افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قيام الليل يرفعك إلى درجة الشاكرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          إسرائيل تخسر الجامعات الأميركية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أسرار الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          موعظة الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ثقافة السوق والاستعمار الناعم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أزمة المسلمين الحضارية: جذورها وأبعادها وحلولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          منهج خالد لا أشخاص عابرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          "لعل" في كلام الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          من معالم الهدي النبوي الاهتمام بالناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-04-2024, 06:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (1)


الفرية الأولى
الإمام محمد بن عبد الوهاب ادعى النبوة
ادعى الحاقدون على هذه الدعوة السلفية أن الإمام محمد بن عبد الوهاب ادعى النبوة، كما ادعاها مسيلمة الكذاب وسجاح والعنسي وغيرهم.
وهذا ابن عفالق وهو يفتري على الإمام فرية ستكون عليه يوم القيامة في عنقه، حيث يقول هذا الأثيم:
والله، لقد ادعى النبوة بلسان حاله لا بلسان مقاله، بل زاد على دعوى النبوة، وأقمتموه مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخذتم بأمره ونواهيه(1).
ويقول علوي بن أحمد الحداد: «وكان يضمر دعوى النبوة، ويظهر عليه قرائنها بلسان الحال، لا بلسان المقال لئلا ينفر عنه الناس، ويشهد بذلك ما ذكره العلماء من أن (ابن) عبد الوهاب كان في أول أمره مولعاً بمطالعة أخبار من ادعى النبوة كاذباً كمسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي وطليحة الأسدي وأضرابهم» (2).
ويقول : «من ذلك أنه يدعي باطناً أتى بدين جديد، كما يظهر من قرائن أحواله، ولذلك لم يقبل من دين نبينا محمد [ إلا القرآن، فإنه قبله ظاهرا فقط لئلا يعلم الناس حقيقة أمره، فينكشفوا عنه، بدليل أنه هو وأتباعه إنما يؤولون بحسب ما يوافق هواهم لا بحسب ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح وأئمة التفسير، فإنه لا يقول بذلك، كما لا يقول بما عدا القرآن من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ» (3).
ويقول: « وكان يقول أي محمد بن عبد الوهاب»: إن الربابة في بيت الخاطئة أقل إثماً ممن يناجي ويذكر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على المنابر» (4).
ويقول الشاعر الغاوي محمد جميل الزهاوي العراقي، الذي هاجم الإسلام عموماً، وهاجم دعوته الممثلة في حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على خصوصاً، وألف لهذا الغرض كتاباً أسماه :«الفجر الصادق في الرد على منكر التوسل والكرمات والخوارق»، يقول فيه: وكان محمد هذا بادئ بدأته كما ذكره بعض المؤلفين، مولعاً بمطالعة أخبار من ادعى النبوة كاذباً كمسيلمة الكذاب، وسجاح، والأسود العنسي، وطليحة الأسدي، وأضرابهم، فكان يضمر في نفسه دعوى النبوة، إلا أنه لم يتمكن من إظهارها...»(5).
ويقول أيضاً: «لقد كان الرجل - يعني محمد بن عبد الوهاب - في الحقيقة يريد أن يدعي النبوة إلا أنه تستر...»(6).
ولا نعلم كيف عرف هذا المنافق أن الإمام محمد بن عبد الوهاب ادعى النبوة، إلا أن الإلحاد والزندقة والضلال زينت له هذه الأقاويل، فكان يهرف بما لا يعرف، ويدور حول عبادة الأضرحة والأوثان البشرية، نلمح هذا في كتابه الذي نطلق عليه بدورنا «الفجر الكاذب»، وعاجله الشيخ سليمان ابن سحمان بالرد عليه في كتابه «الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق»، و:«عقود الجواهر الحسان».
يقول الشيخ ابن سحمان - رحمه الله - وهو يفند قول الزهاوي: «وأما قوله: وكان محمد هذا بادئ بدأته، فالجواب أن نقول: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً، فإن هذا معلوم كذبه بالاضطرار، لا يمتري فيه من له أدني معرفة بمقادير الأئمة الأخيار، ومن طالع كتب الشيخ ومصنفاته ورسائله، ونأمل حال شأنه ودعوته إلى الله، تبين له أن هذا من الكذب والافتراء، وأنه من صنع أعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب الفساد، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون»(7).
ويقول يوسف النبهاني: الذي جعل أهل نجد بسبب اتباعهم للكتاب والسنة من أتباع سجاح، التي ادعت النبوة وعدها جدتهم، كما كان مسيلمة الكذاب جدهم.
يقول:
أولئك وهابية ضل سعيهم
فظنوا الردى خيراً وظنوا الهدى رشدا
ضعاف النهي أعراب نجد حدودهم
وقد أورثوهم عنهم الزور والوزرا
مسيلمة الجد الكبير وعرسه
سجاح لكل منهم الجدة الكبرى
فقد ورثوا الكذاب إذ كان يدعي
بأن له شطراً وللمصطفى شطرا(8)
فرد عليه الشيخ سليمان بن سحمان - رحمه الله - بقصيدة طويلة سماها: «الداهية الكبرى»، وتحتوي على أربعمائة بيت.
قال رحمه الله:
وقد ورثوا مجداً أصيلاً مؤثلاً
لأهل الهدى منهم فنالوا به الفخرا
مسيلمة الكذاب ليس بجدهم
وليس له نسل يغرر أو يدرى
ولا لسجاح ويل أمك فاتئد
فما الفشر إلا ما هذوت به نشرا
وقد أسلمت والشام كان مقرها
فلو كان لؤم لكنت به أحرى
وعلمك بالأنساب أعظم آية
على جهلك المردي بما قلته جهرا
أتحسب أنا ويل أمك غفل
كأنباط من الشام ما حققوا الأمرا (9)
ويقول رحمه الله:
فمن أنت منسوب إليه حقيقة
فنحن على شك ودعواك لا تجرى
ودعوى بني نبهان يحتاج أن يرى
بذلك ثبت ثابت عن بني الزهرا (10)
ومن المجافين للدعوة التي قامت على منهج السلف الصالح: أحمد بن زيني دحلان، الذي بسط نفوذه على أهل مكة، ووصل إلى إلافتاء فيها فنشر المقالات اللاذعة ضد الدعوة والقائمين عليها بين الناس، ولاسيما في مواسم الحج إمعاناً في الخصومة واللدد بلا رقيب أو حسيب، وألف رسالته التي أسماها: «الدرر السنية في الرد على الوهابية»، وهذه الرسالة قد ملأها بالترهات والخزعبلات والأباطيل إرضاءً للباطنية، وصنائعهما المتصوفة الجهلة.
يقول: «والظاهر من حال محمد بن عبد الوهاب أنه يدعي النبوة إلا أنه ما قدر على إظهار التصريح بذلك»(11).
كيف عرف دحلان أنه يدعي النبوة، أهو يعلم الغيب حتى يقول هذه الفرية الشيطانية؟! أم إنه تطاول على الله في الأمور الغيبية، والله يقول: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً} (الجن:26).
إنه افترى وكذب علينا، وصدق الشيخ المجاهد سليمان بن سحمان وهو يرد على دحلان:
فويحك كم هذا التجاوز والهذا
وكم ذا التجرؤ والتجاوز للحد
فجوزيت من مولاك شر جزائه
وحل عليك الخزي في القرب والبعد
ألفقوا بلا علم أكاذيب مفتر
أوضاع أفاك حسود وذي حقد(12)
يقول الشيخ فوزان السابق: «إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - قد اشتهر مذهبه ودعوته التي يدعو الناس إليها في مصنفاته المطولة ورسائله المختصرة فلم يترك لمعارضيه شبهة إلا كشفها، ولا طريقاً توصل إلى الله وإلى اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بينها وأوضحها، فأي شيء يخفيه في نفسه بعدذلك أيها الضالون؟! فلو كان لهذه الفرية أدنى قيمة لأوردت من كلام الشيخ - رحمه الله - ما يكفي ويشفي في ردها، ولكنها فرية تمثل الزور والفجور، فلا تستحق رداً أكثر من احتقار صاحبها وكشف عورته»(13).
رد الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - على هذه الفرية الشيطانية.
يقول الإمام: «فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيد الشفعاء، وصاحب المقام المحمود، وآدم فمن دونه تحت لوائه»(14).
ويقول رحمه الله: «فلا يتحقق شهادة أن محمداً رسول الله إلا بتمام الاتباع، وكمال الاقتداء، بهدي النبي صلى الله عليه وسلم (15).
ويقول عليه الرحمة: الأمر بطاعته سبحانه وطاعة رسوله، وأن الهدى في طاعته، كما قال تعالى: {وإن تطيعوه تهتدوا}.
ويقول عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (16): «وقد قرر (أي محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - على شهادة أن محمداً رسول الله من بيان ما تستلزم هذه الشهادة وتستدعيه وتقتضيه من تجربة المتابعة، والقيام بالحقوق النبوية من الحب والتوقير والنصر والمتابعة، والطاعة، وتقديم سنته صلى الله عليه وسلم على كل سنة وقول، والوقوف معها حيث ما وقفت، والانتهاء حيث انتهت في أصول الدين وفروعه، باطنه وظاهره، كليه وجزئيه، ما يظهر به فضله ويتأكد علمه ونبله»(17).
ويقول الشيخ عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله: «وأما متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فواجب على أمته متابعته في الاعتقادات، والأقوال والأفعال، قال الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله...} الآية، وقال صلى الله عليه وسلم «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، فتوزن الأقوال والأفعال بأقواله وأفعاله، فما وافق منها قبل، وما خالف رد على فاعله كائناً من كان» (18).
ويقول الشيخ إسحق بن عبد الرحمن ابن حسن، رحمهم الله: «فقد علمت كلام الصادق المصدوق، فلا يكون قول الغير في نفسك أعظم من كلام نبيك».(19).
الهوامش
(1) الدرر السنية في الأجوبة الندية - عبد الرحمن بن قاسم 99/1.
(2) مصباح الأنام: لعلوي الحداد ص7.
(3) الأسنة الحداد في رد شبهات علوي الحداد، تأليف سلمان بن سحمان ص20.
(4) فصل الخطاب ص67 تأليف أحمد بن علي القباني.
(5) الضياء الشارق ص25.
(6) المصدر نفسه - وكذا زعم أحمد زيني دخلان في السنية ص46.
ولد الزهاوي سنة 1279هـ في بغداد وتوفي بها، تقلب في عدة مناصب، له كتب عدة ومقالات. انظر: الأعلام ج2ص137.
(7) انظر الضياء الشارق في الرد على شبهات الماذق المارق للشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله 25ـ
(8) مصباح الأنام: للحداد ص53ـ
(10،9) ديوان ابن سحمان (عقود الجواهر الحسان) ط1، المطبعة الهندية 1337 هـ ، ص 23-24.
(11) انظر الدرر السنية ص46.
(12) انظر ديوان ابن سحمان. عقود الجواهر المنضدة الحسان: ط1331هـ - الجند ص24.
(13) انظر البيان والإشهار في دحض فرية ادعاء النبوة: فوزان السابق للشيخ رحمه الله.
(14) مجموعة مؤلفات الشيخ 1 ص190.
(15) المصدر السابق ج5 ص 113.
(16) مجموعة مؤلفات الشيخ ج1 ص279.
(17) انظر منهاج التأسيس ص41 وانظر الدرر السنية ج1 ص264.
(18) انظر الدرر السنية ج1 ص235- 236.
(19) المصدر السابق ج12 ص269.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-04-2024, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (2)



