مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" - الصفحة 7 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          صلة الرحم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          كيف تكونين أمًا مثالية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          قـامـوس البدع العقـديــة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 93 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 2772 )           »          إذا ذُكر القدر.. فأمسكوا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الوفاء بالمواثيق من سماحة الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          وظيفة الدولة الإسلامية.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          هم مخطئون دائمًا.. ونحن محقون دائمًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          كنت موظفاً.. فاستقلت.. فاكتشفت !! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #61  
قديم 22-03-2024, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير (من روائع البيان في سور القرآن) (63)
مثنى محمد الهبيان




(وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ)
السؤال الأول:
ما اللمسة البيانية في تقديم كلمة (ٱلۡجَبَلَ) فى آية الأعراف: 171،وتأخير (ٱلطُّورَ) فى آية البقرة رقم 63، والنساء: 154 ؟
الجواب:
1ـ استعمل القرآن (ٱلطُّورَ) في آيتي البقرة والنساء، واستعمل (ٱلۡجَبَلَ) في آية الأعراف؛ وذلك لأنّ التهديد في آية الأعراف أشد، فاستعمل لفظ الجبل؛ لأنّ الجبل أعظم من الطور .
2ـ وأمّا سبب التقديم والتأخير فيقول سيبويه: يقدمون الذي هو أهمّ لهم وهم أعنى به.
3ـ والتقديم والتأخير في القرآن الكريم يقرره سياق الآيات، فقد يتقدم المفضول، وقد يتقدم الفاضل، والكلام في سورة الأعراف عن بني إسرائيل والطور (وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٞ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ) [الأعراف:171] فقدّم الجبل على بني إسرائيل .
أمّا في آية سورة البقرة (وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيۡنَٰكُم بِقُوَّةٖ وَٱذۡكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ) [البقرة:63] أخّر الطور؛ لأنّ سياق الآيات في السورة هو في الكلام عن بني إسرائيل وليس في الطور نفسه.
4ـ الجبل هو اسم لما طال وعظُم من أوتاد الأرض، والجبل أكبر وأهم من الطور من حيث التكوين.
5ـ النتق أشد وأقوى من الرفع الذي هو ضد الوضع، ومن النتق أيضاً: الجذب والاقتلاع وحمل الشيء والتهديد للرمي به، وفيه إخافة وتهديد كبيرين.
ولذلك ذكر الجبلَ في آية سورة الأعراف؛ لأنّ الجبل أعظم ويحتاج للزعزعة والاقتلاع، وعادة ما تُذكر الجبال في القرآن في مواقع التهويل والتعظيم, ولذا جاء في قوله تعالى: (وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ) [الأعراف:143] ولم يقل الطور.
6ـ لذلك استعمل (نَتَقۡنَا) مع (ٱلۡجَبَلَ) ؛لأنّ النتق والجبل أشد تهديداً وتهويلاً؛ ولأنّ المقام يقتضي ذلك، فإنه أفاض في ذكر صفات بني إسرائيل الذميمة ومعاصيهم في الأعراف ما لم يُفضه في سورتي البقرة والنساء، فاقتضى أنْ يكون كل تعبير في مكانه , والله أعلم.
السؤال الثاني:
قال في الآية: (وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ) [البقرة:63] ولم يقل: (من فوقكم) فما السبب؟
الجواب:
(من) تفيد الابتداء، وفي آية البقرة (وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ) [البقرة:63] ليس رفع الطور مباشرة من فوق رؤوسهم بل هناك مسافة بين الطور والرؤوس ولذلك لم يستعمل (من فوقكم).
السؤال الثالث:
ما سبب تخويفهم برفع الطور فوق رؤوس بني إسرائيل ؟
الجواب:
التكليف من الله تعالى، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها, والله يعلم منذ الأزل أنّ في وسعك أنْ تؤدي التكليف، ولكنّ اليهود قالوا: نحن لا نطيق التكليف وفكّروا ألا يلتزموا به بالرغم من تعدد نعم الله عليهم ، والله تعالى لم يرغم أحداً على التكليف, ولكنه – رحمة منه - خيّرهم بين التكليف وعذاب يصيبهم فيهلكهم، وهذا العذاب هو أنْ يُطبق عليهم جبل الطور, فالمسألة ليس فيها إجبار ولكن فيها تخيير, وقد خُيّر الذين من قبلهم بين الإيمان والهلاك فلم يصدقوا حتى أصابهم الهلاك.
وحين رأى بنو إسرائيل الجبل فوقهم خشعوا ساجدين على الأرض , فكان معنى سجودهم أنهم قبلوا المنهج, ولكنهم كانوا وهم ساجدون ينظرون إلى الجبل فوقهم خشية أنْ يطبق عليهم ..
ولذلك تجد سجود اليهود حتى اليوم على جهة من الوجه بينما الجهة الأخرى تنظر إلى أعلى .
ولو سألت يهودياً عن ذلك لقال : أنا أحمل التوراة واهتز منتفضاً, لأنهم اهتزوا ساعة رفع الله الطور فوقهم فكانوا في كل صلاة يأخذون الوضع نفسه ثم نقل ذلك إلى الأبناء والأحفاد، واعتقدت ذريتهم من بعدهم أنها شرط من شروط السجود عندهم, ولذلك أصبح سجودهم على جانب من الوجه، أي: على الصورة التي حدثت لهم ساعة رفع جبل الطور.
والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #62  
قديم 23-03-2024, 12:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (64)
مثنى محمد الهبيان


(وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعۡتَدَوۡاْ مِنكُمۡ فِي ٱلسَّبۡتِ فَقُلۡنَا لَهُمۡ كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِ‍ِٔينَ٦٥)[البقرة: 65]
السؤال الأول:
الفعل (كونوا) هو فعل أمر، وفعل الأمر له معانٍ متعددة، فما أشهر معانيه؟
الجواب:
فعل الأمر هو طلب الفعل بصيغة مخصوصة , ومن أشهر معانيه :
1ـ الإباحة: (وَإِذَا حَلَلۡتُمۡ فَٱصۡطَادُواْۚ) [المائدة:2] .
2ـ الدعاء : (رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ) [نوح:28] .
3ـ التهديد : (ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ) [فُصِّلَت:40] .
4ـ التوجيه والإرشاد : (وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ) [البقرة:45] .
5ـ الإكرام : (ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ) [الحِجر:46] .
6ـ الإهانة : (ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡكَرِيمُ) [الدخان:49] .
7ـ الاحتقار : (فَٱقۡضِ مَآ أَنتَ قَاضٍۖ) [طه:72] .
8ـ التسوية : (ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ) [الطور:16] .
9ـ الامتنان : (فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِ) [المُلك:15] .
10 ـ التعجب : (ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَالَ) [الإسراء:48] .
11 ـ التكذيب : (قُلۡ فَأۡتُواْ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَآ) [آل عمران:93] .
12ـ التعجيز : (فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ) [البقرة:23] .
13ـ الإذلال : (كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِ‍ِٔينَ) [البقرة:65] .
14ـ إظهار القدرة : (قُلۡ كُونُواْ حِجَارَةً أَوۡ حَدِيدًا) [الإسراء:50] .


وزمن فعل الأمر للمستقبل , لكنه أوسع من ذلك فقد يكون دالاً على :
آـ الاستقبال المطلق قريباً أو بعيداً: (فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ) [البقرة:68] للقريب، (رَبَّنَا ٱصۡرِفۡ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَۖ) [الفرقان:65] للبعيد.
ب ـ الحال:( ثُمَّ صُبُّواْ فَوۡقَ رَأۡسِهِۦ مِنۡ عَذَابِ ٱلۡحَمِيمِ * ذُقۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡكَرِيمُ) [الدخان: 48 ، 49] فـ (ذق) من الذوق مصاحب لصب الحميم .
ج ـ الأمر الحاصل في الماضي، فقوله :( ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ) [يوسف:99] كان بعد دخولهم إياها فهو أمر يفيد الماضي. وكذلك قوله تعالى: (إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ٤٥ ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ٤٦﴾) [الحِجر:45-46] فقوله: (ٱدۡخُلُوهَا) كان بعد دخولهم الجنة، وكذلك قوله: (وَلَقَدۡ صَبَّحَهُم بُكۡرَةً عَذَابٞ مُّسۡتَقِرّٞ٣٨ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ٣٩) [القمر:38-39] فقوله: (فَذُوقُواْ) كان بعد تصبيحهم بالعذاب.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «افعل ولا حرج» فهذا من باب إقرار ما حصل في الماضي.
د ـ الأمر المستمر (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا) [البقرة:83] .
(قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّٰظِرِينَ٦٩)[البقرة: 69]
السؤال الأول:
ما دلالة (فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا) [البقرة:69] في الآية؟
الجواب:
لو قال تعالى: (بقرة صفراء) لعلِم بنو إسرائيل أنه لون الصُفرة لاسيما أنّ هذا اللون نادر في البقر، فلِمَ قيّد الصفرة بصفة فاقع؟
في هذا التعبير مزيد من التعجيز، والتقييد والتحديد لبقرة بعينها دون سواها وهنا تضييق على بني إسرائيل، فعندما شدّدوا شدّد الله تعالى عليهم.
