القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معركة.. نافارين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 234 )           »          "عدالة الجرافات".. ظاهرة عدوانية جديدة تستهدف المسلمين في الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          فقد الأحبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 202 )           »          الوصية بـ (أحب للناس ما تحب لنفسك) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 84 )           »          فضل الرباط في سبيل الله عز وجل (شرح النووي لصحيح مسلم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 79 )           »          شرح حديث : كل امرئ في ظل صدقته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 84 )           »          تأمّلات في قول الرسول.. "ما نقصت صدقةٌ من مال" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 79 )           »          الضحى صلاة الأوابين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 94 )           »          مفهوم الوسطية في اللغة والشرع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 120 )           »          العام الدراسي ليكون عام نجاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 182 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-09-2024, 08:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,296
الدولة : Egypt
افتراضي القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية

القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية



اجتهد علماء الأمة وفقهاؤها في تدوين القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية الوقفية وتصنيفها منذ القرن الثاني، ففي كتاب المدونة للإمام مالك بن أنس (ت179هـ) ذكر ضوابط فقهية عدة، ونما هذا التأصيل في العهود الإسلامية، وخصصت له مصنفات مستقلة.
ولما كانت تلك القواعد والضوابط منثورة بين طيات الكتب المطولة؛ مما لا يسع كل متتبع البحث عنها ومراجعتها والأخذ منها في كتب المصنفين من العلماء في هذا الباب الواسع؛ تملكني الدافع لجمع ما تفرق من كل ذلك، ونظمه وتصنيفه بحلة ميسرة، لتضبط ما يطرأ من مسائل ووقائع في مجال العمل، وليسهل على من جند نفسه لخدمة العمل الوقفي والخيري، الأخذ فيها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية.
وعملت على نقل شروحها من أقوال أهل الاختصاص، وأضفت إليها من الأمثلة المعاصرة لتكون دليلا عمليا ومنهجا تطبيقيا، مبنيا على قواعد وضوابط شرعية، وأحكام مرعية، خدمة للعاملين في القطاع الخيري والوقفي، وسأخص في كل مقال قاعدة أو ضابط شرعي خيري أو وقفي، وأبدؤها بالقاعدة الآتية:
لا ثواب إلا بنية
الصدقة والوقف عبادة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، ولا يترتب عليها ثواب إلا على حسب نية الفاعل وقصده، وقاعدة (لا ثواب إلا بنية) تنبني على قاعدة كلية جامعة هى قاعدة: (الأمور بمقاصدها).
لا ثواب إلا بنية(1)، قاعدة أدلتها وفيرة، وأشهرها ما روي بالسند إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله [ يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (2) ودلالة هذا الحديث أن الأعمال لا تصح شرعًا ولا تعد إلا بالنية، وأنها الفاصلة فى صحة العمل وعدم صحته.
فمن أراد أن يتطوع، بأن يقدم أضحية للفقراء فعليه أن ينوي عند الشراء أنها أضحية(3). ومن أراد بالوصية والوقف التقرب إلى الله، فإنه يثاب على ذلك(4)، وإن قصد غير ذلك كأن يقال عنه كريم، فلا ثواب له. فإنفاق المال بنية السمعة والرياء لا يثاب عليه(5). والوقف يصح دون نية، لكن ليس له ثواب إلا إذا نوى التقرب إلى الله تعالى (6).
قال ابن القيم- رحمه الله- «فأما النيَّة فهي رأس الأمر وعموده، وأساسه وأصله الذي عليه يبنى، فإنها روح العمل وقائده وسائقه، والعمل تابع لها يبنى عليها، ويصح بصحتها، ويفسد بفسادها، وبها يستجلب التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة»(7).
الهوامش:
1- الأشباه والنظائر لابن نجيم 19.
2- رواه البخارى في صحيحه برقم ( ا ). ومسلم في صحيحه برقم (5036).
3- ابن نجيم: الأشباه والنظائر: 34.
4- ابن نجيم: الأشباه والنظائر: 34-35.
5- القواعد الفقهية ودورها في إثراء التشريعات الحديثة للسرحان، ص 36.
6- الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 23.
7- أعلام الموقعين 4/255.


