إبراهيم عليه السلام أبو الحجة والمنطق - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : أبـو آيـــه - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858896 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393262 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215631 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-06-2021, 08:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي إبراهيم عليه السلام أبو الحجة والمنطق

سلسلة تأملات تربوية في بعض آيات القرآن الكريم











إبراهيم عليه السلام أبو الحجة والمنطق (1)





أ. د. فؤاد محمد موسى




لقد أعطى الله عز وجل خليله إبراهيم عليه السلام الحُجة البالغة، القوية الدامغة، التامَّة الكاملة، التي ليس فيها نقص ولا غموض، وحاجَّ بها قومه عبَّاد الكواكب والتماثيل، وأبهت بها النمرود؛ ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ [الأنعام: 83].







وتهدف هذه المقالة إلى:



1- بيان ما كان يتمتَّع به إبراهيم عليه السلام من ذكاء بالغ استخدمه في مشوار حياته الدعوي، ومارس قدرات فكرية متعدِّدة، يُسميها الآن علماء النفس بالذكاء الناجح، وهو آخر ما توصل إليه العالم "روبرت ج ستيرنبرغ" منذ عشرين عامًا فقط.



2- بيان ما كان يتمتَّع به إبراهيم عليه السلام من الحُجَّة كمنهج علمي امتاز به خطاب الوحي، من خطاب عقلي منطقي، يَجهله الكثيرون، ولا يُجيدونه في دعوتهم، مما جعل أعداء الإسلام يتهمونه بالجمود والتخلف.



3- بيان الأنواع المختلفة من المنهج العِلمي، والمواقف الواقعية التي يستخدم فيها.



4- بيان بعض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم التي جاءت في ثنايا الأحداث.



5- بيان ما يظنه البعض كذبًا في أقوال إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 89] ﴿ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ [الأنبياء: 63]، بل هي فروض افترضها إبراهيم عليه السلام بما يتماشى مع معتقدات القوم وأهوائهم؛ كقوله أيضًا للكوكب، ثم القمر، ثم الشمس، لما رأى كل واحد منهم: هذا ربي، ثم أعقب ذلك إثباته لهم عدم صحة هذه الفروض بالمنهج العلمي الذي يَقبله العقل، وهذا مُنتهى الذكاء، والذي يُسمى الآن: "الذكاء الناجح"؛ أي: الذي يَعني التفكير القائم على العلم بالبيانات الموجودة وتحليلها واستخدامها لحل مشاكل في الواقع الحياتي بنجاح.







لقد مرَّت رحلة دعوة إبراهيم عليه السلام لقومه في مراحل مُتتابعة، كل مرحلة تمهد للمرحلة التالية لها، وتقوم على المرحلة السابقة لها، كما تدلُّ على ذلك الأحداث التي روتها العديد من السور القرآنية، وإن كان ما جاء بكل سورة ليس تكرارًا لما جاء بالأخرى، ولكن يكمل بعضه بعضًا، وما جاء بكل سورة يناسب موضوعها، فالقرآن الكريم ليس به تكرار كما يؤكِّد على ذلك المفسرون.







المرحلة الأولى:



دعوة إبراهيم عليه السلام قومه لعبادة الله بالقول والنصيحة المباشرة:



إنَّ قوم إبراهيم عليه السلام كانوا يعبدون الكواكب، ويُصوِّرون أصنامًا على صُورها يعبدونها ويَعكفون عليها.



فبدأ إبراهيم عليه السلام دعوة قومه إلى توحيد الله بالعبادة، وبيَّن لهم أن ما يَعبدون ما هو إلا إفك مفترى، وأنها لا تَملك لهم رزقًا، ثم أخبرهم بأنه مُبلِّغ من ربه لا يَستطيع هدايتهم إلا بإذن الله، ولفَت أنظارهم إلى أنَّ مصيرهم - إن لم يستجيبوا للدعوة - مصير أمثالهم من الأُمم السابقة.



قال تعالى: ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [العنكبوت: 16 - 18].








وبدأ القوم يُراوغون فيما عرضه عليهم إبراهيم، وأصرُّوا على ما هم فيه، وكانت حُجَّتهم: ﴿ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 53].







المرحلة الثانية:



استخدام المنطق العقلي بالبرهان العلمي



(منهج البحث العلمي) الهادئ:



بعد عدم استجابة قوم إبراهيم عليه السلام لدعوته المباشرة بالقول والنصيحة المباشرة، هداه ربُّه إلى مسلك آخر يُحاول به إقناع قومه: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75].







هذا المسلك قائم على عدة أسُس:



1- مُسايرة قومه على ما هم فيه من اعتقاد؛ من أجل استمالة قلوبهم للاستِماع، ومن أجل أن يعطوا عقولهم فرصةً للتفكير الهادئ البعيد عن التعصُّب وعدم وضع الأقفال عليها بعنادهم.