السؤال الثاني:
ما دلالات الألوان التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ؟
الجواب:
الألوان التي وردت في القرآن الكريم هي : الأصفر ـ الأبيض ـ الأسود ـ الأخضر ـ الأزرق ـ الأحمر ـ الوردي ـ الأخضر الغامق . وأهم دلالات هذه الألوان هي :
1ـ اللون الأصفر :
و هو أول لون ذُكِرَ في القرآن , فقد ورد (5) مرات في (5) آيات , ومن دلالاته :
آ ـ إدخال السرور:
﴿ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّٰظِرِينَ} [ البقرة:69].
ب ـ اﻹفساد والدمار:
﴿ وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا} [ الروم:51].
ج ـ الفناء واليبوسة:
﴿ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ} [ الحديد:20].
2- اللون الأبيض :
وهو ثاني اﻷلوان ذكراً في القرآن , وقد ذُكٍرَ (12) مرة في (12) آية, ومن دﻻﻻته:
آ ـ الضياء وإشراق الشمس ووقت الفجر والصباح:
﴿ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ} [ البقرة:187].
ب ـ لون وجوه أهل الجنة:
﴿ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبۡيَضَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فَفِي رَحۡمَةِ ٱللَّهِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} [ آل عمران:107].
ج ـ مرض في العين من شدة الحزن:
﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ} [ يوسف:84].
د ـ لون يد موسى في معجزته :
﴿ وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّٰظِرِينَ} [ الأعراف:108].
هـ ـ لون الطرق بين الجبال:
﴿ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ} [ فاطر:27].
و ـ لون شراب أهل الجنة:
﴿ بَيۡضَآءَ لَذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ} [ الصافات:46].
وللعلم فإنّ اللون الأبيض هو الأساس لجميع الألوان، وإذا تم تحليله ينتج عنه ألوان الطيف السبعة . ( انظر آية آل عمران 107).
3ـ اللون الأسود :
وهوثالث لون ذُكِرَ في القرآن , وقد ورد ( 7) مرات على عدد أبواب النارفي الآيات :
[ البقرة 187 ـ آل عمران مرتان 106 ـ النحل 58 ـ فاطر 27 ـ الزمر 60 ـ الزخرف 17 ] , ومن دﻻﻻته:
آ ـ ظلمة الليل:
﴿ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ } [ البقرة:187].
ب ـ لون وجوه أهل النار:
{وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ١}[ آل عمران:106].
ج ـ الكرب والهم والحزن:
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٞ} [ النحل:58].
د ـ اليبوسة والفناء:
{فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ} [ الأعلى:5].
ومعنى (أَحْوَىٰ) أي: أسود أي: جعله هشيمًا رميمًامسوداً.
هـ ـ لون بعض الجبال:
{وَغَرَابِيبُ سُودٞ} [ فاطر:27].
4ـ اللون اﻷخضر:
وهورابع لون ذكر في القرآن, وقد ذكر 8 مرات على عدد أبواب الجنة الثمانية في الآيات :
[ الأنعام 99 ـ يوسف 43 , 46 ـ الكهف 31 ـ الحج 63 ـ يس 80 ـ الرحمن 76 ـ الإنسان 21 ] , وأهم دﻻﻻته:
آ ـ لون الشجر والزرع والأرض بعد المطر:
{وَسَبۡعَ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖۖ} [ يوسف:43].
ب ـ لباس أهل الجنة:
{عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ} [ الإنسان:21].
ج ـ لون أغطية وسائد الجنة:
{مُتَّكِ‍ِٔينَ عَلَىٰ رَفۡرَفٍ خُضۡرٖ وَعَبۡقَرِيٍّ حِسَانٖ} [ الرحمن:76].
5ـ اللون الأزرق :
وهوخامس اﻷلوان ذكراً في القرآن الكريم , وذُكَرَ مرة واحدة , ودﻻﻻته
لون وجوه الكفار عند الحشر من شدة أهوال اليوم، والخوف والرهبة.
{يَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا}[ طه:102].
6ـ اللون اﻷحمر:
وهو سادس اﻷلوان ذكراً في القرآن , وذُكِرَ مرة واحدة , ودﻻﻻته لون الطرق بين الجبال وألوان بعض الثمار:
{وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِيضٞ وَحُمۡرٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُود} [فاطر:27].
7 ـ اللون الوردي :
وهو سابع اﻷلوان ذكراً في القرآن , وذُكِرَ مرة واحدة, ودلالته لون السماء عند انشقاقها وتفطرها يوم القيامة:
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} [الرحمن:37].
8 ـ اللون الأخضر الغامق :
وهوثامن اﻷلوان ذكراً في القرآن، وذُكِرَ مرة واحدة , ودﻻلته لون أشجار الجنة المتكاثفة:
{مُدۡهَآمَّتَانِ} [الرحمن:64].
والله أعلم .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #63  
قديم 23-03-2024, 12:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (65)
مثنى محمد هبيان



(قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ٧٠)[البقرة: 70]
السؤال الأول:
قوله تعالى: (إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا) [البقرة:70] لِمَ قالوا هذه الجملة في هذه الآية، مع أنهم لم يقولوها في المرات السابقة؟
الجواب:
في الأصل طلب الله منهم أنْ يذبجوا (بَقَرَةٞ) بالتنكير المطلوب، أي: أنْ يمسكوا أي بقرة فيذبحوها، فشددوا فشدد الله سبحانه وتعالى عليهم.
طلب بنو إسرائيل صفات البقرة على ثلاث مراحل:
﴿ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا فَارِضٞ وَلَا بِكۡرٌ عَوَانُۢ بَيۡنَ ذَٰلِكَۖ فَٱفۡعَلُواْ مَا تُؤۡمَرُونَ٦٨ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّٰظِرِينَ٦٩﴾ [البقرة: 68-69]
آ ـ طلبوا تحديد ماهيتها في البداية (قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَۚ) [البقرة:68].
ب ـ و طلبوا تحديد لونها (قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ) [البقرة:69] ولم يعللوا سبب طلبهم.
ج ـ في المرة الثالثة قالوا: (قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ٧٠) [البقرة:70] ولجأوا للتعليل؛ لأنّ فعل الشيء ثلاث مرات يكون له وقع في النفس من الضجر؛ فلا بدّ من إضافة تعليل في المرة الثالثة.
السؤال الثاني:
قوله تعالى في الآية: (وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ) [البقرة:70] ما الفرق في الاستعمال بين: ( إن شاء الله ) وبين: ( بإذن الله ) في القرآن الكريم؟
الجواب:
1 ـ وردت جملة (إِن شَآءَ ٱللَّهُ) في القرآن الكريم (6) مرات في الآيات: [ البقرة 70 ـ يوسف 99 ـ الكهف 69 ـ القصص 27 ـ الصافات 102 ـ الفتح 27]. ووردت جملة (بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ) في ( 18 ) موضعاً في ( 17 ) آية , ووردت كلمة (بِإِذۡنِهِۦ) في ( 9 ) مواضع.
2ـ الفرق في الاستعمال بين ( إنْ شاء الله ) وبين ( بإذن الله ) في القرآن الكريم, هناك أقوال عدة منها:
القول الأول:
آ ـ أنّ استخدام جملة (إِن شَآءَ ٱللَّهُ) يكون عندما أقوم بنفسي بالعمل أو الحاجة أو أتدخل بها بالأمر بشكل شخصي فردي أو جماعي:
شواهد قرآنية:
ـ (إِنَّ ٱلۡبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيۡنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهۡتَدُونَ٧٠) [البقرة:70] هم سيقومون بذبح البقرة بأنفسهم بدليل قوله تعالى: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ٧١) [البقرة:71].
ـ (وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ٩٩) [يوسف:99] هم سيدخلون.
ـ (قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا٦٩) [الكهف:69] هو سيصبر.
ـ (قَالَ يَٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّٰبِرِينَ١٠٢) [الصافات:102] هو سيصبر.
ب ـ وأمّا (بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ) فالعمل ليس لي أي دخل به , بل هو بتدبيرٍ خارج إرادتي.
شواهد قرآنية:
ـ (قُلۡ مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّـجِبۡرِيلَ فَإِنَّهُۥ نَزَّلَهُۥ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِ ) [البقرة:97] فنزول القرآن الكريم على النبي عليه السلام ليس له دخل فيه بل هو من عند الله.
ـ (كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ ﱽ) [البقرة:249] فنصر القلة يكون بتدبير إلهي , وإلا فالمنطقُ يقول إنهم يهزمون , بدليل قوله تعالى: (فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ) [البقرة:251] فالنصرُ كان من عند الله تعالى.
ـ (وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ) [البقرة:102] فالسحر لا يضر الآخرين إلا بقضاء الله وإذنه. والله أعلم.
القول الثاني:
لا فرق في الاستثناء بقولك: ( إنْ شاءَ الله ) وقولك: ( بإذن الله ) وذلك لأسباب عدّة منها:
آ ـ أنّ معنى كلٍ من الاستعمالين متقارب , فالتعليق على مشيئة الله يشابهُ التعليق على إذنه سبحانه.
