سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن ) - الصفحة 6 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74458 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 28-06-2009, 12:22 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )


حديث القرآن عن القرآن (49)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله في سورة هود: ﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ[هود: 120 ].

هذه الآية من خواتيم سورة "هود" التي قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيها: (
شيبتني هود وأخواته).
وقد قصَّ الله فيها على نبيه من أنباء الرسل -نوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وشعيب، وموسى- ما قص.
وما جاء من قصص في القرآن الكريم هو الحق الذي لا مرية فيه، ومنه تعرف سنن الله في خلقه، ويُدرك كلُّ داع إلى الله في أيّ عصر ما يحيق بمن كذب بالرسل. فقصص القرآن ليس حديثاً عن أحداثٍ ماضية وكفى، بل هي تبصرة بسنن باقية. ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا. فكم من حضارات قامت في الأرض ثم بادت؛ لأن أهلها كفروا بآيات الله وعّصّوا رسله، فأحاطت بهم خطاياهم وأهلكهم الله بذنوبهم.

﴿
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿52﴾ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال:52-53 ].

فالقصص القرآني -وهو الحق- آية للخلق. فيه عبر وعظات وذكرى تنفع المؤمنين، وهو يخاطب الأجيال بما هو ماض في الخلق من سنن يجب أن تعلم وتُحذر.

﴿
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا[محمد:10]، والقرآن الكريم حين يذكر لنا قصص الأنبياء يبين لنا ما وقع بالمكذبين من أقوالهم لتحذر الأجيال -من بعد- أن تفعل فعلهم أو تسلك سُبُلهم. ويرينا آثارهم قائمة بدونهم أو مدمَّرة بذنوبهم.

وكل ذلك فيه من العبر والعظات ما فيه.

﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴿100﴾ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴿101﴾ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴿102﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ [هود: 100- 103 ].
﴿وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ﴾ اي: في هذه السورة المشتملة على قصص الأنبياء وكيف أنجاهم الله والمؤمنين بهم وأهلك الكافرين جاءك فيها قصص حق ونبأ حق، وموعظة يرتدع بها الكافرون، وذكرى يتذكر بها المؤمنون.
وذلك كله له أثره البالغ في تربية النفوس وإعدادها وتقويتها وتثبيتها على الحق. يخاطب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما قصه الله عليه من أنباء الرسل ليثبت به فؤاده ويطمئن نفسه وهو يرى العاقبة للمرسلين، والهلاك والدمار للمكذبين.

ويؤمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يَتلو ما أنزل إليه وأن يبلغه للناس.

ويسمع المؤمنون ما أنزل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهم يمرون بشدّة أو محنة يرون فيها صَلَفَ الباطل وطغيان أهله. فتطمئن قلوبهم وتثبت على الحق نفوسهم.
وهم لا يعلمون أنَّ العاقبة للمتقين، وأنَّ الدمار والهلاك للطغاة والمفسدين.
عندئذ لا تشغل نفس المؤمن بعداوة الأعداء وإنما تشغل بالأسباب التي تحقق الفوز وتجلب رضا الله ونصره.

وهذا ما خوطب به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمر بتحقيقه في نفسه كما أمر به المؤمنون ﴿
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ[الأحقاف: 35 ].
إعداد النفوس هو الأصل فيما يطلب من فوز أو نصر -والنصر من عند الله وحده، وما عند الله لا يطلب إلا بطاعته. وهو فيحقيقة النفس لا في كيد العدو.

﴿
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[آل عمران:120].
وهذا ما يوحى به القصص القرآني وهو يتلى على المؤمنين فيرون فيه عاقبة المحقين وخسران المبطلين ﴿
وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 28-06-2009, 12:23 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن (50)فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في قوله تعالى في سورة يوسف: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿1﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿2﴾ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ[يوسف: 1- 3 ].

﴿
الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾. والإشارة في قوله: ﴿تِلْكَ﴾ إلى الآيات المؤلفة من هذه الأحرف العربية المعروفة. وهذه الأحرف قريبة للناس متداولة بينهم. ولكن الآيات التي ألفت منها بعيدة في رتبتها ومكانتها وعجز الناس عن الإتيان بمثلها ولذلك أشار إليها بقوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ المظهر للحق من الباطل والحلال من الحرام.

