مصر والشام وعز الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 300 )           »          منيو إفطار يوم 9 رمضان.. أرز بالخلطة ودجاج مشوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ندوة حول تأثير الصيام على الصحة النفسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التنبيه على ضعف حديث صوموا تصحوا (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 178 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 200 )           »          ما حكم تذكير الصائم الذي يأكل ناسيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التقوى من مقاصد الصوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          حكم صوم رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أحكام العشر الأواخر من رمضان والاعتكاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-06-2020, 02:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي مصر والشام وعز الإسلام



مصر والشام وعز الإسلام









كتبه/ أحمد حرفوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

اقـرأ الـتـاريـخَ إذ فـيه العِـبَـر ضل قومٌ ليس يدرون الخـبر

فواعجبًا لأمة لها تاريخ عريق مشرف تخاصمه ولا تستفيد منه، بل تعتبره ماضيًا قد زال، وقد نظرت في حال أمتنا الآن، وتفرقها وتكالب الأعداء عليها؛ فتذكرتُ يوم أن كانوا مجتمعين تحت راية الإسلام وبينهم مِن التعاون والترابط والنصرة الشيء الكثير.

وكيف كان قدر الصحابة رضوان الله عليهم وجهادهم ومفارقتهم لأوطانهم ليصل إلينا الإسلام، وتأملتُ جميلهم علينا، وقد أدوا ما عليهم وبقيَّ الذي علينا.

وقد تأملت في مصر والشام؛ فوجدتُ أن معظم الجيش الذي كان على يديه فتح مصر كان هو مَن قام بفتح بلاد الشام، بل إن القادة أنفسهم الذين فتحوا مصر كانوا قبلها من الفاتحين لبلاد الشام، وقد استوطن كثير مِن هؤلاء مصر بعد ذلك.

ولتتأمل أن مَن طرد الصليبيين مِن القدس: جيوش مصر والشام، وأن مَن قهر التتار: جيوش مصر والشام، وعندما يئس الأعداء في التفريق بين قوتيَّ مصر والشام؛ زرعوا دولة إسرائيل لتكون عائقًا بين اتحاد مصر والشام!

وها نحن نرى الآن ما حل ببلاد الشام ومصر قبل الإسلام؛ فقد كان الرومان في الشام ومصر يعدون البلاد وأهلها ملكًا لهم فتنتقل الأرض من مالك إلى آخر وفلاحوها معه، وكان بعض سكان البلاد يحاولون التقرب إلى الرومان بالصناعة أو التجارة، كما أن الحروب التي كانت بين الفرس والروم قد استنفدت قوى الجيش الروماني في المال وفي السلاح، وكذلك أهمل الروم صيانة حصونهم، وأبطلوا دفع الأموال التي كانت توزع على قبائل الحدود، كما قلَّ الانضباط داخل صفوف جيش الروم وكثر التمرد والفوضى.

كما عانت الدول الرومانية الشرقية قبيل ظهور الإسلام، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد استقر الملك زمنًا للقيصر هرقل الذي حضر عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنه شقي بالفتن في أخريات حياته وركبته الوساوس في شيخوخته، ولاسيما بعد بنائه ببنت أخته، فاعتقد أنه مغضوب عليه مستحق لعقاب السماء!

أما في المدينة النبوية فبعد صلح الحديبية (6هـ - 628م): فقد راسل النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمراء والملوك لينشر دين الله -سبحانه وتعالى-، وكان مِن جملة مَن راسلهم شرحبيل بن عمرو الغساني، وحمل الرسالة الصحابي الجليل الحارث بن عمير الأزلي، لكن الغساني غدر به فقتله! والرسل لا تقتل، كما أن في قتل الرسول استهانة بمَن أرسله.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جانب تبليغه الدعوة الإسلامية إلى قادة العالم في وقته كان قائدًا ماهرًا يقظًا، لا يغض الطرف عن أي مظهر عدواني قد يحط مِن شأن دعوته أو يعمل على النيل منها؛ فلم يقف صامتًا إزاء استشهاد رسوله الذي بعثه إلى أمير الغساسنة في بصرى، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيشًا إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة (8هـ - 629م)، واستعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال: (عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ) (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني)، فتجهز الناس ثم تهيأوا للخروج وهم ثلاثة آلاف، وهناك عند مؤتة الواقعة على حدود البلقاء الشرقي مِن الطرف الجنوبي؛ التقى المسلمون بقوات الروم، ومهما تكن الخاتمة التي لقيتها غزوة مؤتة، فإن نتائجها وآثارها كانت بعيدة المدى؛ لقد رأى الروم أن العرب الذين اعتادوا على شنِّ غارات سلبٍ ونهبٍ قد قدموا هذه المرة في جيشٍ منظمٍ، وقد جعلتْ هذه الغزوة المسلمين يتطلعون لفتح الشام.


ونكمل في المقال القادم -إن شاء الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-07-2020, 04:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (2)









كتبه/ أحمد حرفوش



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد أظهرت غزوة مؤتة للروم، أن العرب الذين اعتادوا على شنِّ غارات سلب ونهب، قد قدِموا هذه المرة في جيشٍ منظمٍ، وقد جعلتْ هذه الغزوة المسلمين يتطلعون لفتح الشام، وفي السَّنة التي تليها (9هـ -630م) قاد النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه غزوة تبوك، وسار للقاء الروم، فأظهر قوة المسلمين وعاد إلى المدينة، وفي هذه الغزوة أيقنت القبائل العربية التي تعمل لحساب الروم أن اعتمادها على الروم قد فات أوانه، فانقلبت لصالح المسلمين.

وفي (11هـ -632م) أعد النبي -صلى الله عليه وسلم- جيشًا بقيادة أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- لمواجهة الروم، غير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفيَّ قبل تحرك الجيش، وكان أول عمل قام به أبو بكر -رضي الله عنه- بعد مبايعته هو التصدي لأهل الردة ومدعي النبوة، في مختلف أنحاء شبه الجزيرة لأهدافٍ مختلفةٍ، كما قرر أبو بكر -رضي الله عنه- تلبية رغبة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته، وهي إرسال جيش أسامة بن زيد إلى مشارف الشام لمحاربة الروم.

وقد أشار المسلمون على أبي بكرٍ ألا يُرسل جيش أسامة بن زيد؛ حتى لا تضعف قوة المدينة النبوية إذا هاجمتها قبائل العرب المُرتدة، ولحاجته إليه في قتالهم وغزوهم، لكنّ أبا بكر أَبَى أن يخالف وصية النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكان جوابه إلى الصحابة صريحًا، فقال: "وَاللَّهِ لَا أَحُلُّ عُقْدَةً عَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَوْ أَنَّ الطَّيْرَ تَخَطَفُنَا، وَالسِّبَاعَ مِنْ حَوْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْكِلَابَ جَرَّتْ بِأَرْجُلِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، لَأُجَهِّزَنَّ جَيْشَ أُسَامَةَ"، وانطلق جيش أسامة -رضي الله عنه-، فكان لا يمر بقبيلة يريد أهلها الارتداد إلا قالوا: "لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم".

ولما عاد جيش أسامة مظفرًا ثبتوا على الإسلام، وانتصر المسلمون أيضًا على أهل الردة، وقد ترتب على انتصار المسلمين على أهل الردة عدَّة نتائج مهمة، منها: إعطاء المسلمين الثقة بالنفس، وبِالطريق الذي اختاروه، وهو نشر رسالة الإسلام في ربوع الأرض، وهي ثقةٌ مهمة وضروريةٌ في مواجهة قوى كبرى تتمتع بقدراتٍ ماديةٍ وكثرةٍ عدديةٍ؛ هذا إلى جانب الإيمان بالهدف، كما شكلت فرصةً للمسلمين كي يتدربوا تدريبًا عسكريًّا عمليًّا على مستوى الجيوش الكبيرة، ويمكن وصف هذه الحروب بِمثابة جسر عبر المسلمون العرب عليه إلى خارج شبه الجزيرة العربية بهدف الفتح.