ب ـ الاستعمال القرآني لكلٍ من هذين اللفظين أيضاً متقارب , وفي القرآن هناك بعض الآيات التي ورد فيه اللفظان على معنى واحد متقارب في آية واحدة , كما في قوله تعالى:
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ٥١ ﱠ [الشورى:51]
وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡ‍ًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ٢٦ ﱠ [النجم:26]
ج ـ معظم المفسرين لم يفرقْ بين الاستعمالين , وهناك منهم من يفسر المشيئة بإذن الله سبحانه.
د ـ وعند الفقهاء كذلك , فقد جاء في ( الموسوعة الفقهية ) في باب ( الاستثناء ) عن الأَيمَان والنذور والطلاق وغيرها: أنّ كلَ تعليقٍ على مشيئة الله ونحوه هومما يبطل الحكم , وقالوا: إنّ قولك: ( بإذن الله ) استثاء , كقولك: ( إن شاء الله ).
القول الثالث:
جملة ( إنْ شاء الله ) جملة فعلية , وجملة ( بإذن الله ) جملة إسمية , والجملة الفعلية تدل على الحدث , وربما يشير ذلك إلى ما ذهب به أصحاب القول الأول من أنّ ( إنْ شاء الله ) تأتي مع عملٍ أنت ستقوم به أي: ( حدث ) , بينما الجملة الاسمية تدل على الثبوت والاستمرار, لتشير إلى أنّ مشيئة الله هي السائدة المستمرة لكل الأزمنة قبل زمن الأفعال والأحداث , وخلالها وبعدها في الزمن السرمدي, وهي الأصل في كل خلق الله تعالى.
ولذلك من الأفضل أن نعلق كلَ شيء مستقبلي بالمشيئة كما قال تعالى: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا٢٣ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ ٢٤ ﱠ[الكهف: 23ـ24 ] , أمّا الشيء الماضي فلا يُعلق بالمشيئة إلا إذا قُصِدَ بذلك التعليل , فمثلاً لوقال لك شخص حين صلى:صليتُ إنْ شاء الله , فإنْ قَصَدَ فِعلَ الصلاة فإنّ الاستثناء هنا لا ينبغي , وإنْ قصَدَ الصلاة المقبولة فهذا يصح معه أنْ يقول: ( إنْ شاء الله ) لأنه لا يعلم أقبلتْ أم لم تقبل. والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #64  
قديم 23-03-2024, 12:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن(66)
مثنى محمد هبيان



(قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ لَّا ذَلُولٞ تُثِيرُ ٱلۡأَرۡضَ وَلَا تَسۡقِي ٱلۡحَرۡثَ مُسَلَّمَةٞ لَّا شِيَةَ فِيهَاۚ قَالُواْ ٱلۡـَٰٔنَ جِئۡتَ بِٱلۡحَقِّۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ) [البقرة: 71]
السؤال الأول:
ما الفرق في استعمالات الفعل (كاد) في قوله تعالى: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ) [البقرة:71] و (إِذَآ أَخۡرَجَ يَدَهُۥ لَمۡ يَكَدۡ يَرَىٰهَاۗ) [النور:40] و (وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزۡلِقُونَكَ بِأَبۡصَٰرِهِمۡ) [القلم:51]؟ وما الفرق بين كاد وعسى؟
الجواب:
( كاد )
(كاد) من أفعال المقاربة، أي: قارب الحصول ولم يحصل بينما (عسى) هو لمقاربة الأمر على سبيل الرجاء.
ـ خبر كاد فعل مضارع غير مقترن بأنْ على الغالب، وذلك لقربها من الوقوع.
ـ خبر عسى فعل مضارع مقترن بأنْ على الغالب؛ لأنّ (أنْ) تدل على الاستقبال.
وقيل: إنَّ (كاد) إثباتها نفي ونفيها إثبات، فإن قلت: كاد يفعل , فمعناه لم يفعل, وإنْ قلت: ما كاد يفعل, فمعناه أنه فعله بعد جهد، بدليل قوله تعالى: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ) [البقرة:71].
ومعنى قوله تعالى: (إِذَآ أَخۡرَجَ يَدَهُۥ لَمۡ يَكَدۡ يَرَىٰهَاۗ) [النور:40] أي: مبالغة في (لم يرها) , أي: لم يقرب أنْ يراها فضلاً عن أنْ يراها, والأصح أنّ المعنى أنه يراها بعد اجتهاد ويأس من رؤيتها.
ومعنى قوله تعالى: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ) [البقرة:71]أي: ذبحوها بعد الجهد، وبعد أنْ كان بعيداً في الظن أن يذبحوها.
ومعنى قوله تعالى: (وَلَا يَكَادُ يُبِينُ) [الزُّخرُف:52] هذا الكلام عن لسان فرعون في موسى عليه السلام، ولا شك أنّ موسى كان يبين بدلالة المحاجات المتعددة التي ذكرها القرآن مع فرعون والمعنى أنه كان يبين لكنْ بصعوبة.
ومعنى قوله تعالى: (لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا) [الكهف:93] هذه المحاورة تدل على أنهم يفقهون ولكنْ بصعوبة, ولا تدل على أنهم لا يفقهون وإلا فما هذه المحاورة بينهما؟
ومعنى قوله تعالى: (وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزۡلِقُونَكَ بِأَبۡصَٰرِهِمۡ) [القلم:51] دلالة على شدة تحديق المشركين ونظرهم للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حالة قراءة النبي للقرآن، وهو قوله: (لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكۡرَ) [القلم:51] غيظاً وسخطاً بحيث لو أمكنهم أنْ يصرعوه لصرعوه.
السؤال الثاني:
قوله تعالى في الآية: (يَفۡعَلُونَ) ما الفرق بين (يعملون) و(يفعلون) وما الفرق بين الفعل والعمل والصنع؟
الجواب:
1ـ العمل هو إيجاد الأثر في الشيء وعلى الأغلب فيه قصد ويحتاج إلى امتداد زمن، يقال: فلان يعمل من الطين خزفاً، وهو مختص بالإنسان من المخلوقات، كما ينسب العمل إلى الله سبحانه نحو: (مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا) [يس:71].
2ـ الفعل عام، وقد يكون بقصد أو بغير قصد، ويصلح أنْ يقع من الحيوان أو الجماد، كما تقول: فعل الرياح.
3ـ الصنع: أخص من الاثنين، وهو إجادة العمل ويحتاج إلى دقة ولا ينسب إلى حيوان أو جماد.
4ـ الفعل عام، والعمل أخصّ من الفعل، والصنع أخص.
ونستطيع أن ننظر في معاني الآيات، فالتي فيها زمن يقول: (يعملون) وما ليس فيه امتداد زمن وهو مفاجئ يقول: (يفعلون).
شواهد قرآنية: العمل:
ـ قوله تعالى عن الجان: (يَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَٰرِيبَ) [سبأ:13]، وهذا العمل يقتضي منهم وقتاً.
ـ قوله تعالى: (مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا) [يس:71] ما قال: فعلت؛ لأنّ خلق الأنعام والثمار يحتاج لوقت، فالله تعالى عندما يخلق التفاحة لا يخلقها فجأة، فقال: عملت أيدينا، يعني هذا النظام معمول بهذا الشكل؛ لأنّ فيه امتداد زمن.
قوله تعالى:( وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ) [البقرة:96] أي: في الحياة؛ لأنّ العمل عادة فيه مدة.
شواهد قرآنية: الفعل:
ـ قوله تعالى عن الملائكة: (وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ) [النحل:50]؛ لأنّ فعل الملائكة يتم برمش العين.
ـ قوله تعالى (أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ) [الفيل:1] باللحظة أرسل عليهم حجارة.
ـ قوله تعالى (أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ) [الفجر:6] خسف بهم.
ـ قوله تعالى (وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ) [إبراهيم:45] أي: العقوبات، وغضب الله سبحانه وتعالى لمّا ينزل على الضالين والظالمين أنفسهم ينزل فوراً ولا يحتاج لامتداد زمن.
ـ قوله تعالى (وَمَا كَادُواْ يَفۡعَلُونَ) [البقرة:71] أي: كادوا لا يفعلون والذبح سريع فهو فعل.
شواهد قرآنية: الصنع:
ـ قوله تعالى: (صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ) [النمل:88].
ـ قوله تعالى: (وَسَوۡفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ) [المائدة:14] أي: ما يخططون ويدبرون بدقة ضد المسلمين.
والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #65  
قديم 24-03-2024, 01:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (67)
مثنى محمد هبيان



(وَإِذۡ قَتَلۡتُمۡ نَفۡسٗا فَٱدَّٰرَٰٔتُمۡ فِيهَاۖ وَٱللَّهُ مُخۡرِجٞ مَّا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ٧٢ فَقُلۡنَا ٱضۡرِبُوهُ بِبَعۡضِهَاۚ كَذَٰلِكَ يُحۡيِ ٱللَّهُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ٧٣ ﱠ [البقرة: 72-73]
السؤال الأول:
قوله تعالى في هذه الآية: (وَإِذۡ قَتَلۡتُمۡ نَفۡسٗا) [البقرة:72] جاء بعد الأمر بذبح البقرة في الآية 67، فما فائدة تقديم الذبح في البيان؟ وما دلالة هاتين الآيتين بشكل عام؟
الجواب:
بشكل عام آيات البقرة هي في بيان النعم على بني إسرائيل، فناسب تقديم ذكر النعمة على ذكر الذنب. وجاء قوله تعالى: (وَٱللَّهُ مُخۡرِجٞ مَّا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ) [البقرة:72] بالصيغة الاسمية (مخرج ) لتدل أنه لا بدّ وأن يفعل ذلك , وأنه تعالى عالم بجميع المعلومات وإلا لما قدر على إظهار ما كتموه.
