موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 125 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836848 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379384 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191224 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 661 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 945 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1098 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 837 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1241  
قديم 30-11-2013, 09:31 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الحمدلله أتممت الموضوع المتفرع من الموسوعه


آيات الله في الآفاق

وعدد المعجزات
أكثر من 200 معجزه تبدأ من صفحة 100
وتبد المعجزات من رد رقم 994 حتى تصل إلى 1240
صفحه رقم 124
وبعض المعجزات طويلة جداً ونُسق لتقسيم المعجزه من موضوعين إلى ثلاثة مواضيع لان مساحة الرد لا تكفي


وإن شاء الله غداً سوف أبد بالموضوع الجديد ...


تأملات قرآنية

أنتظروني ... وإن شاء الله يعينني على تكملة الموسوعه

كل احتــــــــــــــرامي للجميع دون أستثناء

  #1242  
قديم 02-12-2013, 06:58 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

من هنــــا يبدا موضوع


تأملات قرآنية



وقفات مع هدهد سليمان

بقلم أبو حمزة المدني
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. أما بعد:
فإن الله عز وجل خلق الخلق , وجعل لكل صنف منهم حاجة عند الآخر , فالفقير محتاج للغني , والغني يحتاج للفقير , والخلق يحتاج بعضهم إلى بعض , رأى الإمام أحمد رجل يدعوا الله "اللهم لا تحجني إلا إليك " قال الإمام أحمد: دعا على نفسه بالموت , ولذالك لا يحتقر شيء من مخلوقات الله لا لصغر جسمه ولا لضعفه , فله منافعه في هذه الدنيا.
ومن هذا المنطلق أحببت أن أبحث وأستقصي عن خلق من مخلوقات الله ألا وهو الطير ومن أسباب تقديم الطير على جميع الحيوانات الأسباب التالية:
1)إن أكثر الطيور غذائها الحشرات التي يتأذى منها بنو آدم , فلوا انقرضت الطيور لنتشرت هذه الحشرات ولأدى ذالك إلى أذيتنا.
2) أن لحمه طعام للإنسان في الدنيا والآخرة , كما ذكر الله سبحانه وتعالى.
3)أنها تبعث للإنسان الراحة كلما رآها بألوانها الباهرة.
4)أنه كان يستخدم في نقل الرسائل في الماضي قبل وسائل النقل الحديثة.
ومن العجيب أن الاختراعات الحديثة تحاكي ماهو موجود في الطبيعة , ومن هذه الاختراعات اختراعهم لطائرات فهم يحاكون خلقة الطير في رأسه وأجنحته وكيف يطير وكيف يهبط ,
وصدق الشاعر عندما قال:
لله في الحركات ينتهى عجبـي * ومن عجائبه جـرى الجمـادات
سبحان من جعل الطيار من جمد * كهيئة الطير يسمـو للسمـاوات
ينهضُ ينْقَضُ كالبازى على عجل * وكـم يواصِِـلُ رنـاتٍ بأنـات
يحكى الطُّيورَ جئاجئا واجنحـة *والرعْد يحكيه في ترديد أصوات
لله ما فيه من هولٍ ومن عَجَـبٍ *ومن شيـات وءايـات وءالات
والطيور أمم وجماعات وأنواع منها المهاجر ومنها المستقر ومنها الجارح ومنها غير الجارح , والطير يطلق على ما يطير في السماء.
وأول ما أبداء من أصناف الطيور هو (الهدهد)
وقد ورد ذكر الهدهد في القرآن في موضع واحد قال تعالى {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ }النمل20
الهدهد: طائر مشهور بقنزعته المنتصبة , ذات اللون البندقي المحمر , والمنتهي ريشاتها بالسواد وبمنقاره المقوس , ريش الرأس والرقبة بندقي محمر , والرداء يميل إلى البني. الظهر والكتف والجناحان مقلمة بمناطق سوداء وعسليّة عريضة , العجز أبيض , والذنب أسود يقطعه من الوسط شريط أبيض عريض.
طوله 25-26سنتم , وبسطته 44-47سنتم , ووزنه 51 -80 غراماً , منقاره طويل معقوف إلى الأدنى , يقتات الخنافس , والديدان , والعناكب , والحشرات.
تضع الأنثى 4-8 بيضات تحضنها 15 – 19 يوماً , وتترك الفراخ العش بعد 22-28 يوماً من التفريخ. ويعتبر الهدهد من الطيور جزيلة النفع الواجب حمايتها.
أسماؤه: الهدهد , الهُداهد , النّباح , أبو الأخبار , أبو سجاد , أبو ثمامة
صوته: الهَدهَدة , العَندَلة , القَرقَرة , النُباح.
ولنستمع لابن عباس وهو يحدث عن الهدهد
حدث يوما عبد الله بن عباس وفي القوم رجل من الخوارج يقال له نافع ابن الأزرق وكان كثير الاعتراض على ابن عباس فقال له قف يا ابن عباس غلبت اليوم قال ولم , قال إنك تخبر عن الهدهد أنه يرى الماء في تخوم الأرض وإن الصبي ليضع له الحبة في الفخ ويحثو على الفخ ترابا فيجئ الهدهد ليأخذها فيقع في الفخ فيصيده الصبي فقال ابن عباس لولا أن يذهب هذا فيقول دررت على ابن عباس لما أجبته ثم قال له ويحك إنه إذا نزل القدر عمى البصر وذهب الحذر فقال له نافع والله لا أجادلك في شيء من القرآن أبداً.
ومن الفوائد التي يستاقها المؤمن من قصة سليمان عليه السلام والهدهد مايلي:
أ‌)إنكار الهدهد لمّا رأى أمرآة تقود رجال, وهذه من الأمور التي جعلها الله فطرة في الإنس والجن والهوام, أن الرجل هو الذي يقود النساء.وفيها أيضاً حسن التدرج في الإبلاغ فقد أبلغ الهدهد سليمان من الأصغر إلى الأكبر من قيادة المرآة لرجال إلى الشرك بالله وهذا فيه حسن أدب وفطنة
ب‌) عندما رأى الهدهد قوم سبأ يشركون بالله ذهب مباشرة إلى سليمان داعياً إلى الله , واليوم يرى العالم أقوام يعبدون البقر ولا يتحرك ساكناً.
ت‌)نقل الهدهد الصورة كما كانت ولم يحكم عليهم , بل ترك الحكم لسليمان عليه السلام.
ث‌) ولما أرسله سليمان إلى قوم بلقيس لم يحرف ولم يبدل بل أدى الرسالة كما كانت.
ج‌)ولنتأمل أنهم أشركوا بالله وسجدوا لشمس ومع ذالك لم يشتمهم ولم يقبحهم , لأن السب ليس من صفات الداعية المسلم , فهوا هدفه الأول أن يقيم التوحيد.
ح‌)واستخدم الهدهد في هذه الآية القاعدة الفقهية المشهورة "إذا تزاحمت المصالح يقدم الأعلى من المصالح " فقدم الدعوة إلى الله على الحضور عند سليمان.
خ‌)وفي الآيات دليل على أن الذي يعلم حجة على الذي لا يعلم.
د‌)وفي الآيات دليل على سموا أخلاق نبي الله سليمان عليه السلام , في تواضعه في قبول خبر الهدهد وحسن ظنه عندما قال { سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ }النمل27.
ذ‌)قال القرطبي: فيه دلالة على أن الأنبياء لايعلمون الغيب.
ر‌)قال ابن العربي: وفي الآيات دليل على أن الحد على قدر الذنب لا على قدر الجسد.
ز‌)كتاب سليمان لبلقيس قال {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }النمل30 {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }النمل31. مع كونه ملك لم يذكر مدحاً له قبل الاسم أو بعد الاسم , بل ذكر اسمه فقط وهذا من كمال تواضعه , وكمال بلاغته.
س)ذكر الهدهد {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ }النمل25 , فيه أن الهدهد أعظم ما يعلم هذا الأمر فلذالك لا يرى أعظم منه في نظره.
ش) لم يعاقبه لأنه اعتذر له ولا أحد أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين.
ص) قال العلماء فعل سليمان يدل على تفقده أحوال الرعية والمحافظة عليهم فانظروا إلى الهدهد وإلى صغره فإنه لم يغب عنه حاله فكيف بعظائم الملك.
وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين
المصدر: منتديات أهل التفسير
  #1243  
قديم 02-12-2013, 07:01 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

وصايا آل عمران.. ومجزرة غزة


{ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}
إعداد الأستاذ هشام طلبة
كتاب مصري متخصص في الإعجاز الغيبي في القرآن
الوصية الأولى
تمهيد:
* من إعجاز القرآن الكريم أن يخاطبنا في كل زمان، وكأنما قد نزل في هذا الزمان، وعايش أحداثه حال وقوعها.من ذلك يرى المتدبر أن ما حدث من عدوان غاشم من اليهود على إخواننا في غزة مطلع عام 2009م، وما سبقه وصاحبه من أحداث، كأنما يحدثنا عنه القرآن الكريم في عدة سور؛ كالبقرة والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والحشر، لكن السورة الأكثر وضوحًا في هذا الأمر هي سورة آل عمران، كما سنرى في هذا العمل.
* وقد أشار إلى صلة أحداث غزة بسورة آل عمران وغزوة أُحُد غير عالم من علماء المسلمين؛ كالدكتور عبد الحي الفرماوي(1) والدكتور جمال المراكبي؛ الرئيس العام لجماعة أنصار السنة في مصر(2).
وننصح القارئ الكريم قبل الشروع في قراءة هذا العمل أن يفتح أمامه هذه السورة الكريمة؛ للمساعدة على استحضار المعاني التي سنتطرق إليها بإذن الله تعالى.
* ومن إعجاز القرآن الكريم كذلك أن تلخص آية واحدة سورة بأكملها أو تكون فارقة بين قسمين رئيسين منها؛ كآية آل عمران (138) التي تصدرت عملنا هذا، فإننا لو تأملنا هذا التذييل وهذه الآية الكريمة لوجدنا لها أشباهًا في مواضع عديدة في كتاب الله تعالى مثل:
- قوله تعالى في سورة الأعراف: {.. هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) }.
- وقوله تعالى في سورة إبراهيم: { هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)}.
- وقوله تعالى في سورة الأعلى: { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) }.
ولو تدبرنا الآيات الكريمات السابقة وأشباهها لوجدنا أنها تأتي غالبًا في أواخر السور، وإن جاءت متقدمة عن ذلك قصد بها كل ما تقدم من السورة؛ مثل قوله تعالى في سورة (صلى الله عليه وسلم): {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) }، حيث أنهت الكلام عن ذكر قصص المتقين؛ الذي كثيرًا ما يعبر عنه بالذكر؛ كسورة مريم حين عبر عن قصة النبي زكريا بالذكر : { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا } [مريم : 2]؛ أي أن الآتي من القرآن هو قصة ( ذكر) النبي زكريا، ولم يقل: هذا ذكر النبي زكريا كحالتنا؛ لأن هذه الصياغة تعني ما مضى من السورة لا ما يأتي، وبدأ بعدها الاستفاضة في الكلام عن مآلهم عند الله ( حسن المآب )، وكذلك مآل أضدادهم في الآخرة.
* أي أن القسم الأول من الآية 49 من سورة ص - قبل حرف العطف - لخص القسم الأول من السورة، كما لخص القسم الثاني منها القسم الثاني من السورة، {..وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49)} فكأن هذه الآية هي مركز سورة ص وملخصها.
وقد رأى أغلب المفسرين أن اسم الإشارة: { هَذَا } في هذه المواضع إن لم يقصد به القرآن نفسه لكان المقصود به ما تقدم من الآيات السابقة لها من أول السورة.
إذًا الآية المعنية - ( آل عمران : 138) - تلخص ما قبلها، فما هو ما قبلها؟ وتمهد لما بعدها، فما هو بعدها؟.
ما قبلها هو قسمان من ثلاثة أقسام رئيسة لسورة آل عمران وهي:
1 – "فضح خطايا ونوايا أهل الكتاب".
2 – "وصية لعدم الوقوع في العنت المرجو من أهل الكتاب " ( وتنقسم لوصايا فرعية ).
وأما ما بعد الآية الرئيسة فهو القسم الثالث من السورة وهو : "موعظة لما بعد القرح المتسبب فيه أهل الكتاب".
أي إن تقسيم السورة موضوعيًّا كالآتي :
القسم الأول: فضح خطايا ونوايا أهل الكتاب ( الآيات 19 : 99 ).
القسم الثاني: وصية لعدم الوقوع في العنت المتسبب فيه أهل الكتاب وينقسم إلى :
أ ) وصية فرعية لما يختص بأهل الكتاب ( الآيات 100 : 115 ).
ب ) وصية فرعية لما يختص بالمنافقين ( الآيات 116 : 128 ).
جـ) وصية فرعية لما يختص بالتقصير الذاتي ( الآيات 130 : 137 ).
القسم الثالث: وصية ( موعظة ) لما بعد القرح ( الآيات 138 : 200 ).
وفي عملنا هذا نتكلم أولًا عن القسم الأول من السورة ثم الوصية الأولى من الوصايا الأربعة سالفة الذكر.
القسم الأول: فضح الخطايا والنوايا: { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ }
بيان وإيضاح خطايا أهل الكتاب، وتصحيح الأخطاء في مجالات العقيدة والشريعة والقصص عندهم، وإظهار مدى عدائهم للمسلمين وكيدهم لهم، وبيان أن أكبر جرائمهم هي كتمان ذكر الإسلام ونبي الإسلام عليه الصلاة والسلام في كتبهم. وقد ذكر تعالى أن هذا القسم فضح هؤلاء العصاة للناس كافة لا المسلمين فحسب: { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ }.
وقد استغرق هذا القسم حوالي نصف السورة، من بداية السورة حتى الآية (99)، وإن شئنا الدقة فإن الثماني عشرة آية الأولى كانت بمثابة التمهيد له، ثم كانت البداية الحقيقية لهذا القسم في الآيتين ( 19، 20 ) ذكر فيهما مصطلح "الإسلام" أربع مرات، حيث بدأ بإنكار أهل الكتاب الإسلام، وهم يعرفون صدق نبيه صلى الله عليه وسلم.
ثم أعاد القرآن الكريم ذكر جريمتهم هذه في وسط الفقرة ( الآية 67 )، ثم في أواخرها ( الآيات 83: 86 ) حيث ذكر فيهن مصطلح " الإسلام " ثلاث مرات.
* وقد كان التمهيد في الثماني عشرة آية الأولى مناسبًا جدًّا لموضوع السورة ككل وذلك بذكر التوراة والإنجيل؛ وهما كتابا أهل الكتاب الذين تتحدث السورة عن نواياهم وخطاياهم. { نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) }، ثم كان مناسبًا كذلك لموضوع القسم الأول ( فضح خطايا ونوايا أهل الكتاب ) من ناحيتين.
أولًا: بذكر استحالة إخفاء شيء على الله عز وجل: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) } وهذا يناسب موضوع الفقرة من كشف المخفي؛ فقد علم وقدر ما يحدث في الأرحام فكيف لا يعلم سرائر الناس؟ ثم أكد تعالى على هذا الأمر – ألا يخفى عليه شيء - في ثنايا آيات القسم الأول من السورة: { قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) }.
ثانيًا: بالدعاء: { رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) } لأن البيان - الذي هو موضوع القسم الأول من السورة - هو الدلالة التي تفيد إزالة الشبهة المذكورة في الآية السابقة ورفع الزيغ والالتباس والهداية إلى وضوح الأمر بعد الضلالة.كما مهدت هذه المقدمة لأول موعظة في القسم الثالث من السورة ( موعظة ما بعد القرح ) بقوله تعالى: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ... (13) } يقصد غزوة بدر؛ فكأنما يمهد بهما لقوله تعالى في القسم الثالث: {.. وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ.. } ومهدت كذلك للحث على الجهاد المذكور في وصية القسم الثالث من السورة ( الآية 146 ) والآيات (156 – 158 ), مهدت له بالآيات (14, 15 ).
* وقد كان أهم ما في القسم الأول بيان أن سبب اختلاف أهل الكتاب معنا واعتراضهم وكتمان ذكر الإسلام عندهم هو الحسد على نزع الملك والنبوة منهم إلى قوم آخرين هم العرب المسلمين: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)} والعجيب أن مسألة نزع الملك والنبوة من اليهود لا زالت مكتوبة عندهم في كتبهم: "ملكوت الله - المملكة الإلهية - سينزع منكم ويعطى لأمة تؤتي ثماره.." (إنجيل متى 21: 43) ثم تذكر سائر كتب التوراة صفات هذه الأمة الوارثة التي لا تتطابق إلا مع العرب قبل الإسلام ألا وهي:
ثم شبه القرآن الكريم ملك ونبوة العرب المسلمين بالنهار والحياة؛ مثل قوله تعالى في موضع آخر: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ... } [الأنعام: 122]، وعبر عن ضلالة اليهود وملكهم المنصرم بالليل والموت، مثلما عبر في سورة الإسراء عن الإسلام بآية النهار وعن ضلالات وتحريفات اليهود بآية الليل.
* بعد أن فضح القرآن سبب حسد اليهود في الآيات السابقة أنهى ذلك بنهيين بقوله: { قُلْ } للتمهيد لموضوع آخر من القسم الأول للسورة؛ وهو تصحيح أخطاء أهل الكتاب في عقائدهم وقصصهم. وقد استغرق ذلك الآيات: { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)} إلى قوله تعالى : {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62) }.
* بعد ذلك تتابع الآيات مجادلتهم في مواضيع أخرى مثل الاختلاف حول إبراهيم وأن المسلمين أولى به لأنهم على توحيده وقد كان إبراهيم أول من استخدم مصطلح "الإسلام" على نطاق واسع، وهو ما يجده اليهود عندهم في كتاب " الترجوم- التوراة الآرامية " ( 17: 1 ) حيث أمر الله إبراهيم أن يكون (مستسلمًا = مسلمًا ) لله وهو ما نجده في القرآن الكريم : { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [ البقرة ]، وأنه هو الذي بنى الكعبة في مكة، واختار القرآن الكريم مصطلح ( بكة ) لأنه الاسم المكتوب عند أهل الكتاب حتى اليوم في سفر ( المزامير 5،6:84 ) ( وادي بكة ).
* ثم تستأنف الآيات فضح سلوك بعض أهل الكتاب من كتمان الحق المذكور عندهم ( الإسلام ) ومن إضلال الناس ونفاقهم وأكل أموالهم وتحريف كتب الله وشرائعه والصد عن سبيله.
الشاهد من أحداث غزة:
فضح القسم الأول من السورة قسوة قلب اليهود التي تمثلت ذروتها في قتل الأنبياء والصالحين: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) }، بل إن القرآن الكريم لم يلحق مصطلح "سفك الدماء" بأحد بعد ذكره على لسان الملائكة عند خلق آدم إلا بهم (كما قال الداعية المصري إهاب أبو المجد): { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ..} [ البقرة : 84 ]، هذه الدموية ذكرها اليهود لأنفسهم ( توراتهم الحالية ) : (( وأما مدن تلك الشعوب التي يعطيك الرب إلهك إياها ميراثًا فلا تستبق منها نسمة، بل دمروها عن بكرة أبيها ( تثنية 2 : 16، 17 )، (( والآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال.. )) ( عدد 31 : 14 – 18 ).
و (( حرموا كل ما في المدينة من الرجال وحتى المرأة ومن الشاب وحتى الشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، فقتلوهم بحد السيف)) ( يشوع 6 : 21 – 25 ).
هذه الدموية التي فضحها القرآن الكريم والتي اعترفوا على أنفسهم بها في كتبهم قد رأيناها في عدوانهم الشيطاني على غزة.
ورأيناها في قتل وإصابة 7000 مدنيًّا نصفهم من النساء والأطفال والإبقاء على معدل مائة شهيد فلسطيني أمام كل قتيل إسرائيلي.
رأيناها في عدوان كاسح على مدنيين عُزَّل استمر اثنين وعشرين يومًا، تشكل الطائرات الإسرائيلية بأدخنتها رقم كل يوم من أيام العدوان. رأيناها في تدمير أكثر من مائة مسجد تدميرًا شبه كامل.
صورة تشهد على مجازر اليهود في غزة
وكذلك تدمير المدارس ( خمسة منها تابعة للأمم المتحدة، وفي أثناء وجود لاجئين فيها بعلمهم ) وتدمير آلاف المنازل والأبراج السكنية واستهداف المستشفيات.
واستعمال الأسلحة المحرَّمة دوليًّا؛ كالفسفور والدايم واليورانيوم المنضّب لدرجة أن كثيرًا منها ظل مشتعلًا أيامًا بعد انتهاء الحرب فما بالنا حين يصيب الإنسان؟
ومنها ما تدخل جسيماته الصغيرة جسم الإنسان فيدمره حين يستقر به فيكون النزيف حتى الموت. وتجميع الناس في منزل واحد ليدمر بهم؛ كمنزل عائلة السِّموني رحمهم الله حين قتلوهم جميعًا ( مائة نفس ) بعد احتجازهم مدة يومين.
كل هذا بعد حصارٍ رهيبٍ دام أكثر من عام.
* هذه القسوة والدموية التي فضحها القرآن رأيناها كذلك في أعقاب أحداث غزة، في انتخاب اليهود الأكثر دموية وقسوة مثل "نتنياهو" بـ "لاءاته" العشر الشهيرة وتصريحه أن عرب 48 يشكلون قنبلة موقوتة، وليبرمان الذي يصف عرب 48 – أصحاب الأرض – بأنهم يشكلون تهديدًا أسوأ من حماس واقترح طرد مئات الآلاف منهم بعد تجريدهم من جنسيتهم، هذا السفاح يراه الصحفي الصهيوني المتشدد منتقد حركة السلام "مارتن بيريتز" من صحيفة "نيوربابليك" يراه من الفاشيين الجدد، ويراه رجل عصابات بكل ما للكلمة من معنًى!!. وفي هذا الوقت يشرئب كذلك "بيني موريس" المؤرخ الإسرائيلي الذي كان قد وثَّق عمليات الطرد الجماعي والقسري للفلسطينيين عام 1948م، إذا به يطالب بتهجير العرب الذين رآهم يشكلون طابورًا خامسًا(4) وينقلب على أفكاره القديمة المعتدلة.
القسم الثاني: وصية لعدم الوقوع في العنت { هُدًى وَمَوْعِظَةٌ }
وهو وصية للمسلمين حتى لا يقعوا في العنت الذي يريده أهل الكتاب لهم، وقد استغرق ذلك الآيات ( 100: 137 ). وهو موضوع الدراسة الأساس، وسوف نعرض بإذن الله كل وصيةٍ والشاهد منها من أحداث غزة.
بعد أن فضح الله تعالى سرائر وخطايا أهل الكتاب كان طبيعيًّا أن يسأل المسلمون: وماذا نفعل معهم إذًا؟ فكانت تلك الوصية العظيمة.
* وأية وصية تنقسم إلى أوامر ونواهٍ ( افعل ولا تفعل )، فعبر القرآن الكريم عن الأوامر بالهدى وعن النواهي بالموعظة،كما قال تعالى لنوح حين نهاه أن يدعو لولده الكافر : { إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [ هود] أي أن هذا القسم هو القسم الثاني من الآية 138 وهو: { هُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ }، كما كان القسم الأول هو: { بَيَانٌ لِلنَّاسِ } لكل الناس. أما الأوامر والنواهي فلا يمتثل لها إلا المسلمون المتقون؛ فلم يقل هنا: هدًى وموعظةً للناس !!.
وقد انقسمت هذه الوصية كما أسلفنا إلى ثلاث وصايا فرعية:
الوصية الأولى: فيما يختص بأهل الكتاب ( وهي موضوع مقالتنا الأولى هذه ).
وقد استغرقت – هذه الوصية – من الآية 100 إلى الآية 115 وهي تشمل بندين :
البند الأول: عدم طاعة المحاربين من أهل الكتاب
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) }.
وقد نزلت هذه الآية في " شاس بن قيس " وهو يهودي أفسد بين الأوس والخزرج بعد إسلامهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كادوا يتقاتلون لولا وقوف النبي صلى الله عليه وسلم بينهما. وقوله تعالى: { يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } يبدو أن الكفر المقصود هنا هو ما يعنيه الحديث الشريف المروي في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ » أي يجعلونكم تتقاتلون.
الشاهد من أحداث غزة:
شخصية اليهودي الذي يخطط ليؤلب فريقًا من المسلمين على غيره كشاس بن قيس قد تمثلت هنا بسياسي يهودي أمريكي من إدارة بوش سيئة الذكر يدعى "إليوت إبرامز".
صورة لإليوت إبرامز
وهو مدان سابقًا في فضيحة "إيران كونترا" ومدافع عن مجازر تمت في أمريكا الوسطى ( Elmogote massacre ) ومن دعاة احتلال العراق. هذا الشقي وضع خطة لإشعال حرب أهلية فلسطينية - راجع في ذلك "خطة إبرامز" لإشعال حرب أهلية فلسطينية موقع العربية www.alarabiya.net – وقد فضحت هذه الخطة مجلة "فانتي فير" الأمريكيةwww.vanityfair.com/politics ب(5) التي ذكرت أن الخطة التي أشرفت عليها "رايس" ووافق عليها بوش وبمساعدة شركاء إقليميين فشلت؛ لأن مقاتلي فتح المدعومين قاموا - عن غير قصد - باستفزاز حماس للاستيلاء على غزة.
والحق إن مسألة "من غير قصد" فيها نظر؛ لأن الاستعمار منذ الأزل يؤجج نار الحرب بين فرق المسلمين المتناحرة، بل ويدعم الطرف الأضعف أيًّا كان حتى يضعفوا جميعًا كما حدث في الأندلس(6)، وقد ذكر الأكاديمي الأمريكي الشهير فاضح اللوبي اليهودي في أمريكا "ستيفن والت" في مقالة في موقع مجلة السياسة الخارجية الأمريكيةFPل(7) أن إسرائيل حين انسحبت من غزة عام 2005م قد باعت أسلحة خفيفة للطرفين عن طريق وسطاء مأجورين للتضليل، وهو ما رآه أيضًا البروفيسير " ميرشايمر " الأستاذ بجامعة بوسطن، وهو من منتقدي اللوبي اليهودي في أمريكا . كما كان غريبًا أن يضغط بوش على عباس حتى لا يؤجل الانتخابات الفلسطينية بما يخدم مصالح فتح(8)! مما أغضب الكثيرين من فتح، ثم ضغط على فتح حتى لا تشارك في حكومة وحدة وطنية مع حماس وحرك بعض عملائه في فتح لاستفزاز حماس مما أدى إلى الاقتتال الداخلي المطلوب إسرائيليًّا وأمريكيًّا.
وهكذا كانت طاعة أهل الكتاب ( أمريكا وخطة "إليوت إبرامز" ) سببًا في اقتتال المسلمين قبل العدوان على غزة، بل إنه مهد له لأنه أعطى الفرصة لادعاء سيطرة من يسمونهم في الغرب بالمتطرفين الإسلاميين على غزة بعد هزيمة فتح وانسحابهم المفاجئ. بل يسمي الغرب غزة تحت سيطرة حماس غزَّستان وحماسِسْتان على وزن طالبان.
* الخطط الغربية الهادفة لوقوع الاقتتال بين المسلمين في المنطقة لم تقف عند ما قبل العدوان على غزة من اقتتال حماس وفتح، بل امتدت لما بعد العدوان.
البند الثاني: لا تنشئوا فرقًا تختلف مع ثوابت الدين
{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) } (9).
لأن ترككم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤدي إلى انشقاقكم ونشوء الفرق المختلفة في أصول الدين؛ كما حدث لليهود والنصارى على مدى تاريخهم. وهم - أهل الكتاب - لذلك سيرعون نشوء الفرق المخالفة في العقائد والأصول عند المسلمين . وما ينبغي أن يحدث هذا؛ لأن الله قد بـيَّـن لنا أدلة وآيات هذه المؤامرة وفضح لنا سرائر المعادي لنا من أهل الكتاب، فيجب علينا تنفيذ وصايا الله تعالى الذي لا يظلمنا بهذه الأحكام والوصايا التي هي صحيحة حقًّا، وهي من عند الله حقًّا، ووقوع المسلمين في هذا الشَّرك قد يؤدي إلى انقسام المسلمين إلى دولٍ نشأت على أساس الاختلاف المذهبي تتقاتل فيما بينها كما بيَّن تعالى في البند الأول للوصية.


