القيم والذكاء الجمالي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         السيول والأمطار دروس وعبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مضى رمضان.. فلا تبطلوا أعمالكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضل علم الحديث ورجاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الترهيب من قطيعة الرحم من السنة النبوية المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          لمحات في عقيدة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          عقيدة الشيعة فيك لم تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          شرح حديث: تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أدومه وإن قل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-01-2020, 10:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي القيم والذكاء الجمالي

القيم والذكاء الجمالي (1)
أ. حنافي جواد





لماذا اخترت موضوع القِيَم؟
انصبَّ اهتمامي على مسألة القيم؛ لأهميتِها، ثم إنَّ حاجتنا إليها اليومَ أكثرُ من حاجتنا إليها البارحة؛ نظرًا إلى تفاقم فساد منظومة القِيَم.

ولقد أسفر فسادُها عن فساد منظوماتٍ كثيرات؛ اقتصاديَّة واجتماعيَّة، وبيئية وعِلمية...

إنَّ ما نشاهده اليوم من الفساد بداية شريرة لا نتوقَّع مآلاتِها ولا نهاياتها، أقل ما يُقال عنها: إنَّها بشارة الكارثة العظمى، والمصيبة الكبرى، هي أزمة قِيميَّة أخلاقيَّة.

هدفي في هذا المقام:
الإشعار بخطورة فساد منظومة القيم والأخلاق.

إبراز أنَّ الوعي بالخطورة غيرُ كافٍ، فالواجب الانطلاق نحو الفعل الصَّالح.

بيان الترابط بين المنظومة القيميَّة الأخلاقية والحقول الاجتماعيَّة والاقتصادية والفكرية.

الوقوف على أهمية تنمية الذَّكاء الجمالي.

تحديد المسؤولياتِ، وبيانُ الأطراف المتدخِّلة لإصلاح المنظومة الفاسدة.

التأكيد على أهمية التعزيز الإيجابي والسَّلبي لإصلاح ما أُفسدَ، وبناء ما هُدم.

إقامة البرهان على أن الرقابة الذاتيَّة غير كافية في النظريَّة الإصلاحية.

لا أدَّعي أني أحَطْتُ بالموضُوعِ إحاطةً شاملة؛ ولكنِّي ركزتُ على ما بدا لي مُهمًّا، وقد غابت عنِّي أمور كثيرة أكثرُ أهمية؛ فالكمال لله، حاولتُ قدْرَ المستطاع معالجةَ الموضوعِ بناءً على تصوُّرٍ يكاد يكون شاملاً، يَمْتحُ من حقولٍ كثيرة: حقل الشريعة الإسلامية - حَقْل النفس البشرية - حقل علم الاجتماع - حقل علم النَّفْس الاجتماعي - حقل البيئة - حقل الإعلام - حقل التَّنمية البشرية... نَسْجت خيوطها نسجًا، ونظمتها نظمًا؛ عسى أن تروق القارئ فيتخذها زينةً.


تُعَدُّ مسألة القيم الجمالية موضوعًا حريًّا بالمناقشة والدراسة والتحليل، ومما يقتضي ذلك ما نلحظه من تشوُّهات سلوك الإنسان المُعاصر[1]، وغلبة القيم الفرديَّة والمادِّية، واضمحلال القيم الرُّوحية والجمالية.

فانعكس ذلك بشكل مباشر وغيرِ مباشر على منظومة المجتمع، ونظام الكون بِأَسْره؛ فاختلَّ التوازن، وساد اضطرابٌ غير مشهود مثله سلفًا، ويحدث ذلك كله باسم الحَدَاثة[2] والتَّجديد والتقدُّم!

لقد أصبح تعليم القيم الجَميلة[3]، وترسيخُها في النفوس والعقول - فريضةً وأولويَّة من أعظم الأولويات[4]، فينبغي الاهتمام بها؛ لأنَّها مسؤولية يتحمَّلها جميع البشر بدون استثناء؛ وإن كانت الحظوظ والمسؤوليَّات تختلف من طرفٍ لآخر.