الفرية الثانية
زعموا أن دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب من الخوارج (1)
زعم بعض علماء السوء والتضليل أن محمد بن عبدالوهاب وجماعته من الخوارج، وأن سيماهم التحليق، وهذه عادة علماء السوء والتضليل الذين ابتلي الإسلام بهم، ومن المعلوم أن الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه من الموحدين، ينأون عن الخوارج، بل هم على الكتاب والسنة النبوية.
يقو الشيخ المجاهد سليمان بن سحمان، رحمه الله:
ونبرأ من دين الخوارج إذ غلوا
بتكفيرهم بالذنب كل موحد
وظنوه دينا من سفاهة رأيهم
وتشديدهم في الدين أي تشدد
ومن كل دين خالف الحق والهدى
وليس على نهج النبي محمد (2)
يقول علوي الحداد: «وأهم من ذلك كله ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الكثيرة المبينة لعلامات الخوارج، مما يبين أن ابن عبدالوهاب وأتباعه منهم، كونهم من نجد، وكونهم من المشرق، ومعلوم أن نجدا شرقي المدينة، وكون سيماهم التحليق، مع كونهم من المشرق» (3).
ويقول محمد أبو زهرة: «كانوا -يقصد اتباع محمد بن عبدالوهاب- يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الذنب»(4).
ويقول الصاوي في تفسير قوله تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا}: «نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة، ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم كما هو مشاهد في نظرائهم، وهم فرقة يقال لهم الوهابية» (5)، يقصد بالوهابية جماعة الإمام محمد بن عبدالوهاب.
ويقول الكنهوري: «وإن لهم أسوة في سلف من الخوارج الحرورية، لعنهم الله؛ حيث كفروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وجميع المسلمين من أصحابه وأنصاره بتلفيقات تشبهها أقوال هؤلاء الوهابية، واستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم»، «ولو تأملت بصائب النظر في تاريخهم لوجدت الوهابية ممن يحذو حذوهم في العقائد.. ثم إنك لو أمعنت النظر لوجدت شيوخ أولئك الخوارج من أهل نجد»(6).
ويقول شاعر العراق محمد جميل الزهاوي، ذلك الشاعر المنافق: «إن من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إخباره عن هؤلاء الخوارج» يقصد بالخوارج أتباع الإمام محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، فهذا الرجل يهرف بما لا يعرف، ويدور حول عبادة الأضرحة والأوثان البشرية، نلمح هذا في كتابه الذي نطلق عليه بدورنا (الفجر الكاذب)، الذي حمل حملة شرسة على دعوة الإمام(7).
وقد عاجله الشيخ سليمان بن سمحان -رحمه الله- بالرد عليه في كتابه (الضياء الشارق) في رد الشبهات الماذق المارق»، و(عقود الجواهر الحسان):
ألا بلغا عني جميلا رسالة

فقد جاءنا بالترهات اللواذب
وفاه بقول لا حقيقة تحته
وليس مقال القدم يوما بصائب
وجميل الزهاوي -هذا- لا يعرف إلا النفاق والتملق، عاش حياته نفاقا في نفاق مع الدولة العثمانية، فلما رأى الضعف ينخر بها في آخر أيامها اتجه إلى الإنجليز يمدحهم ويمجدهم ويصب النقد اللاذع واللعنات على الدولة العثمانية، وينشد في حب الإنجليز، ويحببهم إلى أبناء جلدته، فيقول:
تبصر أيها العربي واترك

ولاء الترك من قوم لئام(2)
ووال الإنجليز رجال عدل
وصدق في الفعال وفي الكلام
وقال في حبهم:
أحب الإنجليز وأصطفيهم
لمرضيّ الأخاء من الأنام(9)
جلوا في الملك ظلمة كل ظلم
بعدل ضاء كالبدر التمام
هذه نظرته إلى الإنجليز ذلك المستعمر الذي قتل وعبث في بلاد المسلمين(10) وغير وبدل، ونكتفي بما وصفهم به صاحب كتاب «بريطانيا العظمى» وقد جاء فيه:
«إن جنودنا لم يكونوا يبالون بأرواح الناس ولا بأموالهم ولا يقيمون وزنا للكرامة والشرف، وإن ما كانت تذكره البلاغات الرسمية عن قتل الثوار لم يكن في الواقع غير قتل الفلاحين المسلمين الذين كانوا يؤخذون من حقولهم وهم عزل فيقتلون.
إن ما ارتكبه جنودنا من ظلم ووحشية وحرق وتقتيل لا نجد له مثالا في أي عصر أو مكان» اهـ(11).
هذا هو الاستعمار الإنجليزي وأدواته من الماسونيين الذين كانوا جسورا عبرت عليها خطط الإنجليز للقضاء على المسلمين، وكان منهم الزهاوي الذي أخلص لهم وعلق على صدره وسام خدمتهم، فتصدى لدعوة الإسلام التي قام بتجديدها أبناء العروبة في الجزيرة، وشن عليها حربا شعواء؛ مما يدل على أنه كان مبغضا للإسلام وأهله، محبا للكفر وأهله، متسترا بثياب الوطنية الزائفة التي يتبجح بها المنافقون في العصور الأخيرة.
يقول محمد رشيد رضا: سمعت من كثير من الذين عرفوا الزهاوي في الأستانة أنه ملحد لا يدين بدين، وقد تهجم الزهاوي على الشريعة الإسلامية وطعن فيها.
ويقول الشيخ عبدالله ابن الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمهم الله- عن «التحليق»: «وأما البحث عن حلق شعر الرأس، وأن بعض البوادي الذين دخلوا في ديننا قاتلوا من لم يحلق رأسه، وقتلوا بسبب الحلق خاصة، وإن لم يحلق رأسه صار مرتدا، والردة لا تكون إلا بإنكار ما علم بالضرورة من دين الإسلام، وأنواع الكفر والردة من الأقوال والأفعال معلومة عند أهل العلم، وليس عدم الحلق منه، بل ولم نقل إن الحلق مسنون، فضلا عن أن يكون واجبا، فضلا عن أن يكون تركه ردة عن الإسلام.
ونحن لم نأمر أحدا من الأمراء بقتال من لم يحلق رأسه، بل نأمرهم بقتال من أشرك بالله وأبى عن توحيد الله»(12).
ويقول الإمام عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-: «وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية التي أظهرها الله بنجد، وانتشرت واعترف بصحتها كثير من العلماء والعقلاء، وأدحض الله حجة من نازعهم بالشهادة؛ فهم بحمد الله يدعون إلى ما بعث الله به رسله من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له»(13).
ويقول عبدالكريم بن فخر الدين الهندي -رحمه الله- وهو يرد على ابن دحلان: «وأما ما ورد في الخوارج: سيماهم التحليق، فلا ينطبق على ما ادعاه، فإن ترك الشعر واللحية سنة عند محمد ابن عبدالوهاب وأتباعه، فإن كان صحيحا يحمل أمره ذلك فيمن كان جديد الإسلام، كما قال رسول الله [: «ألق عنك شعر الكفر»(14).
ويقول عبدالله القصيمي: «وهذا القول فاسد مردود، وبيان ذلك أن حجته في هذا القول، هي أن النجديين فيهم من يحلقون رؤوسهم، وفاتهم أن معنى سيما القول، أي علامتهم التي بها يتميزون عن غيرهم، وما به يعرفون ويختصون، وإذا كان الأمر مشتركا بين الناس مشاعا بين أصنافهم، فليس سيما الطائفة ولا علاقة، وكذلك التحليق لا يمكن أن يكون سيما لأحد اليوم؛ لأن التحليق أمر تفعله أمم كثيرة في أقطار كثيرة من الأقطار الإسلامية، فلا يمكن أن يكون سيما النجديين يقينا»(15).
الهوامش:
1- انظر كتابنا: ماذا تعرف عن الخوارج؟ الجزء الأول.
2- انظر الهدية السنية ص116.
3- انظر الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ص5.
4- انظر تاريخ المذاهب الإسلامية ج1، ص236، ومحمد أبوزهرة -هذا- وضع دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب من المذاهب الخارجة.
5- حاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص307.
6- انظر كشف النقاب عن عقائد ابن عبدالوهاب ص78.
7- انظر الفجر الصادق ص25.
8- ديوان الزهاوي-طبع بيروت.
9- الزهاوي دراسات ونصوص- عبدالحميد رشود ص310.
10- الزهاوي دارسات ونصوص- عبدالحميد رشود ص310.
11- ومما يؤكد تحمس الإنجليز للقضاء على الدولة السعودية ودعوة التوحيد تلك الرسالة التي أرسلوها لتهنئة إبراهيم باشا من قبل الحكومة الإنجليزية بتدمير الدرعية، انظر: هوغارت: جولة في بلاد العرب ص104-111.
12- انظر الدرر السنية ج8، ص204.
13- المصدر السابق ج9 ص195.
14- انظر الحق المبين في الرد على الوهابية المبتدعين ص45.
15- انظر الصراع بين الإسلام والوثنية تأليف عبدالله بن علي العصيمي، ط(1) القاهرة 1402هـ، ج1 ص443.



اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-04-2024, 09:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (3)



الحمد لله العلي العظيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فقبل أن يمن الله بدعوة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله تعالى - كانت بعض مناطق نجد تموج بالشرك والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وكان الجهل هو السائد في هذه المناطق، ومن هنا استغل المتاجرون بالدين من أهل البدع كالصوفية وغيرهم الأمر، وأقاموا في كل قرية ومدينة ضريحا أو أكثر من أجل التربح وابتزاز أموال الفقراء والبسطاء، إلى أن قيض الله لهذه الأمة لما أراد لها الخير في الدنيا والنعيم في الآخرة، الشيخ محمد بن عبدالوهاب، الذي قام بتجديد الدين في النفوس والقلوب عن طريق الكتاب والسنة وهدم وإزالة ما تم إلصاقه بالدين من بدع وخرافات.
الأمر الذي جعل الناس يتفانون في ممارسة البدع وتجاهل السنن؛ لأنه ما أحييت بدعة إلا وماتت في المقابل سنة من السنن؛ لذا عمل الشيخ محمد بن عبدالوهاب على إماتة البدع وإحياء السنن النبوية الشريفة مصحوبة بالدليل من القرآن والسنة، وما صح من سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
لذا وجدت دعوة الشيخ صدى واسعاً في ربوع الجزيرة العربية وخارجها، تمثل ذلك في قيام الثورات والحركات التصحيحية لمواجهة الحكام الظلمة، الذين تم تنصيبهم من جانب الاحتلال الإنجليزي والفرنسي، فكانت تلك الدعوة المباركة بمثابة تحرير الإنسان من العبودية والوثنية إلى عبودية الواحد القهار، وتحررت العقول من الجمود إلى البحث والمناظرة وتوسيع الأفق، بل تحررت من الخوف من الأولياء والقبور والمشعوذين.
فأسس الإمام دولة التوحيد، وجاء إليه طلبة العلم من كل فج وصوب من أجل الاغتراف من علم وفقه صاحب الدعوة، وانقلبت مدينة «الدرعية» إلى خلية نحل من طلبة العلم الذين تخرجوا على يديه، ومن ثم غيروا مجرى التاريخ بانتشارهم في بقاع الأرض لنشر التوحيد الخالص.
ولكن المتاجرين بالدين ومن يساندهم من الاحتلال اللدود لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الخسران المبين الذي يتعرضون له، فتلاقت المصالح المشتركة بين الصوفية وأهل البدع من ناحية الذين فقدوا سلطانهم الديني على البسطاء، ومصالح الاحتلال الفرنسي والإنجليزي الذي أصبح سلطانهم الدنيوي مهددا بالإزالة بفضل تلك الدعوة المباركة، فعمل كل من الاحتلال وأهل البدع في خندق واحد من أجل إزاحة تلك الدعوة والقضاء عليها حتى يتحقق لكل منهما «أهل البدع والاحتلال» مأربه وهدفه، وتمثل ذلك في محاربة الدعوة بكل الوسائل، سواء العسكرية أو الاقتصادية، فكان أهل البدع بمثابة الطابور الخامس للاحتلال الذي أيده بالمطابع وأتاح لهم فرصة تأليف الكتب والمنشورات في محاولة يائسة من أجل التشويش على الدعوة ومحاولة القضاء عليها، ولكن هيهات لهم ذلك؛ لأن تلك الدعوة لاقت قبولا من المخلصين الصادقين في الأمة وخالطت العظم والنخاع، فأصبح من المستحيل القضاء عليها إلا بالقضاء على حامليها أنفسهم وهذا من المستحيل؛ لذا نجد تلك الدعوة ناصعة عالية خفاقة في وجه كل محتل ومبتدع منذ ظهورها وإلى الآن.
وعندما فشلوا في مواجهة الدعوة القائمة على الكتاب والسنة فشلا ذريعاً وعجزوا عن مواجهتها فكريا وعقليا؛ لأنها صلبة وذات بنيان صلب وجذور راسخة، ذهبوا إلى الطعن في صاحبها في محاولة يائسة من أجل القضاء عليها.
حيث نسبوا إلى الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب افتراءات ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يصدقها العقل والوجدان؛ حتى يصدوا العوام عن هذه الدعوة المباركة.
وسنتناول عشر مسائل من المسائل التي طعنوا من خلالها على الإمام محمد بن عبدالوهاب؛ حيث قمت بدحض وتفنيد تلك الافتراءات مستخدماً الأدلة النقلية والعقلية والوقائع التاريخية، فكانت أدلة دامغة وقوية؛ بحيث تخرس الألسنة العميلة المأجورة التي باعت دينها ووطنها بعرض من الدنيا قليل.
وقبل الختام نقول لهؤلاء «النكرة»: هذه كتب الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب التي أبرزها كتب: التوحيد، كشف الشبهات، ثلاثة الأصول، مختصر السيرة النبوية، مختصر الإنصاف والشرح الكبير في الفقه، والكبائر.
ونحن بدورنا نقول: إننا نتحدى أي كائن على ظهر المعمورة أن يأتينا بدليل واحد من كتبه أو مؤلفاته على أنه قام بتكفير شخص بعينه، أو أنه ادعى أنه جاء بمذهب جديد، والتحدي قائم منذ بداية الدعوة إلى الآن، وأنا على ثقة ويقين أنه لن يجرؤ أحد على الخوص في ذلك؛ لأن كتب الشيخ ناصعة البياض، قوية الحجج والبراهين، بعيدة عن الافتراء وإلصاق التهم جزافا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17-04-2024, 02:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (4)