لقد كانت الشام في مقدمة اهتمامات الخليفة أبي بكر، وكانت هذه البلاد أكثر التصاقًا بذاكرة العربي التاجر، حيث سعى إليها في رحلة الصيف أو سمع الكثير عنها من رجال القوافل ورُواة الأخبار، وتمت خطة التحرك نحو الشام في سنة (12هـ -632م)، بعد مشاوراتٍ أجراها أبو بكر مع كبار الصحابة، ثُم قام بتعبئة المسلمين لفتح هذه البلاد، فكان خالد بن سعيد الأُموي أول مَن خرج إليها وأمره أبو بكر أن يكون بمَن معه على تيماء (قرية بين الحجاز والشام)، ولا يتقدم حتى يأتيه أمره.

وبعد أن اُستكملت التجهيزات وتمت الاستعدادات، عيَّن أبو بكر قادة الجُيوش التي قرَّر أن يُرسلها إلى الشام:

الجيش الأول: بقيادة يزيد بن أبي سُفيان، وحدد لهُ مدينة دمشق كهدف.

الجيش الثاني: بقيادة شرحبيل بن حسنة، وهدفهُ مدينة بُصرى.

الجيش الثالث: بقيادة أبي عبيدة بن الجراح، وهدفه مدينة حمص.

والجيش الرابع: بقيادة عمرو بن العاص وهدفه فلسطين.

أما الجيشُ الخامس: فبِقيادة عكرمة بن أبي جهل، وقد أبقاهُ الخليفة في المدينة عند الحاجة.

أوصى أبو بكر قادة الجُيوش باللين مع الجُنود، وعدم تحميلهم ما يفوق طاقتهم؛ للمُحافظة على قُدرتهم القتالية، وأن يُشاور كُل منهم مرؤوسيه للوُصول إلى القرارات السليمة، والثبات عند لقاء العدوّ، وعدم جواز قتل الأطفال والشيوخ والنساء والعُزَّل، أو حرق الزرع وقطع الأشجار، ونقض العُهود والغدر، وعدم التعرُّض للبطاركة والرُهبان والنُسَّاك في الأديرة والصوامع والكنائس، على أن يُخيَّر المُشركون بين القتال أو الإسلام أو الجزية؛ فيا ترى ماذا فعلوا؟


هذا ما نتناوله في المقال القادم -إن شاء الله-.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-08-2020, 06:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (3)
فُتوحات الشَّام في عهد أبي بكر -رضي الله عنه-






كتبه/ أحمد حرفوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد انطلقت الجُيوش الإسلامية في منتصف السَّنة الثانية عشرة للهجرة من المدينة النبوية باتجاه أهدافها المُحددة، وقد شعرت القبائل العربية المسيحية المُتحالفة مع الروم بهذا الزحف، فخشيت من اجتياح إسلامي لِقراها وأراضيها، وكذلك سُكان مدن الشام، فكتبوا إلى هرقل -كبير الروم- يُعلمونه الخبر، ويطلبون منه مساعدة عاجلة لصد الزحف الإسلامي، فدعا إلى عقد اجتماعٍ مع مُستشاريه وأركان حربه للتشاور.

وعن طريق عيونه أدرك مدى جدية المسلمين في تقدمهم باتجاه الشام، فقال لأصحابه: "أرى من الرأي ألا تقاتلوا هؤلاء القوم وأن تصالحوهم"، فلم يقبلوا فنزل عندئذٍ على رأيهم، على الرغم من أنهُ كان أكثرهم تقديرًا لِخطر المسلمين على مُلكه ودولته، كما كان أكثرُهم ذُعرًا وخوفًا، حتى إنه رحل عن فلسطين واستقرَّ بعيدًا في أنطاكية في أقصى شمالي الشام، لِيُوجه الجُيوش منها، ويبعث بِتعليماته إلى قادته.

كان للروم في الشام جيشان كبيران:

الأول: في فلسطين ويبلُغ عدده سبعين ألف مقاتل.

والثاني: في أنطاكية، ويبلغ عدده مائتي ألف مقاتل معظمهم من الأرمن والروم.

ولكَ أن تعلم أن جيوش المسلمين المتجهة إلى الشام كانت عشرين ألف جندي تقريبًا، ومع ذلك رحل هرقل ولم يجرؤ على مقابلتهم؛ فتأمل حال المسلمين الأُول وحالنا الآن!

ولقد كتب الله النصر والتوفيق لهذه الجيوش قليلة العدد، فقد وصل يزيد بن أبي سفيان إلى تبوك، في الوقت الذي نزل فيه شرحبيل بن حسنة في بصرى، وأبو عبيدة في الجابية، وعمرو بن العاص في فلسطين.

ولقد هال هرقل ما رأى من شجاعة المسلمين، فقرر أن يضرب أولًا جيش خالد بن سعيد الأموي الزاحف باتجاه مدينة مرج الصَّفر -وهي مدينة بين دمشق والجولان-؛ فاستنفر نصارى العرب، فاصطدم بهم خالد بن سعيد بعد أن استأذن أبا بكر -رضي الله عنه- وانتصر عليهم.

وكتب خالد بن سعيد بأنباء الانتصار إلى أبي بكر -رضي الله عنه-، وطلب منه إرسال المزيد من الإمدادات، فاستجاب لِطلبه، لكن خالد تسرَّع فشقَّ طريقهُ إلى مرج الصَّفر فقطع عليه الروم خط الرَّجعة دون أن يشعر، ثُم التفوا حول جيشه، ولهول الموقف لاذ خالد بن سعيد بالفِرار تاركًا جيشه، لكنَّ عِكرمة بن أبي جهل أدرك الجيش وأعاد تنظيم صُفوفه وانسحب من ميدان المعركة، وعسكر على مقربةٍ من دمشق.

على إثر ذلك وضع هرقل خطَّة عسكرية لِمُواجهة المسلمين على إثر انتشارهم في أجزاءٍ مِن الشام تدور حول ضرب الجُيوش الإسلامية مُنفردة؛ وذلك عبر تراجع الروم للمُسلمين عن مناطق الحُدود الشمالية لِشبه الجزيرة العربية، ثم تتجمع وتباشر القتال مع كُل جيش من الجيوش الإسلامية الثلاثة بشكل منفرد بحيث يستدرج كل جيشٍ منها إلى القتال على حدة، فيهزمه ثم يميل إلى الآخر، وهكذا إلى أن ينتهي منها جميعًا، وهكذا نشأت أمام المُسلمين حالة جديدة لم يكونوا يتوقعونها.

ازداد الموقف العسكريّ وُضوحًا بعد استعدادات الروم وحشدهم الجُند؛ فتشاوروا فيما بينهم واستقر الرأي على اقتراح قدمه عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، ويقضي باجتماع الجُيوش الإسلامية في مكانٍ واحدٍ، وقضت الخطَّة بالجلاء بِأقصى سرعة مُمكنة عن المناطق التي فتحوها في الداخل والتراجع حتى جِوار بُصرى، مع تجنُّب الاشتباك بالعدوّ والدخول معهُ في معركة غير مُتكافئة.

وبالفعل سار أبو عُبيدة باتجاه بُصرى، وتم جلاء يزيد عن الغوطة ورفع الحِصار عن دمشق، ثُم تبعه شُرحبيل رافعًا الحِصار عن بُصرى، وأخذ عمرو بن العاص ينسحب تدريجيًّا عن فلسطين ولحق بأصحابه، وبذلك اجتمعت الجُيوش الأربعة في جوار بُصرى.