ويُعَدُّ سنُّ الطفولة والحداثة أعظم وأهمَّ مرحلة عمريَّة لتغرس فيها القيم الجميلة والأخلاق الفاضلة:
وَيَنْفَعُ الأَدَبُ الأَحْدَاثَ فِي صِغَرٍ
وَلَيْسَ يَنْفَعُ عِنْدَ الشَّيْبَةِ الأَدَبُ

إِنَّ الغُصُونَ إِذَا قَوَّمْتَهَا اعْتَدَلَتْ
وَلَنْ تَلِينَ إِذَا قَوَّمْتَهَا الْخُشُبُ



صعوبة موضوع القيم:
أرَانِي أجدُ صعوبةً كبيرةً في الحديثِ عن القيمِ، ولا ترجع الصُّعوبة إلى الموضوعِ في ذاتِه، وإنَّما لاختلافِ التصوراتِ والمنطلقات، وتمثُّلات الأذهان[5] في مقاربته.

قد تَتَّحِدُ التصورات في أمور معيَّنة؛ لكنها سرعان ما تختفي في أخرى.

وهل هو اختلاف تنوُّع، أو اختلاف تضاد؟

يكون اختلافَ تنوعٍ في أحيان، واختلافَ تضادٍّ في الأغلب الأعمِّ من الأوقات.

قد تكون القيم إيجابيَّة، وقد تكون سلبية، فما الفرق؟ وما هي الحدود والمنطلقات؟

وتتوقَّف الإجابة عن هذين السُّؤالين على حلِّ الإشكالية السابقة؛ إشكاليَّة تعدُّد واختلاف وجهات النَّظر في موضوع القيم بين التنوُّع والتضاد.

بِعَودِنا إلى الساحة والميدان؛ نكشف صعوبة التَّعامل مع مفهوم القيم، وصعوبَة تصنيف تصورات الناس وتمثلاتهم للموضوع.

إنَّهم يُجْمِعون علَى أهمية القيم الإيجابيَّة؛ الاقتصادية، والفكريَّة، والتربوية، والنفسية...

يُجمعون بشكل صريحٍ على ضرورة القضاء على القيم السلبيَّة؛ لمفاسدها وأخطارها الاجتماعية والاقتصادية...

ورغم إجماعهم؛ فإنَّهم يختلفون اختلافَ تبايُنٍ في التعريف والضوابط والحدود...

ولا يَفوتُنا أنْ نُذكِّر بتيَّار متمرِّد ينفي القيم نفيًا قطعيًّا، داعيًا علانية إلى تجاوزها، بل يعتبرها عائقًا تنمويًّا، أو خرافةً أكَل عليها الدهر وشرب.

إشكالية القيم:




إشكاليَّة القيم من أعوص الإشكاليَّات على الإطلاق؛ وهي أخطر من الإشكالية البيئيَّة؛ لسببٍ وجيه:
"هو أنَّ فساد القيم يؤدِّي إلى تخريب البيئة وتدمير الكون، فإذا التزم الناسُ القيمَ الجمالية وقيم المسؤولية، ستكون البيئةُ بخير، وإذا فسدَت التصوُّرات، واختلطت القيم السلبيَّة بالأخلاق الفاضلة، وهيمنَت المادَّة على قيم الفِكْر وجماله، فانتظِر الكارثة على المستويات جميعها".

فما أحوجَنا إلى عقد قمَّة عالمية عملية جدية في موضوع القيم؛ لِتُجيب عن سؤالٍ مركزي هو: قِيَمُنا إلى أين؟

وهذه القمَّة - في نظري - أهمُّ من قمة عالميَّة في المناخ.

وما فساد المناخ، وتلوُّث البيئة، وارتفاع درجة حرارة الأرض، واتِّساعُ ثقب الأوزون، وذوبانُ الثُّلوج في القطبين... إلاَّ نتيجةٌ مباشرة - أو غير مباشرة - لفساد تصوُّرات الناس، وتلوُّث قيمهم بملوِّثات مادية ومعنوية.





تلوث الأفكار = تلوث المناخ وزيادة.



