عالمية الأدب الإسلامي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 19-09-2020, 05:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي عالمية الأدب الإسلامي

عالمية الأدب الإسلامي


د. عبدالباسط بدر


العالمية، كلمة لها بريق خاص في الأدب والنقد، فهي صفة يتباهى بها – حتى الغُرور – الأديب الذي يوصف إبداعه بها. وحلم تسعى إليه أمم عدة، لأنها في أبسط دلالاتها شهادة للإبداع الأدبي بنوع من التميز والتفوق، واستيعاب التجربة الإنسانية العامة، التي تتجاوز الحدود الجغرافية، وربما تتجاوز الزمان أيضاً إلى كل زمان ومكان. فالنص الذي ينجح في مخاطبة وجدانات بشرية متعددة المشارب، ومتعددة البيئات والظروف، ويؤثر فيها، هو نص يستبطن التجربة الإنسانية المشتركة بين هذا القدر الهائل من الناس، ويقف على شاطئ الحقيقة (الوجدانية) المطلقة. ولأنها أيضاً الطريق إلى مكاسب معنوية – وربما مادية أيضاً – هائلة.

لذا تجتهد بعض الأمم في تحقيق أكبر قدر ممكن من العالمية، وتبذل في سبيل ذلك جهوداً ضخمة، فتقوم بترجمة غرر أعمالها الأدبية إلى لغات الشعوب الأخرى، وتعقد الندوات والمؤتمرات، وترعى الكراسي الجامعية التي تدرّسها في الآفاق، وتنفق عليها، وتهتم اهتماماً فائقاً بالأدباء من غير أبنائها، الذين يكتبون أعمالاً أدبية بلغتها، وتغمرهم بالجوائز السخية، وأقرب الأمثلة إلينا فرنسا، التي تسعى عبر (الفرانكفونية) لتمد ظلالها الأدبية إلى الجهات الأربع، فتنشئ – أو تعزز – روابط نفسية بين أكبر قدر ممكن من الشعوب تتمحور حول المبادئ والقيم التي تتبناها، وتحقق لها – من ثم – مكاسب سياسية واقتصادية لا تحصى.

وهكذا تصبح عالمية الأدب – على المستويين الفردي والأممي – هدفاً ترتبط به أهداف أخرى، ومكسباً تتحقق من ورائه مكاسب كثيرة.

وتتحقق العالمية للأدب عندما ينتقل – بطريق الترجمة غالباً، وبلغته الأم أحياناً – من المجتمع الذي أبدع فيه إلى مجتمعات أخرى، وينتشر فيها متجاوزاً الحدود الجغرافية والسياسية واللغوية، فمثلاً يمكن أن نقول عن أدب شكسبير إنه بلغ مرتبة العالمية؛ لأنه تُرجم إلى معظم لغات العالم، وقرأته شعوب كثيرة بلغاتها المحلية – فضلاً عن الأفراد المتميزين في تلك الشعوب الذين قرؤوه بلغته الأم – فالعالمية هنا هي عالمية الشيوع والانتشار، وتكون بعد مرحلة الشيوع المحلي عادة، وتتدخل فيها عوامل خارجية كثيرة، منها الظروف السياسية والحضارية للأمة، والجهود التي تبذلها في نقل آدابها إلى الآخرين، وقد استطاعت كل من انكلترا وفرنسا أن تنشر آدابها في المجتمعات التي سيطرت عليها في القرن الميلادي الماضي وشطر من القرن الحالي، كما استطاعت أمريكا أن تنشر قدراً من آدابها بفضل الجهود والترجمات المكثفة التي تقوم بها، أو ترعاها، مؤسساتها الثقافية المختلفة، فلا يكون تميز التجربة الإنسانية وتفوقها السبب الوحيد في عالميتها، وقد يكون مستواها الفني دون المستوى الفني بكثير لأعمال في المجتمعات المستقبِلة، ولكن هذه لم تتهيأ لها وسائل التوصيل والترويج.