زعموا أن دعوة الإمام- محمد بن عبدالوهاب.. تكفير الناس



ومن الافتراء على هذه الدعوة السلفية أن محمد بن عبدالوهاب وجماعته يكفرون أهل القبلة، ويستبيحون دماءهم ويستحلون أموالهم؛ لأنهم مشركون، وهذا ليس غريبا على هؤلاء المضللين عباد القبور.
يقول عدو الدعوة السلفية ابن عفالق: «بل والله وكذّب الرسل، وحكم عليهم وعلى أممهم بالشرك» (1).
ويقول: ويزعم أن الإمام محمد بن عبدالوهاب «حلف يمينا بالله فاجرة: اليهود والمشركون أحسن حالا من هذه الأمة» (2).
وقال ابن عابدين الشامي في حاشيته: «كما وقع في زماننا في أتباع عبدالوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا أنهم المسلمون، وأن من خالف اعتقادهم مشركون، استباحوا قتل أهل السنة وقتل علمائهم..» ألخ (3).
ويقول القباني: «كفّر هذه الأمة بأسرها، وكفّر كل من لم يقل بضلالتها وكفرها» (4).
ويقول أيضا: «وجاء كل واحد من الأنبياء والمرسلين مع الألوف من أمته»، وجاء النبي الكريم وليس معه من أمته إلا النفر اليسير من أهل العيينة (5)، وأما الباقون فكلهم مخلدون في النار مع الكفار، مع ما لهم من كثرة الطاعات وأنواع العبادات» (6).
ويقول علوي الحداد: «إذا أراد الرجل أن يدخل في دينه، يقول له: اشهد على نفسك أنك كنت كافراً، واشهد على والديك أنهما ماتا كافرين، واشهد على العالم الفلاني والفلاني أنهم كفار وهكذا، فإن شهد بذلك قبله، وإلا قتله» (7).
ويقول ابن دحلان في كتابه المشؤوم (فتنة الوهابية): «وسعى بالتكفير للأمة خاصها وعامها، وقاتلها على ذلك جملة إلا من وافقه على قوله».
ويقول أيضاً: «وكانت شوكتهم وقوتهم في بلادهم أولاً، ثم كثر شرهم وتزايد ضررهم واتسع ملكهم، وقتلوا من الخلائق ما لا يحصون واستباحوا أموالهم وسبوا نساءهم» (8) .
ويقول الزهاوي العراقي: «لوسأل سائل عما تمذهبت به الوهابية، ما هو وعن غايته ما هي، فقلنا في جواب كلا السؤالين: هو تكفير كافة المسلمين، لكان جواباً على اختصاره تعريفاً كافياً لمذهبها» (9).
الرد على هذه الفرية
هناك كثير من الأقوال الكاذبة على دعوة الإمام ابن عبدالوهاب في مسألة التكفير، وحتى تكون الرؤية واضحة، نسوق أقوال الإمام محمد بن عبدالوهاب وجماعة أهل التوحيد لتكون الصورة جلية، وينكشف زيغ هؤلاء الذين ملأ قلوبهم الحقد والحسد والكراهية لهذه الدعوة المباركة، وهذه الأدلة هي:
بعث الإمام محمد بن عبدالوهاب رسالة إلى حمد التويجري يقول فيها: «وكذلك تمويه على الطغام بأن (ابن) عبدالوهاب يقول: الذي لا يدخل تحت طاعتي كافر، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله، فهذا المسلم في أي زمان وأي مكان، وإنما نكفر من أشرك بالله في ألوهيته بعد ما تبين له الحجة على بطلان الشرك» (10).
ويقول - أيضا - في رسائله: «وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: إنا نكفّر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفّر من لم يكفّر ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله» (11).
وهذه رسالة بعثها إلى إسماعيل الجراعي من اليمن، يقول فيها رحمه الله: «وأما القول بأننا نكفّر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا الدين، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم» (12).
وهذه رسالة بعثها - رحمه الله - لأحد العلماء في المدينة النبوية - على ساكنها أشرف الصلوات والسلام - يقول الإمام: «فإن قال قائلهم إنهم يكفّرون بالعموم، فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، نكفر الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة ثم بعد هذا يكفر أهل التوحيد؟!» (13).
ويقول رحمه الله: «وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم على قبر عبدالقادر والصنم على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله أو لم يهاجر إلينا ولم يكفّر؟!» {سبحانك هذا بهتان عظيم..}(14).
وهذا عالم من علماء العراق عبدالرحمن السويدي حين سمع من بعض أعداء الدعوة السلفية من سنة ورافضة الافتراء على الإمام بأنه يكفر الناس، بعث رسالة يسأله عن تكفير الناس إلا من تبعه، فكان الجواب من الإمام صاعقة محرقة لأعداء الدعوة وأهل التكفير والزيغ والافتراء، فيقول رحمه الله:
«وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله، منها: إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه. فضلا عن أن يفتريه، ومنها ما ذكرتم أني أكفّر جميع الناس إلا من تبعني، وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، ويا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل، هل يقول: هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون» (15)؟!
ويوضح الشيخ عبدالله بن الإمام محمد بن عبدالوهاب هذا البهتان والكذب، فيقول رحمه الله: «وأما ما يكذب علينا سترا للحق، وتلبيسا على الخلق، بأننا نكفر الناس على الإطلاق، أهل زماننا، ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن فيه، ومن فروع ذلك ألا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرير عليه بأنه كان مشركاً، وأن أبويه ماتا على الشرك بالله.. فلا وجه لذلك، فجميع الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولاً، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك: {سبحانك هذا بهتان عظيم}، فمن روى عنا شيئاً من ذلك أو نسبه إلينا، فقد كذب علينا وافترى، ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا، وتحقق ما عندنا علم قطعياً أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين وإخوان الشياطين؛ تنفيراً للناس من الإذعان بإخلاص التوحيد لله - تعالى - بالعبادة، وترك أنواع الشرك الذي نص عليه بأن الله لا يغفره، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فإنا نعتقد أن من فعل أنواعاً من الكبائر كقتل المسلم بغير حق، والزنى، والربا، وشرب الخمر، وتكرر منه ذلك، أنه لا يخرج بفعله ذلك من دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام، إذا مات موحدا بجميع أنواع العبادة» (16).
ويقول رحمه الله: «إن صاحب البردة (17) وغيره ممن يوجد الشرك في كلامه والغلو في الدين، وماتوا، لا يحكم بكفرهم، وإنما الواجب إنكار هذا الكلام، وبيان من اعتقد هذا على الظاهر فهو مشرك كافر، وأما القائل فيرد أمره إلى الله سبحانه وتعالى، ولا ينبغي التعرض للأموات؛ لأنه لا يعلم هل تاب أم لا» (18).
ويقول الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب وهو يرد على هذا الاتهام ويدافع عن جده الإمام محمد بن عبدالوهاب: «والشيخ محمد - رحمه الله - من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى إنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور، أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها» (19).
ويقول رحمه الله: «فإنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر كتكفير من عبد الصالحين ودعاهم مع الله، وجعلهم أنداداً فيما يستحقه على خلقه من العبادات الإلهية» (20).
ويقول - رحمه الله - وهو يرد على داود بن جرجيس: «وأما القول بأنا نكفر الناس عموماً ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وأنا نكفر من لم يكفّر ولم يقاتل، ومثل هذا أضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، سبحانك هذا بهتان عظيم» (21).
إن الإمام - رحمه الله - كفّر كل من اعتقد في مخلوق أو شجر أو حجر، وتوجه إليه بنوع العبادة، فهو كافر بلا شك.
يقول رحمه الله: إن الشيخ كان يكفر من أهل اليمامة هؤلاء الذين كانوا يعتقدون في النخلة القائمة عندهم أن لها قدرة عجيبة من قصدها من العرائس تزوجت لعامها».
ويكفر هؤلاء الذين كانوا يعتقدون في الغار القائم في الدرعية، ويحجون إليه للتبرك كما يحج المسلمون للكعبة في مكة المكرمة.
ويكفر من أهل مصر هؤلاء الذين يعتقدون في شجرة الحنفي، ونعل الكلشني، وبوابة المتولي، ويكفر كل من اعتقد في شجر أو حجر، وتوجه إليه بنوع من أنواع العبادة.
وأمثال هؤلاء الذين كفّرهم الشيخ كفّرهم القرآن وأحاديث الرسول [ ، ونقول: من ينكر أن هؤلاء بالتجائهم لغير - الله تعالى - خرجوا عن الإسلام؟ وانسلخوا من الدين باتباعهم الجبت والطاغوت وسؤالهما النفع والضر؟!
ويقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب: «وهي كلمة التوحيد، وحق الله على العبيد، فمن أشرك مخلوقاً فيها من ملك مقرب، أو نبي مرسل أو ولي، أو صحابي، وغيره أو صاحب قبر أو جني أو غيره، أو استغاث به أو استعان به فيما لا يطلب إلا من الله، أو نذر له أو ذبح له، أو توكل عليه، أو رجاه، أو دعاه دعاء استغاثة أو استعانة، أو جعله واسطة بينه وبين الله لقضاء حاجته، أو لجلب نفع أو كشف ضر - فقد كَفَر كُفْر عبّاد الأصنام القائلين: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}
ومنهم من يقول: {هؤلاء شفعاؤنا عند الله}
كما ذكر الله عنهم في كتابه، وهم مخلدون في النار وإن صلوا وصاموا وعملوا بطاعة الله في الليل والنهار، كما قال تعالي: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} (22).
هوامش:
1- جواب ابن عفالق في رسالة ابن معمر ص58.
2- انظر جواب ابن عفالق على رسالة ابن معمر ق65.
3- انظر رد المختار ج3 ص309
4- انظر فصل الخطاب في رد ضلالات ابن عبدالوهاب.
5- العيينة التي ولد بها الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- وحين كان فيها قبل أن يخرج منها.
6- انظر فصل الخطاب ص104.
7- انظر مصباح الأنام ص5.
8- انظر فتنة الوهابية ص66.
9- انظر الفجر الصادق ص19.
10- مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ج5 ص189.
11- انظر المصدر السابق ج3 ص11.
12- مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ج5، ص100.
13- المصدر السابق ج5 ص48.
14- انظر روضة الأفكار حسين بن غنام.
15- انظر مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ج5، ص36.
16- انظر الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية تأليف سليمان بن محمد بن سمحان ط2 مطبع المنار-مصر 1344هـ ص40.
17- يقصد البوصيري صاحب القصيدة المشهورة البردة التي تحتوي على كثير من الشرك.
18- مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ج1، ص47.
19- انظر منهاج التأسيس ص65.
20- انظر مجموعة الرسائل ج3ص5.
21- المصدر السابق ج3ص449.
22- الشبهات التي أثيرت حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب - للدكتور عبدالرحمن عميرة، بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبدالوهاب - ج2ص67-86.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17-04-2024, 03:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (5)