وعلى إثر ذلك كتب أبو عُبيدة رسالةً إلى أبي بكر ليعلمه الخبر؛ فأدرك أبو بكر حرج موقف المُسلمين في الشام، وأنَّهم بحاجة إلى قيادةٍ فذَّة تُخرجهم من هذا الوضع الحرج؛ وجدها أبو بكر في خالد بن الوليد الذي انتشرت أخبار انتصاراته على الفُرس في العراق، فاستشار أصحابه فوافقوه.

كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد بالعراق يأمُرهُ بالمسير إلى الشام في نصف الجيش، واصطحب خالد معهُ إلى الشام تسعة آلاف مُقاتل، وترك ثمانية آلاف بِقيادة المُثنّى بن حارثة، وهم الذين كانوا معهُ في العراق.


خرج خالد بن الوليد من الحيرة في 8 صفر (13هـ) المُوافق فيه 14 أبريل (634م)، وأرسل رسالةً عامَّةً إلى المُسلمين في الشَّام يُخبرهم بأمر الخليفة بِنجدتهم، ورسالة خاصة إلى أبي عُبيدة يُخبره بأمر الخليفة تعيينه قائدًا عامَّا لِجيوش المُسلمين.

ونكمل في المقال القادم -إن شاء الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21-09-2020, 07:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام



مصر والشام وعز الإسلام (4)
قدوم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لنصرة المسلمين في الشام









أحمد حرفوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد سارع خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بالمسير إلى الشام لنصرة الجيوش المسلمة، تنفيذًا لأمر الخليفة الراشد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وقد اصطحب معهُ تسعة آلاف مُقاتل، وخرج خالد بن الوليد من الحيرة بالعراق في 8 صفر (13هـ) المُوافق فيه 14 أبريل (634م)، واخترق الصحراء التي تفصلُ العراق عن الشَّام في ثمانية أيَّام -وقيل: خمسة أيَّام- في طريقٍ وعرة لم يسلُكها أحدٌ قبله، ويتمَّيز هذا الطريق بأنَّهُ خالٍ من قلاع الفُرس والروم، ويصل بِسالكه إلى مدينة بُصرى دون أن يتعرَّض لِهجمات العدوّ.

واجتهد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- حين أشرف على الشَّام، وأراد أن يتوغَّل فيها ألا يترك خلفه مواقع قائمة للروم أو لحلفائهم من العرب، فصالح بعضهم بعد أن اصطدم بهم، وضرب الحصار حول مدينة تدمر.

فتح تدمر والقريتين:

كانت تدمر من المراكز العسكريَّة المحصنة، فحاصرها المسلمون من كل جانب وقد تحصن بها أهلها، فهددهم خالد -رضي الله عنه- وقد أصرَّ على فتحها، فمالوا إلى طلب الصلح وفتحوا أبواب مدينتهم للمُسلمين؛ بعدها واصل المُسلمون سيرهم حتى وصلوا إلى القريتين، فاعترضهم أهلها، وجرى اشتباكٌ بين الطرفين أسفر عن انتصار المُسلمين.

توجَّه المُسلمون بعد ذلك باتجاه الجنوب قاصدين غوطة دمشق، فاعترضهم الغساسنة وجرى اشتباكٌ بين الطرفين أسفر عن انتصار المُسلمين وفتح تدمر، والقريتين، وتراجع الغساسنة إلى حُصون دمشق، وواصل المُسلمون تقدمهم حتَّى بلغوا الثنية ووقفوا على التل المعروف بهذا الاسم، وهو بين دمشق وحمص، ونشروا عليه الراية السوداء المُسماة بالعقاب، وهي رايةُ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأغاروا على بعض قُرى الغوطة، وعسكروا أمام الباب الشرقي لِدمشق.

فتح بُصرى:

اجتاز المُسلمون الغوطة من الشمال إلى الجنوب حتى وصلوا إلى قناة بُصرى، وكانت لا تزال بأيدي الروم وعليها القادة الثلاثة: أبو عبيدة عامر بن الجراح، وشُرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان؛ فاجتمعت الجُيوشُ الإسلامية الأربعة أمامها ومع تنامي خطر الاصطدام مع الروم، حاول خالد -رضي الله عنه- أن يأخذ زمام المُبادرة في الوقت الذي كان فيه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- يتراجع بِمُحاذاة الضفَّة الغربية لِنهر الأُردن، يُرهقهُ جيشُ تذارق قائد الروم.

ووجد نفسه أمام خيارين:

الأول: تجميعُ الجُيوش الإسلامية الأربعة في بُصرى بعد إبلاغ عمرو بن العاص بالإسراع نحوهم، والانضمام إليهم ثُم انتظار جيش أنطاكية البيزنطي الزاحف باتجاه الجنوب بِقيادة وردان حاكم حِمص، والاشتباك معه في ذلك المكان.

والثاني: الإسراع لِنجدة عمرو بن العاص والاشتباك مع جيش تذارق، حتَّى إذا فرغوا منه عادوا لِيقاتلوا جيش أنطاكية، بعد أن يكونوا قد ضمنوا مؤخرتهم، ووطدوا أقدامهم في فلسطين.

وتقرر الخيارُ الثاني، وهو الأخطر والأصعب، وترتب على هذا الاختيار فتحُ بُصرى أولًا للانطلاق منها نحو الهدف؛ لِذلك شدَّد المُسلمون الحِصار عليها وأجبروا أهلها على طلب الصُلح، فكانت أول مدينة فتحت صُلحا في الشَّام، وأول جزية وقعت في هذا البلد في عهد أبي بكر.

معركة أجنادين:

رجع عمرو بن العاص نحو أجنادين الواقعة بين الرملة وبيت جبرين، وتوقف فيها ينتظر وُصول جيش الروم، وقد انضم إلى الروم نصارى العرب، وغيرُهم من أهل الشَّام، ووصل الخبر إلى خالد بن الوليد -رضي الله عنه- فعقد مجلسًا عسكريًّا عندما علم بِزحف الروم، وتقرَّر فيه تجميع القوى الإسلامية في أجنادين.

وجرى اللقاء في هذه البلدة يوم السبت في 27 جمادى الأولى (13هـ) المُوافق فيه 30 يوليو (634م)، وقد يسر الله للمسلمين فتحها، وتوجه المسلمون إلى دمشق بعد أن فرغوا من أجنادين، وكان هرقل قد جمع سُكَّان دمشق وأمرهم أن يُغلقوا الأبواب إغلاقًا وثيقًا، وأن يأتمروا بأمر القائد الذي سيُعينهُ عليهم وشجعهم على الاهتمام بالدفاع عن أنفُسهم.

ولمَّا وصل المسلمون دمشق ضربوا حولها حصارًا شديدًا، فعسكر خالد تجاه دير صليبا، والذي عُرف فيما بعد بدير خالد، وهو على مسافة ميل من الباب الشرقي للمدينة، وعسكر أبو عُبيدة -رضي الله عنه- على باب الجابية في حين نزل يزيد على جانبٍ آخر من دمشق، ولم يشترك جيش شُرحبيل في الحصار، ويبدو أنَّهُ بقي في الجنوب لِحماية مؤخرة المُسلمين.

