أخرى إلى القَعْنبي عن مالك؛ فيكون القعنبي بدلًا فيه من قتيبة.


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-09-2020, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحديث العالي والنازل



المساواة: وهو أن يتساوى عددُ الإسناد من المحدِّث إلى آخرِ السند مع إسناد أحد المؤلفين.

مثاله:

1- ذكر الحافظ ابن حجر أنه قد وقعت له أحاديثُ بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيها عشرة رجال، وقد وقع للنسائي حديث عدد رجاله كذلك، فتساوى ابن حجر مع النسائي في عدد رجال الإسناد، وقد جمع ابن حجر من هذا النوعِ عشرةَ أحاديث في جزء صغير سماه: "العشرة العشارية"[16].




2- أن يكون البخاري أخذ عن أصبغ، وهو أخذ عن ابن وهب، وهو أخذ عن مالك، وهو أخذ عن نافع، وهو أخذ عن ابن عمر، فأنت إذا رويتَ إما أن يكون بينك وبين النبيِّ كما بين البخاري وبين النبي صلى الله عليه وسلم، أو بأن يكون بينك وبين ابن عمرَ كما بين البخاري وابن عمر، أو يكون بينك وبين نافعٍ كما بين البخاري ونافع، أو بينك وبين مالكٍ كما بين البخاري ومالك، أو بينك وبين ابن وهب كما بين البخاري وابن وهب، أو تكون أخذتَ من أصبغ كما أخذ البخاري عن أصبغ، فإذا حصل شيء من ذلك، فيقال لك: مساوٍ للبخاري.



وقد كان هذا النوع ممكنَ الوصول في عصر ابن حجر رحمه الله ومَن دونه، أما اليوم بعد طول العهد وتعدُّد الأجيال، فقد أصبح غير ممكن الحصول عليه.




المصافحة: وهي استواءُ عدد الإسناد من الراوي إلى آخرِه مع إسناد تلميذ أحد المصنفين، وسميت مصافحةً؛ لأن العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تلاقيا، فكأنه صافحَه وسمع منه، وهذا النوع غيرُ ممكن الوقوع في الأعصر المتأخرة[17].




مثاله: قال العراقي: حديث النهي عن نكاح المتعة، أخبرنا به محمد بن إسماعيل بن عبدالعزيز، قال: أخبرنا عبدالعزيز بن عبدالمنعم الحراني، قال: أنبأنا أسعد بن سعيد بن روح، وعفيفة بنت أحمد الفارفانية - واللفظ لها - قالا: أخبرتنا فاطمة بنت عبدالله الجوزدانيَّة، قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذةَ، قال: أخبرنا سليمانُ بن أحمد الطبراني، قال: حدَّثنا أبو الزنباع روح بن الفرج، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثني الليث ح قال الطبراني: وحدثنا يوسف القاضي، قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا ليثُ بن سعد، قال: حدثني الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه - سبرة - أنه قال: أَذِن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة... الحديث، وفيه: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان عنده شيء من هذه النساء اللاتي يتمتَّع بهنَّ، فليخلِّ سبيلها))، واللفظ لحديث يحيى بن بكير رواه مسلم في كتاب النكاح باب: المتعة.

قال العراقي: هذا الحديث مساواة لشيوخنا، مصافحة لنا[18].



وقال في الألفية:



............................

........... وعلو نسبي



بنسبة للكُتُبِ الستَّة إذ

ينزلُ متنٌ من طريقها أُخِذ



فإن يكن في شيخه قد وافَقَه

معَ علوٍّ فهُو الموافقَهْ



أو شيخِ شيخِه كذاك فالبَدَلْ

وإن يكن ساواه عدًّا قد حصَلْ



فهْو المساواة، وحيث راجحه

الأصلُ بالواحدِ فالمصافحهْ[19]






القسم الرابع: العلوُّ بتقدم وفاة الراوي عن شيخ، على وفاة راوٍ آخر عن ذلك الشيخ، وسبب العلو كما قال السخاوي: لأن المتقدم الوفاة يعزُّ وجود الرواة عنه بالنظر إلى متأخِّرها؛ فيُرغب في تحصيل مرويِّه لذلك.