تقسيم القيم:
تزخر الساحة بتصوُّرات متعددة لمفهوم القيم، يمكن تصنيفها كما يلي:

تقسيمٌ باعتبار الدِّين:
قِيَم من منظور إسلامي/ ديني
قيم من منظور غير إسلامي، بعيدًا عن الدِّين



تقسيم باعتبار الاتِّفاق والاختلاف:
قيم متفق عليها إجمالاً
قيم مختلف فيها تفصيلاً


تقسيم باعتبار الإثبات والنَّفي:
فريق يثبت القيم ويعترف بها
فريق ينفيها، ولا يعترف بها



تقسيم باعتبار الظاهر والباطن:
قيم سلوكية ظاهرة
قيم باطنة قلبيَّة - عقلية



تقسيم باعتبار الإطلاق والنسبية:
قيم مطلقة
قيم نسبيَّة



تقسيم باعتبار الحقول المعرفية:
قيم اقتصادية
قيم اجتماعية
قيم فكرية...



تداخلات وتشابكات في حقل القيم:










يتبع...


[1] وتظهر تلك التشوُّهات في علاقة الإنسان بربِّه ونفسه والناس والمحيط.

[2] الحداثة: مشروعٌ فكري تقدُّمي، يُفسِّر الكون تفسيرًا متجرّدًا عن سلطة الماضي وكل أشكال السُّلطة، وأساس الحداثة الفصل بين الدِّين والدولة، فالدين في نظر الحداثيِّين تراثٌ قديم لا يليق بعصرٍ متطوِّر.

[3] من القيم الجميلة: العدل - المساواة - الإيثار - التواضع - الأخوَّة - المودة - الرحمة - الحياء - الكرم - حسن الضِّيافة - الأدب مع الله والناس - العفَّة - الشجاعة - الوفاء - الصِّدق - حسن الجوار - الإحسان...

[4] نحن في حاجة ماسَّة إلى فقه أولويات التغيير الاجتماعي؛ حتى لا نتيه في أجزاء قليلة الأهميَّة؛ فتضيع الجهود، ويستفحل الضرر، ويفوت الأوان.


[5] تُبنى التصوُّرات والمنطلقات والتمثلاتُ عبرَ مساراتِ التنشئةِ الاجتماعية، واختلافُ المحيط والبيئة يؤدِّي إلى تباين طرائق النَّاس في التفكير والبناء وتصوُّر الأشياء، وتكاد تتَّحِد تصوُّرات الناس ومواقفهم في بعض الأمور المرتبطة بالمصلحة الفرديَّة؛ كأساليب تحصيل المال، والسكن، وإشباع بعض الغرائز...


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-01-2020, 10:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القيم والذكاء الجمالي

القيم والذكاء الجمالي (2)


أ. حنافي جواد





القِيَم الإسلامية كونيَّة:
قال تعالى: ï´؟ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ï´¾ [الإسراء: 9].

إنَّ هذا القرآن الذي أنزَلَه الله - سبحانه وتعالى - على محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - يًرشد الناس إلى أحسن الطُّرق، وهي ملَّة الإسلام[1]، ويُبشِّر المؤمنين الذين يَعملون بما أمرهم الله به، ويَنتهون عمَّا نَهاهم عنه، بأنَّ لهم ثوابًا عظيمًا.

القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة مَصْدرانِ رئيسانِ للقِيَم الجميلة والأخلاق الفاضلة النَّافعة في دار الدُّنيا والآخرة.

والقيم الإسلاميَّة والأخلاق القرآنيَّة الربَّانية أحقُّ بأن تُعَولَم؛ لتنتشر في سائر أرجاء الدُّنيا؛ إنَّها قِيَم كونيَّة صالحة لكلِّ زمانٍ ومكان، ومصلحةٌ للإنسانيَّة والأكوان:
تنظِّم علاقة الإنسان بربِّه؛ كقول الله تعالى: ï´؟ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ï´¾ [آل عمران: 32].

تنظِّم علاقة الإنسان بنفسه؛ كقول الله تعالى: ï´؟ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ï´¾ [النساء: 29].

تنظِّم علاقة الإنسان بأهله، كقول الله تعالى: ï´؟ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ï´¾ [الإسراء: 23].

تنظم علاقة الإنسان بالنَّاس المحيطين به، كقوله تعالى: ï´؟ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ï´¾ [النساء: 36].

تنظم علاقة الإنسان بالجمادات؛ كقول الله تعالى: ï´؟ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ï´¾ [الإسراء: 44].

تنظم علاقة الإنسان بالأحياء البرية والجوية والمائية؛ كقول الله تعالى: ï´؟ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ï´¾ [الأعراف: 56].