وكان هرقل لا يزال يحشد قُواته ويدعمها لِقتال المُسلمين، فأرسل جيشًا بلغ تعداده خمسة آلاف مُقاتل لِمُساعدة أهل دمشق، وانضمَّ إليه عددٌ كبيرٌ من حامية حِمص، فاضطرَّ المُسلمون أن يُخفِّفوا الضغط عن دمشق، وساروا مُجددًا نحو مدينة مرج الصَّفر؛ لاعتراض قوات الروم التي لا بُد وأن تمُر من هذا المكان للوُصول إلى دمشق، وجرى قتالٌ بين الطرفين في جمادى الآخرة (13هـ - 634م) أسفر عن انتصار المُسلمين، فقتلوا عددًا كبيرًا من الروم، وفرَّ الباقي منهم من المعركة، وعاد المسلمون لحصار دمشق مرة أخرى، وفي هذه الأثناء جاءت رسالة من المدينة النبوية، وفيها...


نكمل في المقال القادم -إن شاء الله تعالى-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-12-2020, 06:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (5)
وفاة أبي بكر وتولية عمر وعزل خالد عن إمارة الجيش






أحمد حرفوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد توجَّه المسلمون إلى دمشق، فنزل خالدٌ على الباب الشرقي، وأبو عبيدة أمام باب الجابية، ويزيد على بعض أبوابها، وعمرو بن العاص على بابٍ آخر، وجاءهم وهم على هذه الحال منجمة بن زنيم رسول عمر بن الخطَّاب يحملُ رسالة تتضمن نعي الخليفة أبي بكر الذي توفي مساء الثُلاثاء في 21 جمادى الآخرة سنة (13) هـ الموافق فيه 22 أغسطس (634) م، ومبايعة عمر، وتضمن أيضًا عزل خالد بن الوليد عن إمارة جُيوش الشام وتعيين أبي عُبيدة بدلاً منه.

لكن أبو عُبيدة أخَّر إعلان خبر العزل؛ لأن المُسلمين كانوا في صدد تحضير فتح دمشق، ولم يشأ أن يُحدث هذا التبديل أي زعزعة في صُفوف الجيش الإسلامي. واختلف المؤرخون والباحثون في تحديد أسباب عزل خالد بن الوليد عن إمارة الجُيوش، وهو القائدُ الفذ الذي حقق للمسلمين انتصاراتٍ في حُرُوب الرِدة وفي معارك فتح العراق و الشام، وذلك في ظُروفٍ صعبةٍ جدًّا.

ولعل سبب عزله: أن عمر -رضي الله عنه- قلق مِن تعلُّق المُسلمين بشخص خالد بعد أن انتصر في المعركة تلو الأُخرى، فعظمهُ الناس، فقام عمر بعزله كي يظهر للناس أن النصر يأتي من عند الله، وأن الله ينصر الإسلام وليس أشخاصًا مُعينين بذاتهم.

وفي جميع الأحوال: فإن خالدًا -رضي الله عنه- تلقى خبر العزل بهدوء عندما أُعلم به لاحقًا؛ فهو يعمل لإعلاء كلمة الله سواء كان جنديًّا أو قائدًا، فخاطب المسلمين ناعيًا الخليفة أبا بكر وداعيًا بالتوفيق لأمير الؤمنين عمر ثم قال: "أُمِّر عليْكُمُ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ: لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فقال أبو عُبيدة: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ: "خَالِدٌ سِيْفٌ مِن سُيُوفِ الله، نِعْمَ فَتَى العَشِيْرَةِ".

معركة (فحل - بيسان):

انسحبت فُلول الروم بعد معركة أجنادين إلى دمشق، وتحصَّنت فيها، في حين عاد تذارق -أخو هرقل- إلى القُسطنطينية، وكان الإمبراطور يُتابع تطورات الموقف العسكري، فأمر بتجميع قواته المُنتشرة في جنوبي الشام في فحل وبيسان الواقعة على الطريق بين الأُردُن ودمشق، وأرسل في الوقت نفسه جيشًا من حِمص يُقدر بِعشرة آلاف مُقاتل باتجاه دمشق.

توافد المسلمون إلى (فحل - بيسان)، وحشد الروم قرابة ثمانين ألفًا ودمَّروا سدود الأنهار الغربية لعرقلة تقدم المسلمين وخشيةً من أن يُفاجئوهم، فامتلأت الأرض بالماء من بيسان إلى فحل، وعلى الرغم من ذلك، فقد تقدم المسلمون نحو الروم ونفذوا غارات خاطفة سريعة على القرى والزروع في وادي الأُردن والقرى القريبة منهم، فقطعوا بذلك مصادر التموين والمدد عنهم.

ويبدو أن عرب الأُردن شعروا بالخطر، فاجتمع زعيمهم بأبي عبيدة وصالحه على سواد الأُردُن، وحاول الروم التفاهم مع المُسلمين؛ فعرض القائد الرومي التنازل عن إقليم البلقاء وتلك المنطقة من الأُردن التي تتصل بشبه الجزيرة العربية، مقابل انسحاب المسلمين، فرفض المُسلمون هذا الاقتراح، ولجأ قائدهم سقلار إلى سلاح الرِشوة، فعرض على أبي عبيدة أن يمنح كل جندي مسلم دينارين مقابل الرحيل، فرفض أبو عبيدة هذا العرض أيضًا، وعبأ الطرفان قُواتهما استعدادًا للقتال، واشتبكا في رحى معركةٍ ضارية انتهت بانتصار المُسلمين، فقذفوا الروم في الوحول التي حاولوا هُم قذفهم فيها، وقتل منهم ما يُقارب عشرة آلاف مُقاتل كان سقلار من بينهم، وتفرق مَن نجا في مدن الشام، ولحق بعضهم بهرقل في أنطاكية.

وقد فتحت هذه المعركة الطريق أمام المُسلمين، فسيطروا على جميع مُدن وقرى إقليم الأُردن بسهولة، واضطر السكان إلى طلب الأمان، وكتبت عهود الصلح في كل مكان بمنح الأمان على أرواح المغلوبين وأموالهم وأراضيهم وكنائسهم ومعابدهم مقابل الجزية.

فتح دمشق:

استأنف المسلمون حصار دمشق بعد عودتهم من الأُردن، فأخذوا الغوطة وكنائسها عنوةً، وتحصن أهل المدينة وأغلقوا بابها، وتوزعت مهام الحصار كما يلي: نزل أبو عبيدة على باب الجابية، وخالد بن الوليد على الباب الشرقي، ويزيد بن أبي سفيان على باب كيسان، وعمرو بن العاص على باب الفراديس، وشرحبيل بن حسنة على باب توما، وعمد أبو عبيدة إلى عزل المدينة عمن حولها، وقطع اتصالاتها مع العالم الخارجي حتى يجبر حاميتها على الاستسلام، وطال أمد الحصار على الدمشقيين والذي دام سبعين ليلة، وقيل: أربعة أشهر، وقيل: ستة أشهر.

ولما يئسوا من حُصول نجدة تنقذهم وتُجلي المُسلمين عن مدينتهم؛ وهنت عزيمتهم، ومالوا إلى الإستسلام. فبادر الأُسقف منصور بن سرجون إلى خالد بن الوليد فصالحه وفتح له الباب الشرقي، فدخل الأُسقف معهُ ناشرًا كتاب الصلح، والتقى خالد مع أبي عبيدة بدمشق، فأمضى الصلح ولم يلتفت إلى ما فتح عنوةً، فصارت دمشق كلَها صلحًا، وكتب بذلك إلى عمر، وكان صُلحُ دمشق على المُقاسمة على الدينار والعقار، وعلى جزية دينار عن كل رأس.

فتح حمص:

كانت مدينة حمص قبل الفتح الإسلامي مركزًا إداريًّا مهمًّا، كما كانت قاعدة هرقل يرسل منها الجيوش لمحاربة المسلمين في الجنوب، ويدير منها العمليات العسكرية، وقد سار أبو عبيدة إلى حمص، ولما وصل إلى ضواحيها تصدت له قوة عسكرية، فاشتبك خالد مع أفرادها وهزمهم، فولّوا الأدبار ودخلوا المدينة فحاصرها المسلمون.