مثاله: من سمع سنن أبي داود على الزكي عبدالعظيم، أعلى ممن سمعه على النجيب الحراني، ومن سمعه على النجيب، أعلى ممن سمعه على ابن خطيب المزة، والفخرِ بن البخاري، وإن اشترك الأربعة في رواية الكتاب عن شيخ واحد، وهو: ابن طبرزذ؛ لتقدم وفاة الزكي على النجيب، وتقدم وفاة النجيب على من بعده.




قال العراقي: روينا عن أبي يعلى الخليلي، قال: "قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم موت راويه، وإن كانا متساويين في العدد"، وهذا كله بنسبة شيخٍ إلى شيخ، وأما العلو المستفاد من مجرد تقدم وفاة شيخ لا مع التفات نظر لشيخ آخرَ، فقد اختلف في حدِّه، فقيل: إسنادُ خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو، وقيل: إذا مرَّ على الإسناد ثلاثون سنة فهو عالٍ، والتقييد بالخمسين؛ أي: من موت الشيخ، لا من وقت السماع عليه[20].



قال في الألفية:



ثم علوُّ قِدَمِ الوفاة

أما العلو لا معَ التفاتِ




لآخَرٍ فقيل: للخمسينا

أو الثلاثين مضت سنينَا[21]









القسم الخامس: العلوُّ بتقدم السماع من الشيخ، فمَن تقدَّم سماعُه من شيخ كان أعلى ممن سمع من ذلك الشيخ نفسِه بعده.

مثاله: أن يسمع شخصان من شيخ واحد، وسماع أحدهما من ستين سنة مثلًا، وسماع الآخر من أربعين سنة.

وأهل الحديث مجمِعون على أفضلية المتقدم في حق من اختلط شيخُه أو خرف؛ لهرم أو مرض، وهو واضح، أما من لم يحصل له ذلك، فربما كان السماع المتأخر أرجحَ، بأن يكون تحديثه الأول قبل أن يبلغ درجة الإتقان والضبط، ثم كان الشيخ متَّصفًا بذلك في حالة سماع الراوي المتأخر السماع، فلهذا مزيَّة وفضل على السماع المتقدم، وهو أرفع وأعلى، لكنه علو معنوي.




قال العراقي في الألفية:

ثم علوُّ قِدم السماعِ ♦♦♦.......................[22]



أقسام النزول:

أقسام النزول خمسةٌ، وتعرف من ضدِّها، فكل قسم من أقسام العلو ضده قسم من أقسام النزول[23]، وها هي باختصار:

النزول المطلق: وهو البعدُ من رسول الله بكثرة الوسائط بالنسبة إلى سندٍ آخَرَ يَرِدُ بذلك الحديث بعينِه بعدد كثير، وباقي الأقسام يعتبر نزولها نسبيًّا.




كثرة الوسائط إلى إمام من أئمة الحديث، وهو نزول مسافة.

نزول الإسناد من طريق غير الكتب الستة عن الإسناد من طريقها، وهو نزول مسافة.

النزول بتأخُّر وفاة الراوي عن شيخ، عن وفاة راوٍ آخر عن ذلك الشيخ.




النزول بتأخر السماع من الشيخ: فمن تأخر سماعه من الشيخ أنزَلُ ممن سمع من ذلك الشيخ نفسه متقدِّمًا، قال الحافظ العراقي:

وضدُّه النزولُ كالأنواع ♦♦♦ ......................................[24]



أشهر المصنفات في العالي والنازل:

لا توجد مصنفات خاصة في الأسانيد العالية أو النازلة بشكل عام، باستثناء ابن طاهر المقدسي الذي ألَّف جزءًا سماه: "مسألة العلو والنزول".




لكن أفرد العلماء بالتصنيف أجزاء أطلقوا عليها اسم "الثُلاثيات"، ويُعنون بها الأحاديث التي فيها بين المصنِّف وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص فقط، وفي ذلك إشارة إلى اهتمام العلماء بالأسانيد العوالي، فمن تلك الثلاثيات[25]:

1- ثلاثيات البخاري؛ لابن حجر.