يتبـــــــــــــــع



  #1244  
قديم 02-12-2013, 07:03 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق


وصايا آل عمران.. ومجزرة غزة


الشاهد في عصرنا وأحداث غزة:

صورة لصبحي منصور
* لم ير المعاصرون وقتًا نشأت فيه فرقًا ذات أفكار شاذة كعصرنا؛ فنرى منكري السنة الذين يسمون أنفسهم بالقرآنيين، ونرى غلاة الصوفية وغلاة الشيعة. وعلى الجانب الآخر نجد "الحداثيين" وهم غلاة العلمانيين ونسمع أخيرًا عن عودة البهائية. الكل يعمل ويستقطب الناس دون رادع، وقد كان مناسبًا جدًّا أن يذكر القرآن ذلك في معرض الوصية فيما يختص بأهل الكتاب؛ لأن كل هذه الفرق كلها مدعومة منهم. فالبهائية مركزها في الكيان الصهيوني ونشأت تحت رعاية الاحتلال الإنجليزي. كما أن أمريكا هي الداعم الأول لمنكري السنة وزعيمهم في مصر ( د. صبحي منصور ) الهارب عندها، وأعلن في ذروة أحداث غزة عن اضطهاد فرقته في مصر!.
ثم الحداثيين وممثليهم [ جمال البنا ونوال السعداوي وزكريا أوزون (صاحب كتاب "جناية البخاري" وكتاب"جناية الشافعي" وكتاب"جناية سيبويه"!) وسيد
القمني وغيرهم ].
فلا أدل على دعم أمريكا لهم من تقرير الخارجية الأمريكية "الإسلام المدني الديمقراطي" civil democratic Islam الذي يدعو صراحةً إلى دعم التصوف والحداثيين من أجل تغيير الإسلام نفسه!.
كما لا ينبغي لنا في معرض ذكر الفرق المخالفة للأصول أن ننسى ما يمكن أن نسميهم "المشرعين الجدد" ففي عام 2008م تبنت د.زينب رضوان وكيلة

صورة لكاتب جناية البخاري لزكريا أوزون
مجلس الشعب المصري مشروع مساواة المرأة مع الرجل في الميراث، ثم صدر قانون الطفل الذي شاركت في صياغته جهات كنسية غربية، ثم صاغ مركز قضايا المرأة المصرية مشروع قانون يؤكد حق الزوجة في نصف ثروة الرجل كالقانون الأمريكي(10)، ثم إقدام لجنة السياسات في الحزب الوطني المصري الحاكم على طرح تعديل على قانون الأسرة يمنع تعدد الزوجات(11)! وقبل ذلك فتاوى بعض علماء مصر والمملكة الرسميين في هذا الأمر من دعوة المرأة إلى ضرب زوجها إن ضربها أو تأتي بأبيها وأخيها لضربه!.
ثم السكوت على إقدام فرنسا على اشتراط "تأهيل" أئمة المساجد في المعهد الكاثوليكي، بل وتم تخريج الدفعة الأولى بالفعل (400 إمامًا) حسب ما أوردته القناة الخامسة الفرنسية في 11 / 2 / 2009م(12). وأخيرًا وليس آخرًا، إقدام الأزهر على الاتفاق مع بنديكت شاتم الإسلام على مراجعة الكتب المدرسية وتنقيتها من النصوص المسيئة للمشاعر الدينية! بل وإسناد رئاسة الاجتماع إلى الكاردينال "توران" أكثر المتحاملين على الإسلام(13).
خاتمة الوصية الأولى:
بعد ذكر بندي الوصية الأولى هذه خُتمت بذكر أن هذه الآيات هي وصايا الله وأحكامه التي لا يمكن أن تكون إلا من عنده والتي لا يمكن أن يكون فيها ظلم لأحد: { تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) }.
وإن لم تطبقوا هذه الأحكام فاعلموا أن عصيانكم هذا سيسوِّد وجوهكم أمامه تعالى، وعندئذٍ اعلموا في حق مَنْ أخطأتم إنه الذي له ما في السماوات وما في الأرض، فلا مهرب منه ولا بطش كبطشه { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) }، ثم يُرغِّب القرآن المسلمين بذكره أنهم في علم الله خير أمة فكيف لا يطبقون وصايا الله؟ { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}، ويُرغِّبهم ويحفزهم مرة أخرى حتى يبين لهم ضعف أعدائهم، وأن ضررهم بهم لن يكون ماحقًا فيستبيحوا بيضتهم أو يكسروا إرادتهم. وأنهم جبناء عند اللقاء مع المسلمين إذ يولوهم الأدبار. ثم بيَّـن القرآن الكريم سببًا مهمًّا لضعف أعدائهم هؤلاء إذ إن قوتهم ليست ذاتية بل إنها مرتبطة بجسور وحبال لهم مع غيرهم بعد أن قطعوا حبلهم مع الله الذي تعتصمون به أنتم يا مسلمون إن شاء الله - كما طولبتم في الوصية – ولو سعيتم لقطع حبلهم مع الناس هذا لانقطع الحبل السُّري لبقاء كيانهم. كما أنهم أذلاء بسوء اعتقادهم في الله وسوء أفعالهم خاصةً سفك دماء الأنبياء والصالحين، وكذلك بعصيانهم وعدوانهم، وهم بذلك يحملون غضب الله فكيف تخافونهم؟ { لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}.
الشاهد من أحداث غزة:
الشاهد في هذه الفقرة القرآنية من أحداث غزة أمران:
أولًا: جبن اليهود وضعفهم:{ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) }.
وقد تمثل ضعفهم في اعتمادهم على ضربات الطيران التي لا يملك أهل غزة سلاحًا مضادًا لها، واستخدام أسلوب الأرض المحروقة قبل التقدم ومرافقة الطيران لكل فصيلٍ متقدم، ثم في عدم تطبيقهم للمرحلة الثالثة التي أعلنوا عنها؛ وهي التوغل داخل المدن لا الأطراف فقط. وتمثل - كما روى المجاهدون - في ارتداء جنود اليهود للحفاضات! وقد اعترف "باراك" وزير الحرب الإسرائيلي وقتذاك وفي اليوم الثالث لمؤتمر "هرتسيليا" للأمن القومي بأن حماس نجحت في زراعة الخوف في قلب جنوده(14).
* وأما ضعف كيانهم فلا أدل عليه من اعتمادهم على دول كبرى؛ إنجلترا أولًا، والآن أمريكا التي شحنت لها أسلحة من قواعدها في اليونان في أيام العدوان، وهو ما حدث من قبل في حرب العاشر من رمضان.
ولقد حدد المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري عشر علامات لزوال دولة إسرائيل؛ منها تآكل المنظومة المجتمعية، وفشل صهر المجتمع عندهم - الروس الآن خمس اليهود بعد الهجرة من الاتحاد السوفيتي المتفكك - ومنها تدني مستويات الهجرة مقابل تزايد النزوح من إسرائيل، ومنها اتساع الهوة بين العلمانيين والمتدينين، والفشل في تحديد ماهية الدولة اليهودية التي يرى بعض حاخاماتهم أن إعلانها هو علامة انهيارها، ومنها عدم القضاء على السكان الأصليين ( الفلسطينيين ) والفشل فيما نجح فيه الغرب في أمريكا واستراليا من إفناء السكان الأصليين، بل إن أعداد الفلسطينيين تزداد فيما عرف بالقنبلة الديموجرافية، حيث يشكل فلسطينو 48 وحدهم 20% من سكان الكيان الصهيوني(15) في الوقت الذي تراجع فيه عدد اليهود في العالم إلى النصف خلال 37 عامًا نتيجة التحول عن اليهودية والزواج من غير اليهوديات وانخفاض نسبة المواليد(16).
وذكر المسيري أن من علامات زوال دولة إسرائيل كذلك استمرار المقاومة التي سماها "جرثومة النهاية للدولة الإسرائيلية".
وأخيرًا ذكر رحمه الله أن آخر علامات زوال دولة إسرائيل هو تَحدُّث بعض الأمريكيين أنها أصبحت تشكل عبئًا إستراتيجيًّا على أمريكا(17)؛ لا أدلُّ على ذلك من إنهاء العدوان على غزة قبل تنصيب "أوباما" رئيسًا لأمريكا بيوم واحد، وهي كما قال ربنا تعالى لا تقوم إلا بدعم خارجي، هذا الدعم يكون نظير قيام إسرائيل بوظيفتها الاستعمارية للغرب عندنا ؛ فإن فشلت أو هزمت هزيمة حاسمة واحدة انهارت تمامًا.
يعزز هذا أن اليهود لا يتحملون خسارة بشرية كبيرة لجبنهم وحرصهم على الحياة أيًّا كانت، كما أخبر ربنا تبارك وتعالى بذلك. ومن ينسى كيف كان أثر صواريخ القسَّام يدوية الصنع إبان العدوان من إصابات بالرعب والهلع بين اليهود؟.
لقد قال "بيريز" رئيس الكيان الصهيوني حين سئل في الذكرى الستين لكيانهم، إن كانت إسرائيل ستعيش ستين سنة أخرى - قال : اسألني هل ستبقى عشر سنوات قادمة؟!.
ثانيًا: ليس كل الكتابيين معادين لنا: { لَيْسُوا سَوَاءً }
فمن ينسى الحاخام اليهودي من جماعة "ناتوري كارتا" الذي أحرق جواز سفره الإسرائيلي في مظاهرات إنجلترا ضد العدوان؟.
وكذلك المؤرخ الإسرائيلي "شلومو زاند" الذي تكلم عن داود الفلسطيني وجوليات"جالوت" اليهودي الذي احتكر حق الدفاع عن النفس، ثم تمنى أن توقظ هذه الحرب ضمير العالم(18).
وكذلك الروائي الإسرائيلي المعروف "ديفيد بروسمان" الذي صرح بأنه يجب أن تفهم إسرائيل أن العيش مع جيرانها يقتضي القليل من الإحساس بالمعاناة البشرية(19).
ومن ذلك أيضًا بكاء مذيعة الأخبار الإسرائيلية الشهيرة "يونيت ليفي" على أطفال غزة مما عرضها للهجوم الشديد وتهمة التعاطف مع العدو!!.
وانتقاد المذيع الأمريكي اليهودي "جون ستيوارت" للموقف الأمريكي المتحيز لإسرائيل في برنامجه الشهير: "the Daily show "وسخريته الشديدة لذلك من بوش(20).
وأيضًا وصف المحقق الأممي اليهودي "ريتشارد فولك" الوضع في غزة بالوضع الذي كان في جيتو وارسو أثناء الحرب العالمية الثانية ( معسكرات النازي)(21).
أما "جدعون ليفي" الصحفي الإسرائيلي الشهير فقد وصف ما فعله اليهود في غزة بجريمة الحرب، وأضاف في فيلم وثائقي لقناة الجزيرة بعنوان "في الواجهة" أذيع في مساء 20 / 2 / 2009م: إذا لم يكن ما فعلته إسرائيل إرهابًا فما هو الإرهاب؟.
"إسرائيل وايز" الحاخام اليهودي المعادي للصهيونية هو وجماعته ذكر في فيلم الجزيرة سالف الذكر أن إسرائيل تستغل محرقة الماضي لممارسة محارق أخرى للفلسطينيين، وأنهى كلامه بقوله: صلوا من أجل زوال إسرائيل!.
المؤرخ اليهودي الأمريكي "نورمان فينكيلشتاين" عتب في ذات العمل على أوروبا التي تحارب تهريب السلاح إلى الضحية - أهل غزة - وختم كلامه بقوله: (( هذه الدولة الطائشة - إسرائيل - لا تتكلم إلا عن الحروب ، مولودة من رحم جهنم حيث يجب أن ترجع )).
وأخيرًا المحامي والسياسي اليهودي "أفيجدور فيلدمان" الذي وصف ما حدث في غزة بالمذابح الجماعية.
هذا عن المنصفين من اليهود، أما عن الغرب عمومًا فيكفي أن نعلم أن إنجلترا كانت ثاني دولة في مقاطعة إسرائيل؛ حيث طالب الحزب الليبرالي الديمقراطي - ثاني أكبر أحزاب بريطانيا – الاتحاد الأوروبي بقطع علاقاته التجارية مع إسرائيل(22)، كما ذكرت الكاتبة البريطانية "ناعومي كلاين" في جريدة "الجارديان" أن أفضل طريقة لإنهاء الاحتلال الدموي هي استهداف إسرائيل بالمقاطعة.
حتى اليهود من الإنجليز أدانوا إسرائيل مثل عضو مجلس العموم" جرارد كاوفمان" الذي قال : إن إسرائيل دولة إرهابية قامت على التمييز العنصري والإرهاب وطالب حكومته بمنع مد إسرائيل بالسلاح؛ لأن مجازر إسرائيل في غزة غير مبررة(23).أما الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" فقد ذكر في "الإندبندنت" أن وحشية إسرائيل في غزة تصل إلى مستوى حروب البلقان في التسعينات، وفي مقال آخر في بدايات الحرب هاجم الأنظمة العربية بشدة لفسادها وتراخيها مع إسرائيل.
كذلك طالب عمدة لندن السابق "لي ليفنجستون" بمقاطعة إسرائيل، أما الموقف الأكثر رجولة فكان من السياسي السكوتلندي"جورج جالاوي" الذي قاد مظاهرات يصل المشاركون فيها إلى ربع المليون، وهاجم المتخاذلين من العرب، وقاد قافلة من المساعدات من بلاده إلى غزة عبر شمال أفريقيا ومعه عدد من نواب البرلمانات الأوروبية!.
أما في سائر أوروبا فقد تواصلت المظاهرات في عواصم فرنسا وبلجيكا والدانمارك وأسبانيا والنرويج والسويد الذي تعرض السفير الإسرائيلي فيها إلى الضرب بالحذاء، بينما كان يحاضر في جامعة "ستوكهولم"(24)! أما في ألمانيا فقد كانت المظاهرات الأكبر، كما كشف استطلاع للرأي أن 70% من شباب ألمانيا قد تخلصوا من شعورهم التقليدي بالمسئولية إزاء إسرائيل(25).
أما في الولايات المتحدة فقد خرجت المظاهرات، وإن كانت ليست بزخم مثيلتها الأوروبية. كما ذكر الأكاديمي الأمريكي "جون ميرشايمر" أن إسرائيل قد خططت لهذه الجريمة منذ اتخاذها قرار الانسحاب من غزة في 2005م، العجيب أنه ذكر ذلك في مجلة يمينية متطرفةthe American conservativeب(26).
وقال أيضًا "رمزي كلارك" [المسئول الأمريكي السابق] في فيلم الجزيرة سالف الذكر أن ما حدث في غزة أسوأ من عام 48؛ إذ يريد اليهود من الفلسطينيين أن يخافوا ويرحلوا، وأن هذه جريمة حرب كحال أمريكا في العراق.
ذكر أيضًا "فرانسيس أنتوني بويل" الأكاديمي الأمريكي في ذات الفيلم الوثائقي أن العالم يجب أن يردع إسرائيل؛ لأن ما فعلته من إطلاق الرصاص على المصابين في المستشفيات جريمة حرب.
حتى الفنانين الأمريكيين تفاعلوا مع الحدث مثل المغني "مايكل هارت" الذي غنى أغنية عن المجاهدين في غزة عنوانها: "لن نركع"(27).
الأكثر عجبًا كان موقف أمريكا الجنوبية حيث خرجت المظاهرات الحاشدة وأقدم رئيسا كلٍّ من بوليفيا وفنزويلا على قطع العلاقات مع إسرائيل، مما أحرج العديد من المسئولين العرب، بل إن الرئيس البوليفي "موراليس" طالب بسحب جائزة نوبل للسلام من الرئيس الإسرائيلي "بيريز".
الخلاصة:
هكذا استعرضنا بفضل الله تعالى القسم الأول من سورة آل عمران "فضح خطايا ونوايا المحاربين من أهل الكتاب"، وشاهد ذلك من أحداث غزة.
ثم الوصية الأولى من وصايا آل عمران الأربع، وشاهد ذلك أيضًا من أحداث غزة. وكل هذا يُظهر مدى إعجاز نظم القرآن، وتماسك السورة الواحدة، بل وتلخيصها في آية واحدة. وبيان بصمة القرآن في الصيغة الواحدة رغم نزوله مفرقًا. كما بيَّن ذلك إعجاز نبوءات القرآن في كشف نوايا وخطايا أهل الكتاب كما نراها الآن ، وكذلك في تحقيق ما حذر منه القرآن حين لا ننفذ وصايا الله تعالى .
وإن شاء الله نكمل شرح سائر وصايا السورة على ذات المنهاج لاحقًا.
يستقبل الأستاذ هشام محمد طلبة رسائلكم وتعليقاتكم على المقالة على الإيميل التالي:
الموبايل: 0020111380373
الهوامش:
(1) خواطر تفسيرية حول أحداث غزة، جريدة الأسبوع المصرية، 30 / 1 / 2009م.
(2) بيان للناس وتعليق على الأحداث، مجلة التوحيد، العدد 446.
(4) « أكبر خطر تواجهه إسرائيل » فريد زكريا ، مجلة النيوزويك، 24 / 2 / 2009م.
" us plotted to overthrough hamas after election victory".www.guardian.co.uk (5)
(6) الضعف المعنوي وأثره في سقوط الأمم، د. حمد بن صالح السحيباني، كتاب المنتدى (ص101).
www.walt , foreignpolicy.com. (7)
(8) عباس عشية اجتماعه مع بوش: لا تأجيل للانتخابات، 26 / 5 / 2005م ( www.elaph.com . (
(9) الاختلاف المقصود هنا ليس ضد الاعتصام المذكور في الآية ( 103 ) لأن القرآن لا يكرر كلامًا، بل المقصود هنا الاختلاف مع ثوابت الدين الذي يؤدي إلى نشوء الفرق الضالة.
(10) جريدة الأسبوع القاهرية، 6 / 2 / 2009م (ص23).
(11) جريدة الدستور القاهرية، 22 / 2 / 2009م (ص1).
(12) « تهذيب الإسلام في فرنسا »، فهمي هويدي، جريدة الشروق الجديد القاهرية، 1 / 3 / 2009م الصفحة الأخيرة.
(13) جريدة المصري اليوم القاهرية، 28 / 2 / 2009م (ص1).
(14) جريدة الدستور القاهرية، بتاريخ 6 / 2 / 2009 (ص3).
(15) « أكبر خطر تواجهه إسرائيل » فريد زكريا ، مجلة النيوزويك، 24 / 2 / 2009م.
(16) قدمت هذه الدراسة في مؤتمر عقده في القدس "مركز تخطيط سياسات الشعب اليهودي" في يوليو 2007 وقد رأسه"دنيس روس" المنسق الأمريكي السابق للسلام في الشرق الأوسط الذي قال في المؤتمر : إن حل هذه المشكلة ليس سهلًا. فقد هبط عدد يهود أوروبا مثلًا خلال 37 عامًا من 1970م : 2007م بمعدل عشرة أضعاف من 11 مليون : مليون واحد !!.
(17) المسيري يحدد 10 علامات لزوال إسرائيل www.Islamonline.net، دراسات : تراجع عدد يهود العالم إلى النصف www.Islamonline.net.
(18) جريدة المصري اليوم القاهرية، 24 / 2 / 2009م (ص12).
(19) النيوزويك، عبد الرحمن سعيد، 24 / 2 / 2009م (ص22).
(20) جريدة الدستور القاهرية، بتاريخ 15 / 1 / 2009 (ص2).
(21) جريدة الأهرام القاهرية - 29 / 1 / 2009م - (ص5 ).
(22) جريدة الأهرام القاهرية - 8 / 1 / 2009م - (ص6 ).
(23) جريدة الشروق الجديد القاهرية، منير فخري عبد النور، 7 / 2/ 2009م.
(24) جريدة الأهرام القاهرية - 6 / 2 / 2009م - (ص5 ).
(25) جريدة الأهرام القاهرية - 15 / 1 / 2009م - (ص6 ).
(26) جريدة الشروق الجديد القاهرية، 7 / 2/ 2009م- (ص8).
  #1245  
قديم 02-12-2013, 07:05 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