وكانت القوة المدافعة على المدينة تأمل في تلقي دعم سريع من جيوش الإمبراطورية، ولكن ذلك لم يحدث، وقد أملوا أن يجبر البرد وقساوة الطقس المسلمين على التراجع، لكن المسلمون ثبتوا، وطال أمد الحِصار على أهل حمص وساءت حالتهم، وخشوا على أنفسهم من السبي إن فتحت مدينتهم عنوة.

وفي نهاية الأمر: حدث توافق بين الحامية البيزنطية والسكان على طلب الصلح، وكتب لهم المسلمون عهدًا بعدم التعرض لهم في حياتهم وأملاكهم ودورهم وأماكن عبادتهم لقاء الجزية، لكن هرقل ردَّ على ذلك بتجييش الجيوش الجرارة للقضاء على المسلمين واستئصال شأفتهم مِن الشام في موقعة اليرموك.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-12-2020, 06:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (6) معركة اليرموك وفتح بيت المقدس


كتبه/ أحمد حرفوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلقد هال هرقل ما حدث لجيوشه على أيدي المسلمين في الشام؛ فأرسل إلى روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية يَطلب نجدة عاجلة؛ رغبةً منهُ في تحقيق انتصارٍ على المسلمين يُعيد إليه هيْبَتَه، وإلى الإمبراطورية مكانتها، واسترداد الشام، وإجلاء أعدائها عنها؛ فحشد جيشًا ضَخْمًا يضم مائة وعشرين ألفًا من الجنود، منهم فرقة من العرب المسيحيين تُقدَّر باثني عشر ألفًا من الغساسنة، ولخم، وجُذام بِقيادة جبلة بن الأيهم، وفرقة من أرمينية تضم أيضًا اثني عشر ألفًا بقيادة جرجة بن توذار؛ ونزل الروم بين دير أيوب واليرموك في (15 أغسطس 638م - 5 رجب 15هـ).

وكانوا بِقيادة تذارق أخو هرقل يساعده القائد الأرمني ماهان، وسقلاب الخصي؛ فعلم أبو عبيدة بهذا الحشد الضخم بواسطة عيونه التي بثَّها بين الروم، فتشاور مع قادته، وتقرر أن يغادِر المسلمون حمص إلى دمشق كونها أقرب إلى شبه الجزيرة العربية لو اضْطُرُّوا إلى الإنسحاب، وأرسل أبو عبيدة إلى عمر -رضي الله عنه- يخبره بذلك؛ فأَمدَّه بقوة عسكرية جديدة بِقيادة سعيد بن عامر الجمحي، وعقد القادة اجتماعًا آخر في دمشق قرروا فيه الصمود والمقاومة على أرض الشام.

وفوَّض أبو عبيدة في هذه الأثناء سلطاته إلى خالد، بعد توحيد الألوية الأربعة تحت قيادةٍ واحدة؛ إذ كان أقدر القادة على تحمل مسؤوليات المهمات الصعبة.

ووصل المُسلمون إلى اليرموك؛ فوجدوا الروم قد سبقوهم إليه، فنزلوا قريبًا منهم، وكانت قوة المسلمين ما بين ستة وثلاثين ألفًا إلى أربعين ألفًا، وقيل: ستةٍ وأربعين ألفًا، مُقسَّمة على أربعة ألوية، على رأس كل منها أمير، وتَوَاجَه الجمعان في سهلٍ فسيح شمال اليرموك، وقد أدرك خالد بن الوليد أهمية هذه المعركة الفاصلة في حرب الشام، وأظهر مهارة عسكرية؛ لأن هذه المعركة إما ستفتح على المسلمين أبواب الشام على مصراعيها، أو لن يفلحوا بعدها أبدًا إن هُزموا.

بدأ المُسلمون القتال عندما أمر خالد بن الوليد مجنبتا قلب الجيش بِقيادة عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميميّ بالهُجوم، فاخترق الزبير بن العوام صفوف الروم مرتين، ثُم حَمَلَت ميسرة الروم على ميمنة المسلمين؛ فانهزم عمرو بن العاص، وانكشف شرحبيل بن حسنة وأصحابه، فحاول البعض منهم الفرار، ونادى عكرمة بن أبي جهل: مَن يبايع على الموت؛ فلحق به عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور، في أربعمائة من الجنود المسلمين يقاتِلون حتى الموت؛ ثُم حمل خالد بن الوليد على ميسرة الروم ففرَّق شملهم، وانضم إليه القائدُ الأرمني جرجة مُعلنا إسلامه.

ثُم كَرَّ الروم على المسلمين فتصدَّى لهم خالد فتراجع الروم؛ فزحف خالد بقلب الجيش مخترقًا صفوف الروم، ففرت الخيالة منهم تاركين المشاة أمام الجيش الإسلامي، واقتحم خالد عليهم خندقهم، فتراجع الروم تحت جنح الظلام إلى سهل فسيح شمال اليرموك حيثُ أمعن المسلمون فيهم قتلًا حتى هُزموا؛ وقتل من الروم في هذه المعركة حوالي الستين ألفًا، وقتل مِن المُسلمين ثلاثة آلاف قتيل، منهم عدد من الصحابة، مثل: عكرمة بن أبي جهل، وابنه عمرو، وسلمة بن هشام، وعمرو بن سعيد بن العاص، وهشام بن العاص، وعمرو بن الطُفيل -رضيَّ الله عن الصحابة أجمعين-.

وقد انحاز جبلة بن الأيهم ومَن معه مِن العرب المسيحيين إلى بني قومهم العرب المُسلمين، ثُم أظهر الإسلام هو وجماعةٌ من قومه الغساسنة؛ وكانت هذه المعركة من المعارك الحاسمة في الصراع الإسلامي البيزنطي؛ إذ إنها فتحت أمام المُسلمين باب الانتصارات المتتالية في هذه البلاد، وَوَضَعتْ حَدًّا لآمال هرقل في إنقاذها بعد أن قَضَى المُسلمون على آخر ما تبقى لديه من جيوش.

فتح قنسرين وحلب وأنطاكية:

عاد المسلمون إلى حمص بعد أن هَزَموا الروم في اليرموك، ووضع أبو عبيدة -رضي الله عنه- نصب عينه الجهات الشمالية، فبعث خالد بن الوليد على مقدمة جيشه إلى قنسرين، فلما نزل بحاضر حلب زحف لهم الروم، وثار أهل حاضر حلب على خالد بن الوليد، ووقعت بين الروم وجيش خالد معركة كبيرة، قُتل على إثرها قائدهم ميناس، ومَن معه ولم يبقَ منهم أحدٌ، وكان أهل حاضر حلب من العرب المسيحيين من تنوخ، فأسلم بعضهم، وبقي البعض على النصرانية، فصالحهم أبو عبيدة على الجزية؛ وسار خالد حتى نزل على قنسرين، فقاتله أهل المدينة ثم لجأوا إلى حِصنهم، فتحصنوا منه، فهددهم خالد، فنظروا في أمرهم ورأوا ما لقي أهل حمص فصالحوهم على صلح حمص.

فتح بيت المقدس:

كان أبو عبيدة قد أرسل إلى أمير المؤمنين عمر يسأله في فتح بيت المقدس فرد عليه بهذا الخطاب: "بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عامله بالشام أبي عبيدة، أما بعد: فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، وأصلي على نبيه، وقد ورد عليَّ كتابك وفيه تستشيرني في أي ناحية تتوجه إليها، وقد أشار ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسير إلى بيت المقدس، فإن الله -سبحانه وتعالى- يفتحها على يديك، والسلام عليك".