2- استخدام الحقائق الكونية البادية للعيان في صفحة الكون والتي لا ينكرها الإنسان.



3- استخدام المنهج العلمي القائم على التفكير العقلي السليم؛ بفرض الفروض التي تُساير اعتقاداتهم، ثم اختبار صحة كل فرض بالمنطِق العقلي القائم على مشاهدة الحقائق الكونية في صفحة الكون.



عدم فرض رأيه عليهم في تفنيد الفروض، فكان يُخاطب نفسه ويلومها أمامهم دون مس مشاعِرِهم أثناء اختبار هذه الفروض.



4- التدرُّج مع القوم للوصول إلى الحق دون غرة عقلية؛ لأن الهدف هو إقناعهم، وليس إفحامهم وهزيمتهم وبيان جهلهم، فهي دعوة ربانية.







فهيا بنا نرى ذلك.



﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾ [الأنعام: 76].



نوَّرَ الله عز وجل بصيرة إبراهيم عليه السلام ليرى بهذه البصيرة الحقائق الكونية (ملكوت السموات والأرض) التي بها يكون يقينه، فقد رآها ببصرِه طوال أيام حياته مِن قبل، فالنجوم والقمر والشمس تظهر في صفحة السماء يوميًّا ثم تغيب، ولكن ما الجديد؟ إنه يحدِّث نفسه أمام القوم كأنه يرى ذلك لأول مرَّة، فهو يمعن التفكير بعقله أمامهم؛ ليُحرِّك عقولهم، ويستخدم المنطق العقلي لإثبات حقيقة الألوهيَّة، مُستخدمًا الحقائق الكونية التي يُشاهدها في إثبات هذه الحقيقة؛ حتى يُقنع قومه المشركين بها.







هنا يفترض إبراهيم عليه السلام فرضًا: (هذا الكوكب ربي)، ويحاول إثبات مدى صحَّته بالمنطق العقلي الفطري الذي غرسه الله في فطرة كل إنسان.



إنه يرى هذا الكوكب يغيب ويَختفي، فيدرك أن هذا الفرض غير صحيح؛ لأن ربي لا يغيب.



ثم يعاود الكرَّة ليفترض فرضًا آخر: (هذا القمر ربي)، وكان مبرِّره في ذلك أنه أكثر سطوعًا من الكوكب السابق.



﴿ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴾ [الأنعام: 77]، ثمَّ يُحاول إثبات مدى صحة هذا الفرض.



لقد غاب سطوع القمر، إذًا هذا الفرض غير صحيح أيضًا، إن ريي لا يغيب ولا يَخبو.



وهنا وبعد عدم صحَّة الفرض الثاني، يستعين بربه الذي لم يرَه بعد أن يَهديه في تفكيره للوصول إلى كيفية الإثبات، وهو هنا يَلفت انتباه القوم إلى ما سيصل إليه؛ حتى لا تكون المفاجأة على نفوسهم.







﴿ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 78].



ولكنه يعود مرةً أخرى ليفرض فرضًا ثالثًا:



لقد رأى الشمس أكثر سطوعًا وأكبر حجمًا من القمر، فافترض أنها ربه، وذهبَ يَبحث عن مدى صحة ذلك.



لقد أفَلَتْ هي الأخرى، فأيقن عدم صحة ذلك.



ولكن كيف عبَّر إبراهيم عليه السلام عن عدم قبول هذا الفرض؟



انظر ماذا قال: ﴿ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ!








بقول هذه العبارة الواحدة حقَّق بها:



رفض الفرض الثالث.



رفض الفروض الثلاثة معًا.



تغيير مسار البرهان للوصول للفرض الصحيح.



إنه يُخاطب نفسه ويُخطِّئها في فرض الفروض السابقة.



ويوجِّه الحديث في نفس الوقت إلى القوم في لباقة وأدب جمٍّ في الخطاب لعلَّهم يرشدون.









مسلسل

الفرض

اختبار صحة الفرض

نتيجة الاختبار

الفرض الأول

رأى كوكبًا قال هذا ربي

فلما أفل


قال: لا أحب الآفلين

(رفض الفرض)

الفرض الثاني

فلما رأى القمر بازغًا قال هذا ربي

فلما أفل


قال لئن لم يَهدِني ربي لأكونن من القوم الضالين

(رفض الفرض)

الفرض الثالث

فلما رأى الشمس بازغةً قال هذا ربي هذا أكبر

فلما أفلت


قال يا قوم إني بريء مما تشركون.