تأملات إسلامية في مشاكل بيولوجية

د/ حسين رضوان اللبيدي

مدير مستشفى وعضو هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة

وعضو جمعية الإعجاز العلمي بالقاهرة وجنوب الوادي
مقدمة
لكل قضية دعوى ودعوى قضية الإسلام هي :
إن القرآن الكريم هو كتاب الله الخالد الباقي المحفوظ ليدين به الجميع وليكون دستوراً للعالمين لمن شاء منهم أن يستقيم.
وحيثيات الدعوة هي خلاصة علوم مقارنة الأديان والكتب المقدسة بجميع نواحيها في العقيدة والتوحيد والتاريخ والعلوم الإنسانية والكونية والتي بينت .
1- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الخالي من التناقض والاختلاف والتحريف والتصحيف.
2- إن القرآن هو الكتاب الوحيد المعجز في معانيه ومبانيه من أول كلمة إلى آخر كلمة فيه.
3- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ينزه الألوهية مما لا يليق بكمالها
4- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ينزه الرسل المكرمين من كبائر الإثم والفواحش.
5- إن القرآن هو الكتاب الوحيد الباقي كما أنزل والذي يرجع إسناده إلى المصدر مباشرة.
6- إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نجد منه نسخة وحيدة متطابقة في أي زمان ومكان.
7- إن القرآن الكريم عالمي في منهاجه فهو يحقق التوازن والعدل بين الإنسان ونفسه، والإنسان وأخيه الإنسان ، والإنسان والكون من حوله.
8- إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي نجد فيه إشارات علمية من الذرة إلى المجرة ومن النطفة إلى المخ البشري تتطابق مع الحقائق العلمية المكتشفة بأدق وسائل التقنية .
وعلى العموم فالقرآن كلام الله يشعر المستمع إليه أنه يأتي من السماء.
ولقد أفردنا في شرح ذلك كتاباً أسميناه -لماذا القرآن - ليكون رأساً لسلسلة -لماذا القرآن ولماذا الإسلام ؟ والذي منها هذا العمل الذي سنتناول فيه قضية علم الأجنة وما ترتب عليها من قضايا أخرى كقضية التلقيح الصناعي وطفل الأنابيب ، والاستنساخ وسيكون تناولنا للجانب العلمي والعقائدي لهذه القضايا ، أما الجانب الشرعي ( الحلال والحرام ) فهو متروك للفقهاء .
فالقضية العلمية المعملية قضية مجردة تهدف إلى كشف سر من أسرار الكون ، ولكن عندما تدخل للتطبيق الواسع بين البشر فقد ينشأ من جراء ذلك أخطار ومشاكل تحتاج إلى توجيه أو تقنين ، ومثال ذلك اكتشاف أسرار الانشطار النووي والطاقة الذرية ، كان في البداية كشفاً علمياً عن أسرار الذرة وطاقات الكون الكامنة التي تقدم للبشرية خيراً كثيراً من خلال الاستفادة من الطاقة المتولدة عنها ، ولكن عندما دخل استخدامها إلى أسلحة الدمار الشامل كان لا بد من تدخل المشرع ليدلي بدلوه في هذا الاتجاه الذي ينشر الفساد والدمار في الأرض .
فلا حجر ولا زجر على الأبحاث العلمية التي تكشف أسرار الكون ما دامت محدودة في المعامل ، ولكن عندما تدخل إلى حيز التطبيق فلا بد من تدخل المشرع لتقنيتها ووضع القواعد والضوابط والضمانات الشرعية لها .
أولاً : خلق الجنين
عندما كان العقل لا يملك من وسائل التقنية ما يمكنه من معرفة أسرار تكون الجنين من البداية ، وضع نظريات عن نشأة الجنين كالآتي :
1- الجنين من لا شيء عن طريق التولد الذاتي بالصدفة.
2- الجنين ينشأ من بذور تخرج من الرجل وتحمل صورة مصغرة وكاملة للطفل وما الزوجة إلا مكان ينمو فيه (بمعنى يزداد في الحجم)
3- الجنين ينشأ من الأم وما السائل الذكري إلا خميرة تعمل كعامل مساعد فقط .
وعندما أُكتشف المجهر وتطورت وسائل التقنية عرف العلماء أن النظريات السابقة لتكون الجنين لا أساس لها من الصحة ، وفي القرن التاسع عشر وما بعده عُرفت الأطوار الحقيقية للجنين كما يأتي :
أ- يبدأ تكون الجنين باتحاد النطفة المذكرة ( الحيوان المنوي )وهو يحمل نصف صفات الجنين مع النطفة المؤنثة ( البويضة ) وهي تحمل النصف الآخر للصفات وينشأ عن هذا الاتحاد نطفة أمشاج وهي الخلية الأولى التي تحتوي على صفات الجنين كلها وتسمى ( الزيجوت ) .
ومن هذه الخلية الأمشاج يتكون الجنين مرحلة من بعد مرحلة بتوالي الانقسامات لتكوين أعداد متزايدة من الخلايا المتشابهة في طور حر الحركة يتجه نحو تجويف الرحم وعند ذلك يكتسب خاصية العلوق وهنا يبدأ الطور التالي :
ب- طور العلقة : وفيها يتعلق الجنين بالرحم وتبدأ عملية تمايزه إلى طبقات ثلاثة مسطحة ليبدأ بعده طور المضغة .
ج- طور المضغة :وفي هذا الطور تظهر على الجنين مرتفعات ومنخفضات فيشبه بذلك قطعة اللحم أو اللبان الممضوغ وهو ما يسمى طور الأجسام البدنية والتي تتمايز إلى عظام وعضلات وغير ذلك .
د- طور ظهور الهيكل العظمي وكساءه بالعضلات :
في هذا الطور يبدأ ظهور العظام والعضلات من منطقتين متجاورتين بعدها تكسوا العضلات هيكلها العظمي وبعد انقضاء 120 يوم يظهر الشكل الآدمي لوجه الطفل .
· وكان الكشف العلمي الحديث لمراحل الجنين الحقيقية أحد الأدلة على صدق القرآن الكريم وإعجازه وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وعالمية الإسلام .
فقد لخص القرآن الكريم في إعجاز علمي باهر مراحل الجنين من النطفة إلى الخلق الآخر في آية واحدة كما يأتي :
يقول الحق في سورة المؤمنون )ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (وتشير هذه الآية في إعجاز إلى الحقائق التالية
1- الجنين لا يكون كامل من البداية بل يبدأ بمرحلة بسيطة تزداد في التعقيد مرحله بعد مرحلة وطور بعد طور .
2- الطور الأول بعد النطفة يشبه العلقة لأنه شكلاً مثل دودة العلق الطبي ولأنه اكتسب خاصية التعلق بعد أن كان قطرة حرة الحركة .
3- الطور التالي يشبه قطعة اللحم الممضوغ لظهور تغضنات عليه في بداية التمايز الجنيني .
4- تظهر بدايات العظام واللحم ويتحدد للهيكل العظمي هيئته البنائية .
5- يتم كساء الهيكل باللحم ( العضلات ) .
6- يتشكل في النهاية الشكل الآدمي المميز .
ولأن هذه الحقائق لم تكن معروفة حتى بعد نزول القرآن بأكثر من ألف عام فإن وجودها في القرآن يعتبر دليلاً يقينياً وعالمياً على صدق الرسالة وصدق الرسول وهذا ما دفع أحد أكبر علماء الأجنة في العالم بالقول " أشهد أن هذا الكلام (عن الأجنة ) الذي ذكره القرآن لابد وأن يكون قد نزل على محمد من عند الله " وكان ذلك في التليفزيون الكندي وعندما وجه إليه السؤال التالي : لماذا تقول ذلك ؟
فأجاب : لأن هذه المعلومات عن مراحل الجنين لم يعرفها العلماء إلا بعد أكثر من ألف عام من نزول القرآن فلابد وأن تكون هذه المعلومات من عند الله .
وكان هذا العالم الجليل هو أ . د/ كث المور وهو من أكبر علماء الأجنة في العالم
ولم يقتصر تفكير العلماء على معرفة خطوات الجنين ومراحله ، بل لاحظوا ظاهرة محيرة هي :كيف أمكن للخلية الواحدة أن تعطي خلايا مختلفة متميزة ؟
وبمعنى آخر : متى وكيف يحدث التمايز الخلوي ؟
وكان العلماء يعلمون أن مرحلة النطفة الأمشاج لها بداية ونهاية .
أما البداية:فهي خلية واحدة تسمى الزيجوت .
وأما النهاية :فهي مجموعة من الخلايا المتشابهة تماماً نشأت من انقسامات متتالية للخلية الأولى وكان العلماء أيضاً يعلمون أن المرحلة التالية هي مرحلة العلقة، وفيها يبدأ التمايز الخلوي بظهور خلايا متخصصة في طبقات ثلاثة.
الخارجة ، والوسطى، والداخلية، وهي مسطحات من الخلايا لا نجد فيها عوجاً ولا صدعاً، وبعدها يظهر في الجنين مزيداً من التمايز الخلوي بظهور الأجسام البدنية في طور المضغة والتي تتمايز بعد ذلك إلى العظام والعضلات وغيرها ويتم التمايز حتى ينشأ الجنين في أحسن تقويم وهنا ظهرت أسئلة محيرة :
كيف تحولت خلايا النطفة المتشابهة إلى ثلاثة أنواع من الخلايا المتمايزة في كائن العلقة ؟
وكيف تمايزت العلقة ذات الثلاثة طبقات وذات الأسطح المستوية إلى كائن متغضن عليه نتوءات وثنيات ويحفه على الجانبين عقد من البروزات المحددة في كائن المضغة ؟
ثم من الذي حول تلك البروزات إلى عظام وعضلات ؟
وبمعنى آخر: من أين جاء ذلك التمايز والأصل خلية واحدة متجانسة ؟
فيكون الجواب المنطقي :
لا بد وأن تكون هناك أوامر تصدر للخلية لكي تتمايز ، فيكون السؤال التالي :
من أين تأتي هذه الأوامر ؟
والجواب العلمي على ذلك : إنه لا يوجد إلا ثلاث طرق محتملة تأتي منها تلك الأوامر هي :
1- من نواة الخلية .
2- من المادة حول النواة .
3- من خارج الخلية .
وقبل أن ندلي بدلونا ونقدم اجتهادنا في هذا المجال هيا بنا في جولة علمية رائعة مع أسرار التمايز الخلوي .
أولاً : أبحاث على النواة :
تمكن د . جوردون ، د . لاسكي من إكسفورد من تنشئة ضفدعة بالغة عادية قادرة على التكاثر من بيضة غير مخصبة تحوي نواة خلية معوية متميزة ليرقة ضفدع وكان ذلك في الخمسينات ، وحديثاً قام بهذه التجارب د . مورون ومعاونوه في إنجلترا مؤكداً ما سبق ، وأن أي خلية حتى التي تمايزت تحتوي على كل الجينوم أو كل الصفات ولكن بعضها كامن والآخر عامل .
ثانياً : أبحاث على السيتوبلازم:
وجد العلماء هذه الظواهر الهامة :
1 - عند إزالة النواة من بيضة المنشطة فإن البويضة الخالية من النواة تتفلج (تنقسم) بصورة عادية ويقف التفلج عند بدأ مرحلة التبطين GASTRLATIONوهنا لابد من تدخل النواة بمعلومات وأوامر لاستكمال مشروع الجنين الكامل .
2- تجربة الهلال السنجابي :
في بعض بويضات الحيوانات الدنيا يظهر في السيتوبلازم هلال سنجابي بعد التلقيح ، فلو قمنا بفصل البيضة الملقحة فصلاً غير تام ، بحيث تبقى النواة في قطب ويبقى الهلال السنجابي في القطب الآخر ، ثم بعد عدة انقسامات من النواة سمحنا لنواة واحدة بالمرور إلى القسم الذي فيه الهلال السنجابي فإن القسم الذي فيه الهلال السنجابي يتكون منه جنين كامل والقسم الآخر الخالي من الهلال السنجابي لا يتكون منه جنين .
ثالثاً : التعويض:
من الملاحظ أن الحيوانات الدنيا تستطيع تعويض ما يفقد منها من أجزاء الجسم المختلفة بل إن بعض الحيوانات العليا تستطيع ذلك وفي الحقيقة أن عملية التعويض على المستوى الخلوي أمر شائع في الحياة وحتى في الإنسان يمكن تعويض كثيراً من الخلايا كبطانة الجسم وخلايا الكبد وغير ذلك .
ويكون السؤال الأول في هذا المجال هو ، كيف تتم عملية التعويض ؟
الجواب : يوجد طريقتان لذلك هما :
1- طريقة انقسام الخلايا المجاورة للمنطقة المفقودة وانتشارها لتغطي المنطقة المفقودة وهو أمر يحدث عند تعويض قطعة من الكبد أو الجلد مثلاً .
2- تكوين كتلة لها سمك من الخلايا غير متمايزة تسمى بلاستيما (Blastema)
والتي تتمايز وتتحرك فراغياً لتكوين المفقود وهي مشهورة في حالة تعويضذيل أو رجل مثلاً في بعض الحيوانات الدنيا
فيكون السؤال التالي : من أين جاءت هذه البلاستيما ؟
الإجابة ربما جاءت من خلايا حافة الجزء المقطوع أو من أنواع خاصة من الخلايا الاحتياطية والتي تعتبر (كامنة) في الظروف العادية وتتحرك مهاجرة عند الضرورة لتذهب للمكان الذي حدث فيه القطع حيث تتراكم وتتمايز في الفراغ ،وتسمى هذه الخلايا ((Neoblastأو(Interstitial) ويسمى التعويض بواسطة البلاستيما (Epimorphosis) .
هذا في الظاهر ولكن على المستوى الخلوي كيف تتم عملية التعويض ؟
وفي بداية البحث في هذه القضية سأل العلماء هذا السؤال : هل عملية التعويض نتيجة لأمر عام من الجسم أم أمر محلي في مكان القسم المفقود ؟
ولأجل كشف السر عن هذه المشكلة قام العلماء ببتر طرف من أطراف حيوان معين ثم قاموا بتعريض كل جسم الحيوان قيد التجربة للأشاعات المتأينة وشمل التعريض المنطقة المبتورة ، وراقبوا عملية التعويض فلم تحدث .
فقاموا في تجربة ثانية بتعريض منطقة البتر فقط فلم تحدث عملية التعويض أيضاً وفي تجربة ثالثة عرضوا الجسم ولم يعرضوا منطقة البتر فحدث التعويض ، مما يوحي بأن جهاز التعويض أو خلاياه العاملة موجودة في منطقة البتر أو القطع .
ولكن بقيت مشكلة هامة وهي نوعية الخلايا المستخدمة في التعويض ، هل هي من الأنواع المحلية المتمايزة والتي تقع على حافة القطع كالعضلات والعظام ، أم هي من خلايا أخرى كامنة غير متمايزة ؟
وللإجابة العلمية عن هذه المعضلة كانت هذه التجربة الرائعة والتي أجراها العلماء على حيوان بر مائي يشبه السحالي اسمه ( سَمنَدَل الماء ) وأجريت التجربة على إحدى أطراف السمندل كما يأتي:
بعد قطع جزء معين من طرف الحيوان :
1- قطع العلماء عظام الجزء الباقي ( غير المقطوع ) وعندما تمت عملية التعويض بنمو جزء بديل عن المقطوع لاحظ العلماء أن الجزء الذي نما حديثاً كاملاً حتى بعظامه بينما الجزء الموجود والملتصق بجسم الحيوان لم تنمو فيه العظام التي أزيلت وبقي خالياً من العظام فمن أين جاءت عظام الجزء النامي مع أنه ينمو من منطقة ما زالت بلا عظام ؟
يقول العلماء لا يوجد إلا طريقين لما حدث:
1- إن الأنسجة الغير عظيمة ( العضلات مثلاً ) تفقد تمايزها ثم تتمايز مرة أخرى إلى عظام مثلاً لتعوض ما فقد .
إن هناك خلايا كامنة غير متمايزة تنشط وتتمايز تحت هذه الظروف .
ولكن كيف يرجح العلماء هذا الطريق أو ذلك ؟
هذا ما سوف نراه في الأبحاث التالية:
استخدم العلماء وسائل ضرب النسيج الحي بجرعة مُشعة غير قاتلة للحياة وإن كانت معطلة لقدرة التعويض وقاموا بعد ذلك باستئصال أنسجة وزرع أخرى غير مشعة (سليمة) وراقبوا عملية النمو للتعويض ، وإذا بالمفاجأة المذهلة :
كثيراً من الأنسجة المزروعة في الطرف المبتور كقطعة عظم أو قطعة غضروف أو جلد سرعان ما فقدت تمايزها لتعود وتعطي أنسجة أخرى (غيرها) متعددة التمايز وتسمى هذه العملية (de /deffrentlation)أو تسمى(re /deffrentiation) .
وأيضاً وجد العلماء أن هناك داخل العضلات المتمايزة توجد خلايا بدائية تسمى(MUSCLE- SATELLITE)يمكنها عند الضرورة أن تتمايز إلى خلايا عضلية عاملة .
وتشير هذه الظاهرة إلى : أن التمايز في السيتوبلازم عكوسي بمعنى أنه قابل للنقض أي أنه ليس صفة ثابتة واصليه وهي ظاهرة تخص الحيوانات الدنيا ، أما الحيوانات العليا فلم تُشاهد هذه الظاهرة فيها الا في حالات نادرة وفي أماكن ضيقة كسلامية إصبع اليد .
ربعاً : مزج الأجنة:
من الممكن دمج جنينين من الثدييات معاً ليكون جنيناً عملاقاً ينمو بصورة عادية ، وحديثاً تمت تربية الفئران من ثلاث أجنة مدمجة تمثل ستة آباء !
وتشير هذه الظاهرة إلى : أنه في المراحل الأولى للجنين لا يوجد تمايز للنواة أو لما حولها وإنما يظهر التمايز بعد فترة .
خامساً : ولادة التوائم :
المقصود هنا التوائم ذات المشيمة الواحدة التي تنشأ من انقسام في الكتلة الداخلية بعد التعليق بجدار الرحم أي في طور العلقة .
وهذا يعني أن خلايا الكتلة الداخلية للعلقه لو انقسمت إلى عدة أقسام فإنها يمكن أن تعطي عدة أجنة لها مشيمة واحدة ، وهذه ظاهرة ملحوظة في الثدييات والإنسان ، وتشير هذه الظاهرة إلى أن التمايز يبدأ حول مرحلة العلقة في الثدييات والإنسان .
بعد هذه الجولة العلمية الراقية يمكن أن نخلص إلى ما يأتي :
1- إن السيتوبلازم يمكن أن ينقسم في المراحل المبكرة حتى بدون النواة
2- إن النواة لازمة لتكملة إنشاء الجنين
3- إن النواة المتمايزة تحتفظ بكل الجينوم (الصفات) التي تتمتع به النطفة الأمشاج أو الخلية الأولى (الزيجوت) بمعنى أن تمايزها يمكن أن يتوقف لتعود إلى مرحلة ما قبل التمايز .
4- إن السيتوبلازم المتمايز يمكن أن يعود إلى مرحلة ما قبل التمايز (التعويض) .
5- في الثدييات والإنسان يتأخر تمايز النواة وما حولها إلى مرحلة حول مرحلة العلوق ، أي في نهاية مرحلة النطفة .
وهنا نعود إلى الأسئلة السابقة :
هل أوامر النواة هي المسئولة عن التمايز الخلوي من البداية ؟ أم هو السيتوبلازم ؟ أم هو أمر قادم من خارج الخلية ؟
مستحيل أن يكون أمراً قادماً من خارج الخلية لأن الأمر القادم من الخارج يؤثر في كل الخلايا بنفس الدرجة لأن كل الخلايا متشابهة في الصفات والظروف والأحوال .
وغير جائز أن يكون الأمر المبكر صادراً عن النواة لأن النواة إذا أصدرت أمر التمايز فإنها إما تصدره لغيرها أو لنفسها استحالة أن تصدر الأمر لغيرها ؛ لأن أمر كل نواة ينتهي في السيتوبلازم الخاص بها وغير جائز أن تصدره لنفسها فكيف تأمر النواة نفسها إن توقف بعضها وكل الصفات في نواتها ممكنة بنفس الدرجة ، بمعنى لا ترجيح لصفة على صفة بالإضافة إلى أن الوسط الذي يحيط بالنواة لا تمايز فيه في ذلك الوقت ، ولو كان الأمر متأصلاً في النواة من البداية ما عادت لكامل تشكيلها الجيني الأول عند تهيئة الوسط الأولى لها ، فهي محتفظة بحياة كل الجينوم من البداية إلى النهاية .
فلا يبقى إلا أن يكون الأمر قادماً من المنطقة حول النواة (السيتوبلازم، والقشرة) ولكن عندما قام العلماء بشفط نسبة كبيرة من السيتوبلازم لم يؤثر ذلك على كفاءة الانقسام ، إذن لم يبقى إلا منطقة القشرة حول السيتوبلازم .
ولقد شاهد العلماء أدلة تؤكد ذلك ، وذلك لأن في قشرة البويضات اللافقارية مناطق مختلفة هي المسئولة عن تمايز الجهة المقابلة لها من النواة ، بمعنى أن هذه البويضات (الزيجوت) عندما تنقسم فإن كل قسم من القشرة يحوي عاملاً مختلفاً عن القسم الآخر فتتمايز النواة تبعاً لذلك .
ووجد العلماء أيضاً أن التمايز في القشرة يبدأ مبكراً بعد الإخصاب مباشرة بحيث أن أي انقسام يتم بعد الإخصاب يتخلف عنه فلجات (الخلايا) تشكل كل فلجة من البداية جزء من كل وأي فقد لأي خلية مبكراً يؤدي إلى فقد قسم من مشروع الجنين ينقص قسم من بنائه .
وأوحت هذه الأبحاث بأن عامل التحديد في السيتوبلازم أو في القشرة عامل أصيل ونهائي بمعنى أنه غير عكوسي (ثابت) ولكن ملاحظات لظواهر علمية نقضت هذا الاعتقاد ، وكان من هذه الظواهر التعويض وقد رأينا فيه نقض التمايز بعودة السيتوبلازم المتمايز إلى حالته الأولى الغير متمايزة وأيضاً مزج الأجنة المختلفة والذي نتج عنه جنين واحد وكل ذلك يزيح دور السيتوبلازم وقشرته عن موقع القيادة ، هذا بالنسبة للحيوانات الدنيا