ويعدُّ الصَّحابة الكرام - رضي الله عنهم وأرضاهم - نماذِجَ عمليَّة لتطبيقات القيم الإسلاميَّة والأخلاق القرآنيَّة.

فالقيَم الإسلاميَّة ليست أنماطًا نظريَّة، ولا نماذج طوباوية؛ إنَّها سلوكيات عمليَّة ومُمارسات حياتيَّة يومية، تجسَّدَت في سلوكيَّات خير البَرِيَّة - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومَن اتبع هُداه من الصحابة والأئمة والشُّرفاء المهتدين بِهَديه المستنيرين بنوره.

القيم الجميلة هي:
رَوى مسلمٌ عن عبدالله بن مسعودٍ عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يدخل الجنَّةَ مَن كان في قلبه مثقالُ ذرَّة من كِبْر))، قال رجلٌ: إنَّ الرجل يحبُّ أن يكون ثوبُه حسَنًا، ونعلُه حسنة، قال: ((إن الله جميلٌ يحبُّ الجمال، الكِبْر بطَرُ الحقِّ وغَمْط النَّاس)).
القيم الجميلة هي كلُّ القِيَم والأخلاق والتَّعاليم التي جاء بها الإسلام.

القيم الجميلة هي كل السُّلوكيات والمشاعر النبيلة التي تتَّفق عليها العقول السليمة المشبعة بالإيمان والتَّقوى.

القيم الجميلة لا تدَعُ مجالاً للفساد الظاهر والباطن، هي قيمٌ مثالية، مهما سَمَا سلوكُ المرء، واشتدَّ حرصه عليها، فلن يَصِل إلى درجة الكمال فيها.

القيم إذًا سُلوكياتٌ جميلة، وأخلاقٌ فاضلةٌ، صالحةٌ في الآجل والعاجل.

الجمال الموجود والمأمول:
نعيش اليومَ في زمنٍ قلَّت فيه صُور الجمال ونَماذجه الحقيقيَّة، حتَّى كادت تنعدم؛ وذلك نتيجةً لتلوُّث أخلاق النَّاس وبيئاتهم، وتسمُّم أفكارهم، وعلوِّ الرَّان على قلوبهم، والمادَّة على صدورهم، فكادَتْ بعض الشِّيَم أن تَنْقرض؛ كالكرَم، والتَّواضع، والحياء، والتوسُّط، والاعتدال، وحُسن الأدب.

وما كِدْنا نرى إلاَّ جمالاً أشبه ما يكون بالجمال، وهو ليس بجمالٍ في الحقيقة؛ كجمالِ المَساحيق، وما يوصف في الإعلام بالجمال والفنِّ والإبداع، وغيرها من الأمور التي تُحسب على الفنون الجميلة، وهي ليست منها في الحقيقة.

الناس - أغلب النَّاس - يَجْرُون وراء المال والملذَّات؛ يلهثون ويتَنافسون ويتصارعون، ويتدافعون ويتناطحون؛ من أجل لذَّة الامتلاك - وبئست اللذَّة هي.

قال تعالى: ï´؟ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ï´¾ [محمد: 36].

ويا ليتهم امتلكوا ولم يدمِّروا!
لقد دمَّروا الأخلاق والبيئة، وهم الآن على قدَمٍ وساق لتدمير ما بقي من الكون.

والمَجاعات[2] المسموع بها هنا وهناك وهنالك، إنْ هي إلاَّ دليلٌ ساطع وبرهانٌ ناصع على فساد المنظومة الأخلاقيَّة، والسِّياسات الاقتصاديَّة، والمناهج التعليمية والتربويَّة وذلك كله - وغيره - من فساد الرُّؤية الجماليَّة.

علاقة الجمال بالحرية:
سُوءُ فَهْمِ كثيرٍ من الخلق لمصطلح الحريَّة جرَّ علينا ويلاتٍ كثيرات، ومصائِبَ جليلات.
فهل تعني الحريَّةُ تدمير الكون؟
هل تعني التَّلاعُبَ والاستخفاف بعقولِ وأذواق المستهلكين؟
هل تعني تحريرَ المرأة من التزاماتها الطبيعيَّة، وإعفاءَ الرَّجل من مسؤولياته؟
هل تعني إباحة زواج الرَّجل بالرجل، والمرأة بالمرأة؛ باسم الحدَاثة والحرية الشخصيَّة؟
وهل تعني التبَرُّج والسُّفور؟
تنتهي الحرية في الجمال عندما تُخالف الشريعة الإسلامية.
لا يُسمَّى الجمال جمالاً إذا خالفَ التعاليم الإسلامية ومبادئها.
عندما يُخالف الجمالُ تعاليمَ الإسلام يعتبر ضلالاً وزيغًا.
"لا دخل للدِّين في الفن والجمال"! عبارةٌ يردِّدها كثيرون - غفر الله لنا ولهم - ربَّما يقولون ما يَعْلمون، وربما يقولون ما لا يعلمون.