(رفض الفرض)








ثمَّ استطرد ابراهيم عليه السلام قائلًا:



﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 79]



وهذا هو "الفرض العكسي الموجَب" كما يتمُّ تسميته في المنهج العلمي الوضعي الذي وضعه البشر، والذي يتم فرضه بعد رفض الفروض.







البرهان المعاكس Contraposition هو أن تفرض عكس المطلوب إثباته، ومنه تصل إلى عكس المفروض.



ونحن هنا لا نقيس كلام الوحي على كلام البشر، نَستغفِر الله، ولكن لنبيِّن الإعجاز القرآني للبشَر وأن القرآن به علم العلوم.



انظر كلمة ﴿ حنيفًا ﴾ في الآية ومعناها في معجم القرآن الكريم.



إنها تعني مائلًا عن الباطل إلى الدين الحق.



فمائلًا تعني عكس.



ففي الفروض: الكوكب، والقمر، والشمس كلها تُرى، والله لا يُرى.



هذه الأشياء مخلوقة (مفطورة)، والله فاطرها.



هذه الأشياء تغيب وتَختفي، والله لا يَغيب.



هذه الأشياء مَحدودة رغم كبرها كالشمس في الفرض الثالث، والله الأكبر، والله واسع لا يُحيطه شيء.







لذلك جاء الفرض العكسي المُوجب (عكس الفروض السابقة)، والذي عبَّر عنه إبراهيم عليه السلام بالقول:



﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 79].



لاحِظ أن إبراهيم عليه السلام في صياغته للفرض الصحيح ما زال يوجه الحديث لنفسه، رغم أن هذا الكلام موجَّه إلى قومه؛ كتلطُّف في الخطاب لعلهم يَهتدون.







تذكَّر هنا




إنَّ إبراهيم عليه السلام في هذا المَوقف هو الذي فرض الفروض، وهو الذي قام بمُناقشة عدم صحَّتها، ثم صاغ في النهاية الفرض العكسي الموجَب.



وكان قومه مُستمعين لحواره؛ لأننا سنلاحظ اختلافًا جوهريًّا بعد ذلك في مرحلة تكسير الأصنام، وسنُناقش ذلك في حينه.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-06-2021, 09:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إبراهيم عليه السلام أبو الحجة والمنطق








سلسلة تأملات تربوية في بعض آيات القرآن الكريم

















إبراهيم عليه السلام.. أبو الحجة والمنطق



أ. د. فؤاد محمد موسى




الحلقة الثانية








لقد أَعطى الله عز وجل خليلَه إبراهيم عليه السلام الحُجة البالغة، القوية الدامغة، التامَّة الكاملة، التي ليس فيها نقص ولا غموض، وحاجَّ بها قومه عبَّادَ الكواكب والتماثيل، وبهت بها النمرود؛ ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ [الأنعام: 83].












وتهدف هذه المقالة إلى:





1- بيان ما كان يتمتَّع به إبراهيم عليه السلام من ذكاء بالغ استخدمه في مشوار حياته الدعوي، ومارس قدرات فكريَّة متعدِّدة، يُسميها الآن علماء النفس بالذكاء الناجح، وهو آخر ما توصل إليه العالم "روبرت ج ستيرنبرغ" منذ عشرين عامًا فقط.











2- بيان ما كان يتمتَّع به إبراهيم عليه السلام من الحُجَّة كمنهج علمي امتاز به خطاب الوحي، من خطاب عقلي منطقي، يَجهله الكثيرون، ولا يُجيدونه في دعوتهم؛ مما جعل أعداء الإسلام يتَّهمونه بالجمود والتخلُّف.











3- بيان الأنواع المختلفة من المنهج العِلمي، والمواقف الواقعيَّة التي يستخدم فيها.











4- بيان بعض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم التي جاءت في ثنايا الأحداث.











5- بيان ما يظنه البعض كذبًا في أقوال إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 89]، ﴿ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ [الأنبياء: 63]، بل هي فروض افترضها إبراهيم عليه السلام بما يتماشى مع معتقدات القوم وأهوائهم؛ كقوله أيضًا للكوكب، ثم القمر، ثم الشمس، لما رأى كل واحد منهم: ﴿ هَذَا رَبِّي ﴾ [الأنعام: 76]، ثمَّ أعقب ذلك إثباته لهم عدم صحَّة هذه الفروض بالمنهج العلمي الذي يَقبله العقل، وهذا مُنتهى الذكاء، والذي يُسمى الآن: "الذكاء الناجح"؛ أي: التفكير القائم على العلم بالبيانات الموجودة، وتحليلها واستخدامها لحلِّ مشاكل في الواقع الحياتي بنجاح.