وبناءً على ذلك: قاد عمرو بن العاص عملية حصار المدينة بوصفه قائد الجبهة الفلسطينية في الوقت الذي كان فيه أبو عبيدة وخالد بن الوليد يفتحان شمالي الشام، وقد وَاجَه مقاومة ضارية من جانب حاميتها وسكانها، فأرسل إلى الأرطبون قائد الروم في بيت المقدس يطلب منهُ التسليم مثل بقية المدن، ووعده بالأمان، لكنه رفض وقذف المسلمين بالمنجنيق من فوق الأسوار، كما اشتد البرد وانهمرت الأمطار الغزيرة وتساقطت الثُلوج الكثيفة، فاستغل الأرطبون طبيعة الطقس التي لم يتعود عليها المسلمون، ورفض الدخول في الصلح، وفي هذه الأثناء وصل أبو عبيدة، وخالد بن الوليد إلى الجابية، كما خرج أمير المؤمنين عمر بنفسه إلى الشَّام لِيكون قريبًا من مجرى الأحداث؛ نظرًا لِأهميَّة وضرورة فتح بيت المقدس.

تسلَّم أبو عبيدة فور وصوله قيادة القوات الإسلامية، فارتفعت معنويات الجند، وتسرب في المقابل الخوف والقلق إلى قلوب الروم، كما أن سقوط المدن المحيطة ببيت المقدس كان له أثره السلبي على معنوياتهم؛ لأنهم حُرِموا من الإمدادات، كما انسحب الأرطبون مستخفيًا في قوة من الجند إلى مصر، وتسلم بطريرك المدينة العجوز صفرونيوس مقاليد الأُمور، فعرض عليه أبو عُبيدة الإسلام أو الجزية أو الحرب؛ فاختار البطريرك استسلام المدينة على أن يُسلِّمها لعمر شخصيًّا ولا أحد سواه، وأتى أمير المؤمنين عمر إلى بيت المقدس، وأعطى أهلها الأمان على أنفسهم، وأموالهم، وبيوتهم، وكنائسهم، وأديرتهم، وجميع دور عبادتهم، كما أعطاهم حرية البقاء في المدينة أوالخروج مع الروم إلى حيث يشاءون!

فياعظمة الإسلام، ودخل عُمر وأصحابه إلى بيت المقدس بعد عقد الصُلح، كما امتنع عن الصلاة في كنيسة القيامة؛ كي لا يتخذها المُسلمون بعده مسجدًا، وصلى منفردًا خارجها، وابتنى المسلمون لاحقًا مسجدًا في الموضع الذي صلّى فيه عُمر.
ونكمل في القادم -إن شاء الله-.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-12-2020, 06:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (7)

كتبه/ أحمد حرفوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فتح قيسارية واستكمال فتح الأردن وشمس الإسلام تشرق على مصر:
بعد فتح بيت المقدس أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يزيد بن أبي سفيان ومعه معاوية بن أبي سفيان إلى قيسارية بفلسطين، فضربا الحصار عليها، وأثناء ذلك أُصيب يزيد بالطاعون، فاستخلف عليها مُعاوية وعاد هو إلى دمشق.
وشدَّد معاوية الحصار على المدينة، ولم يتمكَّن مُعاوية من فتحها إلا بِمُساعدة اليهود، ففي إحدى ثوراتهم على حُكم الروم، ثار اليهود في قيسارية فأرسل هرقل أخاه فأخضع الثورة، وقتل مُعظم مَن فيها من اليهود وفرَّ من نجا؛ فجاء رجلٌ يهودي يُدعى يوسف إلى معسكر معاوية ودلَّهُ على نفقٍ يصل إلى بوابة القلعة داخل المدينة، فتسللت مجموعة من المقاتلين عبر ذلك النفق وفتحوا البوابة فدخل منها الجيش الإسلامي؛ ففوجئ الروم عندما رأوا الجُنود المُسلمين داخل المدينة، وتملكهم الذعر، فقُتل مُعظمهم وتم فتح قيسارية، وخِلال تلك الفترة استكمل شُرحبيل بن حسنة فتح إقليم الأردن، وكان قد دخل أكثرهُ في طاعة المسلمين قبل ذلك.
فتح مصر:
نبوءة وبشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- بفتح مصر:
يؤمن المُسلمون بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تنبأ وبشَّر بِفتح مصر، ومن ذلك حديثٌ جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ) (رواه مسلم).
ومن المعروف أن مصر كانت جزءًا من بلاد الروم، وكذلك فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بفتح مصر، ودعا إلى الإحسان إلى أهلها، كما أخبر بدخول أهلها في الإسلام والذود عنه، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إلى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا) (رواه مسلم).
وفي رواية: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عندما حضرته الوفاة: (الله الله فِي قِبْطِ مِصْرَ فَإِنَّكُمُ سَتَظْهَرُوْنَ عَلَيْهِم وَيَكُونُونَ لَكُمُ عِدَّة وَأَعْوَانًا فِي سَبِيل اللهِ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).
وفي عصر النبوة أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المقوقس قيرس السكندري عامل الروم على مصر، يدعوهم إلى الإسلام، وكان حامل الرسالة إلى المقوقس هو حاطب بن أبي بلتعة، وقد ورد فيها: "مِن مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ وَرَسُولِهِ، إلى المُقَوْقَسِ عَظِيْمُ القِبْطِ، سَلَامٌ عَلَى مَن اتَّبَعَ الهُدَى. أمَّا بَعْد؛ فَإنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ، أَسْلِم تَسْلَم، وَأَسْلِم يُؤتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِن تَوَلَّيْتَ، فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمُ القِبْطِ، (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إلا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:64).
ولقد كان رد المقوقس لطيفاً، فكتب يقول: "لِمُحَمَّد بِن عَبْدُ اللهِ، مِنَ المُقَوْقَسِ عَظِيْمُ القِبْطِ، سَلَامٌ عَلَيْك، أمَّا بَعْد. فَقَد قَرَأتُ كَتَابَك، وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِيْهِ، وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ، وَقَد عَلِمْتُ أنَّ نَبِيًّا بَقِيَ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ، وَقَد أَكْرَمْتُ رَسُولَكَ، وَبَعَثْتُ لَكَ بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي القِبْطِ عَظِيْمٌ، وِبِكِسْوَةٍ، وَهَدَيْتُ إَلَيْكَ بَغْلَةً لِتِرْكَبَهَا، وَالسَّلَامُ عَلَيْك" (الطبقات لابن سعد).
ونكمل في المقال القادم -إن شاء الله-.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13-12-2020, 05:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (8)
شمس الإسلام تشرق على مصر







كتبه/ أحمد حرفوش




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد سافر عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إلى مصر في الجاهلية للتجارة، فوقف على معالمها وعلى أوضاعها الداخلية، وبخاصة النزاع الديني بين البيزنطيين الحاكمين وبين الشعب المصري الذي يخالفهم في المذهب، وظن أن المصريين سوف يمتنعون عن مساعدة الحاميات العسكرية البيزنطية المنتشرة في مصر إذا هاجمها المسلمون، ومما زاده اقتناعًا بذلك ما تناهى إلى أسماع المصريين عن سياسة المسلمين المتسامحة في الشام.