وقد أنزله الله قرآنًا عربيًا وقصَّ فيه من القصص ما لم يكن الرسول يعلمه هو ولا قومه. فهو معجز في بيانه وفيما قصَّه وأخبر به.

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.
وذلك، لأنَّ لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأديةً للمعاني التي تقوم بالنفس.

فلهذا أنزل الله أشرف الكتب بأشرف اللغات على أشرف الرسل بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذَلِكَ في أشرف بقاع الأرض. وابتدئ إنزاله في أشرف شهور السنة وهو شهر رمضان، فكمل من كل الوجوه.
ولهذا قال: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ﴾ أي: بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن كما ذكر ابن كثير في تفسيره وقال بعد أن ذكر ما ورد في سب النزول قال: ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة المشتملة على مدح القرآن وأنَّه كاف عن كل ما سواه من الكتب ما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله (أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: متهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ معناه: أمتحيرون أنتم في الإسلام حتى تأخذونه من اليهود؟
والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه، أو بباطل فتصدقونه.
والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني
).
﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ﴾ ففي القرآن قص الله على نبيه أحسن القصص، ونزل أحسن الحديث وما كان من قبل نزوله يتلو من قرآن ولا بخطه بيمينه، وما قص الله على نبيه -صلى الله عليه وسلم- في سورة يوسف لم يكن متداولاً بين قومه حتى بُعث إليهم. إنَّه من أنباء الغيب التي لم يشهدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يشاهد أحداثها ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ[يوسف: 102 ].

وفي ذَلِكَ دعوة إلى الإيمان بهذا القرآن والعمل بما جاء فيه؛ لأنه وحي من الله إلى نبيه، لينذر به ويبشر. ويقدم سنن الله في آيات تتلى ﴿
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُّفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُونَ[يوسف: 111 ]، إنَّ القرآن الكريم وهو يقص علينا أحسن القصص يقدم لنا العظة والعبرة في آيات تتلى. ويرينا سنن الله الباقية في أحداث ماضية.
يرينا سنته فيمن خافه واتقاه، وسننه فيمن جحد بآياته وعصاه.
ومن تدبر ما انتهى إليه أمر يوسف وإخوته أيقن أن الحق لا يهزم أبدا. وأن الأمور بعواقبها، والعاقبة لن تكون إلى لمن آمن واتقى.

وفيما قصة الله علينا نرى النتائج والعواقب.
نرى كيف بطل الكذب والكيد وظهر الصدق والحق.
نرى أن من حفظه الله لا يضيعه الناس. وأن من حفظ الله في جميع أمره حفظه الله ورعاه، وجعل الفوز والعاقبة له.
وذاك ما كان من أمر يوسف -عليه السلام-.

فمن كذبت عليه وكادت له هي التي قالت: ﴿
الآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ أي: ثبت واستقر وتلاشى كيدها ﴿أَنَا رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾.
ومن جاءوا على قميصه بدم كذب وكادوا له هم الذين وقفوا أمامه طالبين تلبية حاجتهم ﴿
قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا[يوسف: 88 ]، ولما أذهلتهم المفاجأة وعلموا أنَّه يوسف الذي كادوا له، واتهموا الذئب كذبًا في دمه -أعلنوا مقسمين أنَّ الله قد فضله عليهم وأعزَّه وأذلهم بالوقوف بين يديه.
﴿
قَالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴿91﴾ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ[يوسف: 91-92 ].
وانتصر الحق وبطل الكيد وبقيت آية الحق تخاطب الأجيال كلها بعبرتها ودلالتها.
﴿إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ[يوسف: 90].
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 28-06-2009, 12:24 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن "51"فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة الرعد: ﴿المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ[الرعد:1-2].

وفي سورة الرعد بيان لما أجملته هذه الآية ﴿
المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾. فقد تحدثت عن مُنزِّل الكتاب وهو الله -عز وجل-، كما تحدثت عمن أُنزِلَ عليه وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبينت ما أرسل به.
وذكرت الحق الذي أنزل وضربت له مثلاً يكشف عن أصالته وبقائه ونفعه.

