المصادر التي تؤخذ منها شرائع الإسلام وأحكامه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854728 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389612 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-02-2020, 04:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي المصادر التي تؤخذ منها شرائع الإسلام وأحكامه

المصادر التي تؤخذ منها شرائع الإسلام وأحكامه
أبو الحسن هشام المحجوبي ووديع الراضي





س. ما هي المصادر التي تؤخذ منها شرائع الإسلام وأحكامه؟
ج. المصادر التي يُستمّد منها الإسلام هي القرآن والسنة والإجماع والقياس. جاءت مجموعة في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59].

فالأمر بطاعته سبحانه أمر باتباع القرآن والأمر باتباع النبيّ - صلى الله عله وسلم - أمر باتباع السنة والأمر باتباع أولي الأمر أمر باتباع الإجماع والأمر برد المسائل المختلف فيها إلى الله ورسوله أمر بالقياس.

الأصل الأول: القرآن الكريم [1]:
يعني القرآن في اللغة المقروء، وفي التعريف الشرعيكلام الله المعصوم المتعبد بتلاوته، الذي نزل به جبريل على قلب النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - خلال 23 سنة مفرقا حسب الحوادث التي هي أسباب النزول، ليُثَبّت رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - والمؤمنين ويوجههم في أمور حياتهم. فهو الأصل المتين الذي يربط العبد المؤمن بربه فيكون له منهاجُ حياة متكامل. وقد تعهد الله عز وجل بحفظه من أي تحريف أو ضياع فقال سبحانه: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾[2].

ففي القرآن الكريم يجد المرء كل ما يحتاج إليه من أمور دينه كالمعتقد والحلال والحرام وأحكام المعاملات والمواعظ والحِكم، قال تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ *يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾[3].

وقال الله عز وجل: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ﴾[4]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾[5].وقال أيضا: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾[6].

وقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حديث صحيح[7]:"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله و سنتي!" [8]. فما من حكم من الأحكام الشرعية إلاّ ونجد له أصلا في القرآن الكريم.

الأصل الثاني: السنة:
تعني السنة في اللغة الطريقة المعتادة. وفي الشرع هي ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من أقوال وأفعال وتقريراتوصفات خُلقية وخِلقية.

أما الأقوال فنجد لها مثالا في حديث لعمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ رواه عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال فيه: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ..."[9]. بالن
يات
وأما الأفعال فنجد لها مثالاً فيما روته عائشة رضي الله عنها في صيام الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - للتطوع، حيث قالت: "كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم"[10].

وأما التقريرات التي تعني سكوته - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عن أفعال وأقوال أصحابه وعدم إنكاره لها، فنجد لها مثالا في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الذي روى فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من الأحزاب قال: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة". فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم بل نصلي، لم يُرَدْ منا ذلك، فَذُكِر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يُعنّف واحدا منهم.[11]

وأما الصفات الخُلُقية فمثالها نجده فيحديث لابن عباس - رضي الله عنهما - يقول فيه:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان..."[12].

وأما الصفات الخِلْقِية فنجد مثالها في حديث روي عن البراء - رضي الله عنه - قال فيه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وجها، وأحسنهم خَلْقا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير"[13].

وتأتي السنة بعد القرآن الكريم كثاني أصل من الأصول الشرعية، فكلاهما يعتبر وحيا من الله تعالى. قال عز وجل: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى [14].