1- إذا كانوا يقولون ما يعلمون:
فنقول لهم: إنَّ الدين الإسلامي شرعُ الله، مُنَزَّل على رسول الله؛ لهداية الناس إلى سواء السبيل، والشرع الربَّاني أسمى من العقل المخلوق - الذي خلقَه الله، وهو أدرى بخلقه، فعقولكم التي تحتكمون لها - كما تَزْعمون - خلَقَها الله - سبحانه وتعالى - وهو أدرى بها منكم، فلو شاء الله - سبحانه وتعالى - أن يجعل العقول شريعةَ الخلق لجَعَلها، ولكن لحكمةٍ يَعْلمها؛ جعلها - سبحانه وتعالى - تبعًا لِما في الشريعة.

2- إذا كانوا يقولون ما لا يعلمون:
فنقول لهم: تعلَّموا؛ لتميِّزوا بين دين الله وعقول الناس؛ فدين الله جاء ليهدي العقول ويُرشدها، حتى لا يضلَّ وتضل، وللعقول حدودٌ تنتهي إليها، والعقول - كما لا يَخفى على أحدٍ - لا تُدرِك إلاَّ بعض الحقائق والأمور، ولا يمكنها أن تتخصَّص في كلِّ المَجالات والحقول المعرفيَّة؛ فقد يبرع العقل البشريُّ في حقلٍ معرفي معيَّن، وتغيب عنه أشياء خارجة عن مجال تخصُّصه، وربما تكون ضروريَّة لتكملة تخصُّصه، فثمَّة تداخلٌ فاحش بين التخصُّصات والمشارب العِلميَّة، وعليه فحاجة الإنسان إلى شرع الله ضروريَّة.

الذكاء الجمالي من منظورٍ إسلامي:
قال الله تعالى: ï´؟ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ ï´¾ [النحل: 5 - 7].

وقال ابنُ العربي: "والجمال يكون في الصُّورة، وتركيب الخِلْقة، ويكون في الأخلاق الباطنة، ويكون في الأفعال.
فأمَّا جمال الخِلقة فهو أمرٌ يُدرِكه البصر، فيُلقيه إلى القلب متلائمًا، فتتعلَّق به النَّفس من غير معرفةٍ بوجه ذلك، ولا بسببه لأحدٍ من البشر.

وأما جمال الأخلاق فبِكَونها على الصِّفات المحمودة من العلم والحكمة، والعَدْل والعفَّة، وكظم الغيظ، وإرادة الخَيْر لكلِّ واحد.

وأما جمال الأفعال فهو وُجودها ملائمةً لصالح الخَلْق، وقاضيةً بِجَلب المنافع إليهم، وصَرْف الشرِّ عنهم.

وجمال الأنعام والدَّواب من جمال الخلقة محسوب، وهو مرئيٌّ بالأبصار، موافقٌ للبصائر، ومن جمالها كثرتها؛ اهـ "أحكام القرآن لابن العربي: 119".

المتذوِّقون للجمال:
المتذوِّقون للجمال قلَّة قليلة، فتذوُّق الجمال وفَهْم أسراره وفكُّ شفراته ليس من حظِّ كلِّ الناس؛ فهو هبةٌ إلهيَّة، يُوهَبُها مَن شِيءَ له أن يتذوَّقه، ومِن ذلك تذوُّق جمال العبادات والطاعات، فالمَحظوظون في تذوُّقها نَذرٌ قليل جدًّا.

قد يَستغرب مِن قولنا هذا مَن لم يسمع بجمال الطَّاعات والعبادات، وكذا بجمال الكِتاب المقروء والمنظور؛ فالقُدرة على التذوُّق ذكاءٌ جمالي؛ لا يُوهَبه كلُّ مَن هبَّ ودب.

