حاتم الضامن: سيرة ومسيرة وصحبة العمر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الخطاب الدعوي في ألمانيا بين الحس الأمني والحفاظ على الثوابت: خطبة عن فلسطين كأنموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          سلسلة شرح الأربعين النووية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 677 )           »          آخر جمعة من رمضان 1445هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          هدايات سورة يوسف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          اللهم آمنا وثبتنا على الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (7) (الدعاء) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (6) (البحث عن التوفيق) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          شرف السلام في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          المتصدق على زانية وغني وسارق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          خطبة عيد الفطر شوال 1445 هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-03-2020, 02:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,725
الدولة : Egypt
افتراضي حاتم الضامن: سيرة ومسيرة وصحبة العمر

حاتم الضامن: سيرة ومسيرة وصحبة العمر
د. مروان العطية




(1)
الديباجة
عشقتُ الكتاب مذ دخلت الجامعة السورية طالبًا في قسم اللغة العربية، وكنت أنتهز الفرص؛ لأزور مكتبة عبيد في سوق الحميدية بدمشق، ودار الفكر قرب محطة الحجاز، ومكتبة أطلس في الصالحية، وأشتري بما في جيبي من كتب ينصحنا بها أساتذتنا. وما أن تخرجتُ من الجامعة حتى صار عندي قدر حسن من الكتب، وعددته نواة لمكتبة أحلم بتوسعها. وثابرتُ على جمع الكتب الأدبية واللغوية والتراثية حين عُيِّنتُ مدرسًا في إحدى ثانويات مدينتي دير الزور التي كانت عامرة يومًا أعاد الله بهاءها.

وكنت أقضي معظم وقتي بين أَرْفُفِ المكتبة المتزاحمة. ولما لم تعد تكفي رتَّبْتُ الكتب رديفين في كلِّ رفٍّ. وكنتُ أتناول الكتابَ تِلْوَ الكتابِ وأطالعه بشغف، من غير أن يخطر على بالي ما تخبئه لي الأقدارُ السعيدة من وراء هذه الكتب.

وفي صيف عام 1980م وفد على ديرنا أحدُ أساتذتي الأجلاء من حلب، وهو الدكتور محمد ألتونجي، وأخبرني أنه قدِم لتأسيس كلية الآداب في بلدي. وحين استَزَرْتُه راجيًا الاطلاع على مكتبتي، أجابني ملبيًّا دعوتي. فأبدى إعجابه الشديد من حجم المكتبة ومما تضمه من الأمهات والمصادر والكتب التراثية. فكلفني فورًا بتدريس مقرر (المكتبة العربية). وكانت فرصة كبيرة لي اهتبلتها من تكليفه.

ثم إنه سألني عن استفادتي من هذه المكتبة، عدا المطالعة. فكان جوابي الحق هو الصمت. فقال: مثل هذه المكتبة تفتح لك الآفاق في التأليف والتحقيق. وإلا لماذا كان علماؤنا يقتنون كتبًا؟.

فأدركتُ تقصيري، وسرعان ما تلافيته بالتدريس الجامعي، والتحضير للدكتوراه، وتحقيق بعض المخطوطات. وبسنوات قلائل حزت درجةَ الدكتوراه، ودخلتُ سلك التدريس الجامعي من بابه الواسع في إحدى جامعات الخليج العربي. ومن الطبيعي أن تلد مكتبي كوكبات من الكتب مما في مصر، والإمارات العربية، ومن مراسلاتي لدور النشر.

(2)
بدء صلتي بالدكتور حاتم الضامن
وكانت الفرصة الثانية والعزيزة التي انتفعت بها من مكتبتي أن انعقدت أواصر الصلات العلمية مع الشيخ الكبير حاتم الصالح الضامن-رحمة الله عليه- وبدأ التواصل العلمي بيني وبينه من أجل الكتاب والمخطوط بالمراسلات البريدية ثم الإلكترونية. ولما لمس الشيخ مني حبًّا بالكتاب ومعرفة بأصوله وأهميته أظهر لي ودًّا لا يحدُّ، وإخلاصًا لا يعد، وعطفًا لا أكاد أوليه حقه من الشكر. وأهل الحرفة أدرى بأسرار حرفتهم، وأدعى إلى معرفة كفاءة بعضهم لبعض.

ومن حسن حظي أنني حظيت بكوكبة من العلماء الأفذاذ الذين يَكبرونني سنًّا وقَدْرًا. وأنا أعلم أن الكبيرَ لا يغار من الصغير، والأستاذَ لا يتوانى عن مساندة المريد. فأبدى لي الشيخ عونه لمّا لمس مني حبًّا للعلم، وغيرة على التراث المخطوط منه والمطبوع.

وكان خير ما يحدثني به ويشنِّف آذاني هو الحديث عن الكتاب، وخير ما يهديني إياه هو الكتاب، بعد أن لمس شغفي ونقاط ضعفي.

فكان يتحفني تباعًا بالمطبوعات العراقية النادرة، في وقت كانت القطيعة بين الأختين التوأمين: العراق والشام-مع الأسف- على أشدها، وكان الاتصال بين الأخوة والسلع والكتب محظورًا حظرًا باتًّا.

فكنت أشمُّ الكتاب لأحبابه بقدر حبي للعراق، وأملي في أن يعود إلى البلدين الوِفاق. وكنت أتباهى بما يصل إليَّ مِن الدكتور حاتم، وأعلن على الملأ وصول المعونة-وهي خير مؤونة- من كتب من عراقنا الغالي.

ولعلي كنت الوحيد تقريبًا - في ذلك الزمان الأدكن - الذي يقتني تلك الكتب الثمينة.. والتي كان يهتمُّ باقتنائها علم أعلام التأليف والتحقيق.