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــع




  #1246  
قديم 02-12-2013, 07:06 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق

تأملات إسلامية في مشاكل بيولوجية


أما بالنسبة للثدييات وخصوصاً الإنسان فالقضية مختلفة إلى حد بعيد كما يأتي :
في مراحل الجنين الأول وحتى طور العلقة أو ما قبلها بقليل كل الخلايا بنواتها وما حول النواة لا تمايز فيها بحيث يمكن لأي خلية أو أي قسم من المجموع أن يعطي كائن كامل لا نقص فيه ، وإن فقد خلية أو مجموعة من الخلايا في هذه المرحلة لا يخل أو ينقص من تركيب الكائن النهائي .
وكان من الأدلة على ذلك في الإنسان ولادة التوائم المتعددة التي تزداد على الستة والذين يشتركون في مشيمة واحدة وفي هذا دليل على أن كتلة الخلايا قد تقسمت بعد عملية العلوق أي في بداية الدخول إلى طور العلقة وهذا يعني أن الخلايا حتى نهاية مرحلة النطفة وبداية مرحلة التعلق ما زالت غير متمايزة أي أن كل مجموعة من الخلايا يمكن أن تعطي إنساناً كاملاً لا نقص فيه .
إذن كيف حدث التمايز بعد ذلك ؟
أو كيف تنشأ من هذه الخلايا الغير متمايزة خلايا متمايزة ؟
وقد بينت الظواهر العلمية التي سبق أن ناقشناها ما يأتي :
1- التميز ليس أمراً من النواة ، لأن النواة فيها كل الجينوم من البداية ولا ترجيح فيه لصفة على صفة حتى مرحلة ما قبل العلوق (في الثدييات والإنسان) وبعدها يأتي الأمر للنواة بالتمايز ، بأن تبقى بعض الجينات نشطة وتكمن الأخرى .
2- التمايز ليس أمراً أصيلاً في السيتوبلازم من البداية لأن السيتوبلازم من البداية حتى نهاية النطفة غير متمايز (في الثدييات والإنسان) ويحتاج إلى أمر يُحدث له التمايز.
صورة حقيقية للنطفة وهي تخترق البيضة لتلقيحها
3- إذن لا مفّر من الإقرار بحتمية خلق أحداث لم تكن موجودة في منطقة النواة وما حولها ، وهذا الخلق يبدأ مع مرحلة العلق وفيها .
وبينما يصل العلم الحديث بأدق تقنية إلى هذه الحقيقة نسمع صوت القرآن الهادي يرتل )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين(.
يا الله إني عاجز عن أن أوفي إعجاز كتابك حقه وكيف لي ذلك وأنا الفقير بذاتي لا فضل لي إلا بك ولا علم لي إلا ما علمت . هذه الآيات والتي استخدم فيها الحق سبحانه الفعل (جعل) مع النطفة والفعل (خلق) مع كل الأطوار بدءاً من العلقة لهي إشارة علمية معجزة إلى عملية التمايز ، بأنها تبدأ بعد النطفة ومن مرحلة العلقة وهو تمايز لا يتم دفعة واحدة بل على دفعات متتالية تأخذ بعضها بأعناق بعض .
ولكن كيف يتم استنباط ذلك من الآيات ؟
هذا ما ستعرفه بعد جولة مع أسرار الفعل (جعل) وأسرار الفعل (خلق) .
يقول أ . د / علي اليمني دردير في كتابه الرائع : أسرار الترادف في القرآن .
ويختلف التعبير بلفظي (خلق) و (جعل) في لغة القرآن في الآية الواحدة كما في قوله تعالى : )الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور).
فالفعل (خلق) يدل في اللغة على الإيجاد بعد العدم ، والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق ، ولهذا فهو يباشر مفعوله دفعة واحدة .
أما (جعل) فيفيد التضمين والتصيير والتحويل والانتقال ولهذا فهو فعل يباشر مفعوله حالاً بعد حال فيتعدد فيه المفعول وتتدرج فيه الأطوار .
ولما كان الشأن في خلق السموات والأرض إيجاداً بعد عدم وإبداعاً على غير مثال عبر عنه بالفعل (خلق) ليدل على أن ذلك مرحلة في الإنشاء قائمة بذاتها ولما كان الشأن في الظلمات والنور أن تأتي تابعة لغيرها مترتبة عليه مسبوقة به وأن الإيجاد فيها إيجاد تحول وانتقال وليس إنشاءً وإبداعاً ، عبر عنه بالفعل (جعل) ليدل على أنه مرحلة في الظهور لاحقة لمرحلة في الخلق سابقة وطور في الوجود يتجدد ويتكرر حالاً بعد حال.
وقد ذكر الإمام / عبد العزيز يحيى الكناني المكي في كتابه القيم (الحيدة) أن (جعل) الذي هو على معنى التصيير موجود في القرآن الموصول الذي لا يدري المخاطب به حتى يصل الكلمة بكلمة بعدها فيعلم ما أراد بها ، وإن تركها مفصولة لم يصلها بغيرها من كلام لم يفهم السامع لها ما يعني بها ، ولم يقف على ما أراد بها ، وضرب لذلك أمثلة منها :
)يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض (فلو قال : ( إنا جعلناك ) ولم يصلها بخليفة في الأرض ، لم يعقل داود ما خاطبه به عز وجل ، لأنه خاطبه وهو مخلوق فلما وصلها بخليفة ، عقل داود ما أراد بخطابه .
الشكل التالي يوضح الجنين في بطن أمه
وكذلك حين قال لأم موسى :)وجاعلوه من المرسلين (فلو لم يصل (جاعلوه) ب (المرسلين) لم تعقل أم موسى ما عنى الله عز وجل بقوله وجاعلوه إذا كان خلق " موسى " متقدماً لرده إليها ، فلما وصل جاعلوه بالمرسلين عقلت أم موسى ما أراد الله عز وجل بخطابها .
وبعد هذه الجولة العلمية نقول أن (جعل) في الآية )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ( بمعنى صيرناه أي تحول من صلب الذكر إلى رحم المرأة ، وهذا ما قاله الطبري ، وجاء في تفسير روح المعاني للألوسي : فهنا (جعل) بمعنى تحول أو نقل من مكان إلى مكان إنها عملية نقل أو تحويل فحسب ، أما الفعل (خلق) فهو يدل على الإيجاد بعد العدم والتقدير والإبداع على غير مثال مسبوق .
ولأن الآية تصف مراحل جنين الإنسان بالذات فإن استخدام (جعل) مع النطفة (وخلق) بعد مرحلة النطفة يعني أنه في مرحلة النطفة تبقى الخلايا بلا تمايز حتى إذا انتهت مرحلة النطفة لتبدأ مرحلة العلقة خلق الله أحداثاً لم تكن موجودة داخل الخلايا تدفعها للتمايز إلى علقة فمضغة وهكذا مرحلة بعد مرحلة وخلقاً من بعد خلق .
وهذا ما تأكد تماماً كما بينا في قضية التمايز الجنيني فالتمايز يبدأ مع العلقة وقدمنا الأدلة على ذلك . بل إن الفعل (جعل) المصاحب للنطفة يعطي الضوء الأخضر للعقل في بحوثه في مجالات شتى ومنها التلقيح الصناعي ، وطفل الأنابيب .
فالتلقيح الصناعي مشابه للتلقيح العادي ، فكما أن التلقيح العادي عبارة عن حقن السائل المنوي بواسطة آلة الذكر ، فإن التلقيح الصناعي يتم فيه حقن سائل الأب بواسطة محقن خاص في رحم الزوجة ليلتقي بالبويضة مكوناً نطفة أمشاج ، فكلا العمليتين استخدم فيها طريقة الحقن ، فليس في العملية تحدي لقدرة الله أو إرادته ، فلا يكون إلا ما أراد الله وهو سبحانه خالق كل شيء ، خالق العالم والعلم والمعلوم بل وخالق أدوات العلم .
)والله خلقكم وما تعملون ()خالق كل شيء ()أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (.
والفعل (جعل) في الآية يسمح بذلك ، فجعل بالنسبة للنطفة المذكرة هو فقط عملية نقل لها إلى الرحم ، نقل مخلوق لله إلى مكان مخلوق لله معد لذلك . وسواء تم النقل بآلة الذكر أو بآلة مصنوعة فهي داخلة تحت الفعل (جعل) لا تتعداه.
أما طفل الأنابيب فهو عبارة عن عملية جمع تتم خارج الرحم في أنبوب مجهز بسائل مناسب للحياة يتم فيه الجمع بين النطفة المذكرة المخلوقة لله مع النطفة المؤنثة المخلوقة لله ، وحتى إذا التقى الحيوان المنوي بالبويضة تكونت منهما النطفة الأمشاج التي تبدأ في الانقسام حتى مرحلة العلقة وكل خلية تنشأ عن الانقسام هي تكرار للنطفة الأمشاج ، فهي نطفة أمشاج من البداية وكل خلية تالية بعد ذلك هي أيضاً نطفة أمشاج ، وبعد تكون النطفة الأمشاج داخل الأنبوب يقوم العلماء بحقن النطفة الأمشاج داخل الرحم ولا بد أن تصل إلى الرحم مبكراً في مرحلة النطفة وإلا هلكت وفنيت .
والآية )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (تسمح بذلك ، فالفعل (جعل) بمعنى صير أو نقل (ونطفة) تشمل النطفة المذكرة، والمؤنثة، والنطفة الأمشاج، ولأن النطفة الأمشاج هي الأصل لتكوين الجنين من البداية، فالنطفة بجميع أشكالها ومراحلها تخضع للفعل (جعل) ولا مكان لتلبيس إبليس هنا، وقد قلنا أن الحق قد أعطى الضوء الأخضر بالفعل (جعل) بالنسبة للنطفة عموماً من النطفة المذكرة إلى النطفة الأمشاج .
وتدخل قضية الاستنساخ تحت مظلة الفعل (جعل) مرتبطاً بالنطفة (الأمشاج) … كيف ؟ هذا ما سنعرفه بعد قليل .
قضية الاستنساخ
إن قضية الاستنساخ من القضايا الخطرة وخصوصاً في ميدان العقائد عندما يدخل فيها تلبيس إبليس ، فهي قضية يطل منها وجه الشيطان القبيح ، وهذه القضية تحتاج إلى إمعان فكر ، فهيا بنا نتابع أسرار هذه القضية وتلبيس إبليس فيها .
1- عندما لاحظ العلماء أن خلايا الجنين بعد عدة انقسامات تبدأ في التمايز ، فهذه تعطي جلد وتلك تعطي عظم … وهكذا ، وكان العلماء يعلمون أن الخلايا الأولى تحتوي في أنويتها على كل صفات الكائن (كل الجينوم) .
وهنا سأل العلماء ماذا يحدث لبقية الصفات داخل النواة عندما تتمايز الخلايا ؟
2- للإجابة عن هذا السؤال قام العلماء بنزع نواة خلية متمايزة (جلد مثلاً) من حيوان أبوزنيبه ووضعوها بدلاً عن نواة بويضة ضفدع بالغة غير مخصبة وتركوها تنمو فماذا وجدوا ؟
لقد وجدوا أمراً عجباً وجدوا أن هذه الخلطة أعطت أبوزنيبة كامل وكان ذلك سنة 1952 ، وعندها عرف العلماء أن نواة الخلية المتميزة (جلد أو عظم أو غير ذلك) تحوي في نواتها كل الصفات التي توجد في نواة النطفة الأمشاج دون نقص أو خلل ، ولكن بعضها يكمن والبعض الآخر ينشط . ومن هذا الوقت وجهد العلماء لم يتوقف في هذا المجال الذي انتهى بمولد النعجة دللي .
فنواة أي خلية في الجسم (ما عدا الجنسية) تحتوي على كل الصفات (الجينات) فهي نسخة مكررة للنطفة الأمشاج ، ولكن خلق أحداث في الخلية في نهاية النطفة يجعل بعض الصفات تكمن وبعضها ينشط أو يستمر نشيطاً .
فإذا أخذنا نواة أي خلية متميزة ووضعناها في وسط سيتوبلازمي لنطفة مؤنثة (أي بويضة غير ملقحة ومنزوعة النواة ) فإن المجموع سيشكل نطفة أمشاج كالتي بدأ منها الجنين ، وتعود كل الصفات للنشاط والعمل كما لو كانت (الزيجوت) الأول أو النطفة الأمشاج الأولى ، وبعدها تخلق أحداث تميزها إلى علقة فمضغة فعظام… ألخ .
وباختصار العملية ما هي إلا وضع نطفة أمشاج مخلوقة لله وجاهزة مسبقاً في رحم مجهز لذلك ليتم بعدها تخليق الجنين بإذن الله خلقاً من بعد خلق ، وكل أفعال العلماء -وهم عباد الله - تدور حول منطقة النطفة لا تتعداها وكل أفعالهم ما هي إلا عملية تؤدي إلى تصيير نطفة أمشاج في رحم مجهز لاستقبالها فهي عملية نقل أو تحويل لا خلق فيها وتدخل تحت مسمى (الجعل) .
وهذه التجارب قد تمت في الحيوانات الدنيا وأخيراً في الثدييات ، وقد لا تنجح في الإنسان لخصوصيته ولكن لو فرضنا جدلاً أنها ستنجح في الإنسان ، فهل سيعتبر ذلك تدخلاً في الخلق؟
أقول : لا ، بل تدخل أيضاً تحت مسمى الجعل الذي ذكره الله في الآية مرتبطاً بمرحلة النطفة الأمشاج في الآية التي بدأت كما يأتي :
)ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين (والسلالة من طين هنا مقصود بها سلالة من آدم كما جاء في الطبري وغيره ، وبعدها قال الحق : )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (فبملاحظة (ثم) هنا وبملاحظة الفعل (جعل) وربط ذلك بالنطفة الأمشاج يمكن أن نستنتج أن المقصود هنا هو أحوال تخليق الجنين بعد آدم وأنه يبدأ بتصيير النطفة الأمشاج لتستقر في الرحم المقدر لها مجرد نقل وتصيير وبعدها تُخلق أحداث لم تكن موجودة تحول الخلية الواحدة أو الخلايا المتعددة المتشابهة تماماً إلى خلايا متباينة في أنسجة مختلفة ومتداخلة في كائن غاية في الإبداع )ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (.
ومن الإعجاز الباهر أن تأتي الآية في هذا التركيب :
)ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما … ( وفيها ارتبط طور النطفة بالجعل وباقي الأطوار بالخلق ، حتى إذا جاء العلماء في آخر الزمان وجهزوا في المعامل نطفة أمشاج من أجزاء حية مخلوقة لله ثم نقلوها إلى رحم قابل لها فإن ذلك لا يعتبر تدخل في الخلق بل هي خطوة يسمح بها الفعل (جعل) .
وفي الحقيقة فإن الله خالق الصانع والصنعة والمصنوع )خالق كل شيء ()والله خلقكم وما تعملون ( .
ولكن أليس في هذه التجربة فتنة للعامة ؟
أقول : نعم ، ولا ، كيف ؟
نعم: لأن إبليس وأعوانه من الملاحدة سيصيحون ها هو الإنسان قد بدأ الخطوات الأولى لخلق الجنين ، أو يقولون : أن الإنسان تدخل في شأن من شئون الله أو ملائكة الله كما تقول الأديان ، وهم بذلك يريدون أن يلبسون الحق بالباطل لتهتز عقائد المؤمنين .
ولا: لأن المؤمن المتمسك بكتاب الله الحق وبمعجزته الخالدة المحفوظة القرآن وبسنة المصطفى سيجد فيهما ما يحصنه ضد الشكوك ويقيه من الزيغ أعاذنا الله منه .
وكما بينا بطريقة علمية أن الأبحاث كانت في حدود لا يمكن أن تسمى (خلق) بل هي عملية (جعل) وأن العلماء لم يخلقوا شيئاً بل استخدموا مخلوقات لله جاهزة )أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (وتحت كل الظروف فالكتاب والسنة قد حسما هذه القضايا وما يجد فيها بأن الله سبحانه خالق الصانع والصنعة والمصنوع ، وأن كل أفعال العباد مخلوقة له سبحانه وتعالى . )خالق كل شيء (ومع أن التزاوج بين الذكر والأنثى مقدمة لتخليق الجنين بإذن الله فإن قضية التزاوج قضية لها شخصيتها المستقلة ، فقد يحدث تزاوج لا يؤدي إلى تخليق جنين وقد يحدث تكوين جنين بلا تزاوج (وهو شيء معروف في علم الحيوان ويسمى بالتكاثر العزري ) .
فقضية التزاوجأو الزوجية تشير إلى آية تجعل العقل المؤمن يتسائل :
من الذي قدر للزوج زوج يسكن إليه لتكون بينهما مودة ورحمة ؟ ومن الذي قدر في أحدهما نطفة مذكرة فيها نصف عدد الصفات وفي الآخرى المؤنثة النصف الآخر ؟ ومن الذي جمع بينهما في لقاء فيه مودة وعلاقة ممتدة فيها رحمة ؟ .
فالزوجية آية ، وتخليق الجنين آية أخرى والربط بين الآيتين آية ثالثة ، لأن فيهم معنى الامتداد (الأبناء من الأصلاب ) وبأمشاجها تقوى وتتباين الصفات (صفات الأم وصفات الأب) .
وما يسمح الله من بحوث علمية يترتب عليها أحداث من خلق الله أو ظواهر في الخلق تخرق العادة إلا لحكمة ، كما أشار القرآن إلى خلق آدم بلا أم ولا أب وخلق حواء من آدم بلا أم ، وخلق عيسى بلا أب ، وكما أظهر سبحانه لصاحب الحمار العظام المبعثرة وهي تنشز ثم يكسوها اللحم من العدم لتدب الحياة في الحمار بلا مقدمات بلا تزاوج أو أجنة ، وكما شهد إبراهيم عليه السلام الطير المقطع وقد اتصلت أجزائه ودبت فيه الحياة بإذن ربه .
وكذلك لا يحدث شيء بمشيئة الله إلا ويحمل آية ، فهل في الاستنساخ آية ودلالة تعود إلى العقل بمعاني إيمانية ؟ أقول : نعم ، كيف ؟ .
1- أظهر الاستنساخ أن كل خلية متمايزة فيها كل صفات الكائن ، فمثلاً خلية الجلد فيها صفات الجلد واللحم والعظم والعصب والدم وغير ذلك ، فمن خلق فيها التخصص ، ومن رجح صفة بعينها من بين إمكان كل الصفات بنفس الدرجة ؟
2- أظهر الاستنساخ معجزة الذكر والأنثى ، فإذا كانت الخلية الأولى كما يقول رجال التطور فيها صفات الذكورة أو الأنوثة مثلاً فكان من المنطق أن تستمر هذه الصفة الواحدة إلى ما لا نهاية فمن الذي خلق الجنس الآخر ؟ وإذا كانت الخلية الأولى لا تحمل أي جنس فمن الذي خلق الذكر والأنثى من لا شيء ؟
3- بين الاستنساخ أنه يمكن أن يخرج من جلد الإنسان مثلاً (برعم) ينمو منه نسخة مثله تماماً فيها كل صفاته (وهناك بعض الكائنات تتكاثر بهذه الطريقة) ، فماذا سيحدث لو كان التكاثر في الإنسان بهذه الطريقة من البداية ؟ .
حتماً كان ذلك سيؤدي إلى خروج نماذج متشابهة تماماً لنسخة واحدة لجنس واحد ولأدى ذلك إلى خلق بلا معنى بلا هدف بل وبلا وعي في ذلك الكائن المكلف ولكن خلق الزوج المقابل في الإنسان وجعلهما يتزاوجان نتج عنه نماذج مختلفة وألوان شتى شعوباً وقبائل ، فظهر الوعي والمعاني والأهداف وأصبح لذلك المخلوق المكلف قيمة راقية ، فمن الذي قدر كل ذلك ؟ ومن الذي خلق ؟
4- النسخ بين إمكان خروج إنسان من غير أب بمعنى أن ذلك من الممكنات العقلية ، فأبطل بذلك إدعاء من قال بتأليه عيسى لأنه خلق من غير أب .
5- النسخ قدم دعماً عقلياً للحديث الصحيح الذي أشار إلى أن كل إنسان سيبلى بعد تحلله إلا جزء صغير من عظامه يسمى ( عجب الذنب ) وهو يشبه ذرة من خردل (حجم خلية واحدة) سيخرج منها نسخة طبق الأصل من الإنسان ولأن الخلية المذكورة في الحديث الصحيح خلية عظم متمايزة ، بمعنى أنها تحمل صفة جزء من كل ، فكيف يمكن أن يخرج منها كل الإنسان ؟ وعندما أثبتت أبحاث الاستنساخ أن كل خلية في الجسم حتى خلية العظام تحمل في نواتها كل الصفات اللازمة لإنشاء إنسان كامل قدمت بذلك دلالة علمية ودعماً يدل على صدق الرسول .
وأخيراً فإن ما تناولت في هذا البحث هو القسم الخاص بالعقيدة في قضية الاستنساخ ، أما القسم المتعلق بالشريعة (الحلال والحرام) فهو مجال علماء الشرع وهو الجانب الآخر من جوانب القضية .
ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله رب العالمين .