وبينت موقف الناس منه ما بين مستجيب له، يعلم أنه الحق ومعرض عنه لا يراه ولا يهتدي بهداه، وأفاضت في بيان الذين لا يؤمنون وهم أكثر الناس.
وكل ذلك قد أجملته هذه الآية في مطلع السورة في ترابط وتناسق معجز بينهما وبين ما جاء في السورة كلها.

والمراد بالحق في قوله: ﴿
وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ﴾ القرآن الكريم. والحق من ربك، وبالحق كان الخلق، ومن أجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتاب ولا عذر لمن كذب بالحق أو أعرض عنه.

وفي الأنفس والآفاق آيات وآيات، فيها بيان للحق لا تخفى دلالته. ولا تُستَبهَمُ حكمته وغايته.

وفي الحديث عن الله الذي أنزل الحق نقرأ ما تطمئن به القلوب وتخشع النفوس.
﴿
اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأمْرَ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴿2﴾ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴿3﴾ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وغَيْرُ صِنْوَانٍ يُّسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ[الرعد:2- 4].

ذلكم الله ربكم الذي أنزل الكتاب بالحق. هو الذي رفع السماوات التي ترونها. وهو الذي مدَّ الأرض التي تمشون في مناكبها وتأكلون من رزقه. وهو الذي جعل فيها رواسي من فوقها حتى لا تميد بكم، وأنهارًا حفظًا لحياتكم وصونًا لمتاعكم وتبصرتكم، وهو الذي سخر الشمس والقمر دائبين بسطا لنعمته ورحمته ومخاطبة منه بالحق لجميع خلقه.

وهذه الأدلة وغيرها مما جاءت به الآيات داعية إلى الأيمان بالحق الذي أنزله الله على نبيه، مبصرة به مؤيده له.
يتفكر فيها ويعقلها من رغب في الحق وآمن به.

ويقف عند ظاهرها من غفل عن حكمتها وغايتها، فلا يجاوز حدود دنياه مع أنها سبقت لتبصرته بقضايا الحق في نفسه وما يصبر إليه وما أرسل الرسل من أجله. أفلا يكون عجيبا أن يرى الإنسان أدلة القدرة في خلقه وينكرها في بعثه.

يراها في دنياه ولا يراها في آخرته ﴿
وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ[الرعد:5].

عجب أن ينكر الحق من يرى أدلته في نفسه وينعم بآياته ولا يتذكر ولا يستبصر ﴿
أَفَمَن يَّعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ[الرعد:19].

إنَّ سورة الرعد التي بدئت بهذه الآية ﴿
المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ﴾ تبين لنا النتائج والعواقب لمن آمن بهذا الحق وعلم به، ومن عمي وأعرض عنه، لمن استجاب لربه فيما دعاه إليه والذين لم يستجيبوا له.
﴿
لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ[الرعد:18].

وبذا يُعلم أنَّ الحق الذي دعي الناس للإيمان به ليس أعزل من قوة تحقيق وعده ووعيده. إنه من الله، والله على كل شيء قدير وإليه المصير ﴿
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ﴿182﴾ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ[الأعراف:182-183].
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 28-06-2009, 12:24 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن "52"فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حيث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة الرعد: ﴿أَفَمَن يَّعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ[الرعد:19].

ففي الآية بيان لموقف الناس منا لحق الذي أنزل وهو القرآن الكريم.
فمنهم مؤمن ومنهم كافر، منهم متبع لهدى الله ومنهم معرض عن ذكره.

ولكل موقف آثاره ونتائجه في صفات الناس وأخلاقهم وأعمالهم ﴿
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ ﴿19﴾ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴿20﴾ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴿21﴾وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴿22﴾جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ[الرعد:19-24].

تلك هي الصفات. صفات الذين استجابوا لربهم وعلموا أنما أنزل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- هو الحق، وهي صفات بارة بالخلق، بها يستقيم التعامل ويتحقق التعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.

فهم يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، ويصلون ما أمر الله به أن يوصل، ويخشون ربهم، ويخافون سوء الحساب.