وكان صحبي وبعض أساتذتي من عشاق العلم، وممن يتشوَّقون إلى رؤية كتاب مطبوع في بغداد، أو الموصل، أو البصرة، يتوافدون على مكتبتي للاطلاع على نوادر المطبوعات التحقيقية والتأليفية، التي كنت أزيِّن بها مكتبتي التي غدت عامرة، ويقرؤون على هامش الورقة الأولى إهداء الأستاذ الدكتور حاتم وتوقيعه. فيهنئونني على الإهداء قبل الاقتناء، ويغبطونني بلا حسد أو رياء.

كما كان يهديني-هداه الله المغفرة- مؤلفاته الثمينة ومنشورات البحث العلمي العراقي، والتي هي أفخر ما دلف إلى مكتبتي من منشورات، والتي أرجو من الله أن يحفظها لي - كما يحفظ وطني الغالي - مدينتي دير الزور التي تتحرَّق قهرًا، وتتمزق أوصالها تفرُّقًا، ويعمي عنها أبصار الجهلة، وتدمير القتلة، والتمثيل بفراتها وواحاتها.

وأخشى ما أخشاه أن يُمَسَّ غلافٌ من كتبها بأذى؛ لأنها من كنوزنا التي نعتز بها وأعزُّ ما نعتز به هو العلم. بل أخاف على الكتب مما نُنكب به من وَيل واغتيال. وهل أنسى ما فعله هولاكو بتراث سلفنا الصالح من المؤلفين، وما فُرات الدير عن فرات بغداد ببعيد. وقد جمعتها على مدى نصف قرن من دَسَم مالي ومن رُعاف قلمي.. وأين مكتبتي المتواضعة هذه من مكتبة شيخي الجليل؟!

وإنني لأتباهى، وأضع هذه المباهاة تاجًا على رأسي المُنْحني إجلالًا لمن كان يُغذِّيها، ويسعد بتغذيتها؛ أملًا في يوم تعود عُرَى المحبة بين القطرين، ويزول عنهما شؤم الجهل والتفرقة، ويزهو الكتاب، وتتفتح آفاق العلوم بالمكتبات.

كما أنني كنت – وما زلتُ - أتباهى تباهيًا لا حدود له، حين كان يتفضل به علي بنشر أبحاثي التي كنتُ أرسلها إليه؛ لأشتمَّ بقلمه رضاءه على ما أكتب. وتمضي الأيام من غير جواب إذ بي أفاجأ بما أرسلتُ منشورًا في أرقى المجلات العلمية والمحكَّمة ولمجلات المجمع، وفعله الكريم هذا، ولفتته العلمية الغالية هذه من نعم الله الكبيرة عليَّ، مما أشيد به وأفتخر.

وكم كنتُ أرجو بأن أتشرَّف بأن يصحح لي ما سها عنه قلمي، أو غاب عن ذاكرتي. فأرى قلمه قد عمل عمله حيث كنت أشك به، وأعمل فيه شيخي حيث غامت عنه ذاكرتي.

وحين أنجاه الله من كابوس الزبانية، وأبعده سالمًا من قهر بعض من يسعون إلى كسر الأقلام وطمس الورق عن الأفهام، وبقدرة قادر عزيز شمَّ عبيرَ الحرية حين وصل إلى أبوظبي ظافرًا بحياته، ناجيًا بعلمه وأدواته. فكانت سعادة لي ولمحبيه، بفوز الكلمة الحق، وحمدنا الله، وكان فتحًا لا يُنسى.

وبقدومه إلى أبوظبي ارتقى تواصلنا ارتقاءً متميزًا، فتحول اللقاء البريدي والإلكتروني إلى لقاء أخويٍّ موشوجٍ بحبل متين من العلم متناغم بكثير من التوافق الفكري. وإذا لقيته - ويحصل هذا مرارًا - وشعر الشيخ برغبتي في طول الحديث، عطَّل عمله على مكتبه، وأرجأه إلى حين؛ لنسترق الساعات الطوال بدعوة كريمة منه، ونتبادل الأحاديث والأشجان، وما كانت تدور بأكثر من بسط النقاش حول المخطوطات، وتحقيقها، ونشرها، وأين توجد المخطوطة الفلانية، ومن يسعى إلى تحقيقها ونشرها، ومن يجيد عمله ومن يقصر فيه.

وكان - حفظ الله ذكره في أفئدة محبيه - يخصني بمثل هذه الجلسات من غير ثالث لنا. وهدفُه نِشْدان الراحة الفكرية في غرس ما يحرص على تشنيف آذاني به، إيمانًا منه بأنني أفهم أحاسيسه، وأصدُق بأحاديثي. ولم تنقطع هذه اللقاءات العلمية بيننا ما دام الشيخ في أبوظبي، وما دمت أقوم بتلك الديار العزيزة.

وطرأ على وضعي العلمي طارئ كان علي أن أحكيه له ليفرح لي، ويبذل لي نصحه فيه. وانتظرتُ لقاءه بفارغ من الصبر، واستعجلته به. فلبى الدعوة واستجاب. لكنه فاجأني بأن أسرَّني ببشرى سارة، ما كنت أحلمُ بوقوعها، ولم تخطر على بالي لاستحالتها في ظني، وإن كان جزء منها مبتغى آمالي.

بشَّرني وهو يبتسم - أفسح الله له جِنانه، وأراح من الذنوب جَنانه - وكلمني قبل أن أفتح فاهي بما جئته من أجله. لقد أبلغني أنه رشحني-وأوصى المسؤولين- لأكون خليفته في عمله العلمي بمكتبة الشيخ جمعة الماجد في دبي؛ لأنه رآني خير خلف له، بحكم اشتغالي بالتأليف والتحقيق وسيري على خطاه في هذا الميدان.