بين الانتشار والجودة:

وثمة نوع آخر من العالمية لا يقتصر على عالمية الانتشار، بل يتجاوزها إلى عالمية الإبداع أيضاً، فتجد التجربة الإنسانية بملامحها الرئيسية تتكرر في مجتمعات مختلفة اللغات والظروف، وتجد النصوص الأدبية تجتمع على موضوعات ومضامين، وعلى ألوان من الاستقاء والتأثر، وعلى صياغات متقاربة – إن لم تكن متماثلة – للصورة الفنية، فتصبح الأعمال الأدبية التي تتصف بهذه الصفات فصولاً متنوعة في كتاب كبير واحد. وتبني من مجموعة العناصر المتماثلة كياناً أدبياً عالمياً، يحس به ويتذوقه المتذوقون في كل مكان يصل إليه، فيحسون أنه يخاطب وجداناتهم ويؤثر فيها، وكأنه صدر عنها أو أنشئ لها. وهذا اللون من العالمية – في يقيني أقوى وأعمق من عالمية الانتشار وحدها، وهو اللون الذي يتميز به الأدب الإسلامي.

فعالمية الأدب الإسلامي تبدأ من مرحلة الإبداع وتزدهر فيها، وتخضع في مرحلة الشيوع لعوامل سياسية وثقافية تجعلها بين مد وجزر.

ذلك أن الأدب الإسلامي ينتجه كل مجتمع مسلم، أياً كانت لغته وجغرافيته، وأحواله السياسية... ينتجه أدباء مبدعون في تلك المجتمعات، امتلأت وجداناتهم بوهج الإيمان، واستوت نظراتهم للحياة من خلال رؤى الإسلام، وتفاعلوا مع الأحداث التي واجهوها في مجتمعاتهم بتلك الرؤى، وأبدعوا أعمالاً أدبية بلغاتهم المحلية، وبرؤىً إسلامية تتغلغل في موضوعاتها، أو مضمونها – وفي عدد من أدواتها الأسلوبية – إسلامية كاملة، لا يمنعها انتقالها من لغتها الأم إلى لغات أخرى من أن تؤثر في القارئ المسلم أياً كانت بلده ولغته، وأن تهز وجدانه، فيحس بها وكأنها ولدت لتخاطبه، وأن الانفعالات التي تحملها جزء من الانفعالات التي يتلجلج بها صدره، وأنها جسر متين بينه وبين الأديب الذي أبدعها، وأنها – من ثم – لبنة في بناء عالمي كبير، تتجاور فيه لبنات أخرى من هذا المجتمع وذاك. في تناسق وتناغم كاملين.

فالأديب المسلم التركي أو الفارسي أو الهندي أو الأندونيسي... إلخ، عندما يكون مؤمناً ملتزماً بإسلامه عقيدة وفكراً ومنهج حياة، يتعامل مع أحداث مجتمعه من خلال إسلامه، وتتجه عواطفه وفق المؤشرات الإيمانية، وتحمل تجربته الأدبية انفعالاته الإيمانية بتلك الأحداث، وتصوغها في عمل أدبي إسلامي، يتذوقه ويتأثر به كل متذوق مسلم يطلع عليه ويفهمه، وهذه حقيقة واقعة في آداب الشعوب الإسلامية غير العربية كلها. ففي كل أدب من تلك الآداب أعمال أدبية ذات صبغة إسلامية واضحة، أبدعها أدباء مسلمون متلزمون بإسلامهم يتفاعلون مع الأحداث من زاوية إيمانية، وإذا انتقلت هذه الأعمال إلينا بالترجمة – أو بلغتها الأم إذا كنا نعرف تلك اللغة – أحسسنا بأن التجارب التي تحملها جزء من تجاربنا، والانفعالات التي تموج بها تلامس أعماق قلوبنا، والقضايا التي تعرضها هي بعض اهتماماتنا.