الإمــام محمـــد بن عبــدالوهــاب وانتقــاص الرســول صلى الله عليه وسلم



ادعى عباد القبور وما أكثرهم أن الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وأتباعه كانوا ينتقصون مقام الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه إذا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصلون عليه، وبذلك وضعوا خنجراً مسموماً في صدر الأمة الإسلامية ليوغروا قلوب المسلمين، ويكرهوا هذه الدعوة، ومن أبرز هؤلاء: سليمان بن محمد بن سحيم (1) قاضي «منفوحة»، كان أول من استجاب لهذه الدعوة الإسلامية المباركة، ولكن الحسد الشيطاني ساقه إلى عداوة الموحدين، فصار يكذب ويفتري على شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، مما اضطر الشيخ إلى أن يقول له: «أنت رجل جاهل مشرك، مبغض لدين الله»(2)، فاستشاط سليمان غضباً، وأخذ يؤلب على الشيخ وعلى دعوته، وراسل علماء أهل البصرة والأحساء يحذرهم من الشيخ ودعوته ويكيل التهم والافتراءات، وكمثال على ذلك، فقد قال في إحدى رسائله: «إن الشيخ ينتقص الرسول صلى الله عليه وسلم».
الفرية الخامسة: نص الرسالة
من الفقير إلى الله - تعالى - سليمان بن محمد بن سحيم، إلى من يصل إليه من علماء المسلمين، وخدام شريعة سيد ولد آدم من الأولين والآخرين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أما بعد: فالذي يحيط به علمكم أنه قد خرج في قطرنا رجل مبتدع جاهل، مضل ضال، من بضاعة العلم والتقوى عاطل، جرت منه أمور فظيعة، وأحوال شنيعة، منها: شيء شاع وذاع، وملأ الأسماع، وشيء لم يتعد أماكننا بعد، فأحببنا نشر ذلك لعلماء المسلمين، وورثة سيد المرسلين، ليصيدوا هذا المبتدع صيد أحرار الصقور لصغار بغاث الطيور، ويردوا بدعه وضلالاته وجهله وهفواته.
والقصد من ذلك: القيام لله ورسوله، ونصرة الدين، جعلنا الله وإياكم من الذين يتعاونون على البر والتقوى.
فمن بدعه وضلالته أنه عمد إلى شهداء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكائنين في الجبيلة: زيد بن الخطاب وأصحابه، وهدم قبورهم وبعثرها.
وعمد -أيضا- إلى المسجد في ذلك المكان وهدمه، وليس من داع شرعي في ذلك إلا اتباع الهوى، ومنها: أنه أحرق «دلائل الخيرات»(3) لأجل قول صاحبها: سيدنا ومولانا، وأحرق أيضا «روض الرياحين»(4)، وقال: هذا روض الشياطين.
ومنها: أنه صح عنه أنه يقول: لو أقدر على حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهدمتها، ولو أقدر على البيت الشريف أخذت ميزابه، وجعلت بدله ميزاب خشب.
أما سمع قوله تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} (الحج).
ومنها: أنه ثبت أنه يقول: «الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وتصديق ذلك أنه بعث إليّ كتابا يقول فيه: «أقروا أنكم قبلي جهال ضلال».
ومن أعظمها: أن من لم يوافقه في كل ما قال ويشهد أن ذلك حق، يقطع بكفره، ومن وافقه وصدقه في كل ما قال، قال: أنت موحد، ولو كان فاسقا محضا، أو ماكسا، وبهذا ظهر أنه يدعو إلى توحيد نفسه لا إلى توحيد الله.
ومنها: أنه بعث إلى بلداننا كتابا مع بعض دعاته بخط يده، وحلف فيه بالله: إن علمه هذا لم يعرفه مشايخه الذين ينتسب إلى أخذ العلم منهم -في زعمه، وإلا فليس له مشايخ- ولا عرفه أبوه، ولا أهل «العارض».
فيا عجبا إذا لم يتعلمه من المشايخ ولا عرفه أبوه، ولا أهل قطره، فمن أين علمه؟
وعمّن أخذه؟ هل أوحي إليه؟
أم رآه مناما؟ أم أعلمه به الشيطان؟
وحلفه هذا أشرف عليه جميع أهل العارض. ومنها: أنه يقطع بتكفير ابن الفارض وابن عربي.
ومنها: أنه قاطع بكفر سادة عندنا من آل الرسول صلى الله عليه وسلم، لأجل أنهم يأخذون النذور، ومن لم يشهد بكفرهم فهو كافر.
ومنها: أنه ثبت عنه لما قيل له: اختلاف الأئمة رحمة، قال: اختلافهم نقمة.
ومنها: أنه يقطع بفساد الوقف، ويكذب المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلموأصحابه أنهم وقفوا.
ومنها: إبطال الحج.
ومنها: أنه قال: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلميوم الجمعة وليلتها هي بدعة وضلالة، تهوي بصاحبها إلى النار.
ومنها: أنه يقول: «الذي يأخذه القضاة قديما وحديثا -إذا قضوا بالحق بين الخصمين، ولم يكن بيت مال لهم ولا نفقة- إن ذلك رشوة، وهذا القول بخلاف النصوص عند جميع الأمة: أن الرشوة ما أخذ لإبطال حق أو لإحقاق باطل، وأن للقاضي أن يقول للخصمين: لا أقضي بينكما إلا بجعل.
ومنها: أنه يقطع بكفر الذي يذبح الذبيحة ويسمي عليها ويجعلها لله تعالى، ويدخل مع ذلك دفن شر الجن، ويقول: ذلك كفر، واللحم حرام، فالذي ذكره العلماء في ذلك أنه منهي عنه فقط، وذكره في حاشية (المنتهى)(5).
ولو تأملنا هذه الرسالة لوجدناها ألمت بأكثر التشنيعات التي أثارها خصوم الدعوة الإسلامية في مراحلها اللاحقة.
الرد على هذه الفرية
لمّا علم الشيخ محمد بن عبدالوهاب بالرسالة التي بعث بها سليمان محرضا على الدعوة وأهلها، رد عليه برسالة بعثها إليه يقول له فيها:
من محمد بن عبدالوهاب إلى عبدالله بن سحيم، وبعد: ألفينا مكتوبك وما ذكرت ما بلغك، ولا يخفاك أن المسائل التي ذكرت أنها بلغتكم في كتاب العارض جملتها أربع وعشرون مسألة بعضها حق، وبعضها بهتان وكذب.
وقبل الكلام فيها، لا بد من تقديم أصل، وذلك أن أهل العلم إذا اختلفوا والجهال إذا تنازعوا، ومثلي ومثلكم إذا اختلفنا في مسألة -هل الواجب اتباع أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأهل العلم، أم الواجب اتباع عادة الزمان التي أدركنا الناس عليها، ولو خالفت ما ذكره العلماء في جميع كتبهم؟!
وإنما ذكرت هذا -ولو كان واضحا- لأن بعض المسائل التي ذكرت، أنا قلتها لكن هي موافقة لما ذكره العلماء في كتبهم: الحنابلة وغيرهم.
ولكن هي مخالفة لعادة الناس التي نشؤوا عليها، فأنكرها علي من أنكرها لأجل مخالفة العادة، وإلا فقد رأوا تلك في كتبهم عيانا، وأقروا بها وشهدوا أن كلامي هو الحق، لكن أصابهم ما أصاب الذين قال الله فيهم: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين} (البقرة:89).
وهذا هو ما نحن فيه بعينه، فإن الذي راسلكم هو عدو الله ابن سحيم، وقد بينت ذلك له فأقر به، وعندنا كتب يده في رسائل متعددة: أن هذا هو الحق، وأقام على ذلك سنين، لكن أنكر آخر الأمر لأسباب أعظمها البغي: {أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده} (البقرة:90).
وذلك أن العامة قالوا له ولأمثاله: «إذا كان هذا هو الحق، فلأي شيء لم تنهونا عن عبادة «شمسان» وأمثاله، فتعذروا: «إنكم سألتمونا..؟».
قالوا: «وإن لم نسألكم، كيف نشرك بالله عندكم ولا تنصحوننا..؟ وظنوا أن يأتيهم في هذا غضاضة، وأن فيه شرفا لغيرهم.
وأيضا: لما أنكرنا عليهم أكل السحت والرشا إلى غير ذلك من الأمور، فقام يدخل عندكم وعند غيركم بالبهتان، والله ناصر دينه ولو كره المشركون.
وأنت لا تستهون مخالفة العادة على العلماء، فضلا عن العوام، وأنا أضرب لك مثالا بمسألة واحدة، وهي مسألة الاستجمار ثلاثا فصاعدا من غير عظم ولا روث، وهو كاف مع وجود الماء عند الأئمة الأربعة وغيرهم، وهو إجماع الأمة، ولا خلاف في ذلك -ومع هذا- لو يفعله أحد لصار هذا عند الناس أمرا عظيما، ولنهوا عن الصلاة خلفه، وبدّعوه مع إقرارهم بذلك، ولكن لأجل العادة.
إذا تبين هذا فالمسائل التي شنع بها -منها ما هو من البهتان الظاهر وهي قوله: إني مبطل كتب المذاهب، وقوله: إني أقول: إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء.
وقوله: إني أدعي الاجتهاد. وقوله: إني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة.
وقوله: إني أكفّر من توسل بالصالحين.
وقوله: إني أكفر البوصيري؛ لقوله: يا أكرم الخلق.
وقوله: إني أقول: لو أقدر على هدم حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهدمتها، ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزابا من خشب.
وقوله: إني أنكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: إني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما، وإني أكفّر من يحلف بغير الله، فهذه اثنتا عشرة مسألة جوابي فيها أقول: {سبحانك هذا بهتان عظيم} (البقرة:18).
ولكن قبله من بهت النبي محمدا صلى الله عليه وسلم أنه يسب عيسى ابن مريم، ويسب الصالحين: {تشابهت قلوبهم} (البقرة)، وبهتوه بأنه يزعم أن الملائكة وعيسى وعزيرا في النار، فأنزل الله في ذلك: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} (الأنبياء: 101).
وللحديث بقية إن شاء الله.
الهوامش:
1- هو سليمان بن أحمد بن سحيم العنزي، وهو خصم شديد للدعوة السلفية، وبذل وسائل عديدة في التشنيع بها وتحريض العلماء في الرد عليها، ولد سنة 1130هـ، توفي في الزبير سنة 1181هـ، انظر تحفة المستفيد ص124.
2- روضة الأفهام ج1 ص138.
3- دلائل الخيرات، كتاب ألفه محمد بن سليمان المغربي، الشاذلي طريقة، ت (854)هـ.
4- روض الرياحين -كتاب ألفه عبدالله بن أسعد بن سليمان اليافعي، ت (768)هـ.
5- انظر روضة الأفكار ص 295.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17-04-2024, 03:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (6)الذبح للجن كفر، والذبيحة حرام، ولو سمى الله عليها إذا ذبحها للجن



فكل من غلا في نبي أو صحابي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الألوهية مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني، أو أنا في حسبك، ونحو هذا، فهذا كافر يستتاب
من سب الصحابة، واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي أو أن جبريل غلط - فلا شك في كفر من توقف في تكفيره
النذر الذي يقع من أكثر العوام، وهو أن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء قائلاً: يا سيدي فلان إن رد غائبي، أو عوفي مريضي، أو قضيت حاجتي، فلك كذا وكذا - باطل إجماعاً
استكمالاً لما سبق الحديث عنه في الحلقة السابقة من اتهام الشيخ - رحمه الله - بانتقاص النبي [ وعدم الصلاة عليه وغيرها من الفرى التي اتهموه بها، نورد ما افتروا عليه من مسائل أخرى وهي أنه يقول: لا يتم إسلام الإنسان حتى يعرف معنى «لا إله إلا الله».
ومنها: أنه يعرف من يأتيه بمعناها.
ومنها: أنه يقول: الإله هو الذي فيه السر.
ومنها: تكفير الناذر إذا أراد بالنذر التقرب لغير الله وأخذ الناذر كذلك.
ومنها: أن الذبح للجن كفر، والذبيحة حرام، ولو سمى الله عليها إذا ذبحها للجن.
فقال الشيخ: فهذه خمس مسائل كلها حق وأنا قائلها.
ونبدأ بالكلام عليها لأنها أم المسائل، وقبل ذلك أذكر معنى «لا إله إلا الله»، فنقول: التوحيد نوعان:
توحيد الربوبية: وهو أن الله - سبحانه - متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم. وهذا حق لا بد منه، لكن لا يدخل الرجل في الإسلام؛ لأن أكثر الناس مقرون به.