فاعترتني نشوة لا تقاس، وهبَّتْ شفتاي إلى أنامله المعروقة السمراء لتباس.. أأجلس أنا على مكتب شيخي، وأقوم بما يقوم به من جهد أنوءُ به في مكتبة الشيخ جمعة الماجد؟، إنه حلم بعيد المنال، وتنفيذه - في ظني- من المحال.. أأنا أخلف هذا الرجل الماجد في ذلك الصرح الماجد؟.

وتلعثم اللسان، وغاب عن البيان والتبيين، ولعن الله الشياطين، التي أنستني الكلام الرصين. ثم سحبت كلامي شاكرًا، وبذلته مقدِّرًا غير أنني أتبعته باعتذاري لقلة ماعون اقتداري.. فالشيخ أطال الله عمره -كان آنئذ- ذا همة علية، وينعم بصحة هنيَّة.

ثم لأنني جئت أبشره بموافقة جامعة صلالة في سلطنة عُمان، وأجبتهم بالموافقة، وعليَّ أن أرحل في أقرب الوقت بعد لقائي به. وهي - في نظري - أيضًا فرصة علمية لا تُعوض، لأتابع عملي العلمي الذي خُلقت له، وهو التدريس في الجامعة. والعمل المكتبي، وإن كان شرفًا لي ولاسيما بتزكية شيخي الجليل لا يناسبني حاليًا، فأنا مرتبط بالجامعة منذ عام 1980م.

وأخشى على نفسي من أن أستعذب الإرهاق على المكتب، وأنسى التعليم الجامعي الأرحب، ولكنها تزكية غالية أزين بها أوسمتي ومباهاتي.

وودعت شيخي وأودعته تقديري، ورجوته ألا يضنَّ على رسائلي، وكان يستقبل ما أرسله، ويجيبني ويتواصل معي.. وإذا انتهزتُ فرصة أو إجازة وجئت أبوظبي تجدَّد لقائي به، وتعزَّز بالأخبار الجديدة والحديث عن المنشورات العديدة. وكنت أهديه ما نشرت أو حققت، وكان يشرِّفني بتقديم ما طبع ونشر على عادته التي لم تنقطع يومًا منذ المبادرة الأولى. ويبادر إلى لقائي، ومن ثمَّ لدعوتي إلى الغداء، وقصده أن تطول الجلسة.

واستمر الحال على هذا المنوال من غير تقصير مني أو تقصير منه. إلى أن زرت دبي في العام الفائت، وأنا أمنِّي النفس بلقائه بعد مضي عام على لقائي السابق به.. غير أنني فوجئت بالنبأ، وفجعت بالنعي، فجفَّ ريقي، وتجمد دمي في عروقي، وأحسست بضياع قلب العالم عني. وأدركتُ حينها أن تزكيته لي إحساس منه بدنو الأجل، وخوفه على ما يقوم به من عمل، خوفاً على ضياعه.

رحمة الله عليه، وبرَّد الله مضجعه، وترَّب مرقده، وأسكنه فسيح جناته. وتلك خسارة علمية لنا في زمان نحن فيه أحوج ما نكون إلى شيخ غيور حنون، نستفيد من ميره، وننمو بخيره، ونصب برأيه.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-03-2020, 02:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,725
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حاتم الضامن: سيرة ومسيرة وصحبة العمر

حاتم الضامن: سيرة ومسيرة وصحبة العمر
د. مروان العطية





(3)



المكتبة الحاتمية



لا يمكن لعالم كيميائي أن يعمل ويعيش ويشتغل في ميدانه واختصاصه، ويضمُّ كل ما يحتاج إليه من أدوات ومواد. وكذا العالم اللغوي لا بد له من مكتبة ذاخرة تضم المصادر التي تعينه في إنتاجه.







وتعدُّ مكتبة الدكتور حاتم من أهم المكتبات العراقية الخاصة. فهي تحتوي أندر ما صدر من تصانيف ومطبوعات ومجلات علمية محكمة ومعجمات وكتب تراجم، إضافة إلى المخطوطات الثمينة. ومن الطبيعي أن تكون مكتبته عامرة ومنتقاة، وإلا كيف له أن يؤلف، ويحقق، ويناقش رسائل الدراسات العليا؟!







وقد أنشأها بنفسه، ورتب أرففها ترتيبًا دقيقًا؛ ليسهلَ عليه تناولُ ما يحتاج إليه من مصادر ومراجع حين تمسُّ الحاجة إلى الكتاب. وقد دأب على جمع الكتب منذ عشرات السنين، حتى غدت خزائنها تتباهى بما يزينها من الكتب.







وما كان يهنأ أو يرتاح ويتنفس الصُّعَداءَ إلا حين يخرج من تحت يديه بحث أو كتاب. عندَئذٍ تُشرق أساريره، ويخرج به إلى النور؛ ليدلفَ به إلى إحدى دور النشر. وكذا كان رأيه طوال حياته. إلى أن أكره على هجر محبوبته قسرًا، وطُرد من بغداد أمرًا، وما أصعب على العاشق من أن يُسحب من حضن محبوبته؛ ليلقى التشرُّد، ويدع المعشوقة بين أيدي من لا يعرف الرحمة، ولا تهمه الكلمة! فأصابها ما أصاب معظم منازل بغداد من هدم وسطو؛ لأن الغزاة غير البُناة، والجهلة ضد العلماء. ولما كانت المكتبة عنوان الحضارة، ولما كان الجهل أساسه معاداة الحضارة، فإن الأيدي القذرة نالت منها. ألم يُعلن هولاكو مذ كان في (قراقورم) أنه سيهدم حضارة المسلمين والعرب!







