الرثاء في الشعر العربي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12670 - عددالزوار : 222121 )           »          يوم المرأة العالمي وعيد الأم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          نحو مجتمع إسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الأم نبع الحنان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          عَدي بن حاتم - قصة إسلامه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الأخبار المستقبلية في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيف نقرأ قرناً من الصراع؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الإمام أبو حنيفة قادح زناد الفكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          صرخة في وجه الفساد الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          من حسنت بدايته حسنت نهايته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-06-2023, 03:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,464
الدولة : Egypt
افتراضي الرثاء في الشعر العربي

الرثاء في الشعر العربي
أم محمد عياطي


تعدَّدَتْ أغراضُ الشعر العربي، وتشَعَّبَتْ من حيث المواضيع التي يطرقها، فكان منها الفخر والهجاء والغزل والرثاء وغيرها، وظلت هذه الأغراض في الشعر محافظةً على أصالتها إلى زماننا هذا، ولم يعتريها التغييرُ إلا في بعض تفاصيل طرحها وسرْدها، ولعل أشجى هذه الأغراض وأقربها لحياة الشاعر وقلبه هو "الرثاء"؛ لأن الموت قدرٌ محتوم قد غصَّ بمرارته كل البشر، وذاق علقمه من تخطَّف الموتُ عزيزًا على قلبه؛ ولهذا لم يكتم الشعراء جزعهم من هذا الشبح الذي طالما حام حول سويداء قلوبهم، فاجتثَّها خلسةً، ومرَّ إلى غير رجعة على وَقْع أفئدة تُدمى، وأكباد تتفطَّر، وأرواح تتلظَّى وتتحسَّر، ولا يملك الشاعر إلا أن يشيِّع فقيده بأوتار القوافي، يهزُّ أوزانها على نغم الفجيعة والأسى مجترًّا ما مضى من سالف عهده، فيتراءى له جمالُ تلك الصُّحْبة الهنية التي لم يبقَ منها سوى أثر معانيها الطيبة، وذكرى المفقود بكل ما افتقد معه من نُبْل خلاله، وحُسْن أوصافه؛ ولهذا نستطيع أن نعرِّف الرثاء في الشعر بأنه تعداد خصال الميت مع التفجُّع والتأسِّي والتعزِّي بما كان يشتمل عليه من خصال حسنة ومناقب مجيدة، ويلتقي الرثاء مع المدح في الإشادة بمكارم الأخلاق وجليل المزايا والصفات إلا أن الرثاء يعقبه الحزن والحسرة على فراق المتوفَّى.

وللرثاء ثلاثة ألوان وهي:
الندب: وهو البكاء أثناء احتضار الميت، أو بعد وفاته.
والتأبين: وهو ذكر الميت وتعداد خصاله الحميدة في جمْع من الناس، ويُعدُّ التأبين نوعًا من التكريم للميت.
والعَزاء: وهو التفكير فيما وراء الموت، والتأمُّل في الموت والحياة بشكل يصل إلى أعماقه، وسر خذلانه.

وأيًّا كان لون الرثاء أو نوعه نجده يلامس شغاف القلوب ورقائق النفس، ولعل أصدق الرثاء أخلده؛ فكلما كان المصاب أعظمَ، كان الشعرُ أمكنَ وأصلبَ، وصداه أجوب في شعاب الحياة.

ويتوزَّع الشعراء من راثٍ لنفسه، ولعزيز له قريب، أو حتى لبقعة من بقاع الأرض؛ كرثاء المدن وعندما نجيل النظر نلمس أنه من أصدق وأشج ما قيل في الرثاء كان في رثاء المرء نفسه، وهل هناك أعزُّ من الروح مهما كانت مكانة المرثي، فليست النائحة كالثكلى.