اعداد: عيسى القدومي






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-09-2024, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,296
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية

القواعد الأصولية والفقهية المنظِّمة للعمل الخيري – نوازل العمل الخيري



  • إبراء ذمم المُزَكِّين بوضع الزكاة المفروضة في أهلها فقط واجب وهو مقتضى الوكالة التي يجب على المؤسسة الخيرية أداؤها على الوجه الأكمل
تتضمّن هذه الحلقات تعريفًا مختصرًا بعلم القواعد الفقهية وعلاقته بغيره من علوم الفقه، وتنويهًا بأهميّته، كما يتضمّن تقرير أهميّة التأصيل الشرعيّ لمؤسسات العمل الخيري، في مجالاتها الإداريّة والعملية وأعمالها الميدانية، لا في أرضيّة العمل الخيريّ النظريّة العلميّة فقط، كما تتضمّن -فضلا عن ذلك- سردًا وشرحًا لأهمّ القواعد الفقهيّة التي يتّسع مجال تطبيقها، وتكثر الأنواع المندرجة تحتها في مجال الأعمال الخيرية.
1- الأصل في الأشياء الإباحة
  • التوضيح: هذه قاعدة استصحاب البراءة الأصلية في كلّ ما لم يرد دليلٌ على منعه، وأنّه حلالٌ مباح، وذلك على السّواء في الأعيان والتصرّفات، ويتفرّع عليها: مشروعيّة كلّ ما تتّخذه المؤسّسات الخيريّة من التنظيمات الإداريّة، والهيكليّات، وتقسيم المؤسّسة إلى دوائر واختصاصات وإدارات محليّة وإقليميّة، وكذلك جدولة الصّرف والإنفاق، وكذا الشروط التي تشترطها في عقود العمل والتوظيف، وعقود المشاريع من إنشاءات وتوريد وغيرها، كلّها إجراءاتٌ مشروعةٌ على الأصل، إلّا إذا اصطدمت بدليلٍ يدلّ على المنع منها، فيُرجع فيها إلى حكم الدّليل.
2- ما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب
  • التوضيح: هذه قاعد أصوليّة، فكلُّ ما كان مُباحًا في ذاته، ولم يرد نصٌّ شرعيٌّ يدلُّ على وجوبه، وكان لا يُمكن التوصُّل إلى أداء واجب شرعيٍّ إلّا به، فالأخذ به واجبٌ، فنظام البحث الاجتماعيّ ومعاييرُه المدروسة في المؤسسات الخيرية وضعُها واجب، ومراجعتها المستمرّة واجبة، لأنّ إبراء ذمم المُزَكِّين بوضع الزكاة المفروضة في أهلها فقط واجب، وهو مقتضى الوكالة التي يجب على المؤسسة الخيرية أداؤها على الوجه الأكم، ومن ضمن النّشاط الخيريّ الواجب، إقامة مراكز الإغاثة الطبيّة، وتوفير الأطبّاء والأدوية اللّازمة فيها، لأنّ واجب الحفاظ على صحّة المتضرّرين من النوازل المختلفة لا يتمّ إلّا بذلك.
3- للوسائل أحكام المقاصد
  • التوضيح: المقاصد والأغراض، لا يُتوصّل إليها إلّا بوسائل وأسباب، فهذه الأسباب والوسائل تُسوّى في الحكم بالمقاصد والأغراض التي يُتوصّل إليها من طريقها، فتكون الوسيلة إلى الواجب واجبة، والوسيلة إلى الحرام محرّمة، والوسيلة إلى المستحبّ مستحبّة، وإلى المكروه مكروهة، وكذلك ما يُتوسّل به إلى المباح مباحٌ، وعلى هذا المعنى فالقاعدة السابقة تكون فرعاً من هذه القاعدة، وهذه أصلٌ عامٌّ يتعلّق بما لا يتمّ به المقصود والغرض عموماً، وليس الواجب فقط.
وممّا يتخرّج عليها: دفع المال لدفع الخطر عن الأموال الخيريّة والتبرّعات، ولتفادي إتلافها والاعتداء عليها ومصادرتها لبعض الجهات المتنفّذة في أماكن الاضطرابات وبقاع الانفلاتات الأمنيّة، مشروعٌ لأجل أنّه موصلٌ إلى غايةٍ مشروعة، ومحقّقٌ لمصلحةٍ راجحة، مع أنّ الأصل أنّ دفع المال لمثل تلك الجهات لا يُشرع، وليس قانونيًّا.