ومن كانت هذه صفاته كفَّ شره عن غيره وقدم يخره، ومشى بين الناس بنور من ربه لا يكذب ولا يغدر ولا يفسد أو يسيء، بل يصلح ويحسن ويبر ويرحم ويصبر في أداء الخير وكف الشر ابتغاء وجه ربه، ويؤدي الأمانات في أدب وصدق وإخلاص، يقيم الصلاة وينفق مما رزقه الله سراً وعلانية، يدرأ بالحسنة السيئة طلبا لمرضات الله وطاعة لأمره.

صفات يحققها الإيمان بما نزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- والعمل بمقتضاه ﴿
أَفَمَن يَّعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى﴾ لا يستويان في صفاتهما ولا في الآثار والنتائج المترتبة على سلوكهما.

لا يستوي عند الله من يؤمن ويوقن أنَّ ما أنزله الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- حق لا شك فيه فيستجيب لما يدعو إليه ربه ويؤمن به ويعمل بما نزل من الحق، لا يستوي من كان هذا شأنه ومن هو معاند مكابر يرى الحق فيعرض عنه ويتبع هواه وتلهيه الرغائب عن العواقب، كما لا يستوي هؤلاء وأولئك في الصفات والأخلاق والأعمال.

وفي دنيا الناس ترى هؤلاء وأولئك.
ترى الوفي الكريم الذي يؤمن بربه ويخشاه. وترى الغادر اللئيم الذي ينقض العهد ويفسد في الأرض.
ترى من يصلح ولا يفسد، وترى من يريد علوا في الأرض ويبغي فيها الفساد، ومرجع ذَلِكَ كله إلى الإيمان بالحق أو الكفر به.

فمن آمن بالحق خضع له وعمل بمقتضاه، ومن أعرض عنه قاده هواه، ومن اتبع الهوى ضل عن سبيل الله.

ومن رحمة الله بالخلق أن حفظ الحق الذي أنزله ليزن الناس أعمالهم وليكون الحق حكماً فيما بينهم، والواقع المعاصر في حياة الإنسانية كلها ينشد إنسان الحق الذي ينصر المظلوم ولو كان من غير جنسه، ويضرب على يد الظالم ولو كان من أهله وعشيرته.

الواقع المعاصر ينشد من يَعلم أن الحق الذي جاءت به الرسل وأنزل الكتاب هو ميزان العدل بين جميع الخلق بلا تفرقة، وأن الله الذي أنزل الحق سيحاسب عليه ﴿
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴿24﴾ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ[النور:24-25].

عندما تأتس ساعة الحساب وينظر المرء ما قدمت يداه، بل عندما تأتي سكرة الموت يتطاير الظن الفاسد من رءوس أصحابه، ويذهب الباطل الذي اتبعوه ويأتي الحق الذي عموا عنه وأنكروه، ويقول الذين كفروا -وقد وجدوا ما وعد ربهم حقاً- ﴿
يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ[الأنعام:27].

ويعترفون في أسف وندم ﴿
قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ[الأعراف:53]، اعترفوا بالحق في وقت لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، ورجوا أن يكون لهم شفعاء فيشفعوا لهم أو يردوا إلى دنياهم فيعملوا ب الحق الذي أنكروه من قبل، يرجون ذَلِكَ ويؤدون حين يوقفون على النار.

وهيهات أن يكون لهم هذا أو ذاك. فلن ينفعهم إيمان بعد فوات الأوان ولن يكون لهم شفعاء ؛ لأنهم ليسوا أهلاً للشفاعة، ولو ردوا إلى دنياهم لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون، ولن يعودوا إلى دنياهم وقد فارقوها بعد امتحان واختبار وانقضاء أجل وانقطاع عمل ﴿
وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[المؤمنون:100].
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 28-06-2009, 12:25 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن "53"فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في قوله تعالى في سورة إبراهيم: ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴿1﴾ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴿2﴾ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ[إبراهيم:1-3].

والحديث عن القرآن هنا حديث عمَّن أنزله ومن أُنزل إليه والغاية من إرسال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإنزال الكتاب إليه.
﴿
الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ تلك هي الغاية ﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ من أجل ذلك أرسل الرسول وأنزل الكتاب.
وهذه الغاية لها أبعادها في فطرة الخلق وحقيقة الحياة.

فإنَّ الإخراج من الظلمات إلى النور لا يكون إلا بإذن الله وهداه ﴿
وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ﴾ ومن أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور جعل الله الكتاب نورًا يهدي به من يشاء وأرسل نبيه داعيا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.