- قال الله تعالى: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار} إلى قوله: {أفلا تتقون} (يونس:31).
وأن الذي يدخل الرجل في الإسلام هو توحيد الألوهية، وهو: ألا يعبد إلا الله، لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث وأهل الجاهلية يعبدون أشياء مع الله: فمنهم من يدعو الأصنام، ومنهم من يدعو عيسى، ومنهم من يدعو الملائكة، فنهاهم عن هذا وأخبرهم أن الله أرسله ليوحد ولا يدعى أحد من دونه، لا الملائكة ولا الأنبياء، فمن تبعه ووحد الله فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله، ومن عصاه ودعا عيسى والملائكة واستنصرهم والتجأ إليهم فهو الذي جحد لا إله إلا الله، مع إقراراه أنه لا يخلق ولا يرزق إلا الله، وهذه جملة لها بسط طويل، ولكن الحاصل أن هذا مجمع عليه بين العلماء.
وما جرى في هذه الأمة ما أخبر به نبيها - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه».
وكان من قبلهم كما ذكر الله عنهم:
{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} (التوبة:31).
فصار ناس من الضالين يدعون أناساً من الصالحين في الشدة والرخاء، مثل: عبدالقادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وعدي بن مسافر، وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح، فأنكر عليهم أهل العلم غاية الإنكار وزجروهم عن ذلك، وحذروهم غاية التحذير والإنذار، من جميع المذاهب الأربعة في سائر الأقطار والأمصار، فلم يحصل منهم انزجار، بل استمروا على ذلك غاية الاستمرار. وأما الصالحون الذين يكرهون ذلك فحاشاهم من ذلك.
وبين أهل العلم أن أمثال هذا هو الشرك الأكبر، وأنت ذكرت في كتابك تقول: يا أخي ما لنا والله دليل إلا من كلام أهل العلم.
- وأنا أقول: كلام أهل العلم رضي، وأنا أنقله لك، وأنبهك عليه، فتفكر فيه وقم لله ساعة ناظراً ومناظراً مع نفسك ومع غيرك، فإن عرفت أن الصواب معي وأن دين الإسلام اليوم من أغرب الأشياء، أعني دين الإسلام الصرف الذي لا يمزج بالشرك والبدع.
- ثم يقول: قال الشيخ تقي الدين: وقد غلط في مسمى التوحيد طوائف من أهل النظر ومن أهل العبادة، حتى قلبوا حقيقته، فطائفة ظنت أن التوحيد هو نفي الصفات، وطائفة ظنوا أنه الإقرار بتوحيد الربوبية. ومنهم من أطال في تقرير هذا الموضع، وظن أنه بذلك قرر الوحدانية، وأن الألوهية هي القدرة على الاختراع ونحو ذلك، ولم يعلم أن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا التوحيد.
- قال تعالى: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون} (المؤمنون).
وهذا حق، لكن لا يخلص به عن الإشراك بالله الذي لا يغفره الله؛ بل لا بد أن يخلص الدين لله فلا يعبد إلا الله، والإله هو المألوه الذي تألهه القلوب. وأطال - رحمه الله - الكلام.
وقال - أيضاً - في الرسالة «السنية» التي أرسلها إلى طائفة من أهل العبادة ينتسبون إلى بعض الصالحين، ويغلون فيهم، فذكر حديث الخوارج، ثم قال: فإذا كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ممن ينتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام قد يمرق من الدين، وذلك بأمور:
- منها: الغلو الذي ذمه الله تعالى، مثل: الغلو في عدي بن مسافر أو غيره، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح ونحوه، فكل من غلا في نبي أو صحابي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الألوهية مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني، أو أنا في حسبك، ونحو هذا، فهذا كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله - سبحانه - إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد، ولا يدعى معه إله آخر.
- والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل: الشمس والقمر والصالحين، والتماثيل المصورة على صورهم، لم يكونوا يعتقدون أنها تنزل المطر، أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدون الملائكة والصالحين ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله.
فبعث الله الرسل، وأنزل الكتب تنهى أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة.
- وقال -أيضاً- في أثناء الباب: ومن اعتقد أن لأحد طريقاً إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو لا يجب عليه اتباعه، أو أن لغيره خروجاً عن اتباعه، أو قال: أنا محتاج إليه في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، أو قال: إن من العلماء من يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى - كفر في هذا كله.
- وقال - أيضاً - في الباب: ومن سب الصحابة، واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي أو أن جبريل غلط - فلا شك في كفر من توقف في تكفيره. فتأمل إذا كان كلامه هذا في «عليّ». فكيف بمن ادعى أن ابن عربي أو عبد القادر إلهان..؟!
وتأمل كلام الشيخ في معنى الإله الذي تألهه القلوب، واعلم أن المشركين في زماننا قد زادوا على الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يدعون الأولياء والصالحين في الرخاء والشدة، ويطلبون منهم تفريج الكربات وقضاء الحاجات، والكفار زمن النبي مع كونهم يدعون الملائكة والصالحين ويريدون شفاعتهم والتقرب بهم، وإلا فهم مقرون بأن الأمر لله، فهم لا يدعونهم إلا في الرخاء، فإذا جاءتهم الشدائد أخلصوا لله: {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم} (الإسراء: 67).
- وقال - أيضاً - في «الإقناع»: ويحرم تعلم السحر، وتعليمه وفعله، وهو عقد، ورقى، وكلام يتكلم به، أو يكتبه، أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، ومنه ما يقتل ومنه ما يمرض، ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها، ومنه ما يبغض أحدهما للآخر، ويحبب بين اثنين، ويكفر بتعلمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أم اباحته.
- وأما «الحنفية» فقال الشيخ قاسم في شرح «درر البحار»: النذر الذي يقع من أكثر العوام، وهو أن يأتي إلى قبر بعض الصلحاء قائلاً: يا سيدي فلان إن رد غائبي، أو عوفي مريضي، أو قضيت حاجتي، فلك كذا وكذا - باطل إجماعاً لوجوه:
- منها: أن النذر للمخلوق لا يجوز.
- ومنها: ظن أن الميت يتصرف في الأمر، واعتقاد هذا كفر.. إلى أن قال: إذا عرف هذا فما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها، وينقل إلى ضرائح الأولياء - فحرام بإجماع المسلمين، وقد ابتلي الناس بهذه، ولا سيما في مولد أحمد البدوي.
فتأمل قول صاحب «النهر» مع أنه في مصر مقر العلماء، كيف شاع بين أهل مصر ما لا قدرة للعلماء على دفعه!! فتأمل قوله: «من أكثر العوام»، أتظن أن الزمان صلح بعده..؟
- وأما المالكية، فقال الطرطوشي في كتاب: «الحوادث والبدع»: روى البخاري عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها. وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها «ذات أنواط» فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا «ذات أنواط» كما لهم «ذات أنواط» فقال: «الله أكبر.. لتركبن سنن من كان قبلكم».
فانظر - رحمكم الله - أينما وجدتم سدرة يقصدها الناس، وينوطون بها الخرق فهي ذات أنواط، فاقطعوها.
- وقال صلى الله عليه وسلم : «بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ».
ومعنى هذا أن الله لما جاء بالإسلام فكان الرجل.. إذا أسلم في قبيلته كان غريباً مستخفياً بإسلامه، قد جفته العشيرة فهو بينهم ذليل خائف، ثم يعود غريباً لكثرة الأهواء المضلة والمذاهب المختلفة حتى يبقى أهل الحق غرباء في الناس لقلتهم وخوفهم على أنفسهم.
وروى البخاري عن أم الدرداء، قال: «والله ما أعرف من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعاً».
وذلك أنه أنكر أكثر أفعال أهل عصره.
انتهى كلام الطرطوشي.
فليتأمل اللبيب هذه الأحاديث، وفي أي زمان قيلت، وفي أي مكان، وهل أنكرها أحد من أهل العلم؟! والفوائد فيها كثيرة، ولكن مرادي منها ما وقع من الصحابة، وقول الصادق المصدوق إنه مثل كلام الذين اختارهم الله على العالمين لنبيهم: اجعل لنا إلهاً، فيا عجبا إذا جرى هذا من أولئك السادة، كيف ينكر علينا أن رجلاً من المتأخرين غلط في قوله، يا أكرم الخلق، كيف تعجبون من كلامي فيه، وتظنونه خيراً وأعلم منهم.
ولكن هذه الأمور لا علم لكم بها وتظنون أن من وصف شركا أو كفراً أنه الكفر الأكبر المخرج عن الملة، ولكن أين كلامك هذا من كتابك الذي أرسلت إلي قبل أن يغريك الله بصاحب الشام، وتذكر أن هذا هو الحق، وتعتذر أنك لا تقدر على الإنكار..؟!
ومرادي أن أبين لك كلام الطرطوشي، وما وقع في زمانه من الشرك بالشجر، مع كونه في زمن القاضي «أبي يعلى»، أتظن الزمان صلح بعده..؟!
إذا تقرر هذا فخمس المسائل التي قدمت جوابها في كلام العلماء، وأضيف إليها مسألة سادسة، وهي إفتائي بكفر شمسان وأولاده ومن شابههم، وسميتهم طواغيت، وذلك أنهم يدعون الناس إلى عبادتهم من دون الله عبادة أعظم من عبادة اللات والعزى يعبدونها في الرخاء، ويخلصون لله في الشدة، وعبادة هؤلاء أعظم من عبادتهم إياه في شدائد البر والبحر، فإذا كان الله أوقع في قلبك معرفة الحق والانقياد له والكفر بالطاغوت، والتبري ممن خالف هذه الأصول، ولو كان أباك أو أخاك - فاكتب لي وبشرني؛ لأن هذا ليس مثل الخطأ في الفروع، بل ليس الجهل بهذا - فضلاً عن إنكاره - مثل: الزنى والسرقة، بل والله، ثم والله إن الأمر أعظم.. وإن وقع في قلبك إشكال فاطلب إلى مقلب القلوب أن يهديك لدينه ودين نبيه.



اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19-04-2024, 12:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (7) زعموا أن الإمام بن عبدالوهاب منع الاستشفاع بالرسول صلى الله عليه وسلم



افترى أهل الباطل على الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه من الموحدين بأن الإمام ينكر شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهؤلاء القوم ينطبق عليهم القول المأثور: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت».
فإنكار شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هو الكفر والعياذ بالله، وحاشا لله أن ينكر الإمام العظيم هذا الأمر، فهذه كتبه ورسائله وكتب أحفاده وتلاميذه إلى يومنا الحاضر لم ينكروا شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
يقول الطباطبائي: قالت الوهابية: إن الشفاعة والأولياء منقطعة في الدنيا، وإنما هي ثابتة لهم في الآخرة، فلو جعل العبد بينه وبين الله وسائط من عباده يسألهم الشفاعة، كان ذلك شرك وعبادة لغير الله، فاللازم أن يوجه العبد دعاءه إلى ربه، ويقول: «اللهم اجعلنا ممن تناله شفاعة محمد
صلى الله عليه وسلم
» ولا يجوز له أن يقول: «يا محمد اشفع لي عند الله»(1).

ويقول العاملي، وهو من أئمة الشيعة: أما قولهم فالشفاعة حق، ولا تطلب في دار الدنيا إلا من الله، فإذا كانت حقا فما المانع من طلبها؟ أفيجعل الله طلب الحق باطلاً وشركاً؟ تعالى الله عن ذلك، فطلب الحق لا يكون إلا حقاً، وطلب الباطل لا يكون إلا باطلاً، والتقيد بقولهم في دار الدنيا دال على جواز طلبها في الآخرة.
كما يدل عليه حديث تشفع الناس بالأنبياء، واعتذر كل منهم ثم تشفعهم بمحمد
صلى الله عليه وسلم
، وهل منع الناس من الشرك في الدنيا وأبيح لهم الشرك في الآخرة2).

