مدائن صالح عليه السلام وجوانب من العظات فيها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         السيول والأمطار دروس وعبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مضى رمضان.. فلا تبطلوا أعمالكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضل علم الحديث ورجاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الترهيب من قطيعة الرحم من السنة النبوية المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          لمحات في عقيدة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          عقيدة الشيعة فيك لم تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          شرح حديث: تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أدومه وإن قل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-06-2019, 01:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي مدائن صالح عليه السلام وجوانب من العظات فيها

مدائن صالح عليه السلام وجوانب من العظات فيها (1)


يوسف الزين



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين:
سبق في حلقات مضت الكلام حول جوانب من الخطاب الدعوي لنبي الله صالح من الخطاب الدعوي لنبي الله صالح عليه السلام ، وكان من ذلك ما يتعلق بالتذكير بنعم الله تعالى عليهم ، والملاحظ أن صالحاً عليه السلام قد ذكر القوم بالنعم التي أنعم الله بها عليهم، وهو مسلك نبوي سلكه موح وهود عليهما السلام ولهذا الأسلوب الدعوي أثر بالغ على المدعوين، وقد ذكر صالح عليه السلام لقومه عدداً من النعم التي أنعم الله بها عليهم، وهي في المقابل تدل أن القوم كانوا على مستو عال من الحضارة حيث برز في حياتهم جانبان مهمان:

الأول: التشييد والمباني يقول الله تعالى: }وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ { الأعراف 74 وقال عز وجل: }وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ{ الشعراء 149 وقال تعالى: }وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ{ الفجر 9 ويتضح من الآيات أن لهم أنواعاً متعددة من البيوت، فهناك البيوت المنحوتة في الجبال وهناك القصور التي تكون في السهول، قال ابن كثير رحمه الله: وقد ذكر أن قوم صالح كانت أعمارهم طويلة فكانوا يبنون البيوت من المدر ( الطين ) فتخرب قبل موت الواحد منهم فنحتوا لهم بيوتاً في الجبال
" البداية والنهاية " ( 1/159 ) وقال في تفسير قوله تعالى: }وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ{ قال ابن عباس وغير واحد يعني حاذقين، وفي رواية عنه شرهين أشرين وهو اختيار مجاهد وجماعة ولا منافاة بينهما فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشراً وبطراً من غير حاجة إلى سكناها وكانوا حاذقين متقنين لنحتها كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم ( التفسير 6/2592 )
وقال ابن عاشور: ومحل الامتنان هو أن جعل منازلهم قسمين: قسم صالح للبناء فيه، وقسم صالح لنحت البيوت فيه، قيل: كانوا يسكنون في الصيف القصور، وفي الشتاء البيوت المنحوتة في الجبال ( التحرير والتنوير 5/211 )

والملحوظات أن الجبال التي كانوا يتخذونها مساكن وينحتونها قابلة للنحت وليست صخوراً صماء، وهذا ما ذكره.




الزائرون لمدائن صالح
وفي كونها قابلة للنحت من الامتنان ما فيه فلو كانت صخوراً صماء لم يقدروا على نحتها، ولعلك لاحظت أخي القارئ أن ابن كثير وابن عاشور لم يتفقا على قول بشأن البيوت وكيفية انتفاع قوم ثمود بها، وحتى علماء الآثار لم يتفقوا على شيء محدد فيما يتعلق بذلك، وهل كانت المنحوتات عبارة عن بيوت أو قبور لكن حسبنا أن نقف مع النص القرآني }تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً{ وهذا المذكور لا يحصل لكل أحد خصوصاً عرب الجزيرة العربية وهي المنطقة الصحراوية التي تقل فيها مقومات الحضارة مع كون أغلب سكانها بدو رحل، وإذا علمت ذلك أخي القارئ الكريم، وعلمت صعوبة أمر البناء وما هو أصعب منه وهو النحت أدركت عظيم النعمة التي امتن الله بها على قوم ثمود أضف إلى ذلك الجانب الثاني الذي ذكرهم به صالح عليه السلام وهو:

الثاني: عنصر الزراعة المتمثل في البساتين والزروع والجنان كما في قوله تعالى }أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ. فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ{ الشعراء. وتوحي كلمة }هَضِيمٌ { بأن ثمار النخيل كانت مغذية سهلة للهضم، وكلمة } جَنَّاتٍ{ تشير إلى الرفاهية والسعادة التي كان يتمتع بها أولئك القوم
( السياحة ومعالم الدعوة في المواقع السياحية. د. علي الأحمد- مكتبة الرشد )