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــع


  #1247  
قديم 02-12-2013, 07:08 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو


يتبـــــع الموضوع السابق

تأملات إسلامية في مشاكل بيولوجية



خلاصة قضية الاستنساخ
قد لاحظ العلماء منذ عهد قريب حقيقة بيولوجية هي : أن الجنين يبدأ بخلية واحدة تسمى خلية الزيجوت أو النطفة الأمشاج ، ومعنى نطفة قليل من سائل أو قطرة حرة الحركة ، ومعنى أمشاج أخلاط فيكون معنى (النطفة الأمشاج) هو شيء سيال حر الحركة مكون من أخلاط وهذه الأخلاط هي محتويات الحيوان المنوي + محتويات البويضة وهذا هو الزيجوت الأول أو الخلية الأولى التي تنقسم داخل أنبوب الرحم فتصبح مجموعة من الخلايا المتشابهة تماماً على هيئة كرات صغيرة متجمعة كل كرة عبارة عن خلية فيها كل صفات الخلية الأولى (الزيجوت) بمعنى أن كل خلية يمكن اعتبارها تكرار أو نسخة مكررة من الزيجوت أو الخلية الأمشاج الأولى وفيها كل صفات الكائن ، بمعنى أنها لو فصلت من المجموع لأعطت كائن كامل لا نقص فيه ، وبعد أيام تكون قد وصلت إلى تجويف الرحم وعند ذلك تكتسب خاصية العلوق فتتعلق بجدار الرحم ثم تنمو منه في طور يشبه دودة العلق ومن هذه المرحلة يبدأ تمايزها فتظهر عليها أولاً تغضنات مرتفعات ومنخفضات فتشبه قطعة اللحم الممضوغ ويتوالي تمايز الخلايا فتظهر خلايا العظام والعضلات وغيرها من الخلايا المختلفة وقد وصف القرآن ذلك في إعجاز مبهر وقبل أن يعرف العلماء تلك الأسرار بأكثر من ألف عام يقول سبحانه )ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (وكان هذا الوصف العلمي لمراحل الجنين دليلاً علمياً عالمياً على صدق الرسالة وصدق الرسول وعالمية الدعوة .
وقصة الجنين تنتهي بتمايز الخلايا إلى خلايا جلد وخلايا عظام وعضلات وخلايا مخ ودم وغير ذلك ، وتبدو كل خلية لها صفة محدودة تحكمها وكأنها أخذت من الصفات الكلية الجزء الخاص بها فقط .
ولكن المفاجأة البيولوجية الحديثة أن العلماء اكتشفوا أن كل خلية متمايزة (متخصصة) تحمل في نواتها كل صفات الكائن الحي بمعنى أن خلية الجلد أو العظام مثلاً فيها صفات الجلد والعظم والمخ والدم وكل شيء بحيث تحمل كل خلية كل صفات الكائن الذي تنتمي إليه من البداية إلى النهاية ، ولكن بعض الصفات في حالة كمون والأخرى في حالة نشاط ، وبمعنى آخر أن نواة كل خلية متخصصة هي نسخة مكررة لنواة النطفة الأمشاج أو الزيجوت بمعنى أن الصفات داخل خلية العظام مثلاً صورة طبق الأصل للصفات داخل النطفة الأمشاج الأولى (الزيجوت) وينطبق ذلك على كل خلية متخصصة ما عدا الجنسية.
وهنا سأل العلماء هذا السؤال :
ماذا لو هيئنا لهذه الأنوية الناضجة أو المتخصصة ظروف تشبه ظروف الزيجوت أو النطفة الأمشاج الأولى وذلك بوضع نواة خلية جلد مثلاً بدلاً من نواة بويضة من نفس النوع وتهيئة الظروف والأحوال لحياتها؟
وكانت المفاجأة أن هذه الخلطة أو هذا (المشج) نتج عنه خلية مطابقة تماماً لخلية (الزيجوت) أو للنطفة الأمشاج التي بدأ منها تخليق الجنين وعندما نقلت إلى الرحم قبل مرحلة العلقة تعلقت به وتتابعت بعدها أطوار الجنين من علقة إلى مضغة إلى غير ذلك حتى نشأ حيوان كامل مصابق لصفات الكائن الذي أخذ منه ، وهذه هي قضية الاستنساخ التي قام بها بعض العلماء فقامت الدنيا ولم تقعد ووقف بعض العلماء يلعنون من قام بها ويطالبون بالحرمان والقصاص مع أن العلماء لم ولن يخلقوا كائن حي ، وكل ما عملوه أن أخذوا مخلوقاً لله (نواة خلية) ووضعوها في مخلوق لله (سيتوبلازم بويضة) في عملية خلط ونقلوها بعد ذلك إلى رحم مخلوق لذلك ومنها بدأت مرحلة الجنين كالمعتاد وهي أبحاث محدودة على الحيوانات ولم تُجر على الإنسان ، ولو فرض جدلاً أنها نجحت على إنسان (بمشيئة الله) في لن تعني خلق بل هي فقط (جعل) بمعنى تصيير أو نقل (نطفة أمشاج) إلى رحم معد لها مجرد (جعل) أما مراحل تخليق الجنين بمعنى (خلق) إحداث من العدم فهي من شئون الخلاق العليم .
ولو درس العلماء إعجاز القرآن المتمثل في الآية 14 سورة المؤمنون لاستراحوا وأراحوا فهيا بنا مع كلام الله الخالد الباقي المحفوظ ومعجزته العالمية لنحسم القضية ونستريح فيها .
)ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين (
نلاحظ هنا أن الحق سبحانه استخدم مع مرحلة النطفة (الأمشاج) الفعل (جعل) ومع بقية المراحل الفعل (خلق) ، ومعنى )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (أي صيرناه أو نقلناه إلى مكان مخلوق لله ليتم فيه عملية التخلق ألا وهو الرحم ، وسواء نقلت النطفة بالطريق المعتاد بحقن الذكر للسائل المنوي ليلتقي بالبويضة في أنبوب الرحم أو حتى في أنبوب المعامل فالفكرة واحدة تنتهي بتكون النطفة الأمشاج التي تنقل بعد ذلك أو تصير إلى داخل رحم معد لها ، وكل ذلك يدخل تحت الفعل (جعل) ، وأما بقية المراحل والتي تبدأ بتعلق الجنين في الرحم أي مرحلة العلقة فهي مراحل يتم فيها خلق أحداث لم تكن موجودة وهذه الأحداث المخلوقة هي التي توجه الخلايا الجنينية المتشابهة تماماً للتمايز والتخصص مرحلة من بعد مرحلة في خط يتصاعد إلى خلق كائن متكامل بأجهزته وتراكيبه المتخصصة والمعقدة والمتداخلة ، ولذلك أخذت هذه المراحل في القرآن الفعل (خلق) .
وكأن الحق - والله أعلم بمراده_ قد أعطى الضوء الأخضر لأبحاث التلقيح الصناعي وطفل الأنابيب وغير ذلك من خلال الفعل (جعل) مع مرحلة النطفة والذي معناه نقل أو تصيير مخلوق لله وهو النطفة المذكر أو المؤنثة أو الأمشاج ، نقلها إلى مستقرها ومكان تخلقها ، مجرد عملية نقل ، أما مراحل خلق الأحوال فيها مرحلة بعد مرحلة فهذه شأن من شئون الخالق لا دخل لمخلوق فيها ولذلك أخذت الفعل (خلق) في الآية .
وهذا منتهى الإعجاز وحل الإشكال من الناحية التي تمس العقيدة ، أما ناحية سوء استخدام النتائج العلمية فهي قضية أخرى تخضع لتقنين المشرع على ضوء من شرع الله في حلاله وحرامه وهذا عمل الفقهاء .

ملحق الآيات والأحاديث
1- خلق أفعال العباد :
جاء في كتاب خلق أفعال العباد للإمام البخاري :
قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله يصنع كل صانع وصنعته ) ، وعن حذيفة رضي الله عنه ( إن الله خلق كل صانع وصنعته ) .
وقال أبوعبد الله محمد بن إسماعيل : سمعت عبد الله بن سعيد يقول : سمعت يحيى بن سعيد يقول : ما زلت أسمع من أصحابنا يقولون : إن أفعال العباد مخلوقة قال أبو عبد الله : ( حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة … ) وكلها بأسانيد صحيحة .
2- الزوجية آية من آيات الله :
)والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة (72 النحل
)ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( 21 الروم .
3- خلق بلا تزاوج :
إِنَّمَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُكُن فَيَكُونُ [آل عمران : 59].
)قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسسني بشر ولم أكن بغيا * قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضيا (20،21 مريم
)أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ( 259 البقرة
)وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم ( 260 البقرة
4- أحاديث عجب الذنب :
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامه ) وقال أيضاً : (ثم يُنزل الله من السماء ماءاً فينبتون كما ينبت البقل )
وأخر ج الإمام مسلم في صحيحه مثله قال : ( إن في الإنسان عظم لا تأكله الأرض أبداً فيه يركب يوم القيامة قالوا : أي عظم هو يا رسول الله ، قال: عجب الذنب ) وأخرجه ابن حبان في صحيحه وكلها عن أبي هريرة إلا حديثاً واحداً عن أبي سعيد الخدري يرفعه إلى النبي rقال فيه: ( يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه ، قيل : وما هو يا رسول الله ؟ قال : مثل حبة خردل منه ينشأ ) .
الجنس أو الزوجين الذكر والأنثى
يقول (ستيف جونز) وهو من علماء الجينات والبيولوجي يقول في كتابه الشهير (لغة الجينات) :
ما الجنس ؟ كيف يعمل ؟ هذه في البيولوجيا هي أكبر المشاكل التي لم تجد لها حلاً حتى الآن ، لا بد أن يكون الجنس مهماً وإلا لما كان هكذا مكلفاً . فإذا كانت سمة كائنات تكتفي بجنس واحد ، بحيث يمكن لكل أنثى أن تنتج نسخاً من نفسها ، فلماذا إذن يزعج الكثير منها نفسه بالذكور؟ فالأنثى التي تستغني عنهم ستنجب من البنات ضعف ما تنتجه في وجودهم ، ثم أن البنات سيحملن كل جيناتها لكن الأنثى كجنس ثان تبدد وقتها كي تجد الزوج أولاً فإذا وجدته فستنجب أبناء ذكوراً لا يحملون إلا نصف مورثاتها ، لا نعرف حتى الآن بيقين سبب وجود الذكور ، ثم إذا ما كان من الضروري وجودهم ولماذا يوجد منهم كل هذا العدد .
ويقول أيضاً : وتعريف الجنس أمر بسيط هو :
إنه طريقة لإنتاج أفراد يحملون جينات من أكثر من خط سلفي ، يجب أن تجتمع في كل جيل معلومات وراثية من أسلاف مختلفين . ففي الكائن اللاجنسي يكون لكل فرد أم واحدة ، وجدة واحدة ، وأم جدة واحدة وهكذا في سلسلة لا تنقطع من التتابع المباشر إلى أن تصل إلى الأم الأولى التي يبتديء بها النسب .
أما الكائنات الجنسية فتختلف : فعدد الأسلاف يتضاعف في كل جيل ، لكل فرد أبوان وأربعة أجيال وهكذا .
هذا هو الجنس أما تفهم السبب في وجوده فهذا أمر أكثر صعوبة ، سمة نظرية تستدعي الطفرات، عن السبب في ألا تكون الحياة أنثى . فإذا ما حدث بكائن لا جنسي تغير في D.N.A فستحمله كل سلالته دون استثناء مهما كانت درجة ضراوته وبمرور الوقت سيظهر خطأ آخر مؤذي في جين آخر في خط العائلة مما يؤدي إلى التدهور والبلى والانهيار في النهاية .
أما الكائن الجنسي فيمكنه التطهر من الطفرة الجديدة (الضارة) بتمريرها إلى بعض سلالته دون الآخر ثم يقول :
قام العلماء بمحاولات كثيرة بتبرير وجود الذكور فبينوا أن الكائنات التي استغنت عن الذكور تواجه المشاكل فكل النباتات اللاجنسية تقريباً لا تستخدم إلا عدداً محدوداً من السنين ، ثم تصبح مثقلة بالأخطاء الوراثية حتى لتعجز عن الاستمرار في الحياة ، أو هي لا تستطيع أن تستمر في السباق التطوري مع طفيلياتها ، وضرب مثلاً لنبات لا جنسي وهو البطاطس فقال :
وقعت مجاعة البطاطس في أيرلنده لأن كل ما كان يستخدم منها كان ينتمي إلى صنف لاجنسي قديم سرعان ما تدهورت حالته فتغلبت عليه الفطريات وأبادته .
ولكن وجود الجنس يحل هذه المشاكل المدمرة للنوع لأن الجنس يعني أن تظهر مخاليط جديدة من الجينات طول الوقت مع عملية التمازج بين كروموزمات الأبوين في النسل . في كل جيل يظهر أفراد ناجحون يحصلون على قدر مؤات من الطفرات بينما يرث آخرون مجموعة أقل مؤاتاه ، يفسلون في تمريرها إلى نسلهم ، وقد عبر برنارد شو عن هذا في جملة تعتبر دقيقة بيولوجياً . فعندما سألته أحد الممثلات إذا كان من الممكن أن تتزوجه لتنجب منه طفلاً له جسدها وعقل (شو) فأشار (شو) إلى خطر أن يكون للوليد عقلها التافه وجسمه هو .
فالجنس هو وسيلة ملائمة لتجميع الأفضل والتخلص من الأسوء .
بعد هذه الجولة مع ذلك العالم الكبير نقول :
أن الفكر المادي الذي وقع ذلك العالم في أسره جعله في حيرة عن سبب ظهور الزوجين الذكر والأنثى وكيفية هذا الظهور مع وجود الشواهد العلمية التي تدل العقول على أهمية الزوجية من الناحية البيولوجية وهي تقوية الأمشاج (أخلاط الكروموزومات أو المورثات) والتي ينتج عنها نسلاً قوياً .
فهيا بنا مع القرآن وعلوم الإسلام لنتعرف على سر زوجية الذكر والأنثى :
يقول الحق سبحانه )يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ( (1) النساء .
ويقول أيضاً : )والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ….( (72) النحل .
ويقول سبحانه : )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (13) الحجرات
وهذه الآيات البينات تشير إلى زوجية الذكر والأنثى التي كانت بداية نشأة هذه الأنواع المتعددة من البشر شعوباً وقبائل بمختلف أجناسها وأشكالها ، ولكن السؤال هنا هو : ما السر في هذه البداية الزوجية (ذكر وأنثى) ولماذا لم تكن البداية غير زوجية بمعنى أنها تكون من نوع واحد (أنثى مثلاً) ؟
علماء البيولوجيا لا يعرفون الإجابة الشاملة عن هذا السؤال الهام ، ولكن القرآن وعلوم الإسلام يمكن أن يقدم إجابة علمية متكاملة عن هذا السؤال الهام كما يأتي :
يقول الحق في سورة الإنسان آية (1،2):)هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً * إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً (
والأمشاج هنا تعني النطفة التي نشأت نتيجة اندماج محتويات النطفة المذكرة مع النطفة المؤنثة ، والتعبير بأمشاج تعبيراً معجزاً ؛ لأنه يشير إلى حقيقة بيولوجية اكتشفها العلماء حديثاً وهي أن محتويات النطفة المذكرة تختلط بمحتويات النطفة المؤنثة ثم بعد ذلك تذهب بعض أجزاء من النطفة المذكرة لتتبادل مع أجزاء مقابلة لها في النطفة المؤنثة في عملية تداخل واتحاد وليست مجرد خلط بسيط بحيث تتكون في النهاية حالة أو هيئة من الكروموزومات (حاملات الصفات الوراثية) المكونة من عناصر من الأب تداخلت مع عناصر من الأم وفي ذلك كما لاحظ علماء الجينات تقوية للنسل وخصوصاً عندما يتم المشج بين أفراد متباعدون في القرابة من الشعوب والقبائل .