وترتبط السنة بالقرآن الكريم ارتباطا وثيقا، فهي التي تبين مضامينَه وتوضح آياته، بحيث لا يمكننا فهمه إلا بالاستعانة بها، كما أتتنا السنة بأحكام كثيرة لا نجدها في القرآن. ومثال بيانها للقرآن قول الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ﴾[15]فقد بيّنت السنة صفة الصلاة وطرق أداء الزكاة، فلولاها لما علمنا كيف نصلي ولا كيف نؤدي الزكاة. ويشترط للسنة أن تكون ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لأن الحديث الضعيف[16]لا تصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ومن ثم لا يؤخذ به كأصل من الأصول الشرعية.والأدلة على حُجية السنة كثيرة نذكر منها قولَه تعالى: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ﴾[17]والمقصود بالحكمة هناالسنة. وقال عز وجل: ﴿ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ﴾[18]وقال أيضا: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾[19]وتعني الآية وأنزلنا إليك السنة يا محمد لتُبين للناس ما نُزّل إليهم من القرآن. وقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي." [20].وقال في حديث آخر: "تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك." [21]. وقال كذلك: "عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"[22]. وقال أيضا: "لا أُلفين أحدَكم يجلس على أريكته يأتيه الأمر من أمري فيقول ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه!"[23]

الأصل الثالث: الإجماع:
يعني الإجماع في اللغة الاتفاق. وفي الشرع هو اتفاق علماء الأمة الإسلامية على حكم شرعي. أما اتفاق غير العلماء فلا يؤخذ به لانتفاء تخصصهم في الشرع. قال الله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾[24]. إن حق الإفتاء في الدين يكون لعلماء الشرع دون غيرهم لأنهم تخصصوا فيه. فكما أن الإنسان إذا مرض يذهب إلى طبيب مختص كذلك يكون عليه الحال إن عرضت له مسألة في دينه فإنه يقصد عالما شرعيا هو أهل للإفتاء في ذلك.

ويلزم للإجماع أن يتحقق في الأمة الإسلامية، إذ لا عبرة باتفاق أو خلاف باقي الأمم. قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة"[25]. ومحل الشاهد في الحديث أنه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - نسب عصمة الإجماع لأمته.

ويكون الإجماع بين العلماء في المسائل الشرعية ولا بد له من مستند من القرآن أو السنة، لأن القول في الدين من غير دليل محرم، قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾[26]، وقال أيضا: ﴿ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾[27].وإذا خالف عالم واحد الإجماع بدليل كان ذلك ناقضا له. أما إذا خالف بدون دليل فلا يكون هناك نقض لغياب الحجة. ولكي يتضح الإجماع ندرج هنا الأمثلة التالية:
أجمع علماء الشرع على أن الماء الكثير إذا أصابته نجاسة جاز الغسل والوضوء به ما لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته.

أجمع علماء الشرع على أن الوطء يفسد الصوم.

أجمع علماء الشرع على أنه لا يرث مع الأم جدة.

والدليل على أن الإجماع هو الأصل الشرعي الثالث بعد كتاب الله وسنة رسوله نجده في قول الله تعالى: ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾[28]، وفي قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾[29]، والشاهد هنا أن الله تعالى جعل إجماع الأمة يوم القيامة حجة على باقي الأمم لأن الإجماع معصوم لا يعتريه الخطأ أبدا. قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في هذا السياق: "إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة"[30] ومعنى الضلالة هنا الخطأ.ونجد في حديث آخر قصة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو جالس مع أصحابه إذ مرت جنازة فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "ماتقولون في هذا؟" فذكروه بخير فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "وجبت!". ثم مرت جنازة فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "ما تقولون في هذا؟" فذكروه بسوء فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "وجبت!". فسألوا النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لِمَ سألهم، فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "أما الأول فذكرتموه بخير فقلت وجبت له الجنة! وأما الثاني فذكرتموه بسوء فقلت وجبت له النار! أنتم شهداءُ الله في الأرض" [31].

وقد كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بعد وفاته يأخذون بالإجماع كأصل شرعي، فقد روي عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - أنهما إذا عرضت لهما مسألة ولم يجدوا فيها دليلا من القرآن أو السنة جَمَعُوا الصحابة فإن اتفقوا على رأي واحد أخذوا به.

وقد قسم علماء الأصول الإجماع إلى ثلاثة أقسام:
إجماع قولي وإجماع فعلي وإجماع سكوتي.
الإجماع القولي:
هو اتفاق العلماء على قول واحد، كاتفاقهم على تحريم الزنى.