قال ابن باديس رحمه الله في سياق حديثه على حضارة العرب معلقاً على الآيات الواردة في سورة الشعراء }أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ { الآيات.
أما المغزى الذي سيقت هذه الآيات لأجله فهو الإنكار عليهم: كيف يستعينون بنعم الله التي يسرها لهم على الكفر به، وإنذارهم أن الكفر بها وبمؤتيها سيكون سبباً في زوالها، وفي ضمن هذا عرفنا حالتهم التي كانوا عليها في تعمير الأرض وهي حالة أمة بلغت النهاية في الحضارة المادية وفنونها من زرع الأرض وتلوينها بأصناف الشجر منظمة، وتقسيم المياه على تلك الغروس إلى ما يستلزم كل ذلك من علم بحال الأرض وطبائعها وأحوال الأشجار المغترسة وطبائعها، وأحوال الفصول الزمنية وأحوال الجو، وأحوال التلقيح والآبار والجني، وعلم بأصناف التمتع من مناظر ، ومجالس ومقامات ومآكل، ثم القيام على حفظ ذلك العمران من إفساد الأيدي السارقة، وكل هذا مما يستلزمه وصف القرآن لحالهم لأجل تذكيرهم والتذكير بهم، وقد ذكرهم القرآن في مواضع بإتقانهم لنحت الحجر والشجر آيتا الحضارة المبصرتان، ومن يعرف الحضارة الرومانية بهذا الوطن- الجزائر – يعرف أنها ما قامت إلا على نحت الحجر وغرس الشجر، وإن نحت الحجر ليستدعي حاسة فنية خاصة، ويستدعي مع ذلك قوة بدنية، وقد نعتهم القرآن في نحتهم للحجر بحالة ملابسة فوصفهم مرة بأنهم " آمنون " ومرة بأنهم
" فرهون" والفاره هو الذي يعمل بنشاط وخفة، ولا يأتيه ذلك إلا من خبرته بما يعمل وعلمه بدقائقه واعتياده له. ( تفسير ابن باديس ص397- دار الكتب العلمية ط1/1416هـ).
أخي القارئ الكريم: هذه جملة من النعم التي عرضها صالح عليه السلام على قومه وأمرهم أن يتذكروها كما قال تعالى: }فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ{ وينبغي للداعية والمربي حيال النعم عدة أمور:
1- الشكر بالقول والفعل، يقول تعالى: }وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{ وقال عز وجل: }اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ{ وماذا يملك المخلوق الإنساني المحدود الطاقة من الشكر على آلاء الله وهي غير محدودة؟ }وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا{ وهذه النعم تغمر الإنسان من فوقه ومن تحت قدميه وعن أيمانه وعن شمائله، وتكمن فيه هو ذاته وتفيض منه، وهو ذاته إحدى هذه الآلاء الضخام. ( سيد قطب – في ظلال القرآن 5/2899)
2- ينبغي على الداعية والمربي التذكير بالنعم بشكل مستمر كما هو أسلوب القرآن ولا مانع من التفصيل الدقيق تأمل } وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ { وقال تعالى:
}فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ.أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً.ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً. فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً. وَحَدَائِقَ غُلْباً. وَفَاكِهَةً وَأَبّاً. مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ{.
3- يقول تعالى: }وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا{. فقد نتمكن من عد بعض النعم لكن لا يمكنك إحصاؤها وحصرها كلها، وهذا من بلاغة القرآن والتعبير الدارج بين الناس: نعم الله لا تعد ولا تحصى، فلاحظ أخي الفرق بين القرآني وتعبير الناس، يقول ابن سعدي رحمه لله: }وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ{ - عدداً مجرداً عن الشكر }لاَ تُحْصُوهَا {فضلاً عن كونكم تشكرونها، فإن نعمه الظاهرة والباطنة على العباد بعدد الأنفاس واللحظات من جميع أصناف النعم مما يعرف العباد ومما لا يعرفون، وما يدفع عنهم من النقم فأكثر من أن تحصى }إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{ يرضى منكم اليسير مع الشكر مع إنعامه الكثير.




وإذا نظرت تريد معتبرا فانظر إليك ففيك معتبر
أنت الذي يمسي ويصبح في الدنيا وكل أموره عبر
أنت المصرف كان في صغر ثم استقل بشخصك الكبر
أنت الذي تنعاه خلقته ينعاه منه الشعر والبشر
أنت الذي تعطى وتسلب لاينجيه من أن يسلب الحذر

أنت الذي لا شيء منه له وأحق منه بماله القدر
( تفسير ابن كثير سورة فصلت
الآية 52-54 7/3112 )