صحيح أنه عُوِّض بمكتبة عامرة في دبي، وفتحت له خزائنها، فإنه ظل يحن إلى مكتبته الخاصة ببغداد، فما الحب إلا للحبيب الأولِ. وكان دائمًا يُمني النفس بالعودة؛ ليرأبَ صدع الأرفف، ويرمِّم ما تهدم منها، ويستعيض عما فقد. غير أن العاشق المقهور لم يتسنَّ له أن يعود إلى أحضان معشوقته إلا بعد أن اكتوى وعانى وشارف على الهلاك، والمعشوقة تنتظر أن يزورها المحب قويًّا جلدًا، لا متهالكًا ينتظر من يسعفه. وكان الأملُ يحدوه إلى الاستشفاء؛ ليعود إلى مكتبته ليصلح ويرمِّم ما تهالك منها، ويستعيض عما فقد؛ كي يواصل دأبه فيها؛ لأنها رئته التي يتنفس بها.







غير أن الألم اشتد ووهن عظمه وانهد، وغرق في معاناته حتى وفاته، تاركًا أمرَ خزائنِه إلى أبنائه؛ لحمايتها وصيانتها، والتصرف الحسن بها.







ونظرة فاحصة دقيقة في مؤلفاته والرسائل التي أشرف عليها، والمخطوطات التي حققها - كما سيأتي دليل على عِظم الكنز الذي خَلَّفه. ولعل المكتبة تُحمل كما هي مصونة إلى أحد أجنحة المجمع العلمي العراقي، مزينة باسمه ووصفه؛ لتظل ملاذ العلماء والمريدين، يستفيدون منها، ويستلهمون همة صاحبها، ويدعون له بالخير.







ويرى الباحثون أن المكتبة بعامة، والقسم التراثي منها بخاصة لا يوجد لها مثيل في العالم الإسلامي بما في ذلك المكتبات الكبرى.







(4)



مناصبه العلمية



4/1: داخل القطر



حاز شهادة الدكتوراه من جامعة بغداد عام 1977م.



باشر عمله التدريسي في جامعة بغداد عام 1980م.



عين في عام 1984 رئيسًا لقسم اللغة العربية مرتين واستمر حتى 1989م.



عمل خبيرًا في المجمع العلمي العراقي عام 1983م.



كان عضوًا في الهيئة الاستشارية لمجلة (المورد) التراثية من 1983-1991م.



عمل أمين سر هيئة مجلة كلية الآداب بجامعة بغداد.



عمل عضوًا في (لجنة إحياء وتحقيق التراث الإسلامي) في (مكتبة بيت الحكمة) ببغداد.



عمل عضوًا في (الهيئة الاستشارية) لمجلة (كلية المعارف الجامعة) في محافظة الأنبار.







4/2: خارج القطر



عين أستاذ الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية في دبي.



عين عضوًا في هيئة تحرير (مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية) في دبي.



عين خبير المخطوطات بمركز (جمعة الماجد) للثقافة والتراث في دبي.



عين عضوًا في الهيئة الاستشارية لمجلة (الشريعة) في كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة.







(5)



الرسائل التي أشرف عليها



يقدِّر السادة العلماء المجهود الذي يبذله الأستاذ المشرف على رسائل الدراسات العليا؛ كي يُخرج هذه الأبحاث بمظهرها العلمي اللائق المشرِّف. فهو يشارك تلميذه في التفكير، والجهد، والكتابة، ويسهر على الرسالة كلمة كلمة وصفحة صفحة؛ لأنه يعلم أن القسم المهم من النقد الذي يوجه للطالب يعود على المشرف نفسه أولًا.







وتُعرف مكانة المشرف من نوعية الرسائل التي يشرف عليها، والمصادر التي يدل تلميذه عليها، والملاحظات العلمية التي يبذلها له. وكلما كان الأستاذ يقظًا كان تلميذه حريصًا على الدقة.







ويتميز كل مشرف باتجاه دقيق ينتهجه، ويوجه إليه طلابه؛ فترى مشرفًا أديبًا، وآخر لغويًّا، وثالثًا محققًا. والطلاب يتوافدون على المشرف الذي يخططون الكتابة في مجالها عنده. وقد ترى مشرفًا متميزًا بالموسوعية، فيكون أهلًا للإشراف على أكثر من اختصاص.







وقد كان شيخنا العلامة رجلًا موسوعيًّا، ينضح في كل فن وعلم، والرسائل التي نحن بصدد دراستها بإيجاز تدل على عمق علمه، وسَبْره كل ميدان، والغوص والعوم في كل علم. وقد أشرف على قرابة خمسين رسالة، تدل كل واحدة منها على نَفَس المشرف أكثر مما تدل على نفس الطالب.







ولقد رأيت أن أستعرض المجالات العلمية في رسائل الماجستير منفصلة عن مجالاته في الدكتوراه، لأن الأستاذ كان يقدر مدى كفاءة التلميذ في كل مرحلة. ومن الطبيعي أن تكون مرحلة الماجستير أخفَّ عبئاً على الطالب، لأنه في مرحلة التأسيس والإعداد العلمي لمرحلة أسمى وأعلى. وتظل همة الشيخ الدكتور حاتم عتيدة في كل مرحلة.







5/1: رسائل الماجستير



في غضون ثلاثين عامًا أشرف الدكتور حاتم على ست وعشرين رسالة، كان فيها نعم الرجل العلمي البارزُ في اللغة والنحو، والقرآن، والتحقيق، مما يدل على حبه العمل في هذه الميادين. وقد أشرف على عشر رسائل تتضمن تحقيقاً لكتاب مع دراسة علمية له بهدف تشجيع التلميذ على تحقيق التراث وفهمه وإفهامه.. وست عشرة رسالة من غير تحقيق، وذلك بحسب الموضوع المطروق.