ويقول القباني: بكل وقاحة وسوء أدب، وهو يخاطب الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله-: أما أنهم كفروا بمجرد قولهم يا رسول الله اشفع لي، أو أغثني، وأنها مساواة لقول المشرك واعتقاده أن المسيح هو الله، ولعبادة تمثاله من السجود والذبح كما ادعيت ذلك، وجزت به، فما أقمت على ذلك الدليل والبرهان يا طويل الآذان(3).
ويقول ابن داوود وهو يرد على الإمام محمد بن عبدالوهاب ويسميه الزنديق الحجازي، وقول الزنديق الحجازي: إن الله أعطاه الشفاعة، نهاك عن طلبها منه كما قال: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} غلط، فإن الدعاء المنهي عنه هنا بمعنى العبادة، وطالب الشفاعة لا يعبد الشفيع، بل يطلب منه أن يشفعه عند الله، كما أن يوسف بدعائه لأحد صاحبي السجن لم يكن عابداً له ولا كافرا، وقوله - أي محمد بن عبدالوهاب - فإن الشفاعة التي أعطاها غير النبي، فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، أتقول: إن الله أعطاهم الشفاعة، فاطلبها منهم، فإن قلت هذا فقد عبدتهم، غلط أيضاً، لما قلنا من أن طلب الشفاعة ممن أعطيها سواء كان نبياً أم كان ولياً أم وصياً أم ملكاً أو مؤمناً ليس عبادة له، فيصبح لنا أن نطلب الشفاعة من الأوصياء والأولياء والملائكة والصلحاء، وليس في ذلك شرك(4).
الرد على هذه الفرية
رد أئمة التوحيد على الخصوم الذين يقولون بأن الوهابية وعلى رأسهم الإمام محمد بن عبدالوهاب ينكرون الشفاعة، وأوردوا البراهين عليهم.
يقول الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله: فإن قال: أتنكر شفاعة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وتبرأ منها؟ فقال: لا أنكرها ولا أتبرأ منها، بل هو
صلى الله عليه وسلم
الشافع المشفع، وأرجو شفاعته، ولكن الشفاعة كلها لله كما قال تعالى: {قل لله الشفاعة جميعاً} (الزمر: 44)، ولا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال عز وجل: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} (البقرة: 255)، ولا يشفع في أحد إلا من بعد أن يأذن الله فيه كما قال عز وجل: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} (آل عمران: 85).

فإن كانت الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع النبي
صلى الله عليه وسلم
، ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيها، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد، تبين لك أن الشفاعة كلها فأطلبها منه. وقل: «اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه فيَّ وأمثال هذا».

فإن النبي
صلى الله عليه وسلم
أعطي الشفاعة، وأنا أطلبه مما أعطاه الله.

الجواب: أن أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا فقال: {فلا تدعوا مع الله أحداً} (الجن: 18)، فإن كنت تدعو الله أن يشفع نبيه فيك فأطعه في قوله: {فلا تدعوا مع الله أحدا}، وأيضاً فإن الشفاعة أعطيها غير النبي
صلى الله عليه وسلم
فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والصالحين يشفعون، أتقول: إن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم، فإن قلت هذا رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكر الله في كتابه، وإن قلت: لا، بطل قولك: أعطاه الله الشفاعة، وأنا أطلبه مما أعطاه(5).

ثم يرد على الخصوم الذين افتروا على الدعوة بإنكار شفاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم
فيقول: يزعمون أننا ننكر شفاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم
، فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد أن محمداً رسول الله
صلى الله عليه وسلم
الشافع المشفع، صاحب المقام المحمود، نسأل الله رب العرش العظيم أن يشفعه فينا، وأن يحشرنا تحت لوائه، هذا اعتقادنا، وهذا الذي مشى عليه السلف الصالح، وهم أحب الناس لنبيهم، وأعظمهم في اتباع شرعه(6).

أقوال: أئمة التوحيد في الشفاعة والرد على الخطوم
ويقول الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: ونثبت الشفاعة لنبينا محمد يوم القيامة حسب ماورد، وكذا نثبتها لسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال حسب ما ورد أيضاً، ونسألها من المالك لها، والإذن فيها لمن يشاء من الموحدين الذين هم أسعد الناس بها كما ورد بأن يقول أحدنا متضرعا إلى الله تعالى: «اللهم شفع نبينا محمداً
صلى الله عليه وسلم
فينا يوم القيامة، أو اللهم شفع فينا عبادك الصالحين، أو ملائكتك أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم، فلا يقول يا رسول الله أو يا ولي الله، أسألك الشفاعة، أو غيرها، كأدركني، أو أغثني، أو انصرني على عدوي، ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى(7).

ويقول - رحمه الله: وجملة القول أن طلب الشفاعة منه
صلى الله عليه وسلم
في حياته ثابت بلاشك، وكذلك طلب الشفاعة منه
صلى الله عليه وسلم
يوم القيامة، وهذا لا ينكره أحد(8).

وسئل شيخنا ووالدنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - مفتي الديار السعودية: هل الوهابية ينكرون شفاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم
؟

فأجاب: لا يخفى على كل عاقل درس سيرة الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه أنهم برآء من هذا القول؛ لأن الإمام - رحمه الله - قد أثبت في مؤلفاته ولاسيما في كتابه: «التوحيد»، وفي: «كشف الشبهات» شفاعة الرسول
صلى الله عليه وسلم
لأمته يوم القيامة، ومن هنا يعلم أن الشيخ - رحمه الله - وأتباعه لا ينكرون شفاعته
صلى الله عليه وسلم
وشفاعة غيره من الأنبياء والملائكة والمؤمنين، بل يثبتونها كما أثبتها الله ورسوله، ودرج على ذلك سلفنا الصالح عملا بالأدلة من الكتاب، وبهذا يتضح أن ما نقل عن الشيخ وأتباعه من إنكار شفاعة النبي
صلى الله عليه وسلم
من أبطل الباطل، ومن الصد عن سبيل الله، والكذب على الدعاة إليه، وإنما أنكر الشيخ - رحمه الله - وأتباعه طلبها من الأموات ونحوهم(9).

هذه عقيدة الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه من الموحدين في الشفاعة، وأنها لا تطلب من الأموات والأولياء والمشعوذين والدجالين؛ فالشفاعة كلها لله وحده: {قل لله الشفاعة جميعا}. وأن الأنبياء والصالحين لا يشفعون إلا بإذن الله، قال تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}. أما أن يقول القائل: اللهم إني أسألك بجاه محمد أو بحقه أو حرمته، فهذا القول بدعة محرمة لا تجوز.
الهوامش:
1 - انظر البراهين الجليلة: ص7.
2 - انظر كشف الارتياب: للعاملي: ص 260.
3 - انظر فصل الخطاب: ص41.
4 - انظر إزهاق الباطل: ص35.
5 - مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب: ج1 ص165 - 166.
6 - المرجع نفسه: ج5 ص48.
7 - الهداية السنية: ص 42.
8 - صيانة الإنسان في وسوسة دحلان: ص 363.
9 - مجلة البحوث العلمية - العدد (9) ص323 - تصدر عن دار الإفتاء والدعوة والإرشاد - الرياض.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19-04-2024, 04:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (7) الإمام محمد بن عبدالوهاب يهدم القباب على القبور وينهى عن شد الرحال لزيارتها