من جهة أخرى , قوله تعالى: (فَقُلۡنَا ٱضۡرِبُوهُ بِبَعۡضِهَاۚ) [البقرة:73] من المفيد أن نذكر هنا أنّ الله قادر على إحياء الميت دون ضربه ببعض البقرة , لكنّ الله تعالى اقتضت حكمته ترتيب الأشياء على أسبابها , ولجبر اليتيم صاحب البقرة بما حصل له من ثمنها , إضافة إلى بيان قدرة الله على إحياء الموتى أمام بني إسرائيل (لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ٧٣) [البقرة:73] أي: حتى تتفكروا بعقولكم , فتمتنعوا عن معاصيه. والله أعلم.
والله أعلم.
السؤال الثاني:
ما معنى قوله تعالى في هذه الآية: (فَٱدَّٰرَٰٔتُمۡ فِيهَاۖ) ؟
الجواب:
أي تدافعتم لأنّ المتخاصمين يدرأ بعضهم بعضاَ أي يدفعه , والمعنى: اتهم بعضكم بعضاً وتدافعتم لطمس معالم الجريمة ودرء الشبهة.والله أعلم.
****
{ ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةٗۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ}[البقرة: 74]
السؤال الأول:
تكرر الضمير ( منها ) و ( منه ) في الآية مرتين لكل منهما , إلى أين تعود هذه الضمائر؟وما إعراب قوله: (وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ)؟
الجواب:
الضمير ( منها ) في الموضعين يعودان إلى كلمة:(الحِجَارة) و ( مِن ) هنا للتبعيض , أي: من بعض الحجارة , بينما يعود الضمير ( منه ) في قوله تعالى: ( يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ) إلى مكان التفجّر, وهو التفتح بسعة وكثرة , ويعود في قوله تعالى: ( لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ) إلى مكان التشقق أو التصدع الذي يخرج الماء منه , وهو دون النهر.
وأمّا الإعراب فهو كالتالي:
وإنّ: الواو حرف إستئناف , و ( إنّ) حرف توكيد ونصب.
من الحجارة: جار ومجرور , وشبه الجملة في محل رفع خبر إنّ مقدم.
لما: اللام للتوكيد , و ( ما ) إسم موصول مبني على السكون في محل نصب إسم ( إنّ).
يتفجّر: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
منه: جار ومجرور.
الأنهارُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة , والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والله أعلم.
السؤال الثاني:
ما دلالة حكم الإظهار في التلاوة في قوله تعالى في الآية: (وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ)؟
الجواب:
وردت جملة: (وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ) ست مرات في القرآن الكريم في الآيات: [ البقرة 74 ـ 85 ـ 140 ـ144 ـ 149 ـ آل عمران 99] ووردت جملة: (وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ) ثلاث مرات في القرآن الكريم في الآيات: [ الأنعام 132 ـ هود 123 ـ النمل 93 ] , ونلاحظ وجود إظهار بين كلمتي (بِغَٰفِلٍ عَمَّا) وبذلك لا توجد غنة وإنما نون ظاهرة توحي بقطعية هذا الخبر , وأنّ الله ليس بغافل عما تعملون ولو للحظة واحدة.
أمّا في حالة نسبة (الغفلة) إلى البشر فقد وردت في القرآن , وبعدها كلمات لا تبدأ بحروف الحلق , كما في قوله تعالى:
(وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ وَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ٣٩) [مريم:39].
(وَهُمۡ فِي غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ) [الأنبياء:1].
(يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا) [الأنبياء:97].
(وَدَخَلَ ٱلۡمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفۡلَةٖ مِّنۡ أَهۡلِهَا) [القصص:15].
(لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ) [ق:22].
أي توجد غنة حسب أحكام علم التجويد في: (غَفۡلَةٖ وَهُمۡ) (غَفۡلَةٖ مُّعۡرِضُونَ ) (غَفۡلَةٖ مِّنۡ) , أي أنّ البشر غافلون لمدة طويلة , وليس لمدة قصيرة فقط.
وهذا من لطائف معاني أحكام التجويد. والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #66  
قديم 24-03-2024, 01:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (68)
مثنى محمد هبيان


(وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ)[البقرة: 76]
السؤال الأول:
قوله تعالى: (بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ) [البقرة:76] ما الفرق بين (فتح الله لك) و(فتح الله عليك)؟ وما طبيعة اللام في قوله تعالى:( لِيُحَآجُّوكُم) ؟وما دلالة هذه الآية؟
الجواب:
1ـ فتح الله لك: تأتي في الخير وفي غير الخير.
2ـ فتح الله عليك: تأتي في الخير وفي غير الخير، لكنْ تأتي من فوق.
شواهد قرآنية:
ـ قوله تعالى: (وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعۡرُجُونَ) [الحِجر:14] هذا في الشر.
ـ قوله تعالى: (حَتَّىٰٓ إِذَا فَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَابٗا ذَا عَذَابٖ شَدِيدٍ إِذَا هُمۡ فِيهِ مُبۡلِسُونَ) [المؤمنون:77] هذا في الشر.
ـ قوله تعالى: (لَفَتَحۡنَا عَلَيۡهِم بَرَكَٰتٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ) [الأعراف:96] هذا في الخير.
ـ قوله تعالى: (قَالُوٓاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمۡۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ) [البقرة:76] هذا في الخير، والله أعلم.
3ـ اللام في قوله تعالى: (لِيُحَآجُّوكُم) هي لام العاقبة أو الصيرورة , وليست للتعليل لأنهم لم يقصدوا ذلك , وإنما كان المآل والعاقبة , ولكنها مثل لام التعليل في النحو , والفعل
( يحاجوكم ) فعل مضارع منصوب بأنْ المضمرة بعد لام العاقبة , واللام ومجرورها متعلقان بالفعل (تحدثونهم).
4ـ كان بعض منافقي اليهود يقولون للذين آمنوا إذا لقوهم: آمنا بدينكم وبرسولكم , وإذا خلا بعضهم ببعض قال الرؤساء لهم في إنكار:أتحدثون المؤمنين بما بيّن الله لكم في التوارة من أمر محمد في نعته وصفته, لتكون لهم الحجة عند ربكم يوم القيامة !!! أفلا تفقهون فتحذروا !!؟؟
(أَوَ لَا يَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَ)[البقرة: 77]
السؤال الأول:
هل هذا الاستفهام في الآية حقيقي؟ وما غاية هذا الاستفهام؟
الجواب:
هل ينتظر المستفهِم جواباً لسؤاله؟ إنك قد تقول لولدك أو عاملك: ألم تعلم أني أكره هذا الأمر؟ فسؤالك لا تنتظر له جواباً، وإنما غايتك لوم الفاعل, وهذا لا يُنتظر منه جواباً وإنما الغاية لوم الفاعل.
وفي قوله تعالى: (أَوَ لَا يَعۡلَمُونَ) [البقرة:77] استفهام غايته التوبيخ ولوم القوم.
والهمزة في (أَوَلَا) هي للاستفهام التقريري, ومعناه حمل المخاطب على الإقراروالاعتراف مع التوبيخ واللوم.والواو عاطفة وهي بنيّة التقديم على الهمزة وإنما أُخرت لقوة الهمزة , و( لا ) نافية.
والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #67  
قديم 24-03-2024, 01:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (69)
مثنى محمد هبيان



(وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ)[البقرة: 78]
السؤال الأول:
الأميّ هو من لا يعرف القراءة ولا الكتابة لكن من أين أتى هذا اللفظ؟ ومن أين اكتسب معناه؟
الجواب:
إن كلمة (أُمِّيٍّ ) اسم منسوب, والنِّسبةُ: هي كل اسم انتهى بياء مشددة , فإذا أردنا أن ننسب رجلاً إلى اليمن نقول هو يمنيٌّ، فما الكلمة التي نُسِب إليها الأُمِّيُّ؟ إن هذا الاسم منسوب إلى الأمِّ، أي: الوالدة؛ لأنه بقي على الحال التي بقي عليها مدة حضانة أمه له فلم يكتسب علماً جديداً , لذلك قيل عنه أميّ.
السؤال الثاني:
ما المعسكرات التي واجهت الدعوة الإسلامية في مكة والمدينة؟
الجواب:
المعسكرات التي واجهت الدعوة الإسلامية هي:
آ ـ المشركون في مكة.
ب ـ أهل الكتاب في المدينة , ومعظمهم من اليهود، أمّا النصارى فعددهم قليل.