لقد مرَّت رحلة دَعوة إبراهيم عليه السلام لقومه في مراحل مُتتابعة، كل مرحلة تمهِّد للمرحلة التالية لها، وتقوم على المرحلة السابقة لها، كما تدلُّ على ذلك الأحداث التي روَتها العديد من السور القرآنيَّة، وإن كان ما جاء في كل سورة ليس تكرارًا لما جاء في الأخرى، ولكن يكمل بعضه بعضًا، وما جاء في كل سورة يناسِب موضوعها، فالقرآن الكريم ليس به تكرار كما يؤكِّد على ذلك المفسرون.






المرحلة الثالثة: مرحلة البرهان العملي على تخويف قوم إبراهيم عليه السلام له بأصنامهم (آلهتهم):






والآيات التالية في سورتي الصافات والأنبياء توضح هذه المرحلة:





﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 88 - 96].












﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 57 - 67].











رغم مخاطبة إبراهيم عليه السلام قومه بخطاب العقل واللطف، فإنهم ككل متكبِّر، وكل الظلمة في بقاع الأرض عند هزيمتهم فكريًّا لا يجدون إلا سبيل التهديد والوعيد والتخويف لمن يتعامل معهم بالعقل واللطف، فكان سبيلهم هو تخويف إبراهيم عليه السلام بآلهتهم، وأنها ستنتقم منه، وهذا ظاهر بوضوح في ردِّ إبراهيم عليه السلام كما في الآيات.











﴿ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 80، 81].












إن سبيل كل مفلس عقليًّا هو سبيل الإرهاب، وهذا ما نَراه يمارس على كل مسلم متمسِّك بدينه الحق قولًا وعملًا!

إن أبواق التخويف بكل وسائلها؛ من وسائل إعلام تُطلق أبواقها وحناجرها تَنعق ليل تهار، وصلصلة الأسلحة وعروضها في الميادين والشوارع، وعروض الجيوش والأسلحة الفتاكة الكيميائية والجرثومية والنووية والهيدروجينية؛ كلها لتخويف الحق من الباطل الذي لا عقل له.











إنَّ قوم إبراهيم عليه السلام يُخوِّفونه بآلهتهم وأصنامهم التي يعبدونها من دون الله، فماذا فعل؟











هيا بنا ننظر ماذا كان تصرف إبراهيم عليه السلام...











إنه في تحدٍّ جديد معهم، إنه لم يخَفْ من التهديد والوعيد في حقيقة الأمر، ولم يترك الساحة لهم، ولا بد من برهان جديد على بطلان زعمهم بأن آلهتهم ستُصيبه بلَعنتها.











لقد سلَّم إبراهيم عليه السلام لهم في بداية الأمر بصحَّة زعمهم، وأنه سقيم بسبب ذلك؛ حيث جاء ذلك في سورة الصافات بقوله: ﴿ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 89]، بعد جداله معهم سابقًا في عبادتهم الكواكب والنجوم، والمؤشِّر على ذلك أن هذه الآية جاءت بعد الآية: ﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ [الصافات: 88]؛ أي: بعد الجدال والحوار السابق الذي دار حول النجوم في سورة الأنعام.











لقد قال إبراهيم عليه السلام لقومه: إنَّه مريض بسبب لَعنة آلهتهم، تمشيًا مع ادعائهم بتخويفه منهم؛ كما فعل من قبل في مسايرته لهم لعبادتهم الكواكب والنجوم، بقوله: ﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي ﴾ [الأنعام: 76]، وقوله: ﴿ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي ﴾ [الأنعام: 77]، وقوله: ﴿ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ ﴾ [الأنعام: 78].













فقوله لهم: ﴿ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ فرض أيضًا فرضه إبراهيم عليه السلام تمشيًا مع مُعتقدات قومه، كما فعل من قبل.











لقد كانت خطة إبراهيم عليه السلام في اختبار صحَّة هذا الفرض هو تحطيم هذه الأصنام بعيدًا عن أعيُن القوم ليَنجح في مخططه، ولذلك فرض فرضًا جديدًا، إبطاله يُبطل صحَّة الفرض السابق، وهذا الفرض هو:





﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 63].












إنها العبقرية في التفكير، والإبداع الفكري في التفكير، وهو ما يسمَّى حديثًا جدًّا في علوم الفكر البشري بـ"التفكير في التفكير".

وهذا ما ظهر جليًّا في قوله عليه السلام: ﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ﴾ [الأنبياء: 57].

تمعَّن في كلمة:﴿ لَأَكِيدَنَّ ﴾؛ إنَّها أفضل تعبير عن "التفكير في التفكير".