اعترض أعداء الدعوة السلفية بأن الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه يهدمون الأبنية على القبور، ويمنعون شد الرحال لزيارة القبور، ولاسيما قبر الرسول عليه الصلاة والسلام.
يقول سليمان بن سحيم: فمن بدعه وضلالاته أنه عمد إلى شهداء أصحاب رسول الله[ الكائنين في الجبيلة: زيد بن الخطاب والصحابة، وهدم قبورهم وبعثرها؛ لأجل أنهم في حجارة ولا يقدرون أن يحفروا لهم، فطووا على أضرحتهم قدر ذراع ليمنعوا الرائحة والسباع، والدافن لهم خالد بن الوليد وأصحاب رسول الله[، وعمد - أيضاً - إلى مسجد فيه ذلك وهدمه(1).
وهذا الكنهوري الذي استفاد هو وأتباعه من هذه الخصومة، فأخذ يشهر خنجره على الموحدين، يقول: إن الوهابيين سنة 1223هـ هدموا القباب، فهدموا قبة سيدتنا خديجة - رضي الله عنها - وهدموا قبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد أبي بكر(2).
يقول أحمد بن زيني بن دحلان: وأما قوله: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» فمعناه ألا تشد الرحال إلى مسجد لأجل تعظيمه والصلاة فيه إلا إلى المساجد الثلاثة؛ فإنها تشد الرحال إليها لتعظيمها والصلاة فيها، وهذا التقدير لابد منه، ولو لم يكن التقدير هكذا، لاقتضى منع شد الرحال للحج، والهجرة من دار الكفر، ولطلب العلم، وتجارة الدنيا، وغير ذلك، ولا يقول بذلك أحد(3).
ثم ساق الأحاديث في وجوب زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيقول:
1 - «من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني».
2 - «من زار قبري وجبت له شفاعتي».
3 - «من حج فزارني في مسجدي بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي».
4 - «من زارني بعد موتي، فكأنما زارني في حياتي».
وبعد ما ذكر هذه الأحاديث المكذوبة المفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول: فتلك الأحاديث كلها في تأكيد زيارته صلى الله عليه وسلم حياً وميتاً، والزيارة شاملة للسفر؛ لأنها تستدعي الانتقال من مكان الزائر إلى المزور، وإذا كانت كل زيارة قربة كان كل سفر إليها قربة(4).
- ويقول العاملي: هدم الوهابية المسجد الذي عند قبر سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - بأحد بعدما هدموا القبة التي على القبر، وأزالوا تلك الآثار الجليلة، ومحوا ذلك المسجد العظيم الواسع، فلا يرى الزائر لقبر حمزة اليوم إلا أثراً على تل من التراب(5).
- ويقول: ومنع الوهابية تعظيم القبور وأصحابها، والتبرك بها من لمس وتقبيل لها، ولأعتاب مشاهدها، وتمسح بها، وطواف حولها، ونحو ذلك(6).
- ويقول أيضاً: لما دخل الوهابيون إلى الطائف هدموا قبة ابن عباس كما فعلوا في المرة الأولى، ولما دخلوا مكة المكرمة هدموا قبة عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي طالب عمه، وخديجة أم المؤمنين، وخربوا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومولد فاطمة الزهراء، ولما دخلوا جدة هدموا قبة حواء، وخربوا قبرها، كما خربوا قبور من ذكر أيضاً، وهدموا جميع ما بمكة ونواحيها والطائف ونواحيها من القباب والمزارات والأمكنة التي يتبرك بها(7).
- ويقول الطباطبائي: قالت الوهابية: لا يجوز بناء القبور وتشييدها(8).
- ويقول علوي الحداد: يهدمون القبب المبنية عليها، أي على القبور(9).
- ويقول الكهنوري: اعلم - رحمك الله - أن مذهبه - أي محمد بن عبدالوهاب - في القبور أنه يحرم عمارتها والبناء حولها وتعاهدها والدعاء والصلاة عندها، بل يجب هدمها وطمس آثارها(10).
- ويقول أيضاً: إن تقبيل القبر بعد الموت كتقبيل اليد في الحياة لوجود الملاك، وهو التعظيم فيها على السواء(11).
والعجيب أن الفرق الضالة وأتباعهم وجدوا ضالتهم بدعوة الإمام فأخذوا يغذونها مستغلين كتب الضالين أهل الخصوم وحقدهم الدفين على أهل السنة والجماعة، ولاسيما شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله.
- وفي هذا يقول العاملي: وقد منع الوهابية من شد الرحال إلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم، فضلا عن غيره، وقد عرفت أن ابن تيمية في مقام تشنيعه على الإمامية قال: إنهم يحجون إلى المشاهد كما يحج الحاج إلى البيت العتيق، وما حجهم إلا قصدهم زيارتها، فسماه حجاً لزيادة التهويل والتشنيع(12).
وقد تصدى للحملة المسعورة لهؤلاء الضالين المضلين أصحاب البدع، أئمة الدعوة من نجد وخارجها:
- يقول الشيخ حسين بن غنام - رحمه الله - وهو يرد على رسالة ابن سحيم: فهذا الكلام ذكر فيه ما هو حق وصدق، وذكر فيه ما هو كذب وزور وبهتان؛ فالذي جرى من الشيخ - رحمه الله - وأتباعه أنه هدم البناء الذي على القبور، والمسجد المجعول في المقبرة على القبر الذي يزعمون أنه قبر زيد بن الخطاب - رضي الله عنه - وذلك كذب ظاهر؛ فإن قبر زيد - رضي الله عنه - ومن معه من الشهداء لا يعرف أين موضعه، بل المعروف أن الشهداء من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قتلوا في أيام مسيلمة في هذا الوادي، ولا يعرف أين موضع قبورهم من قبور غيرهم، ولا يعرفون قبر زيد من قبر غيره، وإنما كذب ذلك بعض الشياطين.
- وقال الناس: هذا قبر زيد، فافتتنوا به، وصاروا يأتون إليه من جميع البلاد بالزيارة، ويجتمع عنده جمع كثير ويسألونه قضاء الحاجات، وتفريج الكرب؛ فلأجل ذلك هدم الشيخ ذلك البناء الذي على قبره وذلك المسجد المبني على المقبرة؛ اتباعاً لما أمر الله به ورسوله من تسوية القبور، والنهي الغليظ الشديد في بناء المساجد عليها، كما يعرف ذلك من له أدنى ملكة من المعرفة والعلم.
- وقوله -أي سليمان بن سحيم-: «وبعثرها لأجل أنهم في حجارة ولا يقدرون أن يحفروا لهم فطووا على أضرحتهم قدر ذراع؛ ليمنعوا الرائحة والسباع» فكل هذا كذب وزور وتشنيع على الشيخ عند الناس بالباطل والفجور، وكلامه تكذبه المشاهدة؛ فإن الموضع الذي فيه تلك القبور موضع سهل لين الحفر، وأهل العيينة والجبيلة وغيرهما من بلدان العارض يدفنون موتاهم في تلك المقبرة، وهي أرض سهلة لا حجارة فيها.
أشار ابن غنام إلى أن الإمام محمد بن عبدالوهاب حين كان في العيينة هدم القباب وأبنية القبور، يقول: فخرج الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومعه عثمان بن معمر «أمير العيينة» وكثير من جماعتهم، إلى الأماكن التي فيها الأشجار التي يعظمها عامة الناس، والقباب وأبنية القبور، فقطعوا الأشجار، وهدموا المشاهد والقبور، وعدلوها على السنة، وكان الشيخ الذي هدم قبر زيد بن الخطاب بيده، وكذلك قطع شجرة الذيب مع أصحابه، وقطع شجرة قريوة، ثنيان بن سعود ومشاري بن سعود، وأحمد بن سويلم وجماعة سواهم (13).
ويوضح الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ما فعلوه أثناء دخولهم مكة المكرمة سنة 1218هـ، فيقول رحمه الله: فبعد ذلك أزلنا جميع ما كان يعبد بالتعظيم والاعتقاد فيه، ورجاء النفع، ودفعا لضر بسببه من جميع البناء على القبور وغيرها، حتى لم يبق في البقعة المطهرة طاغوت يعبد، فالحمدلله على ذلك(14).
- ويقول -أيضا- رحمه الله وأسكنه فسيح جناته: وإنما هدمنا بيت السيدة خديجة، وقبة المولد، وبعض الزوايا المنسوبة لبعض الأولياء حسما لذرائع الشرك، وتنفيرا من الإشراك بالله ما أمكن؛ لعظم شأنه فإنه لا يغفر(15).
- ويقول الشيخ المجاهد سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: فإن عباد القبور لا يقتصرون على بعض من يعتقدون فيه الضر والنفع، بل كل من ظنوا فيه ذلك بالغوا في مدحه، وأنزلوه منزلة الربوبية، وصرفوا له خالص العبودية، حتى إنهم إذا جاءهم رجل وادعى أنه رأى رؤيا مضمونها أنه دفن في المحل الفلاني رجل صالح، بادروا إلى المحل وبنوا عليه قبة وزخرفوها بأنواع الزخارف، وعبدوها بأنواع من العبادة، وأما القبور المعروفة أو المتوهمة بأفعالهم معها، فعددها لا يمكن حرصه، فكثير منهم إذا رأوا القباب التي يقصدونها كشفوا الرؤوس، فنزلوا عن الأكوار، فإذا أتوها طافوا بها، واستلموا أركانها، وتمسحوا بها، وصلوا عندها ركعتين(16).
- ويقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد ابن عبدالوهاب رحمه الله، عن شد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء: فالجواب: لا ريب أن هذا مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقوله: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد»، فإذا كان تبركا بالمحل المزور فهو من الشرك؛ لأنهم قصدوا بذلك تعظيم المزور كقصد النبي صلى الله عليه وسلم، أو الولي لتعود بركته عليهم بزعمهم، وهذه حال عباد الأصنام سواء كما فعله المشركون باللات والعزى ومناة؛ فإنهم يقصدونها لحصول البركة بزيارتهم لها، وإتيانهم إليها(17).
- ويقول العلامة حمد بن ناصر بن معمر -رحمه الله- في مناظرته لعلماء مكة سنة 1211هـ: ومن جمع بين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور، وما أمر به وما نهى عنه، وما كان عليه أصحابه، وبين ما أنتم عليه من فعلكم مع قبر أبي طالب والمحجوب وغيرهما، وجد أحدهما مضادا للآخر مناقضا له، بحيث لا يجتمعان أبدا، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور، وأنتم تبنون عليها القباب العظيمة، والذي رأيته في المعلاة أكثر من عشرين قبة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزاد عليها غير ترابها، وأنتم تزيدون عليها غير التراب، التابوت الذي عليه، ولبس الجوخ، ومن فوق ذلك القبة العظيمة المبنية بالأحجار والجص(18).
- ويوضح الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن -رحمهم الله- معتقد دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب وأتباعه في مسألة البناء على القبور بقوله: «فنحن ننكر الغلو في أهل القبور والإطراء والتعظيم، ونهدم البنايات التي على قبور الأموات؛ لما فيها من الغلو والتعظيم الذي هو أعظم وسائل الشرك بالله»(19).
- ويقول الشيخ فوزان السابق: إنهم يتعلقون بالأسماء، ويغيرون الحقائق من نصوص الكتاب والسنة، ويحرفونها عن مواضعها، ويعارضونها بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، محتجين بها على فتح أبواب شركهم وضلالهم، الذي أضلوا به كثيرا من جهلة هذه الأمة، مقتفين في ذلك أثر من حذرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم عن سلوك سبيلهم، وذلك فيما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة في لعن متخذي القبور مساجد؛ لأنه من الغلو الذي نهى الله تعالى عنه، وهو أصل عبادة الأصنام؛ ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: «ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشى أن يتخذ مسجدا»(20).
هذه هي عقيدتنا في مسألة القبور، وهي عقيدة الصحابة والتابعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فرضي الله عنهم أجمعين.
وقد ثبت في الصحيحين والسنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن البناء على القبور وأمر بهدمه، كما رواه مسلم لنا في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي، قال عليّ: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته»، كما أخرج مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يكتب عليه.
فالإمام رحمه الله قام بهدم القباب وأبنية القبور لتحقيق وصيته صلى الله عليه وسلم .
وينبغي على كل مسلم غيور على دينه أن يسعى لهدم وإزالة القباب التي نصبت فوق الأضرحة، ومحاربة الشرك والبدع بشتى أنواعها حتى يكون من الموحدين المخلصين الذين يعمرون الأرض بتحقيق «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
الهوامش:
1 - انظر روضة الأفكار لابن غنام: ج1 ص112.
2 - كشف النقاب: ص125.
3 - انظر الدرر السنية: ص5.
4 - انظر الدرر السنة: ص4.
5 - الدرر السنية: ص4.
6 - انظر كشف النقاب: ص414.
7 - كشف النقاب: ص 59.
8 - البراهين الجلية: ص41.
9 - مصباح الأنام لعلوي الحداد: ص42.
10 - كشف النقاب: ص82.
11 - المصدر السابق: ص 118.
12 - المصدر السابق: ص42913- انظر روضة الأفكار ج1 ص78.
14- انظر روضة الأفكار ص37.
15- المصدر السابق ص43.
16- انظر الكتاب القيم: «تيسير العزيز الحميد» تأليف سليمان بن عبدالله بن محمد ابن عبدالوهاب ص221.
17- انظر مجموعة الرسائل والمسائل ج2 ص41.
18- الهدية السنية ص85.
19- انظر المصدر السابق ص105.
20- انظر البيان والإشهار: تأليف فوزان السابق ص321.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-04-2024, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (9) زعموا أن نجدا.. مطلع قرن الشيطان