الإجماع الفعلي:
هو اتفاق العلماء على فعل واحد كالختان، فجميعهم مختونون.

الإجماع السكوتي:
هو أن يفتي عالم بفتوى في قضية ويسكت عنه باقي العلماء. وله شروط أولها أن تكون فتوى الفقيه معروفة عند العلماء. ثانيها أن يُعطى الوقت الكافي للعلماء ليمعنوا النظر فيها. ثالثها أن لا يكون مانع يمنع العلماء من ردها كالخوف من حاكم جائر أو فتنة بين المسلمين.

يتضح الآن بعد تعرفنا على الإجماع وشروطِه صعوبة تحققه لدقة شروطه ولانتشار العلماء في أنحاء الأرض، حيث يعسر الإطلاع الكلي على أقوالهم، لذا فجميع شروطه قلما تتوفر. قال بعض العلماء: "من ادعى الإجماع فقد كذب!"

الأصل الرابع: القياس:
يعني القياس في اللغة التقدير، أقول: "قست الثوب" أي قدرت طوله أو عرضه. ويأتي كذلك بمعنى التمثيل والتشبيه، يقال: "لا يُقاس الله تعالى بخلقه" أي لايمثل ولا يشبه بهم. وفي الشرع هو رد واقعة غير منصوص عليها إلى واقعة منصوص عليها لاتفاق بينهما في العلة والحكم.

وأما الدليلُ على أن القياس الأصلَ الرابع من الأصول الشرعية، فنجده في قول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾[32] وقال الله تعالى في سورة النساء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾[33]، والمعنى المستفاد هنا: إذا اختلفتم يا معشر المسلمين في مسألة ولم تجدوا لها دليلا في القرآن أو السنة أو إجماع أهل العلم فقيسوها على ما قاله الله ورسوله. وقال عز وجل في سياق حديثه عن قَصص أقوام الأنبياء: ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾[34]، وقال سبحانه وتعالى أيضا: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ ﴾[35]،وتتضمن هذه الآيات دعوة المؤمنين إلى أن يقيسوا أنفسهم على تلك الأقوام التي سبقتهم، فإن هماقتفوا أثرهم فسيحصل لهم مثل ما حصل لسابقيهم.

وفي الحديث الصحيح: "جاء شاب إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقال يا رسول الله: إئذن لي بالزنى فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أترضاه لأمك؟ قال لا! أترضاه لابنتك؟ قال لا! أترضاه لاختك؟ قال لا! أترضاه لعمتك؟ قال لا! أترضاه لخالتك؟ قال لا! قال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كذلك غيرك!" [36].

ومحل الشاهد هنا أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قاس النساء الأجنبيات على محارمالشاب السائل. وفي حديث آخر: "وُلد لرجل غلام أسود فأنكره، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فسأله فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هل لك من إبل؟ قال نعم! قال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وما ألوانها؟ قال حُمر! فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هل فيها من أورق؟ قال نعم! فقال فمن أين؟ قال نزعة عِرق! فقال - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كذلك ولدُك."[37]، ومحل الشاهد أنه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قاس الولد على الإبل. وقد كان الصحابة (رضوان الله عليهم) يقيسون في المسائل التي لم يجدو فيها دليلامباشرا من القرآن أو السنة أو الإجماع.

أركان القياس:
ولكي يصح اعتماد القياس كدليل شرعي يلزم أن تتوفر فيهأربعة أركان:
أولا توفر الفرع الذي هو المقيس.
ثانيا توفر الأصل الذي هو المقيس عليه.
ثالثا توفر العلة التي هي سبب التشريع.
رابعا توفر الحكم ومعناهالوصف الذي يشترك فيه المقيس والمقيس عليه إذا ما اكتملت شروط القياس.