وبنور النبوة والكتاب يهدي الناس بإذن الله إلى صراط العزيز الحميد.
﴿
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴿52﴾ صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ[الشورى:52-53].

ونحن نعرف حقيقة النور وما يؤديه في حياة الناس وما يهيئه من أسباب وما يرشد إل يه ولولاه لعميت الأبصار وبعدت الغايات وقصرت الوسائل.

إنَّ إخراج الناس من الظلمات إلى النور ليس بالأمر الهين الذي يستطاع بلا هداية وتوفيق ولو ترك الناس بلا هداية من الله لعاشوا في ظلمات الوهم والجهل وحيرة الضلال والإفك. وتحولت الدنيا بظلماتها إلى مقبرة لا استجابة فيها لنداء حق أو دعاء.

والله الذي خلق السماوات والأرض هو الذي جعل الظلمات والنور وهم يرون ما جعله الله محسوسا أمام أنظارهم، يرون السماوات ويمشون على الأرض ويعرفون ما للنور من تأثير في حركة الحياة وعمل الأحياء.

وإخراج الناس من الظلمات إلى النور في صفاتهم وأخلاقهم وعقائدهم ومعاملاتهم وصلاح ذات بينهم له نوره وهداه في عالم النفس كعالم الحص ﴿
أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَ[الأنعام:122].

من أجل ذلك اتسقت آيات الله في الآفاق وفي الأنفس مع آياته المنزلة على نبيه في هداية الإنسان وإرشاده وتبصرته ودعوته إلى صراط العزيز الحميد.

وامتزج الحديث عن الكتاب مع الحديث عن السماوات والأرض وأن من نزل هذا الكتاب هو من له ملك السماوات والأرض فلا مجال لأحد أن ينفذ من أقطار أرضه وسماواته ﴿
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴿1﴾ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [الرعد:1-2]، فمن كفر بآياته فلا مجال له أن ينفذ من ملك الله في السماوات أو في الأرض ولن يفلت من حساب وجزاء ﴿وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴿2﴾ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا[الرعد:2-3].

إنَّ الحياة لا يستقيم أمرها إلا بنور ربها، والله برحمته قد أنزل الكتاب إلى نبيه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، والذين كفروا بما أنزل. لهم من الوعيد ما لهم ﴿
وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ فإنَّ هؤلاء قد آثروا الحياة الدنيا على الآخرة، وعملوا على الصد عن سبيل الله، وتنكبوا الطريق القويم، وأرادوها عوجًا لتحقيق أهوائهم وإشباع شهواتهم.

وهذه الخصال هي نهاية الضلال، ولذا وصف الله ضلالهم بقوله: ﴿
أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ﴾.
بعيد عن الحق، بعيد عن الصراط المستقيم.

ولا تسل عما يكون في دنيا الناس من فساد ودمار إذا حكمتهم أهواؤهم وضلوا السبيل.

ومن أجل إنفاذ الناس وهدايتهم وإصلاح ذات بينهم قد جاءهم من الله نور وكتاب مبين لمصلحتهم والله غني عن العالمين.

﴿
قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ﴿15﴾ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[المائدة:15-16].
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 28-06-2009, 12:25 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن "54"فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حديث القرآن عن القرآن ما جاء في سورة الحجر من قوله تعالى: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ[الحجر:1]، وقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[الحجر:9 ].
وفي الآيتين حديث عن القرآن من حديث وصفُه وإنزالُه وحفظُه.
فهو قرآن مبين، وهو الذكر. والله قد أنزله وتكفل بحفظه.

وقد ناسب هنا أن تتكرر نون العظمة في جانب إنزال الذكر وحفظه ليُعلم أن لا مجال فيه لتغييرٍ أو تبديلٍ أو انتقاصٍ أو اختلافٍ ﴿
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

إنَّ الله الذي أنزل الحق قد حفظه كما حفظ ما ينفع الناس وما لا تقوم الحياة إلا به. ﴿
كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ[الرعد:17]، ومكث الحق وثباته وبقاؤه من الأشياء التي قد يغفل عنها الناس -وهم يتقلبون في زينة الحياة- وقد تقودهم الغفلة عن هذه الحقيقة إلى اتباع الباطل في ساعة استدراج له وإملاء. ثم يفجؤهم زوال ما اتبعوه وإظهار ما غفلوا عنه، وعندئذ يعلمون أنَّ ما تعلقوا به من غير الحق باطل لا يمكث ولا يبقى.