وأهم فرق اليهود قسمان:
1 ـ (وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ) [البقرة:78] وهؤلاء لا يعرفون من التوراة إلا ما يقوله لهم أحبارهم فقط, وهؤلاء ربما لو كانوا يعلمون ما في التوراة من صفات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لآمنوا به, والله لم ينفِ عنهم مطلق العلم ولكنه نفى خصوصية العلم؛ لأنه قال: (لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ) [البقرة:78].وهؤلاء هم العوام من اليهود , وليسوا من أهل العلم , وهؤلاء إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم.
والأماني بالتخفيف جمع أُمنِيَةٍ، وبالتشديد جمع أُمنِيَّةٍ , وهؤلاء الأميّون يأخذون المعلومات البسيطة من أحبارهم فيصدقونهم دون مناقشة، فيحمل هؤلاء الأحبار أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم.
وكلمة (أَمَانِيَّ) [البقرة:78] لها معان مشتركة في أصل واحد، ومنها:
آ ـ ما يتخيله الإنسان فيقدّر في نفسه وقوعه، كقوله تعالى: (يَعِدُهُمۡ وَيُمَنِّيهِمۡۖ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا) [النساء:120] ويكون معنى الآية [78] أنّ أمانيهم في أنّ الله تعالى لا يؤاخذهم بخطاياهم، وأنّ آباءهم يشفعون لهم، وأنّ النار لا تمسهم إلا أياماً معدودة , وأنهم شعب الله المختار , وأنهم أبناء الله وأحباؤه , وأن الجنة خُلقت لهم لا لغيرهم.
ب ـ (إِلَّآ أَمَانِيَّ): بمعنى أكاذيب سمعوها من علمائهم فقبلوها على التقليد.
ج ـ (إِلَّآ أَمَانِيَّ): إلا ما يقرؤون، أي: إلا بقدر ما يتلى عليهم فيسمعونه ثم إنهم لا يتمكنون من التدبر والتأمل.
2 ـ وقسم يعلمون التوراة، ولكنهم يغيرون ما فيها ويكتبونه بأيديهم ويقولون هذا من عند الله، ولذلك توعدهم الله بالعذاب: (فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ) [البقرة:79] وهؤلاء متعمدون للإثم, وليست صكوك الغفران إلا شكلاً من أشكال كسبهم الحرام.
فذكر القرآنُ الكريم في آيات سورة البقرة ( 76:78 ) علماء اليهود , وعوامَهم , ومنافقيهم , ومن لم ينافق منهم , فالعلماء منهم متمسكون بما هم عليه من الضلال , والعوام مقلدون لهم , ولا بصيرة عندهم , فلا مطمع لكم في الطائفتين.
السؤال الثالث:
ما نوع الاستثناء في قوله تعالى: (إِلَّآ أَمَانِيَّ) ؟
الجواب:
هذا استثناء منقطع , لأنّ الأماني ليست مندرجة تحت مدلول الكتاب , ولهذا وجب نصبُه رغم تقدم النفي , وإنما يكون ذلك في كل موضع حسن أنْ يوضع فيه مكان ( إلا ) بـ ( لكن ) فيُعلم حينئذ انقطاع معنى الثاني عن معنى الأول.والله أعلم.
(فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٞ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ) [البقرة: 79]
السؤال الأول:
ما الفرق بين (يا ويلنا) وبين (يا ويلتي)؟
الجواب:
الويل: هو الهلاك والعذاب، واسم لوادٍ في جهنم، ويجمع على ويلات, وقد تلحقه الهاء فيصبح: الويلة: وهي الفضيحة والخزي.
وقد وردت (الويل) في عدة صيغ في القرآن الكريم وهي:
آ ـ (وَيۡلٞ) في سبعة وعشرين موضعاً.
ب ـ (وَيۡلَكَ) الأحقاف [17].
ج ـ (وَيۡلَكُمۡ) [طه:61]، القصص[ 80].
د ـ (يَٰوَيۡلَنَا) الأنبياء[14،46، 97]، يس [52]، الصافات[20]، القلم[31].
وكذلك وردت (الويلة ) في صيغتين:
آ ـ (يَٰوَيۡلَتَىٰ) [هود:72]، الفرقان[ 28].
ب ـ (يَٰوَيۡلَتَنَا) [الكهف:49].
السؤال الثاني:
ما فائدة ذكر كلمة (أَيۡدِيهِمۡ) في الآية؟
الجواب:
ذكرُ كلمة (أَيۡدِيهِمۡ) مع أنّ الكتابة تتم باليد؛ لتأكيد وقوع الكتابة من قِبَلهم وتبيان أنهم عامدون في ذلك, كما تقول: (نظر بعينه) مع أنّ النظر لا يكون ولا يتم إلا بالعين, وتقول: (تكلّم بفمه ) فالغاية من هذا كله تأكيد العمل. والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #68  
قديم 25-03-2024, 04:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (70)
مثنى محمد هبيان



(وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡدٗا فَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥٓۖ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ)[البقرة: 80]
السؤال الأول:
ما الفرق بين دلالة الجمع في (معدودة) و (معدودات)؟
الجواب:
القاعدة: وصف جمع غير العاقل: إنْ كان بالإفراد يكون أكثر من حيث العدد من الجمع السالم، كأنهار جارية وأنهار جاريات، فالجارية أكثر من حيث العدد من الجاريات، وأشجار مثمرة أكثر من مثمرات، وجبال شاهقة أكثر من حيث العدد من شاهقات، فالعدد في الأولى أكثر، وجمع السالم قلة. فهذه من المواضع التي يكون فيها المفرد أكثر من الجمع.
لذلك تكون (معدودات) جمع قلّة، وهي أقل من (10)، أمّا (معدودة) فهي تدل على أكثر من (10).
شواهد قرآنية:
ـ قال تعالى في سورة آل عمران: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۖ وَغَرَّهُمۡ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ) [آل عمران:24] اختيار كلمة (مَّعۡدُودَٰتٖۖ) في هذه الآية؛ لأنّ الذنوب التي ذُكرت في هذه الآية أقلّ. وهذا يناسب أمنية من قال من اليهود: أنهم سيُعَذبون سبعة أيام فقط , لكل ألف سنة من عمر الدنيا سيُعَذبون يوماً واحداً في النار , وهي في زعمهم سبعة آلاف سنة , ثم ينقطع العذاب.
ـ وقال تعالى في سورة البقرة: (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡدٗا فَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥٓۖ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ) [البقرة:80] اختيار كلمة (مَّعۡدُودَةٗۚ) في هذه الآية؛ لأنّ الذنوب التي ذُكرت في سياق هذه الآية أكثر. انظر آيات البقرة [75: 80].وهذا يناسب أمنية من قال من اليهود: أنهم سيُعَذبون أربعين يوماً فقط , بعدد الأيام التي عبدوا فيها العجل , ثم ينقطع العذاب.
ـ وقد قال تعالى في سورة يوسف عليه السلام: (وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۢ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّٰهِدِينَ) [يوسف:20] أي أكثر من 11 درهماً، ولو قال: (معدودات)، لكانت أقل.
السؤال الثاني:
ما دلالة هذه الآية؟ وما نوع الفاء في قوله تعالى: (فَلَن) ؟ وما دلالة الحرف (أَمۡ) ؟
الجواب:
1 ـ هذه من الأماني التي يعتقدها اليهود أنهم لن يُعذبوا إلا أربعين يوماً بعدد الأيام التي عبدوا فيها العجل , ثم ينقطع العذاب , فيمنون أنفسهم بذلك , فردّ الله عليهم: (قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡدٗا فَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥٓۖ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ) [البقرة:80] فأخبر سبحانه أنّ أمر دعواهم متوقفٌ على:
آ ـ إمّا أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهداً, فتكون دعواهم صحيحة.
ب ـ وإمّا أنهم متقولين على الله , فتكون دعواهم كاذبة , وهذا أبلغ في خزيهم وعذابهم.
ولمّا عُلم من حالهم , بسبب تكذيبهم وقتلهم لكثير من أنبيائهم , أنهم لم يتخذواعند الله عهداً , فتعيّن أنهم متقولون على الله , وهذا من أشنع القبائح.
2ـ الفاء في: (فَلَن) هي فاء الفصيحة لأنها أفصحت عن شرط مقدر: إنْ اتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده.
وأمّا الحرف: (أَمۡ) في الآية فهو حرف عطف معادل للاستفهام فهي متصلة , ويحتمل أن تكون منقطعة بمعنى: ( بل ) وكلاهما يفيد معنى التقرير والتوبيخ.
والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #69  
قديم 25-03-2024, 04:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (71)
مثنى محمد هبيان



(بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓ‍َٔتُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ)[البقرة: 81]
السؤال الأول:
قوله تعالى: (بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓ‍َٔتُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ) [البقرة:81] كيف تحيط الخطايا والإثم بالإنسان؟
الجواب:
الخطيئة اسم لما يقترفه الإنسان من آثام وجرائم، تأمل السِّوار الذي يحيط بالمعصم لا يبقي منفذاً من اليد خالياً دون إحاطة، وهذه صورة الخطايا والآثام عندما تكثر فهي تلتف حول الجسم والروح ولا تدع للإنسان مجالاً لحرية الهروب من الخطأ، كذلك الفاسق لو أبصر أيمن منه وأيسر منه ولو أبصر فوقه أو أسفل منه لما رأى إلا المنكر الذي ألِفَه واعتاده , لذلك فإنّ إحاطة الخطيئة بصاحبها معناها أنها لم تدع له منفذاً , وهذا لا يكون إلا الشرك, لأنّ من كان معه إيمان لا تحيط به خطيئته.