قال الله تعالى: ï´؟ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ï´¾ [الحج: 46].

قال الله تعالى: ï´؟ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ï´¾ [الفرقان: 44].

قال الله تعالى: ï´؟ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ï´¾ [العنكبوت: 43].

قال الله تعالى: ï´؟ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ï´¾ [النحل: 12].

الذكاء الجمالي:
نوعٌ من أنواع الذَّكاء؛ كالذكاء العِلمي والوجداني.
ذكاء مرتبط بالحسِّ الجمالي.
تتشكَّل مَعالِمُه من خلال التربية والتَّنشئة الاجتماعية.
ذكاء وحسٌّ مُرهَف، ينبذ الإفساد والتدمير والإخلالَ بالمنظومة البيئيَّة، والسلوكياتِ المستقيمة؛ فهو ذكاءٌ ذو بُعْد حسِّي ومعنوي.
ينمو هذا الذَّكاء ويتطوَّر كما يتقهقر ويتراجع؛ وفقًا لتوافر الظُّروف والشروط.
يمكن اعتبار الذكاء الجمالي ذكاءً تنمويًّا مستمرًّا، ينمِّي الذات والمحيط.

مصادر تنمية الحس/ الذكاء/ الجمالي:
1- القرآن الكريم؛ باعتباره مصدرًا لكلِّ جميل.
2- السنة النبوية؛ باعتبارها مصدرًا للجمال.
3- إجماع العلماء؛ باعتبارهم جمعًا يَستحيل اجتماعُهم على قبيح.
4- الاجتِهادات الخلاَّقة الموافقة للأصول السابقة، بحيث لا تُناقضها، أو تجبُّ أصلاً مثبتًا فيها.




هناك متدخلون كثرٌ لتنمية الذكاء الجمالي:
الذكاء ابن بيئته:
فقد يُظلم بعض الأطفال باسم العدالة الاجتماعيَّة، والحكمة الرَّشيدة؛ فلا تتاح لهم من الفرص ما أتيحت لغيرهم؛ ولو أتيحت لهم لكانوا أمثالَ أقرانهم من المحظوظين.

فلا مجال للمُقارنة بين طفلٍ نشَأ في حضنٍ دافئ، غني بالمعارف ونماذج الجمال، وطفل يُعاني من التهميش والهشاشة.

فلِلطِّفل الصحراوي ذكاؤه، وللقرويِّ ذكاؤه، وللمدني ذكاؤه، كما للفقير ذكاؤه، وللغني ذكاؤه، ويورث نصيب غير يسير من الذَّكاء عبر المسالك الثقافيَّة.

فقد تَرثُ عن أسرتك الفقر إرثًا ثقافيًّا، وقد ترث عنهم الغِنَى فكرًا ومنهجًا، وذكاءً وأسلوبًا، تتعلَّمه من خلال التنشئة الاجتماعية.

ومن هنا تبرز أهميَّة التنشئة الاجتماعيَّة في غرس القِيَم الجماليَّة وتنمية الذكاء الجمالي، والحسِّ التذوُّقي السليم.

بعض المتدخِّلينفي تنمية الذكاء الجمالي:
مؤسسة المسجد.
الأسرة المسؤولة.
المدرسة المواطنة.
الإعلام الهادف.
الجمعيَّات الفعالة.
القرارات السياسية.
النخبة والصَّفوة.
...
يتبع...


[1] الإسلام رسالة عالميَّة صالحة لكلِّ زمان ومكان.

[2] نداء:
يا أغنياء العالَم.
يا أثرياء المسلمين.
هُبُّوا لنجدة الصومال.

هبُّوا للواجب الديني والأخلاقي والإنساني.
لإنقاذ الأطفال والشيوخ وذَوي العاهات.
أين أنتم يا أغنياء العالَم؟ هل تنتظرون غيرَكم، أو تحسبون أنفسكم فقراء معدمين؟
وأنتم أيُّها القرَّاء الأفاضل لا تنسَوْا أنفسكم، وأنا معكم، افعلوا الواجب.
إنا نتحمَّل المسؤولية الأخلاقية والدينية أمام الله - عز وجل - قال تعالى: ï´؟ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ï´¾ [الأحزاب: 72].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.04 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]