والحق الذي أنزله الله ثابت لا يميل، ماكث لا يذهب. ويخطئ من يظن أنَّ أحدًا من الخلق يستطيع أن يحجب ضوء الحق أو يطفئ نوره، ومَن حفظه الله لا يضيعه الناس. إنَّ فساد الناس في برٍّ أو بحر على أنفسهم. به يؤخذون ويبقى الحق. ويهلكون وينتصر الحق.

وعبث الناس لإفساد الماء أو تغيير منفعته لاحق بهم.
ويبقى الماء ما بقيت الحياة طهورا متجددا وهو ينزل من السماء.

وَهُوَ هُوَ في خصائصه قد نزَّله الله ماءً مباركًا وجعل منه كل شيء حي وأخرج به نبات كلِّ شيء، ومن أراده على غير ما أنزله الله لم يستطع ولم يجد لغيره أثرًا في الحياة، ومن أنزل الحق هو الذي أنزل الماء من السماء.

هذا يُقذَفُ به الزبد ويمكث في الأرض لينفع الناس، وذاك يُقذف به الباطل لتأمن الحياة. ويَعرِف من يخاطب به الغاية والمصير ولا يفقده في موتٍ أو نشور. بل تأتيه سكرة الموت بالحق، ويأتيه البعث بالحق، ويساق من يلقى في النار بالحق ويقضى بين الخلائق جميعاً بالحق. فلا يتوقف أمر الحق على نفع الناس في الأرض فحسب، بل هم به حيث كانوا في دنياهم أو أخراهم ولن ينفك عنهم في بدء أو مصير.

وحديث الحق إليهم له آثاره ونتائجه في جميع مراحل سيرهم من حياة وموت وبعث وحساب وجزاء. فأي شيء أثبت من ذَلِكَ وأبقى وأنفع وأدوم؟ وهل يكون ذَلِكَ إلا للحق؟

ألا إنَّ الإيمان ببقاء الحق حري ألا تنخدع معه النفس بزبد الباطل أو تستخف بإملائه واستدراجه أو تؤخذ بإغواء شياطينه وأتباعه.

فإنَّ الباطل محكوم عليه بالذهاب والفناء، وللحق وحده الثبات والبقاء.
ومن اتبع الحق سلم معه، ومن اتبع الباطل زهق معه.

إنَّ من تدبر العواقب أيقن أن البقاء للحق.
وفي العاقبة لا ترى لأهل الباطل وأتباعهم تماسكًا ولا ثباتًا، بل ترى بعضهم يبرأ من بعض ويلعن بعضهم بعضا.

تدبر قول ربك: ﴿
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ واعلم أنه الحق، وفي مكث الحق وبقائه نفع للناس.
والخسارة التي تلحق بعض الناس تأتي من التفريط فيما تحقق نفعه.

ويأبى الحق إلا أن يقدم نفعه حتى لخصومه وأعدائه في فرض العدل شريعة تقام دون نظر لعداوة أو شنآن.

لهم جميعاً نفع في إنصاف مظلوم وعقاب ظالم.
لهم حياة في القصاص وأمن مع الإيمان.
ورحمة في تراحم. ومنفعة في تعاون على بر وتعارف.

وكل ذَلِكَ وغيره من دواعي الحق وما يأمر به الحق.

من أجل ذَلِكَ حفظ الله الذكر كما حفظ ما تبقى به الحياة من نور وماء. وما ينفع الناس. وكان من فضل الله ورحمته بخلقه أن يبقى الذكر ما بقيت الحياة ﴿
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 28-06-2009, 12:26 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن "55"فضيلة الشيخ / د.محمد الراوي

ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله في سورة النحل: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[النحل:44].
والمراد بـ ﴿
الذِّكْرَ﴾ القرآن الكريم وفي تسميته بالذكر دلالة على ما له من شأن في تبصرة الناس وتذكرتهم وأنه الجدير بهذه التسمية وحده لبلوغه حد الكمال.