وقد اجتمع عمرو بن العاص بعمر بن الخطَاب -رضي الله عنه- في الجابية حين جاء إلى الشام ليتفقد أحوالها بعد طاعون عمواس، وعرض عليه فتح مصر، وطلب منه السماح بالمسير إليها؛ خاصة أن مصر تمثِّل امتدادًا طبيعيًّا للشام التي فتح المسلمون أغلبها، وقد انسحب إليها الأرطبون صاحب بيت المقدس لإعادة تنظيم صفوفه واسترجاع الشام مرة أخرى، لكن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يتخوف من مُتابعة الزحف قبل أن يرسِّخ المسلمون أقدامهم في المناطق التي فتحوها في العراق والشام، خاصة بعد عام الرمادة وطاعون عمواس حيث قضى على عشرات الألوف من الجوع والوباء، لكن أمير المؤمنين وبعد مشورة الصحابة -رضوان الله عليهم- اقتنع بفكرة عمرو بن العاص بِضرورة الزحف من الشام إلى مصر.

وأرسل معه جيشًا قوامه أربعة آلاف جندي تقريبًا، وطلب منه أن يجعل ذلك سرًّا، وأن يسير بجنده سيرًا هينًا؛ فسار عمرو بن العاص إلى مصر مُخترقًا صحراء سيناء ومُتخذًا الطريق الساحلي، ومع ذلك بقي عمر بن الخطاب مترددًا، ويبدو أنه عدل عن موقفه فأرسل كتابًا إلى عمرو بن العاص وهو برفح فلم يستلمه ويقرأه إلا بعد أن دخل حدود مصر، وفي الكتاب: "من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، أما بعد: فإنك سرت إلى مصر ومَن معك، وبها جموع الروم، وإنما معك نفر يسير، فإن لم تكن بلغت مصر فارجع"، فقال عمرو: الحمد لله، أية أرض هذه؟ قالوا: من مصر، فتقدم كما هو".

فتح العريش:

وصل الجيش الإسلامي إلى العريش في عيد الأضحى سنة (18هـ - 639م)؛ فوجدها خالية من قوات الروم فدخلها، وشجَّع ذلك الأمر عمرو بن العاص على استئناف التقدم، فغادر العريش حتى وصل إلى الفرما، وهي مدينة تبعد عن بورسعيد ثلاثين كيلومتر، وكانت أنباء زحف المسلمين قد وصلت إلى مسامع المقوقس فاستعد للتصدي لهم، ولكنه آثر ألا يصطدم بهم في العريش أو الفرما، وتحصن وراء حصن بابليون -مكانه الآن حيَّ مصر القديمة-، فضرب عمرو الحصار على الفرما، وتحصنت حاميتها وراء الأسوار، وجرت مناوشات بين الطرفين استمرت مدة شهر ثم فتحها المسلمون في أول سنة (19هـ - 640م).

كان أهلُ الفرما عربًا مسيحيين من موالي الروم، وكانوا يؤدون الأموال إلى المقوقس، وقد رحَّبوا بالمسلمين من واقع صلة الرحم، كما أن المصريين من أبناء المدينة ساعدوا عمرو بن العاص ضد الروم، أما بطريرك الإسكندرية فور علمه بقُدوم عمرو بن العاص على رأس الجند المسلمين إلى مصر، كتب إلى أهل مصر يُبشرهم بِقُرب زوال مُلك الروم، وانتهاء حُكمهم في مصر، وطلب من المصريين مُساعدة المُسلمين وقائدهم، كما قيل: إنه وجَّه رسالة إلى جميع الأساقفة يطلب إليهم أن يُناصروا الفاتحين الجُدد.

فتح بِلبيس:

تابع عمرو بن العاص السير بعد فتح الفرما، وسار حتى وصل مدينة بلبيس، وقد اختار هذا الطريق لخلوه من المستنقعات، ولم يلقَ في طريقه الطويل هذا مقاومةٌ تُذكر، وعند وصوله وَجَدَ الروم قد تحصَّنوا فيها بقيادة الأرطبون لا يريدون غير الحرب، فضرب عمرو الحصار على المدينة، وقاتل حاميتها الرومية مدة شهر تقريبًا؛ فقُتل من جيش الروم نحو ألف جُنديّ، وتم أسر ثلاثة آلاف وفر الباقون، كما قتل من الجيش المسلم بعض الجند ودخل المسلمون المدينة.

ونكمل في المقال القادم -إن شاء الله-.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13-12-2020, 05:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (9)

شمس الإسلام في قلب مصر









كتبه/ أحمد حرفوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد ذكرنا أن بطريرك الإسكندرية فور علمه بقُدوم عمرو بن العاص -رضي الله عنه- على رأس الجند المسلمين إلى مصر، كتب إلى أهل مصر يُبشرهم بِقُرب زوال مُلك الروم، وانتهاء حُكمهم في مصر، وطلب من المصريين مُعاونتهم، كما قيل: إنه وجَّه رسالةً إلى جميع الأساقفة يطلب إليهم أن يُناصروا الفاتحين الجُدد؛ وعلى إثر ذلك واصل عمرو بن العاص فتح بقية المدن المصرية مستعينًا بالله أولًا، ثم بالمسلمين الذين فارقوا أوطانهم لرفع راية الإسلام، وبترحيب المصريين الذين انتظروا طويلًا مَن يخلصهم من ظلم الرومان.

فتح أُم دنين:

سار عمرو بن العاص من بلبيس، فمر بِمدينة عين شمس ثُم هبط إلى أُم دنين، وكانت تقع بين القاهرة والنيل وقد اشتهرت أُم دنين بحصانتها، فاضطر عمرو أن يُرسل إلى خليفة المسلمين يستحثُّه في إرسال مدد فوعده بذلك، ودار في غضون ذلك قتالٌ شديدٌ تحت أسوار أُم دنين، ولكن الإمدادات تأخرت في الوصول، وتضايق المحاصِرون، وكاد اليأس يدب في نُفوسهم، ووصلت أثناء ذلك طلائع الإمدادات، فقويت عزيمةُ المُسلمين؛ ولما رأى الروم ذلك قلَّ خروجهم للقاء المُسلمين؛ فاستغل عمرو -رضي الله عنه- هذا الإحجام، وشدَّ حصاره على المدينة حتى سقطت في يده، وهُزمت حاميتها الرومية شر هزيمة.

معركة عين شمس:

كان من بين الجنود الذين أرسلهم عُمر بن الخطَّاب عددٌ من كبار الصحابة، أمثال: الزبير بن العوام، وعبادة بن الصامت، والمقداد بن الأسود، ومسلمة بن مُخلد، وغيرهم، فاغتبط المُسلمون بمقدمهم، ووضع عمرو خطَّة تقضي باستفزاز جنود الروم وحملهم على الخُروج من حصن بابليون، ليقاتلهم في السهل خارج الأسوار، ويبدو أن قائد الروم شعر بالقوة بما كان تحت إمرته من المقاتلين، فخرج من الحصن على رأس عشرين ألفًا وسار بهم باتجاه عين شمس لقتال المسلمين، وظنّوا أنهم ضمنوا النصر على المسلمين، فتعاهدوا على القتال حتى الموت، لكن سرعان ما هُزموا شر هزيمة ، فلاذوا بالفرار لا يلوون على شيء، ونجحت فئة قليلة منهم ببلُوغ حصن بابليون؛ ودخل المُسلمون إلى أُم دنين مرة أُخرى، ووطدوا أقدامهم على ضفاف النيل.

وعندما بلغت أنباء الهزيمة مَن بِحصن بابليون من جُند الروم خافوا على أنفُسهم، ففرَّ بعضهم وبقي بعضهم الآخر في الحصن للدفاع عنه؛ فاستغل عمرو هذا الانتصار فنقل معسكره من عين شمس وضربه في شمالي الحصن وشرقه، وهو المكان الذي عُرف فيما بعد: "بالفسطاط".