هيا بنا نَرى كيف وصَل إبراهيم عليه السلام إلى فَرضه الثاني، وكيف جعَلهم هم الذين يُثبتوا عدَمَ صحَّته، وبالتالي عدم صحَّة الفرض الأول:





فبعد قول إبراهيم عليه السلام لقومه: إنه سقيم، وقَع في ظنِّهم أنَّ آلهتهم قد نالت منه، وتركوه وحيدًا يلاقي عذابَ آلهتهم له؛ ﴿ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴾ [الصافات: 90].











هنا جاءت الفرصة لإبراهيم عليه السلام لتنفيذ مخطَّطه، وإثبات خطأ قومه بأنَّ آلهتهم هي التي تسبَّبَت في مرضه.












فقام بتكسير الأصنام جميعًا إلا أكبر صنَم، فوضع الفأسَ على كتفه؛ ليصل إلى هدفه بفَرض الفرض الذي أفاقهم وجعلهم ينطقون بالحقِّ.












﴿ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ ﴾ [الصافات: 93]، ﴿ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأنبياء: 58].











فكانت صدمتهم التي زلزلَت عقولهم بتكسير آلهتهم التي يَعبدونها من دون الله، وكان هذا الحوار بينهم الذي يدلُّ على عجزهم وتخبُّطهم في التفكير:





﴿ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 59 - 61].





﴿ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ [الصافات: 94].











فلما أَتوا بإبراهيم كان قولهم له في تعجُّب وخزي:





﴿ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 62].











وهم الذي هدَّدوه من قبل بانتقام هذه الآلهة له، بل إنَّه أخبرهم بأنه سَقيم بسبب هذه الآلهة.





يا لها من خيبة أمل لهم!











هنا تحقَّق لإبراهيم عليه السلام ما كان يَصبو إليه، فقال في حِكمة وتهكُّم:





﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 63].






وهذا هو الفرض الذي فرَضه إبراهيم عليه السلام عليهم ليُثبتوا مدى صحَّته؛ لأنه يتمشى مع زعمهم بأنَّ آلهتهم تفعل ما تريد، وتضر وتنفع!











وفي داخل السؤال ﴿ فَاسْأَلُوهُمْ ﴾، ما يوحي بالإجابة: ﴿ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ [الأنبياء: 63]، وتهكم بليغ عليهم.





فما كان منهم إلَّا أن فكَّروا، لأول مرَّة تفكيرًا صحيحًا: ﴿ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾، ثم كانت الإجابة المنطقيَّة الصَّحيحة بينهم وبين أنفسهم: ﴿ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنبياء: 64].











ويا للعجب!





إنهم بعد هذه الصَّحوة الفكريَّة، يقلبون الأمر؛ كما يُقال في الأمثال: (يقلبون المجن)، ثم يتَّهمون إبراهيمَ عليه السلام بما هم فيه من غباء! فكان قولهم:





﴿ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 65].











لقد قالوا كلمةَ الحقِّ التي أرادها إبراهيم عليه السلام وخطط لها من قبل، فقالوا: ﴿ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 65].





وهنا بطَل ما كانوا يَزعمون أنَّ آلهتهم تَفعل ما تريد، وهدَّدوا بها إبراهيم عليه السلام.





وتحقَّق لإبراهيم عليه السلام بطلان ما عرضه عليهم من قبل بفَرضه أنَّه سقيم بسبب ضرَر آلهتهم.











جدول يوضح الفروض وتفنيدها:






م

الفرض

قائله

تفنيد الفرض

قائله

1

﴿ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾؛ أي: إنَّ آلهتكم سبَّبَت لي المرض.

إبراهيم عليه السلام

﴿ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ



﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ﴾.





القوم

2

﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾.

إبراهيم عليه السلام











لاحظ أنَّ تفنيد الفرض الثاني فند الفرض الأول.












وهذا بخلاف حوار إبراهيم عليه السلام معهم من قبل في عبادتهم للنُّجوم؛ حيث كان هو الذي فرَض الفروضَ وهو الذي فنَّدها لهم، إلَّا أنه في هذه المرَّة قادهم إلى أن يفكِّروا وينطقوا بالحق المبين.












يا له من ذَكاء خارق!





نعم، إنَّه نبي!





بل أبو الأنبياء!





والأكثر من ذلك خليل الرحمن.





ولم ينتهِ الأمر عند ذلك.





انظر!





فما كان من إبراهيم عليه السلام إلا أن قال في قوَّة وعزَّة من الله:





﴿ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 66، 67].












لأوَّل مرة يَستخدم إبراهيم عليه السلام أسلوبَ الهجوم على القوم، ويوبِّخهم لعلَّهم يَرجعون عن غيِّهم ويعقلون.












ثم يَستطرد قائلًا لهم:





﴿ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 95، 96].





إنَّه يعود بهم إلى القضيَّة الأولى، ليدعوهم إلى عبادة الخالق الواحد الأحد، إنه صاحب دعوة.