يتبــــــــــــــــــــع


  #1248  
قديم 02-12-2013, 07:10 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو


يتبـــــع الموضوع السابق

تأملات إسلامية في مشاكل بيولوجية



وفي السنة شرحاً لذلك ، ففي الفقه في فضائل باب النكاح نجد ما يأتي :
1- قال رسول صلى الله عليه وسلم (( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس )) ، ويرى بعض الباحثين أن مفهوم العرق هنا من جوامع الكلم التي تشمل (الكروموزومات) حاملات الصفات الوراثية .
2- أن تكون المرأة أجنبية أي ليست قريبة للخاطب هذا وقد استدل علماء الشافعية والحنابلة على أن الأولى عن الزواج بالقريبة بالأدلة الآتية :
أ- ما ورد في الأثر : ( ولا تنكحوا القرابة القريبة ، فإن الولد يخلق ضاوياً) (ضعيفاً)
ب- كما ورد في الأثر أيضاً : ( اغربوا ولا تضووا ) أي تزوجوا بالأباعد حتى لا يضعف نسلكم .
ج- ولأن التزوج بالأجنبيات فيه نجابة للأولاد وقوة لأبدانهم فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لبني السائب : ( قد أضويتم فانكحوا الغرائب ) بمعنى لقد ضعف نسلكم بسبب إصراركم على نكاح الأقارب ، إذن لولا الأمشاج التي كانت بسبب خلق الجنسين (الذكر والأنثى) لولاها لضعف النسل مع مرور الأيام ضعفاً متزايداً ولأدى ذلك في النهاية إلى تدمير الجنس البشري وهذا هو السر البيولوجي لزوجية الذكر والأنثى .
لكن القرآن لا يكتفي بهذا الجانب من القضية بل يقدم امتدادا لها من خلال الآية (21) من سورة الروم التي يقول الحق فيها :
)ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( .
فبالإضافة إلى الأهمية البيولوجية لأمشاج الزوجية بين الذكر والأنثى فإن فيهما آيات أخرى منها : أن العقل المفكر يقول أنه إذا كانت بداية الإنسان ذكر مثلاً أو أنثى فكان من المفروض أن يستمر هذا الجنس كما هو حتى ينقرض أو يتكاثر بطريقة لا جنسية ، ولكن عندما نجد له مقابل يحقق هدف وغاية هي التزاوج الذي ينتج من أمشاجه نسلاً قوياً بالإضافة إلى السكينة والاستقرار النفسي والمودة والرحمة بين الأزواج مما يتحقق معه القيمة الراقية للإنسانية فإن ذلك يشكل آيات تدل العقل على وجوب وجود خالقاً بارئاً مصوراً حكيماً عليماً رحيماً كان بفضله كل هذه الآيات .
وفي النهاية نذكر قضية علمية تسببت في إثارت أسئلة هامة تمس العقيدة وهي :
لقد تمكن العلماء من تحديد أن جنس الذكر والأنثى بسبب أن الحيوانات المنوية أو النطفة المذكرة تنقسم إلى نوعين : نوع يحمل صفة الذكورة ، والنوع الآخر يحمل صفة الأنوثة ، ثم تواترت الأخبار العلمية على أن العلماء يمكنهم أن يفصلوا بين الحيوانات المنوية التي تحمل صفة الذكورة عن تلك التي تحمل صفة الأنوثة بحيث يمكن للأب أو الأم أن تختار جنس المولود فتنجب ذكوراً أو إناثاً كما تشاء ، وهنا ظهر تلبيس إبليس الذي أوحى إلى أولياءه ليتساءلوا إذا كان بمقدرة العلماء أن يهب الذكور أو الأناث لمن يطلب فما بال الآية (49.50 ) من سورة الشورى التي تقول )لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير( .
أقول وبالله التوفيق :قبل أن نرد على هذه التساؤلات الماكرة أحب أن أبين أن العلماء رغم تقدمهم في مجال التعرف على جنس الحيوان المنوي ما إذا كان يحمل صفات الذكورة أو الأنوثة ولكن الفصل التام لنوعي الحيوان المنوي غير متحقق عملياً مما يجعل احتمال اختلاط الأنواع وارداً ، وأيضاً قد يفصل نوع الحيوان ولكن يفشل في عملية الإخصاب ، وحتى إذا تم الإخصاب بالحيوان المطلوب فإن هناك عوامل هرمونية خاصة بالأم أو بالجنين يمكن أن تعطل التعبير الوظيفي لجنس الجنين فقد يصبح الجنين خنثى حتى ولو كان من أصل حيوان منوي مذكر وغير ذلك من المعوقات الكثير والذي تعرف عليها العلماء الراسخون في العلم.
وعلى العموم فحتى لو نجح العلماء في الوصول إلى أهدافهم فإن القاعدة الشرعية الراسخة والتي تقول بأن الله خالق الصنعة والصانع والمصنوع وكل شيء يتم بمشيئته وإرادته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، فالعلماء وعقولهم وأعضائهم وأفعالهم بل والأدوات التي يستخدمونها والمخلوقات الحية التي ينقلونها كلها مخلوقة لله .
ونعود إلى الآية المذكورة سابقاً فنقول للمتسائل المشكك مهلاً فإنك لم تفهم الحكمة التي من وراء هذه الآية المعجزة :
فالآية لا تعني عمليات محدودة تخص قليلاً من الذكور أو قليلاً من النساء بل تعني نظاماً حكيماً يشمل الأرض كلها من أقصاها إلى أقصاها وهي بذلك تشير إلى عملية توزيع الذكور والإناث على مستوى الأرض جميعاً بحيث يتحقق منه التوازن الذي تستقيم معه الحياة ، ولشرح ذلك نضرب هذا المثل :
هب أن العلماء استطاعوا أن يصلوا إلى تقنية تمكنهم من أن يجعلوا كل سيدة أو كل رجل يمكنه أن يتحكم في جنس الجنين الذي يحب أن يكون له ، وهب أن أغلب البشر قد اختاروا أن ينجبوا ذكوراً على مستوى الأرض جميعاً فماذا ستكون النتيجة ؟ إن النتيجة الحتمية أن الأيام ستدور وسوف لا يبقى إلا الذكور الذين سينقضي أجلهم فيكون في ذلك فناء للبشرية جمعاء ، وقس على ذلك في النساء ، وحتى لو كان عدد الذكور المختارين يشكل نسبة 80% مثلاً فإنهم سيقتتلون ويذبح بعضهم بعضا في مذبحة عالمية تهلك الحرث والنسل حتى يفوز واحد منهم بالأنثى وهذا منتهى الفوضى والخراب .
فليست القضية مجرد الوهب العشوائي للذكور والإناث ، ولكن القضية هي تقدير نسبة الذكور والإناث على مستوى الأرض جميعاً في كل مكان وزمان بحيث يتحقق التوازن والاستقرار وهذا لا ينبغي إلا لله سبحانه وتعالى ولذلك جاءت نهاية الآية (إنه عليم قدير) ففي القضية علم وفيها قدرة لا تكون إلا للخالق الباريء المصور العليم القدير سبحانه وتعالى ولا حول ولا قوة إلا به .
وهذا التلبيس من إبليس يذكرنا بما حدث من تشكيك بعد أن اكتشف العلماء جهاز الكشف بالأشعة فوق الصوتية والذي مكنهم من اكتشاف نوع الجنين وكذلك عندما تقدمت أبحاث الهندسة الوراثية وتمكن العلماء من أخذ عينة من الجنين في بطن أمه لمعرفة جنسه والأمراض التي يمكن أن يحملها ، فقال المشككون ها هو العلم قد علم ما في الأرحام مع أن القرآن يقول : )ويعلم ما في الأرحام (مخصصاً ذلك العلم لله سبحانه . ونرد على ذلك بقولنا :
إن لله علم وللإنسان علم ، ولله قدرة ، وللإنسان قدرة ، وكما أن قدرة الإنسان لا تقارن بقدرة الله لأنها قدرة ضيقة محدودة وهبها الله إليه من باب التكليف على حسب طاقته الضعيفة وكذلك علم الله لا يقارن بعلوم المخلوقين فعلم الله شامل كامل غير محدود يليق بكمال الله وعظمته وعلينا عندما نناقش هذه القضايا أن نضع كل ذلك في الاعتبار ، فإذا كان علم البشر قد مكنهم من معرفة بعض الظواهر العلمية داخل بعض الأرحام فإن هذا علم محدود وقاصر ولكن علم الله يشمل العلم الشامل الكامل بكل شيء من الذرة إلى التركيبات الأعقد في كل الأرحام في أي زمان ومكان وفي كل لحظة ويكون علمه علماً شاملاً كاملاً بل ويشمل ذلك العلم بما إذا كان الطفل سيكون بعد ذلك سعيداً أو شقياً وغير ذلك من الأمور التي لا يعلمها إلا هو .
الهندسة الوراثية
الهندسة الوراثية:هي التقنية التي تتعامل مع الجينات أو الوحدات الوراثية المتواجدة على الكروموزومات فصلاً ووصلاً وإدخالاً لأجزاء منها من كائن إلى آخر بغرض إحداث حالة تمكن العلماء من معرفة وظيفة (الجين) أو بهدف الحصول على طبعات كثيرة من نواتجه أو بهدف استكمال ما نقص منه في خلية مستهدفة .
ولشرح ذلك نقول : بعد أن عرف العلماء طبيعة ووظيفة الصبغيات أو الكروموزومات وهي أجسام صغيرة جداً لا ترى بالعين وتوجد داخل كل خلية ، وهي مكونة من أشرطة مسجل عليها صفات الكائن المادية ، وهذه الأشرطة تسمى الجينات .

الشكل التالي يبين شكل الكروموزومات في الخلية

وتقدم العلم فاكتشف أن هذه المورثات أو حاملات الصفات ما هي إلا سلم مزدوج من مادة تسمى D.N.A الحمض النووي المعروف الآن بحامل الشفرة الوراثية وبعدها درس العلماء خصائصه وتعرفوا عليها ، فماذا وجدوا ؟ لقد وجدوا ما يأتي
1- أن D.N.Aهو حامل الشفرة الوراثية .
2- أن الصفات التي يحملها تترجم منه إلى بروتينات تتجسد على هيئة الصفة المطلوب تنفيذها .
3- أن كل خيط يمكن أن يكون قالباً يتكون عليه خيط جديد يتزاوج معه مستخدماً وحداته البنائية من السيتوبلازم .
4- أنه يمكن قطع ووصل هذا اللولب المزدوج بوسائل تقنية متعددة وفي أماكن مختلفة . كما يمكن بسهولة فصل زوجي اللولب .
5- أنه يمكن قص ولصق قطعة منه من مكان لآخر .
6- أن تغييراً أو تدميراً يشوه هذا النظام يؤدي إلى : إما نتيجة قاتلة للكائن أو حالة مرضية مترتبة على تعطل صفة من صفاته والتي تختلف من حيث أهميته
7- إن تركيب D.N.A ومكوناته هي [ سكر ، وأدنين ، وفوسفات ] وهذه التركيبة مشتركة في جميع الكائنات من الفيروس إلى الفيل .

وهذه الملحوظات فتحت الطريق أمام العلماء لمزيد من التجارب من خلال إدخال وإخراج أجزاء من هذه الشفرة الوراثية ومن خلال قطع ووصل أجزائها بل ومحاولة إدخال أجزاء من D.N.A لكائن معين إلى أجزاء من D.N.A لكائن آخر .
ومن خلال ذلك انفتحت الأبواب أمام علوم ما يسمى بالهندسة الوراثية، فقد تمكن العلماء من إدخال جينات (مورثات) من حيوان إلى بكتريا ، بل ومن إنسان إلى بكتريا أو حيوان ، وكانت المفاجأة المذهلة أن البكتريا المطعمة بالجين الغريب أخذت في الانقسام لتنتج طبعات كثيرة من هذا الجين أُمكن من خلالها دراسته دراسة مستفيضة ، بل وأُمكن من خلال إدخال جينات - قطع حاملة لبعض الصفات - معينة من الإنسان إلى الحيوان أن نحصل على نواتج ذلك (الجين) بكميات كبيرة من خلال ألبان هذا الحيوان .
وأُمكن من خلال هذه الهندسة الحصول على الأنسولين البشري وعامل التجلط البشري بل وعوامل إذابة الجلطة ، وعامل النمو البشري بكميات كبيرة ما كان للإنسان أن يصل إليها أبداً من مصادرها .
وسنضرب لذلك الأمثلة التالية :
جاء في مجلة العلوم الأمريكية مجلد 13 عدد 4 أبريل 1997 (ترجمة الكويت) جاء ما يأتي :
في عام 1981 أوضح ( W.J كوردن ) وزملاؤه في جامعة يال : أن الجنين المخصب لفأر يستطيع أن يدمج مادة جينية غريبة (D.N.A) في صبغياته (مورثاته) وبعدها جاء علماء من جامعة (أوهايو) الذين برهنوا أن الجين (وهو قطعة من D.N.Aتحمل رموزاً لبروتين معين المأخوذ من الأرنب يمكن أن يؤدي وظيفته في الفأر بعد حقنه في جنين فأر وحيد الخلية ) وكان من المدهش أن لاحظ العلماء أن D.N.Aالغريب والمحقون من خلايا الأرنب إلى خلايا الفأر سرعان ما يتكامل مع صفات الفأر ، ويحتمل أن تكون الخلية ميزته على أنه قطعة مكسورة من D.N.Aالخاص بها والذي يحتاج إلى ترميم .
وفي 1987 ظهر اكتشاف هام آخر يتعلق بالحيوانات المحورة جينياً ، فقد قام مجموعة من العلماء بابتكار وسائل لتنشيط الجينات الغريبة في الغدة الثديية للفأر كان من نتيجتها تكوين جزيئات بروتينية غريبة وإفرازها في حليب الفأر المحور جينياً .
وتمخضت هذه الأبحاث الفذة على إمكان إنتاج البروتين البشري (منشط البلازمينوجين ) من خلال إدخال الجين البشري حامل هذه الصفة في الخلايا المنتجة للبن في حيوان مختار ، لتكون النتيجة أن يخرج هذا البروتين بكميات كبيرة في لبن الحيوان لاستخدامه كوسيلة للعلاج في حالة نقص هذا البروتين في المرضى من البشر .
وقد طبقت هذه التقنيات في إنتاج بروتينات علاجية هامة مثل البروتينات المانعة للنزيف والمانعة للتجلط ، ومن قبل أُمكن تخليق الأنسولين البشري من خلال إدخال جين بشري حاملاً لصفته داخل بكتريا معينة .
وواكب هذه الاكتشافات المبهرة حملة إعلامية عارمة لعب فيها الخيال العلمي دوراً مؤثراً على عقول عامة المثقفين وضعت علامات استفهام أمام الفكر الديني المستنير ، فقد تناقلت أجهزة الإعلام أخبار عن إمكان أن يتقدم الآباء أو الأمهات بطلبات إلى العلماء للحصول على أطفال لها موصفات معينة في الشكل واللون والذكاء والقدرة الجسمانية أو العقلية ، بل وذهب الخيال العلمي إلى إمكان إدخال جين (صفة) التمثيل الضوئي من النبات الأخضر إلى الأجنة البشرية للحصول على الإنسان الأخضر الذي يمكن أن يستخدم أشعة الشمس وثاني أكسيد الكربون من الجو للحصول على غذائه وطاقته ، وبذلك لا يصبح هناك أي مشاكل اقتصادية لها علاقة بالغذاء … .
وإذا كان ذلك كذلك فإن أسئلة هامة لا بد وأن تثار كالآتي :
1- هل يعتبر ذلك تدخلاً في شأن من شئون الله ؟ .
2- هل يعتبر ذلك تعديلاً لخلق الله إلى الأفضل ؟ .
3- هل يعتبر ذلك دليلاً على صدق النظرية المادية البحتة ؟ هل وهل وهل .
قبل أن نرد على هذه الأسئلة لا بد وأن نبين للعقل المفكر أن هذه الأسئلة زائفة أصلاً وباطلة عقلاً لأنها لا تعتمد على حقائق بل تعتمد على خيال وأوهام وضلالات كيف ؟
سأستعير الإجابة من كلام علماء الهندسة الوراثية والذين يعملون في هذا المجال كما يأتي :
يقول (إيرفين شار جاف) أحد مؤسسي علم البيولوجيا الجزيئية : إن اللعب في الجينات يعرضنا للخطر .
ويقول ( وليام بيتز ) عالم الهندسة الوراثية وصاحب مؤلف الهندسة الوراثية للجميع : " إن وظيفة معظم ما نحمله من D.N.Aلا يزال سراً والحقيقة أن معظمه يبدو بلا فائدة ، وأن 90% من بعض أطوال الجينات لا يحمل معلومات ، ويقول أيضاً : أن علماء البيولوجية لا يعلمون إلا القليل جداً من معضلة أسرار الجينات ، وأن العلماء إذا أدخلوا جيناً (صفة) في خلية مستهدفة فسيواجه هذا الجين المدخل أحد مصيرين :
· إما أن يلتحم ب (D.N.A) الموجود فعلاً في الخلية أو يظل منعزلاً عنه كمقطع مستقل ، والعلماء لا يستطيعون أن يحددوا ماذا سيحدث بل كل ما يعملوه هو أن يقوموا بإلقاء الشفرة الوراثية المأخوذة من كائن في الخلية المستهدفة ، ثم ينتظرون فقد تستطيع الخلية دمجها في المكان المناسب وقد لا تستطيع ولا علم للعلماء بالنتيجة مسبقة ولا دخل لهم في إتمامها الدقيق.
وقد تؤدي بعض تقنيات الهندسة الوراثية المصاحبة للجينات المدخلة إلى الخلية المستهدفة إلى إكساب الخلية صفات سرطانية كما يحدث أحياناً نتيجة استخدام الفيروسات أو مكوناتها لدمج جين معين في خلية حيوانية مستهدفة .
وفي كتاب مستقبلنا الوراثي للجمعية الطبية البريطانية يقول علماء الهندسة الوراثية
إن التحوير الوراثي يستخدم لعلاج الأمراض الوراثية الخطيرة ، أما احتمال أن يستطيع الوالدان في يوم ما طلب أطفال بخصائص معينة فإن هذا ليس أمراً ممقوتاً فحسب وإنما هو أيضاً لا يحتمل قط التوصل إليه .
ونجد في هذا المرجع العالمي أيضاً : والفوائد المباشرة للعلاج الجيني الناجح للخلايا الجسدية قد تكون أمراً واضحاً ، أما التأثيرات المستقبلية وعلى المدى الطويل فهي مما قد يصعب التكهن به ، فمن الممكن مثلاً أن يحدث خطأ في إيلاج الجينات يؤدي إلى تحول الخلية إلى خلية سرطانية مع عدم ظهور السرطان إلا بعد سنين تالية لذلك .
وخلاصة كل ذلك أن حقل الهندسة الوراثية لا يتعدى تسخير البكتريا أو الحيوانات لإنتاج بروتينات تستخدم لعلاج بعض المرضى الذين يعانون من نقص وراثي في هذه المركبات ، بمعنى أن هذه البكتريا أو الحيوانات المستخدمة لإنتاج المطلوب تعويضاً لما فقد من الإنسان ما هي إلا كائنات تسخر لعمل ذلك حتى أن أحد كبار علماء الهندسة الوراثية أطلق على هذه الكائنات المسخرة تعبير (حمير مسخرة للعمل) .
وكذلك عمل العلماء لمحاولة إدخال بعض الجينات المفقودة أو المعطوبة يدخل من باب تسخير هذه الجينات لصالح العودة بها إلى حالتها المفطورة عليها وهو من باب العلاج والتداوي .
وصدق الحق الذي قال :
)ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض (20 لقمان
)وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه (13 الجاثية
وطاعة للرسول في حث الناس على التداوي :
[ تداوا عباد الله ] .
ولكن هل يمكن للإنسان أن يلعب في الجينات ويغير فيها بالزيادة أو النقصان أو التبديل ؟
الإجابة : نعم يمكنه ذلك .
فيكون السؤال التالي :
وماذا ستكون النتيجة ؟
الإجابة : هناك وسائل إيضاح شاهدها العلماء في واقع الحياة حيث لاحظوا أن هناك كائنات تحدث لها طفرات أو تغيرات تؤدي إلى حذف أو قطع أو إضافة جينات (صفات ) تخرجها من فطرتها المفطورة عليها إلى حالة مخالفة ، ولقد لاحظ العلماء أن أغلب هذه التغيرات إما قاتلة مدمرة للكائن أو ممرضة له بدرجة لا حل لها .
والإجماع على أن التغير في الخلق المفطور عليه الكائن مخرب أو مدمر أو ممرض حتى ولو بعد حين .
أما عملية التهجين في السلالات الحيوانية والنباتية مثلاً فلا تدخل ضمن قضية التغير والتبديل ، لأن التهجين لا تغيير فيه بل تبقى الصفات في مكانها وعلى هيئتا ولكن يتم مزاوجة صفات من كائن بصفات من كائن من نوعه كما يتم تزاوج مورث يحمل صفة الطول (مثلاً ) مع مورث لا يحملها ليكون الناتج حاملاً لصفة الطول وقس على ذلك .
أما التدخل لتغيير خلق إلى هيئة أخرى كإنتاج إنسان أخضر أو طفل عبقري فهذا من المستحيل عقلاً ونقلاُ :
عقلاً :لأن العلماء لا يعلمون من أسرار الجينات إلا القليل ، ولأن القضية ليس جين معين بل علاقات جينية متشابكة ومتداخلة في شبكة لا يحيط بها إلا الخالق الباري المصور، ولأن الملاحظة العملية أكدت خطورة التغيير على الكائن الحي
ونقلاً :لأن الحق يقول ( لا تبديل لخلق الله ) .
ولكن لو حدث أن تم ذلك التبديل فإن النتيجة لا خير فيها بل إن البشرية لن تجني من ورائها إلا الخراب والتدمير وهو من أمر الشيطان لأوليائه ، الذي قال الحق عنه :
( ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ) النساء آية 119
وهاهم العلماء النابهين يعقدون المؤتمرات ويحزرون من اللعب بالجينات تغيراً وتبديلاً بدرجة تخرجها عن فطرتها خوفاً من أن تتكاثر وتنطلق في البيئة وتخرج منها أجيال مدمرة أو تخل بالتوازن البيولوجي الذي خلقه الله بمقدار وعلماً وحكمة ( وكل شيً عنده بمقدار ) بل وهاهم العلماء الراسخون في العلم يحزرون من إمكان أن تتحول الخلية المسالمة إلى أخرى سرطانية قاتلة نتيجة اللعب بجيناتها تبديلاً وتغييراً .
د/ حسين رضوان اللبيدى
( مدير مستشفى ) وعضو هيئة الإعجاز العلمي بمكة سابقا
وعضو جمعية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بالقاهرة وجنوب الوادي
مصر 0127580446
مصدر الصور : الموسوعة الحرة
  #1249  
قديم 02-12-2013, 07:12 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

