الزلازل وفقه السنن - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : أبـو آيـــه - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858828 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393218 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215607 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-03-2024, 01:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي الزلازل وفقه السنن

الزلازل وفقه السنن


ناصر حمدادوش


إن هذا التوزيع اللغوي القرآني المتنوع عن السُّنن الإلهية من الصياغات الدلالية العميقة في بناء المنظومة المعرفية لهذا العلم، بما يعيد تشكيل العقل العلمي السُّنني، وينقله من الطبيعة البدائية الاختزالية إلى الرؤية الكونية الكلية والشاملة، وهي طفرة علمية خارقة في زمن البداوة لدى العرب أثناء نزول الوحي، وقد ارتقى هذا العلم بأنْ تلبَّس بالمضامين العَقَدية المركَّزة، عندما نُسِبت هذه السُّنن إلى الله تعالى، وما تحمله من الدلالات العميقة على مصدريتها وحجِّيتها، مثل قوله تعالى: { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)} الأحزاب.


ونحن بحاجة إلى إحياء «فقه السُّنن الإلهية» حتى نعود إلى دائرة الفعل الإرادي والشهود الحضاري، والخروج من حالة الركود الذي تعاني منه الأمة في هذا السياق التاريخي البائس، رغم عمق الخطاب السُّنَني القرآني المكثف؛ تفصيلاً وتأصيلاً، ورغم الحضور الإلهي المهيمن في الكون؛ شُهوداً وفاعلية وتأثيراً.

وإذا كان المنهج القياسي قد طغى على التراث الإسلامي في مجال التشريع واستنباط الأحكام الفقهية الجزئية من أدلتها التفصيلية، بإعمال العقل في مساحة النص في الآيات المسطورة، فإن التحفيز القرآني للعقل المسلم يدفعه –كذلك– إلى اعتماد المنهج الاستقرائي في اكتشاف السُّنن الإلهية، والتوصل إلى الحقيقة العلمية، عبر إعمال العقل في مساحة الكون في الآيات المنظورة، كما قال تعالى: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} فصلت. للوصول إلى فقه الحياة وفقه الحضارة، كما وصلنا إلى فقه الأحكام.

فما علاقة هذه الظواهر الكونية، مثل الزلازل، بهذا الفقه الدقيق في القرآن الكريم؟ وكيف يمكن قراءتها قراءة سُننية؟ وهل الزلازل ظاهرة طبيعية أم رسالة ربانية؟ وما علاقة البعد الإيماني بما يحدث من مصائب؟ فهل هي غضب إلهي، أم ابتلاء رباني؟
يعتبر الكون صديقاً للإنسان، وهو كائن محبوب له، وليس وحشاً معادياً له، على اعتبار أنه من خلق الله تعالى، وهناك انسجام بديع بينهما، إذ كلاهما من صنع الله الذي أتقن كل شيء، وأنه لن يخرج هذا التصور العقدي الإسلامي تجاهه إلا أن يكون عابداً لله، مقِراً بربوبيته، شاهداً على وحدانيته، خاشعاً لعظمته، كما قال تعالى: { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} الإسراء. وهو ما يفرض علينا النظر إلى هذه الظواهر الكونية نظرة علمية وسُننية، وليس نظرة سطحية عابرة.

وبين الذهول عن التفسير الصحيح لهذه الحوادث الطبيعية والتأويل الأيديولوجي لها على غير المقصد الإلهي منها، قد تضيع الحقيقة عن الإنسان في خضم هذه الأهوال المتسارعة.

إن الزلازل لا تخرج عن كونها قدراً من أقدار الله تعالى، فلا تقع إلا بقدر، ولا تحدث إلا لحِكَم، ومنها:

1- أنَّ السُّنن الكونية مظهر من المظاهر الصارخة لطلاقة القدرة الإلهية، وأن الوقوف على هذا المعنى يفتح الآفاق في المعرفة الصحيحة لما يحدث، ففي الوقت الذي غطت فيه الأصوات المرتفعة للمدرسة الحداثية المعاصرة بتلك المقولات الخطيرة، مثل: مقولات «سبينوزا 1632» – 1777 م، الذي اشتهر بنقد الكتب المقدسة، الذي يقول:
«إن الكتب المقدسة ليست مصدراً للمعرفة النظرية »، ومقولة الفيلسوف الألماني «نيتشه 1844 » – 1900 م بـ«موت الإله »، وتأليه الإنسان وإحلاله محلّ الله، وإحلال القارئ محلّ الوحي، ونفي المصدرية الإلهية له والقداسة عنه، والقطيعة المعرفية معه، وتجاوز قيم صاحب النص الديني ومقصده منه، وإحالته على التاريخية والنسبية والظرفية، وإطلاق سلطة العقل على النقل، تأتي هذه الحوادث التي تذهل العقل الإنساني وتثبت عجزه أمامها، فتفرض عليه التواضع أمام عظمة الله وقوته وحكمته، ليستعيد إنسانيته ويعترف بضعفه، وأن هناك حدوداً لعقله، تثبت محدوديته أمام هذه الآفاق التي لا يستطيع أن يصل إليها بقدرته الذاتية، فرغم ما وصل إليه من علم وحضارة، فإنه لا يزال جاهلاً بما سيقع له.

-2 مع اتفاق العلماء على أنَّ هذه النوائب قد تكون عقوبة إلهية تستهدف إهلاك الطاغين، وتأديب العاصين، وتنبيه الغافلين، واختبار المؤمنين، كما قال تعالى:{ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}
العنكبوت. إلا أنه لا يمكن التألِّي على الله تعالى، والجزم بمراده من الآيات الكونية، ناهيك عن محاولات اختزالها في مكان بعينه أو إنسان بذاته، وهي في كل الحالات لا تخلو من حكمة وفائدة، وخاصة بالنسبة للمؤمنين، فهي بوابة من بوابات الشهادة:
فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّه».
وهي منزلة من منازل الأجر، فقد روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيرْة عَنِ النبَّيِّ صَلىَّ الله عَليَهْ وَسَلمَّ قَالَ: «مَا يصُيبُ المسُلِمَ، مِنْ نصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أذَى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللَّه بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».


ومهما يكن من التفسير لذلك، فإن السُّنن الإلهية لا تحابي المؤمن لإيمانه، ولا تجامل الكافر لكفره، ولا تفرِّق بين المطيع على طاعته، ولا بين العاصي على عصيانه، فالكل خاضع لها، ولذلك فإن الرصيد المعرفي الثري لعلم السُّنن في القرآن الكريم يوجب علينا التعاطي مع هذا الفقه؛ اكتشافاً وفهماً وتوظيفاً، حتى لا نسقط في أزمة معرفية وخلل منهجي في النهوض الحضاري، وهو ما يتطلب فِقْهاً استدراكياً واعياً، يجمع بين العقل الفقهي المجرد والعقل المقاصدي المجرِّب، والانتقال من العلم بالسُّنن إلى العمل بها، ولا نكون ممن ذمَّهم القرآن الكريم، إذ كلما عَرَض عليهم سُنَّة أعْرَضُوا عنها، ومروا عليها كأنْ لم يتفكروا فيها، كما قال تعالى: { وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)} يوسف. وذلك لعدم الاعتبار بالعقل، المستنِد إلى العالم الحسي المشاهد لمعرفة مدى فاعلية هذه السُّنن.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.26 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]