تعلَّموا يا دعاة الأمَّة من أبيكم إبراهيم عليه السلام كيفيَّةَ الدعوة، الذكاء والمثابرة، والصبر في دعوتكم.











ثم يَعود إبراهيم عليه السلام ليذكِّرهم بتخويفهم له، ويدعوهم مرَّة أخرى فيقول:





﴿ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 80].





إنه ردُّ الواثق من ربِّه دون الغرور بما لديه من حجَّة، ولكن يدَع الأمر لمشيئة الله: ﴿ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ﴾.











ثم يستطرد قائلًا:





﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 81].












يا لها من رَوعة في التفكير والتخطيط، والإبداع والتنفيذ والخطاب... في دعوته عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.












وإلى الحلقة التالية.













__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-06-2021, 09:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إبراهيم عليه السلام أبو الحجة والمنطق



سلسلة تأملات تربوية في بعض آيات القرآن الكريم


إبراهيم عليه السلام.. أبو الحجة والمنطق


أ. د. فؤاد محمد موسىالحلقة الثالثة


لقد أعطى الله عزَّ وجل خليلَه إبراهيم عليه السلام الحجَّة البالغة، القوية الدَّامغة، التامَّة الكاملة، التي ليس فيها نقصٌ ولا غموض، وحاجَّ بها قومَه عبَّاد الكواكب والتماثيل، وبَهَتَ بها النَّمرودَ.
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ [الأنعام: 83].

وتهدف هذه المقالة إلى:
1- بيان ما كان يتمتَّع به إبراهيم عليه السلام من ذَكاء بالِغ؛ استخدمه في مشوار حياته الدَّعوي، ومارس قدرات فكريَّة متعددة، يسمِّيها الآن علماء النفس بالذَّكاء الناجح؛ وهو آخر ما توصَّل إليه العالِم "روبرت ج ستيرنبرغ" منذ عشرين عامًا فقط.
2- بيان ما كان يتمتَّع به إبراهيم عليه السلام من الحجَّة كمنهج علمي امتاز به خطاب الوحي؛ خطاب عقلي مَنطقي، يَجهله الكثيرون، ولا يجيدونه في دعوتهم، ممَّا جعل أعداء الإسلام يتَّهمونه بالجمود والتخلُّف.
3- بيان الأنواع المختلفة من المنهج العلمي، والمواقف الواقعيَّة التي يستخدم فيها.
4- بيان بعض الإعجاز العلمي في القرآن الكريم التي جاءت في ثنايا الأحداث.
5- بيان ما يظنُّه البعض كذبًا في أقوال إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 89]، ﴿ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ [الأنبياء: 63]؛ بل هي فروض افترضها إبراهيم عليه السلام بما يتماشى مع معتقدات القوم وأهوائهم؛ كقوله أيضًا للكوكب ثمَّ القمر ثمَّ الشمش لما رأى كل واحد منهم: ﴿ هَذَا رَبِّي ﴾ [الأنعام: 76، 77، 78]، ثمَّ أعقب ذلك إثباته لهم عدم صحَّة هذه الفروض بالمنهج العلمي الذي يَقبله العقل؛ وهذا منتهى الذَّكاء، والذي يسمى الآن "الذَّكاء الناجح"؛ أي: الذي يعني التفكير القائم على العِلم بالبيانات الموجودة، وتحليلها، واستخدامها لحلِّ مشاكل في الواقع الحياتي بنجاح.

لقد مرَّت رحلة دعوة إبراهيم عليه السلام لقومه في مَراحل متتابعة، كل مرحلة تمهِّد للمرحلة التالية لها، وتقوم على المرحلة السَّابقة لها، كما تدلُّ على ذلك الأحداث التي روَتها العديد من السور القرآنيَّة، وإن كان ما جاء في كلِّ سورة ليس تكرارًا لِما جاء بالأخرى، ولكن يكمل بعضه بعضًا، وما جاء في كل سورة يناسِب موضوعها، فالقرآن الكريم ليس به تكرار؛ كما يؤكِّد على ذلك المفسِّرون.
♦♦♦♦


الموقف الرابع
الإبداع الفكري لإبراهيم عليه السلام
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258].

وكان الملِك الذي آتاه الله المُلك ويسمَّى "النمرود" قد طلَب من إبراهيم عليه السلام أن يقيم له الدَّليلَ على وجود الربِّ الذي يدعو إليه، فقال إبراهيم: ﴿ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [البقرة: 258]، هذه المعجزة المتكررة الظاهرة المستترة؛ معجزة الحياة والموت، عندئذٍ قال الملِك: ﴿ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾ [البقرة: 258]، وأتى بسجين مَحكوم عليه بالإعدام فأَطلق سراحَه، وجاء ببريء وقتله؛ وبذلك أثبت أمام القوم أنه يُحيي ويُميت، وهكذا أظهر هذا النمرود بطشَه وجبروته للقوم حتى يَخشوه، ولا يتَّبعوا إبراهيم عليه السلام.