خواطر بيولوجية من وحي القرآن الكريم

أ.د / عفيفي محمود عفيفي(1)
بدايةً أود أن أؤكد أن هذه المقالة هي مجرد خواطر من وحي بعض آيات كتاب الله... وليست بحال من الأحوال محاولة للتصدي لتفسير هذه الآيات.. ولكني كقارىء لكلام الله أوتي نصيباً من القدرة على التدبر ـ لا أملك أن أمر مرور الغافلين على ما في كتاب الله من ألفاظ أو عبارات تشير في وضوح إلى ظواهر كونية تنبه إليها بعض المفكرين من غير أهل الإسلام منذ قرون، وكنا نحن المسلمين أولى بسبق الالتفات إليها والاهتمام بها.
صحيح أن ما ورد في القرآن من إشارات إلى الظواهر الكونية لا يمثل مادة تعليمية تخصصية، إذ إن ورودها يستهدف في المحل الأول التذكرة والعبرة.. ولكن من آتاه الله قدراً من الإلمام بالعلوم الطبيعية عامة ( وهي الآن تدرس في مراحل التعليم الأزهري قبل الجامعي ) لا ينبغي له أن يتوقف تفكيره عند المستوى الذي يتوقف عنده تفكير العوام... بل عليه أن يستحضر ما وراء تلك الإشارات من حقائق علمية وخصوصاً ما لم يكن معروفاً وقت نزول القرآن.
إن تدبر معاني القرآن في ضوء الحقائق الكونية الثابتة يكشف لنا عن أبعاد جديدة لمعاني كلام الله الذي ما زال بكراً حتى يومنا هذا.. كما يعمل على تجسيد الانسجام بين الكون ـ وهو كتاب الله المنظور ـ وبين القرآن وهو كتاب الله المسطور.
خواطر من وحي آيات التكوين الجنيني:
يقول سبحانه وتعالى في الآية الثانية والثلاثين من سورة النجم:
)هو أعلم إذا أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم (فأما خلق الإنسان إنشاء من عناصر الأرض فهو أمر لا نملك الخوض فيه... وأما خلق الجنين فهو أمر يجدر بنا البحث فيه، وهذا لا يتعارض إطلاقاً مع قوله تعالى: )... ويعلم ما في الأرحام (الذي يفهمه الكثيرون على أنه علم اختص الله به نفسه وحجبه عن البشر... نعم إن العلم علم الله ولكنه سبحانه يؤتي من يشاء طرفاً منه مصداقاً لقوله تعالى: )ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ... (وقد شاء الله أن يوفقنا إلى اكتشاف وسائل الفحص والكشف عما في الأرحام فمن النافع أن نستفيد بذلك في استكشاف مجاهيل هذا العالم.. إنني أتصور أن ورود ذكر بعض مراحل التكوين الجنيني في القرآن إنما هو حث لنا على البحث عن المزيد من التفاصيل.
وتحكي لنا الآيتان الثالثة عشرة والرابعة عشرة من سورة المؤمنون طرفاً من الرحلة الجنينية التي يمر بها خلق الإنسان، وذلك في إيجاز بليغ إذ يقول سبحانه وتعالى: )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً (.
أصل الجنين:
ولكن نوفق في فهم ما وراء هذه الإشارات السريعة من دلائل وقدرة الله ينبغي أن نتذاكر معاً الحقائق الأساسية الثابتة حول التكوين الجنيني للإنسان.
ينشأ الجنين من اندماج الحيمن ( الحيوان المنوي ) مع البويضة في خلية واحدة مزدوجة تسمى الزيجوت تحتوي نواتها على المادة الوراثية للأبوين معاً. وهذا الاندماج يسمى الإخصاب ( يطلق عليه العامة اسم التلقيح وهذا اسم غير دقيق فالتلقيح علمياً هو انتقال الحيمن إلى البويضة فقط ولا ينتج عنه إخصاب )..
ويتم الإخصاب في مدخل قناة أحد المبيضين وبحدوثه يدب النشاط في البويضة فتتحرك داخل قناة المبيض حتى تدخل الرحم وتظل تتدحرج على بطانته حتى تصل إلى رقعة معينة إسفنجية لينة تتخللها الشعيرات الدموية بغزارة أكثر من غيرها، فتنغرس فيها البويضة المخصبة كما تنغرس البذرة في التربة وتخرج من سطحها المدفون زوائد تمتد في داخل جدار الرحم لتقوم بعمل الجذور بالنسبة للنبات (التثبيت وامتصاص الخلاصات الغذائية ).. فينمو الزيجوت وينقسم انقسامات عددية متتابعة حتى يتحول إلى كتلة من الخلايا المتلاصقة تشبه ثمرة التوت الصغيرة ( ولعل هذا هو سر تسميتها بالتويتية )، ينشق عنها جدار الرحم فتبدو معلقة فيه بما يشبه العنق الصغير الذي يوصل إليها الخلاصات الغذائية من دم الأم، فتواصل نموها بالانقسام ولكن الخلايا الناتجة لا تتكاثر بدرجة واحدة في كل أجزاء التويتية، ولهذا تصبح بعض أجزائها أسمك من بعضها الآخر، وتظهر على سطحها بروزات وتضاريس ومنخفضات، ولهذا تسمى المضغة. وفي مرحلة لاحقة تتميز المضغة إلى منطقتين: الداخلية ( وهي المتاخمة لجدار الرحم ) وهي التي سوف تتكون منها الأعضاء الخاصة بتغذية الجنين وحمايته كالمشيمة والحبل السري ( وهي أعضاء مؤقتة ينتهي دورها بعد اكتمال تكوين جسم الجنين )، أما المنطقة الخارجية من المضغة ( وهي المعلقة في تجويف الرحم ) فتتكون منها الأعضاء الدائمة كالجلد والعظام، اللحم، الأحشاء.. إلخ...
الأطوار الجنينية الأولى في القرآن:
ونكتفي بثلاثة أطوار هي: النطفة، والعلقة، والمضغة.
النطفة: النطفة لغوياً هي ما ( نطف ) أي: استخلص من أصله.
وعلمياً: هي الخلية الناضجة المشتقة من نسل أحد الوالدين البالغين والمؤهلة وراثياً للاشتراك في تكوين فرد من ذريتهما.
وقد ورد ذكر النطفة في مواضع كثيرة من القرآن اكتفى منها بثلاثة مواضع لاحظت فيها اختلاف أوصاف النطفة ومصدرها ومكانها مما يساعد على تحديد المقصود بها في كل حالة.
النص القرآني الأول عن النطفة:
هو قوله سبحانه وتعالى في الآيتين السادسة والثلاثين والسابعة والثلاثين من سورة القيامة:
)أيحسب الإنسان أن يترك سدى. ألم يك نطفةً من مني يمنى (.
نلاحظ أن الآية السابعة والثلاثين تحدد مصدر النطفة بأنه هو المني.. إذن فالنطفة المقصودة هي النطفة الذكرية أي: الحيمن. والحيمن خلية عجيبة الشكل تشبه في مظهرها العام يرقة الضفدع لحظة خروجها من البيضة ( وهي المعروفة باسم أبي ذنبة وتعيش في المياه الخفيفة الجريان ) مع الفارق الكبير في الحجم إذ أن طول الحيمن لا يجاوز جزء من مئة جزء من طول أبي ذنيبة ـ وبالفحص المجهري نتبين أن الحيمن يتميز إلى رأس يحمل في مقدمته ما يشبه القلنسوة، ويمتد من مؤخرته ذيل طويل نسبياً، وبين الرأس والزيل حلقة صغيرة يمكن تسميتها بالعنق، والرأس هو أكبر جزء لأنه يحوي النواة الحاملة للمادة الوراثية للفرد الذي خرج الحيمن من صلبه، والقلنسوة ( واسمها: العلمي أكروزوم ) تحوي إنزيمات خاصة لإذابة غلاف البويضة، والذيل هو عضو الحركة ويمتد بطوله من الداخل خيط متين يدعمه ويكسبه القوة المطلوبة للتجديف وتوجيه الحركة.
أما العنق فيحتوي على جسيمات دقيقة تسمى ( ميتوكندرات ) هي التي تولد الطاقة اللازمة لحركة الحيمن التي لا تهدأ منذ لحظة انفصاله عن الخصية وإلى أن ينجح في الالتحام مع البويضة أو يموت، أو يتم تجميده. وتحتوي كل قطرة من المني على عدة ملايين من الحيامن شوهدت تحت عدسات المجاهر وهي تسبح في السائل المنوي وتضربه بذيولها في عنف يتناسب مع حيوية صاحبها.
وفي السائل المنوي مواد تغذي الحيامن وتحميها من الميكروبات بحيث تحتفظ بحيويتها وقدرتها على الإخصاب لمدة ثلاثة أيام بعد انفصالها عن جسم صاحبها ( ما لم يتم تجميدها ).. ولكي ينجح الحيمن في هذه المهمة عليه أن يقطع رحلة طويلة من مكان القذف إلى قناة المبيض...وهي مسافة إذا قورنت بحجم الحيمن فإنها تعادل المسافة بين الأرض والقمر بالنسبة لرائد الفضاء الكوني.
والنص القرآني الثاني عن النطفة:
هو الآية الثالثة عشر من سورة المؤمنون:
)ثم جعلناه نطفة في قرار مكين (.
وخلافاً لما في آية سورة القيامة لا يوجد هنا ذكر لمصدر النطفة، وإنما يوجد وصف لمكانها بأنه قرار مكين، وهو وصف لا أراه يتفق كثيراً مع ما نعلمه عن النشاط الحركي للنطفة الذكرية أو الحيمن، ولا على مكان تكوينها في الخصية التي نعلم جميعاً موضعها الظاهر خارج الجسم... أما النطفة الأنثوية وهي البويضة فتتكون داخل حوصلة في أعماق نسيج المبيض الذي يقبع في مكان غائر بين الأحشاء يحيط به جدار البطن ذو الطبقات المتراكبة... وحتى عندما يكتمل تكوين البويضة وتنفجر الحوصلة فإن البويضة المتحررة لا تنفصل عن جسم المرأة بل ولا تغادر تجويف البطن.. وأقصى مكان تصل إليه بحركتها الزاحفة البطيئة هو فوهة قناة فالوب المؤدية إلى الرحم، ولا تتجاوز هذا المكان إلا إذا تم إخصابها ونشطت حركتها قليلاً، ولكن لتستقر في بطانة جدار الرحم وهذه هي نهاية المطاف بالنسبة لها.. وإذا كان هناك ما يستحق الإضافة فهو أن البويضة قبل انطلاقها من الحوصلة تحاط بغلاف من مادة لا تذوب إلا بفعل الأنزيمات الموجودة في قلنسوة الحيمن والتي يطلقها عند ملامسته للبويضة تمهيداً لإخصابها...
صورة لحيوانات منوية تلتف حول بويضة أنثوية تمهيداً لإخصابها
وفوق كل ذلك فإن البويضة ـ بمجرد أن يدخلها رأس الحيمن ـ تحاط بغلاف جديد لا يذوب حتى في نفس الأنزيمات التي أذابت غلافها الأول.. كل هذه الاستحكامات لضمان المحافظة على الكنز الموجود داخل نواة البويضة وهو المواد الوراثية للأم قبل الإخصاب مضافاً إليها المادة الوراثية للأب بعد الإخصاب، والتي بها تحولت النطفة الأنثوية إلى بذرة الإنسان الجديد المكنونة في هذا القرار المكين.
والنص القرآني الثالث الذي ذكرت فيه النطفة:
هو الآية الثانية من سورة الإنسان
)إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً (.
والأمشاج جمع مشيج، وهو: ـ لغوياً ـ ما ينتج عن عملية المشج ( وهو المزج المتقن المقنن).
وللمشيج أيضاً معنى علمي هو النطفة سواء أكانت ذكرية أم أنثوية لأنها في كلتا الحالتين خلية من جسم فرد نشأت جميع خلاياه ـ وهو جنين ـ من امتزاج المادة الوراثية للجد مع الجدة وهكذا في سلسلة متصلة ترجع أصولها إلى أول عملية تزاوج في تاريخ البشرية.
ومنذ ذلك الحين وكل فرد يتم خلقه بهذه الطريقة ـ وهي مشج المادة الوراثية في بذرته الجينية ثم استنساخها في جميع خلايا جسمه بحيث تحملها حيامنه ( إذا كان ذكراً ) أبو بويضاته ( إن كان أنثى ) إلى بذرة ذريته ثم ذرية ذريته جيلاً بعد جيل إلى أن تنتهي الحياة بأمر خالقها.
وعلى الرغم من انطباق صفة المشيج على الحيمن وعلى البويضة، إلا أن إطلاقها بصيغة الجمع ( أمشاج ) التي وردت في الآية الكريمة التي نتحدث عنها ـ هذا الوصف ينطبق بشكل أكثر دقة على ( الزيجوت ) أو البويضة المخصبة التي تستقر في بطانة الرحم إلى أن يخلق الله منها بشراً سوياً.
من نطفة إلى علقة:
عندما تصل النطفة الأمشاج إلى طور التويتية تنشق عنها بطانة الرحم كما تنشق التربة عن النبتة الصغيرة، فتبرز من جدار الرحم ولكنها تبقى معلقة فيه بما يشبه العنق الذي يوصل إليها المواد الغذائية المستخلصة من دم الأم المتدفق في شعيراتها الدموية المنتشرة في القرص المشيمي.. إن هذه الطريقة في الحصول على المادة الغذائية وفي الاتصال بمصدر الغذاء تشبه طريقة الديدان الطفيلية وأشهر أنواعها هي دودة العلق.. وهذه الحقائق متطابقة لفظاً ومعنى مع قوله تعالى في سورة العلق: )اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق (.وقوله سبحانه في سورة المؤمنون: )خلقنا النطفة علقة (.ولئن كان هناك إجماع بين اللغويين على أن العلقة هي الدم المتجمد فإن هذا لا يتناقض مع الحقيقة العلمية لأن الدم الوارد من جسم الأم لا يتجمد بالطريقة المألوفة وهي التبريد ولا بالتجلط.. وإنما يتحول الدم السائل المتدفق من عروق الأم إلى هذا الكيان المتماسك نتيجة لتحول عناصره إلى مادة البروتوبلازم التي هي مادة الخلايا الحية التي يتكون منها جسم الجنين.
المضغة المخلقة وغير المخلقة:
تواصل العلقة النمو عن طريق انقسام الخلايا وتكاثرها الذي سبق أن ذكرنا أنه بعد طور التويتية تختلف معدلاته واتجاهاته في أجزائها المختلفة مما يؤدي إلى شكل المضغة. والمضغة طور تحولي خطير في رحلة التكوين الجنيني حيث يبدأ النشاط التخليقي في اتخاذ معدلات متنامية سرعان ما تؤدي إلى التخليق أي: تكوين بداءات أو ( بواكير الأعضاء organ rudimentsوأولى خطوات التخليق هي تميز الجسم إلى مناطق في كل منها مجموعة خلايا متخصصة هي التي ستتكون منها أعضاء جديدة، أي: أنها في هذه المرحلة قد تقرر مصيرها.
وقد تمكن علماء الأجنة من عمل خرائط لأجنة حيوانات التجارب في هذه المرحلة تسمى (خرائط المصير fate maps)...وبعد هذا التميز بين الخلايا شكلاً وحجماً وتوزيعاً يكون الاختلاف في معدلات انقسامها واتجاهاته... وهذا ما يسمى عملياً بالتمايز (differentiation).وهو أول علامات التخليق ( ولا أقول التخلق )... وتقدم لنا الآية الرابعة عشرة من سورة المؤمنون عرضاً سريعاً للتخليق الجنيني المبكر إذا يقول الخالق سبحانه: )ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً (... والمضغة الوارد ذكرها هنا كيان محدد هو محل التخليق إلى الطور التالي المؤدي إلى تكوين الأعضاء الجنينية.
ولكن المضغة قد ورد ذكرها في نص قرآني آخر بصفة مزدوجة، وذلك في صدر الآية الخامسة من سورة الحج إذ يقول سبحانه وتعالى:
)ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلقة وغير مخلقة (.
في هذه الآية وصف لشيء واحد بصفتين متناقضتين.. وكلام الله منزه عن شبهة التناقض.. ولو كان المقصود مضغتين مختلفتين إذن لكان التعبير الصحيح: ( ثم من مضغة مخلقة وأخرى غير مخلقة ) أسوة بقوله تعالى في سورة يوسف: )وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات (... ولكننا هنا أمام نص شديد الوضوح في وصف المضغة الواحدة بأنها مخلقة وغير مخلقة في نفس الوقت.. ولا تفسير لذلك إلا أن تكون هذه المضغة مخلقة في بعض أجزائها وغير مخلقة في أجزاء أخرى.. هذا هو التأويل الوحيد الذي يتفق مع حقيقة علمية هي: أن المضغة بمجرد تكوينها سرعان ما تتميز إلى منطقتين: الداخلية المتاخمة لجدار الرحم والمتصلة به مباشرة هي التي سوف تتكون منها أعضاء الجنين المؤقتة.. والمنطقة الخارجية وهي المعلقة في تجويف الرحم هي التي سوف يخلق منها الأعضاء الدائمة وتنمو معه ما دام حياً.. وقد سبق ذكر هذه الأعضاء وتلك الأعضاء في مستهل حديثنا... وبدا لي أن هذا التأويل كافٍ لإزالة أي تناقض بين التعبير القرآني والحقائق العلمية... ( ولو تحقق ذلك لأرحت واسترحت )... ولكني بعد تأمل طويل مصحوب بالنقد الذاتي اكتشفت مطعناً علمياً في هذا التفسير.. فالأعضاء المساعدة أو المؤقتة التي تتكون من المنطقة الداخلية للمضغة والتي اعتبرناها غير مخلقة.. هذه الأعضاء إنما تتكون أيضاً بطريقة توالي الانقسام الخلوي وترتيب الخلايا الناتجة لتشكل العضو الناتج عن هذه العمليات.. وهذا هو أيضاً تخليق، وإن كان يتم بصورة أقل تطوراً مما يحدث في المنطقة الخارجية للمضغة والذي تنتج عنه بواكير الأعضاء الدائمة.. إذن فالمضغة مخلقة في كل أجزائها طبقاً لهذه الحقيقة... هنا شعرت بشيء من خيبة الأمل... لم أتغلب عليها إلا بعد أن استعذت بالله من الشيطان الرجيم ورحت أعيد تلاوة الآية الخامسة من سورة الحج إلى ما بعد الكلمتين اللتين أوقعتاني في هذه الحيرة ـ هكذا:
( ثم من مضغة مخلقة، وغير مخلقة لنبين لكم... ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلاً )... عند هذا الموضع من الآية استقر في وجداني مفهوم آخر ارتحت إليه كثيراً... وعثرت فيه على التوافق المنشود بين التعبير القرآني والحقيقة العلمية.
تخليق المضغة ليس موضعياً... وقد يكون جزئياً أو مرحلياً:
في الأحوال العادية يبدأ تخليق المضغة شاملاً كل أجزائها ليتكون من كل جزء ما خصص له من أعضاء ( مرحلية كانت أو دائمة ). وإذا سارت الأمور على ما يرام وبلغ الحمل غايته خرج المولود سوىّ الخلقة متناسق الأعضاء.. وهذه هي الأحوال الشائعة التي ألفها الناس فلم يعودوا يتوقعون غيرها.. ولكن في بعض الأحوال يضطرب سير التكوين الجنيني نتيجة علّة تصيب الأم وينتقل أثرها إلى الجنين، فتختل عملية تخليق الأعضاء في هذا الجزء أو ذاك من جسم الجنين وبذلك يتكون عضو غير سويّ. وتخف درجة التشوه كلما كانت العلة طفيفة أو كلما تأخر بدء حدوثها إلى وقت تزداد فيه قوة الجنين وقدرته على المقاومة.. وفي جميع هذه الحالات يكون خروج المولود ( مبتسراً ) لفتاً لأنظار الآباء والأمهات الذين ألفوا نعمة الذرية السوية فلم يعودوا يشكرون الله عليها، وبخاصة منهم من يبالغون في الاهتمام بالجمال الشكلي دون التفات لكمال الأداء الوظيفي.. وهي حالات نادرة بحمد الله.
وفي حالات أخرى أكثر ندرة يكون الاضطراب في عملية التخليق جسيماً، نتيجة لعدم التوافق البيولوجي بين جسم الأم وجسم الجنين أو بتأثير عوامل وراثية.. وهنا قد يتوقف تخليق الجنين في مرحلة مبكرة ويحدث الإجهاض طوعاً أو كرهاً وتكون ثمرة الحمل مسخاً شائها أو مضغة لم تتخلق إلى الحد الذي تشكل فيه الأعضاء ويظهر معالم الكيان البشري.. هذه الحالات هي صرخة إنذار للغافلين عن قدرة الله أو الجاحدين نعمته.. انظروا.. هكذا كنتم في بطون أمهاتكم.. فاعتبروا.. واحمدوا خالقكم الذي عافاكم من هذا... وما زال قديراً على أن يبتليكم به في ذريتكم.
وبهذا اطمأن قلبي فرحت أعيد تلاوة قوله تعالى: )ثم من مضغة مخلقة، وغير مخلقة لنبين لكم... ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى... (وسبحان من هذا كلامه وسبحان من هذه صنعته وتبارك الله أحسن الخالقين.. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
[1] – الأستاذ المتفرغ بكلية العلوم جامعة المنصورة ـ والخبير البيولوجي بمجمع اللغة العربية بالقاهرة.