واللغة تطغى على موضوعات الرسائل، حتى إن الرسائل في القرآن تتميز بدراسة اللغة والبيان. وهمه أن يختار تلاميذه جهود علماء اللغة في التصنيف. وهو يركز على الموضوعات التراثية القديمة لأعمال أئمة العلماء وجهابذة الشيوخ. ونادرًا ما نجد له رسالة في الميدان الحديث أو المعاصر.







وقد كان للشيخ فضلًا كبيرًا على تحبيب تلامذته لغة السلف لنقلها إلى الخلف. وفضلٌ مهم آخر هو نبش قضايا ومسائل لغوية بحاجة إلى إشهار بعد أن غفل عنها المعاصرون.







فمن الرسائل التي أشرف عليها في مجال القرآن الكريم:



1- مناهج كتب إعراب القرآن.



2- الظواهر اللغوية في كتاب (معاني القرآن) وإعرابه للزجَّاج.



3- الجهود النحوية واللغوية في كتاب (البيان في إعراب غريب القرآن) لابن أبي بركات الأنباري.



4- التعقيب وأثره في إعجاز القرآن.







وفي مجال القراءات:



5- كتاب (المهدوي) في وجوه القراءات مع تحقيق كتابه.



6- قراءة شعبة عن عاصم.



7- (الكافي في القراءات السبع) للرُّعيني، تحقيق ودراسة.



8- (الكتاب الوجيز قراءات القراءة الثامنة). تحقيق ودراسة.







وخصَّ الأستاذ أحد طلابه بتحقيق خاص لكتاب:



9- (بلوغ المرام في حل قطر ابن هشام).







وفي مجال اللغة وتحقيق كتاب ، أشرف على:



10- (ابن خالويه وجهوده في اللغة).



11- (ابن هشام اللَخمي وجهوده في اللغة).



12- (مختصر غريب الحديث) مع دراسة.







وفي مجال النحو أشرف على:



13- الحروف المشبهة بالفعل.



14- (ابن بابشاذ ومنهجه في الدراسة النحوية).



15- (الدرة النحوية في شرح الألفية) لزكريا الأنصاري، تحقيق ودراسة.



16- (الفواكه الجنيَّة على مقدمة الآجرومية) للفاكهي.



17- الدرس النحوي في (القاسمي).







إلى جانب باقة في الأدب، والصوتيات والأخلاق.







5/2: رسائل الدكتوراه



أشرف الدكتور حاتم على إحدى وعشرين رسالة دكتوراه، تميزت كلها بالتوسع والتعمق، ولسانُ حال الرسائل ينفضحُ عن سحر الدكتور على نقطتين:



الأولى: إحياء التراث، ونبش مخطوطات كانت مخبوءة في الخزائن، وتنتظر غيورًا عليها؛ لكشفها دراسةً وتحقيقًا عن طريق تلامذته المبرِّزين، والذين اعتادوا الدأب والصبر، كما حببهم إليها الأستاذ. وقد تمَّ له تحقيق إحدى عشرة رسالة، تدور رحاها حول اللغة والنحو والقراءات.







والأستاذ المشرف لم يكتف بالتحقيق وِترًا، بل أتبعه بالدراسة العلمية شفعًا. فكان الطالب يخرج من تحت يديه يحمل رسالتين ثمينتين: تحقيق ودراسة للكتاب المحقق، وأحسب أن جميع هؤلاء الطلاب غدوا جهابذة في إحياء التراث بفضله. وقد ساعده على خدمة طلابه خبرته العميقة بالمخطوطات، وحبه لها، والمركز العلمي الذي كان يحتلُّه، مما يساعده على حسن الاختيار، وتسهيل مهمة الطالب بالنسخ الخطية.







علمًا أن بعض هذه المخطوطات حُقق سابقًا، ولكن رأي الشيخ، هو ما يقوله - دومًا - أن قسمًا من هذه الكتب المحققة قاصر، ويعتريه النقص وعدم التعمق.







الثانية: اختياره لأبحاث علمية رصينة تستأهل الدراسة والبحث والتقميش والنشر. وقد تميزت رسائل الدراسات التي أشرف عليها هنا بالنواحي اللغوية، والنحوية، والقراءات. علمًا أن دراسة القراءات مرتبطة بكل عمق في الأمور اللغوية والنحوية. وقد تمَّ له الإشراف على عشر رسائل في هذا المضمار.
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23-03-2020, 02:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,725
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حاتم الضامن: سيرة ومسيرة وصحبة العمر

حاتم الضامن: سيرة ومسيرة وصحبة العمر
د. مروان العطية




وأستعرض في ما يلي بعض عنوانات هذه الرسائل، إتمامًا للفائدة:

أ‌- رسائل التحقيق والدراسة:

1- منهج شروح (الفصيح) مع تحقيق كتاب (الفصيح) لابن هشام.

2- (البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة) للنشار.

3- (جهد المقل وبيان جهد المقل) للمرعشي.

4- (مجيب الندى في شرح قطر الندى) للواسطي.

5- (الكنز في القراءات العشر) للواسطي.

6- تحقيق سورتي الحمد والبقرة من كتاب (إعراب القرآن) لأبي طاهر الأندلسي.

7- (المُجيد في إعراب القرآن المجيد) ، للصفاقسي .

8- المنهاج في (شرح جمل الزّجاجي) ليحيى بن العلوي.

9- (المستنير في القراءات العشر) لابن البغدادي.

10- (مفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني) لابن علاء الكرماني.

11- تفسير الخمسة آية على القاري في كتابه (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح).



ب‌- رسائل الدراسات العلمية:

12- المؤاخذات النحوية حتى نهاية المئة الرابعة.

13- جهود المرزوقي في الرواية والنقد.

