حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) - الصفحة 8 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          لفظ (الناس) في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #71  
قديم 15-08-2020, 05:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(70)



الخوف الجبلي
وهذا النوع من الخوف مباح، لأن الإنسان مفطور عليه، وهو أمر جبلي خارج عن كسبه وإرادته، وهو ملازم لجميع البشر، كلٌّ حسب حالته النفسية والشعورية، وحسب حالة الشيء المخيف الذي يختلف أثره من إنسان لآخر، فربما يخاف إنسان من شيء ما، ويكون هذا الشيء طبيعيًا عند الآخر، ولهذا لا يمكن حصر الأشياء التي يخاف منها الإنسان جبليًا، وقد ذكر الله تعالى في كتابه المبين هذا الخوف الذي أصاب نبيه موسى عليه السلام فقال: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}(1).
وقد تعرض لهذا النوع من الخوف أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين خرج مع النبي ï·؛ في الهجرة، واتبعهم المشركون إلى باب الغار، فكان يقول رضي الله عنه للنبي ï·؛: يا رسول الله والله لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لرآنا، فيقول له عليه الصلاة والسلام: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
وقد جعل الله تعالى هذا الخوف نوعًا من الابتلاء لبعض عباده ليميز الصادقين من غيرهم، وليمحص إيمانهم هل يصبرون؟ يقول تبارك وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّ كُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ غ— وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}(2).
وإذا خرج هذا الخوف عن حدوده الجبلية والفطرية يتحول إلى مرض نفسي وحالة غير طبيعية تحتاج إلى معالجة ومتابعة، كالخوف من الفقر أو المرض أو الموت أو أو من بعض الأصوات أو من بعض المشاهد التمثيلية وغيرها.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــ
(1)
[القصص: 21]
(2)
[البقرة: 155]
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #72  
قديم 15-08-2020, 05:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(71)


الخوف السلبي
وهو الخوف الذي يمنع الإنسان من فعل الطاعات وعمل الخير والإحسان وغيره، أو الخوف الذي يدفع الإنسان لاقتراف المعاصي واستحقاق سخط الله تعالى وغضبه، مثل الخوف من الأصنام أو من السحرة أو من الدجالين الذين يتعاملون مع الشياطين، فيأمرون الناس بالمعاصي والكبائر كالكفر بالله أو رمي المصحف في أماكن قذرة أو غيرها من أعمالهم الكفرية.
ويعدّ هذا النوع من الخوف شركًا بالله تعالى، لأن الإنسان يعتقد من خلاله أن النفع والضر بيد هؤلاء السحرة والدجالين، فيستسلم لأفعالهم وأوامرهم، والله تعالى يقول: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}(1).
* * *
ويدخل في الخوف السلبي المجاملات المقيتة في الأمور الشرعية، كأن لم يصلِّ خوفًا من مسؤوله أو مجاملة لصديقه أن يقول عنه ملتزم أو غير متحضر، أو متشدد، وهو أمر في بالغ الخطورة حيث يقول عليه الصلاة والسلام: «من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكَّله الله إلى الناس«(2).
ويرجع سبب هذا الخوف إلى ضعف الإيمان عند صاحبه وقلة العبادة والذكر لديه، وكذلك الجهل بأمور الدين وأحكامه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1)
[المائدة: 4]

(2)
أخرجه الترمذي (ص550، 2414) كتاب صفة القيامة، باب عافية من التمس رضا الناس بسخط الله. وابن حبان في صحيحه (1/511، رقم 277). وهو حديث صحيح




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #73  
قديم 15-08-2020, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(72)


علاج الخوف السلبي
إذا تعرض الإنسان للخوف السلبي أو كان على وشك الإقبال عليه فإن عليه بالدواء الذي وصّى به كتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ، وذلك بالأمور التالية:
1-
تقوية الإيمان بالله تعالى وقدرته وأنه قادر على كل شيء وقاهر له، وأن ليس للإنسان أمامه حول ولا قوة، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}(1).