4- النفل أوسع من الفرض
  • التوضيح: الشارع يتسامح في النوافل والتطوّع أكثر ممّا يتسامح في الفُروض، في شروطها وأحكامها، مع كون الجميع يشهد بأنّ الدّين يُسرٌ، فالنافلة من عبادةٍ ما، يصحّ فيها بعضُ ما لا يصحّ في الفريضةِ التي من جنسها، فلا يجوز إعطاء الزكاة المفروضة إلّا في حدود مصارفها الثمانية، بينما يجوز صرف صدقة التطوُّع حيثما يراه العبد مناسبًا، حتى إنّ إعطاءها للكافر لا حرج فيه، بل تكون مقبولة يُؤجر عليها صاحبها. كما يجوز إدخال غير المسلمين من أهل الذمّة في الموقوف عليهم، فيشملهم رَيْع الوقف، بشرط أن لا يكون ذلك في عبادتهم، فتؤول الطّاعة إلى أن يكون سبيلها الإعانة على الشرك، فإنّ هذا لا يجوز بحال.
5- الترك فعلٌ
  • التوضيح: هذه القاعدة ذكرها العلّامة الزركشي -رحمه الله- بلفظ: «الترك فعلٌ إذا قُصد»، وهي قاعدة أصوليّة فقهية، فالتركُ، وإن كان -في الظاهر- حالةً عدميّةً وليس فعلاً قائمًا بالمكلّف، إلّا أنّه شرعًا يأخذ حكم الفعل الوجوديّ، ويُؤاخذ به المكلّف إن كان تركاً على خلاف الشّرع، كما يُؤاخَذ بالفعل، ويُؤجَر عليه إن كان موافقاً للشرّع، كما يُؤجَر على الفعل، فتركُ إطعام الجائع حتى يموت؛ أو ترك إنقاذ الغريق حتى يغرق، أو ترك الأسير في يد الكفّار مع القدرة على افتكاكه، كلُّ ذلك يأثم القادرون عليه إذا لم يفعلوه.
وممّا يتخرّج على هذه القاعدة: التلكُّؤ والتباطؤ -فضلاً عن الترك التامّ- في تنفيذ البرامج الإغاثيّة، حتى يفوت وقت الإمكان ويتحقّق الضّرر الذي كان من الممكن أن يُدفع بالتنفيذ، إثمٌ يؤاخذ به التاركون المكلّفون بالتنفيذ، إن كان تركهم من غير عذر مقبولٍ شرعاً.
6- ما حُرّم سدًّا للذّريعة أُبيح للمصلحة الرّاجحة
  • التوضيح: الذّريعة هي الوسيلة أو السبب إلى الشيء، وغلب عليها عند الفقهاء الاستعمال فيما أفضى إلى المحرّم خاصّة، وكان في نفسه جائزاً أو ظاهر الجواز، فالذريعة على هذا المعنى هي التي يدور الكلام حول سدّها بين الأصوليّين.
وعلى هذا يكون المعنى: التصرّفات التي ليست هي مفسدةً في ذاتها، ولا المفسدة غالبةٌ عليها، إذا تحقّق -أو غلب على الظنّ- أنّها تحقّق مصلحةً شرعيّةً غالبة، كأن تندفع بها ضرورة، أو تحصّل بها حاجة، فإنّ إيقاع تلك التصرّفات تحصيلاً لتلك المصلحة الراجحة مباحٌ، ولا تُمنع حسماً لما قد تفضي إليه من مفاسد في أحوالٍ أخرى. وممّا يتخرّج على ذلك: التعاملات الماليّة للمؤسّسات الخيريّة مع البنوك الرّبويّة، تحت عناوين شرعيّة صحيحة، كالحسابات المفتوحة لاستقبال التبرّعات في الأزمات، تجوز لما يترتّب عليها من مصالح عظيمة، ومنافع لا تقدّر بمقابل، مع كون الأصل أنّ الإيداع في البنوك الربويّة أو التحويل عن طريقها لا يخلو من استغلالها لتلك الأموال في معاملاتٍ ربويّة محرّمة.