14- النحو الكوفي وأثره في التفسير في القرن السادس الهجري.

15- البحث النحوي واللغوي عند علم الدين السخاوي.

16- الظواهر اللغوية والنحوية في قراءة ابن عامر.

17- إضمار الجملة في النحو العربي.

18- مواد البيان، دراسة وتحليل.

19- أثر الدلالة اللغوية والنحوية في استنباط الأحكام الفقهية من السنة النبوية.

20- البحث الدلالي عند ابن تيمية.

21- البحث الدلالي عند الملا علي القاري في كتابه (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح).



(6)

مقامه العلمي بين أوساط العلماء

لن أتحدث في كلمتي المحبة هذه عن مسيرة حياته، فلها رجالاتها، العارفون بحياته ممن سايروه في بغداد أو في دبي، وهم أفضل مني في هذا الحقل من مسيرته. ولن أتحدث عن محاضراته في الكليات التي درّس فيها، فقد ينهدُ لها بعض محبيه من تلامذته، ولا عن سلوكياته في الحمل الوظيفي ولا عن لقاءاته العلمية. كما أنه يستحيل عليَّ دراسة أبحاثه العلمية في المجلات، لأنها تربو على مئة بحث في المجلات العراقية والعربية، ولأنها تتطلب مجالًا رحبًّا زمانيًّا، وفُسحة أكبر من هذا الكتاب التعريفي المحدود الورقات.



ولقد رأيت أن اختيار جانبًا من حياته العلمية الموسوعية، فأترجم عن صلته بالكتاب. وهل في حياة العلماء سوى التعريف بمقامهم العلمي من وراء الكتاب قراءةً، وتأليفاً، وإفادة؟! ولهذا قصرتُ عملي على ثلاثة محاور، أتلمس فيها غوصه في الكتاب، وخروجه من غوصه بالدرر الفريدة التي تدل على موسوعية شاملة، في مجمل علوم العربية لغةً وأدباً.



فهو المتضلِّع من علوم يَقصر عنها كبار العلماء في هذا الزمان الأغبر الذي يقصم ظهر القلم حسرةً أمام هدير البندقية المعادية. فقد غضَّ الطرف عما يرى من مؤلمات في عراقه، وصمَّ الآذان عما يسمع من آهاته. فكان العلمَ الأشَمَّ، الذي قلما نجد له نداً.



وهو من حيث الغزارةُ صورة لعلماء بغداد في أزهى عصورها، ومن حيث السَّبرُ والغوص لا يقلَّ عن أعلامهم. ولستُ أغالي أو أجانب الحقيقة لإظهار حبي له، لكن إنتاجه الغزير، وإشرافه على الكثير يشفع لي بأن أعطيه حقه، وهذا أيضًا من باب التظنِّي عندي، فقد يندُّ قلمي ويجحف.



وصحيح أنه فارقنا وجهًا، وفارقتنا همساته وتوجيهاته وكلماته سمعًا إلا أن وجوده بيننا حتمي بهذه الكتب التي اعتصرها، وقدَّم لنا منها سلافتها. فما ألتقي مخطوطة أو مطبوعة إلا تمثَّلَ أمامي خياله ومقامه.



وإن ما أبوح به هنا إنما هو تعبير عن حبي الصادق، واعترافي بما هو أهل له، وعن مشاعري الفياضة، فأنا أيضاً أعشق الكتاب، وأقدِّر ما يكسبه العالم من روحه ونفسه حتى يخرجه للملأ. وأنا واثق من أن زملائي ومحبيه يكنّون له المشاعر ذاتها وأكثر، وعندهم الكثير مما يقولونه عنه بقلم أرحب وألم أعمق.



ولقد أمضى في رحاب التدريس الجامعي ثلاثة وثلاثين عاما، أي منذ عام 1980م حين عُين مدرسًا للمكتبة والنحو، وهما الغرستان اللتان رعاهما حتى آخر عمره. أما مرحلة إنتاجه، فكانت قبل هذه السنة؛ فقد بدأ منذ مطلع السبعينيات بكتابة أبحاثه وإصدار مؤلفاته.



ولم يكن منذ بواكيره مبتدئًا، ولا مُقلًّا، بل سنراه في استعرضنا لكتبه. رصينًا متينًا شامخاً في تأليفه، وتحقيقه، وإشرافه.



وسأتلمس طريقي هذه في مجالات ثلاثة أراها نباريسَ لتعريف مقامه العلمي الذي خدمه بكل إخلاص، وهي : التأليف، والتحقيق، والإشراف ،وآمل أن أوفّي العالم ما يستحق في هذا المختصر.



(7)

إنتاجه العلمي

أصدر العلامة حاتم مئة وأربعين كتابًا تقريبًا، طبع بعضها أكثر من طبعة في أكثر من دار نشر . وقد جاء نصفها تقريبًا في التأليف، ونصفها الآخر في التحقيق وكان بعض ما ألف مشاركة مع بعض العلماء، كما جاء بعض منها كتباً مدرسية وهي المسماة Text books، وعددها ثمانية، وكلها بالمشاركة، ولا تدخل عادةً في قائمة المنشورات العلمية. وكلها صدرت عام 1987.



وقد كان غزير الإنتاج في التأليف والتحقيق، فقد أصدر الكتاب الأول في التأليف عام 1973. وبدأ بعده بالنشر تباعًا ومن غير توقف.



وكان أحيانًا يُصدر ثمانية كتب في عام ، وأحيانًا يصدر كتابًا واحدًا ومن السنوات الخصيبة في إنتاجه:

عام 1989، عام 1990، وعام 2003، حيث أصدر في كل منها ثمانية كتب. وعام 1987، و2005، و2007 أصدر في كل منها سبعة كتب. وترجمت الأرقام في غيرها بين الكتاب الواحد والأكثر. غير أنه توقف عن الإصدار ست سنوات بين 1981-1986. وهذا الإحصاء ، يضمُّ ما ألف وما حقق.