فتح الفيُّوم:

بعد نجاح عمرو بن العاص وجُنده في الاستيلاء على أُم دنين وإلحاق الهزيمة بالروم، أعدَّ العدة لإتمام فتح الفيوم، وكان يقوم بأمرها شخصٌ يُدعى دومنتيانوس، فأصابه الذُعر عندما علم بانتصارات المسلمين الساحقة على الروم، فأسرع بالفرار دون أن يعلم بفراره أحدٌ، تاركًا الفيوم وشأنها، فعلم عمرو بن العاص بذلك، وأرسل فرقة من جنده نجحت في الاستيلاء على مدينة الفيوم، وهكذا تم للمسلمين فتح إقليم الفيوم وباءت جهود الروم بالفشل.


فتح حصن بابليون:

لم يبقَ بِأيدي الروم سوى حصن بابليون، وكان من أقوى الحصون بعد الإسكندرية؛ لذلك ركَّز عمرو بن العاص جهوده على فتحه، فسار إليه في شهر شوال سنة (19هـ - 640م) وحاصره، وكان بداخله عدد من قادة الروم، وما أن علموا بقدوم المسلمين وانتصارهم، ومساعدة بعض المصريين لهم، حتى بادروا بالفرار إلى الإسكندرية، تاركين الحامية تتولى مهمة الدفاع عنه.

وقد حدثت بعض المناوشات بين الجانبين لمدة شهر، وعندما بدأ فيضان النيل بالانحسار؛ أيقن المقوقس أن المسلمين صابرون على القتال، وأنهم سيقتحمون الحصن لا محالة، كما يئس من وُصول إمدادات من الخارج؛ فاضطرَّ أن يذهب المُقوقس بنفسه للتفاوض مع عمرو في هذا الشأن بشكلٍ سريٍ حتى لا يعلم أحدٌ من المدافعين عن الحصن، فتهن عزائمهم، فخرج من الحصن تحت جُنح الظلام مع جماعة من أعوانه، وركب سفينة إلى جزيرة الروضة.


ونكمل في القادم -إن شاء الله-.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-01-2021, 04:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,382
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مصر والشام وعز الإسلام

مصر والشام وعز الإسلام (10)

فتح حصن بابليون وكتاب الأمان







أحمد حرفوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد أدرك "المقوقس" أن المسلمين صابرون على القتال، وأنهم سيقتحمون حصن بابليون لا محالة، كما يئس من وُصول إمداداتٍ مِن الخارج، فاضطر أن يذهب بنفسه للتفاوض مع عمرو بن العاص -رضي الله عنه- في هذا الشأن بشكلٍ سريٍ حتى لا يعلم أحدٌ مِن المدافعين عن الحصن، فتهن عزائمهم؛ فخرج من الحصن تحت جُنح الظلام مع جماعة من أعوانه، وركب سفينة إلى جزيرة الروضة، فلما وصل إليها أرسل إلى عمرو للتفاوض، وكان رد عمرو بأن يخير المقوقس بين الإسلام أو الجزية أو القتال.

ومع ذلك فقد قَبِل المقوقس الدخول في الصلح، وطلب من عمرو -رضي الله عنه- أن يُرسل إليه جماعةً من ذوي الرأي للتباحث بشروطه؛ فأرسل إليه وفدًا برئاسة عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، فاستقبله الروم والمصريون حيث طمأنهم بأنَّهم سيكونون آمنين على أنُفسهم وأموالهم، وكنائسهم وصلبانهم، ونسائهم وذراريهم إن هُم قبلوا دفع الجزية؛ مما شجَّع المقوقس على المضي في طريق الصلح.


ولكن فئة من الجند رفضت الصلح مع المسلمين؛ عند ذلك طلب المقوقس من عمرو المهادنة مدة شهر للتفكير في الأمر، فمنحهُ ثلاثة أيام، ولما انتهت أيام الهدنة، استعد الطرفان لاستئناف القتال، وأحرز المسلمون بعض النصر مما دفع المقوقس إلى تجديد الدعوة لأركان حربه للاستسلام، فقبلوا مكرهين، واختار المقوقس دفع الجزية، واشترط موافقة الإمبراطور "هرقل"، وتجميد العمليات العسكرية حتى يأتي الرد من القسطنطينية، وتبقى الجيوش في أماكنها خلال ذلك؛ فوافق عمرو بن العاص.

وعلى إثر ذلك غادر المقوقس حصن بابليون وتوجَّه إلى الإسكندرية حيثُ أرسل عهد الصلح إلى القسطنطينية وطلب موافقة هرقل عليه، لكن الأخير لم يقتنع بوجهة نظر المقوقس بِشأن الصلح مع المسلمين، واتهمه بالتقصير والخيانة والتخلي للمسلمين عن مصر، ونفاهُ بعد أن شهَّر به ورفض عرض الصلح مع المسلمين.

وقد علم المسلمون برفض هرقل لعهد الصلح في شهر ذي الحجة سنة (19هـ - 640م)، فانتهت بذلك الهدنة واستأنف الطرفان القتال، وكان المُدافعون عن الحصن قد قلَّ عددهم بسبب فرار كثيرٍ منهم إلى الإسكندرية، ولم تأتهم نجدة من الخارج، وجاءهم وهُمْ على هذا الحال نبأ وفاة الإمبراطور هرقل في ربيع الأول سنة (20هـ - 641م) ففتَّ ذلك في عضدهم، واضطربوا لموته، وتراجعت قدرتهم القتالية، مما أعطى الفرصة للمسلمين لتشديد الحصار قبل أن يقتحموا الحصن في ربيع الآخر سنة (20هـ - 641م).

وقد اعتلى الزبير بن العوام مع نفرٍ من المسلمين السور وكبَّروا، فظن أهل الحصن أن المسلمين اقتحموه، فهربوا تاركين مواقعهم، فنزل الزبير وفتح باب الحصن للمسلمين فدخلوه؛ ومع هذا النصر كتب عمرو بن العاص لأهل مصر كتابَ أمان وفيه: "هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم، وكنائسهم وصُلبهم، وبرهم وبحرهم، لا يزيد شيء في ذلك ولا ينقص، ولا يساكنهم النوب، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح ثم ختم الكتاب بقوله: وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمته، وذمة رسوله، وذمة الخليفة أمير المؤمنين وذمم المؤمنين، شهد الزبير وعبدُ الله ومُحمد، ابناه، وكتب وردان مولى عمرو بن العاص وحضره".

التقدم نحو الإسكندرية:

كان لسقوط حصن بابليون أكبر الأثر على مسار المعركة، حيث إن الطريق بات مفتوحًا إلى الإسكندرية، فطلب عمرو من الخليفة أن يأذن له بالزحف نحو الإسكندرية لفتحها، وضمها إلى الأراضي الإسلامية، وما لبث عمرو حين تسلم الإذن أن زحف نحو الإسكندرية، وترك حاميةً عسكريةً في حصن بابليون بِقيادة خارجة بن حذافة السهمي.

وكانت الإسكندرية في ذلك الوقت قصبة الديار المصرية، وثاني حواضر الإمبراطورية بعد القسطنطينية، وقد أدرك الروم أن سقوطها في أيدي المسلمين معناه زوال سلطانهم من مصر، وقد عبَّر الإمبراطور عن ذلك بقوله: "لئن ظَفر العرب بالإِسكندرية فقد هلك الروم وانقطع ملكهم، فليس للروم كنائس أَعظم من كنائس الإسكندرية"؛ فأسرعوا بِإرسال المقوقس على رأس قوةٍ عسكرية، فوصل المقوقس إلى الإسكندرية في شوال سنة (20هـ - سنة 641م)، وفي نيَّته الدُخول في صلحٍ مع المسلمين، لكن بعض أركان حربه رفضوا هذا، وأصروا على المُقاومة.

ونكمل في القادم -إن شاء الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 149.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 143.34 كيلو بايت... تم توفير 6.03 كيلو بايت...بمعدل (4.04%)]