السؤال الثاني:
مادلالة هذه الآية وما يستفاد منها؟
الجواب:
1ـ بلى: حرف جواب في النفي، أي: ينفي الذي قبلها، أي: نفى قول اليهود: (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَةٗۚ قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡدٗا فَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ عَهۡدَهُۥٓۖ أَمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ) [البقرة:80].
2ـ هنا نلاحظ أنّ الحق سبحانه قال: (بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ) [البقرة:81] وكان السياق أنْ يقال: اكتسب , ولكنْ لأنهم ظنوا أنهم كسبوا.
ونلاحظ أنّ القرآن استعمل كسب مع السيئة؛ لأنه يتحدث عن الذين أسرفوا على أنفسهم وبالغوا في المعصية حتى أحبوها وعشقوها، بل ويتحدثون بها ويجاهرون, فكأنّ المعصية تأتي منهم طبيعية يفعلونها بدون افتعال ولا احتياط، فهي في حقهم كسب لا اكتساب , ويفرحون بها كأنها مكسب، فلا يؤنبون أنفسهم ولا يلومونها ولا يندمون على معصيتهم.
3ـ وقوله تعالى: (وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓ‍َٔتُهُ) [البقرة:81] أي: إحاطة لا يوجد فيها منفذ للإفلات من الخطيئة؛ ولذلك هؤلاء ليسوا عصاة فقط، بل كانوا كافرين مشركين، فكان الجزاء(فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ) [البقرة:81] بالجملة الاسمية الدالة على الثبات.
هناك من يندم على المعصية وهذا له توبة، وهناك من يفرح بالمعصية وهذا يزداد معصية.
4ـ هذه الآية تبين حكم الله الثابت العام لكل أحد , ويدخل به بنو إسرائيل وغيرهم , وهو ردٌ من الله تعالى على بعض أمنيات اليهود بأنّ النار لن تصيبهم في الآخرة إلا أياماً معدودة , فبين الله أنه من أحاطت به خطاياه من كل جانب فعمّ الشرك والكفر فما دونه, لأنّ من معه إيمان لا تحيط به خطيئته , فهو مخلد في النار, ملازم لها ملازمة دائمة.
السؤال الثالث:
ما دلالة الحرف (بلى) وكم مرة ورد في القرآن الكريم؟
الجواب:
(بلى) حرف جواب لاستفهام فيه حرف نفي، كقولك: ألم تفعل كذا؟ فيقول: بلى، وكما في قوله تعالى: (أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآۚ) [الأعراف:172]. وفي «مختار الصحاح»: (بلى) جواب للتحقيق توجب ما يقال لك؛ لأنها ترك للنفي وهي ضد ( لا).
وقيل: الألف في ( بلى ) أصلية , وقيل: الأصل (بل) والألف زائدة , وقيل: هي للتأنيث بدليل إمالتها.
وقد وردت (بلى) في القرآن الكريم في (22) موضعاً، وفي ( 16) سورة, وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1ـ وهو اختيار القراء وأهل اللغة: الوقف عليها؛ لأنها جواب لما قبلها غير متعلق بما بعدها؛ وذلك في عشر مواضع:
البقرة موضعان( 81-112) آل عمران موضعان ( 76ـ 125) الأعراف (172) النحل (28) يس ( 81) غافر ( 50) الأحقاف ( 33) الانشقاق( 15)، وقد أجاز بعضهم الابتداء بها وليس بمختار، والله أعلم.
2ـ ما لا يجوز الوقف عليه لتعلق ما بعدها بما قبلها، وذلك في سبع مواضع:
الأنعام ( 30) في قوله تعالى (قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ) [الأنعام:30] وفي النحل (38) سبأ ( 3) ,الزمر (59) الأحقاف (34) التغابن (7) القيامة ( 4).
3 ـ وفيه الخلاف بين جواز الوقف ومنعه , والأحسن عدم الوقف لاتصالها بما قبلها؛ وذلك في خمس مواضع:
البقرة ( 260) في قوله تعالى (قَالَ أَوَ لَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطۡمَئِنَّ قَلۡبِيۖ) [البقرة:260], الزمر (71) الزخرف ( 80) الحديد ( 14) الملك ( 9).
السؤال الرابع:
ما الفرق بين أدوات الجواب التالية: نعم ـ بلى ـ أجل ـ أي ـ جلل؟
الجواب:
أحرف الجواب هي:
نعم:
حرف تصديق ووعد وإعلام.
ـ التصديق: بعد الخبر، نحو: قد زارك محمد، فتقول: نعم.
ـ الوعد: بعد الأمر والنهي، نحو: لا تخبره بما حدث، فتقول: نعم.
ـ الإعلام: بعد الاستفهام، نحو: أحضر خالد؟ فتقول: نعم.
بلى:
مختصة بإبطال النفي، وهي لا تقع إلا بعد النفي.
شواهد قرآنية:
ـ (أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ) [الأعراف:172].
ـ (ٓ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ نَذِيرٞ* قَالُواْ بَلَىٰ) [المُلك:8 – 9].
أجل: حرف جواب يقع بعد الخبر كثيراً فيكون تصديقاً له، نحو: أزارك خالد؟ فتجيب: أجل.
إي: بكسر الهمزة وسكون الياء وهي مثل (نعم) غير أنها لا تقع إلا قبل القسم فتكون تصديقاً للمخبر ووعداً للطالب وإعلاماً للمستفهم، قال تعالى: (وَيَسۡتَنۢبِ‍ُٔونَكَ أَحَقٌّ هُوَۖ قُلۡ إِي وَرَبِّيٓ إِنَّهُۥ لَحَقّٞۖ) [يونس:53].
وللعلم فإن (إي) لا تكون إلا قبل القسم، وأمّا (نعم) فتكون مع القسم وغيره.
جلل: حرف بمعنى( نعم)، واسم بمعنى (عظيم).
والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #70  
قديم 25-03-2024, 04:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (72)
مثنى محمد هبيان



(وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ)[البقرة: 83]
السؤال الأول:
ما الفرق بين (وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ) [البقرة:83] و(وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ) [النساء:36]؟
الجواب:
1ـ لدينا آيتان، الأولى تتحدث عن اليهود، وهي قوله تعالى: (وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ) [البقرة:83]؟ وفيها (ذي القربى) بدون باء.
و الآية الثانية تتحدث عن المسلمين، وهي قوله تعالى: (وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ) [النساء:36] وفيها (بذي الْقُرْبَى) مع الباء.
هل هذه الباء زائدة وليس لها معنى؟ في الحقيقة لا؛ فرب العالمين بهذه الباء يرسم ما هومستقبل القربى عند اليهود وما هو مستقبل القربى عند المسلمين، أي: الترابط الأسري، والتناسب الخَلقي ومدى مسؤولية كل واحد في الأسرة.
ورب العالمين يعلم مقدماً أنه ما من أمة على وجه الأرض سوف تصل إلى ما وصل إليه المسلمون من العناية بالرحم و بالقربى، والكل يشهد بذلك، ونحن لا يوجد لدينا من يترك أمه وأباه في الملجأ، ولا يوجد من لا يعرف عمه أو خاله، أو من لا يعرف أباه أو جده، هذا مستحيل، في حين نجد عكس ذلك في بقية الأمم خاصة في أيامنا هذه.
فرب العالمين عز وجل عندما ترك الباء بهذه الآية [البقرة 83] وأثبتها في آية [النساء 36] أشار بذلك إلى أنّ هذه الأمة وحدها هي التي سوف تُعنى بالأرحام والأقارب والوالدين والتماسك الأسري مع الأعمام والأخوال والأجداد والجدات.
هذا هو أثر الباء، ووجودها في آية المسلمين وحذفها من آية أخرى لغير المسلمين.
2ـ في آية البقرة ذُكرت الباء مع (وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا) [البقرة:83] وحُذفت مع كلمة (وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ) [البقرة:83] وأمّا في آية النساء فقد ذكرت الباء مع الوالدين وذي القربى.
3ـ السياق في سورة النساء هو الكلام عن القرابات من أول السورة إلى آخرها، وليس في هذه الآية فقط؛ لذلك كان ذكر الباء مع ذي القربى في هذه الآية لمراعاة التفصيل والتوكيد.
وأمّا آية سورة البقرة فليس السياق في القرابات، وإنما عما مضى من أخذ ميثاق بني إسرائيل فحُذفت الباء في (وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ) مراعاة للاختصار.
والله أعلم.
السؤال الثاني:
المطلوب إعطاء مختصر عن أهم النقاط في تفسير آية البقرة 83؟
الجواب:
1ـ قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي (يعبدون) بالياء على أنهم غيب أخبر عنهم, والباقون بالتاء على أنهم مخاطبون، والاختيار التاء.