وهذا ما يمارِسه الحكَّام الظَّلمة في ممارسة قتل الأنفس البريئة التي لا تَرضى بالظلم، وترك الفسدة التابعين لهم يعيثون في الأرض الفساد معهم؛ كما فعلَت أوربا الاستعمارية في نقل مساجين بلادهم إلى الأمريكتين أثناء ما يسمَّى بالكشوف الجغرافية، فأبادوا بهم السكَّان الأصليين للبلاد (الهنود الحمر)، وأصبحوا هم ملَّاك هذه البلاد الجديدة.

وهكذا يقوم كل الحكَّام الظلمة في الماضي والحاضر، بالاستعانة بالمساجين (البلطجية والشبيحة) في قَهر الأمم وقتل الأبرياء؛ لتثبيت حكمهم بالبطش والإرهاب وقهرِ الشعوب.

في هذا الموقف ظهرت براعة إبراهيم عليه السلام في دَحْض حُجَّة النمرود في أنه يُحيي ويميت؛ فلقد تعلَّم من ربه كيف يُمعن التفكير ويَستخدم عقلَه، ويستخدم الأدلَّة (الحقائق) التي لا يمكن لأحد إنكارها.

ولذلك ترك إبراهيم عليه السلام الخوضَ مع الملِك في مكابرته، وجاءه بواقعة لا يستطيع معها جوابًا، قال: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ ﴾ [البقرة: 258]؛ أي: إذا كنتَ قادرًا على الإحياء والإماتة، وهما من صِفات الربِّ، فيلزم أن يكون بمقدورك التصرُّف في الكون، وأن تأتي بالشمس من المغرب، عندئذٍ ﴿ بُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258].


وقد ذكر سيد قطب في الظلال أنه عندما قال النمرود:
﴿ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾ [البقرة: 258]، عند ذلك لم يُرِد إبراهيم عليه السلام أن يَسترسل في جدَلٍ حول معنى الإحياء، وعدَل عن هذه السنَّة الكونية الخفيَّة إلى سُنَّة أخرى ظاهرة مرئية، وعدَل عن طريقة العرض المجرَّد للسنة الكونية والصِّفة الإلهية في قوله: ﴿ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [البقرة: 258]، إلى قوله: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ ﴾ [البقرة: 258]، وهي حقيقة كونية مكرورة؛ تطالِع الأنظار والمدارك كلَّ يوم، ولا تتخلَّف مرة ولا تتأخَّر، وهي شاهد يخاطِب الفِطرة، ومن ثمَّ كان هذا التحدِّي الذي يخاطب الفِطرة كما يتحدَّث بلسان الواقع الذي لا يقبل الجدَل.

إن انتقال إبراهيم من دليل إلى آخر دون مناقشة لإجابة الملِك السَّاذجة - ليس عن هزيمة، ولكن عن إبداع فِكري، وتحوُّل عما هو مألوف الخوض فيه والخداع والتلبيس فيه على العامَّة، إلى مَسار جديد غير مألوف التفكير فيه عند هذا الظالم المتكبِّر.

فماذا كانت نتيجة هذه الحجَّة الدامغة التي قذَفها إبراهيم عليه السلام في وَجه خَصمه؟ كانت نتيجتها كما حكى القرآن: ﴿ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ﴾؛ أي: غُلب وقُهِر، وتحيَّر وانقطع عن حجاجه، واضطرب ولم يستطع أن يتكلَّم؛ لأنه فوجئ بما لا يَملِك دفْعه.

ويا للعجب!

إنَّ هذا التفكير الذي مارسه إبراهيم عليه السلام يَعتبره العلماء من أحدث أنواع التفكير، والذي يسمَّى عندهم "بالتفكير الجانبي"؛ والذي اكتشفة حديثًا العالم "إدوارد دي بونو".

والذي يتم تعريفه على أنَّه: حلُّ المشكلات بالنظر إليها من نَواحٍ غير متوقعة.

أو أنه منهجية في التفكير، تتعلَّق بتغيير المفاهيم والإدراكات عما اعتدنا التعلُّم به في قضايا التفكير.

أو هي تكنيك لتوليد الأفكار وحلِّ المشكلات في صورة مفاهيم جديدة مبتكرة من خلال النظر إلى الأشياء.

أو طرق تفكير جديدة أكثر سعة ممَّا اعتدنا عليه، والوصول إلى حلول إبداعية.