وأقرب الأمثلة لدينا الآداب الفارسية والتركية والأردية.. التي تشكلت بعد انتشار الإسلام في أرضها تشكلاً جديداً تأثرت فيه بالإسلام، بل وتأثرت حتى بالتراث العربي الذي اطلع عليه بعض الأدباء والمثقفين فيها.

وسنعرض نماذج من آداب الشعوب الإسلامية المختلفة في آسيا وأوربا وأفريقيا تمثل كماً هائلاً من النصوص يكمن في تلك الآداب، وننظر في مدى قابليتها لتكون لبنة في بناء الأدب الإسلامي العالمي، الذي يخاطب وجدان المسلم أياً كان زمنه ومكانه ولغته. ونبدأ بالأدب الفارسي.



الأدب الإسلامي في اللغة الفارسية:

من المعلوم أن الأدب الفارسي بدأ مرحلة جديدة تماماً بعد انتشار الإسلام في إيران، ذلك أن لغة الأدب قبل الفتح الإسلامي كانت (الفهلوية)، فحلت محلها منذ منتصف القرن الثالث الهجري اللغة (الدريّة) التي نهضت في رعاية من كانوا ذوي لسانين عربي وفارسي، وفي ظل الإمارات الفارسية التي قامت في العصر العباسي: إمارات الطاهريين والصفويّين والسامانيين ثم الغزنويين ومن وليهم، وترك الإيرانيون خطوطهم القديمة التي كانوا يستخدمونها في كتابة لغاتهم – وغالباً ما كانوا يستعيرونها من الآشورية والآرامية – فاستبدلوا بها الخط العربي لأنه أيسر كتابة وأكثر وضوحاً[1]. وقد تأثر الشعر الفارسي بالشعر العربي من جهة، وبالقيم الإسلامية من جهة أخرى، تأثراً كبيراً في جميع مناحيه الشكلية والمضمونية، تأثر به في عَروضه وفي صوره البيانية وفي معانيه، واستمد عدد من الشعراء موضوعاتهم من القصص القرآنية وصنعوا منها قصصاً شعرية مختلفة، وجنح بعضهم إلى صوفية مغرقة بينما ظلت قصائد المديح والحكمة والوعظ أقل جنوحاً وتطرفاً، وظهرت المعاني الإسلامية في معظم ذلك الشعر، وراجت ملاحم شعرية تاريخية، منها (ما اتخذ مادته من الدين الإسلامي مثل ((ظفر نامة)) لحمد الله مستوفي القزويني، وموضوعها تاريخ إيران منذ ظهور الإسلام حتى عهد المؤلف المتوفى عام 750هـ)[2] وظهرت قصص رمزية فلسفية مادتها إسلامية، مثل: منطق الطير لفريد الدين عطار، وقصة يوسف وزليخا لعبدالرحمن الجامي، وبعيداً عن الشطحات الصوفية والخيالات المتطرفة تبقى في الشعر الفارسي والأدب الفارسي القديم بعامة روح إسلامية، وتظهر في قصائد يصح أن نعدها من الأدب الإسلامي الخالص.

ونجتزئ من هذا التراث الضخم بقصيدة للشاعر سعدي شيرازي[3] قالها في رثاء بغداد بعد أن اجتاحها التتار عام 656هـ. ومطلع القصيدة – كما ترجمها الدكتور محمد غنيمي هلال[4] -:

حق للسماء أن تمطر الأرض دماً
على زوال الملك المستعصم أمير المؤمنين

ويقول في القصيدة:

ارفع عينيك أنت يا من رأى شوكة البيت المنيع
حيث قياصرة الروم رؤوسهم على التراب
وخاقان الصين طريح الثرى
هريقت دماء أولاد عم المصطفى
على تلك الأرض، حيث كان السلاطين يضعون الجبين
بعد هذا لا ينبغي أن تؤمل الراحة في الدنيا
يبقى القار في الخاتم حينما ينفصل منه الفص
ماء دجلة دم منذ الآن، كلما انسابت في منحدره
جعل من نخيل البطحاء عجيناً من الدم
عبس وجه البحر من هذا الحدث الأليم
وآية ذلك ما على وجهه من قطوب الموج
على أن وجه الإسلام وطريق الرحمة داعيهما
أن يحترق قلب المحبين على فراق الأعزاء
لا يليق النواح على دم الشهداء
فأقل سعادة لهم هو الخلد في علّيّين
فانتظر حتى الغد، حيث يوم العدل والقيامة
* * *
ولا يقتصر الأدب الإسلامي الفارسي على الأدباء الذين عاشوا في إيران، بل يتعدى إيران إلى البلاد المجاورة التي اتخذت اللغة الفارسية لغة لها كبعض الولايات في الهند وأفغانستان والباكستان وأوزبكستان.

وقد ظهر في تلك البلاد أدباء أبدعوا أعمالاً أدبية إسلامية باللغة الفارسية، إضافة إلى الأعمال الأدبية التي أبدعوها بلغاتهم المحلية، ومن هؤلاء الشاعر الإسلامي الكبير محمد إقبال الذي كتب عدة دواوين بالفارسية، منها.. أرمغان حجاز، أسرار خودي، رموز بي خودي.

الأدب الإسلامي في اللغة التركية:

يمثل الأدب الإسلامي في تركيا نموذجاً عالياً لارتباط أدب الشعوب الإسلامية غير العربية بالإسلام، فهو الجذر الأول للأدب التركي بعامة، وهو الذي تفرد بساحته الأدبية لعدة قرون ثم تحول إلى تيار مواز لتيارات أدبية قومية واشتراكية، وواجه أقسى ظروف التحول وصمد في وجه العلمانية حتى تجاوز ظرف المحنة، ووصل إلى وقتنا المعاصر، حيث استطاع أن يستعيد قدراً وافراً من وجوده وانتشاره.

ويذكر مؤرخو الأدب التركي أن الأتراك كانوا قبل إسلامهم قبائل تعيش حياة رعوية في الغالب، فلما دخلوا في الإسلام استقروا في مناطق الأناضول وأقاموا إمارات إسلامية ازدهرت في عهد السلاجقة، حيث بدأت لغتهم تنتقل من مرحلة المشافهة إلى مرحلة التدوين، وبدأ الأدب التركي يتشكل وينتشر.

ويقرر بعضهم أن الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي ارتحل في القرن الثامن الهجري إلى قونية – وكانت عاصمة سلاجقة الروم – وأراد أن يخاطب العوام بشعره وكانوا يجهلون اللغة الفارسية – لغة مثقفي ذلك العهد – ولا يعرفون سوى التركية، فاضطر أن ينظم شعراً بالتركية يدعوهم إلى الزهد والتصوف... فنشأ الأدب التركي أدباً تعليمياً دينياً[5]، وجاء بعده في القرن التاسع الهجري شعراء آخرون عمقوا هذا الاتجاه مثل يوسف إمره وعاشق باشا وسليمان جلبي، وهذا الأخير بلغ شعره منزلة عالية بين الأتراك بفضل قصيدته المطولة في السيرة النبوية والتي ما زال الأتراك حتى اليوم ينشدونها في المناسبات الدينية في المساجد والمنازل.

وقد ظهرت في الشعر التركي أنواع عديدة من الشعر الديني. منها المدائح النبوية التي شابتها بصمات صوفية، ومنها ((المحمدية)) وهي على العكس من المدائح النبوية (تخلو تماماً من أية نزعة صوفية وربما اختص بها أهل السنة معارضين غلاة الصوفية)[6]، فهي تبدأ بالتوحيد وبالتنويه بأن الصفات الذاتية لله سبحانه وتعالى في أسمائه الحسنى، ثم تعرض صفات الرسول صلى الله عليه وسلم دون مبالغات أو تهويلات، وتتبعها بصفات الخلفاء الراشدين ومكارم أخلاقهم... وربما تعرض بعض قصص الأنبياء[7].