2ـ في قوله تعالى: (تَعۡبُدُونَ) من الإعراب على خمسة وجوه:
آـ على الرفع بتقدير: بأنْ لا يعبدوا , إلا أنه لما أُسقطت (أن) رُفِعَ الفعل، كما قال طَرَفَة:
ألا أيُّهذا اللائمي أحضـرَ الوغـــى=وأن أشهدَ اللَّذاتِ هل أنت مُخلِدِي
فأراد (أنْ أحضر) ولذلك عطف عليه (أنْ أشهد)، وأجاز هذا الوجه الأخفش والفراء والزجّاج.
ب ـ موضعه رفع على أنه جواب القسم، كأنه قيل: وإذ أقسمنا عليهم لا تعبدون, وهذا الوجه أجازه المبرد والكسائي والفراء وأحد قولي الأخفش.
ج ـ في موضع نصب حال على تقدير: أخذنا ميثاقكم غير عابدين إلا الله.
د ـ قول الفراء أنّ موضع (لا تعبدون) على النهي، إلا أنه جاء على لفظ الخبر، كقوله تعالى (لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا) [البقرة:233].
هـ ـ التقدير: أنْ لا تعبدوا، وتكون (أنْ) مع الفعل بدلاً عن الميثاق.
3ـ هذا الميثاق يدل على تمام ما لا بدّ منه في الدين , وهذا الميثاق هو من أصول الدين وشرائعه التي أمر الله بها عباده في كل رسالة, فلم يدخلها النسخ , وهذا الميثاق مكون من عشرة بنود وهي: الإيمان بالله وحده ـ بر الوالدين ـ الإحسان إلى الأقارب والأرحام ـ الإحسان إلى اليتامى ـ الإحسان إلى المساكين ـ مخاطبة الناس بالكلام الطيب ـ المحافظة على الصلاة ـ إخراج الزكاة ـ ألا يسفك بعضهم دماء بعض ـ ألا يخرج بعضهم بعضاً من داره.( البقرة 83 ـ 84 ).
4ـ قوله تعالى: (وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا) [البقرة:83] انتصب بتقدير: أحسنوا بالوالدين إحساناً، أو: وصيناهم بالوالدين، أو بتقدير: أنْ تعبدوا وتحسنوا.
5ـ أردف الحق عبادته بالإحسان إلى الوالدين، وذلك:
آـ نعمة الله على العبد أعظم النعم، ثم نعمة الوالدين.
ب ـ الله سبحانه هو الموجد والمؤثر الحقيقي للعبد، والوالدان هما المؤثر بحسب العرف الظاهر.
ج ـ لبيان عظم حقهما على الولد.
6ـ قوله تعالى: (وَٱلۡيَتَٰمَىٰ) [البقرة:83] اليتيم الذي مات أبوه حتى يبلغ الحلم، وجمعه أيتام ويتامى، ولا يقال لمن ماتت أمه: إنه يتيم , أمّا في غير الإنسان فيُتمه من قِبَلِ أمِّه.
7ـ قوله تعالى: (وَٱلۡمَسَٰكِينِ) [البقرة:83] جمع مسكين، أُخذ من السكون كأنّ الفقر قد سكنه، وهو أشد فقراً من الفقير عند أكثر أهل اللغة, وقيل غير ذلك.
وتأخرت درجتهم عن اليتامى؛ لأنّ المسكين قد ينتفع به في الاستخدام والميل إلى مخالطته أكثر من الميل إلى مخالطة اليتامى؛ ولأنّ المسكين يمكنه الاشتغال بتعهد نفسه ومصالح معيشته أكثر من اليتيم.
8ـ قوله تعالى: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا) [البقرة:83] أي: قولاً حسناً، لكنه جاء بصيغة الصفة المشبهة كقولك: رجل عدل, ليكون التقدير: ليكن قولكم للناس هو الحُسن بذاته.
وهذا القول خطاب بعد الإخبار على طريقة الالتفات، كقوله تعالى (حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ) [يونس:22].
والكلام مع الناس سواء كان في الأمور الدينية أو الدنيوية الأفضل أنْ يكون بالتلطف.
9ـ قوله تعالى: (ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ) [البقرة:83] وفيه وجوه:
آـ أنّ المقصود من تقدم من بني إسرائيل.
ب ـ أنه خطاب لمن كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ج ـ المراد بقوله: (ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ) [البقرة:83] من تقدم، وقوله: (وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ) [البقرة:83] من تأخر. والله أعلم.
السؤال الثالث:
استعمل القرآن في سياق الدعاء والبر للوالدين لفظة (ٱلۡوَٰلِدَيۡنِ) [النساء:135] دون لفظة (الأبوين) فما دلالة ذلك؟
الجواب:
الوالدان مثنى الوالد والوالدة, وهو تغليب للمذكر كعادة العرب في التغليب؛ إذ يغلّبون المذكر كالشمس والقمر يقولون عنهما (القمران)، والأبوان هما الأب والأم، ولكنه غلّب المذكر ولو غلب الوالدة لقال: الوالدتان، وسواء قال: بأبويه أو بوالديه فهو تغليب للمذكر.
لكنك لا تجد في القرآن الكريم البر أو الدعاء أو التوصية إلا بذكر الوالدين لا الأبوين كما في الآيات المذكورة أعلاه.
ولم يرد استعمال (الأبوين) إلا مرة واحدة في المواريث؛ لأنّ نصيب الأب أكبر من نصيب الأم أو التساوي في الأنصبة, لكنْ في البر والتوصية والدعاء لم يأت إلا بلفظ الوالدين إلماحاً إلى أنّ نصيب الأم ينبغي أنْ يكون أكثر من نصيب الأب.
كما أنّ لفظ (الأبوين) قد يأتي للجدين، كما قال تعالى: (كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَىٰٓ أَبَوَيۡكَ مِن قَبۡلُ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَۚ) [يوسف:6] ويأتي لآدم وحواء: (كَمَآ أَخۡرَجَ أَبَوَيۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ) [الأعراف:27] فاختيار (الوالدين) له دلالات مهمة، وينطبق هذا على وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للصحابي الذي سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك» فأعطى كلا منهما على قدر ما قدم.
قد تقول: إنّ هذا الأمر تخلّف في قصة سيدنا يوسف عليه السلام عندما قال: (وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّواْ لَهُۥ سُجَّدٗاۖ) [يوسف:100] فاختار الأبوين , والجواب أنّ الأمر لم يختلف، وبيان ذلك:
آ ـ في قصة يوسف لم يرد ذكر للأم مطلقاً، بل ورد ذكر الأب الحزين الذي فقد ابنه وذهب بصره.
ب ـ في هذا الاختيار أيضاً تكريم للأم؛ لأنّ العادة أنْ يكرم الابن أبويه وليس أنْ يكرم الأبوان الابن، وسجود التكريم حصل من الأبوين للابن، ولذلك جاء بلفظ الأبوين لا الوالدين إكراماً للأم، فلم يقل: (ورفع والديه).
ج ـ وفيها إلماحٌ أنّ العرش ينبغي أنْ يكون للرجال.
وهذا يناسب ما ذكر عن الأب فهو الأنسب من كل ناحية.
وهنا يرد سؤال: لماذا لم يرد ذكر الأم في قصة يوسف مع أنّ الأم هي التي تتأثر وتتألم وتحزن أكثر؟ والجواب: أنّ الأم إمّا أنْ تكون قد توفيت من قبل على بعض الروايات، أو أنّ أم يوسف هي أم ليوسف وأخيه بنيامين فقط وليست أم بقية الإخوة, لذلك يكون كلامها حساساً مع إخوته, أمّا يعقوب عليه السلام فهو أبوهم جميعاً، فإذا عاتبهم أو كلمهم فهو أبوهم , أمّا الأم فليست أمهم فإذا تكلمت ففي الأمر حساسية وهذا من حسن تقديرها للأمور، فكتمت ما في نفسها وأخفت لوعتها وتركت الأب يتصرف، وهذا من حسن التقدير والأدب.
السؤال الرابع:
وردت كلمة (إِحۡسَانٗا) [البقرة:83] وكلمة (حُسۡنٗاۖ) [العنكبوت: 8] في سياق الدعاء للوالدين، فما الفرق بينهما؟
الجواب:
الله سبحانه وتعالى في جميع القرآن الكريم إذا أمر بالبر والدعاء يستعمل الوالدين وليس الأبوين، ولم يستعمل الأبوين إلا في موضوع المواريث أو في أمور أخرى, ولم يذكر في القرآن موقف بر أو دعاء إلا بلفظ الوالدين, وهو مثنى الوالد مع تغليب المذكر, ومشتقة من الولادة والولادة تقوم بها الأم، وهذه إشارة إلى أنّ البر بالأم أولى قبل الأب، كما جاء في الحديث الشريف: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك».
وقد وردت كلمة الوالدين بالدعاء لهما في سبع آيات يمكن الاطلاع عليها من خلال الجدول التــالي:
البيـــــان:
أولاً:
هذه الدراسة أو المقارنة هي لآيات الوالدين في [العنكبوت والأحقاف ولقمان] فقط ونلاحظ ما يلي:
1ـ المراتب: الإحسان أعلى من الحُسن , فأنْ تعامل إنساناً بحُسنٍ أمرٌ عادي لكن أنْ تحسن إليه هذه مرتبة أعلى من الحُسن؛ لأنّ الإحسان يتعدى خيره للآخرين، تقول: أحسنت إليه.