ومن أشهر المرثيات مرثية مالك بن الريب، يرثي نفسه في قصيدة طويلة عندما شعر بدنوِّ الأجل إثر حادث ألمَّ به؛ حيث قال:
غريبٌ بعيدُ الدار ثاوٍ بقَفْرةٍ

يَدَ الدهر معروفًا بأنْ لا تدانيا

أقلِّبُ طرفي حول رحلي فلا أرى

به من عيون الْمُؤنساتِ مُراعيا

وبالرمل منَّا نسوة لو شَهِدْنَني

بَكينَ وفَدَّين الطبيبَ الْمُداويا

وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ

ذميمًا ولا ودَّعْتُ بالرمل قالِيا



ومن أبرز شعر الرثاء أيضًا مراثي المهلهل في أخيه كليب؛ فقد برع في تصوير فجيعته، ونفث آهته من خلال ما نظمه حين فقد أخاه، فقال
نعى النعاة كليبًا لي فقلت لهم

سالت‏ بنا الأرض أو زالت رواسيها

ليت السماء على من تحتها وقعت

وجالت الأرض فانجابت ‏بمن فيها



وكان للخنساء قصائد عدة في رثاء أخيها صخر تصدَّعَتْ من خلالها روحها، فانساقت عبراتها تنوح في قوافي تموج بحرقة الفقد والحنين ومنها:
أعينيَّ جُودا ولا تجمُدا

ألا تبكيان لصَخْر الندى

ألا تبكيان الجريء الجميل

ألا تبكيان الفتى السيدا

رفيع العماد طويل النجاد

ساد عشيرته أمردا

إذا القوم مدُّوا بأيديهم

إلى المجد مدَّ إليه يدا

يحمله القوم ما عالهم

وإن كان أصغرهم مولدا

وإن ذ كر المجد ألفيته

تأزَّر بالمجد ثم ارتدى


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-06-2023, 03:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,464
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في الشعر العربي

أما أبو ذؤيب الهذلي فقد ترك فقد أولاده في نفسه أثرًا لا يُمحى بحيث جسَّدت قصيدته مقدار الحزن الذي استحوذ عليه حتى غدت أيامُه مريرةً لا تُطاق فقال:
أمِن المَنُونِ وريبها تتوجَّعُ
والدهرُ ليسَ بُمعْتِبٍ مَن يَجْزَعُ
قَالَتْ أميمةُ مَا لجسمِكَ شاحبًا
منذ ابتذِلْتَ ومثلُ مَالِك يَنْفعُ
أمْ مَا لِجنْبِكَ لا يلائمُ مَضْجعًا
إلَّا أقضَّ عليه ذاكَ المضْجَعُ
فأجبْتُها أمَّا لِجِسْميَ أنَّه
أَودَى بَنيَّ من البلادِ فوَدَّعُوا
أوْدى بَنيَّ فأعْقَبوني حَسْرةً
بعد الرُّقادِ، وعَبرةً مَا تُقْلِعُ
فَغبَرتُ بَعَدهُمُ بعيْشٍ نَاصب
وإِخالُ أَنِّي لاحِقٌ مُسْتَتْبعُ
وَلقدْ حَرَصْتُ بأن أُدافعَ عنهُمُ
وإذا المنيةُ أقْبَلَتْ لا تُدْفَعُ
وإذا المنيَّةُ أَنشبَتْ أَظْفَارَهَا
ألفْيْتَ كلَّ تميمةٍ لا تَنْفَعُ
وتَجَلُّدي للشَّامِتينَ أرِيهمُ
أَنِّي لِريب الدَّهْرِ لا أتَضَعْضَعُ
حتَّى كَأنِّي للْحَوادِثِ مَرْوَةٌ
بصفا المشقَّرِ كلَّ يومٍ تُقْرَعُ
لا بدَّ مِن تَلفٍ مُقيمٍ فانتظرْ
أَبأرْضِ قَومِك أمْ بأُخرى المَصْرعُ
وَلَقَدْ أَرَى أنَّ البُكَاءَ سَفَاهَة
وَلَسَوْفَ يُولَعُ بالبُكَا مَنْ يُفْجع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-06-2023, 03:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,464
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في الشعر العربي