2- التوكل على الله تعالى وجعله حسيبًا في جميع الأمور والشؤون، والإكثار من قول: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، يقول ابن عباس رضي الله عنه: «حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد ﷺ حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل»(2).
3- استشعار قضاء الله وقدره في النفس وفي الكون، واليقين التام بأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وأنّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه.
4- دراسة سبب الخوف، فقد يكون لموقف مفاجئ، مثل لحظة حزن أو ترويع أو صدمة لخبر جلل، أو ما شابه ذلك، وكلها مداخل للشيطان إلى النفس إذا لم يستعذ الإنسان من الشيطان أثناءها، لذا؛ ينبغي أن يضع في الحسبان في عملية المعالجة لهذا الخوف أن يُبدأ بالقرآن والذكر والدعاء ومراجعة أهل العلم الشرعي وكذلك المختصين من الأطباء النفسانيين.
5- التدرب والتمرن شيئًا فشيئًا على التفاعل مع أسباب الخوف ومواقفه، وهو ما يحرر الإنسان من الخوف وأوهامه، لأن كثيرًا من الناس يجدون الخوف في بعض المواقف العادية والمألوفة لدى العامة، وهذا يحتاج إلى خوض المواجهة معها، مثل الذي يخاف ركوب الطائرة، عليه محاولة ركوبها مرات كثيرة حتى يعتاد عليها ويكسر حاجز الخوف عنده، أو مثل الذي يخاف من الموت فعليه أن يكثر من زيارة القبور وحضور الجنائز والصلاة عليها، ليتفهم حقيقة الحياة وسنة الله تعالى في هذا الكون، ليكون على استعداد مع الموت وعدم الخوف منه. وهكذا التعامل مع سائر المواقف المخيفة.
6- عدم الانزواء وهجر الحياة والناس، لأن العزلة تزيد المرض تفاقمًا وشدة، وعلى العكس فإن الاجتماع والاختلاط يخفف من وطأته وأثره على النفس.
7- الدعاء، وهو لب العبادة، وهو الحبل الذي يوصل الإنسان بربه من غير وسيط، يبث معه شكواه ومرضه إلى خالقه جلّ وعلا ويطلب منه الشفاء، وإزاحة همّ الخوف عنه، ومنحه الشجاعة والجرأة لخوض الحياة وصعابها.
وبذلك يتغلب المؤمن على كربة الخوف من الأشخاص والسحرة والأوهام وغيرها، ويتخلص من آثاره على العقل والنفس والجسد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
[فصلت: 30].

(2)
أخرجه البخاري (ص777، 4563) كتاب التفسير، باب إن الناس قد جمعوا لكم




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #74  
قديم 25-08-2020, 11:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(73)



آثار الخوف من الله تعالى على الإنسان

للخوف من الله تعالى آثار إيجابية كثيرة ومتعددة على الإنسان، منها:

1- إنه يبعث في النفس الشجاعة، فلا يجد الإنسان مقابل الخوف من الله تعالى خوفًا آخر من غيره، وكذلك في سائر الشؤون الحياتية، حيث يستند المؤمن إلى قوة عظيمة وركن متين، وحينها يكفيه الله تعالى أذى الشياطين وأوليائهم، وهو ما أشار إليه الرسول ﷺ بقوله: «من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكَّله الله إلى الناس«(1).

2- إنه يبعث في النفس روح المواجهة مع المشكلات والعقبات، فتهون لديه كل ما يعترضه في حياته الشخصية ومسيرته الحياتية والدعوية، لأنه على علم ويقين أن الحياة دار فناء وأن ما عند الله تعالى هو دار القرار، وهو التصوّر الذي تربى عليه الجيل الأول من الصحابة، حين استصغروا الدنيا واستهانوا بها جاءتهم سعيًا بين أيديهم، فخضعت الجبابرة وخارت قواهم أمام تلك الجموع الضعيفة التي خرجت من الجزيرة العربية.

3-
إنه يبعث في النفس الاعتبار والتذكر في آيات الله، وفيما يجري من أقدار الله، فتلين القلوب وتخشع لذكر الله: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ . سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ}(2).


4- إنه يمنع الإنسان من مقارفة المعاصي، والخوض في أعراض المسلمين والاعتداء عليهم وأكل الحقوق والظلم وغيره، فالإنسان الذي يخاف عاقبة الغيبة والسخرية والاستهزاء، لن يقبل على هذا الفعل أبدًا، وكذلك سائر الأعمال الممنوعة.