ادعى الخصوم أن نجدا المذكورة في الأحاديث النبوية الشريفة هي نجد موقع ظهور الإمام محمد بن عبدالوهاب وجماعته، موقع مسيلمة الكذاب، وهي موطن الزلازل والفتن، إلى آخره من الترهات والكذب والبهتان.
يقول ابن عفالق الحاقد على هذه الدعوة، وهو من الأوائل الذين افتروا على الموحدين بأنهم قرن الشيطان: «وفي فضل أهل الشام واليمن والحرمين وفارس ما يعرفه من له أدنى معرفة بالأحاديث، وأما أنتم يا أهل اليمامة ففي الحديث الصحيح عندكم يطلع قرن الشيطان، وأنتم لا تزالون في شر إلى يوم القيامة، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار» (1).
ويقول علوي الحداد: وقد استنبط العلماء من مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم : «يطلع منها - أي نجد- قرن الشيطان» من معجزاته؛ لأنه أتى بالياء للاستقبال؛ لأن مسيلمة، لعنه الله، في حياته -عليه السلام طلع، وادعى النبوة، وهناك في خلافة الصديق، ولم يطلع قرن الشيطان إلا بعد الألف والمائة والخمسين، وهو محمد بن عبدالوهاب، رأس هذه البدعة وأسها» (2).
ويقول عثمان بن منصور: إن نجد اليمامة هي قرن الشيطان: وقد امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعاء لها كما دعا للشام ولليمن والمدينة؛ لما علم بعلم الله ما يحدث فيها ومنها، وقال فيها: «أولئك منها الزلازل والفتن، ومنها ما يظهر قرن الشيطان» (3).
ويقول أحمد بن محمد الغماري: «ولما طلع قرن الشيطان بنجد في أواخر القرن الحادي عشر، وانتشرت فتنته، كانوا يحملون الأحاديث عليه وعلى أصحابه» (4)، وقد حشد هؤلاء عقول العوام بتشويه دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- بالكذب والبهتان حتى يصدوا الناس عن الدعوة السلفية المباركة، ويكون لهم الصدارة في الخرافة والبدع وأكل أموال الناس بالباطل.
وإليك يا أخي القارئ الكريم الأدلة على أن العراق هو المقصود بهذه الأحاديث، وليس نجدا كما زعم أعداء الدعوة السلفية.
الأدلة النبوية الصريحة على أن العراق مطلع الفتن وقرن الشيطان
عن ابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهم- قال: دعا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم بارك لنا في صاعنا، ومدنا، وبارك لنا في مكتنا ومدينتنا، وبارك لنا في شامنا ويمننا»، فقال رجل من القوم: يا نبي الله، وعراقنا، قال: «إن فيها قرن الشيطان، وتهيج الفتن، وإن الجفا بالمشرق» (5)، وفي رواية أخرى لابن عمر: قال رجل: فالعراق، فيها ميرتنا وفيها حاجتنا، فسكت، ثم قال: «مطلع قرن الشيطان، وهناك الزلازل والفتن» (6).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخل إبليس العراق فقضى حاجته فيها، ثم دخل الشام فطردوه» (7).
وأخرج البخاري في صحيحه: «يخرج أناس من قبل المشرق ويقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم»(8).
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن سالم بن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهم- قال: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة! سمعت أبي عبدالله بن عمر يقول: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «إن الفتنة تجيء من هاهنا- وأومأ بيده نحو المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان»(9).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلموهو مستقبل المشرق- يقول: «ألا إن الفتنة هاهنا، ألا إن الفتنة هاهنا، من حيث يطلع قرن الشيطان»(10).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بارك الله في شامنا ويمننا»، قالوا: وفي نجدنا يا رسول الله؟ قال في الثالثة: «هناك الزلازل والفتن، وبهما يطلع الشيطان»(11).
قال العلامة الكرماني في شرح الحديث: «نجد يطلع منها قرن الشيطان، هو الأرض المرتفعة، من تهامة إلى العراق»، ثم قال أيضا: «كل ما ارتفع عن تهامة إلى العراق، فهو نجد» وقال في موضع آخر: «ومن كان بالمدينة الطيبة -صلى الله على ساكنها وسلم-، كان نجده بادية العراق، وهي مشرق أهلها»(12).
وبمثله قال العيني في شرحه لصحيح البخاري (13)، وقال الخطابي رحمه الله: «نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهلها»، إلى قوله: «وأما نجد فهي الناحية بين الحجاز والعراق»(14).
ونقله الحافظان: ابن حجر، والقسطلاني في شرحهما لصحيح البخاري، ونقلا عن الخطابي قوله في معنى: «قرن الشيطان»: «القرن الأمة من الناس، يحدثون بعد فناء آخرين، وقرن الحية يضرب المثل به فيما لا يحمد من الأمور»(15).
وفي الصحيحين: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رأس الكفر نحو المشرق»، وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: «رأس الكفر قبل المشرق»(16).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب؛ فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا»(17).
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم بمثله إلا أنه قال: «يحسر عن جبل من ذهب»(18)، وروى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو»(19).
وعن أبي بن كعب قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله، قال: فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون»(20).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم»، قالها ثلاثا (21).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: رأيت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يشير بيده نحو العراق: «هاهنا، إن الفتنة هاهنا، إن الفتنة هاهنا، ثلاثا»(22).
قال النووي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث بعد أن ذكر أقولا لمن سبقه من العلماء: «وقوله: منعت العراق درهمها وقفيزها» قال: «قيل: لأنهم يرتدون آخر الزمان فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها».
أخي المسلم:
لقد تبين لك مما ذكرنا من الأدلة النبوية، أن العراق بلد الفتن والشرور والشيطان، والفرقة والاختلاف، ومنشأ الكفر والنفاق والطغيان، مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، ونستكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله ما ورد في ذلك عن الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام والمسلمين، ممن لهم علم ودراية، فيما دونوا من علوم ورواية(23).
الهوامش:
1- انظر رسالة ابن عفالق لابن معمر ص49.
2- الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ص7.
3- انظر مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام ص 234.
4- انظر إيضاح الحجة في الرد على صاحب طنجة- حمود التويجري، رحمه الله ص132.
5- أورده في كنز العمال 135/14، وعزاه إلى ابن عساكر.
6- المصدر السابق: 310/12 وقال: أخرجه الطبراني. قلت: أورده الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله ثقات.
7- المصدر السابق.
8- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد، انظر الفتح: 535/13.
9- أخرجه مسلم في كتاب الفتن، باب الفتنة من المشرق- حديث (2905).
10- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن: باب الفتنة من المشرق، ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن- حديث (2905).
11- صحيح البخاري، كتاب الفتن: باب الفتنة من المشرق.
12- شرح الكرماني لصحيح البخاري، الطبعة المصرية 168/24.
13- كتاب الفتن: 353/11.
14- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر: 47/13.
15- المصدر السابق أيضا.
16- البخاري بدء الخلق: 350/6، ومسلم باب تفاضيل أهل الإيمان: 30/2.
17- أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب أشراط الساعة 101/8، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يحسر عن الفرات- حديث (2894).
18- المصدر السابق.
19- مسلم في صحيحه، الفتن- حديث (2894).
20- المصدر السابق، الحديث رقم (2895).
21- المصدر السابق، الحديث رقم (2896).
22- الإمام أحمد في مسنده: 43/2 وسنده صحيح.
23- انظر: رسالة الدليل البراق على حوادث الكويت والعراق: تأليف عمر العمروي.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22-04-2024, 07:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (9)زعموا أن نجدا.. مطلع قرن الشيطان (الحلقة الثانية)



ذكرنا في الحلقة الماضية الأدلة النبوية على أن العراق بلد الفتن والشرور والفرقة والاختلاف، ومنشأ الكفر والنفاق والطغيان، ونأتي الآن على ذكر ما ورد عن الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام والمسلمين في أن العراق مطلع كل فتنة وشر وخراب وفرقة للإسلام والمسلمين:
أقوال الصحابة -رضي الله عنهم- في أن العراق مطلع قرن الشيطان
قال سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «ياأهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم الكبيرة، سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الفتنة تجيء من هاهنا»، وأومأ بيده نحو المشرق؛ «حيث يطلع قرن الشيطان، وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض»(1).
وأخرج الترمذي في سننه عن عبدالرحمن بن أبي نعيم: «أن رجلا من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب؟ فقال ابن عمر رضي الله عنه: «انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم»(2).
وأخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إنه سأله رجل عن المحرم، قال شعبة: أحسبه قال: يقتل الذباب، قال: أهل العراق يسألوني عن الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هما ريحانتاي من الدنيا»(3).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال حين بعث رهطا من الأنصار إلى الكوفة: «إنكم تأتون الكوفة فتأتون قوما لهم أزيز بالقرآن، فيأتونكم فيقولون: قدم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيسألونكم عن الحديث، فأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»(4).
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أراد الخروج إلى العراق، فقال له كعب: «لا تخرج إليها يا أمير المؤمنين، فإن بها تسعة أعشار السحر، وبها فسقة الجن، وبها الداء العضال»(5)، وزاد في الكنز: «وبها باض إبليس وفرخ»(6).
وروي أن الحسن بن علي استخلف حين قتل علي رضي الله عنهما فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر، وحسن رضي الله عنه ساجد يصلي والطعنة وقعت في وركه، فمرض منها أشهرا، ثم برأ فقعد على المنبر فقال: «ياأهل العراق، اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم، وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذين قال الله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، قال: فما زال يقولها حتى ما بقي أحد من أهل المسجد إلا وهو يحن بكاء»(7).
وروي أنه لما سقي الحسن -رضي الله عنه- سما أوصى لأخيه الحسين وقد حضره الموت، فقال: «إن الحوادث والأحوال تشهد أن سفهاء الكوفة يخرجونك منها، ويذلونك، فعزمت عليك أن تغادرها وتخرج منها»(8).
وروى الإمام أحمد عن أبي نصرة، قال: كنا عند جابر رضي الله عنه فقال: «يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم دينار ولا مدى»(9).
أقوال التابعين في أن العراق قرن الشيطان
روي أن هشام بن عروة -رحمه الله- كان يقول: «إذا حدثك العراقي بألف حديث، فألق تسعمائة وتسعين، وكن من الباقي في شك»(10).
وروي عن الزهري -رحمه الله- أنه قال: «إذا سمعت بالحديث العراقي فأردد به، ثم أردد به، ثم قال: إن في حديث أهل الكوفة دغلا كثيرا»(11).
وروي عن الإمام طاووس اليمني رحمه الله أنه قال: «إذا حدثك العراقي مائة حديث فاطرح تسعة وتسعين» (12).
أقوال الأئمة والمحدثين في أن العراق قرن الشيطان
قال الإمام مالك -رحمه الله-: «إذا خرج الحديث عن الحجاز إلى العراق، انقطع نخاعه»(13).
وقال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «كل حديث جاء من العراق وليس له أصل في الحجاز فلا تقبله»(14).
وقال أيضا: «إياكم والأخذ بالحديث الذي جاءكم من بلاد أهل الرأي إلا بعد التفتيش» (15).
وقال الإمام أحمد رحمه الله: «ليس لحديث أهل الكوفة نور» (16).
قلت: وهذا لا ينطبق على السواد الأعظم من شعب العراق (17).
يقول الشيخ عبداللطيف بن الإمام عبدالرحمن بن حسن -رحمهم الله-: «إن المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من جهة الشرق، يوضحه أن في بعض طرق هذا الحديث: أشار إلى العراق».
قال الخطابي: «نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد: ما ارتفع عن الأرض، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وقال الراوي: «إن نجدا من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن عمر، قال: «ياأهل العراق، ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم الكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الفتنة تجيء من هاهنا»، وأومأ بيده إلى المشرق، فظهر أن الحديث خاص بأهل العراق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسرالمراد بالإشارة الحسية، وقد جاء صريحا في «المعجم الكبير» للطبراني النص على أنها العراق، وبقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد».
ويقول الإمام عبدالرحمن بن حسن -رحمه الله-: «الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لنا في يمننا، اللهم بارك لنا في شامنا» الحديث، قيل إنه أراد نجد العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار -وقد ادعى النبوة- وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.
وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن الذم إنما يكون للحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس»(18).
ثم قال -رحمه الله رحمة واسعة-: «فلو ذم نجد بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذم اليمن بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة..، وما ضر المدينة سكن اليهود بها، وقد صارت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقل الإسلام، وما ذمت المدينة مكة بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة عداوتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه».
ويقول الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله عن فضل نجد وبني تميم: «وقد جاء في فضل بعض أهل نجد كتميم، ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أحب تميما لثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله لما جاءت صدقاتهم: «هذه صدقات قومي»، وقوله في الجارية التميمية: «اعتقها فإنها من ولد إسماعيل»، وقوله: «هم أشد أمتي على الدجال»... هذا في المناقب الخاصة، وأما العامة للعرب، فلا شك في عمومها لأهل نجد؛ لأنهم من صميم العرب، وما ورد في تفضيل القبائل والشعوب أدل وأصرح في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن في الدلالة على فضل الساكن والقاطن.
ومعلوم أن رؤساء عباد القبور الداعين إلى دعائهم وعبادتهم لهم حظ وافر مما يأتي به الدجال، وقد تصدى رجال من تميم وأهل نجد للرد على دجاجلة عباد القبور الدعاة إلى تعظميها مع الله، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، إن قلنا أن «ال» في الدجال للجنس لا للعهد، وإن قلنا إنها للعهد وهو الظاهر، فالرد على جنس الدجال توطئة وتمهيد لجهاده، ورد باطله، فتأمله فإنه نفيس جدا» (19).
ويقول الشيخ حكيم محمد أشرف: «سند هو مقصود الأحاديث، أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة، هي مبدأ الفتنة والفساد، ومركز الكفر والإلحاد، ومصدر الابتداع والضلال، فانظروا في خريطة العرب بنظر الإمعان، يظهر لكم أن الأرض الواقعة في شرق المدينة إنما هي أرض العراق -فقط- موضع الكوفة والبصرة وبغداد»(20).
ويقول الشيخ سليمان بن سحمان- رحمه الله-: «قد كان بلد الشيخ اليمامة، ولم تكن اليمامة مشرق المدينة، بل مشرق المدينة العراق ونواحيه، فاليمامة ليست مشرق المدينة، ولا هي وسط المشرق بين المدينة والعراق، بل اليمامة شرق مكة المشرفة»(21).
الهوامش:
1- أخرجه مسلم، انظر شرح النووي: 32/18.
2- أخرجه في المناقب، حديث (3773) وقال: هذا حديث صحيح.
3- البخاري في صحيحه - كتاب المناقب 22/7، والترمذي في المناقب- حديث (3773).
4- انظر حجة الله البالغة: 313/1.
5- سير النعمان: 27/2 وهو العلامة الشبلي النعماني، وأخرجه مالك في الموطأ 691/1.
6- كنز العمال: 183/14.
7- انظر تفسير ابن كثير: 486/3 سورة الأحزاب آية 33.
8- انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي-181.
9- النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير 66/1.
10- انظر تدريب الراوي للسيوطي - ص38.
11- تذكرة الحفاظ للذهبي 210/1.
12- المصدر نفسه: 210/1.
13- تدريب الراوي للسيوطي ص37، 38.
14- المصدر السابق.
15- انظر: ميزان الشعراني: 49/1.
16- سنن أبي داود.
17- نفس المصدر.
18- انظر مجموعة الرسائل والمسائل ج4 ص264.
19- انظر منهاج التأسيس والتقديس في الرد على ابن جرجيس ص62.
20- انظر أكمل البيان في شرح نجد قرن الشيطان: تحقيق عبدالقادر حبيب الله السندي ط 1402 باكستان.
21- انظر الأسنة الحداد في الرد على علوي الحداد ص87.


اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 203.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 197.97 كيلو بايت... تم توفير 5.90 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]