وليَأتينَّ عَلَيْكَ يومٌ مَرَّةً
يُبكَى عَلَيْكَ مُقنَّعًا لا تَسْمَعُ
والنَّفسُ رَاغِبةٌ إذا رغَّبْتَهَا
وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ
كمْ مِن جميع الشَّمْلِ مُلْتئم الهَوى
كَانُوا بَعَيْشٍ نَاعِمٍ فَتَصَدَّعُوا
فَلئِنْ بهم فَجَعَ الزَّمَان وَريْبُه
إني بأهْلِ مَوَدَّتِي لمُفجَّع

وكان لرثاء الزوجة عند الشعراء حظٌّ وافرٌ من النظم والبكاء على ما مرَّ من طيب معشرها، ومن أرقِّ ما قيل في هذا الموضع الذي سطَّرَه جرير في رثاء زوجته، فقال في ذلك:
لَولا الحَياءُ لَعادَني اِستِعبارُ
وَلَزُرتُ قَبرَكِ وَالحَبيبُ يُزارُ
وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّع نَظرَة
في اللَّحْدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ
فَجَزاكِ رَبُّكِ في عَشيرِكِ نَظرَةً
وَسَقى صَداكِ مُجَلجِلٌ مِدرارُ
أَرعى النُّجومَ وَقَد مَضَت غَورِيَّةً
عُصَبُ النُّجومِ كَأَنَّهُنَّ صِوارُ
نِعْمَ القَرينُ وَكُنتِ عِلقَ مَضِنَّةٍ
وأرى بِنَعفِ بُلَيَّةَ الأَحجارُ
عَمِرَت مُكَرَّمَةَ المَساكِ وَفارَقَت
ما مَسَّها صَلَفٌ وَلا إِقتارُ
فَسَقى صَدى جَدَثٍ بِبُرقَةِ ضاحِكٍ
هَزِمٌ أَجَشُّ وَديمَةٌ مِدرارُ
هَزِمٌ أَجَشُّ إِذا اِستَحارَ بِبَلدَةٍ
فَكَأَنَّما بِجوائِها الأَنهارُ




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-06-2023, 03:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,464
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في الشعر العربي


مُتَراكِبٌ زَجِلٌ يُضيءُ وَميضُهُ
كَالبُلقِ تَحتَ بُطونِها الأَمهارُ
كانَت مُكَرَّمَةَ العَشيرِ وَلَم يَكُن
يُخشى غَوائِلَ أُمِّ حَزرَةَ جارُ
وَلَقَد أَراكِ كُسيتِ أَجمَلَ مَنظَرٍ
وَمَعَ الجَمالِ سَكينَةٌ وَوَقارُ
وَالريحُ طَيِّبَةٌ إِذا استَقبَلتها
وَالعِرضُ لا دَنِسٌ وَلا خَوَّارُ
وَإِذا سَرَيتُ رَأَيتُ نارَكِ نَوَّرَت
وَجهًا أَغَرَّ يَزينُهُ الإِسفارُ

ورثاء المدن أيضًا فهناك من سكب في معانيه أسف الضياع وكمد الفرقة، وهذا ما فاضت قريحة الشاعر "أبي البقاء الرندي" به عندما بكى سقوط الأندلس قائلًا:
لكل شيءٍ إذا ما تمَّ نقصان ُ
فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دُولٌ
مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحد
ولا يدوم على حالٍ لها شانُ
وينتضي كلَّ سيف للفناء ولوْ
كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب
وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ؟

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-06-2023, 03:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,464
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في الشعر العربي


أتى على الكُل أمر لا مَردَّ له
حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا

وفي الأخير نقول وإن تعددت المراثي، فالوجع واحد؛ لأن الفقد من أمر ما يُلاقيه الإنسان ويُكابده، فكيف إن كان المفقود ميؤوسًا من عودته ورجوعه كمن تخطَّفَه الموت، فالاشتياق المسلوب الأمل أقسى ما يتجرَّعُه قلب، ولا يخفف من وقعه إلا الرضا بالقضاء والقدر عند المؤمن خاصة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.48 كيلو بايت... تم توفير 3.55 كيلو بايت...بمعدل (4.13%)]