5- إنه يقود إلى عفو الله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}(3)، ويقول النبي ﷺ: «من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة»(4).

6-
إنه يقوي الإيمان: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(5).


7-
إنه يمنع الخوف السلبي والمذموم، لما يترتب على الخوف السلبي من عقوبة زاجرة، لا سيما إذا صار في دائرة الشرك التي سبق ذكرها، فإن الخوف من الله تعالى يردع الإنسان من ذلك ويجعل خوفه دائمًا من الله وحده دون سواه، وهو ما عبّرت عنه الآية القرآنية: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}(6).


8- إنه يقود صاحبه إلى الجنة لقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}(7) وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}(8).

* * *

وأخيرًا:

على الإنسان أن يكون على دراية ويقين أنه أمام جبروت الله تعالى وقوته وعظمته، وأنه لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، وأن الأمر في الأول والآخر يؤول إليه، فلا داعي للخوف من غيره من الإنس أو الجان، أو من أي مخلوق آخر، ثم إن استشعار هذه القوة الإلهية يجعل المرء في حالة ترقب دائمة مع نفسه، فيمنعها من اقتراف المعاصي وجلب أسباب غضب الله وسخطه، بل يدفعه أن يقدم بين يدي ربه من العبادات والطاعات وأفعال الخير المختلفة، وجميع ما تستقيم عليه حاله، ثم إن هذا الاستشعار يحرر الإنسان من القلق والاضطراب والهم والحزن، ويدفع عنه وساوس الشياطين وهمزاتهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)
سبق تخريجه


(2)
[الأعلى: 9، 10]


(3)
[يس: 11]


(4)
سبق تخريجه


(5)
[آل عمران: 175]


(6)
[المائدة: 4]


(7)
[الرحمن: 46]


(8)
[النازعات: 40]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #75  
قديم 25-08-2020, 11:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(74)



الرجاء

سبق معنا في مبحث شعيرة الخوف أن الخوف والرجاء شعيرتان متقابلتان، يجب أن يسير معهما العبد مثل مسيرة الطائر حال طيرانه بجناحين لا يغني أحدهما عن الآخر، وقد سبق الحديث عن الخوف، وندخل في الرجاء مستفتحين بما رواه الإمام الترمذي رحمه الله بسنده – وهو من أعظم أحاديث الرجاء-:

عن أنس بن مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ:»قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَة«(1).

مفهوم الرجاء:

في اللغة: رَجاه رَجْوًا، ورُجُوًا، ورَجاءً، ورَجاةً، ورَجاءَةً، ورَجاوَةً، ومَرْجاةً: أمَّله. فهو راج، والشيءُ مَرْجُوٌّ. وهي مَرْجوَّةٌ. وفي التنزيل: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}(2)(3).

في الاصطلاح:

هو العمل في الحياة بالمنهج الذي رسمه الشرع، والطمع في قبوله عند الله تعالى وما يترتب عليه من الجزاء الأخروي.

وهذا يعني أن الرجاء يستند إلى ركنين أساسيين: الأول: العمل، والثاني: الطمع في تحقق المطلوب.

مثل المريض حين يراجع الطبيب طلبًا للشفاء والمعافاة. وكذلك المؤمن الذي يقوم بمقتضيات توحيد الله تعالى ويعمل صالحًا لينال النجاة والجنة في الآخرة.

* * *

علاقة الرجاء بالخوف:

لا يستقيم عمل الإنسان، ولا تستقر نفسه في الحياة إلا إذا عمل ضمن مجال الرجاء والخوف معًا، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، فهما خطان متوازيان في حياة الإنسان، إذا أخذ الإنسان بأحدهما دون الآخر فإنه يضلّ عن سواء السبيل، ويهتز استقراره النفسي، لأن الإنسان حينما يترك جانب الخوف من الله تعالى ومن عذابه، ويبرر كل أعماله وسلوكياته المنحرفة برحمة الله وعفوه، بأنه الرحمن الرحيم، يتجاوز عن عباده بتلك الرحمة، فإن هذا التصور وما تنطوي عليه من المعاصي والمنكرات، يجعل حياة صاحبه ضربًا من التخبط واللاوعي مع دين الله تعالى، وإلا فلماذا أرسل الله نبيه ﷺ بهذا الدين، أليس من أجل التعبد به والسير على ما شرعه من أمر ونهي؟