7- كل اسم ليس له حدٌّ في اللّغة ولا في الشّرع فالمرجع فيه إلى العرف
  • التوضيح: كلّ لفظٍ استُعمل في كلام الشّارع ليدلّ به على حُكمه ومراده في أمرٍ ما، فالأصل أن يُفهم معناه من كلام الشارع نفسه، فإن لم يكن له فيه حدٌّ فالمرجع فيه إلى لغة العرب، فإن خلا الشّرع واللّغة عن تحديدِ معنىً ثابتٍ لذلك الاسم، رُجع فيه إلى العُرف، والعُرف هو: «عادة جمهورِ قومٍ في قول أو فعل».
وممّا يتخرّج على هذه القاعدة: الولاية على الأموال، والنّيابة في التصرّفات عن المتبرّعين والموكّلين، فإنّه لا حدّ في الشّرع للولاية ولا للنّيابة، وإنّما يتغيّر حدّها بتغيّر الأعراف وتقلُّب الأزمان، وكذلك كفاية الفقير من أموال الزكاة والصدقات، بل إنّ أوصاف الفقر والمسكنة والحاجة والعوز في ذاتها، هي في الحقيقة خاضعة للعُرف.
8- الأصل براءة الذمّة
  • التوضيح: الذّمّة: وصفٌ يصير الشخص به أهلاً للإيجاب له وعليه، فيكون معنى القاعدة: الحكم المستمرّ الثابت المعمول به، أنّ ذمّة الإنسان خاليةٌ من وجوب الحقوق فيها، على السواء في ذلك حقوق الله تعالى وحقوق المخلوقين، ولا تُشغل بشيء من ذلك إلّا بدليل، فإنّ المرء يولد ويخرج إلى حيّز الوجود خالياً عن كلّ التزامٍ أو دَيْن أو مسؤوليّة.
وممّا يتخرّج على هذه القاعدة: أنّ ذمّة المؤسّسة الخيريّة بريئةٌ من ضمان أيّ شيءٍ لأيّ جهةٍ بناءً على ما يقع بينها وبين المتبرّعين من النّيابة والتوكيل، في حال حدوث أيّ خللٍ أو نقصٍ قدريٍّ في تنفيذ المشروعات الخيريّة وإيصال الأموال النقديّة أو المساعدات العينيّة إلى المستحقّين، إلّا في حال ثبوت التقصير والتفريط، وذلك لأنّ الأصل في يد المؤسّسات الخيريّة أنّه يد أمانةٍ لا ضمان عليها إلّا إذا ثبت التقصير.


اعداد: عيسى القدومي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-09-2024, 06:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,296
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية

القواعد الأصولية والفقهية المنظِّمة للعمل الخيري – نوازل العمل الخيري ( 2 )



  • ما يصدر عن الحاكم أو من يتولّى أمرًا من الأمور التي تتعلّق بتدبير أمور النّاس وسياستهم ينبغي أن يكون متعلِّقاً بتحقيق المصلحة لهم ودفع المفسدة عنهم
  • مقتضى الخطاب الشرعيّ في ذمّة المكلّف لا يثبت إلا بعد علمه به وبلوغه إيّاه وقدرته على إنفاذه والامتثال له والمراد بمقتضى الخطاب هنا هو الأحكام التكليفيّة الخمسة
تتضمّن هذه الحلقات تعريفًا مختصرًا بعلم القواعد الفقهية وعلاقته بغيره من علوم الفقه، وتنويهًا بأهميّته، كما يتضمّن تقرير أهميّة التأصيل الشرعيّ لمؤسسات العمل الخيري، في مجالاتها الإداريّة والعملية وأعمالها الميدانية، لا في أرضيّة العمل الخيريّ النظريّة العلميّة فقط، كما تتضمّن -فضلا عن ذلك- سردًا وشرحًا لأهمّ القواعد الفقهيّة التي يتّسع مجال تطبيقها، وتكثر الأنواع المندرجة تحتها في مجال الأعمال الخيرية.
الاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد
هذه قاعدة أصوليّة متفقٌ عليها، وتوضيحها: أنّ «اجتهاد المجتهد في المسائل الظنيّة التي لم يرد فيها دليلٌ قاطعٌ، لا يُنقض باجتهاد مثله إجماعاً، أي في المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد؛ لأنه لو نُقض الأوّل بالثاني لجاز أن يُنقض الثاني بالثالث؛ لأنّه ما من اجتهاد إلا ويجوز أن يتغير، وذلك يؤدّي إلى عدم الاستقرار، ويلزم التسلسل»، وهذه القاعدة ليست قاصرةً على حُكم الفقيه المجتهد والقاضي فقط، بل يدخل فيها كلّ مكلّف، سواءً كان شخصاً حقيقيًّا أم اعتباريًّا كالشّركة والجمعيّة والمؤسّسة، وذلك فيما يسوغ فيه الاجتهاد من غير المجتهد.
ممّا يتخرّج على القاعدة
القرارات الإداريّة التي تُتّخذ في مرحلةٍ ما من عمر المؤسّسة، التي قد يكون ترتّب عليها بعض النّفقات والإجراءات التنفيذيّة، لا يلزم الرجوع عنها بإبطال آثارها إذا تبيّن أنّها كانت خطأ، وإنما يُتحوّل عنها لاتخاذ المسلك الصحيح في المرحلة المستقبليّة. وكذا المجتهد في تقييم استحقاق جهةٍ ما من مال الزكاة، أو في انطباق شروط بعض الواقفين عليها، ثم يتبيّن له خطأ الاجتهاد الذي عمل به مدّةً، يلزمه تصحيحه ولا يلزمه تصحيح آثاره، ولا يضمن شيئاً بسببه، إذا كان ممّا يسوغ منه ويُقبل.
التكليفُ مشروطٌ بالتمكُّن من العلم والقدرة على الفعل
التكليف: هو إلزامُ مقتضى خطاب الشارع، فيكون المعنى أنّ مقتضى الخطاب الشرعيّ في ذمّة المكلّف لا يثبت إلا بعد علمه به، وبلوغه إيّاه، وقدرته على إنفاذه والامتثال له، والمراد بمقتضى الخطاب هنا هو الأحكام التكليفيّة الخمسة من وجوبٍ واستحبابٍ وكراهةٍ وتحريمٍ، وكذا الإباحة، لأنّها مقتضى الخطاب إذا كان الخطابُ خطابَ تخيير. ونحن إذا نظرنا في مسألة القدرة المشروطة في القاعدة وجدنا أنّها أصلاً تؤول إلى العلم، لأنّ ما تعذّر العلمُ به لم تكن ثمّة قدرةٌ على الامتثال له.
ميدان هذه القاعدة
لذلك فالكلام في هذه القاعدة ليس هو الكلام المشهور للأصوليّين عند تحريرهم لشروط التكليف، إذ يجمعون على اشتراط العلم عند تعدادهم لشروط المكلَّف، أو شروط المكلَّف به، وإنّما ميدان هذه القاعدة هو الجواب على السؤال الآتي: هل يثبت أثرُ الخطابِ الشرعيّ في ذمّة المكلّف قبل بلوغه إيّاه؟ بمعنى أنْ يُطالَبَ بقضاءِ ما يكلّفه به الخطابُ عن الفترةِ التي كانت قبل بلوغه؟ أم لا أثر للخطابِ مطلقاً قبل بلوغه، ولا يمكن أن تترتّب عليه مطالبةٌ إلّا بعد بلوغه المكلَّفَ؟ الرّاجح الثاني، وهو ما تنصّ عليه القاعدة.
من ثمرات القاعدة
ومن ثمراتها مثلاً: من لم يبلغه الخطابُ بالصّلاةِ، هل يُؤمَر بقضاء ما فاته من الصّلوات التي كانت بين يوم بلوغه إلى اليوم الذي بلغه فيه الخطاب لأنّه مطالبٌ منذ أن صحّ خطابُه وإن لم يبلغه الخطاب؟ أم لا حكم ولا أثر للخطاب الشرعيّ إلّا بعد بلوغه وسماعه والعلم به؟ الراجح الثاني.