  #1250  
قديم 02-12-2013, 07:12 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

خواطر من وحي آيات البصر

الأستاذ الدكتور عفيفي محمود عفيفي
يقول سبحانه في الآية الثالثة والعشرين من سورة الملك:)قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون (.
ويقول عز من قائل في الآية السادسة والثلاثين من سورة الإسراء:
)إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً (.
وهناك آيات أخرى تعد بالعشرات، تقرن بين السمع والبصر.. وأول ما يلفت النظر فيها هو ذكر السمع قبل البصر، مع أن البصر لا يقل عن السمع أهمية، وقد يفوقه في الأهمية أحياناً. وقد سبقنا إلى هذه الملاحظة كثيرون، وتولى المهتمون بالإعجاز العلمي للقرآن شرح السبب في هذا الترتيب القرآني، وأثبتوا أنه مطابق للترتيب الزمني لتكامل حاستي السمع والبصر في الإنسان، فبينما يصبح الجنين سميعاً وهو في الشهر الثالث من الحمل، نراه لا يصبح بصيراً إلا بعد الولادة بحوالي أسبوعين.. وإذا كان لي أن أضيف شيئاً فهو شرح حكمة الخالق وراء ذلك الترتيب: فاكتمال حاسة السمع في هذا الطور المبكر يعطي الجنين فرصة الاستماع إلى دقات قلب أمه فترة كافية تجعله يستوعبها تماماً بحيث يتذكرها بعد الولادة كلما ضمته إلى صدرها، وبهذا يهدأ ويطمئن إلى حضنها خصوصاً في وقت الإرضاع.. وبديهي أن الطمأنينة هي من أهم دواعي رفع مستوى الاستفادة التغذوية.. على عكس ما كان يمكن أن يحدث لو تأخرت حاسة السمع إلى ما بعد الولادة فيفاجأ الرضيع بصوت لم يسبق له سماعه يشبه قرع الطبول ينبعث من صدر أمه ويُصَب في أذنه مباشرة.. هذا عن حاسة السمع... وأما حاسة البصر فإن أعضاء الإبصار لا تمارس وظائفها إطلاقاً طوال الحياة الجنينية ـ رغم اكتمال تكوينها ـ لسبب بسيط هو انعدام الضوء اللازم لنقل صور المرئيات.. فضلاً عن أن الجنين ليس في حاجة إلى ممارستها أصلاً.. ولهذا فإن جفونه تظل مغلقة لحماية العينين من السائل الرهلي الذي يغمر أصلاً.. ولهذا فإن جفونه تظل مغلقة لحماية العينين من السائل الرهلي الذي يغمر جسمه... وهو لا يبدأ فتح جفونه إلا بعد خروجه إلى عالم النور حيث يكون لأشعة الضوء أثرها في تنبيه أعضاء جهاز الإبصار إلى بدء ممارسة وظائفها ثم في تحسين هذا الأداء تدريجياً بالتكيف مع شدة الضوء وأبعاد المرئيات.
·وإذا كنت ـ بحمد الله ـ لم أجد صعوبة في العثور على الأسانيد العلمية لهذا الترتيب بين السمع والبصر في عشرات الآيات التي تقرن بينهما.. فإن الآيات التي تختص البصر وحده بالذكر كان لي معها وكان لها معي شأن آخر..
·وأول ما استوقفني وحيّرني في عشرات الآيات التي تخص حاسة الإبصار بالذكر هو اختلاف اللفظ المستعمل للتعبير عنها: فهو أحياناً يكون مشتقاً من لفظ ( بصر )، وأحياناً أخرى من لفظ ( رأى )... وفي أحيان أخرى من لفظ: ( نظر )..
وإليكم مثالاً لكل حالة:
·فالتعبير بلفظ الأصالة ( بصر ) يتمثل في قوله تعالى على لسان السامريّ مخاطباً نبي الله موسى عليه السلام بعد دعوته من لقاء ربه ( الآية السادسة والتسعين من سورة طه ).
)قال بصرت بما لم يبصروا به (.
·والتعبير بلفظ: ( نظر ) يتمثل في الآية 101 من سورة يونس:
)قل انظروا ماذا في السماوات والأرض (.
·والتعبير بلفظ: ( رأى ) يتمثل في الآية الخامسة من سورة الحج:
)وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت (.
والألفاظ الثلاثة مختلفة تماماً في البنية اللغوية وليس بينها حرف واحد مشترك سوى حرف الراء.. كما أنها ليست من المترادفات بحيث يصح استعمال أي لفظ منها مكان أي لفظ آخر دون الإخلال بالمعنى... فهذا خطأ يتنزه كلام الله عن مجرد التعرض للقليل منه.. وليس صحيحاً أن استعمال الألفاظ الثلاثة هو من قبيل التنويع الدال على الثراء اللفظي، خصوصاً إذا وردت مجتمعة في آية واحدة كما في الآية 198 من سورة الأعراف:
)وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (.
فالقارىء المتدبر لا بد وأن يستكشف وراء هذا التنويع اللفظي وظيفة أهم هي دقة التعبير عن خصوصية المعنى.. ولكي يتحقق لنا ذلك نستعرض معاً أهم الحقائق العلمية الأساسية:
1ـ إن وظيفة الإبصار (vision)عملية مركبة من شقين متكاملين هما: النظر (looking)وتقوم به العين والرؤية (sight)ويقوم بها مركز عصبي خاص في قشرة المخ (الدماغ brain) وهو متصل بشبكية العين عن طريق العصب البصري.. وبقيام هذا المركز بإدراك ما يرد إليه من الشبكية تتم عملية الإبصار ( ولهذا فهو يسمى أيضاً مركز الإبصارcenter of vision)..ومن الممكن إذن تعريف عملية الإبصار بأنها: ( الإدراك الحسي لمعالم المرئيات ذات الكيان المادي بعد النظر إليها في الضوء ).
آلية عمل العين تشبه آلية عمل آلة التصور ولكن أشد تعقيداً
2ـ أن الصور التي تسقط على الشبكية لا تنطبع عليها مثلما تنطبع الصورة الفوتوغرافية على سطح ( الفيلم الخام )، ولا حتى على الورق الحساس بعد ( تحميض ) الفيلم.. وإنما تنتقل فوراً ـ على شكل ومضات عصبية ـ عبر العصب البصري لتصل بسرعة لحظية إلى مركز الرؤية.. ولكنها ـ هنا أيضاً ـ لا تتراكم وإنما يتم ترحيلها أولاً بأول إلى مركز عصبي آخر في المخ ( متصل عضوياً بمركز الإبصار ) حيث يتم تصنيفها و( فهرستها ) وحفظها في ( أرشيف الكتروني ).. ( والقياس مع الفارق ).
3ـ أن المخ قادر على استحضارأي عدد من تلك الصور المخزونة في أي وقت لا حق بحيث يقوم مركز الرؤية بإعادة مشاهدتها أي استعراضها بعد زوال الأجسام التي تمثلها بوقت يتناسب عكسياً مع قوة الملاحظة والقدرة على الاستيعاب والتذكر.
4ـ أن التكامل الوظيفي بين العين والمخفي إتمام عملية الإبصار لا يمنع من أن يقوم كل منهما ـ في أي وقت ـ بعمله مستقلاً عن الآخر ( مع اختلاف النتيجة وفقاً للجزء الذي يعمل).
هناك تكامل وظيفي بين العين والدماغ للقيام بعملية الإبصار
نظر بلا رؤية؟ أو رؤية بلا نظر؟.
وبناء على تلك الحقائق الأساسية فإن عملية الإبصار لا تتم إذا انعدام أحد شقيها.. ولكن الشق الذي يتم أداؤه يأخذ شكل ظاهرة غير مألوفة لأنها تمثل عملية فسيولوجية ناقصة.
والظاهرتان المحتملتان كنتيجة لهذا الانفصال الأدائي بين العين والمخ هما:
النظر بلا رؤية:وهنا يحدّق الناظر بعينين سليمتين مفتوحتين في الجسم الموضوع أمامهما ـ مغموراً في الضوء ـ ولكن الناظر إذا سئل عما أمامه لأنكر أن أمامه شيئاً على الإطلاق ( وهو في ذلك صادق لأنه بالفعل لا يبصر شيئاً بسبب عدم قيام مركز الإبصار بعمله في وقت النظر ).. والنظر بلا رؤية ـ وبالتالي بلا إبصار ـ يحدث عندما يكون الناظر شارد الذهن أو في حالة رعب شديد مفاجىء أو واقعاً تحت تأثير الخمور أو المخدرات... فكل هذه تسبب عطلاً مؤقتاً لخلايا المراكز العصبية في المخ ( بما فيها مركز الأبصار ).. والنتيجة هي حالة عمى مؤقت يزول بزوال أسبابه.. أما إذا أصيبت خلايا مركز الإبصار بتلف عضوي فالنتيجة هي العمى الدائم ( على الرغم من سلامة العينين ).... والعمى الدائم يمكن أن يحدث أيضاً رغم سلامة العينين وسلامة مركز الرؤية أيضاً وذلك في حالة تلف العصب البصري.. والسبب في هذه الحالة هو أن عملية الإبصار تتوقف عند الحد الفاصل بين النظر والرؤية ( أي: أن الصورة الواقعة على الشبكية لا تجد ما ينقلها إلى مركز الرؤية ).
وحالات النظر بلا رؤية معناها عدم القدرة على الإبصار بسبب انعدام الركن الفعلي أو الإدراكي وهو الرؤية... تماماً مثلما أن الصورة الفوتوغرافية تظل خافية على الفيلم الخام ما لم يتم ( تحميضه ). [ وبالمناسبة هذه العملية التي نسميها ( تحميضاً ) يطلق عليها في لغات أخرى غير عربية اسم آخر أكثر دقة في التعبير عن طبيعتها هو (development) بالإنجليزية أو (entwicklung)بالألمانية ومعنى الكلمتين بالعربية هو تكوين.. وهو نفس اللفظ المستعمل علمياً في جميع اللغات للتعبير عن عملية تخليق الجنين في ظلمات الرحم ].
الرؤية بلا نظر:وهي تحدث نتيجة عطل في عضو النظر ( العين )، أو عضو نقل الصورة ( العصب البصري ).. أو كليهما، بشرط بقاء المراكز العصبية ( وأولها مركز الإبصار ) سليمة عضوياً ووظيفياً... والرؤية بلا نظر يمكن أن تحدث أيضاً رغم عدم وجود ما يمكن النظر إليه أصلاً.. وذلك باستحضار بعض المشاهد القديمة من الرصيد المخزون من عمليات إبصار سابقة، وهذا يدخل في باب ( أحلام اليقظة ).. قياساً على الأحلام التي ( نراها ) أثناء النوم...
وللتعليل على انعدام ركن النظر ( وبالتالي انعدام أهمية العين ) في هذه الأحوال، يكفي أن أذكر بأن استحضار المشاهد القديمة يتم بصورة أفضل إذا أغمض المرء عينيه. لأنه عند فتح العينين فإن ما تقعان عليه من ( منظورات ) تتداخل صورها مع الصور التي يستحضرها المخ ( وهي مجرد مرئيات )... ولهذا يحدث ( تشويش ) على مركز الرؤية.
من وحي آيات البصر:
والآن إلى النصوص القرآنية التي تتحدث عن النظر والبصر والرؤية نتدبرها في ضوء هذه الحقائق العلمية الثابتة ونبدأ بنص قرآني يتضمن لفظ ( بصر ) بمعناه البيولوجي الكامل: ذلك هو الآية الحادية عشرة من سورة القصص حيث يقول عز وجل على لسان أم موسى:
)وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون (.
الموقف هنا حدثت فيه عملية إبصار تامة الأركان: فأخت موسى أولاً قامت بالنظر هنا وهناك بحثاً عن أخيها الطفل المنشود والذي سبق لها النظر إليه ورؤيته وبالتالي إبصاره، فلما وقعت عيناها عليه في هذا المكان الجديد تكونت له في مخها صورة مطابقة لتلك التي اختزنها عقلها الباطن في مرات سابقة... فتعرفت عليه... أما والحالة هذه فأي الألفاظ الثلاثة ـ تعبيراً عن هذا الموقف؟ لا شك هو لفظ ( بصر ) الذي ورد في النص القرآني للتعبير في إيجاز معجز عن اكتمال أركان عملية الإبصار...
وفي الآية الثلاثين من سورة النور يقول سبحانه وتعالى:
)قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم (.
والأبصار المذكورة هنا والمأمور بغضها ( أي: خفضها ) هي العيون التي هي النوافذ التي نطل منها على الموجودات.. والعين ـ علمياً ـ هي عضو النظر... فلماذا لم يستعمل لفظ الأنظار واستعمل بدلاً منه لفظ الأبصار؟ لو اقتصرنا على الجانب اللغوي لقلنا إن هذا نوع من البلاغة التي يستعمل فيها ما سوف يكون محل ما هو كائن ( على غرار قوله تعالى في سورة يوسف: )إني أراني أعصر خمراً ()... ولكن هذه البلاغة لها أيضاً سند علمي إذ إن النظر هو بوابة البصر، ومنع عملية الإبصار يتم بسهولة أكبر لو بدأنا بإغلاق الباب المؤدي إليه وهو العين... ومن مظاهر عدالة الله أن جميع العضلات المتحكمة في تحريك كرة العين وفي فتح الجفون وإغلاقها هي من النوع الإرادي الخاضع لسيطرة المخ وهو الذي يحوي مركز الإبصار كما يحوي مراكز الحركة أي أنه هو المتحكم الفعلي في حركة تلك البوابات التي تنفذ عن طريقها صور المرئيات إلى المخ ومن ثم يتحول النظر المجرد إلى إبصار فعلي... إذن فالأمر بالغض في آية سورة النور مقصود به الأصل والمنبع تجنباً للشر من أول الطريق المؤدية إليه...
من وحي آيات النظر:
من حيث إن عملية الإبصار هي محصلة خطوتين هما النظر والرؤية... لهذا فإن الدقة العلمية لا تتوفر أركانها إلا إذا استعمل كل من هذين اللفظين للتعبير عن الخطوة المقصودة بالذات.. فتعالوا بنا نستعرض بعض النصوص القرآنية لنرى كيف أن كلاًّ من اللفظين ( نظر ) أو (رأى ) قد استعمل بإحكام للتعبير عن الجزء الذي يخصه من عملية الإبصار.
هذا فيما يتعلق بالشق الأول وهو ( النظر )... والنظر كما نعرف جميعاً قد يكون خاطفاً وقد يطول بهدف تأمل المنظور ( إما لدراسته أو للاستمتاع بمنظره )... كما أن النظر قد يكون مقروناً بالتدبر وقد لا يكون.. وكل هذه الأحوال عبّر عنها القرآن الكريم في مواضع عديدة متفرقة وإليكم بعض الأمثلة:
يقول سبحانه وتعالى في الآية الثامنة والثمانين من سورة الصافات:
)فنظر نظرة في النجوم (.
( والحديث عن خليل الله إبراهيم عليه السلام بعد طول جداله مع قومه حول قضية الإيمان ).
وفي الآية رقم 101 من سورة يونس يقول جل وعلا:
)قل انظروا ماذا في السماوات والأرض (.
أما في الآية السابعة عشرة من سورة الغاشية فيقول عز من قائل:
)أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت (.
إن الهدف من النظر في هذه الحالات الثلاث هو تأمل خلق الله واستشعار عظمته... وهذا هو شأن من أراد الله لهم الهدى.. أما النظر بلا تفكير فهو غفلة يتصف بها من عطلوا عقولهم شأن كفار قريش الذين أغلقوا قلوبهم فختم الله عليها، وعنهم يقول سبحانه وتعالى ـ مواسياً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ـ في الآية رقم 198 من سورة الأعراف:
)وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (.
مع ملاحظة أن البصر في هذه الآية ليس البصر الحسي وإنما هو مقصود بمدلوله المعنوي وهو البصيرة التي بها يمكن التمييز بين الحق والباطل.
·ونعود إلى النظر بمعناه الحسي المجرد فنقول: إن إدامته إلى ما حرم الله إثم وإلى ما يصرف عن ذكر الله لهو...
أما إدامته إلى ما أحل الله تعالى بهدف التلذذ برؤية الجمال فهو مباح.
ـ يقول سبحانه وتعالى في الآية رقم 143 من سورة الأعراف:
)ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك. قال: لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني (.
ذلك لأن الناموس الساري في الحياة الدنيا هو أن الله لا تدركه الأبصار، وهي صفة خاصة بذاته العلية ولكن يسبغها الله على من يرتضى من عباده إذا كان في معيته.. ولعل هذه المعية هي التي أعمت أبصار كفار قريش الواقفين على باب غار ثور وبداخله محمد الذي يبحثون عنه ومعه رفيقه الصديق قبيل انطلاقهما إلى المدينة.. يقول سبحانه وتعالى في الآية الأربعين من سورة التوبة:
)ثاني اثنين إذ هما في الغار إذا يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا (.
بهذه المعية مع الله لم تدرك أبصار كفار قريش ضالتهم المنشودة وهي قريبة من أرجل خيلهم... وهذه المعية نفسها هي التي أعمت أبصارهم عنه فمحمد يوم خروجه من داره بمكة وهو يمر من بين صفوفهم وأمام أعينهم مردداً قوله تعالى: ( الآية التاسعة من سورة يس ):
)وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون (.
وعموماً فنحن في كلتا الحالتين أمام معجزة تتعطل أمامها كل القوانين السارية في الأحوال العادية.
بيولوجية الرؤية في القرآن:
عرفنا منذ قليل أن الرؤية هي الخطوة التالية للنظر، وأنها هي التي تتم بها عملية الإبصار.. فهي إذن الخطوة الحاسمة.. ونظراً لأهميتها فإن القرآن كثيراً ما يعطي لفظ ( رأى ) ومشتقاته الأولوية في التعبير عن عملية الإبصار كلها... خصوصاً إذا كان الهدف الرئيسي منها هو التدبر والاعتبار... وهذا التفضيل يتناسب مع كون الرؤية من الوظائف العليا التي يقوم بها المخ الإرادي وهو المتحكم في الجوارح والتصرفات... وإليكم بعض الأمثلة الدالة على ما أقول:
ففي الآية السادسة والسبعين من سورة الأنعام يقول رب العزة عن رحلة خليله إبراهيم عليه السلام مع الإيمان:
)فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (.
وفي الآيتين التاليتين في نفس السورة يتكرر استعمال لفظ ( رأى ) نائباً عن اللفظين الآخرين في التعبير عن عملية الإبصار.. وهذا مناسب لكون الهدف منها هو إثبات قضية عقلية.
وفي سورة النمل أكثر من آية استعمل فيها لفظ ( رأى ) تفضيلاً له على لفظ ( نظر ) لأهميته ودقته في التعبير عن الجزئية المقصودة من عملية الإبصار... ففي الآية العشرين يقول سبحانه:
)وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (.
من المؤكد:أن نبي الله سليمان قد استخدم عينيه في النظر هنا وهناك بحثاً عن الهدهد المنشود ـ قبل أن يصرح بعدم رؤيته. وأنه ـ عليه السلام ـ وهو يتفقد الطير كان يستحضر في ذهنه صورة الهدهد الغائب، وهي التي عرفها واستوعبها من عمليات إبصار سابقة.. وهذا الاستحضار هو عملية ذهنية خالصة يقوم بها مركز الرؤية.. ولهذا كان لفظ ( رأى ) أدق من أي من اللفظين الآخرين في التعبير عن هذا الموقف الذي يبدو مثل موقف أخت موسى في البحث عن شيء منشود.. ولكن في حالة أخت موسى كان المنشود موجوداً فنظرته وبالتالي أبصرته ( ولهذا استعمل القرآن لفظ البصر في قوله تعالى: )فبصرت به (أما هنا فالشيء المنشود ـ وهو الهدهد ـ ليس له وجود أي: أن النظر لم يحقق وظيفته وبالتالي لم تتم عملية الإبصار... ولم يبق إلا اللفظ الثالث الذي استعمل هنا في موضعه تماماً: )ما لي لا أرى الهدهد (.
وفي الآية الثامنة والثلاثين وما بعدها من سورة النمل يأتي ذكر عرش ملكة سبأ الذي تم نقله من مكانه في اليمن إلى مجلس سليمان في الشام في أقل من طرفة عين... وطرفة العين هي المدة الزمنية اللازمة لإلقاء نظرة واحدة.. وتعبيراً عن هذه السرعة الخارقة كان هذا الإيجاز الخاطف في التعبير متمثلاً في قوله تعالى في الآية الأربعين:
)قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي (.
هنا نلاحظ ما يمكن أن نسميه ( تجسيداً بلاغياً ) للسرعة وهو يتمثل في إغفال ذكر جميع الأحداث التي تمت منذ تعهد المتكلم بإحضار العرش إلى أن رآه سليمان عليه السلام مستقراً أمامه يعني: رآه شيئاً مادياً ملموساً أمام عينيه ... ولا شك: في أنه قد ألقى عليه نظرة ( بل وربما نظرات ) ليتأمله ( خصوصاً وهو يراه لأول مرة )... ولكن التعبير القرآني أغفل عملية النظر تماماً، وتخطى هذه المرحلة ليصل بنا رأساً إلى ما بعدها وهي الرؤية التي تمت بها عملية الإبصار. وهنا يا إخواني أرجو ألا أكون بهذا التحليل قد اجترأت على قدرة الله التي يتحقق جزء ضئيل منها بصورة تذهل عقولنا عندما تحدث المعجزات الخارقة لكل قوانين الطبيعة.
الرؤى... والأحلام:
وقبل أن نختتم الحديث عن الرؤية كإحدى وظائف المخ لا يفوتنا التحدث عن إحدى صورها المذكورة بكثرة في القرآن الكريم.. تلك هي الرؤية المنامية أي: ( الرؤيا )... وهي ما نعبر عنها عادة بالأحلام حيث يقتصر العمل على ما يقوم به العقل الباطن الذي ينشط عند ضعف السيطرة على الجوارح، ولا تستعمل العين كعضو نظر ( بل لا إمكانية أصلاً لقياسها بهذه الوظيفة فإغلاق الجفون من الأعمال المصاحبة للنوم ).
وتتصدر سورة يوسف جميع سور القرآن من حيث عدد الآيات التي ورد فيها ذكر الرؤى المنامية والتي نذكر منها ثلاث نصوص، تكرر التعبير فيها عن الحدث بلفظ: ( رأى ).
وتقول الآية الرابعة من سورة يوسف:
)إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً (.
وتقول الآية السادسة والثلاثون:
)ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما: إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر: إني أراني أحمل فوق رأسي حبزاً تأكل الطير منه (.
وتقول الآية الثالثة والأربعون:
)وقال الملك: إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف (.
وفي سورة أخرى هي سورة الصافات تقص علينا الآية الثانية بعد المئة موقف خليل الله إبراهيم مع ابنه:
)فلما بلغ معه السعي قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك (.ففي هذه النصوص القرآنية كلها كما في غيرها من النصوص التي تتحدث عن الأحلام كان استعمال لفظ رأى تعبيراً دقيقاً عن حقيقة الأحلام بوصفها استحضاراً لمشاهد قديمة مختزنة في الذاكرة وإعادة مشاهدتها بواسطة مركز الرؤية في المخ دون حاجة إلى عضو النظر... لأن كل مشاهد الأحلام إنما هي مرئيات مجردة ليس لها كيان مادي مجسم يمكن النظر إليه، ومن ثم ألغيت عملية النظر وبالتالي لا يحدث إبصار...
الأحلام يتم بعضها باستحضار مشاهد قديمة مختزنة في الذاكرة وإعادة مشاهدتها
وهنا أرجو أن نتوقف قليلاً لتتأمل معاً التشابه الذي يكاد يكون تطابقاً ـ في البنية ولنتلمس ما في هذا التشابه من بلاغة ودقة في التعبير عن التناظر بين العمليتين المقصودتين، وكلاهما في جوهرهما من وظائف مركز الرؤية في المخ.
ثم لنتأمل اللفظ الآخر المستعمل في الفصحى والعامية للتعبير عن الرؤى المنامية وهو لفظ (أحلام )... لنجد أنه هو نفسه اللفظ الذي يعني العقول، التي يؤكد علماء النفس البيولوجي (biopsychologists)على أن الجزء الباطن منها هو مصدر المشاهد التي يتألف منها (سيناريو ) الحلم أو الرؤية المنامية..
أليس من حقنا بعد هذا أن نعتز بأن لغتنا العربية هي سيدة اللغات بدليل أن الله قد شرفها باختيارها ( وعاء ) لمعاني القرآن الكريم الذي هو سيد الكتب السماوية؟... جل من هذه مشيئته وسبحان من هذا كلامه...
هذه هي بعض الخواطر البيولوجية التي سنحت لي وأنا أتدبر معاني كلام الله سبحانه وتعالى في مجال الإبصار بشقيها الرئيسيين ( النظر والرؤية ) بوصف أن حاسة البصر هي من أعظم نعم الله علينا...
نحمد الله الذي خلقنا في أحسن تقويم، وصورنا فأحسن صورنا، والذي جعل عيوننا نوافذ نطل منها على عالم الموجودات التي أبدعتها يداه سبحانه وتعالى... ونسأله أن يتم نعمته علينا بأن ينير بصائرنا كما أنار أبصارنا... فهو وحده نور السماوات والأرض، وهو الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار... والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 0 والزوار 16)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 280.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 274.51 كيلو بايت... تم توفير 5.80 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]