2ـ حُسناً: مصدر حَسُنَ، وهو فعل لازم، تقول: حَسُنَ الشيء في نفسه, وإحساناً مصدر أحْسَنَ، فعلٌ متعدٍّ، تقول: أحسنت إليه, فالكلمتان حُسناً وإحساناً مصدران مختلفان لفعلين مختلفين, لكنّ (إحساناً) أعلى من(حسناً)، والإحسان أمكن من الحُسن في فعل الخير ونفع الآخرين.
3ـ نلاحظ ما يلي:
آ ـ ذكر في آية الأحقاف أمرين: الحمل والوضع، وكلاهما كُره ومشقة, واستعمل: إحساناً.
ب ـ في آية العنكبوت: لم يذكر الحمل أصلاً ولا الوضع، واستعمل: حسناً.
ج ـ في آية لقمان: ذكر الحمل فقط ولم يذكر الوضع، ولم يستعمل حسناً أو إحساناً.
النتيجة: الوضع الأصعب في آية الأحقاف فناسب (إحساناً)؛ لأنها أعلى من (حسناً).
4ـ في الأحقاف الوالدان مؤمنان، وفي العنكبوت ولقمان الوالدان كافران, وبالتالي الوالدان المؤمنان يستحقان الإحسان أكثر من الوالدين الكافرين؛ فناسب في الأحقاف (إحساناً).
ثانياً ـ مقارنة بين آيتي لقمان وآية العنكبوت(حالة الوالدين في الآيتين مشركان):
1ـ في آية لقمان لم يذكر (حسناً) أو (إحساناً)، وإنما بيّن الحيثيات والمصاحبة, وذكر فيها:
آ ـ الوالدان مشركان أشد كفراً بسبب الفقرة التالية، وهي:
ب ـ المجاهدة من كليهما بصيغة الاستعلاء (عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ) [لقمان:15] وكأنها شرط، وفيها معنى شدة الحمل على الشيء وشدة الحمل على المجاهدة وهي أقوى من (لتشرك) التي تفيد بيان الغرض والتعليل.
ج ـ سياق السورة في آداب المصاحبة من الابن للأب وبالعكس؛ ومع الوالدين ومع المجتمع ؛ وتشمل هذه الآداب: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعدم التكبر عليهم، وعدم الاختيال.
2ـ في آية العنكبوت: ذكر (حُسناً) وذكر فيها:
آ ـ الوالدان مشركان.
ب ـ المجاهدة من كليهما بصيغة (لِتُشۡرِكَ) [العنكبوت:8] اللام للتعليل, فهي أقل من (عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ).
ج ـ لم يذكر المصاحبة.
فناسب في لقمان طلب حسن المصاحبة في الدنيا انسجاماً مع طابع السورة, وناسب في العنكبوت (بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ) [العنكبوت:8].
والنتيجة من استعراض آيات العنكبوت والأحقاف ولقمان من ناحية السياق أو من ناحية واقع الوالدين أنّ المناسب هو: الحُسن في العنكبوت والإحسان في الأحقاف والمصاحبة بالمعروف في لقمان, والله أعلم.
هذا الموضوع هوملخص رأي الدكتور فاضل صالح السامرائي حفظه الله ورعاه.
وأما رأي الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى فهو التالي حول تفسير آية لقمان [14، 15]:
آ ـ قال: (وَوَصَّيۡنَا) [لقمان:14] ولم يقل: (وأوصينا)؛ لأنّ القرآن يستعمل التشديد إذا كان أمر الوصية شديداً ومهماً؛ لذلك يستعمل (وصّى) في أمور الدين، وفي الأمور المعنوية، والفعل المشدد يفيد التكرار؛ أي: يفيد استمرار الإحسان والبر بالوالدين.
ب ـ بالرغم أنّ الوصية بالوالدين، إلا أنّ حيثيات الوصية خاصة بالأم (حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ) [لقمان:14] فلم يذكر شيئا عن دور الأب، والسبب ـ والله أعلم ـ أنّ الله أراد أنْ يذكرنا بدور الأم خاصة؛ لأنها تصنع لك وأنت صغيرٌ لا تدرك ما تصنعه؛ فهو مستور عنك لا تعرفه, أمّا أفعال الأب وصنعه لك فجاء حال كِبَرِك وإدراكك للأمور من حولك ,فالابن يعرف ما قدّم أبوه من أجله، فدور الأب ظاهر على خلاف دور الأم؛ لذلك ذكره الله تعالى هنا (حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ) [لقمان:14] ويأتي من يقول: أليس الابن نتيجة التقاء الأب والأم فهما فيه سواء؟ فنقول: بلى، ولكنّ مشقة الأم فيه أوضح أثناء الحمل وعند الولادة, ولولا أنْ الله ربط النسل بالشهوة لزهد الناس فيه لما تتحمله الأم من مشاق، ولما يتحمله الأب من تبعات الأولاد.
ونعرف قصة المرأة التي ذهبت تقاضي زوجها؛ لأنه يريد أنْ يأخذ ولدها منها، فقالت للقاضي وقد قال لها: أليس الولد ولدكما معاً؟ قالت: بلى، ولكن حَمَلَه خِفّاً ووضعه شهوة، وحملتُه وهناً ووضعته كرهاً فحكم لها.
ومعنى: (وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ) [لقمان:14] أي: ضعفاً على ضعف، فاجتمع للمرأة ضعفها الذاتي مع ضعفٍ بسبب الجنين الذي يتغذى منها ويكبر في أحشائها يوماً بعد يوم، ومن حكمة الله في خلق الرحم أنْ جعله قابلاً للتمدد والاتساع ليحتوي الجنين في مراحل نموه إلى أن يزيد الجنين زيادة لا يتحملها اتساع الرحم فينفجر إيذاناً بولادة إنسان جديد له مقومات حياة مستقلة غير متصل بأمه بعد أنْ كان تابعاً لأمه في غذائه وفي تنفسه، ومن العجيب أنّ الرحم يتسع بقدرة الله لعدة توائم كما نرى ونسمع.
ج ـ ثم قال تعالى: (أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ) [لقمان:14] فالله هو المستحق للشكر أولاً؛ لأنه سبحانه هو الذي أنشأ من عدم وأمدَّ من عدم، ثم للوالدين لأنهما السبب الظاهري في الإيجاد وإنشاء الولد, وأنت لا تحسن شكر الله الخالق الأول والمسبب الأعلى حتى تحسن شكر الوالدين وهما السبب الثاني في وجودك.
د ـ ذكرت الآية الحمل والفصال، أي: الفطام، وبين الحمل والفطام كانت الولادة من الأم الوالدة؛ لذلك كانت الآيات التي تتحدث عن البر أو الدعاء أو التوصية للوالدين بصيغة الوالدين للتذكير بالأم التي كانت قد ولدتك، ومن هنا كان الاختيار لكلمة الوالدين دون الأبوين.
هـ ـ في هذه الآية جاءت الوصية للوالدين دون ذكرٍ لهاتين الكلمتين (حُسۡنٗاۖ) و(إِحۡسَانٗا)بل ذكر فيها حيثيات هذه الوصية وأسبابها وعللها.
وـ في خمس آيات وردت كلمة (إِحۡسَانٗا) وهي المذكورة في الآيات أعلاه في سور [ البقرة و النساء والأنعام والإسراء والأحقاف ] بينما وردت كلمة (حُسۡنٗاۖ) في آية واحدة في سورة العنكبوت.
لكن ما الفرق بين (إِحۡسَانٗا) و(حُسۡنٗاۖ)؟
الفرق: أنّ الإحسان مصدر أحسن، أي: الوصية بالإحسان إليهما. تقول: أحسن فلان لفلان إحساناً, أما حُسنا فمن الحُسن وهو المصدر الأصيل لهذه المادة (حَسُن) أي: أوصيك أنْ تعمل لهم الحُسن ذاته، كما تقول: فلان عادل , فوصفته بالعدل فإنْ أردت أنْ تبالغ في هذا الوصف تقول: فلان عدل، أي: في ذاته لا مجرد وصف له، أي: كأنّ العدل تمثَّل به، وكذلك رجل صومٌ لا صائم، وهذا يسمى الوصف بالمصدر، لذلك نسمي: الكاتب بالعدل، ولا نسميه: الكاتب العادل.
إذن: (حسناً)آكد في الوصف من (إحساناً), فلماذا جاءت في هذه الآية فقط: (وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حُسۡنٗاۖ) [العنكبوت:8] قالوا: لأنّ هذه الآية تتعرض لمسألة صعبة تمس قمة العقيدة فسوف يطلب الوالدان من الابن أنْ يشرك بالله ؛ لذا احتاج الأمر أنْ يوصى الابن بالحُسن في ذاته وفي أسمى توكيداته (حُسۡنٗاۖ) حتى لا يظن الابن أنّ دعوة الوالدين إياه إلى الشرك مبرر لإهانتهما أو التخلي عنهما، لذلك يعلمنا ربنا أنْ يكون الموقف كما في الآية 15 من سورة لقمان (فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ) [لقمان:15].والله أعلم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 190.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 185.09 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]