ما يتخرج عن هذه القاعدة
ويتخرّج على هذه القاعدة كثيرٌ من الفروع والأنواع: إذا تعامل المسلم -شخصاً حقيقيًّا أو اعتباريًّا- بمعاملةٍ كان يراها صحيحةً باجتهادٍ ممّن يسوغ منه، أو استفتاء، ثمّ ظهر له أنّ الصحيح بطلانها، لم يحرم عليه الانتفاع بآثارها والالتزام بحكمها. وكذا ناظر الوقف، أو الوصيّ على المال، إذا تصرّف تصرُّفاً من مضاربةٍ أو مزارعةٍ أو تأجيرٍ، ثمّ تبيّن له خطأ اجتهاده أو بطلانه، لم يكن ضامناً لآثاره إذا كان محتاطاً بما يكفي لإبراء ذمّته.
الإنفاق لا يحتمل التأخير
هذه القاعدة من القواعد الحاكمة على زمن التصرُّف، فالواجب على المُنْفق إعطاء ما وجب عليه من النفقة في وقتها المحدد المعتاد، ففي حالات النكبات والنوازل العامّة والكوارث، فإن تقديم المساعدات الفورية من طعام وشراب وأغطية وأماكن الإيواء مقَدَّم على ما دونه من الأعمال الخيرية؛ لأن في ذلك حفظ النفس، والإنفاق على مثل هذه الأساسيات واجب لا يحتمل أدنى تأخير. ولا يجوز تأخير صرف مستحقات أهل العوز والحاجة، الذين يُصرف لهم مخصصات شهرية من المؤسسات الخيرية؛ لأن في ذلك ضررا وتضييقا عليهم، فلا بدّ من تلافيه طالما كان ذلك ممكنًا، وكذلك صرف مستحقات العاملين في المؤسسات الخيرية، أمر لا يحتمل التأخير، لكون تأثيره على مسيرة المؤسسة الخيريّة يكاد يكون سريعاً ومباشراً.
إنّما يُؤمر بالانتظار إذا كان مفيداً
قد يُشرع ويجوز تأخير إيصال الحقّ، وأداء الواجب، إذا كانت تتحقّق بذلك الانتظار منفعةُ أن يلاقي الواجب محلّه الصحيح الكامل شرعاً، أمّا إذا لم يكن في التأخير مصلحةٌ راجحةٌ كهذه، فإنّه لا يجوز. ومن التطبيقات على ذلك: مستحقّو الزكاة، فإنّ الزكاة تُدفع من صاحب المال في وقتٍ مخصوصٍ لا يجوز أن يؤخّرها عنه، وهو اكتمالُ الحول القمريّ، لكن المؤسّسة الخيريّة التي تستلم هذا المال وتنوب عن دافعه في إيصاله إلى المستحقّ، لها أن تنتظر وتتربّص مدةً لتجد من هو متصفٌ بصفات الاستحقاق الكاملة، وهذا الانتظار والتأخير إنّما يُتصوّر أن يكون مفيداً في ظروفٍ دون ظروف، كأن يُنتظر وصول موجاتٍ جديدةٍ من النازحين والمنكوبين إلى بلدٍ ما، من بلدٍ يُتوقّع مجيئهم منها لاضطرابٍ فيها، أمّا في الأحوال الاعتياديّة فلا معنى لهذا الانتظار؛ لأنّ مجيء المستحقّ توهّم، وقد سبق أنّ التوهّم لا عبرة به.
كلُّ متصرف على الآخر فعليه أن يتصرّف بالمصلحة
نفاذ ما يصدر عن الحاكم أو من يتولّى أمرًا من الأمور التي تتعلّق بتدبير أمور النّاس وسياستهم، ينبغي أن يكون متعلِّقاً بتحقيق المصلحة لهم، ودفع المفسدة عنهم، وهذا يشمل الوالي، والقاضي، ووليَّ البنت، ومتولِّي الوقْف، والوصيَّ، وغيرهم. فتصرُّف القُضاة في أموال الأيتام، والأوقاف، وكذا قُضاة الاختصاص الذين يتولَّوْن إصدار الأحكام في قضايا المؤسّسات الخيريّة نفسها، سواءً كان ذلك في فترة نشاطها وعطائها، أم عند مرحلة حلِّها، إما على إثر الخلافات، أو لغير ذلك من الأسباب، هم أيضاً مُطالبون بمراعاة المصلحة الشرعيّة في ذلك، والمطالبة نفسها تتعدّى أيضاً إلى مشرِّعي القوانين الخاصة بالجمعيّات الخيريّة.


اعداد: عيسى القدومي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.88 كيلو بايت... تم توفير 2.59 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]