ومع تطور الأدب في تركيا وتعدد فنونه وموضوعاته انتشرت الآثار الإسلامية في عدد من فنونه الجديدة وموضوعاته، فضلاً عن الفنون والموضوعات الدينية المحضة، فظهرت آثاره في الشعر الديواني، وهو مزيج من المشاعر الدينية والغزلية العفيفة، ويعد الشاعر (باقي) رائداً كبيراً من رواده[8] كما ظهرت الآثار الإسلامية في النثر الفني المرسل الذي يعتمد على معان دينية أيضاً[9].

ومع بداية التطورات القومية في الدولة العثمانية، وظهورها نزعة قوية عند بعض الأدباء الأتراك في نهاية القرن التاسع عشر، ظهر تيار مضاد يحافظ على القيم الإسلامية ويعمقها في الأدب التركي الحديث، ويعالج مشكلات المسلمين في الدولة العثمانية المتهاوية، وقد تزعم هذا التيار الشاعر الكبير محمد عاكف أرصوي[10] الذي عاصر معاناة تركيا في الحرب العالمية الأولى واحتلال جيوش الحلفاء أرضها، وسقوط الخلافة، والذي جعل شعره منبراً إسلامياً قوياً يستثير المشاعر الإيمانية في نفوس الأتراك ليدافعوا عن دينهم وأرضهم، وقد شاعت قصائده بين الأتراك بقوة. وصارت إحداها فيما بعد النشيد القومي التركي... وما زالت حتى الآن – بعد حذف عبارات قليلة منها[11] -، ويعد محمد عاكف رائد مدرسة أدبية كاملة، حملت هموم المسلمين في تركيا وتطلعاتهم طوال الفترة الكمالية، واستطاعت هذه المدرسة أن تتصدى للتيار القومي والعلماني، وأن تحافظ على النسيج الإسلامي في الأدب التركي، وأن تعززه.

ومن شعره الإسلامي في المحنة قصيدة بعنوان (لا يأس) افتتحها بقوله تعالى {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}[12] ثم قال يحذر الأتراك من الاستسلام لليأس ويستنهضهم لإعادة مجدهم الإسلامي:

أين مني نفحة من الأمل فيك،
أتحسب أنه قد انطفأ؟
ما كان لفجر الحق الأزلي أن يُمْحى
أيها الظالم!
بعد قليل ترى ما أظلم أيام غدك
ويا أيها القلب المؤمن الذي حار وهو يعبد الحق،
إن صدراً واحداً فقط يعيش بدون أمل، وهو صدر الكافر!
أيجتمع اليأس والإيمان؟
حاشا لله، وقد علمت وأيقنت أنه ضرب من المحال؛
فلماذا إذن أذللت عنقك ووقفت مطرق الرأس؟
ألا تشفق على ذريتك، إن لم تشقف على نفسك؟
* * *
لو أطبقت على الآفاق آلاف الكوارث،
لما انهارت هذه الأمة. ما دمنا نتجنب أن نقول: ((إنها سوف تضمحل))
ما كانت لتنهار، كلا، لن تنهار ولن تسقط!
فاقتل أنت اليأس العاوي وأيقظ العزم؛
فحسبها نفحة من الإيمان حتى تعود إلى الحياة، فلينتعش أملك، ما هذه الخيبة؟ وما هذا الخسران؟
إبدأ بإسكات الآلام الماضية،
وبث الأمل القوي في أبنائك؛
وتوكل على الله واعتصم بحبل السعي واخضع للحكمة...
هذا هو الطريق، ولا أعرف صراطاً مستقيماً سواه.
. . . . .




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 111.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 109.28 كيلو بايت... تم توفير 1.94 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]