7/1: مؤلفاته

أُقسِّم طابع مؤلفاته، ولاسيما في مراحله الأولى، بنشر دواوين شعرية، أو مجموعات لشعراء مقلين أو غير معروفين مثل:

شعر يزيد بن الطَّثرية 1973 (وهو أول كتاب له).

شعر الخليل بن أحمد 1973.

شعر المنخَّل السعدي 1973.

ما لم ينشر من الأمالي الشجرية 1974.

شعر الكميت بن معروف (ويسمى الكميت الأوسط) 1975.

شعر بكر بن النطّاح 1975.

شعر نهشل بن هَرِّي 1975.

شعر مُزاحم بن العقيلي 1976 (بالمشاركة).

ديوان معن بن أوس 1977(بالمشاركة).

شعر سُويد بن كراع 1979.

شعر قيس ابن الحدَّادية 1979.

قصائد نادرة من (منتهى الطلب) 1979.

وغيرها من الدواوين والمستدركات على الدواوين. وهي مذكورة في قائمة مؤلفاته الآتي عرضها.



كما أنه نشر بعض الكتب الأدبية، ومنها:

نظرية النظم - تاريخ وتطور 1979، وهو الكتاب الأول من مجموعة كتبه في الدراسات والأبحاث الأدبية، وهي إجمالاً أقل عدداً من الدواوين.

البحث والمكتبة 1988.

المنهج الأمثل في تحقيق المخطوطات 2001.



وله فضل كبير في التعريف بأصحاب الدواوين، وهذا جزء من واجب المؤلف العلمي. إضافة إلى أنه نشر كتابًا (وهو الوحيد) في حياة:

ابن الأنباري- سيرته ومؤلفاته 2004.

أما الباع الأكبر في مضمار التأليف فكان في كتب النحو واللغة. فقد ألف سلسلة من الكتب النحوية، فأثرى بها المكتبة العربية ، وعدت من أهم مصادر اللغة. ومنها:

نظرية النظم – تاريخ وتطور 1979.

ملاحظات عل حاشية ابن بري على "المغرب" 1986.

علم اللغة 1989.

الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ 1990.

فقه اللغة 1990.

بحوث ودراسات في اللغة وتحقيق النصوص 1990.

الصرف 1991.

المكتبة 2007.



على أنني لاحظت أن عدد الكتب الأدبية أكثر من الكتب اللغوية، لأنه بدأ بها أولًا، ولأن كتب اللغة والنحو تتطلب مجهوداً أكبر. ويظل الشيخ في الاثنتين مِغزارًا. ومن الجدير الإشارةُ إليه أن بعض هذه الكتب جاء قليل عدد الصفحات، وبعضها جاء بشكل أسفار، وأن بعضها طبع أكثر من مرة الأدبي منها واللغوي.



7/2: تحقيقاته

القليل من السادة العلماء والباحثين هم الذين اشتغلوا بتحقيق التراث. وقد سبقنا في الركاب المستشرقون الغربيون، وتبعناهم مقلدين أولًا ولم يشتغل بتحقيق التراث في الغرب إلا المستشرقون الفحول، والذين كانوا يجيدون العربية، إلى جانب خبرتهم الواسعة في المناهج الدقيقة لتحقيق النصوص.



وسرعان ما وصلت إلى المشرق بعض أعمالهم، فدرسها علماؤنا وأمعنوا النظر في أعمال المستشرقين، وقدَّروا فضلهم على إحياء التراث.



وبدأ الرعيل الأول من العرب يقلد الغربيين، ويسير في مسالكهم. وسرعان ما انبرى قسم منهم يجدد ويغير، ويبتكر ويدأب، حتى برز من فاق المستشرقين كثيراً. ثم توجهت أبصار الرعيل الأول إلى الخزائن العربية والإسلامية يُنقبونها ويَنتقون منها ما تهوى أنفسهم إلى تحقيقه ونشره.



ومن حسن حظ تراثنا أن تسنَّمَ سُدَّة تحقيق التراث وشرحه كبار المؤلفين والمصنفين، باستثناء فئة هدفها تجاري بحت.



وكان من المحققين المتفوقين في العراق شيخنا حاتم، وإن جاء بعد جيل المحققين الأوائل. لكنه برهن على قدرة نادرة وكفاءة وصبر عجيبين شهد له كبار خبراء التراث، حتى عُدَّ اليوم في طليعة المحققين العرب. وقد قال الجاحظ: "الأوائل يقولون: في كل ألف سنة رجل لا نظير له". وأرى أن الدكتور حاتم برهن على أنه لا ندَّ له اليوم. وسبق ألف السنة التي نوَّه بها الجاحظ.



فلقد أحب التراث وتحبب إليه، وحببه إلى تلامذته ومريديه، وكنت منهم.



وكان شديد الحرص في دقته انتقاءً ونسخًا وشرحًا وتعليقًا. وكان يحرص على التعريف بصاحب النص وبمنهجه العلمي في التأليف، فكان ثقة في كل سطر يكتبه.



وتقديره للمخطوطات المنسوخة والمطبوعة جعله يتتبع أماكن وجودها في الخزائن، والاحتفاظ بنسخ مما يراه ضروريًّا، ويلاحق دور النشر ليقتني الجيد الدقيق من منشورات التراث، حتى ازدحمت أرفف مكتبته بهذا النوع المميز من المنشورات والنادر من المحفوظات.