كم كان إبراهيم عليه السلام مبدعًا!
هل نحن نتعلَّم ونعلِّم هذا الفكر لأبنائنا؟!
لماذا لم نكتشف هذه الكنوز العلمية وهي تحت نظرنا؟!
إلى متى سنظل عالَة على الغرب في اكتشاف العلوم في هذا العصر؟!
لم يعد الغرب يعلِّم أبناءه المعلومات.
إن التعليم الآن منصبٌّ على تعلُّم وتعليم التفكير والإبداع.
أين نحن من كل هذا؟!
♦♦♦♦


الموقف الخامس
الابتلاء الأعظم لإبراهيم عليه السلام في دعوته
لقد مرَّ إبراهيم عليه السلام أثناء دعوته لقومه في المراحل السابقة بالعديد من المِحَن، مثل معظم الرسل والأنبياء، فبعد الإفلاس العقلي الذي وصَل إليه قوم إبراهيم عليه السلام، عند ذلك أخذَتهم العزَّة بالإثم كما تَأخذ الطغاة دائمًا حين يَفقدون الحجَّةَ ويعوزهم الدَّليل، فيلجؤون إلى القوَّة الغاشمة والعذاب الغليظ.

وكعادة كل المفلسين عقليًّا والمستبدين في الأرض لا يجِدون وسيلة إلَّا البطش والتخلُّص من خصومهم بأبشَع السُّبل؛ فلا قيم ولا رحمة لديهم، فكان القرار:
﴿ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات: 97].
﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 68].
﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ﴾ [العنكبوت: 24].

وفعلًا.. بدأ الاستعداد لإحراق إبراهيم، انتشر النَّبأ في المملكة كلِّها، وجاء الناس من القرى والجبال والمدن ليَشهدوا إحراق الذي تجرَّأ على الآلهة وحطَّمها واعترف بذلك وسخر من الكهنة، وحفروا حفرةً عظيمة، ملؤوها بالحطب والخشب والأشجار، وأشعلوا فيها النار، وأحضروا المنجنيق ووضعوا إبراهيم عليه السلام فيه بعد أن قيَّدوا يديه وقدميه، واشتعلَت النار في الحفرة وتصاعد اللَّهب إلى السماء، وأصدر كبير الكهنة أمرَه بإطلاق إبراهيم في النار.

وكما اتَّضح لنا من قبل أنَّ إبراهيم عليه السلام قد وصَل في علمه إلى مستوى عَين اليقين في أن الله هو الذي يُحيي ويميت، عندما أراه ربُّه كيفيَّةَ إحياء الموتى، ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 260].

ومن هنا كان ثَباته وشجاعته ورباطة جَأشه عندما أُلقي في النار، فهو الذي تمَّ وضعه نفسه في موضع الإحياء والإماتة الآن.

ولكن ماذا فعل إبراهيم عليه السلام في هذا الموقف؟!
انطلق المنجنيق ملقيًا إبراهيم في حفرة النار، كانت النار موجودة في مكانها، ولكنها لم تكن تمارس وظيفتها في الإحراق؛ فقد أصدر الله جلَّ جلاله إلى النار أمرَه بأن تكون ﴿ بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69]، أحرقَت النار قيودَه فقط، وجلس إبراهيم وسطها، كان يسبِّح بحمد ربه ويمجِّده، لم يكن في قلبه مكان خالٍ يمكن أن يَمتلئ بالخوف أو الرَّهبة أو الجزع، كان القلب مليئًا بالحبِّ وحده، ومات الخوف، وتلاشتِ الرَّهبة، واستحالت النار إلى سلام بارِد يلطف عنه حرارة الجو.

خرج إبراهيم من النَّار، وتصاعدَت صيحات الدَّهشة الكافرة، خسروا جولتهم خسارة مريرة وساخرة.
﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69].
﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [الصافات: 98].
﴿ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 70].
وهنا في هذا الموقف الجديد وصَل إبراهيم عليه السلام إلى مستوى حق اليقين؛ ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 51].

فهو الذي قال وكلُّه يقين:
﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99].

ما أحلاها كلمة تقال من قلب تعلق بالله ﴿ ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ﴾!

كذلك قال موسى عليه السلام من بعده: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62].

وكذلك قال محمد صلى الله عليه وسلم من بعدهما: ((يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين اللهُ ثالثهما؟))؛ (مسلم).

لقد استنفد إبراهيم عليه السلام كلَّ ما أعطاه ربه من فِكر وأساليب عمل، حينها لاذ بربِّه معترفًا بمحدوديَّة قدرته وطالبًا منه الهداية.

وهذا ما يجب أن يتعلَّمه أي متعلِّم، وما يجب أن يتم تعليمه للمتعلمين.










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 116.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 114.16 كيلو بايت... تم توفير 2.58 كيلو بايت...بمعدل (2.21%)]