والله -عز وجل- قد أنزل الذكر وخاطب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ﴿
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾.

وقد حفظ الله البيان كما حفظ المُبَيَّن وجعل بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- من قوله وفعله وإقراره شريعة تُتَّبَع.

والقرآن وحي والسنة وحي ﴿
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى﴿3﴾ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى[النجم:3-4]، وكم من أحكام أجملها القرآن الكريم وفصلها بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- بفعله وقوله.

ولولا بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما عرف الناس كيف يؤدون ما فرض الله عليهم من صلاة وزكاة وحج وغير ذلك مما فرضه الله ودعا إليه في كتابه.

فسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- يجب الأخذ بها والعمل بمقتضاها. قال الله -عز وجل-: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُو[الحشر:7]، وقال سبحانه: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور:63]. إنَّ بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد تلقاه الصحابة علماً وعملا.

فرأى الصحابة -رضوان الله عليهم- كتاب ربهم عملاً في سلوك نبيهم فافتدوا به.
وقد كان خلقه القرآن، يرضى برضاه، ويسخط بسخطه -صلى الله عليه وسلم-.

قال أو عبد الرحمن السلمي وهو من التابعين الذين سمعوا من الصحابة ونقلوا عنهم، قال: (
حدثنا الذين كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل. قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميع)، من هذا يتبين لنا كيف كان بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للناس وكيف كان منهج المسلمين في تلقي القرآن الكريم وأنهم كانوا يجمعونبين الحفظ والعلم والعمل جميعاً بلا فصل أو تفرقة بين بيان ومبين، بين قرآن وسنة.

وذاك هو الحق الذي أمرنا باعتباعه ونهينا عن مخالفته ﴿
فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ[النساء:59].

والرد إلى الله رد إلى الكتاب، والرد إلى الرسول رد إلى السنة، ومن أبى ذلك أو رأى الرد إلى الكتاب وحده فقد جهل وضل وخالف القرآن نفسه فيما دعا إليه وأمر به ﴿
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُو[الحشر:7].
﴿
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[النساء:65].
دين عرفت معالمه وحفظت آياته وبيناته، فلا موضع فيه لمحدث أو مبتدع.
(
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) كما جاء في الحديث المتق عليه عن عائشة -رضي الله عنها- وفي رواية لمسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

ذاك هو الحق الذي لا يقبل عند الله غيره ﴿
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[الأنعام:153].

روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (
كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) وقد روى الترمذي عن أبي نجيح العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: ( وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي. وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيراً. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة).

ذاك هو البيان، بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- للذكر الذي أنزل عليه، بينه كما أمر بقوله وفعله وإقراره. ولا فصل في دين الله بين البيان والمبين، بين القرآن والسنة. ومن فرق فزعم أنه يعمل بالقرآن وحده ضل السبيل، ولم يستطع بغير البيان الذي أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- به أن يؤدي ما بني الإسلام عليه من الفرائض، ولو أداها مبتدعا غير متبع لردت عليه وعوقب عليها ﴿
قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ[آل عمران:31]، فاتباع البيان اتباع للمبين ومخالفة البيان مخالفة للمبين ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ[النساء:80]، ومن يعص الرسول فقد عصى الله والرسول ﴿وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا[الأحزاب:36]، ذاك هو السبيل فاتبعه ولا تتبع سبل الأهواء والشهوات ونزعات الشياطين ﴿وَمَن يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[التغابن:11].
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 28-06-2009, 12:27 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

تم بحمــــد الله نقل حديث القرآن عن القرآن بالكامل

لا تنسونا من صالح الدعاء

أم عبد الله
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 29-06-2009, 01:31 PM
روح بابا روح بابا غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
مكان الإقامة: palestene
الجنس :
المشاركات: 23
الدولة : Palestine
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

اشكرك كثيرا على الحديث الشريف اشكرك من قلبي
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 03-09-2009, 12:12 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

الشكر لله اشكرك على المرور
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 133.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 127.22 كيلو بايت... تم توفير 6.04 كيلو بايت...بمعدل (4.53%)]