وخدمه الحظ –ونادرًا ما يخدم الحظ العلماء- أن انتقل من مكتبته الخاصة، إلى مكتبة مركز جمعة الماجد النادرة، فانتقل من بحر زاخر إلى خضمِّ عُباب.



وقد قال أحد مُحبيه، وقوله هذا مسجل في أحد المنتديات العلمية الالكترونية: "ما رأيتُ عالمًا في زماني مثله يحب المخطوطات".



والأمر اللافت للنظر أن الشيخ حاتم ذو فضل كبير على نشر المخطوطات، ولعله في طليعتهم – إن لم يكن طليعتهم - في نشر عدد ضخم من المخطوطات، فقد حقق بنفسه وبقلمه اثنتين وسبعين مخطوطة، إضافة إلى عدد كبير ممّا أشرف على دراسته وتحقيقه ومناقشته في المرحلتين: الماجستير والدكتوراه.



وسأركز في ما تبقى من كلمتي على عناية الدكتور بنوعية تحقيق النصوص وموضوعاتها. فقد أولى عنايته بكتب القرآن وإعرابه، وبالإعراب واللغة، واعتنى بالنواقص من المنشورات واهتم اهتمامًا كبيرًا بكتب القدماء حول الحروف التي يقع إشكال في نطقها فقد:

1- نشر أكثر من خمسة عشر كتابًا حول القرآن المجيد في شتى الموضوعات، وعناوينها تدل عليها، فمن ذلك:

الناسخ والمنسوخ لقتادة، وللزهري.

الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، لهارون بن موسى.

المُجيد في إعراب القرآن المجيد، للصفاقسيّ.

الإنباء في تجويد القرآن.

الاكتفاء في القراءات السبع المشهورات، لإسماعيل بن خلف.



2- وقدَّم للمكتبة جملة من المخطوطات المحققة في موضوع النحو، الذي يحبه ويهواه كثيرًا. ومن هذه الكتب التراثية:

مشكل إعراب القرآن، لمكي بن أبي طالب.

الفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة، لعابدين.

كتابان في النحو، لابن النحاس.



3- وعلم اللغة عند د، حاتم ندٌّ في الحب للنحو. ومن كتبه المنشورة:

شرح مقصورة ابن دريد، للجواليقي.

أربعة كتب في الفصيح اللغوي، للخطابي، وابن بري، وابن الحلبي، وابن الحنبلي.

تكملة (إصلاح ما تغلط به العامة)، للجواليقي.

ذكر أعضاء الإنسان، للغَزِّي.



4- ومن الموضوعات التي استهوته، وغرق في تحقيقها، نشره لكتب تُعنى بمعالجة حروف مشكلة في الضبط والنطق. وهي كثيرة عنده وعند غيره، كما كانت مهمة جداً عند الأقدمين. ومنها:

الاعتماد في نظائر الظاء والضاد، لابن مالك.

ظاءات القرآن، للسرقوسي.

حصرُ حرف الظاء، للخولاني.

كيفية أداء الضاد، لساجُقلي زاده.

المصباح في الفرق بين الضاد والظاء، لأبي عمرو الداني.



5- وكان يعتني بنشر رسائل قصيرة ومهمة لأعلام الأدب واللغة. فقد كان الأقدمون يكتبون كتبًا صغيرة وهي أشبه بالمقالات والأبحاث اليوم. يرون وجوب التأليف فيها، لكن مادتها لا تتسع لكتاب كامل.

وهي كثيرة عنده؛ بحدود عشرة كتب. ومنها:

عشر رسائل، للجاحظ.

رسالة البلاغة والإيجاز، للجاحظ.

رسالة الخط والقلم، المنسوبة إلى ابن قتيبة.

الخيل، للأصمعي.



6-كما أنه خدم المكتبة بنشر ما لم يتمَّ نشره من الكتب القديمة. وهي خدمة جليلة، لأن الكتاب الناقص لا يمكن اعتماده في الأعمال العلمية. وله في هذا الميدان ثلاثة كتب، هي:

ما لم ينشر من الأمالي الشجرية.

المستدرك على ديوان أبي الفتح البُستي. وهي مخطوطة عسيرة الخط، مختلَّة الضبط.

فصول غير منشورة، لابن بري.

إضافة إلى مخطوطات في كتب وأسفار تتميز بالنضج والاكتمال، والتي تعد ثقة أساسية في نشر النص.



(8)

قيد الفراغ

يدل هذا الكمُّ الهائل من إنتاج الدكتور العلامة حاتم يدل على أنه لم يعرف النوم، ولا الراحة في حياته العلمية كلها. وقد حسبوا الأميال التي جابها صلاح الدين على صهوة جواده في الجهاد والحرب ضد الصليبيين والطائفيين في الشام ومصر فرأوا أنها تقدَّر بالآلاف.



ولو أننا -كذلك- أحصينا عدد صفحات مؤلفاته وتحقيقاته وأبحاثه ومقالاته القَيِّمة لرأيناها بالآلاف أيضاً.. وكلٌّ كان يجاهد في سبيل الكلمة والحق حسب اختصاصه. ناهيكم عن عشرات الآلاف مما قرأ في المكتبات ومن رسائل جامعية للماجستير والدكتوراه.



وأنا، إذ أكتب هذه الكلمات، أشعر بعمق شديد من الفخر والألم؛ فخرً بما أنتج، وألم على خسارته خسارة مُبينة. ومثل ها الرجل الأجلّ لا يعوَّض بزمن قريب، إن وجد هذا الزمن.



ويا شيخي إن الرافدين وعراقيهما يبكيانك، وإن محبك وتلامذتك وأصدقائك تحرقهم الحسرات التي تهصر الفؤاد بفقدك. وليس لنا إلا الصبر، والدعاء لك بالغَفْر.



تلميذك ومريدك

مروان العطية





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 129.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 126.63 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]