وكذلك الحال بالنسبة للإنسان الذي ينتهج مسلك الخوف من الله تعالى وحده في وجوده في الحياة، فإنه أيضًا يضطرب ويصيبه الهلع الدائم من نتائج أعماله في الحياة ويتصور عذاب الله لاحق به لا محاله من جراء ما يقع فيه من الخطايا وما يقترف من منكرات، دون أن يضع في الحسبان رحمة الله وعفوه وغفرانه وتجاوزه عن عباده المؤمنين، وبهذا فإنه يضع نفسه في زاوية ضيقة ومظلمة لا يرى فيها سعادة ولا راحة سوى القلق والخوف.

أما التصور الإسلامي الصحيح نحو الرجاء والخوف، هو تلازم هذين الجانبين في حياة الإنسان، لأن الله تعالى الذي وصف نفسه بأنه شديد العقاب على الكافرين وعلى العصاة المنغمسين في محاربة دينه وأوليائه، فإنه في الوقت نفسه رؤوف رحيم بعباده المؤمنين الذين يؤدون ما فُرض عليهم من الواجبات، وينتهون عما نُهوا عنه من المعاصي والموبقات، وهو ما عبّر عنه الله تعالى بقوله: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(4).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)
أخرجه الترمذي (ص806-807، رقم 3540) كتاب الدعوات، باب الحديث القدسي: إنك ما دعوتني. وأحمد (5/ 167، رقم 21510). وحسنه الألباني.


(2)
[نوح: 13]


(3)
المعجم الوسيط 1/ 333 مادة (رَجَاهُ).


(4)
[السجدة: 16]





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #76  
قديم 25-08-2020, 11:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(75)


أقسام الرجاء: الرجاء المحمود

الرجاء قسمان: المحمود والمذموم.

أولاً: الرجاء المحمود (المطلوب):

وهذا الرجاء هو الذي يتوافر فيه عنصرا العمل والتوبة، والعمل من لوازم وجود الإنسان في الأرض، لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(1)، والمؤمن الذي يعرف هذه الحقيقة لا يتوانى من القيام بالعمل الصالح المكلف به من الله لينال رضوانه وثوابه في الآخرة، لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(2)، وقوله تبارك وتعالى في الصلاة مثلاً: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}(3).

ولكن من فطرة الإنسان في هذه الحياة أن يقع في بعض الأخطاء والمعاصي، وعندها يأتي دور العنصر الثاني وهو التوبة إلى من هذه الأخطاء، وطلب المغفرة من منه جلّ وعلا، لقوله ﷺ: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم»(4) .

وأما النصوص الواردة في كتاب الله تعالى في هذا الباب، فكثيرة جدًا نذكر منها:

قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(5) وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}(6). وقوله جل ذكره: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(7).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

(1)
[الذاريات: 56]


(2)
[الكهف: 110]


(3)
[هود: 114]


(4)
أخرجه مسلم (ص1191، رقم 2749) كتاب التوبة، باب سقوط الذنوب بالاستغفار


(5)
[الزمر: 53]


(6)
[الشورى: 25]



(7)
[الأنعام: 54]


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #77  
قديم 25-08-2020, 11:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(76)

من وسائل تكفير السيئات (الجزء الاول)
توجد وسائل عملية لتكفير السئيات، وهي تتعلق بعباداته اليومية، ليدرك الإنسان مدى رحمة الله تعالى حين يقبل على عبادته ويأتمر بأوامره، وينتهي عن نواهيه، ومن هذه الوسائل:
1- الوضوء:
سبب من أسباب رفع الخطايا ومحو الذنوب، لقوله ﷺ: «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره» (1).