هذا أخي القارئ الكريم شيء مما يتعلق بالنعم، وشيء مما يتعلق بما سلكه نبي الله صالح عليه السلام في تذكير قومه ودعوتهم إلى الله عز وجل من خلال تذكيرهم بنعم الله عليهم وما في ذلك من العظات والعبر وأرجو الله أن ييسر بمنه وكرمه ما يتعلق بناقة الله في القصة في مقال قادم بإذن الله } ربنا أوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا وأن نعمل صالحاً ترضاه وأصلح لنا في ذرياتنا إنا تبنا إليك وإنا من المسلمين { والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-06-2019, 01:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,466
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مدائن صالح عليه السلام وجوانب من العظات فيها

مدائن صالح وجوانب من العظات فيها (2)


يوسف الزين



*الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين******************* أما بعد:
*
أخي القارئ أقف بك في هذا المقال على معلم عظيم في دعوة صالح عليه السلام وآية من آيات الله عز وجل الباهرة العظيمة وهي الناقة من خلال النقاط التالية:
1-** ذكرت الناقة في ستة مواضع من كتاب الله تعالى وذلك في السور التالية:
الأعراف- هود- الإسراء- الشعراء- القمر- الشمس- وهذا التكرار ينبغي أن يكون محركاً بل ومحرضاً لأهل العلم على النظر في هذه الآية الباهرة.
2-** جاءت هذه الآية بناء على طلب من قوم ثمود وجهوه إلى نبيهم صالح عليه السلام. قال تعالى:
}***** قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{ الشعراء 153-154.
وهنا انفتح باب من الأمل في نفس صالح عليه السلام فما داموا قد طلبوا آية تدل على صدق محدثه يكون ذلك إيذاناً بتحوله عن الموقف المنصلب الذي كان مصدراً عليه، كما يكون ذلك تلويحاً بتجاوبه واستعداده للاستجابة إذا جاءه الدليل الذي يطلبه. ( نظرات في أحسن القصص محمد السيد الوكيل 1/127)
وقد جاءهم ما طلبوه يقول تعالى: } قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ. وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ. { الشعراء 155-156.
*
3-** جاءت أوصاف الناقة على النحو التالي:
******** أ*-*} إِِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ { يقول ابن عاشور رحمه الله: أي تفتنهم فتنة وهي مكابرتهم في دلالتها على صدق رسولهم والتقدير: إنا مرسلو الناقة آية لك وفتنة لهم. ( التحرير والتنوير- سورة القمر)
***** ب*-*** أضيفت إلى الله عز وجل كما قال تعالى: } هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ { والإضافة هنا إضافة تشريف وتكريم وفي هذا من الترغيب والتحذير ما فيه، فهي ناقة الله لها مكانتها ومنزلتها
ولا يجوز بحال إيذاؤها } فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{ الأعراف 73 وفي هود } عَذَابٌ قَرِيبٌ { وفي الشعراء } عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ {
جـ - أنها آية. قال تعالى: } هَذِهِ نَاقَةٌ اللّهِ { الأعراف 73 وقال: } وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً { فهي ليست ناقة عادية ولئن كانت النوق والإبل عموماً آيات دالات على عظمة خلق الله فإن هذه الناقة ناقة مميزة عن غيرها من النوق فهي آية. د- أنها واضحة الدلالة على صدق صالح عليه السلام كما قال تعالى: } وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً { والمعنى أنها مفيدة البصيرة تجعل من رآها ذا بصيرة وتفيده أنها آية.
هـ - *من جوانب الإعجاز فيها ما ذكره الله تعالى بقوله: } وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ { القمر28. وهو أمر يستحق الوقوف معه والتأمل فيه كثيراً، ناقة واحد تسقي قبيلة بأسرها في يوم واحد، يقول ابن سعدي رحمه الله: (وقد ذكر وجه كونها آية في قوله: } لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ{ وكان عندهم بئر كبيرة، وهي المعروفة ببئر الناقة، يتناوبونها هم والناقة، للناقة يوم تشربها ويشربون اللبن، ولهم يوم يردونها وتصدر الناقة عنهم. ( التفسير – سورة الأعراف)
وقد يكون هناك جوانب أخرى للإعجاز لكن أظهر هذه الجوانب هو هذا الجانب، ومع ذلك كله فلم ينتفع القوم بهذه البينة وبهذه الخارقة وهو أمر عجيب، يقول الأستاذ محمد الوكيل: وإن العقل ليقتضي ألا يتخلف عن الإيمان به وبدعوته – صلى الله عليه وسلم – أحد، حيث هم الذين طلبوا المعجزة وأصروا على أن يكون الإتيان بها في الحال، وأعطوا عهودهم ومواثيقهم على الإيمان إن هو أجاب طلبهم ( نظرات في أحسن القصص 1/130).
يقول سيد قطب رحمه الله: لقد جاءهم بالناقة على شرط أن يكون الماء الذي يستقون منه يوماً للناقة ويوماً لهم، لا يجورون عليها في يومها، ولا تجور عليهم في يومهم ولا يختلط شرابها بشرابهم، كما لا يختلط يومها بيومهم، ولقد حذرهم أن ينالوها بسوء على الإطلاق وإلا أخذهم عذاب يوم عظيم.
فماذا فعلت تلك الآية الخارقة بالقوم المتعنتين ؟ إنها لم تسكب الإيمان في القلوب الجافة، ولم تطلع النور في الأرواح المظلمة. ( في ظلال القرآن- سورة الشعراء )
4-** قال تعالى: } وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى { الآية فصلت 17
قال ابن كثير رحمه الله: قال ابن عباس وأبو العالية وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد: بينا لهم، وقال الثوري: دعوناهم ( التفسير – سورة فصلت)
يقول ابن القيم رحمه الله عن قوم ثمود:-
ذلك أنهم ردوا الهدى بعد ما تيقنوه وكانوا مستبصرين به، قد ثلجت له صدورهم، واستيقظت له أنفسهم، فاختاروا عليه العمى والضلالة، كما قال تعالى في وصفهم: } وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى { الآية فصلت 17 وقال: } وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً { أي موجبة لهم التبصرة واليقين، وإن كان جميع الأمم المهلكة هذا شأنهم. فإن الله لم يهلك أمة إلا بعد قيام الحجة عليها، لكن خصت ثمود في ذلك الهدى والبصيرة بمزيد, ولهذا لما قرنهم بقوم عاد قال: } فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً { فصلت 15 ثم قال: } وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى { فصلت 17 ولهذا أمكن عاداًَ المكابرة، وأن يقولوا لنبيهم: } مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ { ولم يكن ذلك ثمود، وقد رأوا البينة عياناً. وصارت لهم بمنزلة رؤية الشمس والقمر، فردوا الهدى. بعد تيقنه والبصيرة التامة، فكان في تخصيصهم بالذكر تحذير لكل من عرف الحق ولم يتبعه، وهذا داء أكثر الهاليكن ، وهو أعمَّ الأدواء وأغلبها على أهل الأرض والله أعلم ( الضوء الميسر على التفسير 6/377-378 سورة الشمس بتصرف)

5- } فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا { هكذا كانت نهاية تلك الآية العظيمة قال تعالى: } فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ { القمر 29 وقال عز وجل: } فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ.فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ{ الشعراء 158 وفي " الحديث عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ فَقَالَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَإِذْانْبَعَثَ أَشْقَاهَاانْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌعَارِمٌمَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُأَبِيزَمْعَةَ " الحديث 1-.
وقال تعالى: } فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ {هود65
وفي هذا ما يسمى بالعقوبة النفسية ذلك أن انتظار العذاب عذاب بحد ذاته وقال ذلك صالح عليه السلام بوحي من الله عز وجل ثم جاءهم بعدها العذاب نسأل الله العافية والسلامة.
*
6- عقر قوم ثمود الناقة لكن بقيت الإبل والنوق خصوصاً آيات دالات على عظمة الله،وقد دعا الله تعالى عباده إلى النظر في الإبل فقال تعالى: } أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ { وذكرها في موضع الاستنان على عباده في عدة مواضع، يقول سيد قطب رحمه الله: والإبل حيوان العربي الأول، عليها يسافر ويحمل، ومنها يشرب ويأكل، ومن أوبارها وجلودها يلبس وينزل فهي مورده الأول للحياة، ثم أن لها خصائص تفردها من بين الحيوان، فهي على قوتها وضخامتها وضلاعة تكوينها ذلول يقودها الصغير فتنقاد، وهي على عظم نفعها وخدمتها قليلة التكاليف مرعاها ميسر وكلفتها ضئيلة وهو أصبر الحيوان. *
المستأنس على الجوع والعطش والكدح وسوء الأحوال ( في ظلال القرآن – سورة الغاشية )
*
أخي القارئ هذا شيء مما منّ به الله تعالى على عبده ضعيف في شأن تلك الآية العظيمة فقام بجمعه وترتيبه وتنسيقه راجياً أن تلتفت القلوب إلى العظات العظيمة من تلك القصة وإلى لقاء قادم بإذن الله أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
*
*
*

*
*
1-****** رواه البخاري التفسير سورة ( والشمس وضحاها) ومعنى عزيز: أي قليل المثل. عارم: أي صعب
على من يرومه، ومنيع: أي قوي ذو منعة ( فتح الباري 8/576)*





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.87 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]