2- ثلاثيات أحمد بن حنبل، للسَّفَّاريني.

وهذا ما تيسَّر جمعه من كتب الأعلام، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



الخاتمة:

بعد هذا البحث المتواضع في هذا اللقب الجليل يمكن ذكر أهم النتائج المتوصل إليها، ومنها:

الإسناد من خصائص هذه الأمَّة.

طلب الإسناد العالي مرغَّب فيه، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: الإسناد سنة عمن سلف.

الحديث العالي هو: الحديث الذي قلَّ عدد رواته، مع سلامته من الضعف، فيقرب رجال سنده، والنازل هو: الحديث الذي كثر رجال إسناده بالنسبة إلى غيره.

العلو إن صح أفضلُ من النزول، على الصحيح الذي قاله الجمهور.

قسم علماء الحديث العلو في الإسناد إلى خمسة أقسام؛ وهي:

القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حيث العدد بإسناد نظيف غير ضعيف.




القسم الثاني من أقسام العلو: القرب إلى إمام من أئمة الحديث ذي صفة عالية كالحفظ والضبط؛ كالأعمش، والأوزاعي، ومالك، وسفيان.




القسم الثالث: العلو بالقرب إلى كتاب من كتب الحديث المعتمدة؛ كالصحيحين.

القسم الرابع: العلو بتقدم وفاة الراوي عن شيخ، على وفاة راوٍ آخر عن ذلك الشيخ.

القسم الخامس: العلو بتقدم السماع من الشيخ.

أقسام النزول خمسة أيضًا، وتعرف من ضدها.




لا توجد مصنفات خاصة في الأسانيد العالية أو النازلة، باستثناء ابن طاهر المقدسي ألف جزءًا سماه: مسألة العلو والنزول، وما صنفه العلماء من الأجزاء كـ "الثُلاثيات".



المصادر:

1- الباعث الحثيث، في اختصار علوم الحديث؛ لابن كثير.

2- معرفة علوم الحديث؛ للحاكم.

3- تيسير مصطلح الحديث؛ للطحان.

4- شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي.

5- فتح المغيث، شرح ألفية الحديث؛ للسخاوي.

6- اليواقيت والدرر، شرح نخبة الفكر؛ للمناوي.

7- ألفية العراقي في الحديث.

8- صحيح البخاري.

9- صحيح مسلم.

10- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي؛ للسيوطي.

11- لسان المحدثين؛ لمحمد خلف سلامة.

12- منهج النقد في علوم الحديث؛ لنور الدين عتر.

13- الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح؛ للأبناسي.

14- توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار؛ للصنعاني.





[1] الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث؛ لابن كثير: 1/ 21.



[2] توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار؛ للصنعاني: 2/ 227.



[3] الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح؛ للأبناسي: 2/ 420.



[4] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: السؤال عن أركان الإسلام: 1/ 93.



[5] معرفة علوم الحديث؛ للحاكم: 1/ 40.



[6] تيسير مصطلح الحديث؛ للطحان: 100.



[7] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 187.



[8] فتح المغيث، شرح ألفية الحديث؛ للسخاوي: 3/ 26.



[9] اليواقيت والدرر، شرح نخبة الفكر؛ للمناوي: 2/ 237.



[10] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[11] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 188.



[12] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[13] صحيح البخاري: 1/ 65، ومسلم: 4/ 144.



[14] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[15] تدريب الراوي؛ للسيوطي: 2/ 165.



[16] لسان المحدثين؛ لمحمد خلف سلامة: 4/ 60.



[17] فتح المغيث؛ للسخاوي: 3/ 16.



[18] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 189.



[19] ألفية العراقي في الحديث: 1/ 59.



[20] شرح التبصرة والتذكرة؛ للعراقي: 1/ 19.




[21] ألفية العراقي: 1/ 60.



[22] ألفية العراقي: 1/ 60.



[23] منهج النقد في علوم الحديث؛ لنور الدين عتر: 1/ 362.



[24] ألفية العراقي: 1/ 60.



[25] منهج النقد في علوم الحديث؛ لنور الدين عتر: 1/ 359.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 112.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 110.51 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (2.09%)]