2- الصلوات الخمس وصلاة الجمعة:
الصلاة التي هي خمس فرائض في اليوم والليلة وكذلك صلاة الجمعة فضلاً عن النوافل وسنن القيام وغيرها، كلها مسببات لمحو الأخطاء التي يقع فيها ابن آدم، لقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط» (2). وقوله ﷺ: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر» (3).
3- الحج والعمرة:
وأما ركن الحج الواجب أداؤه في العمر مرة واحدة، وكذلك نسك العمرة، فإنهما من أسباب مغفرة الذنوب وغسل الأدران عن الإنسان، لقوله عليه الصلاة والسلام: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (4). وقوله: «من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (5).
4- حسن الخلق:
بالإضافة إلى ما ذكر من العبادات والطاعات، فإن هناك جبلة بشرية أخرى نابعة من العقيدة الصحيحة، وهي حسن الخلق والسلوك مع الناس والتحلي بآداب الإسلام، وهذا الأمر له وجوه كثيرة ومتعددة لا يمكن إحصاؤها، لأنها تتعلق بوجود الإنسان وحركته وتعامله مع الآخرين، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
الأخوة الصادقة التي تنشأ عن الحب في الله تعالى، فإنه من المكفرات للذنوب كما قال عليه الصلاة والسلام: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا» (6).
العفو والصفح مع الناس سبب لمغفرة الذنوب لقوله تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(7) والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة.
------------------------
(1) أخرجه مسلم (ص121، رقم 245) كتاب الطهارة، باب خروج الخطايا مع الوضوء.


(2) أخرجه مسلم (ص123، رقم 251) كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره.
(3) أخرجه مسلم (ص117، رقم 233) كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة.
(4) أخرجه البخاري (ص285، رقم 1773) كتاب الحج، أبو العمرة. ومسلم (569، رقم 1350) كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة.
(5) أخرجه البخاري (ص293، رقم 1819) كتاب المحصر، ومسلم في الموضع السابق.
(6) أخرجه أبو داود (ص731، رقم 5212) كتاب الأدب، باب المصافحة. والترمذي (ص618، رقم 2727) كتاب الاستئذان، باب المصافحة. وهو حديث صحيح.
(7) سورة النور، الآية 22.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #78  
قديم 25-08-2020, 11:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(77)

من وسائل تكفير السيئات (الجزء الثانى)


5- الذكر والاستغفار:
الأذكار بصورة عامة مكفرات للذنوب والخطايا، وقد أخبر النبي ﷺ بذلك في أحاديث كثيرة، منها قوله عليه الصلاة والسلام: «من قال سبحان الله
وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (1).
6- حسن الظن:
إن من أهم العوامل والأسباب التي تؤدي إلى غسل الأدران عن الإنسان وتطهير نفسه من وزر الآثام هو حسن الظن بالله تعالى، والذي يُعدّ محور الرجاء
مع الله تعالى، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: «إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني» (2).
7- اجتناب الكبائر:
إن عفو الله تعالى ورحمته تنزل بالعبد في معظم أوقاته ما دام مؤمنًا ومؤديًا ما فُرض عليه من الفروض والواجبات، وما دام بعيدًا عن اقتراف كبائر الذنوب
والموبقات، لقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا}(3).
8- من أ عظم الرجاء أن باب التوبة مفتوح:
ما دام في الإنسان روح تسري، فإن باب التوبة مفتوح له، والله يتقبل منه توبته في كل حين، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (4).
ويقول عليه الصلاة وسلام في حديث آخر: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» (5).
في هذا النوع من الرجاء يتكوّن الإنسان السوي المعتدل، المعافى نفسيًا من القلق والاضطراب والخوف، لأنه يسير على المنهج الصحيح، في القيام بالأعمال
الصالحة والطمع في الجزاء العظيم المترتب عليه، وكذلك لا يستغني عن التوبة والاستغفار بصورة دائمة عما تصدر منه من أخطاء وذنوب، وهذه هي الصورة
المثالية للإنسان المسلم الذي عرف حقيقة الرجاء وعمل بمقتضاها.
وهو مضمون قوله عليه الصلاة والسلام السابق ذكره: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم» (6).
-----------------------
(1) أخرجه البخاري (ص1112، رقم 6405) كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح. ومسلم (1171، رقم 2691) كتاب الذكر والدعاء.

(2) أخرجه مسلم (ص1171، رقم 2675) كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على الذكر الله. والترمذي (ص544، رقم 2388) كتاب الزهد، باب ما جاء في حسن الظن بالله.
(3) سورة النساء، الآية 31.
(4) أخرجه الترمذي (ص806، رقم 3537) كتاب الدعوات، باب إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. وابن ماجه (ص619، رقم 4253) كتاب الزهد، باب ذكر التوبة.
(5) أخرجه مسلم (ص1196، رقم 2759) كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت.
(6) سبق تخريجه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #79  
قديم 25-08-2020, 11:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(78)



آثار الرجاء المحمود (1-2)

إذا كان عمل المسلم قائمًا على أساس الرجاء المحمود، من غير إفراط أو تفريط، فإن ذلك سيثمر نتائج وآثارًا إيجابية كثيرة تعود بالفائدة على صاحبه أولاً، ثم على المجتمع والأمة قاطبة ثانيًا، ومن أبرز تلك النتائج الخيرة للرجاء المحمود، بما يلي:

1- قبول العمل:

إن المسلم حين يقوم بأداء رسالته في الحياة، على النحو الذي رسمه الله تعالى له، ضمن دائرة الأمر والنهي المنصوص عليها في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وما يترتب على ذلك من آداب وأخلاق، فإنه يرجو تحقيق رضوان الله تعالى والفوز بالقرب منه والإقامة في جنته، فإن هذا التصور وحسن الظن بالله تعالى بالجزاء على تلك الأعمال، فإن الله توعد نفسه ووعده الحق بأنه سيكون عند حسن ظن عبده به، لقوله في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني«(1).

وهذه القناعة تدخل المسلم في السعادة الحقيقية، من طمأنينة النفس، وراحة البال، وعدم الخوف من المستقبل، الأمر الذي يسدّ الأبواب أمام وساوس الشياطين وهمزاتهم.

2-رفع الخطايا ومحو الذنوب:

إن الرجاء المحمود سبب في محو السيئات والذنوب عن صاحبه، ما دام هذا الإنسان يقوم بما يملي عليه كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وقد سبق ذكر النصوص الوارد في هذا الشأن، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}(2). وقوله ﷺ: «إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها«(3).

3- الإيجابية والإنتاج:

إن الرجاء المحمود، يعطي الإنسان قوة نحو العمل الجاد والإنتاج المفيد في الحياة، فلا يتوانى ولا يتكاسل عن أداء واجبه بأكمل صورة في الحياة، سواء كانت أداء الفرائض لله تعالى، أو حسن الخلق والتعاون ونشر الخير مع الناس، أو أعماله اليومية في العبادة أو المدرسة أو الوزارة أو المصنع أو غيرها من ميادين العمل المختلفة، وبذلك يتكوّن في المجتمع لبنة قوية تثبت أركانه وقواعده وتحميه من عوامل الانهيار والخراب، وهو ما عبّر عنه الله تعالى في قوله: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(4).

4- الفأل المستمر:

وذلك أن الرجاء المحمود، يكوّن الإنسان المتفائل بالخير والنجاح بشكل دائم، فلا يعرف هذا الإنسان التحسر على فقدان أي شيء في الحياة، لأنه كلما فقد شيئًا تفاءل بأحسن منه، لأنه في حالة حسن الظن بربه في ذلك، فإذا كان مريضًا فإنه يرجو من الله تعالى الشفاء والمعافاة ويعيش على هذا الرجاء فترة مرضه، فلا يصيبه اليأس أو القنوط من رحمة الله تعالى أو بتأخير نزول الشفاء عليه، وإذا فقد منصبًا أو وظيفة أو مكانة فإنه يسعى إلى أفضل منها بتفاؤل وأمل في الله تعالى بأنه أرحم عليه من الناس، وهكذا، وهذا التصور والشعور المتجدد لدى الإنسان المسلم، يقضي على كل أسباب اليأس والقنوط التي إذا حلّت بالنفس جعلتها غير مستقرة وغير مطمئنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

(1)
سبق تخريجه.


(2)
[الشورى: 25]


(3)
سبق تخريجه


(4)
[الكهف: 110]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #80  
قديم 02-09-2020, 01:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله)

حيـــــــــاة الســــــعداء
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر
(79)



آثار الرجاء المحمود (2-2)


1-قوة العقل والجسم:

الرجاء يعطي فاعلية في قوة العقل للإبداع والابتكار، لأن صاحبه معافى من الخمول الفكري واضطرابه الناجم عن الخوف على النفس وعلى المصالح والأموال والتجارة والمنصب والوظيفة وغيرها من متاع الدنيا، وكذلك فإن هذا الرجاء يجعل صاحبه في حالة نشاط وحركة مستمرة، ربما يسعى أن يقطع آلاف الأميال ويتغرب عن أهله وذويه، ويقضي في ذلك جلّ عمره في سبيل أن يؤدي عملاً يرضي به خالقه، أو ينفع به مجتمعه وأمته، كما كان السلف الصالح من هذه الأمة، فقد انطلقت جيوش المسلمين ودعاتهم من الجزيرة العربية إلى الشرق والغرب لنشر هذا الدين وتبليغه إلى الناس، إلى وصلوا أقاصي الأرض، وهم لا يملكون إلا وسائل النقل البدائية من الخيول أو الجمال، لم يدفعهم إلى ذلك إلا رضا الله تعالى والطمع فيما عنده.

وكذلك المتأمل في حال علماء الأمة سيجد العجب من جلدهم وصبرهم في سبيل الحصول على خبر أو حديث عن النبي ﷺ، أمثال أئمة الحديث المعروفين، البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم، جابوا الأرض وقطعوا السهول والهضاب، وتعرضوا للخطوب والصعاب، من أجل أن يقدموا للأمة كنوز السنة النبوية، لينهل منها المسلمون إلى قيام الساعة، ويأخذوا منها أحكامهم وتشريعاتهم ويتطلعوا من خلالها إلى سيرة نبيهم ﷺ، ولم يدفع هؤلاء الجهابذة إلى هذا العمل العظيم إلا أملهم ورجاؤهم في رضى خالقهم والقرب منه يوم القيامة.

2-الطموح الدائم نحو الخير:

وهذا الأثر يتحقق في كل عمل صالح يقوم به المسلم، سواء كانت العبادات المفروضة أو الأعمال الاعتيادية اليومية، لأنه حينما يقوم بأي عمل فإنه يرجو الله تعالى قبوله والثواب عليه، وهذا الشعور يجعله يسعى إلى ما بعد ذلك من الأعمال، وهكذا، كأن يصلي إحدى الصلوات ويرجو قبولها فينتظر التي تليها ليلقى معها ذلك القبول، وكذلك الحال مع جميع الأعمال والسلوكيات الأخرى التي يقوم بها في حياته، حتى وإن كان على فراش الموت، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها، فليفعل«(1).

وهذه حال المؤمنين الصادقين الذين جاء وصفهم في كتاب الله تعالى بالخيرية: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(2).

3-الراحة الطمأنينة وعدم القلق:

الرجاء عامل مهم في بناء النفس واستقراره، لأنه يُربط صاحبه بالله تعالى في السراء والضراء، وفي السر والعلن، ومن كان هذا شأنه فإن الطمأنينة النفسية والراحة والسكينة ستنزل عليه من كل جانب، فلا يخاف من أي تهديد بشري مهما أوتي من قوة، لأنه يحس حماية الله تعالى له وأنه ناصره لا محال، وقد بيّن رسول الله ﷺ هذه الحقيقة لصاحبه أبي بكر رضي الله عنه في غار ثور، حينما وقف المشركون على باب الغار «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما«(3).

والرجاء بصورة عامة يهيأ المسلم نفسيًا لمواجهة الحياة بمصاعبها وأخطارها، لأن النفس هي نقطة الانطلاق لكل شيء، فالإنسان الذي تحتضنه نفس سوية ومستقرة هو الإنسان الصالح في الحياة، يسعى لإعمار الكون بكل قوة ونشاط، أما الذي تحتويه نفس مليئة بالوساوس والأمراض فإنه أفشل كائن في الحياة، يسعى لخرابها ودمارها من كل جانب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)
أخرجه أحمد (3/191، رقم 13012). والطيالسي (1/275، رقم 2068). وهو حديث صحيح


(2)
[آل عمران: 110]


(3)
أخرجه البخاري (ص613، رقم 3653) كتاب فضائل أصحاب النبي ﷺ، باب مناقب المهاجرين وفضلهم. ومسلم (ص1049، رقم 2381) كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أبي بكر
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 194.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 188.62 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]