شروط القياس:
ويُشترط للمقيس أن لا يثبت له حكم بدليل شرعيلأنه إذا ثبت الدليل فلا يجوز القياس إذ "لا اجتهاد مع وجود النص" كما هو معلوم عند علماء الأصول. ويشترط للمقيس عليه أن يكون حكمه ثابتا بدليل شرعي وأن يتفق المقيسوالمقيس عليه في نفس العلة، ويُشترط للعلة أن تكون محسوسة متحققة كعلة السكر مثلا، فهي ملموسة واضحة للجميع. ويشترط للحكم أن يكون ثابتا بدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع، كتحريم الخمر فإنه حكم ثابت بقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾[38]، فإذا اجتمعت كل هذه الشروط يأخذ المقيس حكم المقيس عليه، ولتوضيح ذلك نذكر المثال التالي:

قال الله عز وجل في سورة الإسراء: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ﴾[39]، فالتأفيف على الوالدين محرم بهذا الدليل القرآني. وقد قاس العلماء ضرب الوالدين على التأفيف لاتفاقهما في علة الإذاية، فيأخذ بالتالي ضرب الولدين حكم التأفيف الذي هو التحريم، ويسمي الأصوليون هذا القياس بقياس الأولى[40] لأن الضرب أولى في الإيذاء من التأفيف.

تنبيه مهم: أصل القياس لا تؤخذ منه العقائد، إنما هو خاصّ بالأحكام الفقهية.

[1] انظر كتاب الميسر في علم أصول الفقه للشيخ أبي الحسن هشام المحجوبي والأستاذ فضل الله كْسِكْس، ص. 17.

[2] سورة الحجر- آية 9

[3] سورة المائدة- آية 16

[4] سورة البقرة- آية 213

[5] سورة النساء- آية 105

[6] سورة الأنعام- آية 155

[7] هو الحديث الذي صحت نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لسلامته من أي انقطاع في سلسلة رواته أو ضعف حفظ احدهم او علل قادحة أخرى.

[8] أخرجه الحاكم في المستدرك ج1 كتاب العلم ص (93) وصحح إسناده الألباني في صحيح الجامع برقم (3232) وكذلك (2937) عن أبي هريرة.

[9] أخرجه البخاري ومسلم.

[10] أخرجه البخاري ومسلم.

[11] أخرجه البخاري ومسلم.

[12] أخرجه البخاري ومسلم.

[13] أخرجه البخاري ومسلم.

[14] سورة النجم- آية 1-4

[15] سورة البقرة- آية 43

[16] الحديث الضعيف هو الذي لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم لعلة قادحة فيه كانقطاع في سلسلة الرواة أو عدم الثقة بضبط أحدهم.

[17] سورة الأحزاب- آية 34

[18] سورة النساء- آية 105

[19] سورة النحل- آية 44

[20] أخرجه الحاكم في المستدرك ج1 كتاب العلم وصحح إسناده الألباني في "صحيح الجامع".

[21] أخرجه ابن ماجة وأحمد وغيرهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع".

[22] أخرجه أبو داود والترمذي وإبن ماجة وأحمد وإبن حبان والحاكم وصححه الألباني في "صحيح الجامع".

[23] أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي".

[24] سورة الأنبياء- آية 7

[25] أخرجه الترمذي وصححه الألباني في "صحيح الجامع".

[26] سورة الأنعام- آية 144

[27] سورة الأعراف- آية 28

[28] سورة النساء- آية 155

[29] سورة البقرة- آية 143

[30] تقدم تخريجه.

[31] أخرجه مسلم.

[32] سورة الحديد- آية 25

[33] سورة النساء- آية 59

[34] سورة الحشر- آية 2

[35] سورة يوسف- آية 111

[36] أخرجه أحمد عن أبي أمامة وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة.

[37] أخرجه أبو داود و صححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

[38] سورة المائدة- آية 90

[39] سورة الإسراء- آية 23

[40] يسمى عند بعض الأصوليين كذلك بقياس العلة



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.52 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]