|
|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الصلة بين الإنتاج والصحة النفسية
الصلة بين الإنتاج والصحة النفسية هشام محمد سعيد قربان إنَّ من أشهر البديهيَّات في علم الإدارة: كونُ الإنسان أهمَّ أداةٍ من أدوات الإنتاج، وتنطلق من هذه المعلومة مجموعة كبيرة من البحوث التي تهتمُّ بدراسة نفسيَّة الإنسان، وتَهدف إلى معرفة وسائل تحفيز الأداء الوظيفي وطُرق زيادة الإنتاج، ويتم تطبيق نتائج هذه البحوث في عالَم المُنشآت والشركات في صُوَر مشاريع وبرامج مختلفة، تسعى في مجموعها إلى التطوير الإداري، وتحسين الكفاءات، وزيادة الإنتاج، ومن أمثلة هذه المشاريع: • أسلوب الإدارة بالجودة الشاملة (TQM: Total Quality Management). • وتحسين العمليات (Process Improvement). • وإعادة هندسة العمَليات Process) Rengineering). • أساليب اكتشاف القُدرات الإبداعيَّة وتوظيفها (Talent Management). • وبناء فِرَقِ عمل متعدِّدة الاختصاصات (Multidisciplinary Teams). • تعليم فنون الانجاز وتنفيذ الخطط (The Discipline of Execution). • عادات الناجحين ذوي الطاقات المتميزة. • وعدد كبير من الأساليب التي تحثُّ على اكتشاف القُدرات الإبداعيَّة وتوظيفها. إنَّ عُلماء الإدارة يُشيدون بفاعلية هذه البرامج وفوائدها المتعدِّدة، ولكنهم في الوقت ذاته يذكِّرون بحقيقة أساسية مهمة، لا تحظى بالاهتمام الكافي في بعض المنشآت والشركات المنشغلة بملاحقة الحديث من أساليب التطوير الإداري، والاستعانة بأفْضل الخبرات والشركات الاستشارية المختصة. إن هذه الحقيقة التي يغفل عنها البعض، هي الصِّلة الوثيقة بين قُدرة الإنسان على الإنتاج والصحة النفسيَّة. إنَّ الفَهم الأمثل لهذه العلاقة الوثيقة يقتضي وجود تعاون مستمرٍّ ومُركَّز بين مُختصي الإدارة في الشركات، والمختصين في علم النفس الصناعي (Industrial Psychology)، وفي هذا السياق يمكن تقييم مستوي هذا التعاون بسهولة بالنظر الي طبيعة العلاقة ومدى التواصل والتشاور بين المختصين من الفريقين، ومن نافلة القول ان ثمرة هذا التعاون - اذا وجد- تتناسب طردا مع قوة هذه العلاقة ومتانتها ونضجها وديمومته.ا إنَّ فاعلية الكثير من برامج التطوير الإداري تَقِل كثيرًا حين تغفل هذه الحقيقة المهمة، ولا يعمل بمقتضاها. إن المختصين في الطب النفسي يذكرون عددًا كبيرًا من الاضطرابات والأمراض النفسية التي تحدُّ من قُدرة العامل على الإنتاج، وتُقلِّل من فاعلية بعض مشاريع التطوير الإداري التي تتبنَّاها المنشآت، ومن أشهر الأمثلة على الاضطرابات النفسيَّة المؤثرة سلبًا على الإنتاج: حالات الكآبة النفسيَّة (Depression) أو الذهان، ولهذا المرض الذي يُمكن علاجه صُوَرٌ عديدة، منها: ما يُعرف بأعراض وتصرُّفات معيَّنة، منها: تدنِّي الإنتاج الوظيفي، ويُذكِّر المختصون في الطب النفسي القائمين على إدارة الموارد البشرية بالخطورة الكامنة في عدم اكتشاف حالات التدني الوظيفي ذات الأسباب النفسية، وتفسير كل حالات التدني الوظيفي على أنها ناتجة من الكسل وضَعْف القدرات، وتدني الهِمَّة، وقد يعترض البعض من الإداريين على هذه الخطورة بقولهم: إنَّ تخصُّصهم هو الإدارة، وليس الطب النفسي، ويُشير هذا القول إلى خَللٍ في فَهم مهمة الإدارة؛ لأن الإدارة في حقيقتها هي فنُّ التعامل مع أدوات الإنتاج، ومن أهمها الإنسان، ويُبيِّن هذا التعريف أهميَّة التعامل مع الإنسان كأداة من أدوات الإنتاج، عن طريق أساليب إداريَّة شاملة لا تَنحصر نظرتها في الصحة الجسديَّة، ولكنها تشمل جانب الصحة النفسيَّة ذي الصِّلة الوثيقة بالقدرة على الإنتاج. إنَّ البرامج التي تؤهِّل وتدرِّب المختصين في إدارة الموارد البشرية، لا بدَّ أن تحوي بعضًا من الأساسيات في علم النفس الصناعي التي تُمكِّنهم من إعانة المختصين في هذا المجال، والعمل معهم- عن قرب- والعمل معهم على الاكتشاف والعلاج المُبَكِّرَيْن للحالات المرضيَّة النفسية التي تؤثر على الأداء الوظيفي، وتؤثر سلبًا على الإنتاج العام للمنشآت، ويتبع هذا التوجه أمر آخر يساويه في الأهمية، وهو عدم إغفال جوانب الرعاية الصحية النفسية في التأمين الصحي للعاملين في المنشآت، أو حصر فوائد التأمين والرعاية الصحية على جانب الامراض العضوية, أو التعاقد مع منشآت أو مصحات تفتقر إلى وجود أطباء ومختصين نفسيين مؤهلين تأهيلا عاليا وذوي خبرة عريقة، أو إيجاد مصاعب أو عقبات في طريق المحتاجين لهذا النوع من الرعاية الصحية. إنَّ الحديث عن الحاجة إلى فَهْم إداري أكثر شمولاً، يُحتِّم علينا التذكير بالصِّلة الوثيقة بين تحسُّن الصحة النفسيَّة، والإيمان بالله - عز وجل - واتِّباع سُنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - المَبْنِيَّيْن على أساس من العلم المؤدِّي إلى اليقين، والتوكل بالاخذ بالاسباب المشروعة من رقية مأثورة, ودواء مجرب يصفه طبيب مختص، وللنفوس أطباء مختصون بعللها كما للاجساد اطبائها المختصون، وكل مختص يدرك حدود خبرته ومجال تخصصه، ويقدر تخصص الاخر وخبرته، ويعمل معه بتناغم نحو هدف مشترك هو صحة الانسان بمفهومها الشمولي. إنَّ الفَهم الصحيح لقضايا القدر، والتوكُّل على الله، وحُسن الظن به، وأثر العبادات على السلوك والمشاعر، له أثرٌ عظيم على تحسين الأداء الوظيفي وزيادة الإنتاج؛ لأنه يُحرِّر طاقات الفرد من الكثير من المخاوف النفسيَّة والقيود الوهميَّة ويوجهها إلى مراقي العطاء المتزايد, والإبداع المتوقد, والحرص على التميز.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |